إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

إثر لقاء رئيس الجمهورية بالفريق المكلف بإيجاد حلول للوضع البيئي بقابس.. مقاربة عمليـة تتجاوز المعالجات النظرية للأوضاع البيئية

عاد مجددا ملف الوضع البيئي في قابس إلى واجهة النقاش الوطني، عبر متابعة دقيقة لسير الحلول التي ضبطتها الدولة في أعلى هرمها للحد من معضلة الكارثة البيئية المتراكمة في الجهة منذ سنوات. فجاء لقاء قرطاج الأخير الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد بأعضاء الفريق المكلف بمعالجة الوضع البيئي في قابس كمحطة جديدة لتقييم التقدم المحرز في الإجراءات العاجلة وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تعزيز أو تعديل أو مراجعتها ضمن رؤية أشمل، بما يشير إلى انتقال الملف من مرحلة التشخيص إلى مرحلة المتابعة الدقيقة.

في هذا الخصوص، استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم السادس من شهر ديسمبر الجاري بقصر قرطاج أعضاء الفريق المكلف بإيجاد حلول للوضع البيئي بقابس، حيث تم تناول جملة من الحلول الآنية لوضع حد لهذه الكارثة البيئية.

وعي وطني

وأكّد رئيس الدولة أنه يُتابع الوضع يوميا، مكبرا ما أظهره أهالي قابس من وعي وطني عميق، مثنيا على العمل الذي يُواصل هذا الفريق القيام به، مشيرا إلى أن هذه الحلول يجب أن تتنزّل في إطار رؤية استراتيجية شاملة للأوضاع البيئية في كافة أنحاء البلاد.

وذكّر رئيس الجمهورية بأن الوضع لم يكن ليصل إلى هذا الحد لو تمّت الصيانة والتعهد وتجديد عدد من المعدّات في التوقيت المناسب، إلى جانب الفساد والانتدابات العشوائية التي تمت، حيث كانت تعتمد على اعتبارات سياسية لا على مقاييس علمية. كما أشار إلى أن النيّة التي كانت تتجه إلى التفويت في المجمّع الكيميائي وفي كل المؤسسات والمنشآت العمومية، ومن بين مظاهر الفساد التي لم تكن الوحيدة، طلبات العروض التي تؤول في كل مرة إلى نفس المؤسسة التي ما إن تقوم بتركيب العازل داخل آلات الإنتاج حتى تتعطّل من جديد، ومع ذلك يفوز العرض مرّة أخرى من عطلها وأفسدها.

وأكّد رئيس الدولة على أنّ الوضع لا يمكن أن يستمرّ، مشدّدا على الحقّ المشروع للشّعب في بيئة سليمة خالية من كل أشكال التلوث بكل المعاني، مُسديا تعليماته بدعم أعضاء هذا الفريق بهدف الانتهاء خلال الأيام القادمة من إعداد التقرير النهائي والشروع في الإجراءات الكفيلة بمعالجة الوضع البيئي في قابس.

وشدّد رئيس الجمهورية على ضرورة أن يتسلّح الجميع بروح الجندي المُقاتل على جبهة القتال وأن يتمّ تغليب المصلحة العليا للوطن وتفويت الفرصة على المتربّصين بتونس التي لن تكون لقمة سائغة لأيّ كان وفي أيّ موقع كان.

قابس.. أولوية

في هذا الإطار، شكل اللقاء في جوهره محطة مهمة لتثبيت ملف قابس ضمن أولويات الدولة، من خلال الانتقال من معالجة الإشكاليات العاجلة إلى بلورة إطار استراتيجي يضمن مواصلة الإصلاح ويضع حدا للممارسات التي أدّت إلى تفاقم الإهمال والفساد.

وشدّد رئيس الجمهورية قيس سعيد على أنّ أزمة قابس لم تعد مجرد أزمة قطاعية أو جهوية، بل أضحت ملفا وطنيا يستدعي اتخاذ قرارات حاسمة ومراجعة شاملة لطريقة إدارة المجمّع الكيميائي والمنظومة البيئية المحيطة به، مع ربط كل حل بالمتابعة الدقيقة، هذا بالتوازي مع عدم التراخي في تطبيق آلية المحاسبة.

ليتجلى واضحا عبر هذا اللقاء حرص الدولة في أعلى هرمها على تحويل هذا الملف من دائرة التشخيص إلى استراتيجية عمل تقوم على الحسم ورؤية تتجاوز المعالجات الظرفية لتلامس تصورا مستقبليا شاملا يقطع مع تراكمات الماضي.

خاصة وأن معضلة التلوث في قابس مثلت عنوانا صارخا لخلل هيكلي وعميق في منظومات الصيانة والرقابة والاستثمار العمومي. فمنذ عقود، ظلّ المجمّع الكيميائي يسيل الكثير من الجدل بين ضرورته الاقتصادية ومخاطره البيئية.

فجاء لقاء قصر قرطاج ليعيد ترتيب النقاش حول أزمة قابس ويضعها ضمن أولوية واضحة للدولة، بما يتيح إعادة تقييم علاقة المؤسسات العمومية بالسياسات الوطنية، وترتيب أولويات التنمية، وترسيخ مفهوم «الحق في بيئة سليمة» كعنصر أساسي وجوهري من حقوق المواطن وكرامته.

الرؤية الاستراتيجية

من النقاط التي شدّد عليها رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال هذا اللقاء تقديره لوعي أهالي قابس، الذين ظلوا يطالبون ببيئة نظيفة وحقهم في عيش كريم وآمن، بما يعكس اعترافا بأن المواطن حين يدافع عن محيطه وحقه في الحياة يصبح شريكا فعليا في حماية المصلحة العامة.

وفي هذا الخصوص، شدّد رئيس الجمهورية قيس سعيد على أن الإجراءات المتخذة يجب أن تكون جزءا من «رؤية استراتيجية شاملة» للأوضاع والإشكاليات البيئية في كامل أنحاء الجمهورية.

ذلك أن معالجة التلوث في قابس بمعزل عن بقية الإشكاليات البيئية على مستوى البلاد سيكون مجرد حل جزئي لا يعالج جذور المشكلة.

وفي هذا الصدد يستند التوجه المطلوب اليوم الى مبدأين أساسيين:

أولا: إعادة هيكلة المؤسسات الصناعية الملوّثة عبر مراجعة التقنيات وأساليب الإنتاج والاستثمار في الطاقات النظيفة.

ثانيا: ترسيخ ثقافة الصيانة والرقابة كجزء من منظومة التصرف.

من جانب آخر، لعل أبرز ما أشار إليه رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال هذا اللقاء هو أن الوضع لم يكن ليصل إلى ما هو عليه لولا التقاعس الحاصل في عمليات الصيانة والإهمال المسجل في تجديد عدد من المعدّات في التوقيت المناسب.

وهذا التشخيص يختصر سنوات طويلة من السياسات والخيارات التقشفية الخاطئة، ومن العقلية التي تعتبر الصيانة عبئا لا ضرورة، ومن تداخل المصالح الذي عطّل تحديث المعدّات الصناعية رغم أهميتها.

الفساد.. محور الأزمة

ويبعث تعاطي الدولة في أعلى هرمها مع هذا الملف برسالة مباشرة مفادها أن زمن التسامح مع شبكات النفوذ التي تقتات من المال العام قد ولى وانتهى، لتصبح المحاسبة والرقابة قاعدتين لا غنى عنهما في إدارة المرفق العمومي.

فحين يشدّد رئيس الجمهورية قيس سعيد على «الحق المشروع للشعب في بيئة سليمة خالية من كل أشكال التلوث»، فهو يضع هذا الحق في مرتبة الحقوق الأساسية التي لا تقل قيمة عن الحق في التعليم أو في الصحة.

وهذا الطرح يعكس تحول البيئة من هامش السياسات العمومية إلى مركزها، ويجعل من أي تهاون في معالجتها مسألة أمن قومي وصحة جماعية.

وتعقيبا على لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد بالفريق المكلف بإيجاد حلول للوضع البيئي في قابس، أشار رئيس لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بمجلس نواب الشعب، شكري البحري، في تصريح لـ«الصباح» أن قابس تمثل أزمة بيئية وصحية منذ عقود، لكن مع هذه اللجنة المكلفة بإيجاد حلول هناك خطوة ملموسة، خاصة وأن اللجنة ليست غريبة على قابس وتدرك جيدا مكامن الإشكال البيئي والصحي، مشيرا إلى أن رئيس الجمهورية قيس سعيد كان قد تسلم تقريرا أوليا من قبل هذه اللجنة لإيجاد الحلول العاجلة للوضع البيئي في انتظار التقرير النهائي والحلول الآنية والفورية. مشددا في السياق ذاته على أن الحق في البيئة هو حق كوني لا جدال فيه.

وأضاف محدثنا أن المعطى الإيجابي في هذه الأزمة هو وجود إرادة رئاسية بعد أن أخذ رئيس الجمهورية قيس سعيد الملف على عاتقه، مشيرا إلى أن الرهان الفعلي هو كيف ستكون آليات الإصلاح في علاقة بالوضع البيئي في قابس.

وردا على سؤال يتعلق بمدى وجود مبادرات تشريعية صلب اللجنة تعيد ترتيب أولويات السياسات البيئية في تونس، ذكر محدثنا أن هناك قانونا يتعلق بمنع إلقاء الفضلات في الأماكن العامة وتجريمها إلى جانب مقترح يتعلق بمكافحة جرائم الاعتداء على البيئة.

في هذا الخضم، وبالعودة إلى لقاء قصر قرطاج، جدير بالذكر أن تونس تقف اليوم أمام عتبات مرحلة جديدة في علاقة بإعادة صياغة علاقتها ببيئتها، ولتحويل المجمّع الكيميائي من مصدر للتلوث إلى نموذج متقدّم في التحول الطاقي والصناعي بما يعكس بداية مسار جديد في إدارة الملف البيئي على مستوى الجمهورية، في ظل وجود إرادة سياسية لإغلاق قوس الإهمال والفساد والمحسوبية، وفتح صفحة جديدة في علاقة الدولة بمواطنيها وبيئتهم.

ولكن يبقى التحدي الفعلي في التنفيذ، وفي مدى قدرة مؤسسات الدولة وهياكلها على تحويل الرؤية إلى إجراءات ملموسة، حتى تتحول قابس من عنوان للأزمة إلى نموذج يحتذى به في مسار الإصلاح.

منال حرزي

إثر لقاء رئيس الجمهورية بالفريق المكلف بإيجاد حلول للوضع البيئي بقابس..   مقاربة عمليـة تتجاوز المعالجات النظرية للأوضاع البيئية

عاد مجددا ملف الوضع البيئي في قابس إلى واجهة النقاش الوطني، عبر متابعة دقيقة لسير الحلول التي ضبطتها الدولة في أعلى هرمها للحد من معضلة الكارثة البيئية المتراكمة في الجهة منذ سنوات. فجاء لقاء قرطاج الأخير الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد بأعضاء الفريق المكلف بمعالجة الوضع البيئي في قابس كمحطة جديدة لتقييم التقدم المحرز في الإجراءات العاجلة وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تعزيز أو تعديل أو مراجعتها ضمن رؤية أشمل، بما يشير إلى انتقال الملف من مرحلة التشخيص إلى مرحلة المتابعة الدقيقة.

في هذا الخصوص، استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم السادس من شهر ديسمبر الجاري بقصر قرطاج أعضاء الفريق المكلف بإيجاد حلول للوضع البيئي بقابس، حيث تم تناول جملة من الحلول الآنية لوضع حد لهذه الكارثة البيئية.

وعي وطني

وأكّد رئيس الدولة أنه يُتابع الوضع يوميا، مكبرا ما أظهره أهالي قابس من وعي وطني عميق، مثنيا على العمل الذي يُواصل هذا الفريق القيام به، مشيرا إلى أن هذه الحلول يجب أن تتنزّل في إطار رؤية استراتيجية شاملة للأوضاع البيئية في كافة أنحاء البلاد.

وذكّر رئيس الجمهورية بأن الوضع لم يكن ليصل إلى هذا الحد لو تمّت الصيانة والتعهد وتجديد عدد من المعدّات في التوقيت المناسب، إلى جانب الفساد والانتدابات العشوائية التي تمت، حيث كانت تعتمد على اعتبارات سياسية لا على مقاييس علمية. كما أشار إلى أن النيّة التي كانت تتجه إلى التفويت في المجمّع الكيميائي وفي كل المؤسسات والمنشآت العمومية، ومن بين مظاهر الفساد التي لم تكن الوحيدة، طلبات العروض التي تؤول في كل مرة إلى نفس المؤسسة التي ما إن تقوم بتركيب العازل داخل آلات الإنتاج حتى تتعطّل من جديد، ومع ذلك يفوز العرض مرّة أخرى من عطلها وأفسدها.

وأكّد رئيس الدولة على أنّ الوضع لا يمكن أن يستمرّ، مشدّدا على الحقّ المشروع للشّعب في بيئة سليمة خالية من كل أشكال التلوث بكل المعاني، مُسديا تعليماته بدعم أعضاء هذا الفريق بهدف الانتهاء خلال الأيام القادمة من إعداد التقرير النهائي والشروع في الإجراءات الكفيلة بمعالجة الوضع البيئي في قابس.

وشدّد رئيس الجمهورية على ضرورة أن يتسلّح الجميع بروح الجندي المُقاتل على جبهة القتال وأن يتمّ تغليب المصلحة العليا للوطن وتفويت الفرصة على المتربّصين بتونس التي لن تكون لقمة سائغة لأيّ كان وفي أيّ موقع كان.

قابس.. أولوية

في هذا الإطار، شكل اللقاء في جوهره محطة مهمة لتثبيت ملف قابس ضمن أولويات الدولة، من خلال الانتقال من معالجة الإشكاليات العاجلة إلى بلورة إطار استراتيجي يضمن مواصلة الإصلاح ويضع حدا للممارسات التي أدّت إلى تفاقم الإهمال والفساد.

وشدّد رئيس الجمهورية قيس سعيد على أنّ أزمة قابس لم تعد مجرد أزمة قطاعية أو جهوية، بل أضحت ملفا وطنيا يستدعي اتخاذ قرارات حاسمة ومراجعة شاملة لطريقة إدارة المجمّع الكيميائي والمنظومة البيئية المحيطة به، مع ربط كل حل بالمتابعة الدقيقة، هذا بالتوازي مع عدم التراخي في تطبيق آلية المحاسبة.

ليتجلى واضحا عبر هذا اللقاء حرص الدولة في أعلى هرمها على تحويل هذا الملف من دائرة التشخيص إلى استراتيجية عمل تقوم على الحسم ورؤية تتجاوز المعالجات الظرفية لتلامس تصورا مستقبليا شاملا يقطع مع تراكمات الماضي.

خاصة وأن معضلة التلوث في قابس مثلت عنوانا صارخا لخلل هيكلي وعميق في منظومات الصيانة والرقابة والاستثمار العمومي. فمنذ عقود، ظلّ المجمّع الكيميائي يسيل الكثير من الجدل بين ضرورته الاقتصادية ومخاطره البيئية.

فجاء لقاء قصر قرطاج ليعيد ترتيب النقاش حول أزمة قابس ويضعها ضمن أولوية واضحة للدولة، بما يتيح إعادة تقييم علاقة المؤسسات العمومية بالسياسات الوطنية، وترتيب أولويات التنمية، وترسيخ مفهوم «الحق في بيئة سليمة» كعنصر أساسي وجوهري من حقوق المواطن وكرامته.

الرؤية الاستراتيجية

من النقاط التي شدّد عليها رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال هذا اللقاء تقديره لوعي أهالي قابس، الذين ظلوا يطالبون ببيئة نظيفة وحقهم في عيش كريم وآمن، بما يعكس اعترافا بأن المواطن حين يدافع عن محيطه وحقه في الحياة يصبح شريكا فعليا في حماية المصلحة العامة.

وفي هذا الخصوص، شدّد رئيس الجمهورية قيس سعيد على أن الإجراءات المتخذة يجب أن تكون جزءا من «رؤية استراتيجية شاملة» للأوضاع والإشكاليات البيئية في كامل أنحاء الجمهورية.

ذلك أن معالجة التلوث في قابس بمعزل عن بقية الإشكاليات البيئية على مستوى البلاد سيكون مجرد حل جزئي لا يعالج جذور المشكلة.

وفي هذا الصدد يستند التوجه المطلوب اليوم الى مبدأين أساسيين:

أولا: إعادة هيكلة المؤسسات الصناعية الملوّثة عبر مراجعة التقنيات وأساليب الإنتاج والاستثمار في الطاقات النظيفة.

ثانيا: ترسيخ ثقافة الصيانة والرقابة كجزء من منظومة التصرف.

من جانب آخر، لعل أبرز ما أشار إليه رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال هذا اللقاء هو أن الوضع لم يكن ليصل إلى ما هو عليه لولا التقاعس الحاصل في عمليات الصيانة والإهمال المسجل في تجديد عدد من المعدّات في التوقيت المناسب.

وهذا التشخيص يختصر سنوات طويلة من السياسات والخيارات التقشفية الخاطئة، ومن العقلية التي تعتبر الصيانة عبئا لا ضرورة، ومن تداخل المصالح الذي عطّل تحديث المعدّات الصناعية رغم أهميتها.

الفساد.. محور الأزمة

ويبعث تعاطي الدولة في أعلى هرمها مع هذا الملف برسالة مباشرة مفادها أن زمن التسامح مع شبكات النفوذ التي تقتات من المال العام قد ولى وانتهى، لتصبح المحاسبة والرقابة قاعدتين لا غنى عنهما في إدارة المرفق العمومي.

فحين يشدّد رئيس الجمهورية قيس سعيد على «الحق المشروع للشعب في بيئة سليمة خالية من كل أشكال التلوث»، فهو يضع هذا الحق في مرتبة الحقوق الأساسية التي لا تقل قيمة عن الحق في التعليم أو في الصحة.

وهذا الطرح يعكس تحول البيئة من هامش السياسات العمومية إلى مركزها، ويجعل من أي تهاون في معالجتها مسألة أمن قومي وصحة جماعية.

وتعقيبا على لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد بالفريق المكلف بإيجاد حلول للوضع البيئي في قابس، أشار رئيس لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بمجلس نواب الشعب، شكري البحري، في تصريح لـ«الصباح» أن قابس تمثل أزمة بيئية وصحية منذ عقود، لكن مع هذه اللجنة المكلفة بإيجاد حلول هناك خطوة ملموسة، خاصة وأن اللجنة ليست غريبة على قابس وتدرك جيدا مكامن الإشكال البيئي والصحي، مشيرا إلى أن رئيس الجمهورية قيس سعيد كان قد تسلم تقريرا أوليا من قبل هذه اللجنة لإيجاد الحلول العاجلة للوضع البيئي في انتظار التقرير النهائي والحلول الآنية والفورية. مشددا في السياق ذاته على أن الحق في البيئة هو حق كوني لا جدال فيه.

وأضاف محدثنا أن المعطى الإيجابي في هذه الأزمة هو وجود إرادة رئاسية بعد أن أخذ رئيس الجمهورية قيس سعيد الملف على عاتقه، مشيرا إلى أن الرهان الفعلي هو كيف ستكون آليات الإصلاح في علاقة بالوضع البيئي في قابس.

وردا على سؤال يتعلق بمدى وجود مبادرات تشريعية صلب اللجنة تعيد ترتيب أولويات السياسات البيئية في تونس، ذكر محدثنا أن هناك قانونا يتعلق بمنع إلقاء الفضلات في الأماكن العامة وتجريمها إلى جانب مقترح يتعلق بمكافحة جرائم الاعتداء على البيئة.

في هذا الخضم، وبالعودة إلى لقاء قصر قرطاج، جدير بالذكر أن تونس تقف اليوم أمام عتبات مرحلة جديدة في علاقة بإعادة صياغة علاقتها ببيئتها، ولتحويل المجمّع الكيميائي من مصدر للتلوث إلى نموذج متقدّم في التحول الطاقي والصناعي بما يعكس بداية مسار جديد في إدارة الملف البيئي على مستوى الجمهورية، في ظل وجود إرادة سياسية لإغلاق قوس الإهمال والفساد والمحسوبية، وفتح صفحة جديدة في علاقة الدولة بمواطنيها وبيئتهم.

ولكن يبقى التحدي الفعلي في التنفيذ، وفي مدى قدرة مؤسسات الدولة وهياكلها على تحويل الرؤية إلى إجراءات ملموسة، حتى تتحول قابس من عنوان للأزمة إلى نموذج يحتذى به في مسار الإصلاح.

منال حرزي