يواجه محرز التليلي، وهو فلاح ومنتج للزيتون من جهة قفصة، صعوبات كبيرة في إيجاد يد عاملة لموسم جني الزيتون. ففي الوقت الذي كان من المفروض أن يكون التجميع قد تقدم بشكل جيد باعتبار أن شهر ديسمبر يعد موعد ذروة الموسم، وبنهايته يجب أن يكون قد تم تجميع حوالي 80 أو 90 % من الزيتون، يقول الفلاح إن الجني في جهة قفصة بصفة عامة لم يصل إلى غاية الآن إلى 10 % .
وتشهد عدة مناطق فلاحية من جهة سليانة حالة من الارتباك بسبب النقص الحاد في اليد العاملة، الأمر الذي تسبب في تأخر انطلاق عمليات الجني، مما ولد تخوفات لدى الفلاحين من استمرار هذا النقص وما يمكن أن يكون له من تأثير سلبي على الثمار. ووفقا لعدد من الفلاحين من جهة سليانة، فإن هذا النقص يعود إلى عزوف الشباب عن العمل في القطاع الفلاحي، بالإضافة إلى هجرة اليد العاملة الريفية نحو المدن والمناطق الصناعية، ناهيك عن ارتفاع تكلفة الجني التي أصبحت تفوق قدرة العديد من صغار المنتجين.
وفي نفس الإطار، صرح رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بالقصرين أن موسم الجني يتقدم بشكل متواضع ولم يتجاوز 20 % في مختلف مناطق الجهة. وبين أن نقص اليد العاملة يعد أبرز أسباب هذا التأخير، بالإضافة إلى عدم استقرار أسعار زيت الزيتون، الأمر الذي دفع الكثير من الفلاحين إلى التريث في الجني في انتظار وضوح الرؤية.
واعتبر بدوره رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بالقيروان المولدي الرمضاني، أن نقص اليد العاملة وارتفاع تكلفة الإنتاج من أبرز الإشكاليات التي تواجه الموسم.
ويتفق رؤساء الاتحادات الجهوية للفلاحة في تصريحات متطابقة أن هذا الإشكال أصبح يتكرر كل موسم، ويؤجل انطلاق الجني لدى العديد من المنتجين، وخاصة صغار الفلاحين.
ويؤدي النقص الحاصل في اليد العاملة إلى عدم القدرة على جمع المحصول في الوقت المناسب، ما يؤثر بشكل واضح على جودة الثمار ونوعية الزيت. كما يؤدي هذا إلى ارتفاع تكلفة اليد العاملة بشكل يعجز صغار الفلاحين عن تغطيتها، باعتبار أن زيادة أجور العمال ترفع في تكلفة الإنتاج بشكل كبير.
وحسب تصريح رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة بولاية سوسة، تحتاج صابة الزيتون للموسم الحالي إلى نحو 120 ألف عامل وعاملة لجنيها على امتداد الأربعة أشهر التي يمثلها الموسم تقريبا.
وتختلف آليات التشغيل من جهة إلى أخرى بالنسبة لليد العاملة. ففي الوقت الذي يعتمد جزء من الفلاحين على الخلاص اليومي للعاملين والعاملات، تتراوح تسعيرته بين 40 و50 دينارا للرجال و25 و30 دينارا للنساء (جهة سوسة)، يعتمد الفلاح في مناطق أخرى، مثل قفصة وسيدي بوزيد وصفاقس، على تسعيرة مكافئة للكميات الجني المسجلة يوميا. ويمكن خلالها لعامل أو عاملة تحصيل أجر يومي يصل إلى 100 دينار.
ولا يعتبر الفلاح في خصوص نقص اليد العاملة أن التوجه إلى التكنولوجيا والمكننة قادر على خلق الفارق في موسم جني الزيتون، باعتبار غياب يد عاملة مختصة في استعمال آلات الجني. كما أن غالبية أشجار الزيتون غير ملائمة لهذه الخطوة، باعتبار أن طريقة تقليمها «الزبيرة» وتشابك أغصانها التي لا تتماشى مع شكل الآلة وعملها.
ويدعو الفلاحون أصحاب القرار إلى إيلاء هذا الموضوع أهمية لازمة، والبحث في حلول تمكّنهم من الحصول على يد عاملة مختصة، مثل مراكز التكوين وآليات التشغيل المحفزة للشباب، والتي تجعل من قطاع الفلاحة قطاعا جاذبا لهم، وليس منفرا لما يتصل به من دونية وعقلية وصم للعاملين فيه.
ولا يُعتبر نقص اليد العاملة أمرا مستجدا في تونس، حيث بدأ المشكل يُطرح منذ أكثر من عشر سنوات. ومثلت العمالة الأجنبية من المهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء حلا أنقذ الموسم في السنوات الأخيرة، لكن هذا العام، أمام منعهم من العمل من قبل السلطات الأمنية التونسية، يجد الفلاحون صعوبات كبيرة في إيجاد يد عاملة بديلة.
وللإشارة، فإن نقص اليد العاملة الفلاحية بشكل عام والمتصلة بموسم جني الزيتون هو أمر تتشارك فيه جميع الدول المنتجة للزيتون.
فمثلا في إيطاليا وإسبانيا، تعتمد حلول اليد العاملة لموسم جني الزيتون على مزيج من التقنيات التقليدية (العصي والشبكات)، والآلات الحديثة (الهزازات الكهربائية والميكانيكية)، والاستعانة بعمالة موسمية خاصة من دول خارج الاتحاد الأوروبي أو عمال مهاجرين، مع التركيز المتزايد على الآلات لتقليل الاعتماد على العمالة وتكاليفها المرتفعة، خاصة في المناطق ذات الإنتاج الضخم. ومع ذلك، توجد تحديات مستمرة تتعلق بتوفير عمالة متخصصة وماهرة وموسمية.
تتجه إسبانيا، المنتج الأول للزيتون في العالم، نحو التحديث الميكانيكي لتعويض نقص العمالة البشرية، مع استمرار الاعتماد على العمالة الموسمية المنظمة في بعض الأحيان.
ريم سوودي
يواجه محرز التليلي، وهو فلاح ومنتج للزيتون من جهة قفصة، صعوبات كبيرة في إيجاد يد عاملة لموسم جني الزيتون. ففي الوقت الذي كان من المفروض أن يكون التجميع قد تقدم بشكل جيد باعتبار أن شهر ديسمبر يعد موعد ذروة الموسم، وبنهايته يجب أن يكون قد تم تجميع حوالي 80 أو 90 % من الزيتون، يقول الفلاح إن الجني في جهة قفصة بصفة عامة لم يصل إلى غاية الآن إلى 10 % .
وتشهد عدة مناطق فلاحية من جهة سليانة حالة من الارتباك بسبب النقص الحاد في اليد العاملة، الأمر الذي تسبب في تأخر انطلاق عمليات الجني، مما ولد تخوفات لدى الفلاحين من استمرار هذا النقص وما يمكن أن يكون له من تأثير سلبي على الثمار. ووفقا لعدد من الفلاحين من جهة سليانة، فإن هذا النقص يعود إلى عزوف الشباب عن العمل في القطاع الفلاحي، بالإضافة إلى هجرة اليد العاملة الريفية نحو المدن والمناطق الصناعية، ناهيك عن ارتفاع تكلفة الجني التي أصبحت تفوق قدرة العديد من صغار المنتجين.
وفي نفس الإطار، صرح رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بالقصرين أن موسم الجني يتقدم بشكل متواضع ولم يتجاوز 20 % في مختلف مناطق الجهة. وبين أن نقص اليد العاملة يعد أبرز أسباب هذا التأخير، بالإضافة إلى عدم استقرار أسعار زيت الزيتون، الأمر الذي دفع الكثير من الفلاحين إلى التريث في الجني في انتظار وضوح الرؤية.
واعتبر بدوره رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بالقيروان المولدي الرمضاني، أن نقص اليد العاملة وارتفاع تكلفة الإنتاج من أبرز الإشكاليات التي تواجه الموسم.
ويتفق رؤساء الاتحادات الجهوية للفلاحة في تصريحات متطابقة أن هذا الإشكال أصبح يتكرر كل موسم، ويؤجل انطلاق الجني لدى العديد من المنتجين، وخاصة صغار الفلاحين.
ويؤدي النقص الحاصل في اليد العاملة إلى عدم القدرة على جمع المحصول في الوقت المناسب، ما يؤثر بشكل واضح على جودة الثمار ونوعية الزيت. كما يؤدي هذا إلى ارتفاع تكلفة اليد العاملة بشكل يعجز صغار الفلاحين عن تغطيتها، باعتبار أن زيادة أجور العمال ترفع في تكلفة الإنتاج بشكل كبير.
وحسب تصريح رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة بولاية سوسة، تحتاج صابة الزيتون للموسم الحالي إلى نحو 120 ألف عامل وعاملة لجنيها على امتداد الأربعة أشهر التي يمثلها الموسم تقريبا.
وتختلف آليات التشغيل من جهة إلى أخرى بالنسبة لليد العاملة. ففي الوقت الذي يعتمد جزء من الفلاحين على الخلاص اليومي للعاملين والعاملات، تتراوح تسعيرته بين 40 و50 دينارا للرجال و25 و30 دينارا للنساء (جهة سوسة)، يعتمد الفلاح في مناطق أخرى، مثل قفصة وسيدي بوزيد وصفاقس، على تسعيرة مكافئة للكميات الجني المسجلة يوميا. ويمكن خلالها لعامل أو عاملة تحصيل أجر يومي يصل إلى 100 دينار.
ولا يعتبر الفلاح في خصوص نقص اليد العاملة أن التوجه إلى التكنولوجيا والمكننة قادر على خلق الفارق في موسم جني الزيتون، باعتبار غياب يد عاملة مختصة في استعمال آلات الجني. كما أن غالبية أشجار الزيتون غير ملائمة لهذه الخطوة، باعتبار أن طريقة تقليمها «الزبيرة» وتشابك أغصانها التي لا تتماشى مع شكل الآلة وعملها.
ويدعو الفلاحون أصحاب القرار إلى إيلاء هذا الموضوع أهمية لازمة، والبحث في حلول تمكّنهم من الحصول على يد عاملة مختصة، مثل مراكز التكوين وآليات التشغيل المحفزة للشباب، والتي تجعل من قطاع الفلاحة قطاعا جاذبا لهم، وليس منفرا لما يتصل به من دونية وعقلية وصم للعاملين فيه.
ولا يُعتبر نقص اليد العاملة أمرا مستجدا في تونس، حيث بدأ المشكل يُطرح منذ أكثر من عشر سنوات. ومثلت العمالة الأجنبية من المهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء حلا أنقذ الموسم في السنوات الأخيرة، لكن هذا العام، أمام منعهم من العمل من قبل السلطات الأمنية التونسية، يجد الفلاحون صعوبات كبيرة في إيجاد يد عاملة بديلة.
وللإشارة، فإن نقص اليد العاملة الفلاحية بشكل عام والمتصلة بموسم جني الزيتون هو أمر تتشارك فيه جميع الدول المنتجة للزيتون.
فمثلا في إيطاليا وإسبانيا، تعتمد حلول اليد العاملة لموسم جني الزيتون على مزيج من التقنيات التقليدية (العصي والشبكات)، والآلات الحديثة (الهزازات الكهربائية والميكانيكية)، والاستعانة بعمالة موسمية خاصة من دول خارج الاتحاد الأوروبي أو عمال مهاجرين، مع التركيز المتزايد على الآلات لتقليل الاعتماد على العمالة وتكاليفها المرتفعة، خاصة في المناطق ذات الإنتاج الضخم. ومع ذلك، توجد تحديات مستمرة تتعلق بتوفير عمالة متخصصة وماهرة وموسمية.
تتجه إسبانيا، المنتج الأول للزيتون في العالم، نحو التحديث الميكانيكي لتعويض نقص العمالة البشرية، مع استمرار الاعتماد على العمالة الموسمية المنظمة في بعض الأحيان.