يُعدّ مرض فقدان المناعة المكتسبة «الإيدز» أو ما يُعرف بـ«السيدا» من الأمراض الخطيرة التي تسري بصمت بين التونسيين، وتتزايد حالات الإصابة به من سنة إلى أخرى في ظل المخاوف من الوصم الاجتماعي، رغم سرية التحاليل والإجراءات العلاجية الخاصة به، لتسجّل بلادنا في آخر الأرقام الرسمية من وزارة الصحة، وتحديدًا من الإدارة العامة للرعاية الصحية الأساسية التي تحصلت عليها «الصباح»، حوالي 8115 حالة في تونس.
وبحسب المعطيات الرسمية نفسها، فإن العدد المقدّر في سنة 2024 كان في حدود 7700 حالة، وبلغ عدد الأشخاص الذين يعرفون حملهم للفيروس 2770، وهو ما يمثل نسبة 36 % من الحالات المتوقعة، في حين يصل عدد الأشخاص الذين يتلقون العلاج فعليًا إلى 2223، وهو ما يمثل 29 % من الحالات التي وقع تقديرها، كما يمثل 81 % من الأشخاص العارفين بحملهم للفيروس. كذلك وصل عدد الأشخاص من ذوي الحمولة الفيروسية السلبية إلى 1733، ويمثلون 78 % من الأشخاص تحت العلاج و23 % من عدد الإصابات المتوقعة، وفق معطيات السنة المنقضية 2024 كآخر سنة مرجعية تم خلالها جمع كل هذه الإحصائيات.
أما آخر الأرقام للسنة الجارية، والتي تم جمعها في إطار عمليات ميدانية، فقد أفضت إلى تسجيل زيادة سنوية بما يناهز 415 حالة جديدة، منها 285 رجلًا و127 امرأة و3 حالات للأطفال من 0 إلى 14 سنة. وبلغ عدد المتعايشين 2236 حالة، وينتفع جميعهم بالعلاج الثلاثي المجاني، منها 39 حالة للأطفال و1529 ذكورًا و665 إناثًا، في حين بلغ عدد الأجانب 202 حالة، منها 91 ذكورًا و111 إناثًا.
والثابت حسب معطيات وزارة الصحة أن الانتفاع بالعلاج الثلاثي يكون مجانًا لكل الحالات المسجلة بين التونسيين وحتى الأجانب، وينتفع جميعهم بالعلاج الثلاثي المجاني، حسب الاتفاقيات والالتزامات الدولية المتعارف عليها.
خطط وبرامج وطنية لمكافحة المرض
وفي الاتجاه نفسه، تلتزم بلادنا بجملة من التعهدات الوطنية في إطار التزامها بالسياسة العالمية في مجال مكافحة «السيدا»، من خلال حزمة من البرامج والخطط، على غرار المخطط الاستراتيجي 2021 – 2026 الذي تعمل به في مواجهتها لهذا المرض الخطير، في معاضدة للجهود العالمية لتحقيق الأهداف «95 – 95 – 95» بحلول سنة 2026، والقضاء على «السيدا» بحلول 2030.
لكن اليوم تجد الدولة نفسها أمام تحديات كبيرة وصعبة لتحقيق هذه الأهداف العالمية، في ظل الانسحاب التدريجي للصندوق العالمي لمكافحة «السيدا» والسل والملاريا، ونقص التمويلات الخارجية، خاصة مع ارتفاع تكلفة الدواء الخاص بعلاج هذا المرض وتزايد حالات الإصابة به.
وبالرغم من كل هذه الصعوبات، وفي إطار الاستجابة الوطنية لمتطلبات هذا المرض من تقصٍّ وعلاج، تعمل تونس على تعزيز الاستقلالية المالية في الاستجابة له عبر جملة من الآليات، على غرار تخصيص تمويلات وطنية لكامل مشتريات العلاج ووسائل التقصي والوقاية بعد تراجع التمويلات الخارجية، وإبرام اتفاقيات شراكة مع الجمعيات لدعم دورها في تنفيذ البرامج الوطنية.
كما تسعى الدولة اليوم إلى توفير تمويل مستدام لضمان ديمومة الجمعيات الناشطة، وترسيخ الحق في الصحة وضمان المساواة في الحصول على الخدمات دون تمييز، كما تعمل على إنهاء الوصم والتمييز ورفع العقبات أمام الفئات الهشة والأشخاص المتعايشين مع الفيروس والأجانب المقيمين.
إلى جانب تعزيزها للولوج إلى خدمات الوقاية والعلاج والدعم النفسي والاجتماعي، بالشراكة والتنسيق مع جهود منظمات المجتمع المدني وممثلي المتعايشين مع المرض والفئات الأكثر عرضة، فضلًا عن الشركاء الدوليين.
تداعيات أزمة التمويل لمجابهة المرض
وبالعودة إلى أزمة التمويل والانسحاب التدريجي للمؤسسات المانحة في دعم تونس في مكافحة هذا المرض، فإنه من المؤكد أن تكون لها تداعيات على المدى القصير والمتوسط، وهذا ما أكدته مصادر «الصباح»، خاصة في السنوات المقبلة، مشيرة إلى أن الأزمة لا تتعلق بتونس فقط بل هي أزمة عالمية، لأن قرار الانسحاب شمل العديد من بلدان العالم... وهذا ما أكده التقرير العالمي لبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة «السيدا»، الصادر في شهر جويلية 2025، والذي حذر من تواصل أزمة التمويل في برامج مكافحة «السيدا» عالميًا، مما يؤدي إلى نسف سنوات من الجهود المبذولة في هذا المجال.
ومن أبرز التداعيات المتوقعة حسب التقرير: انقطاع العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية (ARV)، حيث إن ملايين الأشخاص معرضون لانقطاع العلاج، مما يزيد من خطر مقاومة الفيروس وارتفاع معدلات الوفيات، وتقليص خدمات الوقاية، مما سيؤثر بشدة على برامج الفحص وتوزيع الواقيات وتقليل المخاطر، خاصة لدى الفئات الأكثر عرضة.
إلى جانب إضعاف الأنظمة المجتمعية والمنظمات المحلية، التي غالبا ما تكون في الصفوف الأمامية، وانخفاض قدراتها مما يهدد وصول الفئات الهشة إلى الرعاية.
وتشير الإحصائيات، حسب ما أصدره برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية «السيدا»، على مستوى العالم، أنه إلى حدود نهاية سنة 2024 تم تسجيل 40.8 مليون شخص متعايش مع الفيروس، 31.6 مليون يتلقون العلاج، ونسبة 87 % يعرفون أنهم حاملون للفيروس، و89 % تلقوا العلاج، و94 % حمولة فيروسية سلبية، وما يناهز 630 ألف حالة وفاة. كذلك تفيد الإحصائيات نفسها بأن عدد الإصابات الجديدة وصل إلى 1.3 مليون إصابة جديدة، و1.4 مليون طفل مصاب...
للإشارة، تحيي تونس ودول العالم يوم 1 ديسمبر 2025 اليوم العالمي لمكافحة «السيدا»، وهذه السنة تحت شعار «التغلب على التحديات، وتحويل الاستجابة لـ«السيدا»، وذلك في سياق دولي دقيق شهد أزمة مالية غير مسبوقة في الاستجابة العالمية لفيروس نقص المناعة البشرية، بعد تقليص أو تعليق عدد من المانحين الرئيسيين لمساهماتهم.
وفاء بن محمد
يُعدّ مرض فقدان المناعة المكتسبة «الإيدز» أو ما يُعرف بـ«السيدا» من الأمراض الخطيرة التي تسري بصمت بين التونسيين، وتتزايد حالات الإصابة به من سنة إلى أخرى في ظل المخاوف من الوصم الاجتماعي، رغم سرية التحاليل والإجراءات العلاجية الخاصة به، لتسجّل بلادنا في آخر الأرقام الرسمية من وزارة الصحة، وتحديدًا من الإدارة العامة للرعاية الصحية الأساسية التي تحصلت عليها «الصباح»، حوالي 8115 حالة في تونس.
وبحسب المعطيات الرسمية نفسها، فإن العدد المقدّر في سنة 2024 كان في حدود 7700 حالة، وبلغ عدد الأشخاص الذين يعرفون حملهم للفيروس 2770، وهو ما يمثل نسبة 36 % من الحالات المتوقعة، في حين يصل عدد الأشخاص الذين يتلقون العلاج فعليًا إلى 2223، وهو ما يمثل 29 % من الحالات التي وقع تقديرها، كما يمثل 81 % من الأشخاص العارفين بحملهم للفيروس. كذلك وصل عدد الأشخاص من ذوي الحمولة الفيروسية السلبية إلى 1733، ويمثلون 78 % من الأشخاص تحت العلاج و23 % من عدد الإصابات المتوقعة، وفق معطيات السنة المنقضية 2024 كآخر سنة مرجعية تم خلالها جمع كل هذه الإحصائيات.
أما آخر الأرقام للسنة الجارية، والتي تم جمعها في إطار عمليات ميدانية، فقد أفضت إلى تسجيل زيادة سنوية بما يناهز 415 حالة جديدة، منها 285 رجلًا و127 امرأة و3 حالات للأطفال من 0 إلى 14 سنة. وبلغ عدد المتعايشين 2236 حالة، وينتفع جميعهم بالعلاج الثلاثي المجاني، منها 39 حالة للأطفال و1529 ذكورًا و665 إناثًا، في حين بلغ عدد الأجانب 202 حالة، منها 91 ذكورًا و111 إناثًا.
والثابت حسب معطيات وزارة الصحة أن الانتفاع بالعلاج الثلاثي يكون مجانًا لكل الحالات المسجلة بين التونسيين وحتى الأجانب، وينتفع جميعهم بالعلاج الثلاثي المجاني، حسب الاتفاقيات والالتزامات الدولية المتعارف عليها.
خطط وبرامج وطنية لمكافحة المرض
وفي الاتجاه نفسه، تلتزم بلادنا بجملة من التعهدات الوطنية في إطار التزامها بالسياسة العالمية في مجال مكافحة «السيدا»، من خلال حزمة من البرامج والخطط، على غرار المخطط الاستراتيجي 2021 – 2026 الذي تعمل به في مواجهتها لهذا المرض الخطير، في معاضدة للجهود العالمية لتحقيق الأهداف «95 – 95 – 95» بحلول سنة 2026، والقضاء على «السيدا» بحلول 2030.
لكن اليوم تجد الدولة نفسها أمام تحديات كبيرة وصعبة لتحقيق هذه الأهداف العالمية، في ظل الانسحاب التدريجي للصندوق العالمي لمكافحة «السيدا» والسل والملاريا، ونقص التمويلات الخارجية، خاصة مع ارتفاع تكلفة الدواء الخاص بعلاج هذا المرض وتزايد حالات الإصابة به.
وبالرغم من كل هذه الصعوبات، وفي إطار الاستجابة الوطنية لمتطلبات هذا المرض من تقصٍّ وعلاج، تعمل تونس على تعزيز الاستقلالية المالية في الاستجابة له عبر جملة من الآليات، على غرار تخصيص تمويلات وطنية لكامل مشتريات العلاج ووسائل التقصي والوقاية بعد تراجع التمويلات الخارجية، وإبرام اتفاقيات شراكة مع الجمعيات لدعم دورها في تنفيذ البرامج الوطنية.
كما تسعى الدولة اليوم إلى توفير تمويل مستدام لضمان ديمومة الجمعيات الناشطة، وترسيخ الحق في الصحة وضمان المساواة في الحصول على الخدمات دون تمييز، كما تعمل على إنهاء الوصم والتمييز ورفع العقبات أمام الفئات الهشة والأشخاص المتعايشين مع الفيروس والأجانب المقيمين.
إلى جانب تعزيزها للولوج إلى خدمات الوقاية والعلاج والدعم النفسي والاجتماعي، بالشراكة والتنسيق مع جهود منظمات المجتمع المدني وممثلي المتعايشين مع المرض والفئات الأكثر عرضة، فضلًا عن الشركاء الدوليين.
تداعيات أزمة التمويل لمجابهة المرض
وبالعودة إلى أزمة التمويل والانسحاب التدريجي للمؤسسات المانحة في دعم تونس في مكافحة هذا المرض، فإنه من المؤكد أن تكون لها تداعيات على المدى القصير والمتوسط، وهذا ما أكدته مصادر «الصباح»، خاصة في السنوات المقبلة، مشيرة إلى أن الأزمة لا تتعلق بتونس فقط بل هي أزمة عالمية، لأن قرار الانسحاب شمل العديد من بلدان العالم... وهذا ما أكده التقرير العالمي لبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة «السيدا»، الصادر في شهر جويلية 2025، والذي حذر من تواصل أزمة التمويل في برامج مكافحة «السيدا» عالميًا، مما يؤدي إلى نسف سنوات من الجهود المبذولة في هذا المجال.
ومن أبرز التداعيات المتوقعة حسب التقرير: انقطاع العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية (ARV)، حيث إن ملايين الأشخاص معرضون لانقطاع العلاج، مما يزيد من خطر مقاومة الفيروس وارتفاع معدلات الوفيات، وتقليص خدمات الوقاية، مما سيؤثر بشدة على برامج الفحص وتوزيع الواقيات وتقليل المخاطر، خاصة لدى الفئات الأكثر عرضة.
إلى جانب إضعاف الأنظمة المجتمعية والمنظمات المحلية، التي غالبا ما تكون في الصفوف الأمامية، وانخفاض قدراتها مما يهدد وصول الفئات الهشة إلى الرعاية.
وتشير الإحصائيات، حسب ما أصدره برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية «السيدا»، على مستوى العالم، أنه إلى حدود نهاية سنة 2024 تم تسجيل 40.8 مليون شخص متعايش مع الفيروس، 31.6 مليون يتلقون العلاج، ونسبة 87 % يعرفون أنهم حاملون للفيروس، و89 % تلقوا العلاج، و94 % حمولة فيروسية سلبية، وما يناهز 630 ألف حالة وفاة. كذلك تفيد الإحصائيات نفسها بأن عدد الإصابات الجديدة وصل إلى 1.3 مليون إصابة جديدة، و1.4 مليون طفل مصاب...
للإشارة، تحيي تونس ودول العالم يوم 1 ديسمبر 2025 اليوم العالمي لمكافحة «السيدا»، وهذه السنة تحت شعار «التغلب على التحديات، وتحويل الاستجابة لـ«السيدا»، وذلك في سياق دولي دقيق شهد أزمة مالية غير مسبوقة في الاستجابة العالمية لفيروس نقص المناعة البشرية، بعد تقليص أو تعليق عدد من المانحين الرئيسيين لمساهماتهم.