إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في اختتام الدورة 39 لأيام المؤسسة.. محافظ البنك المركزي يدعو القطاع الخاص إلى تحديث رؤيته الاستثمارية ودعم المشاريع الواعدة

* النوري يدعو البنوك إلى الاضطلاع بدورها في تمويل المشاريع المنتجة وتعزيز الشراكة مع رجال الأعمال

*البنك المركزي يدعو إلى جيل جديد من الاستثمارات المبتكرة والمستدامة

* الاستثمار المدعوم بالتمويل عامل أساسي لتعزيز النمو وفرص العمل

* تحالف مالي واقتصادي جديد شرط أساسي لدخول تونس مرحلة نمو مستدام

 

أكد محافظ البنك المركزي التونسي، فتحي زهير النوري، في اختتام الدورة 39 لأيام المؤسسة التي ينظمها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، من 11 إلى 13 ديسمبر الجاري، أن المؤسسة أُنشئت أساسا لتحقيق الربح وخلق الثروة ومواطن الشغل قبل الاعتماد على الدعم. كما أشار إلى أنه من الضروري ترسيخ ثقافة تحمّل المخاطر المدروسة لدى أصحاب المؤسسات.

ودعا النوري البنوك إلى الاضطلاع بدورها الكامل في تمويل المشاريع القادرة على خلق التشغيل وإنتاج الثروة، مؤكدا أن المرحلة الراهنة تفرض على المؤسسات البنكية الاقتراب أكثر من رجال الأعمال وبناء علاقات شراكة قائمة على الثقة المتبادلة.

وأشار محافظ البنك المركزي التونسي إلى أن الاقتصاد اليوم يعيش عصر الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، مما يفرض الانتقال من نموذج قديم لمشاريع استهلكت منطق الربحية السريعة إلى إرساء جيل جديد من الاستثمارات المبتكرة، المستدامة، والقائمة على قيمة مضافة حقيقية، بما يعزز النمو ويواكب التحولات الاقتصادية العالمية.

كما شدد فتحي زهير النوري على أن تونس لا تفتقر إلى الكفاءات أو الأفكار أو المشاريع المبتكرة، إلا أنها تواجه تحديات تتمثل في ضعف حجم الاستثمار وسوء توجيه التمويل نحو الاقتصاد الحقيقي. وأكد أن معالجة هذا الخلل تشكل خطوة أساسية لدفع عجلة النمو وتعزيز التنمية الاقتصادية في البلاد.

وشهدت فعاليات الدورة 39 لأيام المؤسسة بسوسة حضور عدد هام من رجال الأعمال والمستثمرين، ما يعكس الاهتمام المتزايد بفرص الاستثمار وتبادل الخبرات في القطاع الخاص التونسي.

وقال فتحي زهير النوري: «لا أريد الاكتفاء بالحديث عن الصعوبات المعروفة، بل نسعى إلى فتح آفاق جديدة تُعزز الاستثمار والثقة وتدعم الإصلاح المستدام»، مشيرا إلى أن كلمته سترتكز على محاور أساسية لفهم التحديات واستكشاف الفرص ورسم طريق التحوّل للبلاد.

وذكر محافظ البنك المركزي أن معدل الاستثمار الوطني لا يتجاوز 16 بالمائة من الناتج المحلي، مع مساهمة القطاع الخاص بنسبة 58 بالمائة فقط، وهذا غير كافٍ لدعم النمو وخلق فرص العمل، داعيا إلى التعاون بين رجال الأعمال والبنوك والبنك المركزي.

الاستثمار الذكي مفتاح للحفاظ على الاقتصاد

وفي سياق حديثه، قال المحافظ إن الاستثمار الذكي والمدعوم بالتمويل يمثل المفتاح للحفاظ على الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة. وأشار إلى أن القطاع الخاص مازال يواجه صعوبات مع تركيز التمويل على فترات قصيرة بنسبة 8.1 بالمائة مقابل 3.3 بالمائة فقط للقروض طويلة الأجل، وهو ما يؤكد الحاجة الملحة لدعم المشاريع الإنتاجية.

وفي ظل التحولات العالمية المتسارعة، قال فتحي زهير النوري إن العالم يشهد تغيرات كبيرة على المستويات التكنولوجية والطاقية والجيوسياسية، معتبرا أن عدم الاستثمار في هذا السياق لا يعد خيارا آمنا بل يمثل مخاطرة حقيقية.

البنوك ودورها في لعب دور تنموي أوسع

وأشار إلى أن الخطر الأكبر الذي تواجهه المؤسسات اليوم لم يعد في تحمل المخاطر بل في فقدان القدرة على التكيف.

وفي نفس السياق، أفاد فتحي زهير النوري أن البنوك مطالبة اليوم بلعب دور تنموي أوسع يدعم الاستثمار ويخلق فرص عمل حقيقية. وأكد أن الاقتصاد لا يمكن أن يتعافى دون مؤسسات بنكية تموّل المشاريع بشجاعة وتفتح حوارا فعليا مع أصحاب المبادرات.

وفي ما يتعلق بهيكلة تمويل الاستثمار، كشف المحافظ أن المشاريع الاستثمارية في تونس تعتمد على التمويل الذاتي بنسبة تفوق 70 بالمائة، في حين لا تتجاوز مساهمة البنوك التقليدية 18 بالمائة من الكلفة الإجمالية للمشاريع، مقارنة بنسبة 20 إلى 25 بالمائة في الاقتصاديات المماثلة، حيث لا يزيد التمويل الذاتي عادة عن 60 إلى 65 بالمائة. معتبرا أن هذه المعطيات تعكس ارتفاع العبء التمويلي والمخاطر التي تتحملها المؤسسات.

استقرار نقدي ومؤشرات داعمة للاستثمار

وأوضح المحافظ أن السياسة النقدية الحذرة ساهمت في احتواء ضغوط التضخم، والحفاظ على استقرار سعر الصرف، وتحسين التصنيف السيادي لتونس بثلاث درجات. كما تحسن عائد السندات التونسية في الأسواق الدولية، ما يعزز القدرة على تعبئة الموارد المالية بشروط أفضل. مؤكدًا أن هذه المؤشرات تمثل عناصر داعمة لديناميكية الاستثمار.

تحديث «البنية المؤسسية»

وفي إطار تحديث البنية المؤسسية، أعلن محافظ البنك المركزي عن إطلاق منصة (EXOP) الرقمية في أكتوبر 2025 لمعالجة طلبات الصرف، بما يساهم في تقليص آجال المعالجة وتحسين الشفافية، إلى جانب الإعداد لإطلاق منصة (TRADIS) المخصصة لإدارة عمليات التجارة الخارجية.

كما أشار إلى الترفيع في سقف التحويلات المخصصة للدراسة والتكوين بالخارج، وتمديد آجال تسوية عمليات التوريد والتصدير إلى 120 يوما، وهي إجراءات تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال ودعم تنافسية المؤسسات.

استدامة المالية العمومية تظل رهينة إصلاحات هيكلية

وتطرق المحافظ إلى التحديات المرتبطة بالمالية العمومية، مبرزا أن خدمة الدين الخارجي طويل الأجل بلغت 43 مليار دينار خلال الفترة من 2011 إلى 2025، أي ما يعادل نحو 54 بالمائة من إجمالي القروض المتعاقد عليها، فيما تجاوزت خدمة الدين العمومي 24 مليار دينار خلال 2024-2025.

وأكد أن تدخل البنك المركزي لدعم خزينة الدولة تم في إطار قانوني وزمني محدد، مع التشديد على أن استدامة المالية العمومية تظل رهينة إصلاحات هيكلية تشمل ترشيد الإنفاق وتوسيع القاعدة الجبائية وتحسين الحوكمة.

إرساء تحالف اقتصادي ومالي جديد

وفي ختام كلمته، دعا محافظ البنك المركزي التونسي، فتحي زهير النوري، إلى إرساء تحالف اقتصادي ومالي جديد يجمع بين قطاع خاص طموح وشفاف، وجهاز بنكي نشط في تمويل الاستثمار، وبنك مركزي يضمن الاستقرار ويدعم الابتكار المالي.

وأشار النوري إلى أن الانتقال من الحذر الدفاعي إلى الحذر الديناميكي هو الشرط الأساسي لدخول الاقتصاد التونسي مرحلة جديدة من النمو المستدام، المبني على استثمارات منتجة، ورفع الإنتاجية، وتعزيز القدرة التنافسية.

جهاد الكلبوسي

في اختتام الدورة 39 لأيام المؤسسة..     محافظ البنك المركزي يدعو القطاع الخاص إلى تحديث رؤيته الاستثمارية ودعم المشاريع الواعدة

* النوري يدعو البنوك إلى الاضطلاع بدورها في تمويل المشاريع المنتجة وتعزيز الشراكة مع رجال الأعمال

*البنك المركزي يدعو إلى جيل جديد من الاستثمارات المبتكرة والمستدامة

* الاستثمار المدعوم بالتمويل عامل أساسي لتعزيز النمو وفرص العمل

* تحالف مالي واقتصادي جديد شرط أساسي لدخول تونس مرحلة نمو مستدام

 

أكد محافظ البنك المركزي التونسي، فتحي زهير النوري، في اختتام الدورة 39 لأيام المؤسسة التي ينظمها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، من 11 إلى 13 ديسمبر الجاري، أن المؤسسة أُنشئت أساسا لتحقيق الربح وخلق الثروة ومواطن الشغل قبل الاعتماد على الدعم. كما أشار إلى أنه من الضروري ترسيخ ثقافة تحمّل المخاطر المدروسة لدى أصحاب المؤسسات.

ودعا النوري البنوك إلى الاضطلاع بدورها الكامل في تمويل المشاريع القادرة على خلق التشغيل وإنتاج الثروة، مؤكدا أن المرحلة الراهنة تفرض على المؤسسات البنكية الاقتراب أكثر من رجال الأعمال وبناء علاقات شراكة قائمة على الثقة المتبادلة.

وأشار محافظ البنك المركزي التونسي إلى أن الاقتصاد اليوم يعيش عصر الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، مما يفرض الانتقال من نموذج قديم لمشاريع استهلكت منطق الربحية السريعة إلى إرساء جيل جديد من الاستثمارات المبتكرة، المستدامة، والقائمة على قيمة مضافة حقيقية، بما يعزز النمو ويواكب التحولات الاقتصادية العالمية.

كما شدد فتحي زهير النوري على أن تونس لا تفتقر إلى الكفاءات أو الأفكار أو المشاريع المبتكرة، إلا أنها تواجه تحديات تتمثل في ضعف حجم الاستثمار وسوء توجيه التمويل نحو الاقتصاد الحقيقي. وأكد أن معالجة هذا الخلل تشكل خطوة أساسية لدفع عجلة النمو وتعزيز التنمية الاقتصادية في البلاد.

وشهدت فعاليات الدورة 39 لأيام المؤسسة بسوسة حضور عدد هام من رجال الأعمال والمستثمرين، ما يعكس الاهتمام المتزايد بفرص الاستثمار وتبادل الخبرات في القطاع الخاص التونسي.

وقال فتحي زهير النوري: «لا أريد الاكتفاء بالحديث عن الصعوبات المعروفة، بل نسعى إلى فتح آفاق جديدة تُعزز الاستثمار والثقة وتدعم الإصلاح المستدام»، مشيرا إلى أن كلمته سترتكز على محاور أساسية لفهم التحديات واستكشاف الفرص ورسم طريق التحوّل للبلاد.

وذكر محافظ البنك المركزي أن معدل الاستثمار الوطني لا يتجاوز 16 بالمائة من الناتج المحلي، مع مساهمة القطاع الخاص بنسبة 58 بالمائة فقط، وهذا غير كافٍ لدعم النمو وخلق فرص العمل، داعيا إلى التعاون بين رجال الأعمال والبنوك والبنك المركزي.

الاستثمار الذكي مفتاح للحفاظ على الاقتصاد

وفي سياق حديثه، قال المحافظ إن الاستثمار الذكي والمدعوم بالتمويل يمثل المفتاح للحفاظ على الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة. وأشار إلى أن القطاع الخاص مازال يواجه صعوبات مع تركيز التمويل على فترات قصيرة بنسبة 8.1 بالمائة مقابل 3.3 بالمائة فقط للقروض طويلة الأجل، وهو ما يؤكد الحاجة الملحة لدعم المشاريع الإنتاجية.

وفي ظل التحولات العالمية المتسارعة، قال فتحي زهير النوري إن العالم يشهد تغيرات كبيرة على المستويات التكنولوجية والطاقية والجيوسياسية، معتبرا أن عدم الاستثمار في هذا السياق لا يعد خيارا آمنا بل يمثل مخاطرة حقيقية.

البنوك ودورها في لعب دور تنموي أوسع

وأشار إلى أن الخطر الأكبر الذي تواجهه المؤسسات اليوم لم يعد في تحمل المخاطر بل في فقدان القدرة على التكيف.

وفي نفس السياق، أفاد فتحي زهير النوري أن البنوك مطالبة اليوم بلعب دور تنموي أوسع يدعم الاستثمار ويخلق فرص عمل حقيقية. وأكد أن الاقتصاد لا يمكن أن يتعافى دون مؤسسات بنكية تموّل المشاريع بشجاعة وتفتح حوارا فعليا مع أصحاب المبادرات.

وفي ما يتعلق بهيكلة تمويل الاستثمار، كشف المحافظ أن المشاريع الاستثمارية في تونس تعتمد على التمويل الذاتي بنسبة تفوق 70 بالمائة، في حين لا تتجاوز مساهمة البنوك التقليدية 18 بالمائة من الكلفة الإجمالية للمشاريع، مقارنة بنسبة 20 إلى 25 بالمائة في الاقتصاديات المماثلة، حيث لا يزيد التمويل الذاتي عادة عن 60 إلى 65 بالمائة. معتبرا أن هذه المعطيات تعكس ارتفاع العبء التمويلي والمخاطر التي تتحملها المؤسسات.

استقرار نقدي ومؤشرات داعمة للاستثمار

وأوضح المحافظ أن السياسة النقدية الحذرة ساهمت في احتواء ضغوط التضخم، والحفاظ على استقرار سعر الصرف، وتحسين التصنيف السيادي لتونس بثلاث درجات. كما تحسن عائد السندات التونسية في الأسواق الدولية، ما يعزز القدرة على تعبئة الموارد المالية بشروط أفضل. مؤكدًا أن هذه المؤشرات تمثل عناصر داعمة لديناميكية الاستثمار.

تحديث «البنية المؤسسية»

وفي إطار تحديث البنية المؤسسية، أعلن محافظ البنك المركزي عن إطلاق منصة (EXOP) الرقمية في أكتوبر 2025 لمعالجة طلبات الصرف، بما يساهم في تقليص آجال المعالجة وتحسين الشفافية، إلى جانب الإعداد لإطلاق منصة (TRADIS) المخصصة لإدارة عمليات التجارة الخارجية.

كما أشار إلى الترفيع في سقف التحويلات المخصصة للدراسة والتكوين بالخارج، وتمديد آجال تسوية عمليات التوريد والتصدير إلى 120 يوما، وهي إجراءات تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال ودعم تنافسية المؤسسات.

استدامة المالية العمومية تظل رهينة إصلاحات هيكلية

وتطرق المحافظ إلى التحديات المرتبطة بالمالية العمومية، مبرزا أن خدمة الدين الخارجي طويل الأجل بلغت 43 مليار دينار خلال الفترة من 2011 إلى 2025، أي ما يعادل نحو 54 بالمائة من إجمالي القروض المتعاقد عليها، فيما تجاوزت خدمة الدين العمومي 24 مليار دينار خلال 2024-2025.

وأكد أن تدخل البنك المركزي لدعم خزينة الدولة تم في إطار قانوني وزمني محدد، مع التشديد على أن استدامة المالية العمومية تظل رهينة إصلاحات هيكلية تشمل ترشيد الإنفاق وتوسيع القاعدة الجبائية وتحسين الحوكمة.

إرساء تحالف اقتصادي ومالي جديد

وفي ختام كلمته، دعا محافظ البنك المركزي التونسي، فتحي زهير النوري، إلى إرساء تحالف اقتصادي ومالي جديد يجمع بين قطاع خاص طموح وشفاف، وجهاز بنكي نشط في تمويل الاستثمار، وبنك مركزي يضمن الاستقرار ويدعم الابتكار المالي.

وأشار النوري إلى أن الانتقال من الحذر الدفاعي إلى الحذر الديناميكي هو الشرط الأساسي لدخول الاقتصاد التونسي مرحلة جديدة من النمو المستدام، المبني على استثمارات منتجة، ورفع الإنتاجية، وتعزيز القدرة التنافسية.

جهاد الكلبوسي