-الوكالة العقارية الصناعية تقود التحول نحو مناطق صناعية أقل كلفة وأكثر نجاعة
في وقت تتصاعد فيه المنافسة على استقطاب الاستثمارات الصناعية وتحقيق الاندماج في سلاسل القيمة العالمية، تضع تونس نصب أعينها هدفا استراتيجيا يتمثل في إنشاء مناطق صناعية ذات قدرة تنافسية عالية، وفق ما أكده مشروع مخطط التنمية 2026/2030. ويعكس هذا التوجه إدراكا متزايدا بضرورة إعادة هيكلة المشهد الصناعي الوطني وتوفير فضاءات إنتاج متطورة قادرة على جذب المستثمرين، عبر بيئة أعمال أكثر مرونة، وبنية تحتية لوجستية حديثة، وحوافز تشجيعية تتماشى مع المعايير الدولية.
وتسعى الحكومة من خلال هذا التمشي إلى إرساء جيل جديد من المناطق الصناعية التي تتجاوز دورها التقليدي كمجرّد فضاءات للإنتاج، لتتحول إلى محركات للنمو ومراكز للابتكار والتخصص، بما يمكّن تونس من تعزيز موقعها في المحيط الإقليمي ومجاراة التحولات العالمية المتسارعة في عالم الصناعة والتكنولوجيا.
وفي ظل هذه الرؤية، يبدو أن الرهان لم يعد فقط على توفير أراض مجهّزة، بل على بناء منظومات اقتصادية متكاملة قادرة على استيعاب الاستثمارات النوعية ودفع الاقتصاد نحو آفاق أرحب من التنافسية والاستدامة.
وتهدف تونس إلى إنشاء مناطق صناعية ذات قدرة تنافسية عالية في المحيط الإقليمي لبلادنا، وهو ما تم التأكيد عليه في مشروع مخطط التنمية 2026/2030، على خلفية أن مخططات التنمية يجب أن تتوفّر فيها نقاط تستجيب لتطلعات المستثمرين والباعثين والمصدّرين، وتترجم الطموحات المستقبلية للدولة في مختلف القطاعات من بينها القطاع الصناعي، وتضع إحداث مناطق صناعية نموذجية ورائدة ضمن أولوياتها القصوى.
وفي هذا السياق، تمضي الوكالة العقارية الصناعية بخطوات حثيثة نحو إحداث جيل جديد من المناطق الصناعية الذكية والمندمجة، التي تجمع بين متطلبات التنافسية والابتكار واحترام المعايير البيئية. فوفق التوجهات الاستراتيجية للمرحلة المقبلة، تعمل الوكالة على تصميم فضاءات صناعية تتوفر فيها شروط الحفاظ على البيئة والتحكم في الطاقة، من خلال اعتماد حلول فعّالة للتقليص من الانبعاثات الكربونية وترشيد استهلاك المياه، بما يشمل تقنيات إعادة الاستخدام، وأنظمة المراقبة الذكية، وتجهيز الوحدات بمحطات لمعالجة المياه المستعملة.
التحول الرقمي وتحسين الإنتاجية
كما تولي الوكالة أهمية متزايدة للتحول الرقمي، عبر تجهيز هذه المناطق بالألياف البصرية وربطها بشبكات إنترنت عالية التدفق، بما يمكّن المؤسسات المنتصبة فيها من تحسين عملياتها الإنتاجية، وتطوير خدماتها اللوجستية، وتعزيز قدرتها على التفاعل مع سلاسل التوريد العالمية. وتراهن الوكالة من خلال هذه المقاربة المتكاملة على إرساء بيئة صناعية أكثر جاذبية واستدامة، قادرة على مواكبة التحولات التكنولوجية والبيئية الراهنة، ودعم تموقع تونس كوجهة صناعية متطورة.
معادلة قد تشكّل حجر الأساس للتوسع والتقدم بثبات نحو الصناعة الذكية «4.0»، ولتكون هذه المناطق رافدا للتطور الصناعي والتنموي والتقني والعلمي، والعبور نحو الإقلاع الاقتصادي.
ولا تُعدّ استراتيجية الوكالة العقارية الصناعية بمنأى عن الاستراتيجية الوطنية للطاقة، وهي استراتيجية تسعى إلى تقليص الطلب على الطاقة بشكل تدريجي بنسبة تصل إلى 30 بالمائة بحلول 2035، من خلال ترشيد الاستهلاك في القطاعين الصناعي والسكني وتشجيع استعمال الطاقات المتجددة مع تحسين الأداء الطاقي في وسائل النقل والبنية التحتية، وكذلك تطوير الأطر القانونية والمؤسساتية في هذا المجال.
المناطق الصناعية الجديدة وتعزيز النجاعة الطاقية
وتبعا لذلك، ستكون المناطق الصناعية، لاسيما الجديدة أو التي لا تزال في طور الإنجاز أو التي وقع برمجة إحداثها، شريكا محوريا للدولة في تنفيذ استراتيجيتها لتعزيز النجاعة الطاقية، لا سيما في القطاع الصناعي. وباعتبار أن هذا القطاع يحظى بمكانة كبيرة ضمن النسيج المؤسساتي الاقتصادي التونسي، إذ إن القطاع الصناعي التونسي هو الأول من حيث توفير فرص العمل في البلاد، ويؤمّن قرابة 720 ألف موطن شغل.
ويمثّل خلق جيل جديد من المناطق الصناعية يضمن تواجد عناصر هامة على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، وهي عناصر تخص أساسا الذكاء والاستدامة، أحد السبل الأساسية لجعل المناطق الصناعية الحديثة جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب وحاضنة للباعثين الشبان. فعلى سبيل الذكر، عادة ما يبحث المستثمرون عن مناطق صناعية يتوفر فيها الربط بشبكة تنوير ذكية، وتتوفّر فيها أيضا مشاريع الألياف البصرية، لا سيما وأن التجديد التكنولوجي بات مطلوبا في مختلف المناطق الصناعية.
وفي هذا الصدد، أورد عضو لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بمجلس نواب الشعب الطيب الطالبي في تصريح لـ«الصباح» أن توقعات الحكومة تشير إلى أن إجمالي قيمة الاستثمارات للمشاريع الصناعية المندمجة في حدود 4 مليارات دينار للسنة الحالية 2025.
منظومة متكاملة وقوية
وأوضح محدثنا أن المناطق الصناعية المندمجة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والرقمنة وحتى الذكاء الاصطناعي، وذلك ضمن منظومة متكاملة وقوية تضم مرافق للبحث العلمي ومرافق أخرى مخصصة للإنتاج والطاقة واللوجستيك والخدمات، مما يعني أنها مرافق عديدة ومتنوعة.
وذكر عضو لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بمجلس نواب الشعب أن المناطق الصناعية المندمجة والذكية تتمتع على حد السواء ببنية تحتية متقدمة وحديثة ومهيأة بمرافق عصرية غير تقليدية، وهو ما من شأنه أن يجعل أي مستثمر يرغب في الانتصاب للحساب الخاص يضع بعث مشروع في هذه المناطق على رأس خياراته، وبالتالي الدفع نحو زيادة جاذبية الوجهة التونسية كوجهة استثمارية مهمة في المنطقة العربية والإفريقية والمتوسطية.
توجه دولي لتبني المناطق الصناعية المندمجة
واعتبر الطيب الطالبي أن العديد من الدول سارعت إلى إحداث مناطق صناعية مندجة وذكية سعيا منها إلى مواكبة مختلف التحولات العالمية الرقمية والتكنولوجية، ومن ضمن هذه الدول سنغافورة واليابان وألمانيا والدول الإسكندنافية، بالتوازي مع تزايد وتيرة الاهتمام بهذا الصنف من المناطق الصناعية على مستوى العالم.
ولاحظ المتحدث ذاته أن مشروع المخطط التنموي للفترة القادمة 2026/2030، خلال تطرقه للمناطق الصناعية المندمجة، أوضح أنه سيكون هناك توزيع وظيفي لهذه المناطق الصناعية على مختلف الأقاليم التونسية الخمسة حسب خصائص كل إقليم، بما يتماشى والثروات الطبيعية التي يتمتع بها الإقليم، والتي تختلف أغلبها عن ثروات بقية الأقاليم، لتكون هناك مردودية أكبر للمناطق الصناعية.
وأبرز أن هذا التوجه يحمل آمالا واعدة من أجل صناعة مستدامة، بالنظر إلى أنه يتكون أساسا من عناصر تبحث عن حلول للبيئة إلى جانب حلول رقمية، خاصة وأن المشاريع التي ستكون في هذه المناطق من الوارد أن تحوّل النفايات والمياه المستعملة من عبء إلى ثروة يمكن استغلالها الاستغلال الأمثل وتحويلها إلى مواد ذات قيمة مضافة عالية، من خلال رسكلة النفايات ومعالجة المياه المستعملة، لتستفيد منها المؤسسات الصناعية.
نجاعة تقريب المرافق من المستثمر
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي أنيس بن سعيد أن تقريب المرافق من المستثمر أو صاحب المؤسسة الصناعية يعد من التوجهات ذات النجاعة الكبرى، وهو ما ستعمل المناطق الصناعية المندمجة على تحقيقه، لافتا إلى أن تزويد هذه المناطق بالطاقات البديلة وبالتقنيات الذكية سيؤدي إلى دمج وتكامل بين مختلف سلاسل الإنتاج والتصنيع بما يشمل البحث العلمي، وهو ما سيساهم في خلق منطقة صناعية متطورة يوجد ضمنها إدارة عصرية تعتمد على الرقمنة، مبينا أن الرقمنة لوحدها قد تكون أحد الطرق لتجنيب المستثمر العديد من الإشكاليات الإدارية.
وفي حديثه لـ«الصباح» قال أنيس بن سعيد إن المناطق الصناعية المندمجة والذكية ستشكّل نقلة في القطاع الصناعي، خاصة من خلال تقليص التكلفة وخلق مشاريع خضراء والدفع نحو تدفق الاستثمارات.
وتحتاج الصناعة التونسية إلى ضخ دماء جديدة صلبها تكون في شكل مناطق محفّزة للتصنيع والإنتاج والتصدير وتنخرط بنجاح في سلاسل القيمة العالمية.
وتعمل تونس ضمن مخططها التنموي ليس فقط على دعم بعث المناطق الصناعية المندمجة والذكية ضمن مخططها التنموي القادم، بل أيضا على رفع نسق إحداث المناطق الصناعية من خلال تشجيع الباعثين على الإقبال على إنشاء مشاريعهم في هذه المناطق عبر اعتماد تحفيزات جبائية وتشريعية وطرح أسعار مقبولة بالنسبة للمقاسم على مستوى البيع، مع إفراد المقاسم الصناعية بمناطق التنمية الجهوية، وهي أساسا المناطق الداخلية، بأسعار أقل مقارنة ببقية المقاسم في المناطق الساحلية وتونس الكبرى، على أنها رؤية تنسجم مع برمجة بلادنا لتنفيذ استراتيجية وطنية للصناعة والتجديد في أفق سنة 2035، من خلال تحقيق صناعة ذات قدرة تنافسية عالية وذات محتوى تكنولوجي متطور.
ويلعب تنويع الصادرات والزيادة في حجم الإنتاج والصادرات دورا بارزا في تزايد الإقبال على بعث مشاريع في المناطق الصناعية، فكلما كان الإنتاج أكبر والقاعدة التصديرية ضخمة، كلما كان عدد المؤسسات الصناعية بالبلاد أكبر.
ومع ذلك، فإنه لا بد من العمل على مزيد تذليل جملة من المعوقات الإدارية التي قد تكون حاجزا أمام تسريع وتيرة إقامة مناطق صناعية جديدة، إذ في بعض الحالات تصطدم مشاريع إحداث مناطق صناعية بإشكاليات عقارية معقدة يصعب حلها سريعا، أو بعدم توفر السيولة المالية اللازمة لدى باعث المشروع.
وجدير بالذكر أن الوكالة العقارية الصناعية قد قامت بتهيئة 115 منطقة صناعية تمتد على مساحة 3067 هكتارا، منذ بعثها في سبعينيات القرن الماضي إلى شهر مارس 2025، إلى جانب أنها برمجت الحصول على المصادقة على ملفات تقسيم لـ32 منطقة صناعية والانتهاء من أشغال تهيئة 14 منطقة صناعية للفترة 2025/2027 من حيث دراسات التهيئة.
درصاف اللموشي
-الوكالة العقارية الصناعية تقود التحول نحو مناطق صناعية أقل كلفة وأكثر نجاعة
في وقت تتصاعد فيه المنافسة على استقطاب الاستثمارات الصناعية وتحقيق الاندماج في سلاسل القيمة العالمية، تضع تونس نصب أعينها هدفا استراتيجيا يتمثل في إنشاء مناطق صناعية ذات قدرة تنافسية عالية، وفق ما أكده مشروع مخطط التنمية 2026/2030. ويعكس هذا التوجه إدراكا متزايدا بضرورة إعادة هيكلة المشهد الصناعي الوطني وتوفير فضاءات إنتاج متطورة قادرة على جذب المستثمرين، عبر بيئة أعمال أكثر مرونة، وبنية تحتية لوجستية حديثة، وحوافز تشجيعية تتماشى مع المعايير الدولية.
وتسعى الحكومة من خلال هذا التمشي إلى إرساء جيل جديد من المناطق الصناعية التي تتجاوز دورها التقليدي كمجرّد فضاءات للإنتاج، لتتحول إلى محركات للنمو ومراكز للابتكار والتخصص، بما يمكّن تونس من تعزيز موقعها في المحيط الإقليمي ومجاراة التحولات العالمية المتسارعة في عالم الصناعة والتكنولوجيا.
وفي ظل هذه الرؤية، يبدو أن الرهان لم يعد فقط على توفير أراض مجهّزة، بل على بناء منظومات اقتصادية متكاملة قادرة على استيعاب الاستثمارات النوعية ودفع الاقتصاد نحو آفاق أرحب من التنافسية والاستدامة.
وتهدف تونس إلى إنشاء مناطق صناعية ذات قدرة تنافسية عالية في المحيط الإقليمي لبلادنا، وهو ما تم التأكيد عليه في مشروع مخطط التنمية 2026/2030، على خلفية أن مخططات التنمية يجب أن تتوفّر فيها نقاط تستجيب لتطلعات المستثمرين والباعثين والمصدّرين، وتترجم الطموحات المستقبلية للدولة في مختلف القطاعات من بينها القطاع الصناعي، وتضع إحداث مناطق صناعية نموذجية ورائدة ضمن أولوياتها القصوى.
وفي هذا السياق، تمضي الوكالة العقارية الصناعية بخطوات حثيثة نحو إحداث جيل جديد من المناطق الصناعية الذكية والمندمجة، التي تجمع بين متطلبات التنافسية والابتكار واحترام المعايير البيئية. فوفق التوجهات الاستراتيجية للمرحلة المقبلة، تعمل الوكالة على تصميم فضاءات صناعية تتوفر فيها شروط الحفاظ على البيئة والتحكم في الطاقة، من خلال اعتماد حلول فعّالة للتقليص من الانبعاثات الكربونية وترشيد استهلاك المياه، بما يشمل تقنيات إعادة الاستخدام، وأنظمة المراقبة الذكية، وتجهيز الوحدات بمحطات لمعالجة المياه المستعملة.
التحول الرقمي وتحسين الإنتاجية
كما تولي الوكالة أهمية متزايدة للتحول الرقمي، عبر تجهيز هذه المناطق بالألياف البصرية وربطها بشبكات إنترنت عالية التدفق، بما يمكّن المؤسسات المنتصبة فيها من تحسين عملياتها الإنتاجية، وتطوير خدماتها اللوجستية، وتعزيز قدرتها على التفاعل مع سلاسل التوريد العالمية. وتراهن الوكالة من خلال هذه المقاربة المتكاملة على إرساء بيئة صناعية أكثر جاذبية واستدامة، قادرة على مواكبة التحولات التكنولوجية والبيئية الراهنة، ودعم تموقع تونس كوجهة صناعية متطورة.
معادلة قد تشكّل حجر الأساس للتوسع والتقدم بثبات نحو الصناعة الذكية «4.0»، ولتكون هذه المناطق رافدا للتطور الصناعي والتنموي والتقني والعلمي، والعبور نحو الإقلاع الاقتصادي.
ولا تُعدّ استراتيجية الوكالة العقارية الصناعية بمنأى عن الاستراتيجية الوطنية للطاقة، وهي استراتيجية تسعى إلى تقليص الطلب على الطاقة بشكل تدريجي بنسبة تصل إلى 30 بالمائة بحلول 2035، من خلال ترشيد الاستهلاك في القطاعين الصناعي والسكني وتشجيع استعمال الطاقات المتجددة مع تحسين الأداء الطاقي في وسائل النقل والبنية التحتية، وكذلك تطوير الأطر القانونية والمؤسساتية في هذا المجال.
المناطق الصناعية الجديدة وتعزيز النجاعة الطاقية
وتبعا لذلك، ستكون المناطق الصناعية، لاسيما الجديدة أو التي لا تزال في طور الإنجاز أو التي وقع برمجة إحداثها، شريكا محوريا للدولة في تنفيذ استراتيجيتها لتعزيز النجاعة الطاقية، لا سيما في القطاع الصناعي. وباعتبار أن هذا القطاع يحظى بمكانة كبيرة ضمن النسيج المؤسساتي الاقتصادي التونسي، إذ إن القطاع الصناعي التونسي هو الأول من حيث توفير فرص العمل في البلاد، ويؤمّن قرابة 720 ألف موطن شغل.
ويمثّل خلق جيل جديد من المناطق الصناعية يضمن تواجد عناصر هامة على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، وهي عناصر تخص أساسا الذكاء والاستدامة، أحد السبل الأساسية لجعل المناطق الصناعية الحديثة جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب وحاضنة للباعثين الشبان. فعلى سبيل الذكر، عادة ما يبحث المستثمرون عن مناطق صناعية يتوفر فيها الربط بشبكة تنوير ذكية، وتتوفّر فيها أيضا مشاريع الألياف البصرية، لا سيما وأن التجديد التكنولوجي بات مطلوبا في مختلف المناطق الصناعية.
وفي هذا الصدد، أورد عضو لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بمجلس نواب الشعب الطيب الطالبي في تصريح لـ«الصباح» أن توقعات الحكومة تشير إلى أن إجمالي قيمة الاستثمارات للمشاريع الصناعية المندمجة في حدود 4 مليارات دينار للسنة الحالية 2025.
منظومة متكاملة وقوية
وأوضح محدثنا أن المناطق الصناعية المندمجة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والرقمنة وحتى الذكاء الاصطناعي، وذلك ضمن منظومة متكاملة وقوية تضم مرافق للبحث العلمي ومرافق أخرى مخصصة للإنتاج والطاقة واللوجستيك والخدمات، مما يعني أنها مرافق عديدة ومتنوعة.
وذكر عضو لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بمجلس نواب الشعب أن المناطق الصناعية المندمجة والذكية تتمتع على حد السواء ببنية تحتية متقدمة وحديثة ومهيأة بمرافق عصرية غير تقليدية، وهو ما من شأنه أن يجعل أي مستثمر يرغب في الانتصاب للحساب الخاص يضع بعث مشروع في هذه المناطق على رأس خياراته، وبالتالي الدفع نحو زيادة جاذبية الوجهة التونسية كوجهة استثمارية مهمة في المنطقة العربية والإفريقية والمتوسطية.
توجه دولي لتبني المناطق الصناعية المندمجة
واعتبر الطيب الطالبي أن العديد من الدول سارعت إلى إحداث مناطق صناعية مندجة وذكية سعيا منها إلى مواكبة مختلف التحولات العالمية الرقمية والتكنولوجية، ومن ضمن هذه الدول سنغافورة واليابان وألمانيا والدول الإسكندنافية، بالتوازي مع تزايد وتيرة الاهتمام بهذا الصنف من المناطق الصناعية على مستوى العالم.
ولاحظ المتحدث ذاته أن مشروع المخطط التنموي للفترة القادمة 2026/2030، خلال تطرقه للمناطق الصناعية المندمجة، أوضح أنه سيكون هناك توزيع وظيفي لهذه المناطق الصناعية على مختلف الأقاليم التونسية الخمسة حسب خصائص كل إقليم، بما يتماشى والثروات الطبيعية التي يتمتع بها الإقليم، والتي تختلف أغلبها عن ثروات بقية الأقاليم، لتكون هناك مردودية أكبر للمناطق الصناعية.
وأبرز أن هذا التوجه يحمل آمالا واعدة من أجل صناعة مستدامة، بالنظر إلى أنه يتكون أساسا من عناصر تبحث عن حلول للبيئة إلى جانب حلول رقمية، خاصة وأن المشاريع التي ستكون في هذه المناطق من الوارد أن تحوّل النفايات والمياه المستعملة من عبء إلى ثروة يمكن استغلالها الاستغلال الأمثل وتحويلها إلى مواد ذات قيمة مضافة عالية، من خلال رسكلة النفايات ومعالجة المياه المستعملة، لتستفيد منها المؤسسات الصناعية.
نجاعة تقريب المرافق من المستثمر
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي أنيس بن سعيد أن تقريب المرافق من المستثمر أو صاحب المؤسسة الصناعية يعد من التوجهات ذات النجاعة الكبرى، وهو ما ستعمل المناطق الصناعية المندمجة على تحقيقه، لافتا إلى أن تزويد هذه المناطق بالطاقات البديلة وبالتقنيات الذكية سيؤدي إلى دمج وتكامل بين مختلف سلاسل الإنتاج والتصنيع بما يشمل البحث العلمي، وهو ما سيساهم في خلق منطقة صناعية متطورة يوجد ضمنها إدارة عصرية تعتمد على الرقمنة، مبينا أن الرقمنة لوحدها قد تكون أحد الطرق لتجنيب المستثمر العديد من الإشكاليات الإدارية.
وفي حديثه لـ«الصباح» قال أنيس بن سعيد إن المناطق الصناعية المندمجة والذكية ستشكّل نقلة في القطاع الصناعي، خاصة من خلال تقليص التكلفة وخلق مشاريع خضراء والدفع نحو تدفق الاستثمارات.
وتحتاج الصناعة التونسية إلى ضخ دماء جديدة صلبها تكون في شكل مناطق محفّزة للتصنيع والإنتاج والتصدير وتنخرط بنجاح في سلاسل القيمة العالمية.
وتعمل تونس ضمن مخططها التنموي ليس فقط على دعم بعث المناطق الصناعية المندمجة والذكية ضمن مخططها التنموي القادم، بل أيضا على رفع نسق إحداث المناطق الصناعية من خلال تشجيع الباعثين على الإقبال على إنشاء مشاريعهم في هذه المناطق عبر اعتماد تحفيزات جبائية وتشريعية وطرح أسعار مقبولة بالنسبة للمقاسم على مستوى البيع، مع إفراد المقاسم الصناعية بمناطق التنمية الجهوية، وهي أساسا المناطق الداخلية، بأسعار أقل مقارنة ببقية المقاسم في المناطق الساحلية وتونس الكبرى، على أنها رؤية تنسجم مع برمجة بلادنا لتنفيذ استراتيجية وطنية للصناعة والتجديد في أفق سنة 2035، من خلال تحقيق صناعة ذات قدرة تنافسية عالية وذات محتوى تكنولوجي متطور.
ويلعب تنويع الصادرات والزيادة في حجم الإنتاج والصادرات دورا بارزا في تزايد الإقبال على بعث مشاريع في المناطق الصناعية، فكلما كان الإنتاج أكبر والقاعدة التصديرية ضخمة، كلما كان عدد المؤسسات الصناعية بالبلاد أكبر.
ومع ذلك، فإنه لا بد من العمل على مزيد تذليل جملة من المعوقات الإدارية التي قد تكون حاجزا أمام تسريع وتيرة إقامة مناطق صناعية جديدة، إذ في بعض الحالات تصطدم مشاريع إحداث مناطق صناعية بإشكاليات عقارية معقدة يصعب حلها سريعا، أو بعدم توفر السيولة المالية اللازمة لدى باعث المشروع.
وجدير بالذكر أن الوكالة العقارية الصناعية قد قامت بتهيئة 115 منطقة صناعية تمتد على مساحة 3067 هكتارا، منذ بعثها في سبعينيات القرن الماضي إلى شهر مارس 2025، إلى جانب أنها برمجت الحصول على المصادقة على ملفات تقسيم لـ32 منطقة صناعية والانتهاء من أشغال تهيئة 14 منطقة صناعية للفترة 2025/2027 من حيث دراسات التهيئة.