إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تونس والاتحاد الأوروبي يعزّزان الشراكة الاقتصادية.. الاستثمارات تجاوزت 21 مليار دينار وإحداث أكثر من 680 مؤسسة جديدة

في سياق إقليمي ودولي يتّسم بتسارع التحوّلات الاقتصادية وتنامي المنافسة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية، تواصل تونس ترسيخ موقعها كشريك استراتيجي مميّز للاتحاد الأوروبي، مستندة إلى رصيد تاريخي من التعاون وإلى أرقام تعكس عمق هذه الشراكة. وقد بلغت الاستثمارات الأوروبية المباشرة في تونس نحو 21,5 مليار دينار، وهو ما يجسّد متانة العلاقات الاقتصادية بين الجانبين ودور الاتحاد الأوروبي كأول شريك اقتصادي لتونس.

ومنذ إقرار الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي سنة 2012، شهدت الاستثمارات الأوروبية نسقا تصاعديا تُرجم بوجود 3507 مؤسسات أوروبية ناشطة في مختلف القطاعات الاقتصادية.

وقد ساهمت هذه المؤسسات في خلق ما يقارب 442 ألف موطن شغل، ما جعل من الاستثمار الأوروبي رافدا أساسيا لدعم سوق الشغل وتحفيز النمو الاقتصادي، خاصة في الصناعات المعملية ومكوّنات السيارات، والكهرباء والإلكترونيك، والخدمات ذات القيمة المضافة العالية.

تعزيز مكانة تونس كمنصّة إقليمية جاذبة للاستثمار والتصدير

ويعزّز هذا التنوع من مكانة تونس كمنصّة إقليمية جاذبة للاستثمار والتصدير، موفّرا فرصا لتطوير القطاعات الإنتاجية والخدماتية وربط الاقتصاد التونسي بالأسواق الدولية. وتمّ خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2025 إحداث 686 مؤسسة جديدة في تونس، ما يعكس ديناميكية ملحوظة في مجال ريادة الأعمال والنشاط الاقتصادي الوطني. ويأتي هذا الرقم ليؤكّد الاهتمام المتزايد بالمبادرات الخاصة وتعزيز الاستثمار في مختلف القطاعات، سواء الصناعية أو الخدماتية أو التجارية، ويعكس هذا الإنجاز جهود سياسات الدولة الرامية إلى تشجيع الابتكار ودعم المشاريع الناشئة من خلال تسهيل الإجراءات الإدارية وتقديم التكوين والدعم المالي للمستثمرين وأصحاب المشاريع.

ريادة الأعمال وخلق فرص عمل جديدة

ويُبرز هذا التطوّر الأثر الإيجابي لريادة الأعمال في خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي المحلي، إلى جانب دوره في تحفيز المنافسة وتحسين جودة المنتجات والخدمات. كما يعكس هذا النشاط الحيوي مرونة الاقتصاد التونسي وقدرته على امتصاص التحديات الاقتصادية، فضلًا عن مساهمة المؤسسات الجديدة في تعزيز التنويع الاقتصادي وتقوية قاعدة الإنتاج الوطني.

ويؤكّد هذا الأداء المستمر أن ريادة الأعمال تمثّل ركيزة أساسية في استراتيجيات التنمية الوطنية، وأن دعم المشاريع الناشئة سيظل عنصرا محوريا لتحقيق نمو مستدام وخلق فرص عمل مستمرة للشباب ولجميع الفئات الاجتماعية.

دعم الشراكة الاستراتيجية بين تونس والاتحاد الأوروبي

تظلّ الشراكة الاستراتيجية بين تونس والاتحاد الأوروبي إحدى الركائز الأساسية لتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي في المنطقة المتوسطية، حيث تمثّل منصّة لتبادل الخبرات وتطوير المشاريع المشتركة في مختلف القطاعات الحيوية. وقد شهدت السنوات الأخيرة تكثيف الجهود لدعم هذه الشراكة من خلال تعزيز التنسيق المؤسسي بين الجانبين، وتوسيع برامج الاستثمار والتبادل التجاري، فضلًا عن تنظيم لقاءات وورشات عمل لتبادل الرؤى حول السياسات الاقتصادية والاستثمارية.

كما تركّز هذه الشراكة على دعم التنمية المستدامة، ونقل التكنولوجيا، وتطوير الكفاءات المحلية، بما يسهم في دفع النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة، ويؤكّد التزام الطرفين بمواصلة التعاون على المدى الطويل لتحقيق منافع مشتركة وتكامل اقتصادي أعمق بين تونس والاتحاد الأوروبي.

وفي خطوة تعكس متانة العلاقات الاقتصادية بين تونس والاتحاد الأوروبي، احتضنت وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، خلال الأسبوع الفارط، زيارة رسمية لوفد بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس، يتقدّمه رئيس قسم التجارة تييري بيرونجيه.

وتندرج هذه الزيارة في سياق دعم الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، عبر تعزيز التنسيق المؤسسي مع وزارة الاقتصاد والتخطيط والوكالة التونسية للنهوض بالاستثمار الخارجي، وفتح فضاء للحوار وتبادل الرؤى حول البرامج والمبادرات المشتركة الرامية إلى دفع الاستثمار وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي.

وقد سلّط هذا اللقاء، الذي عُقد مؤخرا حول الاستثمار الأوروبي في تونس، الضوء على فرص تعزيز جاذبية الاقتصاد الوطني وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

كما جاء في سياق الاهتمام بالشراكة التونسية–الأوروبية، حيث تناول الحضور سياسات تحسين مناخ الأعمال والإصلاحات التشريعية والمالية الرامية إلى تسهيل الاستثمار وتعزيز تنافسية تونس على المستويين الإقليمي والدولي. وقد شدّد المشاركون على أهمية تنويع القطاعات المستثمرة، بدءًا من الصناعة والخدمات مرورًا بالتكنولوجيا والفلاحة الحديثة، وصولًا إلى الطاقة المتجددة والسياحة، باعتبارها محرّكات رئيسية للنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.

ويُعدّ هذا اللقاء فرصة للتأكيد على قدرة تونس على أن تكون منصّة إقليمية جاذبة للاستثمار والتصدير بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي والإصلاحات الاقتصادية المتواصلة. كما يعكس التوجّه نحو تعزيز الشراكات الأوروبية رغبة تونس في دعم الاستقرار المالي والنمو المستدام، فضلًا عن فتح آفاق جديدة للشركات الأوروبية للاستفادة من فرص السوق التونسية والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية الوطنية.

ثلاثون سنة على شراكة تونس والاتحاد الأوروبي

وخلال سنة 2025 مرّت ثلاثون سنة على توقيع تونس والاتحاد الأوروبي اتفاقية الشراكة، وقد شهدت الصادرات التونسية نحو الاتحاد الأوروبي نموا ملحوظا على مدى ثلاثة عقود، إذ تضاعفت قيمتها أربع مرات بين عامي 1995 و2024، مما يعكس تنامي قدرة الصناعات التونسية على تلبية متطلبات السوق الأوروبية وتوسيع حضورها في مختلف القطاعات، خاصة في الصناعات المعملية والمنتجات ذات القيمة المضافة العالية.

في المقابل، سجّلت الواردات من الاتحاد الأوروبي ارتفاعا أقلّ نسبيا، حيث تضاعفت بنسبة 2,7 مرّات خلال الفترة نفسها، ما يعكس قدرة تونس على تعزيز ميزانها التجاري تدريجيًا وتقليص الفجوة بين الصادرات والواردات، وتعزيز موقعها كشريك اقتصادي في السوق الأوروبية.

وتعود العلاقات التجارية بين تونس والاتحاد الأوروبي إلى أكثر من خمسة عقود، حيث شكّل توقيع أول اتفاق تجاري سنة 1969 بين تونس والمجموعة الاقتصادية الأوروبية آنذاك حجر الأساس لمسار تعاون اقتصادي طويل الأمد. وقد تطوّرت هذه العلاقات بشكل تدريجي لتأخذ بعدا أكثر شمولية مع إبرام اتفاق الشراكة بين الجانبين سنة 1995، الذي أسّس لإطار قانوني وتنظيمي جديد يهدف إلى تعزيز المبادلات التجارية ودعم الإصلاحات الاقتصادية.

وبلغ هذا المسار مرحلة متقدّمة سنة 2008، مع دخول منطقة التبادل الحر الخاصة بالمنتجات الصناعية حيّز التنفيذ، وهو ما مكّن من تعزيز نفاذ الصادرات التونسية إلى السوق الأوروبية وتكريس اندماج أعمق للاقتصاد الوطني في الفضاء الاقتصادي الأوروبي، مؤكّدًا الطابع الاستراتيجي والمستدام لهذه الشراكة.

جهاد الكلبوسي

تونس والاتحاد الأوروبي يعزّزان الشراكة الاقتصادية..   الاستثمارات تجاوزت 21 مليار دينار وإحداث أكثر من 680 مؤسسة جديدة

في سياق إقليمي ودولي يتّسم بتسارع التحوّلات الاقتصادية وتنامي المنافسة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية، تواصل تونس ترسيخ موقعها كشريك استراتيجي مميّز للاتحاد الأوروبي، مستندة إلى رصيد تاريخي من التعاون وإلى أرقام تعكس عمق هذه الشراكة. وقد بلغت الاستثمارات الأوروبية المباشرة في تونس نحو 21,5 مليار دينار، وهو ما يجسّد متانة العلاقات الاقتصادية بين الجانبين ودور الاتحاد الأوروبي كأول شريك اقتصادي لتونس.

ومنذ إقرار الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي سنة 2012، شهدت الاستثمارات الأوروبية نسقا تصاعديا تُرجم بوجود 3507 مؤسسات أوروبية ناشطة في مختلف القطاعات الاقتصادية.

وقد ساهمت هذه المؤسسات في خلق ما يقارب 442 ألف موطن شغل، ما جعل من الاستثمار الأوروبي رافدا أساسيا لدعم سوق الشغل وتحفيز النمو الاقتصادي، خاصة في الصناعات المعملية ومكوّنات السيارات، والكهرباء والإلكترونيك، والخدمات ذات القيمة المضافة العالية.

تعزيز مكانة تونس كمنصّة إقليمية جاذبة للاستثمار والتصدير

ويعزّز هذا التنوع من مكانة تونس كمنصّة إقليمية جاذبة للاستثمار والتصدير، موفّرا فرصا لتطوير القطاعات الإنتاجية والخدماتية وربط الاقتصاد التونسي بالأسواق الدولية. وتمّ خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2025 إحداث 686 مؤسسة جديدة في تونس، ما يعكس ديناميكية ملحوظة في مجال ريادة الأعمال والنشاط الاقتصادي الوطني. ويأتي هذا الرقم ليؤكّد الاهتمام المتزايد بالمبادرات الخاصة وتعزيز الاستثمار في مختلف القطاعات، سواء الصناعية أو الخدماتية أو التجارية، ويعكس هذا الإنجاز جهود سياسات الدولة الرامية إلى تشجيع الابتكار ودعم المشاريع الناشئة من خلال تسهيل الإجراءات الإدارية وتقديم التكوين والدعم المالي للمستثمرين وأصحاب المشاريع.

ريادة الأعمال وخلق فرص عمل جديدة

ويُبرز هذا التطوّر الأثر الإيجابي لريادة الأعمال في خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي المحلي، إلى جانب دوره في تحفيز المنافسة وتحسين جودة المنتجات والخدمات. كما يعكس هذا النشاط الحيوي مرونة الاقتصاد التونسي وقدرته على امتصاص التحديات الاقتصادية، فضلًا عن مساهمة المؤسسات الجديدة في تعزيز التنويع الاقتصادي وتقوية قاعدة الإنتاج الوطني.

ويؤكّد هذا الأداء المستمر أن ريادة الأعمال تمثّل ركيزة أساسية في استراتيجيات التنمية الوطنية، وأن دعم المشاريع الناشئة سيظل عنصرا محوريا لتحقيق نمو مستدام وخلق فرص عمل مستمرة للشباب ولجميع الفئات الاجتماعية.

دعم الشراكة الاستراتيجية بين تونس والاتحاد الأوروبي

تظلّ الشراكة الاستراتيجية بين تونس والاتحاد الأوروبي إحدى الركائز الأساسية لتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي في المنطقة المتوسطية، حيث تمثّل منصّة لتبادل الخبرات وتطوير المشاريع المشتركة في مختلف القطاعات الحيوية. وقد شهدت السنوات الأخيرة تكثيف الجهود لدعم هذه الشراكة من خلال تعزيز التنسيق المؤسسي بين الجانبين، وتوسيع برامج الاستثمار والتبادل التجاري، فضلًا عن تنظيم لقاءات وورشات عمل لتبادل الرؤى حول السياسات الاقتصادية والاستثمارية.

كما تركّز هذه الشراكة على دعم التنمية المستدامة، ونقل التكنولوجيا، وتطوير الكفاءات المحلية، بما يسهم في دفع النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة، ويؤكّد التزام الطرفين بمواصلة التعاون على المدى الطويل لتحقيق منافع مشتركة وتكامل اقتصادي أعمق بين تونس والاتحاد الأوروبي.

وفي خطوة تعكس متانة العلاقات الاقتصادية بين تونس والاتحاد الأوروبي، احتضنت وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، خلال الأسبوع الفارط، زيارة رسمية لوفد بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس، يتقدّمه رئيس قسم التجارة تييري بيرونجيه.

وتندرج هذه الزيارة في سياق دعم الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، عبر تعزيز التنسيق المؤسسي مع وزارة الاقتصاد والتخطيط والوكالة التونسية للنهوض بالاستثمار الخارجي، وفتح فضاء للحوار وتبادل الرؤى حول البرامج والمبادرات المشتركة الرامية إلى دفع الاستثمار وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي.

وقد سلّط هذا اللقاء، الذي عُقد مؤخرا حول الاستثمار الأوروبي في تونس، الضوء على فرص تعزيز جاذبية الاقتصاد الوطني وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

كما جاء في سياق الاهتمام بالشراكة التونسية–الأوروبية، حيث تناول الحضور سياسات تحسين مناخ الأعمال والإصلاحات التشريعية والمالية الرامية إلى تسهيل الاستثمار وتعزيز تنافسية تونس على المستويين الإقليمي والدولي. وقد شدّد المشاركون على أهمية تنويع القطاعات المستثمرة، بدءًا من الصناعة والخدمات مرورًا بالتكنولوجيا والفلاحة الحديثة، وصولًا إلى الطاقة المتجددة والسياحة، باعتبارها محرّكات رئيسية للنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.

ويُعدّ هذا اللقاء فرصة للتأكيد على قدرة تونس على أن تكون منصّة إقليمية جاذبة للاستثمار والتصدير بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي والإصلاحات الاقتصادية المتواصلة. كما يعكس التوجّه نحو تعزيز الشراكات الأوروبية رغبة تونس في دعم الاستقرار المالي والنمو المستدام، فضلًا عن فتح آفاق جديدة للشركات الأوروبية للاستفادة من فرص السوق التونسية والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية الوطنية.

ثلاثون سنة على شراكة تونس والاتحاد الأوروبي

وخلال سنة 2025 مرّت ثلاثون سنة على توقيع تونس والاتحاد الأوروبي اتفاقية الشراكة، وقد شهدت الصادرات التونسية نحو الاتحاد الأوروبي نموا ملحوظا على مدى ثلاثة عقود، إذ تضاعفت قيمتها أربع مرات بين عامي 1995 و2024، مما يعكس تنامي قدرة الصناعات التونسية على تلبية متطلبات السوق الأوروبية وتوسيع حضورها في مختلف القطاعات، خاصة في الصناعات المعملية والمنتجات ذات القيمة المضافة العالية.

في المقابل، سجّلت الواردات من الاتحاد الأوروبي ارتفاعا أقلّ نسبيا، حيث تضاعفت بنسبة 2,7 مرّات خلال الفترة نفسها، ما يعكس قدرة تونس على تعزيز ميزانها التجاري تدريجيًا وتقليص الفجوة بين الصادرات والواردات، وتعزيز موقعها كشريك اقتصادي في السوق الأوروبية.

وتعود العلاقات التجارية بين تونس والاتحاد الأوروبي إلى أكثر من خمسة عقود، حيث شكّل توقيع أول اتفاق تجاري سنة 1969 بين تونس والمجموعة الاقتصادية الأوروبية آنذاك حجر الأساس لمسار تعاون اقتصادي طويل الأمد. وقد تطوّرت هذه العلاقات بشكل تدريجي لتأخذ بعدا أكثر شمولية مع إبرام اتفاق الشراكة بين الجانبين سنة 1995، الذي أسّس لإطار قانوني وتنظيمي جديد يهدف إلى تعزيز المبادلات التجارية ودعم الإصلاحات الاقتصادية.

وبلغ هذا المسار مرحلة متقدّمة سنة 2008، مع دخول منطقة التبادل الحر الخاصة بالمنتجات الصناعية حيّز التنفيذ، وهو ما مكّن من تعزيز نفاذ الصادرات التونسية إلى السوق الأوروبية وتكريس اندماج أعمق للاقتصاد الوطني في الفضاء الاقتصادي الأوروبي، مؤكّدًا الطابع الاستراتيجي والمستدام لهذه الشراكة.

جهاد الكلبوسي