حافظت الصادرات التونسية على أداء مقبول، إذ انتقلت من 57,056.9 مليون دينار خلال الأشهر الإحدى عشرة الأولى من سنة 2024، إلى 57,916.6 مليون دينار خلال الفترة ذاتها من سنة 2025، مُحقّقة بذلك زيادة قدرها 859.7 مليون دينار، وفق نشرية أصدرها، مؤخرًا، المعهد الوطني للإحصاء «حول التجارة الخارجية بالأسعار الجارية، نوفمبر 2025».
وتبرز دول الاتحاد الأوروبي ليس كأحد أهم الأسواق التصديرية للمنتجات التونسية فقط، بل أيضا من حيث النمو القوي والمتواصل لقيمة الصادرات نحوها، حيث زادت الصادرات باتجاه دول الاتحاد الأوروبي لتبلغ قيمتها 40,813.3 مليون دينار منذ غرة شهر جانفي إلى غاية موفى شهر نوفمبر 2025، بعد أن كانت 39,601.5 مليون دينار في الفترة نفسها من العام الفارط 2024، مُسجّلة بذلك ارتفاعا هاما قدره 1,211.8 مليون دينار، بحسب بيانات معهد الإحصاء.
وساهم ارتفاع الصادرات نحو دول أوروبية بعينها في هذا الأداء المميز للصادرات التونسية نحو هذا التكتل الأوروبي، فقد ارتفعت الصادرات نحو ألمانيا بنسبة 10 %، وفرنسا بنسبة 8.9 %، وهولندا بنسبة 4.6 %.
وبخصوص الواردات، فقد بلغت قيمتها من دول الاتحاد الأوروبي 33,804 مليون دينار، مقابل 32,174.8 مليون دينار خلال الأشهر الإحدى عشرة الأولى من سنة 2024. وتمثل هذه الواردات 43.3 % من إجمالي الواردات التونسية.
تدعيم مكانة الاتحاد الأوروبي كشريك تجاري أول لتونس
يعدّ الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري والاقتصادي الأول لبلادنا، وهي مكانة ما فتئت تتدعّم بثبات على مرّ عدة عقود، حيث أظهرت المعطيات الأخيرة للمعهد الوطني للإحصاء أن دول الاتحاد الأوروبي استحوذت على 70.5 % من جملة الصادرات التونسية خلال الأشهر الإحدى عشرة الأولى من سنة 2024. وهي نسبة مرتفعة جعلته بذلك متقدّمًا بفارق كبير وملحوظ عن دول المغرب العربي والدول الإفريقية، رغم الوتيرة المتصاعدة للعمليات التصديرية باتجاه أسواق الجوار المغاربية وأسواق القارة السمراء.
ومن القطاعات الواعدة الأخرى ذات الطاقة التصديرية العالية والقيمة المُضافة العالية، التي تكتسي أهمية بالغة ضمن إجمالي الصادرات التونسية إلى دول الاتحاد الأوروبي، الصناعات الميكانيكية، أساسا صناعة مكونات السيارات وصناعات مكونات الطائرات، حيث تنتصب في تونس العديد من الشركات الأوروبية الناشطة في هذه القطاعات الحيوية.
ولا تُمثل القطاعات الواعدة وحدها محور اهتمام الاتحاد الأوروبي لتنمية علاقاته مع بلادنا، إذ أن قطاع زيت الزيتون والتمور يستأثران بنسب هامة من حجم الصادرات إلى الفضاء الأوروبي، ويعدّ الاتحاد الأوروبي من الوجهات التصديرية الرئيسية لهذه القطاعات، مع السعي إلى زيادة حصة التصدير السنوية إلى دول الاتحاد الأوروبي، خاصة وأنه تم فتح المجال أمام الخواص لتصدير زيت الزيتون إلى أوروبا منذ غرة جانفي 2025.
كما يُعدّ الاتحاد الأوروبي المُستثمر الأول في تونس، إذ احتلت الدول الأوروبية المراتب الأربع الأولى من حيث توزيع الاستثمارات حسب البلدان إلى موفى سبتمبر 2025، حيث جاءت فرنسا في المرتبة الأولى باستثمارات قدرها 639.9 مليون دينار، أي ما يزيد عن 31 % من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة خارج قطاع الطاقة، تليها في المرتبة الثانية ألمانيا بـ 294 مليون دينار، ثم في المرتبة الثالثة إيطاليا بـ 242.4 مليون دينار، وهولندا في المرتبة الرابعة بـ 153.7 مليون دينار. في حين بلغت إجمالي قيمة الاستثمارات الخارجية المباشرة 2,536 مليون دينار خلال الفترة الممتدة من جانفي إلى أواخر سبتمبر، مقابل 1,986.4 مليون دينار في نفس الفترة من العام الماضي، أي بارتفاع بنسبة 27.7 %.
اتفاقيات تمتدّ منذ عقود
ولم تكن الشراكة بين تونس ودول الاتحاد الأوروبي حديثة أو آنية، إذ انطلقت اللبنات الأولى منذ عقود طويلة. ولعلّ من أكثر الاتفاقيات التي خولت رسم محطات هامة من التعاون العريق والمُتواصل بين الطرفين اتفاق التبادل الحر والشامل (ALECA) واتفاق الشراكة لسنة 1995، وهي اتفاقيات أعفت أغلب الصادرات التونسية إلى الاتحاد الأوروبي من الرسوم الجمركية، مما مكّنها من دمج سلاسل القيمة الصناعية الأوروبية بكثافة.
ومع ذلك، فإن هناك مساعي جديّة إلى مراجعة اتفاق الشراكة لسنة 1995 الذي تم الاحتفال هذا العام بمرور 30 سنة على توقيعه، حتى يكون هذا الإطار أكثر تناغما وشمولا ويحمل مميزات إضافية من شأنها ضمان مصلحة الطرفين. وفي هذا السياق، عبّر سفير الاتحاد الأوروبي بتونس، غيسابي بيرزني، خلال لقاء جمعه في نوفمبر 2025، برئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، سمير ماجول، عن انفتاح الاتحاد الأوروبي على مقترحات تحديث الاتفاقيات التجارية وملاءمتها مع التحولات الجيو-سياسية والاقتصادية والتشريعية، ملاحظا أن الاتفاق المبرم سنة 1995 يُعد من الجيل الأول.
شراكة ثنائية لاقتحام الأسواق الإفريقية
ومع توجّه أغلب دول العالم إلى البحث عن أسواق جديدة لسلعها ومنتوجاتها، فإن تونس يمكن أن تلعب دورا محوريا في تدفق السلع الأوروبية إلى الأسواق الإفريقية من خلال الشركات الأوروبية المُصدّرة المتمركزة في بلادنا وعبر المزايا التفاضلية التي توفّرها اتفاقيات بارزة على غرار اتفاقية السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا «الكوميسا» واتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية «زليكاف»، وهي اتفاقيات أثبتت جدواها على مستوى دعم الصادرات، مما يُمهّد لشراكة ثنائية بين تونس والاتحاد الأوروبي لاقتحام أسواق القارة السمراء.
درصاف اللموشي
حافظت الصادرات التونسية على أداء مقبول، إذ انتقلت من 57,056.9 مليون دينار خلال الأشهر الإحدى عشرة الأولى من سنة 2024، إلى 57,916.6 مليون دينار خلال الفترة ذاتها من سنة 2025، مُحقّقة بذلك زيادة قدرها 859.7 مليون دينار، وفق نشرية أصدرها، مؤخرًا، المعهد الوطني للإحصاء «حول التجارة الخارجية بالأسعار الجارية، نوفمبر 2025».
وتبرز دول الاتحاد الأوروبي ليس كأحد أهم الأسواق التصديرية للمنتجات التونسية فقط، بل أيضا من حيث النمو القوي والمتواصل لقيمة الصادرات نحوها، حيث زادت الصادرات باتجاه دول الاتحاد الأوروبي لتبلغ قيمتها 40,813.3 مليون دينار منذ غرة شهر جانفي إلى غاية موفى شهر نوفمبر 2025، بعد أن كانت 39,601.5 مليون دينار في الفترة نفسها من العام الفارط 2024، مُسجّلة بذلك ارتفاعا هاما قدره 1,211.8 مليون دينار، بحسب بيانات معهد الإحصاء.
وساهم ارتفاع الصادرات نحو دول أوروبية بعينها في هذا الأداء المميز للصادرات التونسية نحو هذا التكتل الأوروبي، فقد ارتفعت الصادرات نحو ألمانيا بنسبة 10 %، وفرنسا بنسبة 8.9 %، وهولندا بنسبة 4.6 %.
وبخصوص الواردات، فقد بلغت قيمتها من دول الاتحاد الأوروبي 33,804 مليون دينار، مقابل 32,174.8 مليون دينار خلال الأشهر الإحدى عشرة الأولى من سنة 2024. وتمثل هذه الواردات 43.3 % من إجمالي الواردات التونسية.
تدعيم مكانة الاتحاد الأوروبي كشريك تجاري أول لتونس
يعدّ الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري والاقتصادي الأول لبلادنا، وهي مكانة ما فتئت تتدعّم بثبات على مرّ عدة عقود، حيث أظهرت المعطيات الأخيرة للمعهد الوطني للإحصاء أن دول الاتحاد الأوروبي استحوذت على 70.5 % من جملة الصادرات التونسية خلال الأشهر الإحدى عشرة الأولى من سنة 2024. وهي نسبة مرتفعة جعلته بذلك متقدّمًا بفارق كبير وملحوظ عن دول المغرب العربي والدول الإفريقية، رغم الوتيرة المتصاعدة للعمليات التصديرية باتجاه أسواق الجوار المغاربية وأسواق القارة السمراء.
ومن القطاعات الواعدة الأخرى ذات الطاقة التصديرية العالية والقيمة المُضافة العالية، التي تكتسي أهمية بالغة ضمن إجمالي الصادرات التونسية إلى دول الاتحاد الأوروبي، الصناعات الميكانيكية، أساسا صناعة مكونات السيارات وصناعات مكونات الطائرات، حيث تنتصب في تونس العديد من الشركات الأوروبية الناشطة في هذه القطاعات الحيوية.
ولا تُمثل القطاعات الواعدة وحدها محور اهتمام الاتحاد الأوروبي لتنمية علاقاته مع بلادنا، إذ أن قطاع زيت الزيتون والتمور يستأثران بنسب هامة من حجم الصادرات إلى الفضاء الأوروبي، ويعدّ الاتحاد الأوروبي من الوجهات التصديرية الرئيسية لهذه القطاعات، مع السعي إلى زيادة حصة التصدير السنوية إلى دول الاتحاد الأوروبي، خاصة وأنه تم فتح المجال أمام الخواص لتصدير زيت الزيتون إلى أوروبا منذ غرة جانفي 2025.
كما يُعدّ الاتحاد الأوروبي المُستثمر الأول في تونس، إذ احتلت الدول الأوروبية المراتب الأربع الأولى من حيث توزيع الاستثمارات حسب البلدان إلى موفى سبتمبر 2025، حيث جاءت فرنسا في المرتبة الأولى باستثمارات قدرها 639.9 مليون دينار، أي ما يزيد عن 31 % من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة خارج قطاع الطاقة، تليها في المرتبة الثانية ألمانيا بـ 294 مليون دينار، ثم في المرتبة الثالثة إيطاليا بـ 242.4 مليون دينار، وهولندا في المرتبة الرابعة بـ 153.7 مليون دينار. في حين بلغت إجمالي قيمة الاستثمارات الخارجية المباشرة 2,536 مليون دينار خلال الفترة الممتدة من جانفي إلى أواخر سبتمبر، مقابل 1,986.4 مليون دينار في نفس الفترة من العام الماضي، أي بارتفاع بنسبة 27.7 %.
اتفاقيات تمتدّ منذ عقود
ولم تكن الشراكة بين تونس ودول الاتحاد الأوروبي حديثة أو آنية، إذ انطلقت اللبنات الأولى منذ عقود طويلة. ولعلّ من أكثر الاتفاقيات التي خولت رسم محطات هامة من التعاون العريق والمُتواصل بين الطرفين اتفاق التبادل الحر والشامل (ALECA) واتفاق الشراكة لسنة 1995، وهي اتفاقيات أعفت أغلب الصادرات التونسية إلى الاتحاد الأوروبي من الرسوم الجمركية، مما مكّنها من دمج سلاسل القيمة الصناعية الأوروبية بكثافة.
ومع ذلك، فإن هناك مساعي جديّة إلى مراجعة اتفاق الشراكة لسنة 1995 الذي تم الاحتفال هذا العام بمرور 30 سنة على توقيعه، حتى يكون هذا الإطار أكثر تناغما وشمولا ويحمل مميزات إضافية من شأنها ضمان مصلحة الطرفين. وفي هذا السياق، عبّر سفير الاتحاد الأوروبي بتونس، غيسابي بيرزني، خلال لقاء جمعه في نوفمبر 2025، برئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، سمير ماجول، عن انفتاح الاتحاد الأوروبي على مقترحات تحديث الاتفاقيات التجارية وملاءمتها مع التحولات الجيو-سياسية والاقتصادية والتشريعية، ملاحظا أن الاتفاق المبرم سنة 1995 يُعد من الجيل الأول.
شراكة ثنائية لاقتحام الأسواق الإفريقية
ومع توجّه أغلب دول العالم إلى البحث عن أسواق جديدة لسلعها ومنتوجاتها، فإن تونس يمكن أن تلعب دورا محوريا في تدفق السلع الأوروبية إلى الأسواق الإفريقية من خلال الشركات الأوروبية المُصدّرة المتمركزة في بلادنا وعبر المزايا التفاضلية التي توفّرها اتفاقيات بارزة على غرار اتفاقية السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا «الكوميسا» واتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية «زليكاف»، وهي اتفاقيات أثبتت جدواها على مستوى دعم الصادرات، مما يُمهّد لشراكة ثنائية بين تونس والاتحاد الأوروبي لاقتحام أسواق القارة السمراء.