إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد إحالة 36 جمعية على القضاء من طرف لجنة التحاليل المالية ما مصير 1145 ملفا محالا بتهمة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال؟

تونس- الصباح 

بعد تأكيد الكاتب العام للجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي لطفي حشيشة، أول أمس، أنه تم مؤخرا إحالة ملفات 36 جمعية على القضاء بشبهة تمويل الإرهاب وفساد مالي والاستيلاء على أموال جمعية من المُسيرين، أن التصاريح المالية المتعلقة بهذه الجمعيات تناهز 35 مليون دينار، يعود ملف الجمعيات المورطة في تمويل الإرهاب والفساد المالي تحت غطاء العمل الخيري أو الاجتماعي إلى الواجهة من جديدة.

ويأتي هذا القرار للجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي في إطار المهام الموكولة لها في التصدي لجريمة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب على ضوء قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال المؤرخ في أوت 2015، وهي ليست المرة الأولى التي تتخذا قرار بالإحالة على القضاء أو بتجميد ممتلكات مشبوهة ففي ديسمبر 2020 أعلن البنك المركزي التونسي، عن قيامه بتجميد أصول ما يقارب 31.5 مليون دولار، في إطار إجراءات تحفظ تتعلق بمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال..، بالإضافة إلى إحالة عدد من الملفات المتعلقة بعدد من الجمعيات إلى القضاء ولكن إلى اليوم لم نسمع عن مآل هذه القضايا وهو ما يطرح عدة نقاط استفهام حول أدوار بعض الجمعيات ومصيرها بعد كشفها.

تمويل الإرهاب.. الجريمة المتواصلة 

أعلنت وزارة حقوق الإنسان والعلاقة مع الهيئات الدستورية قد أعلنت في جويلية 2020 عن رفع قضايا ضد 435 جمعية تورطت في تمويل الإرهاب، أو تبييض الأموال وأنه تم حل 42 جمعية..، كما أشارت الوزارة وقتها إلى أنها كما بدأت في إجراءات حلّ ثمانية أحزاب سياسية لم تقدم تقاريرها المالية، فيما تم توجيه تنبيه إلى 147 حزباً آخرين. كما قامت اللجنة الوطنية للتحاليل المالية، التابعة للبنك المركزي، بإحالة 710 ملفات شبهات تمويل الإرهاب وغسل الأموال للجهات القضائية المختصة، خلال عامي 2018 و2019 من بين 1245 ملفا تمت معالجتها.

ووفقا لتقرير اللجنة، وقتها، فقد توزعت الملفات المعالجة بين 600 ملف في 2018 و645 ملفا في عام 2019، مقابل 153 ملفا تمت معالجتها في عام 2017. وأن 91 بالمائة من الملفات التي تمت معالجتها خلال سنة 2018، تخص غسيل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها و9 بالمائة ملفات متعلقة بتمويل الإرهاب. في المقابل، بلغت نسبة الملفات التي تمت معالجتها والتي تخص تمويل 15 في المائة، والملفات المتعلقة بغسل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها 85 بالمائة.

لكن كل هذه القضايا وملف مئات الجمعيات لا نعرف إلى اليوم مآلها، فبعملية حسابية بسيطة نجد أن هناك 1145 ملفا محالا على القضاء، حيث أحالت لجنة التحاليل المالية 710 ملفات في حين أحالت وزارة حقوق الإنسان والعلاقة مع الهيئات الدستورية 435 قضية ولكنها جميعا لا نعلم ما هو مآلها... ولو انه ووفق معطيات خاصة حصلت عليها  "الصباح" فان أغلب هذه الملفات لم يبت فيها القضاء بعد، كما وأن وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والتي تم إلغاؤها في حكومة نجلاء بودن، لم تنشر قائمة الجمعيات التي تم حلها والتي كان يفترض التشهير بها وملاحقة مسيّريها قضائيا.. خاصة أن وقتها أكدت أيضا الوزارة أنها ستقوم بحل 8 أحزاب لم تكشف عن تقاريرها المالية.. حيث صرّح وقتها مدير عام العلاقة مع المجتمع المدني بوزارة حقوق الإنسان، مراد المحجوبي أن الوزارة أرسلت تنبيها لـ174 حزبا بعد أن تبين لها أن هناك 40 حزبا فقط ينشط فعليا من بين 220 حزبا وقتها أي بتاريخ سنة 2020 . 

وفي 2017 تم تصنيف تونس في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي الدولية وهو ما دفع أجهزة الدولة بأقصى سرعة إلى العمل على ملاحقة الكيانات والأفراد الذين تتعلق بهم شبهات تبيض الأموال وتمويل الإرهاب. وكانت مجموعة العمل المالي وهي منظمة حكومية دولية وتهدف لمحاربة تزوير العملات وتمويل الإرهاب قد اعتبرت تونس من الدول التي تمثل ملاذا ضريبيا آمنا أو ما يسمى بـ"الجنان الضريبية". ثم عادت ورفعت تونس من القائمة السوداء في أكتوبر 2019، معتبرة أن الحكومة التونسية أوفت بالتزاماتها فيما يتعلق بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

إلا أن المخاطر لم تنتف بعد حيث ما زالت لجنة التحاليل المالية ترصد تسرّب أموال طائلة بهدف تمويل الإرهاب أو غسيل الأموال رغم كل آليات الرقابة الصارمة التي اعتمدتها تونس.

تعريف تمويل الإرهاب 

يقصد بتمويل الإرهاب على معنى اتفاقية الأمم المتحدة لقمع تمويل الإرهاب،قيام كل شخص بأي وسيلة كانت مباشرة أو غير مباشرة، وبشكل غير مشروع وبإرادته، بتقديم أو جمع أموال بنية استخدامها أو مع علمه بأنها ستستخدم كليا أو جزئيا للقيام بالأعمال المنصوص عليها في المادة 2 من الاتفاقية المذكورة أعلاه والمعاهدات المرفقة لها.. ويعرف المشرع التونسي جريمة تمويل الإرهاب في القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 07 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال على أنّه يعدّ مرتكبا لجريمة إرهابية ويعاقب بالسجن من ستة أعوام إلى اثني عشر عاما وبخطية من خمسين ألف دينار إلى مائة ألف دينار كل من يتعمد بأي وسيلة كانت بصفة مباشرة أو غير مباشرة، التبرّع بأموال أو جمعها أو تقديمها أو توفيرها مع العلم بأن الغرض منها تمويل أشخاص أو تنظيمات أو أنشطة لها علاقة بالجرائم الإرهابية المنصوص عليها بهذا القانون، وذلك بقطع النظر عن شرعية أو فساد مصدر هذه الأموال. أو إخفاء أو تسهيل إخفاء المصدر الحقيقي لأموال منقولة أو عقارية أو مداخيل أو مرابيح راجعة لأشخاص طبيعيين أو لذوات معنوية مهما كان شكلها أو قبول إيداعها تحت اسم مستعار أو إدماجها مع العلم بأن الغرض منها تمويل أشخاص أو تنظيمات أو أنشطة لها علاقة بالجرائم الإرهابية، وذلك بقطع النظر عن شرعية أو فساد مصدر هذه الأموال.

ورغم صرامة الإطار التشريعي لجريمة تمويل الإرهاب سواء باعتماد اتفاقية الأمم المتحدة الموقعة والملتزمة بها تونس أو باعتماد قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، إلا أن اليوم كل المؤشرات تشير إلى أن هذه الجريمة بالإضافة إلى جريمة غسيل الأموال ما زالت تسجل نسبا مرتفعة وخطيرة، وخاصة بعد تورط جمعيات تنشط تحت غطاء العمل الخيري أو الاجتماعي ولا تنفك على جمع التبرعات وعلى تلقي الهبات من الخارج والداخل، والقضاء مطالب بفتح هذه الملفات التي تبقى ذات أولوية قصوى.

منية العرفاوي

بعد إحالة 36 جمعية على القضاء من طرف لجنة التحاليل المالية  ما مصير 1145 ملفا محالا بتهمة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال؟

تونس- الصباح 

بعد تأكيد الكاتب العام للجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي لطفي حشيشة، أول أمس، أنه تم مؤخرا إحالة ملفات 36 جمعية على القضاء بشبهة تمويل الإرهاب وفساد مالي والاستيلاء على أموال جمعية من المُسيرين، أن التصاريح المالية المتعلقة بهذه الجمعيات تناهز 35 مليون دينار، يعود ملف الجمعيات المورطة في تمويل الإرهاب والفساد المالي تحت غطاء العمل الخيري أو الاجتماعي إلى الواجهة من جديدة.

ويأتي هذا القرار للجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي في إطار المهام الموكولة لها في التصدي لجريمة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب على ضوء قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال المؤرخ في أوت 2015، وهي ليست المرة الأولى التي تتخذا قرار بالإحالة على القضاء أو بتجميد ممتلكات مشبوهة ففي ديسمبر 2020 أعلن البنك المركزي التونسي، عن قيامه بتجميد أصول ما يقارب 31.5 مليون دولار، في إطار إجراءات تحفظ تتعلق بمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال..، بالإضافة إلى إحالة عدد من الملفات المتعلقة بعدد من الجمعيات إلى القضاء ولكن إلى اليوم لم نسمع عن مآل هذه القضايا وهو ما يطرح عدة نقاط استفهام حول أدوار بعض الجمعيات ومصيرها بعد كشفها.

تمويل الإرهاب.. الجريمة المتواصلة 

أعلنت وزارة حقوق الإنسان والعلاقة مع الهيئات الدستورية قد أعلنت في جويلية 2020 عن رفع قضايا ضد 435 جمعية تورطت في تمويل الإرهاب، أو تبييض الأموال وأنه تم حل 42 جمعية..، كما أشارت الوزارة وقتها إلى أنها كما بدأت في إجراءات حلّ ثمانية أحزاب سياسية لم تقدم تقاريرها المالية، فيما تم توجيه تنبيه إلى 147 حزباً آخرين. كما قامت اللجنة الوطنية للتحاليل المالية، التابعة للبنك المركزي، بإحالة 710 ملفات شبهات تمويل الإرهاب وغسل الأموال للجهات القضائية المختصة، خلال عامي 2018 و2019 من بين 1245 ملفا تمت معالجتها.

ووفقا لتقرير اللجنة، وقتها، فقد توزعت الملفات المعالجة بين 600 ملف في 2018 و645 ملفا في عام 2019، مقابل 153 ملفا تمت معالجتها في عام 2017. وأن 91 بالمائة من الملفات التي تمت معالجتها خلال سنة 2018، تخص غسيل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها و9 بالمائة ملفات متعلقة بتمويل الإرهاب. في المقابل، بلغت نسبة الملفات التي تمت معالجتها والتي تخص تمويل 15 في المائة، والملفات المتعلقة بغسل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها 85 بالمائة.

لكن كل هذه القضايا وملف مئات الجمعيات لا نعرف إلى اليوم مآلها، فبعملية حسابية بسيطة نجد أن هناك 1145 ملفا محالا على القضاء، حيث أحالت لجنة التحاليل المالية 710 ملفات في حين أحالت وزارة حقوق الإنسان والعلاقة مع الهيئات الدستورية 435 قضية ولكنها جميعا لا نعلم ما هو مآلها... ولو انه ووفق معطيات خاصة حصلت عليها  "الصباح" فان أغلب هذه الملفات لم يبت فيها القضاء بعد، كما وأن وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والتي تم إلغاؤها في حكومة نجلاء بودن، لم تنشر قائمة الجمعيات التي تم حلها والتي كان يفترض التشهير بها وملاحقة مسيّريها قضائيا.. خاصة أن وقتها أكدت أيضا الوزارة أنها ستقوم بحل 8 أحزاب لم تكشف عن تقاريرها المالية.. حيث صرّح وقتها مدير عام العلاقة مع المجتمع المدني بوزارة حقوق الإنسان، مراد المحجوبي أن الوزارة أرسلت تنبيها لـ174 حزبا بعد أن تبين لها أن هناك 40 حزبا فقط ينشط فعليا من بين 220 حزبا وقتها أي بتاريخ سنة 2020 . 

وفي 2017 تم تصنيف تونس في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي الدولية وهو ما دفع أجهزة الدولة بأقصى سرعة إلى العمل على ملاحقة الكيانات والأفراد الذين تتعلق بهم شبهات تبيض الأموال وتمويل الإرهاب. وكانت مجموعة العمل المالي وهي منظمة حكومية دولية وتهدف لمحاربة تزوير العملات وتمويل الإرهاب قد اعتبرت تونس من الدول التي تمثل ملاذا ضريبيا آمنا أو ما يسمى بـ"الجنان الضريبية". ثم عادت ورفعت تونس من القائمة السوداء في أكتوبر 2019، معتبرة أن الحكومة التونسية أوفت بالتزاماتها فيما يتعلق بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

إلا أن المخاطر لم تنتف بعد حيث ما زالت لجنة التحاليل المالية ترصد تسرّب أموال طائلة بهدف تمويل الإرهاب أو غسيل الأموال رغم كل آليات الرقابة الصارمة التي اعتمدتها تونس.

تعريف تمويل الإرهاب 

يقصد بتمويل الإرهاب على معنى اتفاقية الأمم المتحدة لقمع تمويل الإرهاب،قيام كل شخص بأي وسيلة كانت مباشرة أو غير مباشرة، وبشكل غير مشروع وبإرادته، بتقديم أو جمع أموال بنية استخدامها أو مع علمه بأنها ستستخدم كليا أو جزئيا للقيام بالأعمال المنصوص عليها في المادة 2 من الاتفاقية المذكورة أعلاه والمعاهدات المرفقة لها.. ويعرف المشرع التونسي جريمة تمويل الإرهاب في القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 07 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال على أنّه يعدّ مرتكبا لجريمة إرهابية ويعاقب بالسجن من ستة أعوام إلى اثني عشر عاما وبخطية من خمسين ألف دينار إلى مائة ألف دينار كل من يتعمد بأي وسيلة كانت بصفة مباشرة أو غير مباشرة، التبرّع بأموال أو جمعها أو تقديمها أو توفيرها مع العلم بأن الغرض منها تمويل أشخاص أو تنظيمات أو أنشطة لها علاقة بالجرائم الإرهابية المنصوص عليها بهذا القانون، وذلك بقطع النظر عن شرعية أو فساد مصدر هذه الأموال. أو إخفاء أو تسهيل إخفاء المصدر الحقيقي لأموال منقولة أو عقارية أو مداخيل أو مرابيح راجعة لأشخاص طبيعيين أو لذوات معنوية مهما كان شكلها أو قبول إيداعها تحت اسم مستعار أو إدماجها مع العلم بأن الغرض منها تمويل أشخاص أو تنظيمات أو أنشطة لها علاقة بالجرائم الإرهابية، وذلك بقطع النظر عن شرعية أو فساد مصدر هذه الأموال.

ورغم صرامة الإطار التشريعي لجريمة تمويل الإرهاب سواء باعتماد اتفاقية الأمم المتحدة الموقعة والملتزمة بها تونس أو باعتماد قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، إلا أن اليوم كل المؤشرات تشير إلى أن هذه الجريمة بالإضافة إلى جريمة غسيل الأموال ما زالت تسجل نسبا مرتفعة وخطيرة، وخاصة بعد تورط جمعيات تنشط تحت غطاء العمل الخيري أو الاجتماعي ولا تنفك على جمع التبرعات وعلى تلقي الهبات من الخارج والداخل، والقضاء مطالب بفتح هذه الملفات التي تبقى ذات أولوية قصوى.

منية العرفاوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews