إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

سعر صرف الدولار أقلّ من 2,900 دينار بين البنوك.. تعافي الاقتصاد التونسي يمرّ عبر محافظة الدينار على صلابته

حقّق الدينار التونسي طيلة الأشهر الأخيرة مكاسب متواصلة أمام العملات الأجنبية، حيث ارتفع بنسبة 9,4 % أمام الدولار الأمريكي و3,3 % أمام الين الياباني، مع نهاية شهر سبتمبر، مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2024، وفق تقرير نشره، مؤخرًا، البنك المركزي.

وانخفض سعر صرف الدولار إلى أقلّ من 2,900 دينار في السوق بين البنوك، يوم الأربعاء 24 ديسمبر الجاري، بحسب مؤشرات البنك المركزي.

وتدلّ هذه المؤشرات على حدوث توازن ملموس في سوق الصرف جراء الثقة في استقرار العملة المحلية ومتانة النظام المالي التونسي.

وفي هذا الصدد، أورد المحلل المالي والأستاذ الجامعي زياد أيوب في تصريح لـ«الصباح» أن الأسباب الخارجية، وهي انخفاض سعر صرف العملة الأمريكية (الدولار)، تُعدّ أحد العوامل الهامة التي نتج عنها تحسّن سعر صرف الدينار التونسي، إلا أنه لم يكن بالإمكان تحقيق ذلك دون توفّر أرضية داخلية مناسبة، بما أنه خلال العشرية التي تلت الثورة بقي سعر صرف الدينار التونسي منخفضًا رغم تراجع الدولار في فترات عديدة ومتفاوتة.

تعافي الاقتصاد التونسي

وأكد مُحدّثنا في تصريح لـ»الصباح» أن تعافي الاقتصاد الوطني يمرّ عبر حفاظ الدينار التونسي على صلابته وتحقيقه لمكاسب أمام الدولار والأورو، وهو ما فسّر أن تدهور العديد من المؤشرات الاقتصادية بعد الثورة كان انعكاسا واضحا لتراجع سعر صرف الدينار.

وذكر مُحدّثنا أنه في السنوات الأخيرة بدأت العملة المحلية في الدخول في فترة تحسّن حقيقي، مما كان له أثر إيجابي على الانتعاش التدريجي للاقتصاد الوطني، حيث تحسّنت بدورها نسبة النموّ وتراجعت نسبة التضخّم، وعرفت الاستثمارات، لا سيما الخارجية، تدفّقات هامة.

وذكر زياد أيوب أن من المؤشرات الاقتصادية الأخرى التي شهدت تطورًا بسبب خروج الدينار التونسي من بوتقة التراجع عدم تفاقم عجز الميزانية العامة، إذ إن مصاريف الدولة عادة ما تكون أقلّ تكلفة بسبب تماسك الدينار، ومن ضمنها كلفة التوريد، وهي كلفة في صورة انخفاضها من شأنها أن لا تزيد من الأعباء المالية للدولة.

وتعرف تونس ارتفاعًا من حيث كلفة توريد القمح والمواد الطاقية على غرار النفط والغاز الطبيعي، وجميعها تستوردها تونس بالعملة الصعبة، خاصة بالدولار، لتغطية حاجياتها الغذائية والطاقية سواء لمتساكنيها أو لمؤسساتها، أساسا الصناعية.

وأوضح زياد أيوب أنه عندما تتقلّص كلفة التوريد فإن الدولة سيُصبح بإمكانها أن تتحكم بطريقة ناجعة في كلفة الدعم، بما أن المواد الطاقية والحبوب تُصنّف في خانة المواد المُدعّمة في بلادنا.

وذكر زياد أيوب أن انخفاض مصاريف الدولة ليس لوحده من مزايا تحسّن الدينار التونسي، بل أيضًا تقلّص عجز الميزان التجاري.

وبلغ العجز التجاري 20168,5 مليون دينار إلى موفى نوفمبر 2025، فيما بلغت قيمة الصادرات 57916,6 مليون دينار مقابل 57056,9 مليون دينار خلال الأشهر الإحدى عشر الأولى من سنة 2024. أما الواردات فقد بلغت 78085,1 مليون دينار خلال الأشهر الإحدى عشر الأولى من سنة 2025 مقابل 73815,4 مليون دينار تم تسجيلها خلال نفس الفترة من سنة 2024، بحسب مؤشرات صدرت، مؤخرًا، عن المعهد الوطني للإحصاء، في نشرية حول «التجارة الخارجية بالأسعار الجارية، نوفمبر 2025».

وأضاف المحلل المالي والأستاذ الجامعي أن رحلة صعود الدينار التونسي رحلة إيجابية على مستوى تخفيف الضغوط على خدمة الدين الخارجي ونسبة الفائدة المخصّصة للاقتراض الخارجي، وبالتالي ستُساهم في تراجع المديونية من حيث الكلفة.

بوادر تحفيزية للتونسيين بالخارج والمستثمرين

ويحمل الدينار التونسي من خلال ارتفاعه أمام عدد من العملات الرئيسية بوادر تحفيزية حقيقية للمستثمرين الأجانب والمحليين وحتى التونسيين بالخارج، إذ قال زياد أيوب إن التونسيين بالخارج، عند رغبتهم في الاستثمار سواء في العقارات أو الاستثمار المؤسساتي عبر بعث شركات اقتصادية، يبحثون في البداية وقبل الانطلاق الرسمي في مسار الاستثمار عن عملة مستقرة في بلدهم الأم، حتى يضمنوا أن مدّخراتهم المالية أو عقاراتهم في أمان، وهي حالة من الاطمئنان يتم بعثها أيضًا لدى المستثمرين الذين ينوون التوجّه إلى السوق التونسية للاستثمار، إذ إنهم يفكّرون في تحقيق مرابيح ذات قيمة صاعدة أو ثابتة جراء استثماراتهم، ولا تعرف بالتالي تذبذبًا وتقهقرًا.

دور البنك المركزي

وبحسب زياد أيوب، فقد قام البنك المركزي بدوره كما يجب لحماية العملة المحلية من أي مخاطر محتملة قد تؤدي إلى انزلاقها ولمزيد تماسكها.

ويشترك الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي ماهر قعيدة مع زياد أيوب في أن للبنك المركزي دورًا بارزًا للإحاطة الجيدة بالدينار التونسي، حيث أفاد أن مؤسسة الإصدار قد حافظت على نسبة فائدة مديرية مرتفعة نسبيًا، في حين كان في كل مرة خفض نسبة الفائدة تدريجيًا وبنسب ضعيفة، وهي إجراءات أدت إلى تراجع نسبة التضخم بالتوازي مع ارتفاع سعر صرف الدينار التونسي.

ويرى ماهر قعيدة في تصريح لـ«الصباح» أنه لا وجود لبوادر تدلّ على أن الدولار يتجه للارتفاع، مما قد يؤثر على سعر صرف الدينار التونسي، بل إن هناك مؤشرات تُحيل إلى أن إمكانية مزيد تراجع الدولار واردة وبقوة العام القادم 2026، في ظل استعداد دول البريكس، من ضمنها روسيا والصين والبرازيل والهند، لإصدار عملة موحّدة، وهو ما يعني تخليها عن التعامل بالدولار في تعاملاتها التجارية الدولية.

وبحسب ماهر قعيدة، فإن الأداء التصديري القوي للعديد من القطاعات كان له وقع كبير على زيادة سعر صرف الدينار التونسي.

وسجّلت الصادرات التونسية ارتفاعًا في قطاع الفسفاط ومشتقاته بنسبة (+12 %) وقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة (+7,8 %) خلال الأشهر الإحدى عشر الأولى من سنة 2025.

وأفاد الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي ماهر قعيدة أن تحقيق مؤشرات طيبة خلال الموسم الفلاحي الفارط 2024/2025، خاصة على مستوى زيت الزيتون والتمور، بالتوازي مع ارتفاع مداخيل السياحة وعائدات السياحة، عوامل منحت الدينار التونسي أريحية كبيرة مقابل العملات الأجنبية.

وبلغت أعداد الوافدين على تونس رقمًا قياسيًا، حيث تم تجاوز 11 مليون سائح، وذلك قبل نهاية هذا العام، وبلغت العائدات السياحية 7.886,8 مليون دينار إلى غاية 20 ديسمبر، مسجّلة نسبة نمو بـ6,3 %، بينما بلغت تحويلات مغتربي تونس 8.466,8 مليون دينار إلى حدود 20 ديسمبر 2025، مقابل 7.990,9 مليون دينار خلال الفترة نفسها من سنة 2024، أي محقّقة زيادة بأكثر من 6 %.

ولعلّ هذه المكاسب التي تمكّن الدينار التونسي من بلوغها لا بدّ من تعزيزها، إذ ذكر زياد أيوب أنه يجب عدم استنزاف احتياطي تونس من العملة الأجنبية والعمل على تدعيمه، إضافة إلى مزيد التشجيع على التصدير وترشيد الواردات والإحاطة بالمنتوج التونسي وتطويره، وتثمين نجاح البنك المركزي في الحيلولة دون تراجع الدينار التونسي.

درصاف اللموشي

سعر صرف الدولار أقلّ من 2,900 دينار بين البنوك..     تعافي الاقتصاد التونسي يمرّ عبر محافظة الدينار على صلابته

حقّق الدينار التونسي طيلة الأشهر الأخيرة مكاسب متواصلة أمام العملات الأجنبية، حيث ارتفع بنسبة 9,4 % أمام الدولار الأمريكي و3,3 % أمام الين الياباني، مع نهاية شهر سبتمبر، مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2024، وفق تقرير نشره، مؤخرًا، البنك المركزي.

وانخفض سعر صرف الدولار إلى أقلّ من 2,900 دينار في السوق بين البنوك، يوم الأربعاء 24 ديسمبر الجاري، بحسب مؤشرات البنك المركزي.

وتدلّ هذه المؤشرات على حدوث توازن ملموس في سوق الصرف جراء الثقة في استقرار العملة المحلية ومتانة النظام المالي التونسي.

وفي هذا الصدد، أورد المحلل المالي والأستاذ الجامعي زياد أيوب في تصريح لـ«الصباح» أن الأسباب الخارجية، وهي انخفاض سعر صرف العملة الأمريكية (الدولار)، تُعدّ أحد العوامل الهامة التي نتج عنها تحسّن سعر صرف الدينار التونسي، إلا أنه لم يكن بالإمكان تحقيق ذلك دون توفّر أرضية داخلية مناسبة، بما أنه خلال العشرية التي تلت الثورة بقي سعر صرف الدينار التونسي منخفضًا رغم تراجع الدولار في فترات عديدة ومتفاوتة.

تعافي الاقتصاد التونسي

وأكد مُحدّثنا في تصريح لـ»الصباح» أن تعافي الاقتصاد الوطني يمرّ عبر حفاظ الدينار التونسي على صلابته وتحقيقه لمكاسب أمام الدولار والأورو، وهو ما فسّر أن تدهور العديد من المؤشرات الاقتصادية بعد الثورة كان انعكاسا واضحا لتراجع سعر صرف الدينار.

وذكر مُحدّثنا أنه في السنوات الأخيرة بدأت العملة المحلية في الدخول في فترة تحسّن حقيقي، مما كان له أثر إيجابي على الانتعاش التدريجي للاقتصاد الوطني، حيث تحسّنت بدورها نسبة النموّ وتراجعت نسبة التضخّم، وعرفت الاستثمارات، لا سيما الخارجية، تدفّقات هامة.

وذكر زياد أيوب أن من المؤشرات الاقتصادية الأخرى التي شهدت تطورًا بسبب خروج الدينار التونسي من بوتقة التراجع عدم تفاقم عجز الميزانية العامة، إذ إن مصاريف الدولة عادة ما تكون أقلّ تكلفة بسبب تماسك الدينار، ومن ضمنها كلفة التوريد، وهي كلفة في صورة انخفاضها من شأنها أن لا تزيد من الأعباء المالية للدولة.

وتعرف تونس ارتفاعًا من حيث كلفة توريد القمح والمواد الطاقية على غرار النفط والغاز الطبيعي، وجميعها تستوردها تونس بالعملة الصعبة، خاصة بالدولار، لتغطية حاجياتها الغذائية والطاقية سواء لمتساكنيها أو لمؤسساتها، أساسا الصناعية.

وأوضح زياد أيوب أنه عندما تتقلّص كلفة التوريد فإن الدولة سيُصبح بإمكانها أن تتحكم بطريقة ناجعة في كلفة الدعم، بما أن المواد الطاقية والحبوب تُصنّف في خانة المواد المُدعّمة في بلادنا.

وذكر زياد أيوب أن انخفاض مصاريف الدولة ليس لوحده من مزايا تحسّن الدينار التونسي، بل أيضًا تقلّص عجز الميزان التجاري.

وبلغ العجز التجاري 20168,5 مليون دينار إلى موفى نوفمبر 2025، فيما بلغت قيمة الصادرات 57916,6 مليون دينار مقابل 57056,9 مليون دينار خلال الأشهر الإحدى عشر الأولى من سنة 2024. أما الواردات فقد بلغت 78085,1 مليون دينار خلال الأشهر الإحدى عشر الأولى من سنة 2025 مقابل 73815,4 مليون دينار تم تسجيلها خلال نفس الفترة من سنة 2024، بحسب مؤشرات صدرت، مؤخرًا، عن المعهد الوطني للإحصاء، في نشرية حول «التجارة الخارجية بالأسعار الجارية، نوفمبر 2025».

وأضاف المحلل المالي والأستاذ الجامعي أن رحلة صعود الدينار التونسي رحلة إيجابية على مستوى تخفيف الضغوط على خدمة الدين الخارجي ونسبة الفائدة المخصّصة للاقتراض الخارجي، وبالتالي ستُساهم في تراجع المديونية من حيث الكلفة.

بوادر تحفيزية للتونسيين بالخارج والمستثمرين

ويحمل الدينار التونسي من خلال ارتفاعه أمام عدد من العملات الرئيسية بوادر تحفيزية حقيقية للمستثمرين الأجانب والمحليين وحتى التونسيين بالخارج، إذ قال زياد أيوب إن التونسيين بالخارج، عند رغبتهم في الاستثمار سواء في العقارات أو الاستثمار المؤسساتي عبر بعث شركات اقتصادية، يبحثون في البداية وقبل الانطلاق الرسمي في مسار الاستثمار عن عملة مستقرة في بلدهم الأم، حتى يضمنوا أن مدّخراتهم المالية أو عقاراتهم في أمان، وهي حالة من الاطمئنان يتم بعثها أيضًا لدى المستثمرين الذين ينوون التوجّه إلى السوق التونسية للاستثمار، إذ إنهم يفكّرون في تحقيق مرابيح ذات قيمة صاعدة أو ثابتة جراء استثماراتهم، ولا تعرف بالتالي تذبذبًا وتقهقرًا.

دور البنك المركزي

وبحسب زياد أيوب، فقد قام البنك المركزي بدوره كما يجب لحماية العملة المحلية من أي مخاطر محتملة قد تؤدي إلى انزلاقها ولمزيد تماسكها.

ويشترك الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي ماهر قعيدة مع زياد أيوب في أن للبنك المركزي دورًا بارزًا للإحاطة الجيدة بالدينار التونسي، حيث أفاد أن مؤسسة الإصدار قد حافظت على نسبة فائدة مديرية مرتفعة نسبيًا، في حين كان في كل مرة خفض نسبة الفائدة تدريجيًا وبنسب ضعيفة، وهي إجراءات أدت إلى تراجع نسبة التضخم بالتوازي مع ارتفاع سعر صرف الدينار التونسي.

ويرى ماهر قعيدة في تصريح لـ«الصباح» أنه لا وجود لبوادر تدلّ على أن الدولار يتجه للارتفاع، مما قد يؤثر على سعر صرف الدينار التونسي، بل إن هناك مؤشرات تُحيل إلى أن إمكانية مزيد تراجع الدولار واردة وبقوة العام القادم 2026، في ظل استعداد دول البريكس، من ضمنها روسيا والصين والبرازيل والهند، لإصدار عملة موحّدة، وهو ما يعني تخليها عن التعامل بالدولار في تعاملاتها التجارية الدولية.

وبحسب ماهر قعيدة، فإن الأداء التصديري القوي للعديد من القطاعات كان له وقع كبير على زيادة سعر صرف الدينار التونسي.

وسجّلت الصادرات التونسية ارتفاعًا في قطاع الفسفاط ومشتقاته بنسبة (+12 %) وقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة (+7,8 %) خلال الأشهر الإحدى عشر الأولى من سنة 2025.

وأفاد الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي ماهر قعيدة أن تحقيق مؤشرات طيبة خلال الموسم الفلاحي الفارط 2024/2025، خاصة على مستوى زيت الزيتون والتمور، بالتوازي مع ارتفاع مداخيل السياحة وعائدات السياحة، عوامل منحت الدينار التونسي أريحية كبيرة مقابل العملات الأجنبية.

وبلغت أعداد الوافدين على تونس رقمًا قياسيًا، حيث تم تجاوز 11 مليون سائح، وذلك قبل نهاية هذا العام، وبلغت العائدات السياحية 7.886,8 مليون دينار إلى غاية 20 ديسمبر، مسجّلة نسبة نمو بـ6,3 %، بينما بلغت تحويلات مغتربي تونس 8.466,8 مليون دينار إلى حدود 20 ديسمبر 2025، مقابل 7.990,9 مليون دينار خلال الفترة نفسها من سنة 2024، أي محقّقة زيادة بأكثر من 6 %.

ولعلّ هذه المكاسب التي تمكّن الدينار التونسي من بلوغها لا بدّ من تعزيزها، إذ ذكر زياد أيوب أنه يجب عدم استنزاف احتياطي تونس من العملة الأجنبية والعمل على تدعيمه، إضافة إلى مزيد التشجيع على التصدير وترشيد الواردات والإحاطة بالمنتوج التونسي وتطويره، وتثمين نجاح البنك المركزي في الحيلولة دون تراجع الدينار التونسي.

درصاف اللموشي