استقرَّ معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية عند 7,49 بالمائة خلال نوفمبر 2025، للشهر الثاني على التوالي، وفق البيانات الصادرة عن البنك المركزي التونسي، في مؤشر يعكس توجهًا نحو الحفاظ على نهج حذر ومتوازن في إدارة السياسة المالية.
ويمثل استقرار نسبة الفائدة إشارة مهمة للفاعلين الاقتصاديين؛ إذ يمنحهم رؤية أوضح حول كلفة الاقتراض ويساهم في استقرار توقعاتهم فيما يتعلق بأسعار التمويل سواء بالنسبة للمؤسسات أو للأفراد. كما يعكس هذا المعطى بداية مرحلة من الهدوء النسبي في السوق النقدية، مع مواصلة المتابعة الدقيقة للمؤشرات المالية لضمان توازن بين ضرورة احتواء التضخم ودعم النشاط الاقتصادي خلال الفترة المقبلة.
وشهدت تونس خلال سنة 2025 تراجعا ملحوظا في مستويات التضخم، وهو ما مثّل بارقة أمل للاقتصاد الوطني بعد سنوات من الارتفاع الحاد في الأسعار وتقلص القدرة الشرائية للأسر. وقد جاء هذا الانخفاض نتيجة جملة من العوامل المتداخلة، من أبرزها تشديد السياسة النقدية خلال 2023 و2024، وتحسن نسبي في انتظام التزويد بالمواد الأساسية، إضافة إلى استقرار نسبي في أسعار الطاقة والمواد الأولية في الأسواق العالمية.
كما ساهمت الإجراءات الحكومية الهادفة إلى مراقبة مسالك التوزيع والحد من المضاربة في كبح الارتفاع المتسارع للأسعار، وبفضل هذا التراجع، بدأت السوق تشهد هدوءا في نسق الزيادات الشهرية، ما ساهم في تسجيل تحسن طفيف في مؤشرات الثقة لدى المستهلكين والفاعلين الاقتصاديين.
هذا ويمثل التخفيض في نسبة الفائدة المديرية أداة لدفع النشاط الاقتصادي وتحفيز النمو؛ إذ يهدف هذا الإجراء إلى تقليص كلفة الاقتراض بالنسبة للمؤسسات والأفراد، كما يشجع على توسيع الاستثمارات وتحريك عجلة الإنتاج. فعندما يتم خفض الفائدة تصبح القروض أقل تكلفة، مما يزيد الطلب الداخلي ويعزز الدورة الاقتصادية.
تأثير إيجابي على السيولة
كما ينعكس هذا التخفيض إيجابيا على السيولة حيث ترتفع قدرة البنوك على الإقراض وتتوسع فرص التمويل لفائدة القطاعات الحيوية. غير أن نجاح هذه السياسة يظل مرتبطًا بمدى استقرار الأسعار وثقة المستثمرين. ومع ذلك، فإن اللجوء إلى تخفيض الفائدة في سياق اقتصادي منضبط يظل من أكثر الآليات فعالية في تنشيط النمو وتخفيف الضغوط على المؤسسات، خاصة في الفترات التي يتطلب فيها الاقتصاد دفعة إضافية لاستعادة نسق التطور.
ويساهم تخفيض نسبة الفائدة بدور أساسي في تعزيز الثقة داخل السوق المحلية من خلال دعم الطلب الكلي وتنشيط الدورة الاقتصادية. فعندما تتراجع كلفة الاقتراض، ترتفع قدرة الأسر على الاستهلاك وتتوسع فرص المؤسسات في الاستثمار وتطوير نشاطها، ما يخلق ديناميكية إيجابية تنعكس مباشرة على حجم المبادلات داخل السوق. وهذا التحسن في الطلب يعيد الطمأنينة للفاعلين الاقتصاديين ويشجعهم على التوسع والإنتاج، لاسيما في القطاعات التي تعتمد على التمويل البنكي. كما يؤدي ارتفاع مستوى المعاملات والاستهلاك إلى تحسين توقعات النمو، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين المحليين والخارجيين على حد سواء.
ويمثل هذا المناخ الجديد نقطة انطلاق نحو استقرار أعمق في السوق؛ إذ تترسخ لدى المتعاملين قناعة بأن السياسة النقدية تسير في اتجاه يراعي حاجات الاقتصاد ويحفز آفاقه المستقبلية.
انفراج نسبي في الضغوط وتحسن تدريجي في مؤشرات التضخم
وقد سجّل معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية منحى تنازليا لافتا، حيث تراجع من 7,99 بالمائة في نوفمبر 2024 إلى 7,49 بالمائة حاليا. ويشير هذا التراجع إلى تحسن تدريجي في مؤشرات التضخم واستجابة السياسات النقدية للإجراءات التي اعتمدها البنك المركزي للحد من ارتفاع الأسعار واستقرار السوق. كما يعكس هذا الانخفاض مزيدًا من الهدوء في مستويات الطلب على السيولة داخل الجهاز المصرفي، ما أتاح ضبط كلفة الاقتراض عند مستويات أقل مقارنة بالعام السابق.
ومن شأن هذا التطور أن ينعكس إيجابيا على المؤسسات الاقتصادية والأسر، من خلال تخفيف عبء التمويل وإتاحة ظروف أكثر ملاءمة للاستثمار وتحريك الدورة الاقتصادية، شرط استمرار التحكم في العوامل المؤثرة في الأسعار واستقرار البيئة المالية خلال الأشهر المقبلة.
للتذكير، بلغ معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية ذروته في مطلع سنة 2023، حيث سجّل 8,02 بالمائة في فيفري 2023 وارتفع قليلاً إلى 8,05 بالمائة في مارس من العام نفسه، في واحدة من أعلى المستويات التي عرفتها السوق خلال السنوات الأخيرة. وقد جاء هذا الارتفاع في سياق اتسم ببلوغ التضخم مستويات قياسية وتزايد الضغوط على السيولة داخل الجهاز المصرفي، ما دفع البنك المركزي إلى اعتماد سياسة نقدية أكثر تشددًا للحد من تفاقم الأسعار واستعادة التوازن المالي. ولم يكن هذا الصعود معزولا عن الظروف الاقتصادية العالمية التي شهدت توترات في أسعار الطاقة والغذاء، إلى جانب تداعيات الأزمات الدولية على الاقتصادات الناشئة، بما فيها تونس. وقد مثّلت هذه الذروة نقطة تحوّل في مسار السياسة النقدية، حيث شكّلت الأساس الذي انطلقت منه مراحل لاحقة من التعديل التدريجي في نسب الفائدة، مع سعي السلطات النقدية إلى تحقيق توازن دقيق بين السيطرة على التضخم ودعم النشاط الاقتصادي.
بيئة مالية مستقرة تدعم التعافي الاقتصادي وتحفز الاستثمار
إن استقرار معدل الفائدة يساهم في تحفيز النشاط الاقتصادي من خلال تخفيض تكلفة التمويل بالنسبة للشركات، ما يتيح لها إمكانية توسيع استثماراتها وتشغيل المزيد من الموارد البشرية وتعزيز القدرة الشرائية للتونسيين من خلال انخفاض أقساط القروض الاستهلاكية والسكنية، الأمر الذي يزيد من الطلب الكلي ويساعد في تنشيط الدورة الاقتصادية. وكذلك يساهم في تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في استقرار الاقتصاد الوطني وقدرة البنك المركزي على إدارة السياسة النقدية بمرونة وفعالية.
ويؤكد البنك المركزي التونسي في تقاريره الأخيرة أن استقرار معدل الفائدة جزء من نهج مدروس يراعي متابعة مؤشرات الاقتصاد الكلي مثل التضخم والسيولة المصرفية والطلب على القروض، مع مراقبة التطورات الدولية التي قد تؤثر على الاقتصاد المحلي.
ويشير البنك إلى أن هذا الاستقرار لا يعني الجمود في السياسة النقدية، بل يتيح تقييم المؤشرات الاقتصادية بشكل مستمر قبل أي تعديل محتمل، بما يضمن حماية القدرة الشرائية للمواطنين ودعم النشاط الإنتاجي في آن واحد.
وعلى المدى المتوسط، من المتوقع أن يساهم هذا الاستقرار في توفير بيئة مالية مستقرة تدعم التعافي الاقتصادي وتحفز الاستثمار، ما يعكس نهج تونس في تعزيز الاستقرار النقدي والمالي كركيزة أساسية للنمو المستدام. وبينما يراقب المستثمرون والمؤسسات هذا الاستقرار عن كثب، يبقى الرهان على استمرار هذا المسار لضمان استقرار الأسعار ودعم النشاط الاقتصادي خلال الأشهر المقبلة، في ظل تحديات اقتصادية محلية وإقليمية متعددة.
جهاد الكلبوسي
———
———————
استقرَّ معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية عند 7,49 بالمائة خلال نوفمبر 2025، للشهر الثاني على التوالي، وفق البيانات الصادرة عن البنك المركزي التونسي، في مؤشر يعكس توجهًا نحو الحفاظ على نهج حذر ومتوازن في إدارة السياسة المالية.
ويمثل استقرار نسبة الفائدة إشارة مهمة للفاعلين الاقتصاديين؛ إذ يمنحهم رؤية أوضح حول كلفة الاقتراض ويساهم في استقرار توقعاتهم فيما يتعلق بأسعار التمويل سواء بالنسبة للمؤسسات أو للأفراد. كما يعكس هذا المعطى بداية مرحلة من الهدوء النسبي في السوق النقدية، مع مواصلة المتابعة الدقيقة للمؤشرات المالية لضمان توازن بين ضرورة احتواء التضخم ودعم النشاط الاقتصادي خلال الفترة المقبلة.
وشهدت تونس خلال سنة 2025 تراجعا ملحوظا في مستويات التضخم، وهو ما مثّل بارقة أمل للاقتصاد الوطني بعد سنوات من الارتفاع الحاد في الأسعار وتقلص القدرة الشرائية للأسر. وقد جاء هذا الانخفاض نتيجة جملة من العوامل المتداخلة، من أبرزها تشديد السياسة النقدية خلال 2023 و2024، وتحسن نسبي في انتظام التزويد بالمواد الأساسية، إضافة إلى استقرار نسبي في أسعار الطاقة والمواد الأولية في الأسواق العالمية.
كما ساهمت الإجراءات الحكومية الهادفة إلى مراقبة مسالك التوزيع والحد من المضاربة في كبح الارتفاع المتسارع للأسعار، وبفضل هذا التراجع، بدأت السوق تشهد هدوءا في نسق الزيادات الشهرية، ما ساهم في تسجيل تحسن طفيف في مؤشرات الثقة لدى المستهلكين والفاعلين الاقتصاديين.
هذا ويمثل التخفيض في نسبة الفائدة المديرية أداة لدفع النشاط الاقتصادي وتحفيز النمو؛ إذ يهدف هذا الإجراء إلى تقليص كلفة الاقتراض بالنسبة للمؤسسات والأفراد، كما يشجع على توسيع الاستثمارات وتحريك عجلة الإنتاج. فعندما يتم خفض الفائدة تصبح القروض أقل تكلفة، مما يزيد الطلب الداخلي ويعزز الدورة الاقتصادية.
تأثير إيجابي على السيولة
كما ينعكس هذا التخفيض إيجابيا على السيولة حيث ترتفع قدرة البنوك على الإقراض وتتوسع فرص التمويل لفائدة القطاعات الحيوية. غير أن نجاح هذه السياسة يظل مرتبطًا بمدى استقرار الأسعار وثقة المستثمرين. ومع ذلك، فإن اللجوء إلى تخفيض الفائدة في سياق اقتصادي منضبط يظل من أكثر الآليات فعالية في تنشيط النمو وتخفيف الضغوط على المؤسسات، خاصة في الفترات التي يتطلب فيها الاقتصاد دفعة إضافية لاستعادة نسق التطور.
ويساهم تخفيض نسبة الفائدة بدور أساسي في تعزيز الثقة داخل السوق المحلية من خلال دعم الطلب الكلي وتنشيط الدورة الاقتصادية. فعندما تتراجع كلفة الاقتراض، ترتفع قدرة الأسر على الاستهلاك وتتوسع فرص المؤسسات في الاستثمار وتطوير نشاطها، ما يخلق ديناميكية إيجابية تنعكس مباشرة على حجم المبادلات داخل السوق. وهذا التحسن في الطلب يعيد الطمأنينة للفاعلين الاقتصاديين ويشجعهم على التوسع والإنتاج، لاسيما في القطاعات التي تعتمد على التمويل البنكي. كما يؤدي ارتفاع مستوى المعاملات والاستهلاك إلى تحسين توقعات النمو، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين المحليين والخارجيين على حد سواء.
ويمثل هذا المناخ الجديد نقطة انطلاق نحو استقرار أعمق في السوق؛ إذ تترسخ لدى المتعاملين قناعة بأن السياسة النقدية تسير في اتجاه يراعي حاجات الاقتصاد ويحفز آفاقه المستقبلية.
انفراج نسبي في الضغوط وتحسن تدريجي في مؤشرات التضخم
وقد سجّل معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية منحى تنازليا لافتا، حيث تراجع من 7,99 بالمائة في نوفمبر 2024 إلى 7,49 بالمائة حاليا. ويشير هذا التراجع إلى تحسن تدريجي في مؤشرات التضخم واستجابة السياسات النقدية للإجراءات التي اعتمدها البنك المركزي للحد من ارتفاع الأسعار واستقرار السوق. كما يعكس هذا الانخفاض مزيدًا من الهدوء في مستويات الطلب على السيولة داخل الجهاز المصرفي، ما أتاح ضبط كلفة الاقتراض عند مستويات أقل مقارنة بالعام السابق.
ومن شأن هذا التطور أن ينعكس إيجابيا على المؤسسات الاقتصادية والأسر، من خلال تخفيف عبء التمويل وإتاحة ظروف أكثر ملاءمة للاستثمار وتحريك الدورة الاقتصادية، شرط استمرار التحكم في العوامل المؤثرة في الأسعار واستقرار البيئة المالية خلال الأشهر المقبلة.
للتذكير، بلغ معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية ذروته في مطلع سنة 2023، حيث سجّل 8,02 بالمائة في فيفري 2023 وارتفع قليلاً إلى 8,05 بالمائة في مارس من العام نفسه، في واحدة من أعلى المستويات التي عرفتها السوق خلال السنوات الأخيرة. وقد جاء هذا الارتفاع في سياق اتسم ببلوغ التضخم مستويات قياسية وتزايد الضغوط على السيولة داخل الجهاز المصرفي، ما دفع البنك المركزي إلى اعتماد سياسة نقدية أكثر تشددًا للحد من تفاقم الأسعار واستعادة التوازن المالي. ولم يكن هذا الصعود معزولا عن الظروف الاقتصادية العالمية التي شهدت توترات في أسعار الطاقة والغذاء، إلى جانب تداعيات الأزمات الدولية على الاقتصادات الناشئة، بما فيها تونس. وقد مثّلت هذه الذروة نقطة تحوّل في مسار السياسة النقدية، حيث شكّلت الأساس الذي انطلقت منه مراحل لاحقة من التعديل التدريجي في نسب الفائدة، مع سعي السلطات النقدية إلى تحقيق توازن دقيق بين السيطرة على التضخم ودعم النشاط الاقتصادي.
بيئة مالية مستقرة تدعم التعافي الاقتصادي وتحفز الاستثمار
إن استقرار معدل الفائدة يساهم في تحفيز النشاط الاقتصادي من خلال تخفيض تكلفة التمويل بالنسبة للشركات، ما يتيح لها إمكانية توسيع استثماراتها وتشغيل المزيد من الموارد البشرية وتعزيز القدرة الشرائية للتونسيين من خلال انخفاض أقساط القروض الاستهلاكية والسكنية، الأمر الذي يزيد من الطلب الكلي ويساعد في تنشيط الدورة الاقتصادية. وكذلك يساهم في تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في استقرار الاقتصاد الوطني وقدرة البنك المركزي على إدارة السياسة النقدية بمرونة وفعالية.
ويؤكد البنك المركزي التونسي في تقاريره الأخيرة أن استقرار معدل الفائدة جزء من نهج مدروس يراعي متابعة مؤشرات الاقتصاد الكلي مثل التضخم والسيولة المصرفية والطلب على القروض، مع مراقبة التطورات الدولية التي قد تؤثر على الاقتصاد المحلي.
ويشير البنك إلى أن هذا الاستقرار لا يعني الجمود في السياسة النقدية، بل يتيح تقييم المؤشرات الاقتصادية بشكل مستمر قبل أي تعديل محتمل، بما يضمن حماية القدرة الشرائية للمواطنين ودعم النشاط الإنتاجي في آن واحد.
وعلى المدى المتوسط، من المتوقع أن يساهم هذا الاستقرار في توفير بيئة مالية مستقرة تدعم التعافي الاقتصادي وتحفز الاستثمار، ما يعكس نهج تونس في تعزيز الاستقرار النقدي والمالي كركيزة أساسية للنمو المستدام. وبينما يراقب المستثمرون والمؤسسات هذا الاستقرار عن كثب، يبقى الرهان على استمرار هذا المسار لضمان استقرار الأسعار ودعم النشاط الاقتصادي خلال الأشهر المقبلة، في ظل تحديات اقتصادية محلية وإقليمية متعددة.