إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تشكل مدخلا لرؤيته السياسية الاستشارة الوطنية تتعثر.. وسعيد يتهم الكل

تونس-الصباح

لا تزال الاستشارة الوطنية الالكترونية التي دعا لها الرئيس قيس سعيد في خطابه 13 ديسمبر تراوح مكانها ودون تحقيق المطلوب منها رغم البروباغندا الرئاسية المتواصلة وتوظيف مؤسسات الدولة لإنجاح المقترح المذكور وفق ما يؤكده عديد المتابعين.

ولم تنجح الاستشارة الى حد الان في اقناع التونسيين بضرورة المشاركة الامر الذي دفع بسعيد للإقرار في مناسبتين متتاليتين بفشل الاستشارة.

ففي اجتماع لرئيس الدولة يوم الثلاثاء 22 فيفري الجاري مع وزير تكنولوجيات الاتصال نزار بن ناجي سلط هذا اللقاء الضوء على جملة الصعوبات الفنية التي تعترض المواطنين والمواطنات في المشاركة في الاستشارة الشعبية الإلكترونية، وهي صعوبات بعضها ناتج عن جملة من الاختيارات الفنية التي يجب تذليلها، وبعضها مقصود من الذين يريدون تكميم الأفواه وإجهاض هذه التجربة الأولى من نوعها في تونس.

واذ تبدو المسالة التقنية واحدة من العناصر الأساسية لفشل الاستشارة، فان ذلك لم يمنع سعيد من وضع احتمال قائم على المؤامرة وسعي "المخربين" و"الدولة العميقة" للحيلولة ونجاح التجربة "الفريدة من نوعها".

وفي هذا السياق قال قيس سعيد إن عدد المشاركين في الاستشارة الوطنية "دون المطلوب". وأرجع ذلك إلى بعض الاشكاليات التقنية والفنية وكذلك إلى "المنظومة القديمة التي تحاول بكل الطرق إجهاض هذه التجربة".
وأضاف خلال إشرافه،أول أمس الخميس،على اجتماع مجلس الوزراء: "سنواصل العمل.. وحين نعد فإننا سنحقق الوعود على عكس ما يُروجون له".

سياق اصرار سعيد على المضي بالاستشارة إلى سرعتها القصوى يقابله رفض حزبي ومجتمعي كبيرين، فقد اصدر الفرع الجامعي للتعليم الثانوي بقبلي مساء الخميس بيانا عبر من خلاله عن استهجانه ورفضه "التوظيف السياسي للمؤسسات التربوية"، وذلك على خلفية دعوة عدد من مديري هذه المؤسسات من قبل السلط الجهوية لحضور اجتماع مخصص للاستشارة الوطنية الالكترونية.

واوضح كاتب عام الفرع الجامعي للتعليم الثانوي عبد الله الغالي لـ"وات" انه وعلى اثر تلقي عدد من مديري المؤسسات التربوية بدوز الكبرى دعوة من قبل معتمد دوز الشمالية لحضور اجتماع حول الاستشارة الوطنية الالكترونية فان الفرع الجامعي يعبر عن رفضه لمثل هذه الدعوة التي تقحم المؤسسات التربوية في المجال السياسي، واشار الى ان مديري هذه المؤسسات مهامهم تربوية وبيداغوجية بالأساس وليست من مشمولاتهم مسالة الاستشارة الوطنية.

وفي هذا السياق دعا الأمين العام نور الدين الطبوبي في ختام المؤتمر الانتخابي 25 بجهة صفاقس، الرئيس قيس سعيّد إلى حوار تشاركي واسع لتنفيذ الإصلاحات السياسية بما فيها تعديل الدستور، قائلا إن الاستشارة الإلكترونية التي أطلقها سعيّد لا يمكن بأي حال أن تعوض الحوار.

وشدد الطبوبي في وقت سابق على ضرورة جلوس الجميع على طاولة واحدة والأخذ بعين الاعتبار كل الأفكار والآراء المطروحة لتتم صياغة مضامين وتوجهات عامة وفق متطلبات المرحلة.

وحول الاستشارة الالكترونية، أكد الطبوبي أن اتحاد الشغل ليس ضد الانفتاح على التكنولوجيات الحديثة والاستماع إلى أفكار الشباب حول مستقبل البلاد، وأضاف بقوله:“ولكن ليست الحل وإنما بالإمكان الاستئناس بها".

وأوضح أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل أن المرحلة اليوم في البلاد بحاجة إلى العقل الراشد الذي يمكن أن يجمع التونسيين.

وفي الوقت الذي كان ينتظر أن تكون الاستشارة الالكترونية حلا للازمة فإنها على العكس من ذلك فقد قوضت ما تبقى من علاقة سعيد ببعض الاحزاب التي ساندت منذ البداية اجراءات 25جويلية لكنها سرعان ما تراجعت وضمت صوتها الى اصوات المعارضة.

فقد رفع حزب الدستوري الحر لواء المعارضة في وجه الرئيس وعبر عن رفضه للاستشارة وعدم الاعتراف بمخرجاتها.

وقالت رئيسة الحزب عبير موسي في آخر ندوة صحفية الاثنين الماضي  انها لن تعترف باي نتائج منبثقة عن الاستشارة الالكترونية او عن الاستفتاء المعلن عنه شفاهيا لتعارض الرزنامة المعتمدة مع الإجراءات والآجال المنصوص عليها بالقانون الانتخابي الساري المفعول حاليا فضلا عن عدم توفير الآليات القانونية لإطلاع الشعب التونسي على النصوص التي ستصاغ في الغرف المظلمة وعدم تمكينه من مناقشتها وتعديلها مما يحرمه من التعبير على موقفه عن دراية مسبقة ومعرفة تامة بخفايا النصوص الذي سيستفتى بشأنها ويعتبر تدليسا ممنهجا.

ويذكر أن المكتب التنفيذي لحركة النهضة دعا المواطنين يوم 7جانفي المنقضي إلى مقاطعة الاستشارة الالكترونية، واعتبرها مواصلة للانحراف بالسلطة وتركيزا للحكم الفردي الاستبدادي وضربا لآليات العمل الديمقراطي، في إطار مشروع أشمل لتفكيك مؤسسات الدولة، وفي إرادة واضحة لقطع الطريق أمام أي فرصة لإدارة الأزمة عبر الحوار والتفاوض كآلية ناجعة في تحقيق الاستقرار السياسي المنشود والتوافق حول الإصلاحات والبدائل الضرورية. 

ومع اصرار ابرز الفاعلين ورفضهم للاستشارة، يصر سعيد على المرور إلى السرعة القصوى بتنزيل استشارته على أرض الواقع لإدراكه الشديد على أن ضمانات بقائه في الحكم وتحقيق اهدافه السياسية يمر بالضرورة عبر نجاح الاستفتاء.

خليل الحناشي

تشكل مدخلا لرؤيته السياسية الاستشارة الوطنية تتعثر.. وسعيد يتهم الكل

تونس-الصباح

لا تزال الاستشارة الوطنية الالكترونية التي دعا لها الرئيس قيس سعيد في خطابه 13 ديسمبر تراوح مكانها ودون تحقيق المطلوب منها رغم البروباغندا الرئاسية المتواصلة وتوظيف مؤسسات الدولة لإنجاح المقترح المذكور وفق ما يؤكده عديد المتابعين.

ولم تنجح الاستشارة الى حد الان في اقناع التونسيين بضرورة المشاركة الامر الذي دفع بسعيد للإقرار في مناسبتين متتاليتين بفشل الاستشارة.

ففي اجتماع لرئيس الدولة يوم الثلاثاء 22 فيفري الجاري مع وزير تكنولوجيات الاتصال نزار بن ناجي سلط هذا اللقاء الضوء على جملة الصعوبات الفنية التي تعترض المواطنين والمواطنات في المشاركة في الاستشارة الشعبية الإلكترونية، وهي صعوبات بعضها ناتج عن جملة من الاختيارات الفنية التي يجب تذليلها، وبعضها مقصود من الذين يريدون تكميم الأفواه وإجهاض هذه التجربة الأولى من نوعها في تونس.

واذ تبدو المسالة التقنية واحدة من العناصر الأساسية لفشل الاستشارة، فان ذلك لم يمنع سعيد من وضع احتمال قائم على المؤامرة وسعي "المخربين" و"الدولة العميقة" للحيلولة ونجاح التجربة "الفريدة من نوعها".

وفي هذا السياق قال قيس سعيد إن عدد المشاركين في الاستشارة الوطنية "دون المطلوب". وأرجع ذلك إلى بعض الاشكاليات التقنية والفنية وكذلك إلى "المنظومة القديمة التي تحاول بكل الطرق إجهاض هذه التجربة".
وأضاف خلال إشرافه،أول أمس الخميس،على اجتماع مجلس الوزراء: "سنواصل العمل.. وحين نعد فإننا سنحقق الوعود على عكس ما يُروجون له".

سياق اصرار سعيد على المضي بالاستشارة إلى سرعتها القصوى يقابله رفض حزبي ومجتمعي كبيرين، فقد اصدر الفرع الجامعي للتعليم الثانوي بقبلي مساء الخميس بيانا عبر من خلاله عن استهجانه ورفضه "التوظيف السياسي للمؤسسات التربوية"، وذلك على خلفية دعوة عدد من مديري هذه المؤسسات من قبل السلط الجهوية لحضور اجتماع مخصص للاستشارة الوطنية الالكترونية.

واوضح كاتب عام الفرع الجامعي للتعليم الثانوي عبد الله الغالي لـ"وات" انه وعلى اثر تلقي عدد من مديري المؤسسات التربوية بدوز الكبرى دعوة من قبل معتمد دوز الشمالية لحضور اجتماع حول الاستشارة الوطنية الالكترونية فان الفرع الجامعي يعبر عن رفضه لمثل هذه الدعوة التي تقحم المؤسسات التربوية في المجال السياسي، واشار الى ان مديري هذه المؤسسات مهامهم تربوية وبيداغوجية بالأساس وليست من مشمولاتهم مسالة الاستشارة الوطنية.

وفي هذا السياق دعا الأمين العام نور الدين الطبوبي في ختام المؤتمر الانتخابي 25 بجهة صفاقس، الرئيس قيس سعيّد إلى حوار تشاركي واسع لتنفيذ الإصلاحات السياسية بما فيها تعديل الدستور، قائلا إن الاستشارة الإلكترونية التي أطلقها سعيّد لا يمكن بأي حال أن تعوض الحوار.

وشدد الطبوبي في وقت سابق على ضرورة جلوس الجميع على طاولة واحدة والأخذ بعين الاعتبار كل الأفكار والآراء المطروحة لتتم صياغة مضامين وتوجهات عامة وفق متطلبات المرحلة.

وحول الاستشارة الالكترونية، أكد الطبوبي أن اتحاد الشغل ليس ضد الانفتاح على التكنولوجيات الحديثة والاستماع إلى أفكار الشباب حول مستقبل البلاد، وأضاف بقوله:“ولكن ليست الحل وإنما بالإمكان الاستئناس بها".

وأوضح أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل أن المرحلة اليوم في البلاد بحاجة إلى العقل الراشد الذي يمكن أن يجمع التونسيين.

وفي الوقت الذي كان ينتظر أن تكون الاستشارة الالكترونية حلا للازمة فإنها على العكس من ذلك فقد قوضت ما تبقى من علاقة سعيد ببعض الاحزاب التي ساندت منذ البداية اجراءات 25جويلية لكنها سرعان ما تراجعت وضمت صوتها الى اصوات المعارضة.

فقد رفع حزب الدستوري الحر لواء المعارضة في وجه الرئيس وعبر عن رفضه للاستشارة وعدم الاعتراف بمخرجاتها.

وقالت رئيسة الحزب عبير موسي في آخر ندوة صحفية الاثنين الماضي  انها لن تعترف باي نتائج منبثقة عن الاستشارة الالكترونية او عن الاستفتاء المعلن عنه شفاهيا لتعارض الرزنامة المعتمدة مع الإجراءات والآجال المنصوص عليها بالقانون الانتخابي الساري المفعول حاليا فضلا عن عدم توفير الآليات القانونية لإطلاع الشعب التونسي على النصوص التي ستصاغ في الغرف المظلمة وعدم تمكينه من مناقشتها وتعديلها مما يحرمه من التعبير على موقفه عن دراية مسبقة ومعرفة تامة بخفايا النصوص الذي سيستفتى بشأنها ويعتبر تدليسا ممنهجا.

ويذكر أن المكتب التنفيذي لحركة النهضة دعا المواطنين يوم 7جانفي المنقضي إلى مقاطعة الاستشارة الالكترونية، واعتبرها مواصلة للانحراف بالسلطة وتركيزا للحكم الفردي الاستبدادي وضربا لآليات العمل الديمقراطي، في إطار مشروع أشمل لتفكيك مؤسسات الدولة، وفي إرادة واضحة لقطع الطريق أمام أي فرصة لإدارة الأزمة عبر الحوار والتفاوض كآلية ناجعة في تحقيق الاستقرار السياسي المنشود والتوافق حول الإصلاحات والبدائل الضرورية. 

ومع اصرار ابرز الفاعلين ورفضهم للاستشارة، يصر سعيد على المرور إلى السرعة القصوى بتنزيل استشارته على أرض الواقع لإدراكه الشديد على أن ضمانات بقائه في الحكم وتحقيق اهدافه السياسية يمر بالضرورة عبر نجاح الاستفتاء.

خليل الحناشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews