إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تراجع العجز الجاري يرفع الآمال في استقرار المالية العمومية.. المراهنة على قطاع الخدمات وعائدات السياحة والقطاعات التصديرية

أظهر تقرير أصدره البنك المركزي التونسي، مؤخرا، حول «ميزان الدفوعات والموقع الإجمالي الخارجي لتونس 2024»، أن العجز الجاري قد بلغ 2.6 مليار دينار في سنة 2024، مقابل 3.5 مليار دينار في السنة التي سبقتها 2023. ووفقا لمؤسسة الإصدار، تحسن العجز الجاري ليبلغ نسبته 1.6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، في حين بلغت 2.3 بالمائة من الناتج في 2023.

وفي هذا الصدد، أفاد الخبير الاقتصادي والمحلل المالي والأستاذ الجامعي سامي العرفاوي أن العجز الجاري يُعنى أساسًا بكيفية تحكم الدولة في مواردها ومصاريفها على حد سواء.

وبيّن محدثنا في تصريح لـ«الصباح» أن هذه الأرقام أوضحت أن تونس قد أدارت بإيجابية هذا الملف في سنة 2024، مُشيرًا إلى أنه من أجل حسن ضبط حجم الإنفاق من رأس المال في الخارج، يجب التوجه نحو مزيد تحقيق انتعاشة لقطاع الخدمات بما أنه قطاع مهم ويوفر عائدات كبيرة للدولة من ضمنها عائدات كبيرة بالعملة الصعبة.

وأورد سامي العرفاوي أنه يمكن تكثيف مراقبة تحويل المداخيل السياحية في المصارف التونسية، من أجل استفادة الدولة منها كليًا، وحتى لا يتم تحويل جزء كبير منها خارج المنظومة المالية المصرفية، وهو ما انطلقت تونس فعليًا في تطبيقه على أرض الواقع.

ومن العوامل الرئيسية التي أدت إلى تحسن العجز الجاري مساهمة عائدات القطاع السياحي في نمو ميزان الخدمات بمنحى إيجابي، حيث حقق هذا الميزان فائضًا ملحوظًا بـ 22.7 مليار دينار في 2024، مقابل زيادة بـ 21.2 مليار في سنة 2023، أي بزيادة بـ1.5 مليار دينار.

ويعدّ قطاع الخدمات محركًا أساسيًا للدورة الاقتصادية وللتنمية في بلادنا، إذ تضم تركيبته العديد من القطاعات المتداخلة فيه، على غرار المطاعم والنقل والخدمات اللوجستية، وحتى المؤسسات الناشطة في المجال الخدماتي خاصة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وهو ما ساهم في توفير الآلاف من مواطن الشغل.

وأبدى قطاع الخدمات تماسكا كبيرًا وقدرة على التكيف مع التغيرات المحلية والإقليمية والدولية، ما جعل بلادنا تراهن على ديناميكية هذا القطاع، على خلفية أنه قد سجل نموًا بـ 1.9 بالمائة خلال الثلاثي الأول من 2025، وساهم بنحو 1.21 نقطة مئوية في نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وكان لقطاع الخدمات أثر بالغ في تحسن الأداء الاقتصادي.

ومن أجل إضفاء نجاعة أكبر على هذا القطاع الحيوي ودعم المراقبة الجبائية وضمان الرقابة على المعاملات، تخطط وزارة المالية إلى تعميم الفوترة الإلكترونية لتشمل عمليات إسناد الخدمات، مما سيمكن من التحصيل الآلي للأداء على القيمة المضافة.

ويُمثل قطاع السياحة مفتاح ازدهار قطاع الخدمات، إذ أفاد البنك المركزي التونسي في تقريره، أن العائدات السياحية قد نمت بنسبة 9.8 بالمائة، والعملة بنسبة 12.7 بالمائة، سنة 2024 مقارنة بسنة 2023، مما ساهم في تغطية العجز التجاري بالعائدات السياحية والعمل، لتبلغ 57.7 بالمائة في 2024، مقابل 56 بالمائة في 2023، بفارق 1.7 بالمائة.

ومن المنتظر أن تزداد في سنة 2025 مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج، وهو ما سينجم عنه مزيد تحسن نسبة تغطية العجز التجاري بالعائدات السياحية والعمل.

ومن المتوقع أن يصل عدد السياح الوافدين إلى بلادنا مع نهاية 2025 إلى أكثر من 11 مليون زائر، وأن تبلغ الإيرادات السياحية 7.8 مليار دينار مع نهاية 2025، و8.1 مليار دينار في 2026، بينما من المرتقب أن تصعد تحويلات التونسيين بالخارج إلى نحو 7.9 مليار دينار في العام القادم 2026.

وفي هذا السياق، ذكر الخبير الاقتصادي والمحلل المالي والأستاذ الجامعي سامي العرفاوي أن ترشيد الواردات، خاصة التحكم في المصاريف الطاقية، يعد من أكثر العناصر التي سينتج عنها عدم تعمق العجز الجاري، بالنظر إلى أن العجز الطاقي كبير.

وبحسب المتحدث ذاته، فإنه ليس بإمكان الدولة التحكم كليًا في كتلة الأجور من أجل خفض العجز الجاري وتقليص نفقاتها، إلا أنه يمكن مراقبة تسيير مرافق الدولة وصيانتها والتوظيف الجيد للسيارات الإدارية وواصلة البنزين، مبينًا أن هذا الاستغلال الأمثل من شأنه أن يخلق كفاءات ذات تكوين جيد.

تطور الطلب الداخلي

أما الطلب الداخلي فقد نما بنسبة 4.3 بالمائة، بالأسعار القارة، ويعود ذلك إلى تطور الاستهلاك الخاص وازدهار الاستثمار، تبعًا لمؤشرات البنك المركزي.

وحققت الاستثمارات الأجنبية المباشرة انتعاشة سنة 2024، لتبلغ 2.9 مليار دينار سنة 2024 مقابل 1.8 مليار دينار سنة 2020، وواصلت مسارها القوي لتبلغ 2.536 مليون دينار مع موفى سبتمبر 2025، مقارنة بـ 1.986 مليون دينار خلال الفترة نفسها من سنة 2024، لتسجل نموًا بنسبة 27.7 بالمائة.

نمو الاستهلاك العمومي والاستهلاك الخاص

وفي ما يتعلق بتطور الاستهلاك، فقد عرف زيادة بصنفيه الاستهلاك العمومي والاستهلاك الخاص، حيث أشار البنك المركزي التونسي إلى أن الاستهلاك العمومي قد ارتفع بنسبة 1.4 بالمائة في سنة 2024، والاستهلاك الخاص بنسبة 1.1 بالمائة، مقابل تحسن في مستوى الاستهلاك الخاص بـ 0.9 بالمائة في 2023.

كما تطور الاستهلاك الوطني إجمالًا بنسبة 1.2 بالمائة في 2024، وبـ0.7 بالمائة في 2023.

ويأتي هذا النمو مدفوعًا بتراجع نسبة التضخم، بالنظر إلى أن تطور الإنفاق الاستهلاكي وتزايد الطلب المحلي من قِبل الأسر يرتبط عادة بانخفاض نسبة التضخم.

جدير بالذكر أن نسبة التضخم عند الاستهلاك العائلي قد بلغت 4.9 % في شهر أكتوبر 2025، بعد أن كانت في حدود 5 % خلال شهر سبتمبر، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء.

ورغم ذلك، شكل عجز ميزان السلع أحد الاستثناءات في هذا المسار الإيجابي، إذ وفق تقرير البنك المركزي التونسي، تفاقم عجز ميزان السلع ليبلغ 30.4 مليار دينار خلال سنة 2024، مقابل 28.1 مليار دينار في 2023، أي بتراجع قدره 2.3 مليار دينار. ومرد هذا التراجع هو ارتفاع الواردات بنسبة 3.6 بالمائة، وتراجع الصادرات بنسبة 1 بالمائة.

وقال سامي العرفاوي إن الأداء التصديري القوي للقطاعات الواعدة سيكون السبيل الأمثل لعدم توسع العجز الجاري، باعتبار أن هذه القطاعات ذات مردودية ومرابيح كبيرة وتحظى بطلب عالٍ في مختلف الأسواق العالمية وبتشجيع من قبل الدولة عبر إفرادها بالعديد من الحوافز.

 درصاف اللموشي

 تراجع العجز الجاري يرفع الآمال في استقرار المالية العمومية..   المراهنة على قطاع الخدمات وعائدات السياحة والقطاعات التصديرية

أظهر تقرير أصدره البنك المركزي التونسي، مؤخرا، حول «ميزان الدفوعات والموقع الإجمالي الخارجي لتونس 2024»، أن العجز الجاري قد بلغ 2.6 مليار دينار في سنة 2024، مقابل 3.5 مليار دينار في السنة التي سبقتها 2023. ووفقا لمؤسسة الإصدار، تحسن العجز الجاري ليبلغ نسبته 1.6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، في حين بلغت 2.3 بالمائة من الناتج في 2023.

وفي هذا الصدد، أفاد الخبير الاقتصادي والمحلل المالي والأستاذ الجامعي سامي العرفاوي أن العجز الجاري يُعنى أساسًا بكيفية تحكم الدولة في مواردها ومصاريفها على حد سواء.

وبيّن محدثنا في تصريح لـ«الصباح» أن هذه الأرقام أوضحت أن تونس قد أدارت بإيجابية هذا الملف في سنة 2024، مُشيرًا إلى أنه من أجل حسن ضبط حجم الإنفاق من رأس المال في الخارج، يجب التوجه نحو مزيد تحقيق انتعاشة لقطاع الخدمات بما أنه قطاع مهم ويوفر عائدات كبيرة للدولة من ضمنها عائدات كبيرة بالعملة الصعبة.

وأورد سامي العرفاوي أنه يمكن تكثيف مراقبة تحويل المداخيل السياحية في المصارف التونسية، من أجل استفادة الدولة منها كليًا، وحتى لا يتم تحويل جزء كبير منها خارج المنظومة المالية المصرفية، وهو ما انطلقت تونس فعليًا في تطبيقه على أرض الواقع.

ومن العوامل الرئيسية التي أدت إلى تحسن العجز الجاري مساهمة عائدات القطاع السياحي في نمو ميزان الخدمات بمنحى إيجابي، حيث حقق هذا الميزان فائضًا ملحوظًا بـ 22.7 مليار دينار في 2024، مقابل زيادة بـ 21.2 مليار في سنة 2023، أي بزيادة بـ1.5 مليار دينار.

ويعدّ قطاع الخدمات محركًا أساسيًا للدورة الاقتصادية وللتنمية في بلادنا، إذ تضم تركيبته العديد من القطاعات المتداخلة فيه، على غرار المطاعم والنقل والخدمات اللوجستية، وحتى المؤسسات الناشطة في المجال الخدماتي خاصة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وهو ما ساهم في توفير الآلاف من مواطن الشغل.

وأبدى قطاع الخدمات تماسكا كبيرًا وقدرة على التكيف مع التغيرات المحلية والإقليمية والدولية، ما جعل بلادنا تراهن على ديناميكية هذا القطاع، على خلفية أنه قد سجل نموًا بـ 1.9 بالمائة خلال الثلاثي الأول من 2025، وساهم بنحو 1.21 نقطة مئوية في نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وكان لقطاع الخدمات أثر بالغ في تحسن الأداء الاقتصادي.

ومن أجل إضفاء نجاعة أكبر على هذا القطاع الحيوي ودعم المراقبة الجبائية وضمان الرقابة على المعاملات، تخطط وزارة المالية إلى تعميم الفوترة الإلكترونية لتشمل عمليات إسناد الخدمات، مما سيمكن من التحصيل الآلي للأداء على القيمة المضافة.

ويُمثل قطاع السياحة مفتاح ازدهار قطاع الخدمات، إذ أفاد البنك المركزي التونسي في تقريره، أن العائدات السياحية قد نمت بنسبة 9.8 بالمائة، والعملة بنسبة 12.7 بالمائة، سنة 2024 مقارنة بسنة 2023، مما ساهم في تغطية العجز التجاري بالعائدات السياحية والعمل، لتبلغ 57.7 بالمائة في 2024، مقابل 56 بالمائة في 2023، بفارق 1.7 بالمائة.

ومن المنتظر أن تزداد في سنة 2025 مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج، وهو ما سينجم عنه مزيد تحسن نسبة تغطية العجز التجاري بالعائدات السياحية والعمل.

ومن المتوقع أن يصل عدد السياح الوافدين إلى بلادنا مع نهاية 2025 إلى أكثر من 11 مليون زائر، وأن تبلغ الإيرادات السياحية 7.8 مليار دينار مع نهاية 2025، و8.1 مليار دينار في 2026، بينما من المرتقب أن تصعد تحويلات التونسيين بالخارج إلى نحو 7.9 مليار دينار في العام القادم 2026.

وفي هذا السياق، ذكر الخبير الاقتصادي والمحلل المالي والأستاذ الجامعي سامي العرفاوي أن ترشيد الواردات، خاصة التحكم في المصاريف الطاقية، يعد من أكثر العناصر التي سينتج عنها عدم تعمق العجز الجاري، بالنظر إلى أن العجز الطاقي كبير.

وبحسب المتحدث ذاته، فإنه ليس بإمكان الدولة التحكم كليًا في كتلة الأجور من أجل خفض العجز الجاري وتقليص نفقاتها، إلا أنه يمكن مراقبة تسيير مرافق الدولة وصيانتها والتوظيف الجيد للسيارات الإدارية وواصلة البنزين، مبينًا أن هذا الاستغلال الأمثل من شأنه أن يخلق كفاءات ذات تكوين جيد.

تطور الطلب الداخلي

أما الطلب الداخلي فقد نما بنسبة 4.3 بالمائة، بالأسعار القارة، ويعود ذلك إلى تطور الاستهلاك الخاص وازدهار الاستثمار، تبعًا لمؤشرات البنك المركزي.

وحققت الاستثمارات الأجنبية المباشرة انتعاشة سنة 2024، لتبلغ 2.9 مليار دينار سنة 2024 مقابل 1.8 مليار دينار سنة 2020، وواصلت مسارها القوي لتبلغ 2.536 مليون دينار مع موفى سبتمبر 2025، مقارنة بـ 1.986 مليون دينار خلال الفترة نفسها من سنة 2024، لتسجل نموًا بنسبة 27.7 بالمائة.

نمو الاستهلاك العمومي والاستهلاك الخاص

وفي ما يتعلق بتطور الاستهلاك، فقد عرف زيادة بصنفيه الاستهلاك العمومي والاستهلاك الخاص، حيث أشار البنك المركزي التونسي إلى أن الاستهلاك العمومي قد ارتفع بنسبة 1.4 بالمائة في سنة 2024، والاستهلاك الخاص بنسبة 1.1 بالمائة، مقابل تحسن في مستوى الاستهلاك الخاص بـ 0.9 بالمائة في 2023.

كما تطور الاستهلاك الوطني إجمالًا بنسبة 1.2 بالمائة في 2024، وبـ0.7 بالمائة في 2023.

ويأتي هذا النمو مدفوعًا بتراجع نسبة التضخم، بالنظر إلى أن تطور الإنفاق الاستهلاكي وتزايد الطلب المحلي من قِبل الأسر يرتبط عادة بانخفاض نسبة التضخم.

جدير بالذكر أن نسبة التضخم عند الاستهلاك العائلي قد بلغت 4.9 % في شهر أكتوبر 2025، بعد أن كانت في حدود 5 % خلال شهر سبتمبر، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء.

ورغم ذلك، شكل عجز ميزان السلع أحد الاستثناءات في هذا المسار الإيجابي، إذ وفق تقرير البنك المركزي التونسي، تفاقم عجز ميزان السلع ليبلغ 30.4 مليار دينار خلال سنة 2024، مقابل 28.1 مليار دينار في 2023، أي بتراجع قدره 2.3 مليار دينار. ومرد هذا التراجع هو ارتفاع الواردات بنسبة 3.6 بالمائة، وتراجع الصادرات بنسبة 1 بالمائة.

وقال سامي العرفاوي إن الأداء التصديري القوي للقطاعات الواعدة سيكون السبيل الأمثل لعدم توسع العجز الجاري، باعتبار أن هذه القطاعات ذات مردودية ومرابيح كبيرة وتحظى بطلب عالٍ في مختلف الأسواق العالمية وبتشجيع من قبل الدولة عبر إفرادها بالعديد من الحوافز.

 درصاف اللموشي