226 سجينا فارقوا الحياة داخل السجون الايطالية منذ مطلع سنة 2025 الى حدود شهر ديسمبر الجاري وفق آخر الإحصائيات من بينهم 9 تونسيين، وهو ثالث أعلى رقم يُسجل على الإطلاق بعد عامي 2023 و2024، فيما بلغ عدد حالات الانتحار حتى الآن 76 حالة.
ويبلغ عدد السجناء والموقوفين التونسيين في السجون الإيطالية نحو 2186 سجينا بينهم 13 امرأة، بحسب ما أفادت به وزارة العدل الإيطالية وتعد ثاني أعلى جنسية أجنبية بنسبة 11 %..
تدق منظمات حقوقية مثل «أنتيغوني» ومؤسسات دولية كـمجلس أوروبا وهيئات رسمية مثل «ضامن حقوق السجناء» ناقوس الخطر إزاء الارتفاع الحاد في معدلات الانتحار داخل السجون الايطالية، وألقت هذه الظروف الصعبة داخل السجون الايطالية بظلالها على السجناء التونسيين.
وتجمع التقارير والتحذيرات الصادرة عن هذه الجهات على ضرورة تحسين أوضاع المؤسسات العقابية التي تعاني في كثير من الأحيان من التدهور وغياب الخدمات الأساسية، كما تسلط هذه التقارير الضوء على مشكلة الاكتظاظ التي تجاوزت في مجمل السجون الإيطالية نسبة %138.
أزمة السجون الايطالية ألقت بظلالها على السجناء التونسيين الذين تجاوز عددهم الألفي سجين من بينهم شاب تونسي توفى منذ جويلية 2024 في سجن بإيطاليا وهو وحيد والدته تم ترحيل جثمانه الى تونس ولكن الأم لم تحصل الى اليوم على تقرير الطبيب الشرعي حتى تعرف السبب الرئيسي للوفاة في سجن ايقافه بالغربة.
وجدي هلة هو أيضا شاب تونسي في الثلاثينات من عمره دخل الأراضي الإيطالية بطريقة غير نظامية قبل عامين بحثا عن فرصة عمل بحسب شهادات حقوقيين كان يعاني من اضطرابات نفسية حادة، وسبق أن أبلغ إدارة السجن بمحاولاته المتكررة لإيذاء نفسه دون أن يتلقى أية متابعة طبية أو نفسية تذكر.
في جويلية 2025 تم العثور على جثة وجدي داخل زنزانته وسط ظروف وصفت بـ«غير الإنسانية».
الوثائق الرسمية الأولية أشارت إلى «وفاة طبيعية» لكن تقرير الطب الشرعي المستقل كشف عن علامات إيذاء ذاتي متكررة وغياب أي تدخل طبي في الأيام الأخيرة قبل الوفاة.
الأخطر من ذلك أن سجلات السجن أظهرت توقيعات مزورة تفيد بمتابعة حالته النفسية وهو ما دفع النيابة الإيطالية إلى فتح تحقيق رسمي بتهمة التزوير والقتل غير العمد.
وفي تطور قضائي غير مسبوق وجّهت السلطات الإيطالية تهما بالقتل غير العمد والتزوير لعدد من أعوان السجون على خلفية وفاة المهاجر التونسي وجدي هلة داخل زنزانته بسجن «بييترو تشيرولي» بمدينة تراباني جنوب إيطاليا.
هذه الخطوة جاءت بعد ضغوط حقوقية متصاعدة وتحقيقات أولية كشفت عن سلسلة من الإهمال الطبي والنفسي وتضارب في الوثائق الرسمية المتعلقة بوفاته.
وكان سجين تونسي يبلغ من العمر 56 عاما أشعل حريقا في زنزانته في سجن بيروجيا المركزي، وتوفي بعد بضع ساعات بعد ان تم نقله الى المستشفى إثر استنشاقه للدخان.
وتم في وقت سابق العثور على جثة شاب تونسي يبلغ من العمر 26 سنة في زنزانته بسجن «ماسا كارارا» شمال إيطاليا بعد إقدامه على الانتحار وفق صحيفة «لا نازيوني» الإيطالية.
3 وفايات في ليلة واحدة..
3 حالات وفاة خلف قضبان السجون الايطالية تم تسجيلها في ليلة واحدة خلال الأسبوع الماضي ففي سجن «ريبيبيا» بالعاصمة «روما» عُثر على امرأة تبلغ من العمر 59 عاما جثة هامدة داخل زنزانتها، وسط ترجيحات بأن تكون الوفاة ناجمة عن جرعة زائدة من المخدِّرات.
وعلى بعد كيلومترات قليلة شمالا في سجن «مامّادجالا» بمدينة «فيتيربو» أَقدم رجل يعاني من الإدمان على وضع حد لحياته داخل العيادة الطبية بالسجن.
أما الحالة الثالثة فسُجِّلت في سجن «بورغو سان نيكولا» بمدينة ليتشي حيث عُثر على سجين منتحرا داخل زنزانته من دون أن ينتبه زميله الذي كان يشاركه الزنزانة إلى ما حدث.
أحد الضحايا كان يقضي عقوبة بالسجن لمدَّة عامين ونصف في سجن ريبيبيا وفي 30 جوان الماضي تعرّض لاعتداء وحشي داخل زنزانته، نُقل على إثره إلى المستشفى وكان مصابا بإصابات دماغية خطيرة وخضع لعملية شق للقصبة الهوائية. . وبعد تلقيه العلاج الأولي نقل إلى مستشفى خاص قبل أن يُعاد إدخاله في 11 ديسمبر الجاري إلى المستشفى في حالة حرجة حيث توفي لاحقا.
ووصفت نقابة الشرطة السجنية المستقلَّة قضيته بأنها «نموذجية»، مؤكدة أن وفاته تعكس خللا عميقًا في النظام السجني الإيطالي.
هي وضعيات هشة في السجون الايطالية وحوادث ليست معزولة بسبب سوء المعاملة وتفشّي المخدرات داخل السجون وهو ما أدّى خلال الأشهر الأخيرة فقط إلى حالتي وفاة في سجن بميلانو، وإدخال ثلاثة سجناء في حالات خطرة إلى المستشفيات، إضافة إلى وفيات أخرى في «ريبيبيا» (القسم الرجالي).
ووفق تقارير محلية فإن كميات المواد المخدرة المضبوطة داخل المؤسسات العقابية منذ بداية العام بلغت نحو 65 كيلوغراما.
معاناة متواصلة..
منذ 12 سنة وتحديدا في سنة 2013 أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكما أدان إيطاليا لانتهاكاتها والمعاملة اللاإنسانية والمهينة بشأن سبعة سجناء محتجزين في زنازين تقل مساحتها عن ثلاثة أمتار مربعة للشخص الواحد وهو حد تعتبره المحكمة غير إنساني.. وأجبر هذا الحكم إيطاليا على تحسين الظروف والحد من الاكتظاظ من خلال توسيع نطاق بدائل السجن.
ولفترة من الوقت ترسخت الإصلاحات وانخفض عدد نزلاء السجون وطبقت إيطاليا أنظمة الزنازين المفتوحة ما سمح للسجناء بالتنقل بحرية أكبر.
لكن حتى العام الجاري كانت سجون إيطاليا تحتجز أكثر من 62 ألف سجين في منشآت مخصصة لـ 51 ألف سجين فقط، وفقا لتقرير صادر عن منظمة «أنتيجون».. وأمام هذا الوضع المتدهور مازالت معاناة السجناء التونسيين الموقوفين في السجون الايطالية متواصلة ومازال الموت يتربص بهم داخل الزنازين المظلمة والضيقة ومازالت الدوافع تحاصرهم من كل مكان وأحيانا ليس لديهم خيار فيجبرون على الرحيل في ظروف غامضة ومسترابة ويرحلون ويرحل معهم سر وفاتهم امام غياب تقارير الطب الشرعي التي قد تساعد على إطفاء نيران حرقة ذويهم.
مفيدة القيزاني
- 226 سجينا فارقوا الحياة داخل السجون الإيطالية
226 سجينا فارقوا الحياة داخل السجون الايطالية منذ مطلع سنة 2025 الى حدود شهر ديسمبر الجاري وفق آخر الإحصائيات من بينهم 9 تونسيين، وهو ثالث أعلى رقم يُسجل على الإطلاق بعد عامي 2023 و2024، فيما بلغ عدد حالات الانتحار حتى الآن 76 حالة.
ويبلغ عدد السجناء والموقوفين التونسيين في السجون الإيطالية نحو 2186 سجينا بينهم 13 امرأة، بحسب ما أفادت به وزارة العدل الإيطالية وتعد ثاني أعلى جنسية أجنبية بنسبة 11 %..
تدق منظمات حقوقية مثل «أنتيغوني» ومؤسسات دولية كـمجلس أوروبا وهيئات رسمية مثل «ضامن حقوق السجناء» ناقوس الخطر إزاء الارتفاع الحاد في معدلات الانتحار داخل السجون الايطالية، وألقت هذه الظروف الصعبة داخل السجون الايطالية بظلالها على السجناء التونسيين.
وتجمع التقارير والتحذيرات الصادرة عن هذه الجهات على ضرورة تحسين أوضاع المؤسسات العقابية التي تعاني في كثير من الأحيان من التدهور وغياب الخدمات الأساسية، كما تسلط هذه التقارير الضوء على مشكلة الاكتظاظ التي تجاوزت في مجمل السجون الإيطالية نسبة %138.
أزمة السجون الايطالية ألقت بظلالها على السجناء التونسيين الذين تجاوز عددهم الألفي سجين من بينهم شاب تونسي توفى منذ جويلية 2024 في سجن بإيطاليا وهو وحيد والدته تم ترحيل جثمانه الى تونس ولكن الأم لم تحصل الى اليوم على تقرير الطبيب الشرعي حتى تعرف السبب الرئيسي للوفاة في سجن ايقافه بالغربة.
وجدي هلة هو أيضا شاب تونسي في الثلاثينات من عمره دخل الأراضي الإيطالية بطريقة غير نظامية قبل عامين بحثا عن فرصة عمل بحسب شهادات حقوقيين كان يعاني من اضطرابات نفسية حادة، وسبق أن أبلغ إدارة السجن بمحاولاته المتكررة لإيذاء نفسه دون أن يتلقى أية متابعة طبية أو نفسية تذكر.
في جويلية 2025 تم العثور على جثة وجدي داخل زنزانته وسط ظروف وصفت بـ«غير الإنسانية».
الوثائق الرسمية الأولية أشارت إلى «وفاة طبيعية» لكن تقرير الطب الشرعي المستقل كشف عن علامات إيذاء ذاتي متكررة وغياب أي تدخل طبي في الأيام الأخيرة قبل الوفاة.
الأخطر من ذلك أن سجلات السجن أظهرت توقيعات مزورة تفيد بمتابعة حالته النفسية وهو ما دفع النيابة الإيطالية إلى فتح تحقيق رسمي بتهمة التزوير والقتل غير العمد.
وفي تطور قضائي غير مسبوق وجّهت السلطات الإيطالية تهما بالقتل غير العمد والتزوير لعدد من أعوان السجون على خلفية وفاة المهاجر التونسي وجدي هلة داخل زنزانته بسجن «بييترو تشيرولي» بمدينة تراباني جنوب إيطاليا.
هذه الخطوة جاءت بعد ضغوط حقوقية متصاعدة وتحقيقات أولية كشفت عن سلسلة من الإهمال الطبي والنفسي وتضارب في الوثائق الرسمية المتعلقة بوفاته.
وكان سجين تونسي يبلغ من العمر 56 عاما أشعل حريقا في زنزانته في سجن بيروجيا المركزي، وتوفي بعد بضع ساعات بعد ان تم نقله الى المستشفى إثر استنشاقه للدخان.
وتم في وقت سابق العثور على جثة شاب تونسي يبلغ من العمر 26 سنة في زنزانته بسجن «ماسا كارارا» شمال إيطاليا بعد إقدامه على الانتحار وفق صحيفة «لا نازيوني» الإيطالية.
3 وفايات في ليلة واحدة..
3 حالات وفاة خلف قضبان السجون الايطالية تم تسجيلها في ليلة واحدة خلال الأسبوع الماضي ففي سجن «ريبيبيا» بالعاصمة «روما» عُثر على امرأة تبلغ من العمر 59 عاما جثة هامدة داخل زنزانتها، وسط ترجيحات بأن تكون الوفاة ناجمة عن جرعة زائدة من المخدِّرات.
وعلى بعد كيلومترات قليلة شمالا في سجن «مامّادجالا» بمدينة «فيتيربو» أَقدم رجل يعاني من الإدمان على وضع حد لحياته داخل العيادة الطبية بالسجن.
أما الحالة الثالثة فسُجِّلت في سجن «بورغو سان نيكولا» بمدينة ليتشي حيث عُثر على سجين منتحرا داخل زنزانته من دون أن ينتبه زميله الذي كان يشاركه الزنزانة إلى ما حدث.
أحد الضحايا كان يقضي عقوبة بالسجن لمدَّة عامين ونصف في سجن ريبيبيا وفي 30 جوان الماضي تعرّض لاعتداء وحشي داخل زنزانته، نُقل على إثره إلى المستشفى وكان مصابا بإصابات دماغية خطيرة وخضع لعملية شق للقصبة الهوائية. . وبعد تلقيه العلاج الأولي نقل إلى مستشفى خاص قبل أن يُعاد إدخاله في 11 ديسمبر الجاري إلى المستشفى في حالة حرجة حيث توفي لاحقا.
ووصفت نقابة الشرطة السجنية المستقلَّة قضيته بأنها «نموذجية»، مؤكدة أن وفاته تعكس خللا عميقًا في النظام السجني الإيطالي.
هي وضعيات هشة في السجون الايطالية وحوادث ليست معزولة بسبب سوء المعاملة وتفشّي المخدرات داخل السجون وهو ما أدّى خلال الأشهر الأخيرة فقط إلى حالتي وفاة في سجن بميلانو، وإدخال ثلاثة سجناء في حالات خطرة إلى المستشفيات، إضافة إلى وفيات أخرى في «ريبيبيا» (القسم الرجالي).
ووفق تقارير محلية فإن كميات المواد المخدرة المضبوطة داخل المؤسسات العقابية منذ بداية العام بلغت نحو 65 كيلوغراما.
معاناة متواصلة..
منذ 12 سنة وتحديدا في سنة 2013 أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكما أدان إيطاليا لانتهاكاتها والمعاملة اللاإنسانية والمهينة بشأن سبعة سجناء محتجزين في زنازين تقل مساحتها عن ثلاثة أمتار مربعة للشخص الواحد وهو حد تعتبره المحكمة غير إنساني.. وأجبر هذا الحكم إيطاليا على تحسين الظروف والحد من الاكتظاظ من خلال توسيع نطاق بدائل السجن.
ولفترة من الوقت ترسخت الإصلاحات وانخفض عدد نزلاء السجون وطبقت إيطاليا أنظمة الزنازين المفتوحة ما سمح للسجناء بالتنقل بحرية أكبر.
لكن حتى العام الجاري كانت سجون إيطاليا تحتجز أكثر من 62 ألف سجين في منشآت مخصصة لـ 51 ألف سجين فقط، وفقا لتقرير صادر عن منظمة «أنتيجون».. وأمام هذا الوضع المتدهور مازالت معاناة السجناء التونسيين الموقوفين في السجون الايطالية متواصلة ومازال الموت يتربص بهم داخل الزنازين المظلمة والضيقة ومازالت الدوافع تحاصرهم من كل مكان وأحيانا ليس لديهم خيار فيجبرون على الرحيل في ظروف غامضة ومسترابة ويرحلون ويرحل معهم سر وفاتهم امام غياب تقارير الطب الشرعي التي قد تساعد على إطفاء نيران حرقة ذويهم.