إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في ظل الزيادات المتواصلة في أسعار المحروقات.. توسع السوق الموازية ليصبح البنزين المُهرّب ملاذ الآلاف من التونسيين

  • سعر لتر البنزين في ليبيا والجزائر أقل من النصف مقارنة بالأسعار في تونس
  •  30% من المواد البترولية في السوق التونسية متأتية من مسالك غير شرعية
  • محطات بيع الوقود مُهدّدة بالإفلاس بسبب توسع التهريب 
  •  

 تونس-الصباح

استقبل التونسيون سنة 2022، بزيادة في مناسبتين في أسعار المحروقات الأولى في 31 جانفي وكانت الزيادة بنسبة 3 بالمائة والثانية في 28 فيفري. وشملت الزيادة الأخيرة سعر لتر البنزين الرفيع الخالي من الرصاص بـ 65 مليمًا ليصل إلى 2.220 دينار (0.75 دولار)، بعد أن كان 1315 مليما في 2010 وسعر الغازولين العادي بـ 55 مليما  ليرتفع إلى 1.915 دينار (0.65 دولار).

سعر الغازولين العادي، أيضا ارتفع بـ 50 مليما ليصبح 1.705 دينار(0.59 دولار)،  حيث كان في 2010 بسعر 955 مليما.

ومن المحروقات الأخرى التي أعلن الرفع في أسعارها بـ 110 مليمات إلى 2.360 دينار (0.80 دولار)، والغازولين دون كبريت 100 مليم إلى 2.100 دينار (0.71 دولار)، للتر الواحد.

وإذا ما علمنا أن تونس جارة لبلدين يعدان من أكبر منتجي النفط ومشتقاته في العالم ألا وهما الجزائر وليبيا، ومع تجاوز عدد العاطلين عن العمل في تونس عتبة 700 ألف عاطل عن العمل ومع هذه الزيادات المتواصلة في أسعار المحروقات، فإن ظاهرة تهريب المحروقات ستتزايد وتيرتها بالتوازي خاصة مع الرفع في أسعار في المحروقات.

فسبق أن صرّح وزير الطاقة الجزائري السابق عبد المجيد عطار بأن سعر الوقود في الجزائر يُعد الأقل ثمنًا في منطقة الشرق أوسط وشمال أفريقيا، في حين كشفت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة القنجي في حوار سابق لـ"الصباح" أن ارتفاع سعر برميل النفط العالمي واضطراب سعر الصرف، كما أن تونس لا تغطي حاجياتها من النفط والغاز إلا في حدود 50 بالمائة والبقية توفرها عن طريق الاستيراد بالعملة الصعبة، تسبب في ارتفاع تكاليف الدعم، لافتة إلى أنه وضع فرض مراجعة أسعار المحروقات، وهو ما يعني أن الزيادة في أسعار المحروقات لن تنتهي بل ستتواصل في كل مرة، إن لم تكن بشكل شهري ودوري، إلا أنه في جانب منها أهمل تهريب المحروقات سواء من ليبيا أو الجزائر.

سعر لتر البنزين في ليبيا والجزائر أقل من النصف..

وبإلقاء نظرة على أسعار المحروقات في الجزائر نعلم أن سعر البنزين الخالي من الرصاص الأغلى بسعر يُقدر بـ45.62 دينارًا جزائريا أي  0.32 دولارًا أميركيا، و0.95  دينار تونسي، أي أن الفارق في الأسعار بين تونس والجزائر يتجاوز الضعف. ويبلغ سعر المازوت في الجزائر بـ29 دينارًا جزائريًا (0.20 دولارًا)، فقط.

وبالنسبة لليبيا فان سعر لتر البنزين فيها بـ 0.15 دينار ليبي أي 15 قرشا ليبيا أي 0.94 دينار تونسي أي أنه أقل من دينار تونسي فيما يتجاوز سعر البنزين في تونس سواء البنزين الرفيع الخالي من الرصاص  أو البنزين الخالي من الرصاص الدينارين.

ومع هذه الإغراءات في الأسعار التي يُقدّمها البنزين المُهرّب فان المواطن حتما سيجد فيه ملاذا بعد اهتراء المقدرة الشرائية وبحثه في كل مرة على ما قلّ ثمنه.

وينزل سعر البنزين المُهرّب من الجزائر والمرصف على منضدات في الطرقات أو في المستودعات، إلى سعر 30 دينارا لـ 20 لترا أي بحساب 1.5 دينار للتر الواحد، ولا يرتقي طبعا إلى دينارين.

البنزين التونسي والبنزين المهرّب أسعار غير متقاربة ولا مجال للمنافسة..

وأكد رئيس غرفة وكلاء وأصحاب محطات بيع البنزين محمد الصادق البديوي لـ"الصباح" أن التهريب بصفة عامة يسبب للقطاع في خسائر كبيرة نظرا لأنها على المستوى القانوني منافسة غير قانونية وأثرت على مردود وأرباح القطاع المنظم بشكل مباشر.

وبالنسبة للمستوى المالي، أقرّ بأن التزود في المحروقات المُهرّبة بات أمرا مرغوبا بالنسبة للمواطن لأنه يعدّ أرخص ثمنا حتى أن سعره لا يقارن ولا مجال للمقارنة بينهما لأنهما غير متقاربين، وفي ظل الأزمة المالية والاقتصادية وضعف المقدرة الشرائية تفضل فئة من المواطنين الإقبال على هذا النوع من المحروقات.

وشرح البديوي أن الزيادات المتواصلة في أسعار المحروقات ستكون حافزا لمزيد تغذية تهريب المحروقات من الدول المجاورة نحو تونس، مُبينا أنه لاحظ في الأشهر السابقة كون هذه الظاهرة أصبحت مركزة بصفة كبيرة، وأن هناك استغلالا للفرصة بما أن الثمن على مستوى التعديل وعلى مستوى المحروقات المهربة بينهما فارق كبير، مما يجعل استمرار تسجيل خسائر لدى أصحاب محطات بيع البنزين.

 30 % من المواد البترولية في تونس متأتية بطريقة غير شرعية

وأكد محدثنا أن ما بين 25 و30 بالمائة من المواد البترولية متأتية بطريقة غير شرعية، وأن بيع البنزين المهرب ينتشر خاصة في الجنوب والجنوب الشرقي وهناك تركيز أيضا في القيروان، إلا أنه أقل حدة في تونس الكبرى، رغم امتداده إليها.

وعن سبب تضاؤل التهريب في العاصمة خلافا للمناطق الأخرى، شرح بأن البنزين المُهرّب في العاصمة يباع خلسة، والعكس تماما في المناطق الأخرى حيث يكون علنا وتوضع أوعية البنزين على قارعة الطريق وفي المحلات بشكل طبيعي ويومي، وأمام الجميع.

وبخصوص أكثر الولايات التي يعرف فيها بيع المحروقات المتأتية بطريقة غير قانونية، بيّن البديوي أنها ولايات قابس ومدنين وحتى في صفاقس أين هناك دورة اقتصادية مهمة، فالهدف من إدخال البنزين من دولة أخرى وبيعه في أماكن فيها دورة اقتصادية ناشطة هو التوسع وتحقيق أرباح مالية أكبر.

محطات بيع الوقود مُهدّدة بالإفلاس..

وتطرّق البديوي، إلى أن محطات بيع البنزين مهددة جديا بالإفلاس، نظرا لتهافت المواطنين على شراء البنزين المُهرّب وأيضا لتداعيات كوفيد 19 على المحطات ونشاطها، والخوف من ركود اقتصادي أكبر نتيجة مضاعفات كورونا وتعمّق التهريب، خاصة وأنه خلال العامين الأخيرين تراجعت أرباح المحطات بشكل لافت.

لهذا لا يمكن تقنين بيع البنزين المُهرّب..

وفيما يتعلّق بإمكانية تقنين تهريب البنزين وجعله ينضبط إلى كراس شروط، شدّد البديوي على أنه لا يمكن ذلك لأن بيع المواد البترولية يخضع لقانون 1991 وهو قانون يؤكد على مبدأ السلامة والصحة والمحيط نظرا لخصوصية هذه المادة، التي لا يمكن بيعها بالطريقة التي يُراد بها، حيث يجب احترام جانب تقني لأنها مصنفة كمادة خطرة، ويجب بيعها للعموم بطريقة مناسبة وصحية لتجنب أي مشاكل من بينها اشتعال النيران وحدوث حريق أو انفجار.

ومن بين الاشتراطات لفتح محطة لبيع الوقود الحصول على ترخيص والي الجهة، إثر وجوب التأكد من مبدأ السلامة، مُشيرا إلى أنه لا يمكن تحيين هذا القانون الخاص ببيع المحروقات لأن المشرع التونسي وضعه في إطار معين على غرار التشريعات العمومية الأخرى.

وذكر بأنه ليس بيع الوقود فقط يخضع إلى تشريعات صارمة بل أيضا نقل المواد البترولية وخزنها اللذان يتطلبان أيضا مواصفات معينة يحب إتباعها.

وتابع بالقول "من يريد الحفاظ على سيارته وتجنب أي طارئ عليه شراء مواد مقننة".

درصاف اللموشي

في ظل الزيادات المتواصلة في أسعار المحروقات.. توسع السوق الموازية ليصبح البنزين المُهرّب ملاذ الآلاف من التونسيين
  • سعر لتر البنزين في ليبيا والجزائر أقل من النصف مقارنة بالأسعار في تونس
  •  30% من المواد البترولية في السوق التونسية متأتية من مسالك غير شرعية
  • محطات بيع الوقود مُهدّدة بالإفلاس بسبب توسع التهريب 
  •  

 تونس-الصباح

استقبل التونسيون سنة 2022، بزيادة في مناسبتين في أسعار المحروقات الأولى في 31 جانفي وكانت الزيادة بنسبة 3 بالمائة والثانية في 28 فيفري. وشملت الزيادة الأخيرة سعر لتر البنزين الرفيع الخالي من الرصاص بـ 65 مليمًا ليصل إلى 2.220 دينار (0.75 دولار)، بعد أن كان 1315 مليما في 2010 وسعر الغازولين العادي بـ 55 مليما  ليرتفع إلى 1.915 دينار (0.65 دولار).

سعر الغازولين العادي، أيضا ارتفع بـ 50 مليما ليصبح 1.705 دينار(0.59 دولار)،  حيث كان في 2010 بسعر 955 مليما.

ومن المحروقات الأخرى التي أعلن الرفع في أسعارها بـ 110 مليمات إلى 2.360 دينار (0.80 دولار)، والغازولين دون كبريت 100 مليم إلى 2.100 دينار (0.71 دولار)، للتر الواحد.

وإذا ما علمنا أن تونس جارة لبلدين يعدان من أكبر منتجي النفط ومشتقاته في العالم ألا وهما الجزائر وليبيا، ومع تجاوز عدد العاطلين عن العمل في تونس عتبة 700 ألف عاطل عن العمل ومع هذه الزيادات المتواصلة في أسعار المحروقات، فإن ظاهرة تهريب المحروقات ستتزايد وتيرتها بالتوازي خاصة مع الرفع في أسعار في المحروقات.

فسبق أن صرّح وزير الطاقة الجزائري السابق عبد المجيد عطار بأن سعر الوقود في الجزائر يُعد الأقل ثمنًا في منطقة الشرق أوسط وشمال أفريقيا، في حين كشفت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة القنجي في حوار سابق لـ"الصباح" أن ارتفاع سعر برميل النفط العالمي واضطراب سعر الصرف، كما أن تونس لا تغطي حاجياتها من النفط والغاز إلا في حدود 50 بالمائة والبقية توفرها عن طريق الاستيراد بالعملة الصعبة، تسبب في ارتفاع تكاليف الدعم، لافتة إلى أنه وضع فرض مراجعة أسعار المحروقات، وهو ما يعني أن الزيادة في أسعار المحروقات لن تنتهي بل ستتواصل في كل مرة، إن لم تكن بشكل شهري ودوري، إلا أنه في جانب منها أهمل تهريب المحروقات سواء من ليبيا أو الجزائر.

سعر لتر البنزين في ليبيا والجزائر أقل من النصف..

وبإلقاء نظرة على أسعار المحروقات في الجزائر نعلم أن سعر البنزين الخالي من الرصاص الأغلى بسعر يُقدر بـ45.62 دينارًا جزائريا أي  0.32 دولارًا أميركيا، و0.95  دينار تونسي، أي أن الفارق في الأسعار بين تونس والجزائر يتجاوز الضعف. ويبلغ سعر المازوت في الجزائر بـ29 دينارًا جزائريًا (0.20 دولارًا)، فقط.

وبالنسبة لليبيا فان سعر لتر البنزين فيها بـ 0.15 دينار ليبي أي 15 قرشا ليبيا أي 0.94 دينار تونسي أي أنه أقل من دينار تونسي فيما يتجاوز سعر البنزين في تونس سواء البنزين الرفيع الخالي من الرصاص  أو البنزين الخالي من الرصاص الدينارين.

ومع هذه الإغراءات في الأسعار التي يُقدّمها البنزين المُهرّب فان المواطن حتما سيجد فيه ملاذا بعد اهتراء المقدرة الشرائية وبحثه في كل مرة على ما قلّ ثمنه.

وينزل سعر البنزين المُهرّب من الجزائر والمرصف على منضدات في الطرقات أو في المستودعات، إلى سعر 30 دينارا لـ 20 لترا أي بحساب 1.5 دينار للتر الواحد، ولا يرتقي طبعا إلى دينارين.

البنزين التونسي والبنزين المهرّب أسعار غير متقاربة ولا مجال للمنافسة..

وأكد رئيس غرفة وكلاء وأصحاب محطات بيع البنزين محمد الصادق البديوي لـ"الصباح" أن التهريب بصفة عامة يسبب للقطاع في خسائر كبيرة نظرا لأنها على المستوى القانوني منافسة غير قانونية وأثرت على مردود وأرباح القطاع المنظم بشكل مباشر.

وبالنسبة للمستوى المالي، أقرّ بأن التزود في المحروقات المُهرّبة بات أمرا مرغوبا بالنسبة للمواطن لأنه يعدّ أرخص ثمنا حتى أن سعره لا يقارن ولا مجال للمقارنة بينهما لأنهما غير متقاربين، وفي ظل الأزمة المالية والاقتصادية وضعف المقدرة الشرائية تفضل فئة من المواطنين الإقبال على هذا النوع من المحروقات.

وشرح البديوي أن الزيادات المتواصلة في أسعار المحروقات ستكون حافزا لمزيد تغذية تهريب المحروقات من الدول المجاورة نحو تونس، مُبينا أنه لاحظ في الأشهر السابقة كون هذه الظاهرة أصبحت مركزة بصفة كبيرة، وأن هناك استغلالا للفرصة بما أن الثمن على مستوى التعديل وعلى مستوى المحروقات المهربة بينهما فارق كبير، مما يجعل استمرار تسجيل خسائر لدى أصحاب محطات بيع البنزين.

 30 % من المواد البترولية في تونس متأتية بطريقة غير شرعية

وأكد محدثنا أن ما بين 25 و30 بالمائة من المواد البترولية متأتية بطريقة غير شرعية، وأن بيع البنزين المهرب ينتشر خاصة في الجنوب والجنوب الشرقي وهناك تركيز أيضا في القيروان، إلا أنه أقل حدة في تونس الكبرى، رغم امتداده إليها.

وعن سبب تضاؤل التهريب في العاصمة خلافا للمناطق الأخرى، شرح بأن البنزين المُهرّب في العاصمة يباع خلسة، والعكس تماما في المناطق الأخرى حيث يكون علنا وتوضع أوعية البنزين على قارعة الطريق وفي المحلات بشكل طبيعي ويومي، وأمام الجميع.

وبخصوص أكثر الولايات التي يعرف فيها بيع المحروقات المتأتية بطريقة غير قانونية، بيّن البديوي أنها ولايات قابس ومدنين وحتى في صفاقس أين هناك دورة اقتصادية مهمة، فالهدف من إدخال البنزين من دولة أخرى وبيعه في أماكن فيها دورة اقتصادية ناشطة هو التوسع وتحقيق أرباح مالية أكبر.

محطات بيع الوقود مُهدّدة بالإفلاس..

وتطرّق البديوي، إلى أن محطات بيع البنزين مهددة جديا بالإفلاس، نظرا لتهافت المواطنين على شراء البنزين المُهرّب وأيضا لتداعيات كوفيد 19 على المحطات ونشاطها، والخوف من ركود اقتصادي أكبر نتيجة مضاعفات كورونا وتعمّق التهريب، خاصة وأنه خلال العامين الأخيرين تراجعت أرباح المحطات بشكل لافت.

لهذا لا يمكن تقنين بيع البنزين المُهرّب..

وفيما يتعلّق بإمكانية تقنين تهريب البنزين وجعله ينضبط إلى كراس شروط، شدّد البديوي على أنه لا يمكن ذلك لأن بيع المواد البترولية يخضع لقانون 1991 وهو قانون يؤكد على مبدأ السلامة والصحة والمحيط نظرا لخصوصية هذه المادة، التي لا يمكن بيعها بالطريقة التي يُراد بها، حيث يجب احترام جانب تقني لأنها مصنفة كمادة خطرة، ويجب بيعها للعموم بطريقة مناسبة وصحية لتجنب أي مشاكل من بينها اشتعال النيران وحدوث حريق أو انفجار.

ومن بين الاشتراطات لفتح محطة لبيع الوقود الحصول على ترخيص والي الجهة، إثر وجوب التأكد من مبدأ السلامة، مُشيرا إلى أنه لا يمكن تحيين هذا القانون الخاص ببيع المحروقات لأن المشرع التونسي وضعه في إطار معين على غرار التشريعات العمومية الأخرى.

وذكر بأنه ليس بيع الوقود فقط يخضع إلى تشريعات صارمة بل أيضا نقل المواد البترولية وخزنها اللذان يتطلبان أيضا مواصفات معينة يحب إتباعها.

وتابع بالقول "من يريد الحفاظ على سيارته وتجنب أي طارئ عليه شراء مواد مقننة".

درصاف اللموشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews