إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ندوات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالاشتراك مع دار الصباح .." قانون المالية لسنة 2022 بين الضغوطات الخارجية والاكراهات الداخلية"

تغطية: وفاء بن محمد

تونس-الصباح

صدر قانون المالية لسنة 2022، في اعقاب شهر ديسمبر المنقضي في ظروف استثنائية وضغوطات اقتصادية واجتماعية كبيرة، بسبب التغيرات التي طرات على الساحة الوطنية والسياسية  التي  فرضها حراك الخامس والعشرين من جويلية من السنة المنقضية، كما صاحب التعتيم اعداد القانون في كامل مراحله ليواجه انتقادات لاذعة لدى التونسيين ومنظمات المجتمع المدني وعلى راسها الاتحاد العام التونسي للشغل ..

وجاء القانون في شكل مرسوم من رئاسة الجمهورية التونسية تحت عدد 21 لسنة 2021 والمؤرخ في 28 ديسمبر 2021، عملا بالأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 والمؤرخ في 22 سبتمبر 2021، المتعلق بتدابير استثنائية بعد مداولته صلب مجلس الوزراء.

وتضمن قانون المالية لسنة 2022، الذي تم عرضه خلال ندوة صحفية حزمة من الإجراءات التي وضعتها الحكومة في اطار دفع الاستثمار ودعم المؤسسة الاقتصادية وتعبئة الادخار، فضلا عن جملة من الإجراءات التي ستواصل في تفعيلها بهدف المحافظة على التوازنات المالية العمومية، وإجراءات جديدة تسعى من خلالها الحكومة الى تعبئة موارد مالية إضافية للميزانية العمومية للدولة.

وعرف حجم ميزانية الدولة ارتفاعا بنسبة 3.2 بالمائة، حيث قدرت الميزانية العمومية للسنة القادمة بـ 57291 مليون دينار  بعد ان كانت في حدود الـ 54.6 مليار دينار في السنة المنقضية، كما رفعت الدولة من حجم التداين في المشروع الجديد الى  19983 مليون  دينار في السنة المقبلة.

وقدرت مداخيل الدولة لسنة 2022 في المشروع في حدود الـ 38 مليارا،  في حين قدرت النفقات العمومية للدولة بما يناهز الـ 47 مليارا، مسجلة بذلك عجزا في حدود الـ 9.3 مليارات خلال كامل سنة 2022 اي بنسبة 6.7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام..

كما تنوي الدولة الترفيع في حجم القروض العمومية من اجل تمويل الميزانية العمومية، لتصل الى حدود الـ19983 مليون دينار، تتوزع بين قروض خارجية بما يناهز الـ 2652 مليون دينار وبين قروض داخلية بما قدره 7331 مليون دينار تنضاف اليها موارد الخزينة بـ 1310 مليون دينار.

وفي ما يتعلق بنفقات التاجير لسنة 2022، فقد تم ضبطها حسب المشروع في حدود الـ 21573 مليون دينار، بعد ان كانت تناهز الـ20345 مليون دينار في قانون المالية التعديلي لسنة 2021، مسجلا زيادة بـ 1228 مليون دينار..

وكانت فصول القانون وأحكامه والفرضيات التي انبنى عليها، محور لقاء مهم في شكل مائدة مستديرة تحت عنوان "  " قانون المالية لسنة 2022 بين الضغوطات الخارجية والاكراهات الداخلية"، وهو لقاء من بين اللقاءات القيمة التي ينظمها في كل مرة المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات "CAREP"  بالشراكة مع دار الصباح، وحضر هذا اللقاء، مدير المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات،  مهدي مبروك والمستشار الجبائي والاستاذ الجامعي وعضو المجلس الوطني للجباية، محمد الصالح العياري، والمدير العام الاسبق في السياسات النقدية بالبنك المركزي ومدير عام اسبق  للمالية الخارجية، محمد صالح سويلم، فضلا عن الاستاذ الجامعي وعضو مجلس ادارة البنك المركزي السابق، فتحي النوري، الى جانب الاستاذ الجامعي والباحث المختص في الاقتصاد ، ارام بالحاج... 

وتناول الحضور فصول واحكام قانون المالية لسنة 2022 من ناحية الشكل والمضمون، وكان الاجماع تقريبا حول منطقية الفرضيات التي انبنى عليها القانون خاصة تلك التي تتعلق بسعر برميل النفط وسعر الصرف ونسبة النمو، مع تأكيدهم على أهمية  ارساء الدولة لبرنامج اقتصادي قوي ومقنع للجهات المانحة على غرار صندوق النقد الدولي للحصول على تمويلات جديدة تحتاجها لميزانيتها العمومية.

واعتبر محمد الصالح العياري من جهته، ان الحكومة قامت بتشريك كل الاطراف الفاعلة في الساحة الاقتصادية خلال الاعداد للقانون ، باعتبار ان الظرف الاستثنائي الذي صاحب تحضيره تطلب الاستعانة بهذه الجهات، مؤكدا ان المجلس الوطني للجباية كان له الدور الهام في هذه المرحلة ..

في حين اكد فتحي النوري على اهمية الكفاءات التي على راس الحقائب الوزارية الاقتصادية على غرار وزارة المالية ووزارة الاستثمار، مشددا على ضرورة الاعداد الجيد للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي من خلال تكليف فريق قوي وقادر على اقناع هذه المؤسسة المانحة لتمويل ميزانية الدولة...

من جانبه، أشار محمد الصالح سويلم إلى نسبة النمو المقدرة بـ 2.6 بالمائة في قانون المالية التي من المعقول أن تحققها بلادنا في ظل تواصل الانتعاشة المرتقبة في قطاعات الطاقة والمناجم والسياحة وبالنظر كذلك الى نسب توقعات النمو في المنطقة الأوروبية باعتبارها من أهم شركاء تونس الاقتصاديين...

وافاد ارام بالحاج من جهته، بان قانون المالية لهذه السنة كان بمثابة الفرصة الهامة التي كان على الدولة اقتناصها للقطع نهائيا مع خيارات الحكومات السابقة، إلا انه جاء كأداة متواضعة لدفع عجلة التنمية والانطلاق الفعلي في الإصلاحات الهيكلية، مؤكدا على ضرورة ايلاء الأهمية القصوى للاستثمار الذي لم يتجاوز حجم النفقات من الميزانية العمومية المخصصة له حدود الـ  4.1 مليار دينار ...

وفي المداخلات المفصلة التي تقدم بها عدد من ابرز المتدخلين في الشأن الاقتصادي في البلاد الحاضرين في المائدة المستديرة تحت عنوان "  " قانون المالية لسنة 2022 بين الضغوطات الخارجية والاكراهات الداخلية"، تطرقت بالتحليل والشرح في تفاصيل  محتويات القانون مع مناقشة مختلف انعكاساته على الوضع الاقتصادي والسياسي خلال الفترة القادمة ....

وفي ما يلي نص التدخلات تباعا.......

وفاء بن محمد

 

المدير العام الاسبق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي، محمد الصالح سويلم:  

التحدي الأكبر هو قدرة الدولة على تحمل خدمة الدين خاصة الخارجي منه 

 

منذ صدور المرسوم 21 لسنة2021 المؤرخ في 28 ديسمبر 2021 المتعلق بقانون المالية لسنة 2022 تواترت التحاليل والتعاليق حول مدى قدرة الدولة على تنفيذ هذه الميزانية وخاصة على مدى قدرتها على تعبئة موارد الاقتراض الداخلي والخارجي في ظل شح السيولة على المستوى الوطني واستحالة الحصول على الموارد الخارجية طالما لم يتم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي حول برنامج تصحيح هيكلي جديد يفتح لتونس أبواب التمويل من الأسواق المالية الخارجية وكذلك إمكانية الحصول على موارد خارجية أخرى في اطار التعاون الثنائي او متعدد الأطراف بشروط مقبولة من حيث انخفاض نسب الفائدة وطول اجال التسديد.

وللتطرق لهذا الموضوع وجب التمعن والتمحيص في الإشكاليات التاليةَ:

1-ما مدى واقعية الفرضيات التي انبنت عليها الميزانية؟

2-ما مدى نجاعة الإجراءات الجبائية المصاحبة لقانون الميزانية في إيقاف نزيف المالية العمومية؟

3-ماذا لو لم يتم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وما هي الانعكاسات التي يمكن ان تنتج عن ذلك خاصة في ما يتعلق بقدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية؟

فيما يتعلق بالنقطة الأولى المتصلة بالفرضيات التي تم اعتمادها عند اعداد الميزانية، نعتقد اجمالا ان هذه الفرضيات تعتبر مقبولة اجمالا. ففي ما يخص نسبة النمو أي 2.6 بالمائة في 2022 فهي تعتبر نسبة حذرة حيث انها تعتبر اقل بكثيرمن نسبة النمو العالمي المقدرة بـ4.9 بالمائة وهي كذلك اقل من نسبة النمو المنتظرة في منطقة الأورو المقدرة بـ4.3 بالمائة وهي اقل أيضا من نسبة النمو المتوقعة لمجموعة البلدان الناشئة والمقدرة بـ5.1 بالمائة.وبناء على ذلك واعتبارا لتواصل الانتعاشة المنتظرة في قطاعات الطاقة والفسفاط والسياحة وكذلك الصناعات المعملية في ظل تحسن افاق النمو لدى شريكنا التجاري والاقتصادي الأول إضافة الى تحسن افاق القطاع الفلاحي بعد تهاطل الغيث النافع في الفترة الأخيرة، فإننا نعتقد بان الاقتصاد التونسي قادر على تحقيق نسبة نمو احسن مما هو متوقع خاصة اذا ما نجحت الحكومة في التغلب على المتحور الجديد لفيروس كورونة وتمكنت من تلافي التحركات الاجتماعية التي من شانها ان تؤثر سلبا على تطور الإنتاج.

وفيما يخص فرضية سعر البرنت التي تم اعتمادها في ميزانية 2022 والتي حددت بـ75 دولار للبرميل، وبالنظر الى العديد من التحاليل والتوقعات التي تشير الى إمكانية تواصل ارتفاع أسعار النفط الى مستوى مائة دولار للبرميل الواحد في ظل تنامي الطلب العالمي وتمسك منظمة اوبيك بلوس الاكتفاء بالترفيع في انتاجها بـ400000 الف برميل يوميا فقط في فيفري 2022 فان هذه الفرضية تصبح اقل حذر وربما تسبب لميزانية الدولة ضغوطات إضافية على مستوى دعم المحروقات. غير انه في المقابل، هناك بعض التحاليل التي تشير الى ان عودة الضغوطات التضخمية في جل ارجاء العالم تقريبا خاصة في الولايات المتحدة الامريكية - اين ناهزت نسبة التضخم 7 في المائة في ديسمبر 2021، وهو مستوى لم يشهده الاقتصاد الأمريكي منذ ثمانينات القرن الماضي- يمكن ان تحد من تنامي الطلب العالمي اجمالا و خاصة الطلب على النفط و هو ما من شانه ان يحد من الارتفاع المتواصل لسعر البترول. و بالتالي فان هذه الفرضية تعتبر نسبيا مقبولة رغم الارتفاع المسجل في الفترة الأخيرة لأسعار والتي ناهزت 85 دولارا للبرميل الواحد.

واما فيما يتعلق بفرضية سعر صرف الدولار مقابل الدينار التونسي والتي حددت بـ 2.92 دينار للدولار الواحد فإنها تعتبر كذلك واقعية باعتبار حرص السلطات التونسية في السنوات الثلاث الأخير على تلافي أي انحدار كبير لقيمة الدينار قي سوق الصرف المحلية لما لذلك من اثار سلبية على استقرار الأسعار وعلى تفاقم حجم الدين العمومي والدين الخارجي. 

وفيما يخص النقطة الثانية المتصلة بمدى نجاعة الإجراءات الجبائية المصاحبة لقانون الميزانية في إيقاف نزيف المالية العمومية، فإننا نعتقد بان هذه الإجراءات جاءت بالأساس للتقليص ولو بجزء صغير في عجز ميزانية الدولة ولكنها لا يمكن لها ان تحفز الاستثمار او ان تعيد الثقة للمستثمرين المحليين والأجانب للشروع في مشاريع استثمارية جديدة بما يتيح فرص نمو جدية قادرة على الترفيع في الموارد الذاتية للدولة وخلق مواطن شغل جديدة للحد منارتفاع نسب البطالة.

 وفيما يهم النقطة الثالثة والأخيرة حول مآل الوضع في صورة ما اذا  لم يتم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والانعكاسات التي يمكن ان تنتج عن ذلك خاصة في ما يتعلق بقدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية، وجب الإشارة في هذا الاطار بان الالتزامات المالية الخارجية التي يحل اجلها في 2022 تناهز 2230 مليون دينار تخص بالأساس القسط الأخير من قرض قطري بمبلغ 250 مليون دولار يحل اجله في افريل وقرض رقاعي بـ25 مليار يان ياباني يحل اجله في ديسمبر الى جانب قروض خارجية مختلفة يتم سدادها على فترات خلال سنة 2022 وتخص صندوق النقد الدولي بـ127 مليون دولار والعربية السعودية ب100 مليون دولار وصندوق النقد العربي بـ78 مليون دولار. وهوما يجعلنا نؤكد على قدرة تونس على الإيفاء بالتزاماتها الخارجية في 2022 باعتبار وان رصيدنا من العملة الأجنبية يناهز 23 مليار دينار بتاريخ 17 جانفي 2022.

ويبقى التحدي الأكبر بالنسبة للسنوات المقبلة هو قدرة الدولة على تحمل خدمة الدين وخاصة الخارجي منه عندما نعلم بحلول اجال إصدارات رقاعية ضخمة بالعملات الرئيسية الثلاث أي الأورو والدولار واليان الياباني في سنوات 2023  و2024 و2025. وهنا وجب التأكيد على ضرورة التقليص في عجوزات ميزانية الدولة للسنوات المقبلة حتى نتمكن من تغطية حاجيات التمويل الخارجي المتاتية بالأساس من حلول اجال هذه الإصدارات التي تم إصدارها في السنوات العشر السابقة دون الاخذ بعين الاعتبار للمخاطر التي يمكن ان تعترضها تونس لتعبئة موارد خارجية جديدة على الأسواق المالية بشروط مقبولة من حيث كلفة الاقتراض واجال التسديد.

 

الأحكـــــــــــــام المتعلّقــــــــــة بالأنشطـــــــــة 

غيــــــر المصّــــــــــــــــــرح بها وبالعفـــــــو الجبائــــــــي

 

تقديــــــم: محمّد الصّالح العيّـــــــــــاري 

مستشــــار جبــــائي 

أستــــــاذ جــامــــــعي 

عضــو المجلـس الوطـني للجبايـة

توطئــــــــــــــة:

لقد تمّ التّنصيص على هذه الأحكام ضمن الفصلين 66 و67 من المرسوم عدد 21 لسنة 2021 المؤرّخ في 28 ديسمبر 2021، المتعلّق بقانون المالية لسنة 2022 

وتهدف الأحكام المضمّنة بهذين الفصلين إلى حثّ الأشخاص الذّين لم يقوموا: 

  • بالتّصريح بالمداخيل والأرباح المتأتية من أنشطة غير مصرّح بها
  • أو بخلاص الدّيون المثقلّة لدى قباضات المالية

وذلك لتسوية وضعيتهم حسب الشّروط والإجراءات التّالية:

  1. تسويــــــــة الوضعيــــــــــة الجبائيـــــــــــة للأشخــــــــــاص الطّبيعييــــــــن بعنــــــــــوان المداخيــــــــــل والأربــــــــــاح المتأتّيـــــــــــة مــــــــن أنشطــــــــــة غيـــــــــر مصــــــرّح بهــــــا (الفصـــــــل 66):

نظرا للتّأثير السّلبي للقطاع الموازي على القطاع المنظّم من ناحية، وعدم مساهمته في القيام بالواجب الجبائي وتدعيم السّيولة المالية لدى البنوك من ناحية أخرى، بادر المشرّع بسنّ بعض الإجراءات التّي من شأنها أن تساعد في الحدّ من هذه الظّاهرة وذلك كما هو مبيّن كالآتي: 

  • تمكين الأشخاص الطّبيعيين الذّين بحوزتهم مبالغ متأتية من أنشطة خاضعة للأداء وغير مصرّح بها والذّين يقومون بإيداع هذه المبالغ في أجل أقصاه موّفى شهر جوان 2022 بحساب بنكي أو بريدي، من إبراء ذمّتهم من الناحية الجبائية وذلك في حدود المبالغ المودعة على أن يتمّ دفع ضريبة تحررية بنسبة 10% من المبالغ المذكورة.
  • ويتمّ هذا الإجراء عن طريق مطلب للإنتفاع يودع للغرض من قبل المعني بالأمر لدى البنك أو الديوان الوطني للبريد المودع لديه المبالغ المشار إليها أعلاه.
  • ويتوّلى البنك أو الديوان الوطني للبريد المفتوح لديه الحساب البنكي أو البريدي الذي تم فيه إيداع المبالغ المذكورة خصم الضريبة المحدّدة بـــــ 10% ودفعها إلى خزينة الدولة على أساس تصريح حسب نموذج تعده الإدارة يتضمّن المعطيات المتعلّقة بالمودعين وقيمة المبالغ المودعة ومبلغ الضريبة التحررية المخصومة وذلك في أجل لا يتجاوز الثمانية والعشرين يوما الأولى من الشهر الموالي للشّهر الذّي تمّ خلاله إيداع المبالغ المنتفعة بالإجراء.
  • ويترّتب عن الإخلال بواجب خصم الضريبة ودفعها لخزينة الدولة تطبيق نفس العقوبات الجاري بها العمل في مادّة خصم الأداء من المورد.
  • وقد تمّ التّأكيد بأنّ الضّريبة المدفوعة تكون تحررية من كلّ الأداءات والضرائب والمعاليم والخطايا المستوجبة طبقا للتشريع الجبائي الجاري به العمل على المداخيل أو الأرباح المصرّح بها والمحقّقة إلى غاية تاريخ إيداع المبالغ المذكورة بالحساب البنكي أو البريدي.
  • ولا تطبق هذه الأحكام على المطالبين بالأداء الذين تم تبليغهم قبل موفى شهر جوان 2022 إعلاما مسبقا بمراجعة جبائية.
  • غير أنّ المشرّع استثنى من هذه الأحكام المبالغ المتأتية من مصدر غير مشروع أو المرتبطة بفعل يجرمه القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 7 أوت 2015 المتعلّق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال كما تمّ تنقيحه بالقانون الأساسي عدد 9 لسنة 2019 المؤرّخ في 23 جانفي 2019 وذلك لتجنّب إمكانية إعادة إدراج تونس ضمن القائمة السّوداء.

ملاحظة هامّة: 

تعتبر هذه الخطوة إيجابية لتمكين الأشخاص الذّين ينشطون بالخصوص في القطاع الموازي من تسوية وضعيتهم غير أنّه، وفي صورة عدم الاستجابة للإجراءات سالفة الذّكر، فإنّ الحلّ الجذري يكمن في تغيير العملة وذلك لوضع حدّ للتّأثير السّلبي للقطاع الموازي على القطاع المنظّم من ناحية ولإلزامه بالقيام بواجبه الجبائي وتحمّل الأعباء الإجتماعية إزاء الصّندوق الوطني للضّمان الإجتماعي من ناحية أخرى 

  1. تيسيــــر تسويـــــــة وضعيـــــة الأشخـــــاص بعنــــــوان الدّيــــون الجبائيـــــة المثقلّــــة والخطايـــا والعقوبــــات الماليـــة والإغفــــالات المتعلّقــة بالتّصريح بالأداء والتّصاريح الجبائيــــة المنقوصــــة والمخالفــــات الدّيوانيـــة (الفصل 67): 

يعتبر العفو الجبائي سلاح ذو حدّين لأنّه لا ينصف الأشخاص الذّين يحترمون القيام بواجبهم الجبائي، في حين أنّ المتهرّبين والمتلّكئين يغتنمون هذه الفرصة لتسوية وضعيتهم الجبائية على أقساط مع الانتفاع بالتّخلي عن خطايا التّأخير. 

ولكن ومن جهة أخرى، فإنّ الدّيون الجبائية المثقلّة لدى قباضات المالية تناهز 10 مليار دينار حسب آخر تقرير لمحكمة المحاسبات، في حين أنّ ميزانية الدّولة في حاجة أكيدة لموارد جبائية إضافية وعلى هذا الأساس، تمّ إقرار عفو جبائي يشمل التّسويات التّالية:  

  1. تسوية الدّيون الجبائية والتّي يمكن تلخيصها كالآتي:
  • يتمّ التخلّي عن خطايا التأخير في دفع الأداءات الراجعة للدولة وكذلك خطايا الاستخلاص ومصاريف التّتبع المتعلّقة بهذه الأداءات باكتتاب روزنامة دفع في شأنها في أجل أقصاه 30 أفريل 2022 وتسديد المبالغ المتخلّدة بالذّمة على أقساط ثلاثية لفترة أقصاها خمس سنوات وذلك بالنّسبة إلى:
  • الديون الجبائية المثقّلة بحسابات قباض المالية قبل غرّة جانفي 2022،
  • الديون الجبائية غير المثقلّة بحسابات قباض المالية قبل غرّة جانفي 2022 والتّي تمّ في شأنها إبرام صلح قبل غرّة ماي 2022 أوالمضمّنة بقرارات توظيف إجباري تمّ تبليغها قبل نفس هذا التاريخ.
  • الديون الجبائية المستوجبة بمقتضى أحكام قضائية تتعلّق بنزاعات أساس الأداء والمثقلّة قبل غرّة ماي 2022.

ويطبّق الإجراء المذكور على المعلوم على المؤسّسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية وعلى المعلوم على النزل وعلى معلوم الإجازة.

  1. تسوية الخطايا والعقوبات المالية والخطايا الجبائية الإدارية وذلك على النّحو التّالي: 
  • يتمّ التخلّي عن 50% من مبلغ الخطايا والعقوبات المالية والخطايا المتعلّقة بالمخالفات الجبائية الإدارية المثقلّة قبل 25 أفريل 2022 وكذلك مصاريف التتّبع المتعلّقة بها وذلك باكتتاب روزنامة دفع في أجل أقصاه 30 أفريل 2022 وتسديد المبالغ المتّبقية على أقساط ثلاثية لفترة أقصاها خمس سنوات.
  • ولا تطبق أحكام هذه الفقرة على الخطايا والعقوبات المالية المتعلّقة بالشيكات دون رصيد
  1. تسوية المخالفات والجنح الديوانية موضوع محاضر ديوانية أو أحكام قضائية كما يلي: 
  • يمنح تخفيض في مبلغ الخطايا الديوانية موضوع محاضر ديوانية أو تلك المحكوم بها في قضايا ديوانية قبل غرة جانفي 2022 وذلك وفقا لإحدى الصيغتين التاليتين:
  • دفع كامل مبلغ المعاليم والأداءات المستوجبة وما تبقى من الخطايا قبل غرّة جانفي 2023 على أن يتمّ إيداع مطلب في الغرض لدى الإدارة العامة للديوانة قبل تاريخ 1 نوفمبر 2022.
  • أو اكتتاب روزنامة في دفع كامل مبلغ المعاليم والأداءات المستوجبة وما تبقّى من الخطايا قبل غرّة جويلية 2022 على أقساط ثلاثية لفترة أقصاها خمس سنوات يدفع القسط الأول عند إبرام الروزنامة.
  • ويتمّ التّخفيض على النّحو التّالي:
  • 90% من مبلغ الخطايا الذّي لا يفوق 1 مليون دينار،
  • 95% من مبلغ الخطايا الذّي يفوق 1 مليون دينار.

كما يمكن للأشخاص المنتفعين بتسوية صلحية جارية الانتفاع بهذا التخفيض.

  1. تدارك الاغفالات المتعلّقة بالتّصريح بالأداء وبإيداع التصاريح الجبائية التّصحيحية:

يتمّ التخلّي عن الخطايا المستوجبة بموجب أحكام الفصول 81 و82 و85 من مجلّة الحقوق والإجراءات الجبائية وذلك بالنّسبة إلى التصاريح الجبائية بما في ذلك العقود والكتابات والتصاريح المتعلّقة بمعاليم التسجيل والتّي حلّ أجلها قبل 31 أكتوبر 2021 ولم يشملها التقادم والمودعة ابتداء من غرّة جانفي 2022 وإلى غاية 30 أفريل 2022 شريطة دفع أصل الأداء المستوجب حسب الحالة عند إيداع التصريح أو عند إجراء التسجيل. 

ويشمل هذا الإجراء التصاريح التّي هي في حالة إغفال وكذلك التصاريح التصحيحية حتى وإن تمّ إيداعها إثر تدخل مصالح الجباية أو إثر تبليغ إعلام بنتائج مراجعة جبائية.

  1. أحكام مشتركة:
  • تضبط روزنامة الدفع المنصوص عليها بالأعداد 1 و2 و3 سالفة الذّكر حسب صنف المدين والمبلغ المتبّقي للاستخلاص من أصل الدين الجبائي أو من الخطايا الديوانية والآجال القصوى وعدد الأقساط الثلاثية للدفع بقرار من وزير المالية.
  • بصرف النّظر عن الأحكام السابقة من هذا الفصل، يمكن، بناء على طلب معلل يقدمه المطالب بالأداء إلى قابض المالية أو قابض الديوانة مرجع النّظر، التّرخيص في التّمديد في روزنامات الدفع على ألاّ تتعدى الفترة القصوى المحدّدة بـخمس سنوات.
  • يتمّ تعليق إجراءات التّتبع بالنّسبة لكلّ مدين يلتزم بتسديد الأقساط المستوجبة في آجالها.

ويترّتب عن كل قسط حلّ أجل دفعه ولم يتم تسديده استئناف التتبعات القانونية لاستخلاصه.

  • توظّف على كلّ قسط غير مدفوع في الأجل المحدّد بالروزنامات المكتتبة خطية تأخير بــ0,75% عن كلّ شهر أو جزء من الشهر تحتسب بداية من انتهاء هذا الأجل.
  • يسقط حقّ الانتفاع بأحكام التخلّي المنصوص عليها بهذا الفصل بمرور 180 يوما من انتهاء الأجل المحدّد بالروزنامة لدفع أي قسط من أقساط الدين موضوع هذه الروزنامة وتبقى المبالغ غير المدفوعة مستوجبة أصلا وخطايا دون طرح.
  • بصرف النّظر عن الروزنامة المنصوص عليها بالفقرات السابقة من هذا الفصل، تطبّق أحكام الفصل 33 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية المتمثّلة في طرح الدّيون الجبائية المثّقلة وذلك من مبالغ الأداء موضوع قرارات إرجاع،
  • لا يمكن أن يؤدّي تطبيق إجراءات التخلّي المنصوص عليها بهذا الفصل إلى إرجاع مبالغ لفائدة المدين أو مراجعة الإدراج المحاسبي للمبالغ المسدّدة باستثناء الحالات التّي صدر في شأنها حكم بات،

ملاحظة هامّة: 

لا يحول الانتفاع بالأحكام السابقة دون ممارسة المطالب بالأداء لحقوقه في التقاضي واسترجاع مبالغ الأداء الزائدة.

 

الأستاذ الجامعي وعضو مجلس إدارة البنك المركزي السابق، فتحي النوري:

من الضروري تحديد سقف أقصى للتداين لا يمكن تجاوزه في قانون المالية

 

في بداية مداخلتي اود ان اشير الى اهمية وثيقة اقتصادية تعتمدها غالب الدول عند تحديد اهم الفرضيات التي تبنى عليه الموازنة العامة للبلاد الا وهو الميزان الاقتصادي الذي  يمثل  الانجاز  السنوي  لمنوال التنمية بابعاده الثلاثة  التوازن الاقتصادي العام نتائج التنمية الجهوية والتنمية القطاعية في  تونس  تخلينا  منذ  بداية  الثورة  على مناقشة  هذه الوثيقة  واصبحنا  نعتمد  على النمو الاقتصادي كرقم يتداوله الجميع بدون الاطلاع على اهم مصادر هذا ماالنمو او  اهم  الصعوبات  التي  تجعل  منه  رقما ضعيفا كما هو عليه  الحال  في  تونس.  اذكر  هنا بانه  كان المجلس  الاقتصادي والاجتماعي  هو المركز الاساسي الذي يتابع تطور انجاز منوال التنمية ويمد مجلس النواب بأهم التوصيات لإصلاح هذا المنوال ما  يؤلمني  ان  اليوم  هو   تخلي  كل  الحكومات  على  هذه  المؤسسة  الهامة  لمتابعة  النمو الاقتصادي  والتي كانت هي  مصدر الهام السادة النواب.

اما اختيار سعر النفط الذي يلاحظ كل المتابعين لتطور الميزانية بانه دائما لا يتلاقى مع السعر العالمي لهذه البضاعة الهامة اعتقد بانه ان الأوان لتوضيح

كيفية تحديد  مستوى هذا السعر  مثلا  هل هو سعر توازن  الميزانية كما هو الشأن بالنسبة لدول الخليج ام هو سعر  توازن الموارد الجبائية وغير الجبائية للطاقة في تونس مع نفقات الدعم في هذا السياق اطلب من الجهة المسؤولة في وزاة المالية او الصناعة والطاقة توضيح هذه الاشكالية.

بعد هذه الملاحظات الهامة والتي اتمنى ان تجد الاذان الصاغية  للتفاعل  معها  واصلاح ما يجب اصلاحه كما اشرت اليه سابقا اود ان اتعرض ايضا الى اشكالية التداين وما يخلفه سنويا من جدال بين المتدخلين والمتابعين للشان الاقتصتدي الوطني وفي هذا  السياق  اقترح  ان  يقع  تحديد  سقف اقصى للتداين لا يمكن تجاوزه  اخترت 80 بالمائة مع نسبة نمو مقدرة بـ3  بالمائة وذلك استئناسا  بما هو معمول به لدى الدول الأوروبية وعلى هذا الأساس يتم تحديد حجم الميزانية مع التحكم في النفقات غير الضرورية.

اما التواصل والتعامل مع الصندوق الدولي الايطالي بالإصلاحات اقترح اولا فتح حوار جدي ورسمي عاجلا مع الشريك الاجتماعي الذي اصبح شريكا سياسيا في اخر القرار  بعد  الثورة الذي ادعوه ان يضع  مصلحة  الوطن  فوق كل  اعتبار  ويتفهم  خصوصية  المرحلة الدقيقة التي تمر بها  البلاد وان يتخلى عن الأفكار المتصلبة على غرار التفويت يعني تسريح العمال ثم ادعو رئيسة الحكومة ان تاذن بفتح هذا  الملف وتبادر بالاتصال مع المديرة العامة  للصندوق قصد  تذليل  بعض الصعوبات.

في النهاية  اود تكرار ما  ناديت به منذ اندلاع  الثورة هو استرجاع نسق النمو الذي يخلق الثورة وذلك بتطوير السياسات القطاعية وحث كل قوى الانتاج على تطوير قدراتها على الانتاج مع تعهد الدولة ووسائل الاعلام بتوفير مناخ ملائم لذلك  وادعو الى ضرورة ان نترفع عن وضع الحواجز لنمر الى خلق مناخ ايجابي ومشجع للاستثمار الخاص والعام، وان نسعى الى كتابة مستقبل افضل لتونس  بالحبر الذهبي عوض عن الحبر الأحمر لتحديد الخطوط الممنوع تجاوزها حسب الشريك الاجتماعي..

 

د.آرام بلحاج 

أستاذ جامعي وباحث مختص في الاقتصاد.

رغم منطقية فرضياته قانون المالية جاء كأداة متواضعة لدفع عجلة التنمية والانطلاق الفعلي في الاصلاحات الهيكلية

 

ما من شك أن قوانين المالية السابقة التي ميّزت العشرية الاخيرة لم تؤدّ في المجمل إلى تحقيق الاهداف التي رسمت من أجلها هذه القوانين. فلا نسبة النمو الإقتصادي شهدت ارتفاعا ملحوظا، ولا الإصلاحات المطلوبة التي تأخرت كثيرا شهدت تقدّما كبيرا. والملاحظ أن نقطة التقاء كل القوانين السابقة هي غياب الرؤية ووجود التوظيف السياسي ودعم اقتصاد الريع على حساب الافراد أو الشركات الصغيرة والمتوسطة.

ولئن مثّل قانون المالية لهاته السنة فرصة كبيرة للقطع مع الماضي فإنّ الأحداث السياسية والاقتصادية التي شهدتها تونس مؤخرا جعلت من هذا القانون أداة متواضعة لدفع عجلة التنمية والانطلاق الفعلي في الاصلاحات الهيكلية . زد على ذلك تزايد الضغوطات الداخلية والخارجية، خاصّة تلك المتعلّقة بالمفاوضات المنتظرة مع صندوق النقد الدولي وبالشروط المفروضة لبقية الشركاء والمانحين.

لقد شهدت المالية العمومية تدهورا كبيرا خلال كل هذه السنوات الأخيرة، فنسبة عجز الميزانية انتقلت من 1 % من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2010 إلى 8.3% في سنة 2021 ويتوقع أن تتراجع هذه النسبة إلى 6.7% في أواخر 2022. وأما بالنسبة للدين العمومي ، فقد وصلت إلى حدود قياسية ، حيث انتقلت النسبة  من قرابة 40% من الناتج الداخلي الخام إلى 85.6% في سنة 2021 ويتوقع أن تنخفض لتبلغ 82.6%في اواخر 2022. ويعزى هذا التدهور الملحوظ إلى الخيارات الاقتصادية والاجتماعية الخاطئة التي تسببت فيها كل الحكومات السابقة.

وبالرغم من التراجع المتوقع في نسبة العجز ونسبة المديونية فإن قانون سنة2022 لن يكون نقطة انطلاق حقيقية في اصلاح المالية العمومية. فخلافا لما تم الإعلان عنه في السابق من الاتجاه نحو التقشف في المصاريف والبدء في الاصلاحات المطلوبة، فإن قانون المالية لهذه السنة لم يختلف في المضمون بالمقارنة مع القوانين السابقة ، بل وكرّس اتّجاهات معاكسة لما كان معلنا. فكتلة الاجور ارتفعت إلى 21.5 مليار دينار بعد ان كانت 20.3 مليار دينار في السنة الفارطة . كذلك الدعم الذي بلغ مستوى قياسي في حدود 7.2 مليار دينار بعد أن كان  6 مليار دينار في 2021 . وأخيرا ، حجم القروض المبرمجة الذي حافظ على نفس المستوى تقريبا ليكون في حدود 19.9 مليار دينار بين قروض خارجية (12.6 مليار دينار) وقروض داخلية (7.3مليار دينار).

الأدهى والأمر أن النفقات المخصّصة للاستثمار شهدت تراجعا هذه السنة لتستقرّ في حدود 4.1 مليار دينار وهو تمش خاطئ كسابقيه. وحتّى الاجراءات المطلوبة التي كان ليكون لها الأثر الإيجابي على المالية العمومية لم تحظ  بالاهتمام اللازم،  رغم وجود بعض الفصول الإيجابية في قانون هذــــه السنة. ومن بين هذه الإجراءات التي نادى بها الخبراء في السابق لتحسين المالية عمومية هي تطبيق نظام الفوترة الالكترونية ، مراجعة النظام التقديري وحصره في الفئة المستهدفة فعليّا، توظيف معلوم على العقارات الثابتة ، حلّ مشكلة الديون المتقاطعة بين المنشآت العمومية ودعم آليات الاستخلاص....و لعل ّ الاشكاليات التي طرحت من حيث الشكل وغياب المقاربة التشاركية، بالإظافة إلى غياب مخطّط تنموي ، كلّها عوامل جعلت من قانون المالية لهذه السنة امتدادا للأخطاء التي ارتكبت في السابق والتي أوصلت البلاد إلى الوضعية الاقتصادية والمالية الحالية .

ومن الواضح أنّ قانون المالية لسنة2022 يأتي في  فترة حساسة لتونس ، خاصة مع تراكم الأزمات: مالية ، اقتصادية، اجتماعية وسياسية. ولئن مثّل هذا القانون فرصة سانحة لإرسال اشارات ايجابية للمانحين الدوليين ، فإنّ الهنات التي شملت الشكل والمضمون تجعل من عملية المفاوضات مع صندوق النقد الدولي عملية معقّدة جدّا. فلا التشاركية التي طلبها الصندوق فُعّلت (بل بالعكس تمّ اصدار مرسوم رئاسي متعلق بقانون المالية) ولا الاصلاحات المطلوبة تمت بلورتها صلب هذا القانون(بل بالعكس ، تم الذهاب نحو الرفع في كتلة الأجور والدعم والتداين بدون اجراءات جدية في المقابل تمس المؤسّسات العمومية والاقتصاد الموازي واقتصاد الريع والوظيفة العمومية...)

 ورغم كلّ هذه الصعوبات والتحديات ، فإنّ المجال لا يزال متاحا لإقناع صندوق النقـــد الــــــــــدولي والشركاء ككلّ ببرنامج تونسي يحتوي على خيارات وطنية ويأخذ بعين الاعتبار الإكراهات الداخليـــة والضغوطات الخارجية .

ولعل الخطوة الأولى نحو الانفراج هي المصارحة والشفافية في تقديم المعلومات. فسياسة الهروب إلى الأمام  والانكار التي دأبت الحكومات السابقة على اتباعها لن تخدم تونس في قادم الايام، بل وستزيد الامر صعوبة، خاصة وأنّ ماضي العلاقات مع صندوق النقد الدولي ليس بمشرف.

وأما الخطوة الثانية فهي الإعلان عن خطة تنموية أين تحدّد من خلالها الخطوط العريضة والخطوات العملية من أجل إعادة النمو الإقتصادي إلى مستويات محترمة كما يجب أن تشمل الإصلاحات المطلوبة لتحقيق هذا النمو.

وأخيرا ، وجب اتباع خطّة تشاركية ( وهو مطلب صندوق النقد الدولي في حد ذاته ) . فلا السيد رئيس الجمهورية ،ولا الحكومة ، ولا الفاعلين الإقتصاديين قادرين على انقاذ تونس وإنجاح التجربة الديمقراطية باتباع سياسة الانفراد بالرأي والانعزال. ولعل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لهي آخر فرصة لجمع الشتات والانطلاق في اصلاح ما فات.

ندوات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالاشتراك مع دار الصباح .." قانون المالية لسنة 2022 بين الضغوطات الخارجية والاكراهات الداخلية"

تغطية: وفاء بن محمد

تونس-الصباح

صدر قانون المالية لسنة 2022، في اعقاب شهر ديسمبر المنقضي في ظروف استثنائية وضغوطات اقتصادية واجتماعية كبيرة، بسبب التغيرات التي طرات على الساحة الوطنية والسياسية  التي  فرضها حراك الخامس والعشرين من جويلية من السنة المنقضية، كما صاحب التعتيم اعداد القانون في كامل مراحله ليواجه انتقادات لاذعة لدى التونسيين ومنظمات المجتمع المدني وعلى راسها الاتحاد العام التونسي للشغل ..

وجاء القانون في شكل مرسوم من رئاسة الجمهورية التونسية تحت عدد 21 لسنة 2021 والمؤرخ في 28 ديسمبر 2021، عملا بالأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 والمؤرخ في 22 سبتمبر 2021، المتعلق بتدابير استثنائية بعد مداولته صلب مجلس الوزراء.

وتضمن قانون المالية لسنة 2022، الذي تم عرضه خلال ندوة صحفية حزمة من الإجراءات التي وضعتها الحكومة في اطار دفع الاستثمار ودعم المؤسسة الاقتصادية وتعبئة الادخار، فضلا عن جملة من الإجراءات التي ستواصل في تفعيلها بهدف المحافظة على التوازنات المالية العمومية، وإجراءات جديدة تسعى من خلالها الحكومة الى تعبئة موارد مالية إضافية للميزانية العمومية للدولة.

وعرف حجم ميزانية الدولة ارتفاعا بنسبة 3.2 بالمائة، حيث قدرت الميزانية العمومية للسنة القادمة بـ 57291 مليون دينار  بعد ان كانت في حدود الـ 54.6 مليار دينار في السنة المنقضية، كما رفعت الدولة من حجم التداين في المشروع الجديد الى  19983 مليون  دينار في السنة المقبلة.

وقدرت مداخيل الدولة لسنة 2022 في المشروع في حدود الـ 38 مليارا،  في حين قدرت النفقات العمومية للدولة بما يناهز الـ 47 مليارا، مسجلة بذلك عجزا في حدود الـ 9.3 مليارات خلال كامل سنة 2022 اي بنسبة 6.7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام..

كما تنوي الدولة الترفيع في حجم القروض العمومية من اجل تمويل الميزانية العمومية، لتصل الى حدود الـ19983 مليون دينار، تتوزع بين قروض خارجية بما يناهز الـ 2652 مليون دينار وبين قروض داخلية بما قدره 7331 مليون دينار تنضاف اليها موارد الخزينة بـ 1310 مليون دينار.

وفي ما يتعلق بنفقات التاجير لسنة 2022، فقد تم ضبطها حسب المشروع في حدود الـ 21573 مليون دينار، بعد ان كانت تناهز الـ20345 مليون دينار في قانون المالية التعديلي لسنة 2021، مسجلا زيادة بـ 1228 مليون دينار..

وكانت فصول القانون وأحكامه والفرضيات التي انبنى عليها، محور لقاء مهم في شكل مائدة مستديرة تحت عنوان "  " قانون المالية لسنة 2022 بين الضغوطات الخارجية والاكراهات الداخلية"، وهو لقاء من بين اللقاءات القيمة التي ينظمها في كل مرة المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات "CAREP"  بالشراكة مع دار الصباح، وحضر هذا اللقاء، مدير المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات،  مهدي مبروك والمستشار الجبائي والاستاذ الجامعي وعضو المجلس الوطني للجباية، محمد الصالح العياري، والمدير العام الاسبق في السياسات النقدية بالبنك المركزي ومدير عام اسبق  للمالية الخارجية، محمد صالح سويلم، فضلا عن الاستاذ الجامعي وعضو مجلس ادارة البنك المركزي السابق، فتحي النوري، الى جانب الاستاذ الجامعي والباحث المختص في الاقتصاد ، ارام بالحاج... 

وتناول الحضور فصول واحكام قانون المالية لسنة 2022 من ناحية الشكل والمضمون، وكان الاجماع تقريبا حول منطقية الفرضيات التي انبنى عليها القانون خاصة تلك التي تتعلق بسعر برميل النفط وسعر الصرف ونسبة النمو، مع تأكيدهم على أهمية  ارساء الدولة لبرنامج اقتصادي قوي ومقنع للجهات المانحة على غرار صندوق النقد الدولي للحصول على تمويلات جديدة تحتاجها لميزانيتها العمومية.

واعتبر محمد الصالح العياري من جهته، ان الحكومة قامت بتشريك كل الاطراف الفاعلة في الساحة الاقتصادية خلال الاعداد للقانون ، باعتبار ان الظرف الاستثنائي الذي صاحب تحضيره تطلب الاستعانة بهذه الجهات، مؤكدا ان المجلس الوطني للجباية كان له الدور الهام في هذه المرحلة ..

في حين اكد فتحي النوري على اهمية الكفاءات التي على راس الحقائب الوزارية الاقتصادية على غرار وزارة المالية ووزارة الاستثمار، مشددا على ضرورة الاعداد الجيد للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي من خلال تكليف فريق قوي وقادر على اقناع هذه المؤسسة المانحة لتمويل ميزانية الدولة...

من جانبه، أشار محمد الصالح سويلم إلى نسبة النمو المقدرة بـ 2.6 بالمائة في قانون المالية التي من المعقول أن تحققها بلادنا في ظل تواصل الانتعاشة المرتقبة في قطاعات الطاقة والمناجم والسياحة وبالنظر كذلك الى نسب توقعات النمو في المنطقة الأوروبية باعتبارها من أهم شركاء تونس الاقتصاديين...

وافاد ارام بالحاج من جهته، بان قانون المالية لهذه السنة كان بمثابة الفرصة الهامة التي كان على الدولة اقتناصها للقطع نهائيا مع خيارات الحكومات السابقة، إلا انه جاء كأداة متواضعة لدفع عجلة التنمية والانطلاق الفعلي في الإصلاحات الهيكلية، مؤكدا على ضرورة ايلاء الأهمية القصوى للاستثمار الذي لم يتجاوز حجم النفقات من الميزانية العمومية المخصصة له حدود الـ  4.1 مليار دينار ...

وفي المداخلات المفصلة التي تقدم بها عدد من ابرز المتدخلين في الشأن الاقتصادي في البلاد الحاضرين في المائدة المستديرة تحت عنوان "  " قانون المالية لسنة 2022 بين الضغوطات الخارجية والاكراهات الداخلية"، تطرقت بالتحليل والشرح في تفاصيل  محتويات القانون مع مناقشة مختلف انعكاساته على الوضع الاقتصادي والسياسي خلال الفترة القادمة ....

وفي ما يلي نص التدخلات تباعا.......

وفاء بن محمد

 

المدير العام الاسبق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي، محمد الصالح سويلم:  

التحدي الأكبر هو قدرة الدولة على تحمل خدمة الدين خاصة الخارجي منه 

 

منذ صدور المرسوم 21 لسنة2021 المؤرخ في 28 ديسمبر 2021 المتعلق بقانون المالية لسنة 2022 تواترت التحاليل والتعاليق حول مدى قدرة الدولة على تنفيذ هذه الميزانية وخاصة على مدى قدرتها على تعبئة موارد الاقتراض الداخلي والخارجي في ظل شح السيولة على المستوى الوطني واستحالة الحصول على الموارد الخارجية طالما لم يتم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي حول برنامج تصحيح هيكلي جديد يفتح لتونس أبواب التمويل من الأسواق المالية الخارجية وكذلك إمكانية الحصول على موارد خارجية أخرى في اطار التعاون الثنائي او متعدد الأطراف بشروط مقبولة من حيث انخفاض نسب الفائدة وطول اجال التسديد.

وللتطرق لهذا الموضوع وجب التمعن والتمحيص في الإشكاليات التاليةَ:

1-ما مدى واقعية الفرضيات التي انبنت عليها الميزانية؟

2-ما مدى نجاعة الإجراءات الجبائية المصاحبة لقانون الميزانية في إيقاف نزيف المالية العمومية؟

3-ماذا لو لم يتم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وما هي الانعكاسات التي يمكن ان تنتج عن ذلك خاصة في ما يتعلق بقدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية؟

فيما يتعلق بالنقطة الأولى المتصلة بالفرضيات التي تم اعتمادها عند اعداد الميزانية، نعتقد اجمالا ان هذه الفرضيات تعتبر مقبولة اجمالا. ففي ما يخص نسبة النمو أي 2.6 بالمائة في 2022 فهي تعتبر نسبة حذرة حيث انها تعتبر اقل بكثيرمن نسبة النمو العالمي المقدرة بـ4.9 بالمائة وهي كذلك اقل من نسبة النمو المنتظرة في منطقة الأورو المقدرة بـ4.3 بالمائة وهي اقل أيضا من نسبة النمو المتوقعة لمجموعة البلدان الناشئة والمقدرة بـ5.1 بالمائة.وبناء على ذلك واعتبارا لتواصل الانتعاشة المنتظرة في قطاعات الطاقة والفسفاط والسياحة وكذلك الصناعات المعملية في ظل تحسن افاق النمو لدى شريكنا التجاري والاقتصادي الأول إضافة الى تحسن افاق القطاع الفلاحي بعد تهاطل الغيث النافع في الفترة الأخيرة، فإننا نعتقد بان الاقتصاد التونسي قادر على تحقيق نسبة نمو احسن مما هو متوقع خاصة اذا ما نجحت الحكومة في التغلب على المتحور الجديد لفيروس كورونة وتمكنت من تلافي التحركات الاجتماعية التي من شانها ان تؤثر سلبا على تطور الإنتاج.

وفيما يخص فرضية سعر البرنت التي تم اعتمادها في ميزانية 2022 والتي حددت بـ75 دولار للبرميل، وبالنظر الى العديد من التحاليل والتوقعات التي تشير الى إمكانية تواصل ارتفاع أسعار النفط الى مستوى مائة دولار للبرميل الواحد في ظل تنامي الطلب العالمي وتمسك منظمة اوبيك بلوس الاكتفاء بالترفيع في انتاجها بـ400000 الف برميل يوميا فقط في فيفري 2022 فان هذه الفرضية تصبح اقل حذر وربما تسبب لميزانية الدولة ضغوطات إضافية على مستوى دعم المحروقات. غير انه في المقابل، هناك بعض التحاليل التي تشير الى ان عودة الضغوطات التضخمية في جل ارجاء العالم تقريبا خاصة في الولايات المتحدة الامريكية - اين ناهزت نسبة التضخم 7 في المائة في ديسمبر 2021، وهو مستوى لم يشهده الاقتصاد الأمريكي منذ ثمانينات القرن الماضي- يمكن ان تحد من تنامي الطلب العالمي اجمالا و خاصة الطلب على النفط و هو ما من شانه ان يحد من الارتفاع المتواصل لسعر البترول. و بالتالي فان هذه الفرضية تعتبر نسبيا مقبولة رغم الارتفاع المسجل في الفترة الأخيرة لأسعار والتي ناهزت 85 دولارا للبرميل الواحد.

واما فيما يتعلق بفرضية سعر صرف الدولار مقابل الدينار التونسي والتي حددت بـ 2.92 دينار للدولار الواحد فإنها تعتبر كذلك واقعية باعتبار حرص السلطات التونسية في السنوات الثلاث الأخير على تلافي أي انحدار كبير لقيمة الدينار قي سوق الصرف المحلية لما لذلك من اثار سلبية على استقرار الأسعار وعلى تفاقم حجم الدين العمومي والدين الخارجي. 

وفيما يخص النقطة الثانية المتصلة بمدى نجاعة الإجراءات الجبائية المصاحبة لقانون الميزانية في إيقاف نزيف المالية العمومية، فإننا نعتقد بان هذه الإجراءات جاءت بالأساس للتقليص ولو بجزء صغير في عجز ميزانية الدولة ولكنها لا يمكن لها ان تحفز الاستثمار او ان تعيد الثقة للمستثمرين المحليين والأجانب للشروع في مشاريع استثمارية جديدة بما يتيح فرص نمو جدية قادرة على الترفيع في الموارد الذاتية للدولة وخلق مواطن شغل جديدة للحد منارتفاع نسب البطالة.

 وفيما يهم النقطة الثالثة والأخيرة حول مآل الوضع في صورة ما اذا  لم يتم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والانعكاسات التي يمكن ان تنتج عن ذلك خاصة في ما يتعلق بقدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية، وجب الإشارة في هذا الاطار بان الالتزامات المالية الخارجية التي يحل اجلها في 2022 تناهز 2230 مليون دينار تخص بالأساس القسط الأخير من قرض قطري بمبلغ 250 مليون دولار يحل اجله في افريل وقرض رقاعي بـ25 مليار يان ياباني يحل اجله في ديسمبر الى جانب قروض خارجية مختلفة يتم سدادها على فترات خلال سنة 2022 وتخص صندوق النقد الدولي بـ127 مليون دولار والعربية السعودية ب100 مليون دولار وصندوق النقد العربي بـ78 مليون دولار. وهوما يجعلنا نؤكد على قدرة تونس على الإيفاء بالتزاماتها الخارجية في 2022 باعتبار وان رصيدنا من العملة الأجنبية يناهز 23 مليار دينار بتاريخ 17 جانفي 2022.

ويبقى التحدي الأكبر بالنسبة للسنوات المقبلة هو قدرة الدولة على تحمل خدمة الدين وخاصة الخارجي منه عندما نعلم بحلول اجال إصدارات رقاعية ضخمة بالعملات الرئيسية الثلاث أي الأورو والدولار واليان الياباني في سنوات 2023  و2024 و2025. وهنا وجب التأكيد على ضرورة التقليص في عجوزات ميزانية الدولة للسنوات المقبلة حتى نتمكن من تغطية حاجيات التمويل الخارجي المتاتية بالأساس من حلول اجال هذه الإصدارات التي تم إصدارها في السنوات العشر السابقة دون الاخذ بعين الاعتبار للمخاطر التي يمكن ان تعترضها تونس لتعبئة موارد خارجية جديدة على الأسواق المالية بشروط مقبولة من حيث كلفة الاقتراض واجال التسديد.

 

الأحكـــــــــــــام المتعلّقــــــــــة بالأنشطـــــــــة 

غيــــــر المصّــــــــــــــــــرح بها وبالعفـــــــو الجبائــــــــي

 

تقديــــــم: محمّد الصّالح العيّـــــــــــاري 

مستشــــار جبــــائي 

أستــــــاذ جــامــــــعي 

عضــو المجلـس الوطـني للجبايـة

توطئــــــــــــــة:

لقد تمّ التّنصيص على هذه الأحكام ضمن الفصلين 66 و67 من المرسوم عدد 21 لسنة 2021 المؤرّخ في 28 ديسمبر 2021، المتعلّق بقانون المالية لسنة 2022 

وتهدف الأحكام المضمّنة بهذين الفصلين إلى حثّ الأشخاص الذّين لم يقوموا: 

  • بالتّصريح بالمداخيل والأرباح المتأتية من أنشطة غير مصرّح بها
  • أو بخلاص الدّيون المثقلّة لدى قباضات المالية

وذلك لتسوية وضعيتهم حسب الشّروط والإجراءات التّالية:

  1. تسويــــــــة الوضعيــــــــــة الجبائيـــــــــــة للأشخــــــــــاص الطّبيعييــــــــن بعنــــــــــوان المداخيــــــــــل والأربــــــــــاح المتأتّيـــــــــــة مــــــــن أنشطــــــــــة غيـــــــــر مصــــــرّح بهــــــا (الفصـــــــل 66):

نظرا للتّأثير السّلبي للقطاع الموازي على القطاع المنظّم من ناحية، وعدم مساهمته في القيام بالواجب الجبائي وتدعيم السّيولة المالية لدى البنوك من ناحية أخرى، بادر المشرّع بسنّ بعض الإجراءات التّي من شأنها أن تساعد في الحدّ من هذه الظّاهرة وذلك كما هو مبيّن كالآتي: 

  • تمكين الأشخاص الطّبيعيين الذّين بحوزتهم مبالغ متأتية من أنشطة خاضعة للأداء وغير مصرّح بها والذّين يقومون بإيداع هذه المبالغ في أجل أقصاه موّفى شهر جوان 2022 بحساب بنكي أو بريدي، من إبراء ذمّتهم من الناحية الجبائية وذلك في حدود المبالغ المودعة على أن يتمّ دفع ضريبة تحررية بنسبة 10% من المبالغ المذكورة.
  • ويتمّ هذا الإجراء عن طريق مطلب للإنتفاع يودع للغرض من قبل المعني بالأمر لدى البنك أو الديوان الوطني للبريد المودع لديه المبالغ المشار إليها أعلاه.
  • ويتوّلى البنك أو الديوان الوطني للبريد المفتوح لديه الحساب البنكي أو البريدي الذي تم فيه إيداع المبالغ المذكورة خصم الضريبة المحدّدة بـــــ 10% ودفعها إلى خزينة الدولة على أساس تصريح حسب نموذج تعده الإدارة يتضمّن المعطيات المتعلّقة بالمودعين وقيمة المبالغ المودعة ومبلغ الضريبة التحررية المخصومة وذلك في أجل لا يتجاوز الثمانية والعشرين يوما الأولى من الشهر الموالي للشّهر الذّي تمّ خلاله إيداع المبالغ المنتفعة بالإجراء.
  • ويترّتب عن الإخلال بواجب خصم الضريبة ودفعها لخزينة الدولة تطبيق نفس العقوبات الجاري بها العمل في مادّة خصم الأداء من المورد.
  • وقد تمّ التّأكيد بأنّ الضّريبة المدفوعة تكون تحررية من كلّ الأداءات والضرائب والمعاليم والخطايا المستوجبة طبقا للتشريع الجبائي الجاري به العمل على المداخيل أو الأرباح المصرّح بها والمحقّقة إلى غاية تاريخ إيداع المبالغ المذكورة بالحساب البنكي أو البريدي.
  • ولا تطبق هذه الأحكام على المطالبين بالأداء الذين تم تبليغهم قبل موفى شهر جوان 2022 إعلاما مسبقا بمراجعة جبائية.
  • غير أنّ المشرّع استثنى من هذه الأحكام المبالغ المتأتية من مصدر غير مشروع أو المرتبطة بفعل يجرمه القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 7 أوت 2015 المتعلّق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال كما تمّ تنقيحه بالقانون الأساسي عدد 9 لسنة 2019 المؤرّخ في 23 جانفي 2019 وذلك لتجنّب إمكانية إعادة إدراج تونس ضمن القائمة السّوداء.

ملاحظة هامّة: 

تعتبر هذه الخطوة إيجابية لتمكين الأشخاص الذّين ينشطون بالخصوص في القطاع الموازي من تسوية وضعيتهم غير أنّه، وفي صورة عدم الاستجابة للإجراءات سالفة الذّكر، فإنّ الحلّ الجذري يكمن في تغيير العملة وذلك لوضع حدّ للتّأثير السّلبي للقطاع الموازي على القطاع المنظّم من ناحية ولإلزامه بالقيام بواجبه الجبائي وتحمّل الأعباء الإجتماعية إزاء الصّندوق الوطني للضّمان الإجتماعي من ناحية أخرى 

  1. تيسيــــر تسويـــــــة وضعيـــــة الأشخـــــاص بعنــــــوان الدّيــــون الجبائيـــــة المثقلّــــة والخطايـــا والعقوبــــات الماليـــة والإغفــــالات المتعلّقــة بالتّصريح بالأداء والتّصاريح الجبائيــــة المنقوصــــة والمخالفــــات الدّيوانيـــة (الفصل 67): 

يعتبر العفو الجبائي سلاح ذو حدّين لأنّه لا ينصف الأشخاص الذّين يحترمون القيام بواجبهم الجبائي، في حين أنّ المتهرّبين والمتلّكئين يغتنمون هذه الفرصة لتسوية وضعيتهم الجبائية على أقساط مع الانتفاع بالتّخلي عن خطايا التّأخير. 

ولكن ومن جهة أخرى، فإنّ الدّيون الجبائية المثقلّة لدى قباضات المالية تناهز 10 مليار دينار حسب آخر تقرير لمحكمة المحاسبات، في حين أنّ ميزانية الدّولة في حاجة أكيدة لموارد جبائية إضافية وعلى هذا الأساس، تمّ إقرار عفو جبائي يشمل التّسويات التّالية:  

  1. تسوية الدّيون الجبائية والتّي يمكن تلخيصها كالآتي:
  • يتمّ التخلّي عن خطايا التأخير في دفع الأداءات الراجعة للدولة وكذلك خطايا الاستخلاص ومصاريف التّتبع المتعلّقة بهذه الأداءات باكتتاب روزنامة دفع في شأنها في أجل أقصاه 30 أفريل 2022 وتسديد المبالغ المتخلّدة بالذّمة على أقساط ثلاثية لفترة أقصاها خمس سنوات وذلك بالنّسبة إلى:
  • الديون الجبائية المثقّلة بحسابات قباض المالية قبل غرّة جانفي 2022،
  • الديون الجبائية غير المثقلّة بحسابات قباض المالية قبل غرّة جانفي 2022 والتّي تمّ في شأنها إبرام صلح قبل غرّة ماي 2022 أوالمضمّنة بقرارات توظيف إجباري تمّ تبليغها قبل نفس هذا التاريخ.
  • الديون الجبائية المستوجبة بمقتضى أحكام قضائية تتعلّق بنزاعات أساس الأداء والمثقلّة قبل غرّة ماي 2022.

ويطبّق الإجراء المذكور على المعلوم على المؤسّسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية وعلى المعلوم على النزل وعلى معلوم الإجازة.

  1. تسوية الخطايا والعقوبات المالية والخطايا الجبائية الإدارية وذلك على النّحو التّالي: 
  • يتمّ التخلّي عن 50% من مبلغ الخطايا والعقوبات المالية والخطايا المتعلّقة بالمخالفات الجبائية الإدارية المثقلّة قبل 25 أفريل 2022 وكذلك مصاريف التتّبع المتعلّقة بها وذلك باكتتاب روزنامة دفع في أجل أقصاه 30 أفريل 2022 وتسديد المبالغ المتّبقية على أقساط ثلاثية لفترة أقصاها خمس سنوات.
  • ولا تطبق أحكام هذه الفقرة على الخطايا والعقوبات المالية المتعلّقة بالشيكات دون رصيد
  1. تسوية المخالفات والجنح الديوانية موضوع محاضر ديوانية أو أحكام قضائية كما يلي: 
  • يمنح تخفيض في مبلغ الخطايا الديوانية موضوع محاضر ديوانية أو تلك المحكوم بها في قضايا ديوانية قبل غرة جانفي 2022 وذلك وفقا لإحدى الصيغتين التاليتين:
  • دفع كامل مبلغ المعاليم والأداءات المستوجبة وما تبقى من الخطايا قبل غرّة جانفي 2023 على أن يتمّ إيداع مطلب في الغرض لدى الإدارة العامة للديوانة قبل تاريخ 1 نوفمبر 2022.
  • أو اكتتاب روزنامة في دفع كامل مبلغ المعاليم والأداءات المستوجبة وما تبقّى من الخطايا قبل غرّة جويلية 2022 على أقساط ثلاثية لفترة أقصاها خمس سنوات يدفع القسط الأول عند إبرام الروزنامة.
  • ويتمّ التّخفيض على النّحو التّالي:
  • 90% من مبلغ الخطايا الذّي لا يفوق 1 مليون دينار،
  • 95% من مبلغ الخطايا الذّي يفوق 1 مليون دينار.

كما يمكن للأشخاص المنتفعين بتسوية صلحية جارية الانتفاع بهذا التخفيض.

  1. تدارك الاغفالات المتعلّقة بالتّصريح بالأداء وبإيداع التصاريح الجبائية التّصحيحية:

يتمّ التخلّي عن الخطايا المستوجبة بموجب أحكام الفصول 81 و82 و85 من مجلّة الحقوق والإجراءات الجبائية وذلك بالنّسبة إلى التصاريح الجبائية بما في ذلك العقود والكتابات والتصاريح المتعلّقة بمعاليم التسجيل والتّي حلّ أجلها قبل 31 أكتوبر 2021 ولم يشملها التقادم والمودعة ابتداء من غرّة جانفي 2022 وإلى غاية 30 أفريل 2022 شريطة دفع أصل الأداء المستوجب حسب الحالة عند إيداع التصريح أو عند إجراء التسجيل. 

ويشمل هذا الإجراء التصاريح التّي هي في حالة إغفال وكذلك التصاريح التصحيحية حتى وإن تمّ إيداعها إثر تدخل مصالح الجباية أو إثر تبليغ إعلام بنتائج مراجعة جبائية.

  1. أحكام مشتركة:
  • تضبط روزنامة الدفع المنصوص عليها بالأعداد 1 و2 و3 سالفة الذّكر حسب صنف المدين والمبلغ المتبّقي للاستخلاص من أصل الدين الجبائي أو من الخطايا الديوانية والآجال القصوى وعدد الأقساط الثلاثية للدفع بقرار من وزير المالية.
  • بصرف النّظر عن الأحكام السابقة من هذا الفصل، يمكن، بناء على طلب معلل يقدمه المطالب بالأداء إلى قابض المالية أو قابض الديوانة مرجع النّظر، التّرخيص في التّمديد في روزنامات الدفع على ألاّ تتعدى الفترة القصوى المحدّدة بـخمس سنوات.
  • يتمّ تعليق إجراءات التّتبع بالنّسبة لكلّ مدين يلتزم بتسديد الأقساط المستوجبة في آجالها.

ويترّتب عن كل قسط حلّ أجل دفعه ولم يتم تسديده استئناف التتبعات القانونية لاستخلاصه.

  • توظّف على كلّ قسط غير مدفوع في الأجل المحدّد بالروزنامات المكتتبة خطية تأخير بــ0,75% عن كلّ شهر أو جزء من الشهر تحتسب بداية من انتهاء هذا الأجل.
  • يسقط حقّ الانتفاع بأحكام التخلّي المنصوص عليها بهذا الفصل بمرور 180 يوما من انتهاء الأجل المحدّد بالروزنامة لدفع أي قسط من أقساط الدين موضوع هذه الروزنامة وتبقى المبالغ غير المدفوعة مستوجبة أصلا وخطايا دون طرح.
  • بصرف النّظر عن الروزنامة المنصوص عليها بالفقرات السابقة من هذا الفصل، تطبّق أحكام الفصل 33 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية المتمثّلة في طرح الدّيون الجبائية المثّقلة وذلك من مبالغ الأداء موضوع قرارات إرجاع،
  • لا يمكن أن يؤدّي تطبيق إجراءات التخلّي المنصوص عليها بهذا الفصل إلى إرجاع مبالغ لفائدة المدين أو مراجعة الإدراج المحاسبي للمبالغ المسدّدة باستثناء الحالات التّي صدر في شأنها حكم بات،

ملاحظة هامّة: 

لا يحول الانتفاع بالأحكام السابقة دون ممارسة المطالب بالأداء لحقوقه في التقاضي واسترجاع مبالغ الأداء الزائدة.

 

الأستاذ الجامعي وعضو مجلس إدارة البنك المركزي السابق، فتحي النوري:

من الضروري تحديد سقف أقصى للتداين لا يمكن تجاوزه في قانون المالية

 

في بداية مداخلتي اود ان اشير الى اهمية وثيقة اقتصادية تعتمدها غالب الدول عند تحديد اهم الفرضيات التي تبنى عليه الموازنة العامة للبلاد الا وهو الميزان الاقتصادي الذي  يمثل  الانجاز  السنوي  لمنوال التنمية بابعاده الثلاثة  التوازن الاقتصادي العام نتائج التنمية الجهوية والتنمية القطاعية في  تونس  تخلينا  منذ  بداية  الثورة  على مناقشة  هذه الوثيقة  واصبحنا  نعتمد  على النمو الاقتصادي كرقم يتداوله الجميع بدون الاطلاع على اهم مصادر هذا ماالنمو او  اهم  الصعوبات  التي  تجعل  منه  رقما ضعيفا كما هو عليه  الحال  في  تونس.  اذكر  هنا بانه  كان المجلس  الاقتصادي والاجتماعي  هو المركز الاساسي الذي يتابع تطور انجاز منوال التنمية ويمد مجلس النواب بأهم التوصيات لإصلاح هذا المنوال ما  يؤلمني  ان  اليوم  هو   تخلي  كل  الحكومات  على  هذه  المؤسسة  الهامة  لمتابعة  النمو الاقتصادي  والتي كانت هي  مصدر الهام السادة النواب.

اما اختيار سعر النفط الذي يلاحظ كل المتابعين لتطور الميزانية بانه دائما لا يتلاقى مع السعر العالمي لهذه البضاعة الهامة اعتقد بانه ان الأوان لتوضيح

كيفية تحديد  مستوى هذا السعر  مثلا  هل هو سعر توازن  الميزانية كما هو الشأن بالنسبة لدول الخليج ام هو سعر  توازن الموارد الجبائية وغير الجبائية للطاقة في تونس مع نفقات الدعم في هذا السياق اطلب من الجهة المسؤولة في وزاة المالية او الصناعة والطاقة توضيح هذه الاشكالية.

بعد هذه الملاحظات الهامة والتي اتمنى ان تجد الاذان الصاغية  للتفاعل  معها  واصلاح ما يجب اصلاحه كما اشرت اليه سابقا اود ان اتعرض ايضا الى اشكالية التداين وما يخلفه سنويا من جدال بين المتدخلين والمتابعين للشان الاقتصتدي الوطني وفي هذا  السياق  اقترح  ان  يقع  تحديد  سقف اقصى للتداين لا يمكن تجاوزه  اخترت 80 بالمائة مع نسبة نمو مقدرة بـ3  بالمائة وذلك استئناسا  بما هو معمول به لدى الدول الأوروبية وعلى هذا الأساس يتم تحديد حجم الميزانية مع التحكم في النفقات غير الضرورية.

اما التواصل والتعامل مع الصندوق الدولي الايطالي بالإصلاحات اقترح اولا فتح حوار جدي ورسمي عاجلا مع الشريك الاجتماعي الذي اصبح شريكا سياسيا في اخر القرار  بعد  الثورة الذي ادعوه ان يضع  مصلحة  الوطن  فوق كل  اعتبار  ويتفهم  خصوصية  المرحلة الدقيقة التي تمر بها  البلاد وان يتخلى عن الأفكار المتصلبة على غرار التفويت يعني تسريح العمال ثم ادعو رئيسة الحكومة ان تاذن بفتح هذا  الملف وتبادر بالاتصال مع المديرة العامة  للصندوق قصد  تذليل  بعض الصعوبات.

في النهاية  اود تكرار ما  ناديت به منذ اندلاع  الثورة هو استرجاع نسق النمو الذي يخلق الثورة وذلك بتطوير السياسات القطاعية وحث كل قوى الانتاج على تطوير قدراتها على الانتاج مع تعهد الدولة ووسائل الاعلام بتوفير مناخ ملائم لذلك  وادعو الى ضرورة ان نترفع عن وضع الحواجز لنمر الى خلق مناخ ايجابي ومشجع للاستثمار الخاص والعام، وان نسعى الى كتابة مستقبل افضل لتونس  بالحبر الذهبي عوض عن الحبر الأحمر لتحديد الخطوط الممنوع تجاوزها حسب الشريك الاجتماعي..

 

د.آرام بلحاج 

أستاذ جامعي وباحث مختص في الاقتصاد.

رغم منطقية فرضياته قانون المالية جاء كأداة متواضعة لدفع عجلة التنمية والانطلاق الفعلي في الاصلاحات الهيكلية

 

ما من شك أن قوانين المالية السابقة التي ميّزت العشرية الاخيرة لم تؤدّ في المجمل إلى تحقيق الاهداف التي رسمت من أجلها هذه القوانين. فلا نسبة النمو الإقتصادي شهدت ارتفاعا ملحوظا، ولا الإصلاحات المطلوبة التي تأخرت كثيرا شهدت تقدّما كبيرا. والملاحظ أن نقطة التقاء كل القوانين السابقة هي غياب الرؤية ووجود التوظيف السياسي ودعم اقتصاد الريع على حساب الافراد أو الشركات الصغيرة والمتوسطة.

ولئن مثّل قانون المالية لهاته السنة فرصة كبيرة للقطع مع الماضي فإنّ الأحداث السياسية والاقتصادية التي شهدتها تونس مؤخرا جعلت من هذا القانون أداة متواضعة لدفع عجلة التنمية والانطلاق الفعلي في الاصلاحات الهيكلية . زد على ذلك تزايد الضغوطات الداخلية والخارجية، خاصّة تلك المتعلّقة بالمفاوضات المنتظرة مع صندوق النقد الدولي وبالشروط المفروضة لبقية الشركاء والمانحين.

لقد شهدت المالية العمومية تدهورا كبيرا خلال كل هذه السنوات الأخيرة، فنسبة عجز الميزانية انتقلت من 1 % من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2010 إلى 8.3% في سنة 2021 ويتوقع أن تتراجع هذه النسبة إلى 6.7% في أواخر 2022. وأما بالنسبة للدين العمومي ، فقد وصلت إلى حدود قياسية ، حيث انتقلت النسبة  من قرابة 40% من الناتج الداخلي الخام إلى 85.6% في سنة 2021 ويتوقع أن تنخفض لتبلغ 82.6%في اواخر 2022. ويعزى هذا التدهور الملحوظ إلى الخيارات الاقتصادية والاجتماعية الخاطئة التي تسببت فيها كل الحكومات السابقة.

وبالرغم من التراجع المتوقع في نسبة العجز ونسبة المديونية فإن قانون سنة2022 لن يكون نقطة انطلاق حقيقية في اصلاح المالية العمومية. فخلافا لما تم الإعلان عنه في السابق من الاتجاه نحو التقشف في المصاريف والبدء في الاصلاحات المطلوبة، فإن قانون المالية لهذه السنة لم يختلف في المضمون بالمقارنة مع القوانين السابقة ، بل وكرّس اتّجاهات معاكسة لما كان معلنا. فكتلة الاجور ارتفعت إلى 21.5 مليار دينار بعد ان كانت 20.3 مليار دينار في السنة الفارطة . كذلك الدعم الذي بلغ مستوى قياسي في حدود 7.2 مليار دينار بعد أن كان  6 مليار دينار في 2021 . وأخيرا ، حجم القروض المبرمجة الذي حافظ على نفس المستوى تقريبا ليكون في حدود 19.9 مليار دينار بين قروض خارجية (12.6 مليار دينار) وقروض داخلية (7.3مليار دينار).

الأدهى والأمر أن النفقات المخصّصة للاستثمار شهدت تراجعا هذه السنة لتستقرّ في حدود 4.1 مليار دينار وهو تمش خاطئ كسابقيه. وحتّى الاجراءات المطلوبة التي كان ليكون لها الأثر الإيجابي على المالية العمومية لم تحظ  بالاهتمام اللازم،  رغم وجود بعض الفصول الإيجابية في قانون هذــــه السنة. ومن بين هذه الإجراءات التي نادى بها الخبراء في السابق لتحسين المالية عمومية هي تطبيق نظام الفوترة الالكترونية ، مراجعة النظام التقديري وحصره في الفئة المستهدفة فعليّا، توظيف معلوم على العقارات الثابتة ، حلّ مشكلة الديون المتقاطعة بين المنشآت العمومية ودعم آليات الاستخلاص....و لعل ّ الاشكاليات التي طرحت من حيث الشكل وغياب المقاربة التشاركية، بالإظافة إلى غياب مخطّط تنموي ، كلّها عوامل جعلت من قانون المالية لهذه السنة امتدادا للأخطاء التي ارتكبت في السابق والتي أوصلت البلاد إلى الوضعية الاقتصادية والمالية الحالية .

ومن الواضح أنّ قانون المالية لسنة2022 يأتي في  فترة حساسة لتونس ، خاصة مع تراكم الأزمات: مالية ، اقتصادية، اجتماعية وسياسية. ولئن مثّل هذا القانون فرصة سانحة لإرسال اشارات ايجابية للمانحين الدوليين ، فإنّ الهنات التي شملت الشكل والمضمون تجعل من عملية المفاوضات مع صندوق النقد الدولي عملية معقّدة جدّا. فلا التشاركية التي طلبها الصندوق فُعّلت (بل بالعكس تمّ اصدار مرسوم رئاسي متعلق بقانون المالية) ولا الاصلاحات المطلوبة تمت بلورتها صلب هذا القانون(بل بالعكس ، تم الذهاب نحو الرفع في كتلة الأجور والدعم والتداين بدون اجراءات جدية في المقابل تمس المؤسّسات العمومية والاقتصاد الموازي واقتصاد الريع والوظيفة العمومية...)

 ورغم كلّ هذه الصعوبات والتحديات ، فإنّ المجال لا يزال متاحا لإقناع صندوق النقـــد الــــــــــدولي والشركاء ككلّ ببرنامج تونسي يحتوي على خيارات وطنية ويأخذ بعين الاعتبار الإكراهات الداخليـــة والضغوطات الخارجية .

ولعل الخطوة الأولى نحو الانفراج هي المصارحة والشفافية في تقديم المعلومات. فسياسة الهروب إلى الأمام  والانكار التي دأبت الحكومات السابقة على اتباعها لن تخدم تونس في قادم الايام، بل وستزيد الامر صعوبة، خاصة وأنّ ماضي العلاقات مع صندوق النقد الدولي ليس بمشرف.

وأما الخطوة الثانية فهي الإعلان عن خطة تنموية أين تحدّد من خلالها الخطوط العريضة والخطوات العملية من أجل إعادة النمو الإقتصادي إلى مستويات محترمة كما يجب أن تشمل الإصلاحات المطلوبة لتحقيق هذا النمو.

وأخيرا ، وجب اتباع خطّة تشاركية ( وهو مطلب صندوق النقد الدولي في حد ذاته ) . فلا السيد رئيس الجمهورية ،ولا الحكومة ، ولا الفاعلين الإقتصاديين قادرين على انقاذ تونس وإنجاح التجربة الديمقراطية باتباع سياسة الانفراد بالرأي والانعزال. ولعل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لهي آخر فرصة لجمع الشتات والانطلاق في اصلاح ما فات.

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews