إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

محمد صالح بن عيسى لـ"الصباح":..نعم سيكون هناك حوار وطني ومن الحكمة تقديم الانتخابات دور الاتحاد مهم في لم شمل العائلة السياسية حول القواسم المشتركة

-أساند فكرة تعديل دستور 2014 والحفاظ على رمزية الثورة 

- آن الأوان لإعلام التونسيين بتركيبة وأهداف اللجنة التي ستتولى الإشراف على الإصلاحات المطلوبة

- من المهم أن تكون لنا سلطة برلمانية تمثل الشعب وأن يكون عندنا مجتمع سياسي بلا فساد 

- ما يمكنني قوله في قضية البحيري انه تم إيقافه على أساس حالة الطوارئ المعروفة لـ28 جانفي 78 ولا أحد سعى لإلغاء هذا القانون 

-لا زلت على قناعة بأن سعيد فرصة لتونس وأنه رجل وطني ونظيف ورغم كل النقائص هذا رأيي فيه اليوم وغدا

-قناعتي أن الخلط بين الدين والسياسة مفسدة كبرى ومن يصر على ذلك لا يريد مصلحة تونس 

- نتمنى أن يقع توافق عربي لتستعيد سوريا مكانتها 

 -التطبيع يجب أن يكون في خدمة القضية الفلسطينية وخدمة الشعب الفلسطيني وليس العكس

تونس الصباح 

 دعا الأستاذ محمد صالح بن عيسى أستاذ القانون العام إلى تقديم موعد الانتخابات التشريعية معتبرا أن الأصوات التي تنادي بذلك فيها وجاهة وحكمة،  وشدد محدثنا الذي يشغل منصب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية مكتب تونس ووزير العدل السابق في حكومة الحبيب الصيد على أن الحوار الوطني قادم وأن دور الاتحاد  سيكون مهما في الوساطة بين السلطة وبين الفعاليات السياسية كما دعا الأستاذ محمد صالح بن عيسى إلى عدم التخلي كليا عن دستور2014  ومراجعة باب السلطة التشريعية والتنفيذية منبع الأزمة، مضيفا أن في ذلك حفاظ على زخم الثورة .

وقال محدثنا وهو احد ثلاثة خبراء في القانون تعودوا على لقاء رئيس الجمهورية إلى جانب كل من الأستاذ الصادق بلعيد وأمين محفوظ في حديث خص به "الصباح" أن "التعديل يمكن أن يكون في باب السلطة التشريعية والتنفيذية منبع الأزمة كما دعا بن عيسى إلى الحفاظ على  القوى المضادة وهي الهيئات المستقلة مع إمكانية الاستغناء عن بعضها".

واعتبر بن عيسى انه آن الأوان لإعلام التونسيين بتركيبة وأهداف اللجنة التي ستتولى الإشراف على الإصلاحات المطلوبة..، كما نفى بن عيسى أن يكون الرئيس قيس سعيد يسعى للانفراد بالحكم واعتبر انه لا يزال يعتبره فرصة لتونس لمواصلة مسار الإصلاح إلا انه اعتبر أن هناك فعلا مشكل للتواصل بين القصر وبين الشارع وربما تكون هناك حاجة للتدارك..

ويعد الأستاذ محمد صالح بن عيسى ورغم مسيرته الطويلة في العمل  البحثي والأكاديمي ثم السياسي والقانوني  من الوجوه القليلة الظهور في الإعلام، وهو حريص على تعريفه كأستاذ قانون عام  إلى جانب مسؤوليته كأمين عام مساعد على رأس مكتب جامعة الدول العربية بتونس..، استقبلنا في مكتبه في البحيرة فكان هذا الحوار الذي تمحور حول تطورات وأبعاد وآفاق الأزمة السياسية الراهنة في بلادنا إلى جانب القمة العربية المرتقبة بالجزائر في خضم مشهد إقليمي ودولي محاط بالمخاطر والتحديات. والأستاذ محمد صالح بن عيسى أكاديمي درّس في كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس، شغل منصب العميد في ذات المؤسسة الجامعية بين 2002 و2008 تولى وزارة العدل في حكومة الحبيب الصيد في 2015 قبل أن يستقيل منها. كان عضوا في المجلس العلمي والإداري في الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري إلى غاية 2009. صاحب عديد المنشورات في اختصاصه القانوني .اضطلع بخطّة عضو في لجنة الخبراء التي تشكلّت في جانفي 2011 في إطار الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، وفيما يلي نص الحديث. 

حوار: اسيا العتروس  

 

  • كيف تقرأ المشهد الراهن في تونس بعد 25 جويلية وقبل ساعات على اختتام الاستشارة الوطنية هل نسير على أبواب أزمة سياسية جديدة؟

 - أعتقد أننا على أبواب تحول جذري ولا أقول أزمة سياسية وما حدث في 25 جويلية في قناعتي تحول في مسار الثورة ولكن ما نحتاجه اليوم مزيد تضافر الجهود وتنازلات ممكنة من كل الأطراف لتجاوز ما نعيشه الآن. صعوبة ودقة الوضع الاقتصادي وخاصة بعد جائحة كورونا وفي ظل الحرب في أوكرانيا يجعل من الأمن الغذائي للشعب أولوية الجميع. ومسألة الأمن الغذائي للتونسيين لا تقبل التقليل أو التفريط في مكاسب الثورة وأهمها حرية الرأي والتعبير وضمان الحريات الأساسية وحقوق الإنسان. وفي اعتقادي أنه لا بد من دعم ومساندة رئيس الدولة في العمل على تحقيق الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها وأن تكون لنا سلطة برلمانية تمثل الشعب وان يكون عندنا مجتمع سياسي بلا فساد مالي وأخلاقي كما انه لا بد من تخليص النسيج الاقتصادي من كل العوامل التي تعرقل التنمية كالبيروقراطية والرشوة وكل مظاهر الفساد وهذا ما يجب أن يكون من أولويات كل الأحزاب والمجتمع السياسي. ولا أعتقد أن هناك خلاف في الأولويات وعلينا أن نتعلم الصبر وعلى كل طرف أن يتحلى بالصبر المعقول الآجال التي لا يمكن التقليص منها.

 

  • ولكن هذه الأهداف حتى الآن لا تبدو واضحة بالنسبة للتونسي؟

- نأمل ان تكون الاصلاحات المرتبطة التي ستنبثق عن اللجنة ستتبنى انتظارات الشعب والطبقة السياسية، واود الاشارة هنا الى أن الفصل 22 من الامر 117 وضع عن قصد بهدف واضح بأن اللجنة المرتقبة لن تكون مطلقة بل هي مقيدة بدولة القانون والمؤسسات وتأخذ بمبدإ تفريق السلطة واللجنة لن تعمل من فراغ.

 

  • ولكن هذه اللجنة لم تر النور بعد ولا نعرف تركيبتها ولا أعضاءها  أو أهدافها وما اذا ستتجه الى تعديل او تغيير الدستور؟

- حان الوقت في نظري لكي يتم إعلام الرأي العام بتكوين هذه اللجنة ومهامها والموضوعات التي ستتطرق اليها، هناك فكرة مطروحة ولكن  ربما لم تتضح بعد للجميع. شخصيا اساند فكرة تعديل الدستور الحالي مع  تغيير الفصول التي دفعت بنا الى الازمة ثم ان الحفاظ على دستور 2014 فيه ايضا حفاظ على رمزية الثورة وعلى زخم 14 جانفي الذي يبقى في الذاكرة ولا يمكن لاحد شطبه. والتعديل يمكن ان يكون في باب السلطة التشريعية والتنفيذية منبع الازمة مقابل الحفاظ على الباب الاول والثاني ولا يمكن المساس بهما كما أنه يجب المحافظة على القوى المضادة وهي الهيئات المستقلة وربما يتم الاستغناء عن بعضها ولكن انا شخصيا مع الحفاظ على هيئة الانتخابات و"الهايكا" وهيئة مكافحة الفساد.

 

  • هل تتوقع أن تكون اللجنة من رجال القانون فقط أم أنها ستتسع الى غيرهم من الاختصاصات؟

-صراحة ينبغي أن يكون هناك في تركيبة اللجنة انفتاح على مختلف الفعاليات السياسية والفكرية لان هذا من شأنه أن يعطي قيمة مضافة للعمل وحتى يكون الاستفتاء على موضوعات لها أهميتها.

  • نعرف انك اقرب ثلاثة إلى جانب كل من الأستاذ الصادق بلعيد وأمين محفوظ إلى رئيس الدولة وربما الأكثر اطلاعا على برنامجه والمشروع الذي يسعى إليه؟

- أنا أتحدث عن وجهة نظري بشأن اللجنة والاستشارة والاستفتاء والانتخابات، وفي اعتقادي انه سيكون من مهام هذه اللجنة تنقيح الدستور إلى جانب تنقيح القانون الانتخابي. هناك أيضا مشكل الآجال الانتخابية ومشكلة الهيئة العليا للانتخابات التي انتهت صلاحيات بعض اعضائها والتي ستحتاج للتجديد كما انه سيكون من المهم الحفاظ على "الهايكا" والنظر في مسألة الشغورات ذلك ان ما اصطلح على وصفه بالهيئات التعديلية مسألة مهمة في الانظمة الديموقراطية التي تركت المجال لاشخاص مستقلين لهذه الهيئات ونحن للاسف مشكلتنا مع الاستقلالية غير قائمة في العمل السياسي وهي ايضا غير مضمونة ولم نستوعب هذه المسألة جيدا وقد راينا صراعات الاحزاب وابتزازاتها كلما تعلق الامر بهذه الهيئات.. بهذا التصور يمكن ان نخرج من المحنة ونتجاوز الازمة ونبتعد عن المشاحنات السياسية.

 

  • ولكن أي دور للاتحاد في كل ذلك؟

-دور الاتحاد مهم في لم شمل العائلة السياسية حول القواسم المشتركة من اجل المصلحة العليا للبلاد ونظرا للماضي النضالي للاتحاد يمكن ان يكون حلقة الوصل بين كل الفاعلين والسلطة السياسية.

 

  • السلطة السياسية ممثلة اليوم في شخص رئيس الدولة فهل تعتقد أنه سيقبل بهذه الوساطة للمنظمة الشغيلة؟

-أتوقع أن يقبل وشخصيا أراهن على أن يكون للاتحاد دور فعال في الحوار القادم.

 

  • وهل سيكون هناك حوار؟

-نعم سيكون هناك حوار. 

 

  • متى سيكون ذلك؟

-هذا ما لا اعرفه ولكنه سيقع 

  • أصوات كثيرة باتت تتوجس من الفردانية وتنظر لرئيس الجمهورية على انه الحاكم بأمره وأنه انفرد بكل السلط بعد تجميد البرلمان؟

-لا زلت على قناعة بأن سعيد فرصة لتونس وأنه رجل وطني ونظيف ورغم كل النقائص هذا رأيي فيه اليوم وغدا، واعتقد أنه في انتظار إشارات ايجابية من الفاعلين السياسيين. أما في شأن الانفرادية فاعتقد أيضا أن هناك مبالغة في الانتقاد وليس النقد لشخص الرئيس والانفرادية تحتمل اهانة لكرامة الحكومة ورئيستها وكل الذين قبلوا بالمسؤولية في هذا الظرف. فالفردانية توحي وكانه لا وجود لهذه الحكومة التي تجمع كفاءات وطنية تعمل ليلا نهارا. ليس قيس سعيد من يتخذ القرارات الاقتصادية هناك حكومة تتفاوض مع الهيئات الدولية والرئيس يؤطر الحكومة. لا اجامل ولكن اعتقد انه من قبل الانضمام إلى الحكومة  يتحلى بكثير من الشجاعة. هناك فراغ على مستوى البرلمان ونحن لسنا ازاء حكومة تعمل في ظرف عادي في ظل الدستور السابق ونحن اليوم في ظل الفصل 80.

 

  • لكن ما نراه اليوم اننا ازاء رئيس يدير ويهيمن على اللقاء الاسبوعي لرئاسة الحكومة، حكومة صامتة ورئيسة حكومة لا تتكلم ولا تقدم للتونسيين مشروعها ولا اهدافها حتى فكرة المائة يوم التي كنا نعتقد انها باتت تقليدا جديدا لتقييم اداء الحكومة وتطويره مرت وكأن شيئا لم يكن؟

-اعتقد ان الرئيس يؤطر ولا يهيمن على مجلس الوزراء وفق المرسوم 117 الذي اعطى اصلاحات هامة على مستوى الدولة ومجلس الدولة يعقد في قرطاج ولكن الملفات وجدول الاعمال تتم في القصبة على اساس الصلاحيات المحددة. ربما هناك مشكلة اتصال وتواصل بين قرطاج والاعلام وربما تحتاج هذه المسألة لاعادة النظر.

 

  • وماذا عن المعركة في القضاء والى اين تتجه المعركة القادمة وانت وزير العدل السابق وعلى دراية بما يجري؟

 - أتمنى ان يتجاوز القضاة الانقسامات وان تكون هناك وحدة تاريخية بين النقابات والجمعية. جرح الماضي لا يزال قائما ولا بد من تدارك مخلفات الماضي والاقلاع عن الانقسامات والعمل على تطوير المنظومة القضائية واستقلالية القضاء مسألة لا يمكن الابتعاد عنها او تجاوزها. هناك قضية هامة وهي السياسة الجزائية للدولة ومنشور وزيرة العدل ينخرط في السياسة الجزائية للدولة حتى في اطار دستور 2014 الذي ينص على ان قضاة النيابة العمومية يمارسون وظائفهم في اطار السياسة الجزائية للدولة.

 

  • هل معنى ذلك أن القضاء وظيفة وليس سلطة؟

-معنى ذلك ان من يضبط السياسة الجزائية للدولة في ظل دستور 2014 وفي ظل المرسوم 117 هو رئيس الدولة الذي يضبط سياسات الدولة ومن ضمنها السياسة الجزائية والحكومة تطبق الأولويات. الى الان لم يتم تنقيح النصوص هناك مؤاخذات كثيرة على الحكومات السابقة والبرلمان السابق، وقد احتاج مشروع مجلة الإجراءات الجزائية الجديدة الكثير من الجهد والوقت من خبراء اكفاء ولكنه بقي على الرفوف، تم انجاز العمل ولم يصادق عليه. وزيرة العدل تراس النيابة العمومية تعطي التوجيهات العامة لكن لا تتدخل في الملفات.

 

  • وماذا عن فشل العدالة اليوم؟

-أصل الداء في البطء والتباطؤ في التعاطي مع القضايا وهي قضايا خطيرة ومنها الاغتيالات السياسية والفساد المالي والأموال المهربة والتمويلات وغيرها، وهناك اسباب عديدة عشنا فترة عصيبة فيها نوع من الاختراقات وتاثيرات منها المباشر وغير المباشر على السلطة القضائية وأنا أقول عندما تدخل السياسة الى اروقة العدالة تخرج العدالة، هذه المقولة ستبقى صالحة. المشكة ايضا ان القضاء لا يملك وسائل العمل الكافية لعمل ناجز وهو يفتقر لبنية تحتية كافية والقضاء في حاجة لاعادة النظر في التكوين والرسكلة في القضايا الجديدة المتعلقة بالانترنت والفساد والمخدرات والسيبيريانية. النص القانوني المنظم للقطب المالي والقضائي يلزم الدولة باحداث لجنة فنيين وخبراء مع قضاة القطب لتفكيك الملفات ودراسة الملفات القضائية هذه اللجنة لم تحدث والقطب يعمل بلا فريق خبراء. الى جانب كل ذلك يضاف تشعب ملفات الفساد المالي بما قد يعطل مرحلة التحقيق التي تستغرق اجالا طويلة ثم ان قلة الامكانيات وانعدام التاطير وعدد القضاة لا يمكن من  تحقيق التقدم.

 

  • وهل سيكون بامكان المجلس المؤقت اصلاح كل هذا وتحقيق العدالة المنشودة للجميع لا سيما في ملفات الاغتيالات السياسية المؤجلة والفساد المالي والتمويلات؟

-هذا خطأ شائع هذا المجلس مؤقت جعل لتسهيل الامور وتجاوز الاختناق الحاصل للتسريع في النظر وتدارك الامر لان اصلاح القضاء يتطلب مدة طويلة ونفسا اطول. واعتقادي أن المجلس الجديد مع البرلمان الجديد والسلطة التي ستنبثق عن الانتخابات ستواصل هذه الاصلاحات الكبرى لان ما خبرناه في الفترة السابقة من فضائح واتهامات علنية بين كبار القضاة مسالة خطيرة.

 

  • وماذا عن قضية وزير العدل الاسبق البحيري الذي وضع طيلة شهرين تحت الاقامة الجبرية ليتم  اطلاق سراحه لاحقا؟

- ما يمكنني قوله في قضية البحيري انه تم ايقافه على اساس حالة الطوارئ المعروفة لـ 28 جانفي 78 وهناك مشاريع قوانين قدمت لالغاء هذا الامر ولكن البرلمان السابق كما الحكومات السابقة لم تسع الى ذلك ولم تقم هذه الاطراف باي خطوة لالغاء هذا القانون الذي يسمح لوزير الداخلية بوضع مشتبه به تحت الاقامة الجبرية وهو بالتالي ضبط اداري وليس عملا قضائيا. ومهما يكن من امر فان كل بطء او تباطؤ في الاجراءات المتعلقة بالايقاف التحفظي يجب تفاديه مهما كان الشخص والملف، اقول هذا رغم اني لست على اطلاع بتفاصيل ملف البحيري.

  • هل تعتقد اننا فشلنا في مشروع العدالة الانتقالية وتحقيق المصالحة الوطنية؟

-لم نبلغ مرحلة المصالحة فالمسار واجه تعثرات كثيرة والطبقة السياسية الحاكمة لم تكن مقتنعة باهمية مسار العدالة الانتقالية في التوصل للمصالحة ولم تعرها الاهمية المطلوبة، الفترة الزمنية طالت الى حد ان العدالة الانتقالية اصبحت مهددة وربما يتهددها الاندثار تماما وهذا يعد اجحافا خطيرا في حق الشهداء واجحافا في حق ضحايا الاستبداد ودكتاتورية بن علي وحتى ما قبل بن علي لا سيما في حق اليوسفيين. واذا لم نعر مسار العدالة الانتقالية الاهتمام الكافي سنكون ارتكبنا مظلمة في حقوق ضحايا الاستبداد وهذه قناعتي في ملف عملت عليه كثيرا.

  • أصوات كثيرة اليوم تطالب بالتعجيل بموعد الانتخابات وتقليص هذه الفترة الاستثنائية؟

-هناك نصيب من الحكمة والوجاهة في اعادة النظر في تاريخ الانتخابات وتقديم الموعد المعلن وهو 17 ديسمبر لتفادي زحمة المواعيد والاستحقاقات لانه سيتزامن مع القمة الفرانكفونية ومع القمة العربية وسيكون من المهم ان تكون تونس تجاوزت هذه المرحلة واستعدت لهذه المواعيد. هذا رأيي وانا مع تقديم موعد الانتخابات ولكن لا رأي لي بشأن الموعد الجديد.

 

  • ما الذي يجعلك متفائلا وواثقا لتجاوز مرحلة 25 جويلية؟

-لدي ثقة في الخروج بمسار 25 جويلية لعدة اسباب وأهمها أن النخبة السياسية بينت رغم نقائصها والهنات التي تشكو منها من منهجية العمل والامكانيات، بينت بعد الثورة قدرتها على الالتقاء حول اهداف مشتركة ومنها دستور 2014 واقول من كان يتصور ذلك، التونسي يعرف في الازمات الكبرى كيف يهتدي الى الحلول. الازمة حادة ما في ذلك شك ولكن لدي ثقة في كل الفعاليات السياسية المهتمة بأهداف الثورة وباستحقاقاتها ومن بينها الدولة التونسية الديموقراطية المدنية ومجتمع تونسي حداثي وهذا ما يجعلني متفائلا للخروج من الازمة وهناك ايضا موقع ودور الاتحاد في المشهد الراهن  وفي الحوار الوطني الذي سنتجه اليه.

 

  • وماذا عن مستقبل الاسلام السياسي في تونس ودور حركة النهضة بعد 25 جويلية؟

-قناعتي ان الخلط بين الدين والسياسة مفسدة كبرى. السياسة يجب أن تبقى في منأى عن الدين والدين مسألة ذاتية والاسلام السياسي لا مستقبل له اذا بقي مراهنا على الخلط بين الدين والسياسة الا اذا اراد من يدافع عنه ادخال البلاد في أزمات جديدة.ولكن تونس تبقى جغرافيا وتاريخيا دولة تقوم على الفصل بين الدين والسياسة ولا يمكن التراجع عن هذا المبدإ.

 

  • لو نعد الى الجامعة العربية وقمة الجزائر المرتقبة في ظل مناخ عربي تشوبه الصراعات والحروب والانقسامات فما الذي يمكن ان يتحقق في غياب الحد الادنى من الارادة لتجاوز الانهيار الحاصل؟

-كل ما نقوله اننا نتمنى فقط ان يقع توحيد الصف العربي امام حجم الرهانات الكبيرة التي تحيط بنا وخاصة الرهان الاكبر وحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والسيادة. نحن فعلا امام رهانات كبيرة تحتاج الى لم الشمل وتوحيد الصفوف حول الاهداف الاساسية وفي مقدمتها استرجاع الشعب الفلسطيني لارضه وتطبيق الشرعية الدولية وقرارات الامم المتحدة حتى تشهد طريقها الى الانجاز. والتطبيع في رايي يجب ان يكون في خدمة القضية الفلسطينية وخدمة الشعب الفلسطيني وليس العكس.

  • وماذا عن امكانية عودة سوريا الى الجامعة العربية وهو ما تشترطه الجزائر التي ستحتضن القمة؟

-مرة أخرى نتمنى أن يقع توافق عربي لتستعيد سوريا مكانتها وموقعها في الجامعة العربية وهناك مساع حثيثة في هذا الاتجاه.

 

  • بأي سلاح وباي وسيلة وهل سيبقي العرب الجامعة العربية بعد سبعين عاما من تاسيسها على الهامش في ظل ما نراه من اعادة رسم للنظام الدولي الجديد؟

-ميزان القوى على المستوى الدولي يفرض نفسه وتدويل معظم القضايا كما حدث في ليبيا والعراق واليمن وتدخل القوى الخارجية سيحدد بالضرورة من دور كل جهة. تبقى الجامعة العربية الخيمة التي تشمل وتجمع كل العرب رغم كل الاختلافات للتباحث والتشاور والبحث عن الحلول المطلوبة وبقاء الجامعة دوما أفضل من غيابها.

 

  • وأين مسار الإصلاح للجامعة؟

-هناك تفكير وتوجه نحو إصلاح الجامعة ولكن لم يتبلور بعد ولم يتجسد في إطار قرارات عملية التفكير قائم وهذه مسالة قد تحتاج ربما للكثير من الوقت للحديث بشأنها.

محمد صالح بن عيسى لـ"الصباح":..نعم سيكون هناك حوار وطني ومن الحكمة تقديم الانتخابات  دور الاتحاد مهم في لم شمل العائلة السياسية حول القواسم المشتركة

-أساند فكرة تعديل دستور 2014 والحفاظ على رمزية الثورة 

- آن الأوان لإعلام التونسيين بتركيبة وأهداف اللجنة التي ستتولى الإشراف على الإصلاحات المطلوبة

- من المهم أن تكون لنا سلطة برلمانية تمثل الشعب وأن يكون عندنا مجتمع سياسي بلا فساد 

- ما يمكنني قوله في قضية البحيري انه تم إيقافه على أساس حالة الطوارئ المعروفة لـ28 جانفي 78 ولا أحد سعى لإلغاء هذا القانون 

-لا زلت على قناعة بأن سعيد فرصة لتونس وأنه رجل وطني ونظيف ورغم كل النقائص هذا رأيي فيه اليوم وغدا

-قناعتي أن الخلط بين الدين والسياسة مفسدة كبرى ومن يصر على ذلك لا يريد مصلحة تونس 

- نتمنى أن يقع توافق عربي لتستعيد سوريا مكانتها 

 -التطبيع يجب أن يكون في خدمة القضية الفلسطينية وخدمة الشعب الفلسطيني وليس العكس

تونس الصباح 

 دعا الأستاذ محمد صالح بن عيسى أستاذ القانون العام إلى تقديم موعد الانتخابات التشريعية معتبرا أن الأصوات التي تنادي بذلك فيها وجاهة وحكمة،  وشدد محدثنا الذي يشغل منصب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية مكتب تونس ووزير العدل السابق في حكومة الحبيب الصيد على أن الحوار الوطني قادم وأن دور الاتحاد  سيكون مهما في الوساطة بين السلطة وبين الفعاليات السياسية كما دعا الأستاذ محمد صالح بن عيسى إلى عدم التخلي كليا عن دستور2014  ومراجعة باب السلطة التشريعية والتنفيذية منبع الأزمة، مضيفا أن في ذلك حفاظ على زخم الثورة .

وقال محدثنا وهو احد ثلاثة خبراء في القانون تعودوا على لقاء رئيس الجمهورية إلى جانب كل من الأستاذ الصادق بلعيد وأمين محفوظ في حديث خص به "الصباح" أن "التعديل يمكن أن يكون في باب السلطة التشريعية والتنفيذية منبع الأزمة كما دعا بن عيسى إلى الحفاظ على  القوى المضادة وهي الهيئات المستقلة مع إمكانية الاستغناء عن بعضها".

واعتبر بن عيسى انه آن الأوان لإعلام التونسيين بتركيبة وأهداف اللجنة التي ستتولى الإشراف على الإصلاحات المطلوبة..، كما نفى بن عيسى أن يكون الرئيس قيس سعيد يسعى للانفراد بالحكم واعتبر انه لا يزال يعتبره فرصة لتونس لمواصلة مسار الإصلاح إلا انه اعتبر أن هناك فعلا مشكل للتواصل بين القصر وبين الشارع وربما تكون هناك حاجة للتدارك..

ويعد الأستاذ محمد صالح بن عيسى ورغم مسيرته الطويلة في العمل  البحثي والأكاديمي ثم السياسي والقانوني  من الوجوه القليلة الظهور في الإعلام، وهو حريص على تعريفه كأستاذ قانون عام  إلى جانب مسؤوليته كأمين عام مساعد على رأس مكتب جامعة الدول العربية بتونس..، استقبلنا في مكتبه في البحيرة فكان هذا الحوار الذي تمحور حول تطورات وأبعاد وآفاق الأزمة السياسية الراهنة في بلادنا إلى جانب القمة العربية المرتقبة بالجزائر في خضم مشهد إقليمي ودولي محاط بالمخاطر والتحديات. والأستاذ محمد صالح بن عيسى أكاديمي درّس في كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس، شغل منصب العميد في ذات المؤسسة الجامعية بين 2002 و2008 تولى وزارة العدل في حكومة الحبيب الصيد في 2015 قبل أن يستقيل منها. كان عضوا في المجلس العلمي والإداري في الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري إلى غاية 2009. صاحب عديد المنشورات في اختصاصه القانوني .اضطلع بخطّة عضو في لجنة الخبراء التي تشكلّت في جانفي 2011 في إطار الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، وفيما يلي نص الحديث. 

حوار: اسيا العتروس  

 

  • كيف تقرأ المشهد الراهن في تونس بعد 25 جويلية وقبل ساعات على اختتام الاستشارة الوطنية هل نسير على أبواب أزمة سياسية جديدة؟

 - أعتقد أننا على أبواب تحول جذري ولا أقول أزمة سياسية وما حدث في 25 جويلية في قناعتي تحول في مسار الثورة ولكن ما نحتاجه اليوم مزيد تضافر الجهود وتنازلات ممكنة من كل الأطراف لتجاوز ما نعيشه الآن. صعوبة ودقة الوضع الاقتصادي وخاصة بعد جائحة كورونا وفي ظل الحرب في أوكرانيا يجعل من الأمن الغذائي للشعب أولوية الجميع. ومسألة الأمن الغذائي للتونسيين لا تقبل التقليل أو التفريط في مكاسب الثورة وأهمها حرية الرأي والتعبير وضمان الحريات الأساسية وحقوق الإنسان. وفي اعتقادي أنه لا بد من دعم ومساندة رئيس الدولة في العمل على تحقيق الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها وأن تكون لنا سلطة برلمانية تمثل الشعب وان يكون عندنا مجتمع سياسي بلا فساد مالي وأخلاقي كما انه لا بد من تخليص النسيج الاقتصادي من كل العوامل التي تعرقل التنمية كالبيروقراطية والرشوة وكل مظاهر الفساد وهذا ما يجب أن يكون من أولويات كل الأحزاب والمجتمع السياسي. ولا أعتقد أن هناك خلاف في الأولويات وعلينا أن نتعلم الصبر وعلى كل طرف أن يتحلى بالصبر المعقول الآجال التي لا يمكن التقليص منها.

 

  • ولكن هذه الأهداف حتى الآن لا تبدو واضحة بالنسبة للتونسي؟

- نأمل ان تكون الاصلاحات المرتبطة التي ستنبثق عن اللجنة ستتبنى انتظارات الشعب والطبقة السياسية، واود الاشارة هنا الى أن الفصل 22 من الامر 117 وضع عن قصد بهدف واضح بأن اللجنة المرتقبة لن تكون مطلقة بل هي مقيدة بدولة القانون والمؤسسات وتأخذ بمبدإ تفريق السلطة واللجنة لن تعمل من فراغ.

 

  • ولكن هذه اللجنة لم تر النور بعد ولا نعرف تركيبتها ولا أعضاءها  أو أهدافها وما اذا ستتجه الى تعديل او تغيير الدستور؟

- حان الوقت في نظري لكي يتم إعلام الرأي العام بتكوين هذه اللجنة ومهامها والموضوعات التي ستتطرق اليها، هناك فكرة مطروحة ولكن  ربما لم تتضح بعد للجميع. شخصيا اساند فكرة تعديل الدستور الحالي مع  تغيير الفصول التي دفعت بنا الى الازمة ثم ان الحفاظ على دستور 2014 فيه ايضا حفاظ على رمزية الثورة وعلى زخم 14 جانفي الذي يبقى في الذاكرة ولا يمكن لاحد شطبه. والتعديل يمكن ان يكون في باب السلطة التشريعية والتنفيذية منبع الازمة مقابل الحفاظ على الباب الاول والثاني ولا يمكن المساس بهما كما أنه يجب المحافظة على القوى المضادة وهي الهيئات المستقلة وربما يتم الاستغناء عن بعضها ولكن انا شخصيا مع الحفاظ على هيئة الانتخابات و"الهايكا" وهيئة مكافحة الفساد.

 

  • هل تتوقع أن تكون اللجنة من رجال القانون فقط أم أنها ستتسع الى غيرهم من الاختصاصات؟

-صراحة ينبغي أن يكون هناك في تركيبة اللجنة انفتاح على مختلف الفعاليات السياسية والفكرية لان هذا من شأنه أن يعطي قيمة مضافة للعمل وحتى يكون الاستفتاء على موضوعات لها أهميتها.

  • نعرف انك اقرب ثلاثة إلى جانب كل من الأستاذ الصادق بلعيد وأمين محفوظ إلى رئيس الدولة وربما الأكثر اطلاعا على برنامجه والمشروع الذي يسعى إليه؟

- أنا أتحدث عن وجهة نظري بشأن اللجنة والاستشارة والاستفتاء والانتخابات، وفي اعتقادي انه سيكون من مهام هذه اللجنة تنقيح الدستور إلى جانب تنقيح القانون الانتخابي. هناك أيضا مشكل الآجال الانتخابية ومشكلة الهيئة العليا للانتخابات التي انتهت صلاحيات بعض اعضائها والتي ستحتاج للتجديد كما انه سيكون من المهم الحفاظ على "الهايكا" والنظر في مسألة الشغورات ذلك ان ما اصطلح على وصفه بالهيئات التعديلية مسألة مهمة في الانظمة الديموقراطية التي تركت المجال لاشخاص مستقلين لهذه الهيئات ونحن للاسف مشكلتنا مع الاستقلالية غير قائمة في العمل السياسي وهي ايضا غير مضمونة ولم نستوعب هذه المسألة جيدا وقد راينا صراعات الاحزاب وابتزازاتها كلما تعلق الامر بهذه الهيئات.. بهذا التصور يمكن ان نخرج من المحنة ونتجاوز الازمة ونبتعد عن المشاحنات السياسية.

 

  • ولكن أي دور للاتحاد في كل ذلك؟

-دور الاتحاد مهم في لم شمل العائلة السياسية حول القواسم المشتركة من اجل المصلحة العليا للبلاد ونظرا للماضي النضالي للاتحاد يمكن ان يكون حلقة الوصل بين كل الفاعلين والسلطة السياسية.

 

  • السلطة السياسية ممثلة اليوم في شخص رئيس الدولة فهل تعتقد أنه سيقبل بهذه الوساطة للمنظمة الشغيلة؟

-أتوقع أن يقبل وشخصيا أراهن على أن يكون للاتحاد دور فعال في الحوار القادم.

 

  • وهل سيكون هناك حوار؟

-نعم سيكون هناك حوار. 

 

  • متى سيكون ذلك؟

-هذا ما لا اعرفه ولكنه سيقع 

  • أصوات كثيرة باتت تتوجس من الفردانية وتنظر لرئيس الجمهورية على انه الحاكم بأمره وأنه انفرد بكل السلط بعد تجميد البرلمان؟

-لا زلت على قناعة بأن سعيد فرصة لتونس وأنه رجل وطني ونظيف ورغم كل النقائص هذا رأيي فيه اليوم وغدا، واعتقد أنه في انتظار إشارات ايجابية من الفاعلين السياسيين. أما في شأن الانفرادية فاعتقد أيضا أن هناك مبالغة في الانتقاد وليس النقد لشخص الرئيس والانفرادية تحتمل اهانة لكرامة الحكومة ورئيستها وكل الذين قبلوا بالمسؤولية في هذا الظرف. فالفردانية توحي وكانه لا وجود لهذه الحكومة التي تجمع كفاءات وطنية تعمل ليلا نهارا. ليس قيس سعيد من يتخذ القرارات الاقتصادية هناك حكومة تتفاوض مع الهيئات الدولية والرئيس يؤطر الحكومة. لا اجامل ولكن اعتقد انه من قبل الانضمام إلى الحكومة  يتحلى بكثير من الشجاعة. هناك فراغ على مستوى البرلمان ونحن لسنا ازاء حكومة تعمل في ظرف عادي في ظل الدستور السابق ونحن اليوم في ظل الفصل 80.

 

  • لكن ما نراه اليوم اننا ازاء رئيس يدير ويهيمن على اللقاء الاسبوعي لرئاسة الحكومة، حكومة صامتة ورئيسة حكومة لا تتكلم ولا تقدم للتونسيين مشروعها ولا اهدافها حتى فكرة المائة يوم التي كنا نعتقد انها باتت تقليدا جديدا لتقييم اداء الحكومة وتطويره مرت وكأن شيئا لم يكن؟

-اعتقد ان الرئيس يؤطر ولا يهيمن على مجلس الوزراء وفق المرسوم 117 الذي اعطى اصلاحات هامة على مستوى الدولة ومجلس الدولة يعقد في قرطاج ولكن الملفات وجدول الاعمال تتم في القصبة على اساس الصلاحيات المحددة. ربما هناك مشكلة اتصال وتواصل بين قرطاج والاعلام وربما تحتاج هذه المسألة لاعادة النظر.

 

  • وماذا عن المعركة في القضاء والى اين تتجه المعركة القادمة وانت وزير العدل السابق وعلى دراية بما يجري؟

 - أتمنى ان يتجاوز القضاة الانقسامات وان تكون هناك وحدة تاريخية بين النقابات والجمعية. جرح الماضي لا يزال قائما ولا بد من تدارك مخلفات الماضي والاقلاع عن الانقسامات والعمل على تطوير المنظومة القضائية واستقلالية القضاء مسألة لا يمكن الابتعاد عنها او تجاوزها. هناك قضية هامة وهي السياسة الجزائية للدولة ومنشور وزيرة العدل ينخرط في السياسة الجزائية للدولة حتى في اطار دستور 2014 الذي ينص على ان قضاة النيابة العمومية يمارسون وظائفهم في اطار السياسة الجزائية للدولة.

 

  • هل معنى ذلك أن القضاء وظيفة وليس سلطة؟

-معنى ذلك ان من يضبط السياسة الجزائية للدولة في ظل دستور 2014 وفي ظل المرسوم 117 هو رئيس الدولة الذي يضبط سياسات الدولة ومن ضمنها السياسة الجزائية والحكومة تطبق الأولويات. الى الان لم يتم تنقيح النصوص هناك مؤاخذات كثيرة على الحكومات السابقة والبرلمان السابق، وقد احتاج مشروع مجلة الإجراءات الجزائية الجديدة الكثير من الجهد والوقت من خبراء اكفاء ولكنه بقي على الرفوف، تم انجاز العمل ولم يصادق عليه. وزيرة العدل تراس النيابة العمومية تعطي التوجيهات العامة لكن لا تتدخل في الملفات.

 

  • وماذا عن فشل العدالة اليوم؟

-أصل الداء في البطء والتباطؤ في التعاطي مع القضايا وهي قضايا خطيرة ومنها الاغتيالات السياسية والفساد المالي والأموال المهربة والتمويلات وغيرها، وهناك اسباب عديدة عشنا فترة عصيبة فيها نوع من الاختراقات وتاثيرات منها المباشر وغير المباشر على السلطة القضائية وأنا أقول عندما تدخل السياسة الى اروقة العدالة تخرج العدالة، هذه المقولة ستبقى صالحة. المشكة ايضا ان القضاء لا يملك وسائل العمل الكافية لعمل ناجز وهو يفتقر لبنية تحتية كافية والقضاء في حاجة لاعادة النظر في التكوين والرسكلة في القضايا الجديدة المتعلقة بالانترنت والفساد والمخدرات والسيبيريانية. النص القانوني المنظم للقطب المالي والقضائي يلزم الدولة باحداث لجنة فنيين وخبراء مع قضاة القطب لتفكيك الملفات ودراسة الملفات القضائية هذه اللجنة لم تحدث والقطب يعمل بلا فريق خبراء. الى جانب كل ذلك يضاف تشعب ملفات الفساد المالي بما قد يعطل مرحلة التحقيق التي تستغرق اجالا طويلة ثم ان قلة الامكانيات وانعدام التاطير وعدد القضاة لا يمكن من  تحقيق التقدم.

 

  • وهل سيكون بامكان المجلس المؤقت اصلاح كل هذا وتحقيق العدالة المنشودة للجميع لا سيما في ملفات الاغتيالات السياسية المؤجلة والفساد المالي والتمويلات؟

-هذا خطأ شائع هذا المجلس مؤقت جعل لتسهيل الامور وتجاوز الاختناق الحاصل للتسريع في النظر وتدارك الامر لان اصلاح القضاء يتطلب مدة طويلة ونفسا اطول. واعتقادي أن المجلس الجديد مع البرلمان الجديد والسلطة التي ستنبثق عن الانتخابات ستواصل هذه الاصلاحات الكبرى لان ما خبرناه في الفترة السابقة من فضائح واتهامات علنية بين كبار القضاة مسالة خطيرة.

 

  • وماذا عن قضية وزير العدل الاسبق البحيري الذي وضع طيلة شهرين تحت الاقامة الجبرية ليتم  اطلاق سراحه لاحقا؟

- ما يمكنني قوله في قضية البحيري انه تم ايقافه على اساس حالة الطوارئ المعروفة لـ 28 جانفي 78 وهناك مشاريع قوانين قدمت لالغاء هذا الامر ولكن البرلمان السابق كما الحكومات السابقة لم تسع الى ذلك ولم تقم هذه الاطراف باي خطوة لالغاء هذا القانون الذي يسمح لوزير الداخلية بوضع مشتبه به تحت الاقامة الجبرية وهو بالتالي ضبط اداري وليس عملا قضائيا. ومهما يكن من امر فان كل بطء او تباطؤ في الاجراءات المتعلقة بالايقاف التحفظي يجب تفاديه مهما كان الشخص والملف، اقول هذا رغم اني لست على اطلاع بتفاصيل ملف البحيري.

  • هل تعتقد اننا فشلنا في مشروع العدالة الانتقالية وتحقيق المصالحة الوطنية؟

-لم نبلغ مرحلة المصالحة فالمسار واجه تعثرات كثيرة والطبقة السياسية الحاكمة لم تكن مقتنعة باهمية مسار العدالة الانتقالية في التوصل للمصالحة ولم تعرها الاهمية المطلوبة، الفترة الزمنية طالت الى حد ان العدالة الانتقالية اصبحت مهددة وربما يتهددها الاندثار تماما وهذا يعد اجحافا خطيرا في حق الشهداء واجحافا في حق ضحايا الاستبداد ودكتاتورية بن علي وحتى ما قبل بن علي لا سيما في حق اليوسفيين. واذا لم نعر مسار العدالة الانتقالية الاهتمام الكافي سنكون ارتكبنا مظلمة في حقوق ضحايا الاستبداد وهذه قناعتي في ملف عملت عليه كثيرا.

  • أصوات كثيرة اليوم تطالب بالتعجيل بموعد الانتخابات وتقليص هذه الفترة الاستثنائية؟

-هناك نصيب من الحكمة والوجاهة في اعادة النظر في تاريخ الانتخابات وتقديم الموعد المعلن وهو 17 ديسمبر لتفادي زحمة المواعيد والاستحقاقات لانه سيتزامن مع القمة الفرانكفونية ومع القمة العربية وسيكون من المهم ان تكون تونس تجاوزت هذه المرحلة واستعدت لهذه المواعيد. هذا رأيي وانا مع تقديم موعد الانتخابات ولكن لا رأي لي بشأن الموعد الجديد.

 

  • ما الذي يجعلك متفائلا وواثقا لتجاوز مرحلة 25 جويلية؟

-لدي ثقة في الخروج بمسار 25 جويلية لعدة اسباب وأهمها أن النخبة السياسية بينت رغم نقائصها والهنات التي تشكو منها من منهجية العمل والامكانيات، بينت بعد الثورة قدرتها على الالتقاء حول اهداف مشتركة ومنها دستور 2014 واقول من كان يتصور ذلك، التونسي يعرف في الازمات الكبرى كيف يهتدي الى الحلول. الازمة حادة ما في ذلك شك ولكن لدي ثقة في كل الفعاليات السياسية المهتمة بأهداف الثورة وباستحقاقاتها ومن بينها الدولة التونسية الديموقراطية المدنية ومجتمع تونسي حداثي وهذا ما يجعلني متفائلا للخروج من الازمة وهناك ايضا موقع ودور الاتحاد في المشهد الراهن  وفي الحوار الوطني الذي سنتجه اليه.

 

  • وماذا عن مستقبل الاسلام السياسي في تونس ودور حركة النهضة بعد 25 جويلية؟

-قناعتي ان الخلط بين الدين والسياسة مفسدة كبرى. السياسة يجب أن تبقى في منأى عن الدين والدين مسألة ذاتية والاسلام السياسي لا مستقبل له اذا بقي مراهنا على الخلط بين الدين والسياسة الا اذا اراد من يدافع عنه ادخال البلاد في أزمات جديدة.ولكن تونس تبقى جغرافيا وتاريخيا دولة تقوم على الفصل بين الدين والسياسة ولا يمكن التراجع عن هذا المبدإ.

 

  • لو نعد الى الجامعة العربية وقمة الجزائر المرتقبة في ظل مناخ عربي تشوبه الصراعات والحروب والانقسامات فما الذي يمكن ان يتحقق في غياب الحد الادنى من الارادة لتجاوز الانهيار الحاصل؟

-كل ما نقوله اننا نتمنى فقط ان يقع توحيد الصف العربي امام حجم الرهانات الكبيرة التي تحيط بنا وخاصة الرهان الاكبر وحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والسيادة. نحن فعلا امام رهانات كبيرة تحتاج الى لم الشمل وتوحيد الصفوف حول الاهداف الاساسية وفي مقدمتها استرجاع الشعب الفلسطيني لارضه وتطبيق الشرعية الدولية وقرارات الامم المتحدة حتى تشهد طريقها الى الانجاز. والتطبيع في رايي يجب ان يكون في خدمة القضية الفلسطينية وخدمة الشعب الفلسطيني وليس العكس.

  • وماذا عن امكانية عودة سوريا الى الجامعة العربية وهو ما تشترطه الجزائر التي ستحتضن القمة؟

-مرة أخرى نتمنى أن يقع توافق عربي لتستعيد سوريا مكانتها وموقعها في الجامعة العربية وهناك مساع حثيثة في هذا الاتجاه.

 

  • بأي سلاح وباي وسيلة وهل سيبقي العرب الجامعة العربية بعد سبعين عاما من تاسيسها على الهامش في ظل ما نراه من اعادة رسم للنظام الدولي الجديد؟

-ميزان القوى على المستوى الدولي يفرض نفسه وتدويل معظم القضايا كما حدث في ليبيا والعراق واليمن وتدخل القوى الخارجية سيحدد بالضرورة من دور كل جهة. تبقى الجامعة العربية الخيمة التي تشمل وتجمع كل العرب رغم كل الاختلافات للتباحث والتشاور والبحث عن الحلول المطلوبة وبقاء الجامعة دوما أفضل من غيابها.

 

  • وأين مسار الإصلاح للجامعة؟

-هناك تفكير وتوجه نحو إصلاح الجامعة ولكن لم يتبلور بعد ولم يتجسد في إطار قرارات عملية التفكير قائم وهذه مسالة قد تحتاج ربما للكثير من الوقت للحديث بشأنها.

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews