لم يعد الفضاء الرقمي مجرد وسيلة للتواصل الافتراضي فحسب، بل تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى فضاء تجاري لتسويق منتجات مختلفة وكسب المال، بالإضافة إلى كونه مصدر شغل حقيقي له خصوصيته ومخاطره أيضا. فاليوم، كل ما تحتاجه تستطيع اقتناءه إلكترونيا ومن هاتفك المحمول، ملابس، عطور، تجهيزات منزلية، أحذية، مواد تجميل، هواتف، أجهزة إلكترونية، أثاث، مكملات غذائية، وكل ما تحتاجه في حياتك اليومية. حتى المتاجر الكبرى أصبحت تعتمد التسويق الإلكتروني، لأن المتاجر الإلكترونية هي الأكثر جدوى وقدرة على الوصول إلى قاعدة أكبر من المستهلكين، حيث يمكن لكل العلامات التجارية أن تصل إلى المستهلك في أي مكان مع توفير أكثر من وسيلة دفع. وكل ذلك لا يتطلب الكثير من الجهد؛ يكفي أن يكون هاتفك المحمول مرتبطا بشبكة الإنترنت.
وقد أثّر الازدهار المتواصل للتجارة الإلكترونية بشكل إيجابي على قطاعات أخرى مثل شركات التوصيل التي ازدهرت بدورها نتيجة لهذا الانتعاش في التجارة الإلكترونية. ولئن كانت التجارة الإلكترونية خيارا فرضه التطور التكنولوجي، فإنها في تونس ما زالت تواجه بعض الإشكاليات، وبالخصوص إشكاليات تنظيمية وهيكلية وتشريعية.
ومع بداية الشهر الجاري، أعلنت وزارة التجارة عن إطلاق البرنامج الإقليمي «للتجارة الرقمية والإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، الذي يهدف إلى دعم مسار تحول الاقتصاد الرقمي وتعزيزه في 8 دول من جنوب البحر الأبيض المتوسط، من بينها تونس. ويمكن أن يعمل هذا البرنامج على تنظيم قطاع التجارة الإلكترونية في بلادنا، الذي يشهد خروقات وعمليات تحايل كبيرة، رغم وجود بعض التشريعات التي تحمي المستهلك، مثل المرسوم 54 الذي يكافح الجرائم المعلوماتية، بالإضافة إلى القانون عدد 83 لسنة 2000 المتعلق بالمبادلات والتجارة الالكترونية. لكن هذه التشريعات لم تواكب تطورات التجارة الإلكترونية، ما جعل عددا من النواب يتقدمون في شهر مارس الماضي بمقترح قانون لتنظيم التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي، بهدف حماية المستهلكين والتجار من الفوضى والمنافسة غير العادلة، ولإرساء إطار قانوني يحد من الممارسات الاحتيالية، وتوحيد آليات المراقبة والحماية القانونية في الفضاء الرقمي.
انتعاش النشاط التجاري الإلكتروني
ساهمت جائحة كورونا وغلق المحلات والمتاجر في تنامي اعتماد المنصات الإلكترونية وكل الوسائط في انتعاش التسويق والبيع الإلكتروني، مع وجود قاعدة واسعة للمستهلكين. لتشهد السنوات اللاحقة اكتساح مواقع التواصل الاجتماعي لميدان البيع والترويج، بالنظر إلى العدد الضخم لرواد هذه المواقع في تونس، مما يوفر قاعدة استهلاكية كبيرة جدًا ومغرية لاستقطابها من طرف التجار. وتشير بعض الإحصائيات إلى أن أكثر من 90 % من التونسيين متواجدون على مواقع التواصل الاجتماعي.
وانطلاقا من ورشة نظمتها وزارة التجارة في شهر أكتوبر الماضي، والتي جمعت كل الفاعلين والهياكل المتدخلة، أكدت الوزارة أن من بين مخرجات تلك الورشة العمل على تطوير آليات التجارة الإلكترونية، مثل الدفع الإلكتروني، وتعزيز الخدمات اللوجستية، وتوحيد الإجراءات، وتبسيط المعاملات العابرة للحدود. إضافة إلى تنمية الكفاءات ورفع كفاءة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وذلك في إطار خطة إصلاح ستُعتمد خلال السنوات الأربع القادمة لتنظيم هذا القطاع الذي أصبح رافدا اقتصاديا مهمّا. ومن الإصلاحات التي تعمل عليها الوزارة إنشاء بوابة وطنية ستكون بمثابة بوابة رقمية موحدة للتجارة الإلكترونية، بهدف تنظيم القطاع وتعزيز قدراته. خاصة بعد أن تونس قد حصلت مؤخرا على الموافقة من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية لإعداد الاستراتيجية الوطنية حول التجارة الإلكترونية لسنة 2026، فضلا عن العمل حاليا على بروتوكول التجارة الرقمية في منطقة الزليكاف، ما يفرض اليوم التفكير في تطوير الإطار التشريعي والقانوني لملاءمته لهذا البروتوكول لتسهيل التعامل البيني مع الخارج.
وفي إحصائيات سابقة أعلنتها الوزارة، أكدت تطور عدد المعاملات الإلكترونية بنسبة 67 % لتبلغ 6.4 مليون معاملة. أما القيمة الجملية للمعاملات التجارية والخدماتية فقد بلغت قرابة 346.7 مليون دينار. وهذه المعاملات هي معاملات لافتة وهامة تتغذى من وجود سوق استهلاكية ضخمة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي 7.12 مليون مستخدم في جانفي 2024، أي ما يعادل 56.9 % من إجمالي عدد السكان. وبالرجوع إلى تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «مؤشر التجارة الإلكترونية لسنة 2020»، تحتل تونس المرتبة 77 عالميا، وعلى المستوى الإفريقي تحتل المرتبة الثالثة، وعلى المستوى العربي تحتل المرتبة التاسعة. أما على مستوى بلدان المغرب العربي، فتحتفظ تونس بالمرتبة الأولى منذ عدة سنوات.
المبادرة التشريعية
توفر التجارة الإلكترونية العديد من المميزات للمستهلك، مثل توفير الوقت، وتعدد الخيارات، والشراء كل ما يرغب فيه دون طوابير ولا ازدحام. وقد ساهم التسوق الإلكتروني في خلق مواطن شغل في تونس، متمثلة في عمال التوصيل الذين أصبحوا همزة الوصل بين المستهلك والبائع، حيث ظهرت شركات مختصة في الشحن المحلي والدولي وخدمات التوصيل والتوزيع. ووفق دراسة لمؤسسة «فريدريش إيبرت»، فإن 80 % من العاملين في خدمات التوصيل في تونس هم ذكور، و20 % منهم إناث، وبينهم مستويات جامعية بنسبة 6 % وفق الدراسة.
وأمام تنامي هذه التجارة واكتساحها لحياة التونسيين اليومية، نظرت لجنة تنظيم الإدارة والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد بمجلس نواب الشعب في بداية مارس الماضي في مقترح القانون المتعلق بتنظيم ممارسة نشاط التسويق والترويج على المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي. وكان مكتب مجلس نواب الشعب قد تقدم منذ ماي 2024 بمقترح قانون ممضى من قبل أكثر من 80 نائبا يتعلق بتنظيم نشاط التسويق والترويج عبر المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي إلى لجنة تنظيم الإدارة والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد، مع التوصية بأخذ رأي لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة.
وعلل النواب الذين تقدموا بهذا القانون بأن الفوضى المسجلة على مستوى المعاملات التجارية على مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تمثل تهديدا مباشرا للاقتصاد المنظم وتسببت في ضرر بالغ لعدد من الشركات المنتظمة في قطاع التجارة الإلكترونية، من المؤسسات الصغرى والمتوسطة، ولباعة المحلات التقليدية. مؤكدين أن هذه المبادرة تسعى إلى ضبط قواعد واضحة لحماية كل من البائع والمشتري من عمليات الاحتيال الإلكتروني، بالإضافة إلى تنظيم قطاع التجارة الإلكترونية ودمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الرسمية. كما تهدف إلى تعزيز العدالة الضريبية وضمان استفادة الخزينة العامة من العائدات المالية الناجمة عن هذه الأنشطة، من خلال وضع حدّ للفوضى التي يشهدها القطاع والتي تضر بالشركات المنظمة، خاصة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وكذلك المحلات التجارية التقليدية التي تلتزم بدفع الضرائب وتوفر فرص عمل منظمة. إضافة إلى هدف هذه المبادرة التشريعية في حماية المستهلك من الغش التجاري، خاصة فيما يتعلق ببيع المنتجات ذات الجودة المنخفضة أو المجهولة المصدر، لا سيما تلك التي تمس بالصحة الجسدية والنفسية.
ويتكون مشروع القانون من 49 فصلا موزعة على ستة أبواب تشمل التعريفات العامة، والإجراءات التنظيمية، وحماية حقوق المستهلك، وشروط العقود، إضافة إلى ضوابط الإعلان الإلكتروني والمخالفات والعقوبات. كما يتضمن المشروع عقوبات تتراوح بين الإنذار وخطايا مالية بين 1000 و5000 دينار، وصولا إلى إمكانية حجب المحل الإلكتروني مؤقتا أو كليا بالتنسيق مع الجهات المختصة. علما بأن القانون يُلزم الراغبين في ممارسة النشاط الإلكتروني بسحب كراس شروط رسمي من وزارة التجارة أو تحميله إلكترونيًا، ويُلزم الممارسين بأن يكونوا بالغين 18 عامًا على الأقل، وأن تكون قد صدرت في حقهم عقوبات سابقة تتعلق بالنشاط التجاري الإلكتروني. إلا أن الواقع اليوم شهد انفلاتًا كبيرًا على مستوى الممارسة مع انتشار واسع لحالات الغش والتحيل، دون رادع قانوني يحمي المستهلكين من بعض الممارسات الخطرة، مثل تسويق منتجات مضرة بالصحة.
منية العرفاوي
لم يعد الفضاء الرقمي مجرد وسيلة للتواصل الافتراضي فحسب، بل تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى فضاء تجاري لتسويق منتجات مختلفة وكسب المال، بالإضافة إلى كونه مصدر شغل حقيقي له خصوصيته ومخاطره أيضا. فاليوم، كل ما تحتاجه تستطيع اقتناءه إلكترونيا ومن هاتفك المحمول، ملابس، عطور، تجهيزات منزلية، أحذية، مواد تجميل، هواتف، أجهزة إلكترونية، أثاث، مكملات غذائية، وكل ما تحتاجه في حياتك اليومية. حتى المتاجر الكبرى أصبحت تعتمد التسويق الإلكتروني، لأن المتاجر الإلكترونية هي الأكثر جدوى وقدرة على الوصول إلى قاعدة أكبر من المستهلكين، حيث يمكن لكل العلامات التجارية أن تصل إلى المستهلك في أي مكان مع توفير أكثر من وسيلة دفع. وكل ذلك لا يتطلب الكثير من الجهد؛ يكفي أن يكون هاتفك المحمول مرتبطا بشبكة الإنترنت.
وقد أثّر الازدهار المتواصل للتجارة الإلكترونية بشكل إيجابي على قطاعات أخرى مثل شركات التوصيل التي ازدهرت بدورها نتيجة لهذا الانتعاش في التجارة الإلكترونية. ولئن كانت التجارة الإلكترونية خيارا فرضه التطور التكنولوجي، فإنها في تونس ما زالت تواجه بعض الإشكاليات، وبالخصوص إشكاليات تنظيمية وهيكلية وتشريعية.
ومع بداية الشهر الجاري، أعلنت وزارة التجارة عن إطلاق البرنامج الإقليمي «للتجارة الرقمية والإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، الذي يهدف إلى دعم مسار تحول الاقتصاد الرقمي وتعزيزه في 8 دول من جنوب البحر الأبيض المتوسط، من بينها تونس. ويمكن أن يعمل هذا البرنامج على تنظيم قطاع التجارة الإلكترونية في بلادنا، الذي يشهد خروقات وعمليات تحايل كبيرة، رغم وجود بعض التشريعات التي تحمي المستهلك، مثل المرسوم 54 الذي يكافح الجرائم المعلوماتية، بالإضافة إلى القانون عدد 83 لسنة 2000 المتعلق بالمبادلات والتجارة الالكترونية. لكن هذه التشريعات لم تواكب تطورات التجارة الإلكترونية، ما جعل عددا من النواب يتقدمون في شهر مارس الماضي بمقترح قانون لتنظيم التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي، بهدف حماية المستهلكين والتجار من الفوضى والمنافسة غير العادلة، ولإرساء إطار قانوني يحد من الممارسات الاحتيالية، وتوحيد آليات المراقبة والحماية القانونية في الفضاء الرقمي.
انتعاش النشاط التجاري الإلكتروني
ساهمت جائحة كورونا وغلق المحلات والمتاجر في تنامي اعتماد المنصات الإلكترونية وكل الوسائط في انتعاش التسويق والبيع الإلكتروني، مع وجود قاعدة واسعة للمستهلكين. لتشهد السنوات اللاحقة اكتساح مواقع التواصل الاجتماعي لميدان البيع والترويج، بالنظر إلى العدد الضخم لرواد هذه المواقع في تونس، مما يوفر قاعدة استهلاكية كبيرة جدًا ومغرية لاستقطابها من طرف التجار. وتشير بعض الإحصائيات إلى أن أكثر من 90 % من التونسيين متواجدون على مواقع التواصل الاجتماعي.
وانطلاقا من ورشة نظمتها وزارة التجارة في شهر أكتوبر الماضي، والتي جمعت كل الفاعلين والهياكل المتدخلة، أكدت الوزارة أن من بين مخرجات تلك الورشة العمل على تطوير آليات التجارة الإلكترونية، مثل الدفع الإلكتروني، وتعزيز الخدمات اللوجستية، وتوحيد الإجراءات، وتبسيط المعاملات العابرة للحدود. إضافة إلى تنمية الكفاءات ورفع كفاءة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وذلك في إطار خطة إصلاح ستُعتمد خلال السنوات الأربع القادمة لتنظيم هذا القطاع الذي أصبح رافدا اقتصاديا مهمّا. ومن الإصلاحات التي تعمل عليها الوزارة إنشاء بوابة وطنية ستكون بمثابة بوابة رقمية موحدة للتجارة الإلكترونية، بهدف تنظيم القطاع وتعزيز قدراته. خاصة بعد أن تونس قد حصلت مؤخرا على الموافقة من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية لإعداد الاستراتيجية الوطنية حول التجارة الإلكترونية لسنة 2026، فضلا عن العمل حاليا على بروتوكول التجارة الرقمية في منطقة الزليكاف، ما يفرض اليوم التفكير في تطوير الإطار التشريعي والقانوني لملاءمته لهذا البروتوكول لتسهيل التعامل البيني مع الخارج.
وفي إحصائيات سابقة أعلنتها الوزارة، أكدت تطور عدد المعاملات الإلكترونية بنسبة 67 % لتبلغ 6.4 مليون معاملة. أما القيمة الجملية للمعاملات التجارية والخدماتية فقد بلغت قرابة 346.7 مليون دينار. وهذه المعاملات هي معاملات لافتة وهامة تتغذى من وجود سوق استهلاكية ضخمة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي 7.12 مليون مستخدم في جانفي 2024، أي ما يعادل 56.9 % من إجمالي عدد السكان. وبالرجوع إلى تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «مؤشر التجارة الإلكترونية لسنة 2020»، تحتل تونس المرتبة 77 عالميا، وعلى المستوى الإفريقي تحتل المرتبة الثالثة، وعلى المستوى العربي تحتل المرتبة التاسعة. أما على مستوى بلدان المغرب العربي، فتحتفظ تونس بالمرتبة الأولى منذ عدة سنوات.
المبادرة التشريعية
توفر التجارة الإلكترونية العديد من المميزات للمستهلك، مثل توفير الوقت، وتعدد الخيارات، والشراء كل ما يرغب فيه دون طوابير ولا ازدحام. وقد ساهم التسوق الإلكتروني في خلق مواطن شغل في تونس، متمثلة في عمال التوصيل الذين أصبحوا همزة الوصل بين المستهلك والبائع، حيث ظهرت شركات مختصة في الشحن المحلي والدولي وخدمات التوصيل والتوزيع. ووفق دراسة لمؤسسة «فريدريش إيبرت»، فإن 80 % من العاملين في خدمات التوصيل في تونس هم ذكور، و20 % منهم إناث، وبينهم مستويات جامعية بنسبة 6 % وفق الدراسة.
وأمام تنامي هذه التجارة واكتساحها لحياة التونسيين اليومية، نظرت لجنة تنظيم الإدارة والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد بمجلس نواب الشعب في بداية مارس الماضي في مقترح القانون المتعلق بتنظيم ممارسة نشاط التسويق والترويج على المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي. وكان مكتب مجلس نواب الشعب قد تقدم منذ ماي 2024 بمقترح قانون ممضى من قبل أكثر من 80 نائبا يتعلق بتنظيم نشاط التسويق والترويج عبر المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي إلى لجنة تنظيم الإدارة والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد، مع التوصية بأخذ رأي لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة.
وعلل النواب الذين تقدموا بهذا القانون بأن الفوضى المسجلة على مستوى المعاملات التجارية على مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تمثل تهديدا مباشرا للاقتصاد المنظم وتسببت في ضرر بالغ لعدد من الشركات المنتظمة في قطاع التجارة الإلكترونية، من المؤسسات الصغرى والمتوسطة، ولباعة المحلات التقليدية. مؤكدين أن هذه المبادرة تسعى إلى ضبط قواعد واضحة لحماية كل من البائع والمشتري من عمليات الاحتيال الإلكتروني، بالإضافة إلى تنظيم قطاع التجارة الإلكترونية ودمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الرسمية. كما تهدف إلى تعزيز العدالة الضريبية وضمان استفادة الخزينة العامة من العائدات المالية الناجمة عن هذه الأنشطة، من خلال وضع حدّ للفوضى التي يشهدها القطاع والتي تضر بالشركات المنظمة، خاصة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وكذلك المحلات التجارية التقليدية التي تلتزم بدفع الضرائب وتوفر فرص عمل منظمة. إضافة إلى هدف هذه المبادرة التشريعية في حماية المستهلك من الغش التجاري، خاصة فيما يتعلق ببيع المنتجات ذات الجودة المنخفضة أو المجهولة المصدر، لا سيما تلك التي تمس بالصحة الجسدية والنفسية.
ويتكون مشروع القانون من 49 فصلا موزعة على ستة أبواب تشمل التعريفات العامة، والإجراءات التنظيمية، وحماية حقوق المستهلك، وشروط العقود، إضافة إلى ضوابط الإعلان الإلكتروني والمخالفات والعقوبات. كما يتضمن المشروع عقوبات تتراوح بين الإنذار وخطايا مالية بين 1000 و5000 دينار، وصولا إلى إمكانية حجب المحل الإلكتروني مؤقتا أو كليا بالتنسيق مع الجهات المختصة. علما بأن القانون يُلزم الراغبين في ممارسة النشاط الإلكتروني بسحب كراس شروط رسمي من وزارة التجارة أو تحميله إلكترونيًا، ويُلزم الممارسين بأن يكونوا بالغين 18 عامًا على الأقل، وأن تكون قد صدرت في حقهم عقوبات سابقة تتعلق بالنشاط التجاري الإلكتروني. إلا أن الواقع اليوم شهد انفلاتًا كبيرًا على مستوى الممارسة مع انتشار واسع لحالات الغش والتحيل، دون رادع قانوني يحمي المستهلكين من بعض الممارسات الخطرة، مثل تسويق منتجات مضرة بالصحة.