إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الشراكة من أجل الوحدة

بقلم: طاهر حسين اندرابي (*)

تجتمع منظمة التعاون الإسلامي على مستوى وزراء الخارجية في إسلام أباد ، باكستان يومي 22 و 23 مارس 2022. وسيكون هذا الاجتماع ثاني جلسة يعقدها وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في إسلام أباد في غضون أربعة أشهر. ففي شهر ديسمبر الماضي ، استضافت باكستان وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي في جلسة خاصة تناولت الأوضاع في أفغانستان. و يذكر أن جلسة مارس في إسلام أباد هي الدورة العادية الثامنة والأربعون لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي.

تهدف دورة إسلام أباد لوزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي، التي تنعقد تحت عنوان "الشراكة من أجل الوحدة والعدالة والتنمية" ، إلى بناء شراكات وفتح سبل التعاون في مختلف أرجاء العالم الإسلامي بل والمجتمع الدولي بأسره.

تعتبر منظمة المؤتمر الإسلامي ، التي تضم 57 دولة عضوا ، ثاني أكبر هيئة حكومية دولية بعد الأمم المتحدة. تأسس هذا المنتدى العالمي للبلدان ذات الأغلبية المسلمة في المغرب عام 1969 وذلك في أعقاب جريمة محاولة إحراق المسجد الأقصى في القدس. هذا وقد دأبت هذه المنظمة على معالجة سائر القضايا التي تهم الدول الأعضاء والمسلمين في جميع أنحاء العالم.

خلال جلسة إسلام أباد ، سيناقش وزراء خارجية البلاد الإسلامية جميع المجالات التي تستهدفها منظمة التعاون الإسلامي في إطار "برنامج العمل العشري (2016-2025)" ، وهي: السلام والأمن ، بما في ذلك مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية ، الحد من الفقر ، العلم والتكنولوجيا ، تغير المناخ ، الوئام بين الأديان ، الإغاثة الإنسانية والحوكمة، إلخ.

وبالتالي، من المتوقع أن تساعد المناقشات والقرارات المهمة التي ستصدر عن منظمة المؤتمر الإسلامي في إسلام أباد العالم الإسلامي على مواجهة عدد كبير من التحديات المعاصرة ، سواء كانت موضوعية أو مرتبطة بأوضاع وحالات خاصة.

تتخذ التحديات الموضوعية التي تواجه العالم الإسلامي أشكالا متنوعة. أولاً ، هناك المد المتصاعد للإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية الذي يهدد المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم. وتتجلى مظاهر الإسلاموفوبيا في استهدافها للباس الحجاب ، والاستهزاء بالرموز والشخصيات الدينية الإسلامية ، والصور النمطية السلبية وممارسات كره الأجانب الموجهة ضد الفئات المسلمة. ثانيًا ، تؤثر أوضاع اللاجئين التي طال أمدها على مجتمعات واقتصاديات العديد من البلدان الإسلامية ، وهي التي تستضيف حوالي 75٪ من إجمالي عدد اللاجئين في العالم. ثالثًا ، لا تزال العديد من البلدان الإسلامية عرضة لتغير المناخ وتحديات ذات أوجه متعددة تتراوح بين انعدام الأمن الغذائي والكوارث الطبيعية والهجرة الاقتصادية ، على سبيل المثال لا الحصر. أخيرًا ، لا تزال ظاهرة الفساد على غرار تحويل الأموال ذات المصادر المشبوهة إلى البلدان الغربية واسعة الانتشار في أجزاء مختلفة من العالم الإسلامي. علاوة على ذلك فإن هذه التحديات الموضوعية تتفاقم بسبب تفشي جائحة كوفيد -19.

وتشمل التحديات المرتبطة بأوضاع وحالات خاصة الظروف التي يعيشها الأهالي في أراضي فلسطين وجامو وكشمير المحتلة ، حيث إنهم لا يزالون محرومين من حقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير ، المعترف به في العديد من قرارات الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي. علاوة على ذلك،  يظل إخواننا الأفغان يعانون من شدة الأحوال الجوية ويواجهون تحديات إنسانية خطيرة. وفي أفريقيا ، لا تزال منطقتي الساحل والقرن الأفريقي تعانيان من ظاهرة الإرهاب وعدم الاستقرار. كما تتعرض مجتمعات الروهينجا المسلمة في ميانمار انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان وعمليات إخلاء قسري.

ستعمل دورة إسلام أباد لوزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي إلى معالجة جميع التحديات الموضوعية والمحددة التي تواجه الأمة الإسلامية. ومن المرجح أن يتم تبني أكثر من 100 قرار ، وهي قرارات لا تعبر فقط عن منظور ومواقف منظمة التعاون الإسلامي ، بل تسهم أيضًا في الترويج لمطالب وقضايا جميع البلدان الإسلامية الساعية إلى البحث عن حلول سلمية عن طريق الحوار وسبل التعاون المشترك.

وستسعى باكستان بصدق، بوصفها رئيسة للدورة الحالية، إلى تعزيز وحدة صف الدول الأعضاء ، والذود على القضايا العدالة التي تعمل من أجلها الأمة الإسلامية  وتحقيق أهداف الرخاء والتنمية المتكاملة من خلال جهود مشتركة.

وستواصل باكستان، بصفتها رئيسة منظمة التعاون الإسلامي للفترة 2022-2023 ، العمل مع باقي الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ، بما في ذلك تونس ، على ترجمة طموحاتنا الجماعية إلى خطوات ملموسة لزيادة تعزيز العلاقات المبنية على الوحدة والتضامن والتعاون الإسلامي .

تشكل جلسة إسلام أباد لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي المناسبة الخامسة التي تستضيف فيها باكستان المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية. وتجدر الإشارة إلى أن الدورات التي عقدت في أعوام 1970 و 1980 و 1993 و 2007 كانت هي الأخرى قد انعقدت في باكستان. كما استضافت باكستان دورتين استثنائيتين (طارئتين) في عامي 1980 و 2021. وعلى هذا النحو ، فإن وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي ومندوبي منظمة المؤتمر الإسلامي ليسوا غرباء عن شعب باكستان ، الذي ينتظر قدومهم بفارغ الصبر.

تتزامن الدورة 48 للمؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية في إسلام أباد مع الذكرى 75 لاستقلال باكستان. وبذلك ستعامل وفود الدول الإسلامية كضيوف شرف في موكب العيد الوطني الذي سيقام بهذه المناسبة وستشارك هكذا الشعب الباكستاني احتفالاتهم.

تلتزم باكستان بالقيم الإسلامية الخالدة المتمثلة في تكريس أواصر الأخوة والوحدة. إن تعزيز التضامن والتعاون بين أفراد الأمة الإسلامية ليس فقط حجر الزاوية في سياستنا الخارجية ، ولكنه أيضًا شاهدا على الإيمان الذي يختلج في ضمائرنا. وقد تم وضع المبادئ التوجيهية لهذه الرؤية من قبل القائد الباكستاني للأمة القائد الأعظم محمد علي جناح الذي وصف سياسة باكستان تجاه الدول الإسلامية بأنها سياسة "صداقة وحسن نوايا". وهكذا تنصهر دعوة حكومة رئيس الوزراء عمران خان لاستضافة الدورة الثامنة والأربعين لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في صميم هذه الرؤية التي أسس لها زعيمنا المؤسس وهو ما يعكس أيضا المشاعر الخالصة التي تخالج ضمير الشعب الباكستاني.

(*)سفير باكستان لدى الجمهورية التونسية

--

الشراكة من أجل الوحدة

بقلم: طاهر حسين اندرابي (*)

تجتمع منظمة التعاون الإسلامي على مستوى وزراء الخارجية في إسلام أباد ، باكستان يومي 22 و 23 مارس 2022. وسيكون هذا الاجتماع ثاني جلسة يعقدها وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في إسلام أباد في غضون أربعة أشهر. ففي شهر ديسمبر الماضي ، استضافت باكستان وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي في جلسة خاصة تناولت الأوضاع في أفغانستان. و يذكر أن جلسة مارس في إسلام أباد هي الدورة العادية الثامنة والأربعون لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي.

تهدف دورة إسلام أباد لوزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي، التي تنعقد تحت عنوان "الشراكة من أجل الوحدة والعدالة والتنمية" ، إلى بناء شراكات وفتح سبل التعاون في مختلف أرجاء العالم الإسلامي بل والمجتمع الدولي بأسره.

تعتبر منظمة المؤتمر الإسلامي ، التي تضم 57 دولة عضوا ، ثاني أكبر هيئة حكومية دولية بعد الأمم المتحدة. تأسس هذا المنتدى العالمي للبلدان ذات الأغلبية المسلمة في المغرب عام 1969 وذلك في أعقاب جريمة محاولة إحراق المسجد الأقصى في القدس. هذا وقد دأبت هذه المنظمة على معالجة سائر القضايا التي تهم الدول الأعضاء والمسلمين في جميع أنحاء العالم.

خلال جلسة إسلام أباد ، سيناقش وزراء خارجية البلاد الإسلامية جميع المجالات التي تستهدفها منظمة التعاون الإسلامي في إطار "برنامج العمل العشري (2016-2025)" ، وهي: السلام والأمن ، بما في ذلك مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية ، الحد من الفقر ، العلم والتكنولوجيا ، تغير المناخ ، الوئام بين الأديان ، الإغاثة الإنسانية والحوكمة، إلخ.

وبالتالي، من المتوقع أن تساعد المناقشات والقرارات المهمة التي ستصدر عن منظمة المؤتمر الإسلامي في إسلام أباد العالم الإسلامي على مواجهة عدد كبير من التحديات المعاصرة ، سواء كانت موضوعية أو مرتبطة بأوضاع وحالات خاصة.

تتخذ التحديات الموضوعية التي تواجه العالم الإسلامي أشكالا متنوعة. أولاً ، هناك المد المتصاعد للإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية الذي يهدد المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم. وتتجلى مظاهر الإسلاموفوبيا في استهدافها للباس الحجاب ، والاستهزاء بالرموز والشخصيات الدينية الإسلامية ، والصور النمطية السلبية وممارسات كره الأجانب الموجهة ضد الفئات المسلمة. ثانيًا ، تؤثر أوضاع اللاجئين التي طال أمدها على مجتمعات واقتصاديات العديد من البلدان الإسلامية ، وهي التي تستضيف حوالي 75٪ من إجمالي عدد اللاجئين في العالم. ثالثًا ، لا تزال العديد من البلدان الإسلامية عرضة لتغير المناخ وتحديات ذات أوجه متعددة تتراوح بين انعدام الأمن الغذائي والكوارث الطبيعية والهجرة الاقتصادية ، على سبيل المثال لا الحصر. أخيرًا ، لا تزال ظاهرة الفساد على غرار تحويل الأموال ذات المصادر المشبوهة إلى البلدان الغربية واسعة الانتشار في أجزاء مختلفة من العالم الإسلامي. علاوة على ذلك فإن هذه التحديات الموضوعية تتفاقم بسبب تفشي جائحة كوفيد -19.

وتشمل التحديات المرتبطة بأوضاع وحالات خاصة الظروف التي يعيشها الأهالي في أراضي فلسطين وجامو وكشمير المحتلة ، حيث إنهم لا يزالون محرومين من حقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير ، المعترف به في العديد من قرارات الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي. علاوة على ذلك،  يظل إخواننا الأفغان يعانون من شدة الأحوال الجوية ويواجهون تحديات إنسانية خطيرة. وفي أفريقيا ، لا تزال منطقتي الساحل والقرن الأفريقي تعانيان من ظاهرة الإرهاب وعدم الاستقرار. كما تتعرض مجتمعات الروهينجا المسلمة في ميانمار انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان وعمليات إخلاء قسري.

ستعمل دورة إسلام أباد لوزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي إلى معالجة جميع التحديات الموضوعية والمحددة التي تواجه الأمة الإسلامية. ومن المرجح أن يتم تبني أكثر من 100 قرار ، وهي قرارات لا تعبر فقط عن منظور ومواقف منظمة التعاون الإسلامي ، بل تسهم أيضًا في الترويج لمطالب وقضايا جميع البلدان الإسلامية الساعية إلى البحث عن حلول سلمية عن طريق الحوار وسبل التعاون المشترك.

وستسعى باكستان بصدق، بوصفها رئيسة للدورة الحالية، إلى تعزيز وحدة صف الدول الأعضاء ، والذود على القضايا العدالة التي تعمل من أجلها الأمة الإسلامية  وتحقيق أهداف الرخاء والتنمية المتكاملة من خلال جهود مشتركة.

وستواصل باكستان، بصفتها رئيسة منظمة التعاون الإسلامي للفترة 2022-2023 ، العمل مع باقي الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ، بما في ذلك تونس ، على ترجمة طموحاتنا الجماعية إلى خطوات ملموسة لزيادة تعزيز العلاقات المبنية على الوحدة والتضامن والتعاون الإسلامي .

تشكل جلسة إسلام أباد لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي المناسبة الخامسة التي تستضيف فيها باكستان المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية. وتجدر الإشارة إلى أن الدورات التي عقدت في أعوام 1970 و 1980 و 1993 و 2007 كانت هي الأخرى قد انعقدت في باكستان. كما استضافت باكستان دورتين استثنائيتين (طارئتين) في عامي 1980 و 2021. وعلى هذا النحو ، فإن وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي ومندوبي منظمة المؤتمر الإسلامي ليسوا غرباء عن شعب باكستان ، الذي ينتظر قدومهم بفارغ الصبر.

تتزامن الدورة 48 للمؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية في إسلام أباد مع الذكرى 75 لاستقلال باكستان. وبذلك ستعامل وفود الدول الإسلامية كضيوف شرف في موكب العيد الوطني الذي سيقام بهذه المناسبة وستشارك هكذا الشعب الباكستاني احتفالاتهم.

تلتزم باكستان بالقيم الإسلامية الخالدة المتمثلة في تكريس أواصر الأخوة والوحدة. إن تعزيز التضامن والتعاون بين أفراد الأمة الإسلامية ليس فقط حجر الزاوية في سياستنا الخارجية ، ولكنه أيضًا شاهدا على الإيمان الذي يختلج في ضمائرنا. وقد تم وضع المبادئ التوجيهية لهذه الرؤية من قبل القائد الباكستاني للأمة القائد الأعظم محمد علي جناح الذي وصف سياسة باكستان تجاه الدول الإسلامية بأنها سياسة "صداقة وحسن نوايا". وهكذا تنصهر دعوة حكومة رئيس الوزراء عمران خان لاستضافة الدورة الثامنة والأربعين لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في صميم هذه الرؤية التي أسس لها زعيمنا المؤسس وهو ما يعكس أيضا المشاعر الخالصة التي تخالج ضمير الشعب الباكستاني.

(*)سفير باكستان لدى الجمهورية التونسية

--

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews