إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في اختتام أيام قرطاج المسرحية.. التانيتان الذهبي والبرونزي لتونس ونصيب الأسد من الجوائز لوفاء الطبوبي ومسرحية الهاربات

❞لمسة وفاء لنور الدين بن عياد و«بيونة» وتكريم لعبد الحميد قياس.. ليلى طوبال وعزيزة بولبيار❝

❞منير العرقي يعلن تسليم مشعل «الأيام» لإدارة جديدة ويؤكد: «المسرح وعي وتغيير ونبض الشارع» ❝

اختتمت الدورة السادسة والعشرون لأيام قرطاج المسرحية ليلة أمس السبت بحفل انتظم بقاعة الأوبرا بمدينة الثقافة «الشاذلي القليبي»، وعكست سهرة الختام احتفاء بأب الفنون في كل تفاصيلها، بداية من مشهد افتتاحي لمحمد شوقي خوجة وأميمة المناعي، مرورا بلحظات من الوفاء لمسيرة ثرية وغنية بالإمتاع والنجاحات والفن، لمن غادرونا مؤخرا من أهل الفن والمسرح، الممثلة الجزائرية القديرة «بيونة» والفنان التونسي الكبير نور الدين بن عياد، ليعتلي مدير الدورة منير العرقي ويلقي كلمته الرسمية بعد فيديو تفصيلي لأهم محطات النسخة السادسة والعشرين للمهرجان.

أعلن المسرحي منير العرقي عن مغادرة اللجنة المنظمة الحالية لأيام قرطاج المسرحية لمنصبها، مسلماً المشعل للإدارة القادمة لأيام قرطاج المسرحية، خاتماً كلمته: «المسرح وعي وتغير.. المسرح نبض الشارع».

اختتام أيام قرطاج المسرحية كان مناسبة لتكريم عدد من كبار المسرحيين التونسيين، بداية من الكاتب والناقد محمد مسعود إدريس، والممثل القدير عبد الحميد قياس، والذي اختار مع اعتلائه منصة التكريم قراءة جزء من نص مسرحية «وناس القلوب» تحية لمؤلفها ومخرجها محمد إدريس وشركائه في بطولة المسرحية: زهيرة بن عمار، جمال ساسي، ونوال الاسكندراني. كما حيت الممثلة والمخرجة والمؤلفة ليلى طوبال الجمهور الحاضر بمسرح الأوبرا خلال تكريمها بنص من نصوصها، وقدمت القديرة عزيزة بولبيار في فقرة تكريمها جزءاً من نص لعز الدين المدني.

وعكست سهرة الختام أجواء حماسية مع بداية الإعلان عن التتويجات، خاصة مع تتويج تونس بمعظم الجوائز، ومنها الجائزة الكبرى التانيت الذهبي لمسرحية «الهاربات» لوفاء الطبوبي، العمل الحاصل كذلك على جائزة أفضل نص وجائزة أفضل أداء نسائي للفنانة لبنى نعمان. وذهب التانيت الفضي للعراق ومسرحية «الجدار» لسنان العزاوي، وحصدت تونس التانيت البرونزي للمخرج نزار السعيدي ومسرحيته «جاكراندا». وسجلت الدورة الجديدة للمهرجان، التي انتظمت من 22 إلى 29 نوفمبر، حضورا جماهيريا لافتا واهتماما من محبي الفن الرابع بخيارات المهرجان من أعمال تونسية وعربية وإفريقية شاركت في المسابقة الرسمية أو في خانة الأعمال الموازية. وقدمت هذه الدورة من «الأيام» 12 عرضا مسرحيا في المسابقة الرسمية، 15 عرضا ضمن قسم مسرح العالم، 16 مسرحية في قسم العروض التونسية، و6 أعمال ضمن قسم العروض العربية والإفريقية، 12 عرضا ضمن قسم الطفولة والناشئة، 6 عروض للهواة و16 عرضا في خيارات «مسرح الحرية» المخصص لأعمال المودعين في السجون ومراكز الإصلاح.

وقد كانت خيارات المهرجان متنوعة من حيث العروض، فقد تناولت وفاء الطبوبي في عملها الجديد «الهاربات»، وهو من تأليفها وإخراجها وإنتاج المسرح الوطني وشركة «الأسطورة»، ملامح المرأة المكافحة في مجتمع متأزم اجتماعيا واقتصاديا، تتهاوى قيمه أمام فساد المال والسلطة. وقد مثلت المسرحية تونس في المسابقة الرسمية إلى جانب مسرحية جاكارندا لنزار السعيدي.

وتميزت مسرحية «الهاربات» بالأداء الراقي والحرفية العالية لكل من فاطمة بن سعيدان، منيرة الزكراوي، لبنى نعمان، أميمة البحري، صابرين عمر وأسامة الحنايني.

ومن خلال عملها “كيما اليوم»، وهو من إنتاجات المسرح الوطني بالشراكة مع «مسرح المقاومة»، تواصل ليلى طوبال طرح أسئلتها وتقديم رؤيتها للحياة والفن والآخر والذات التي تغوص الفنانة في أعماقها بحثا عن البدايات الأولى بكل معانيها ودلالاتها.

ومن بين الخيارات، نذكر كذلك مسرحية «سر الأنحوتة» لفرقة دار شارميسيو للفنون الأدائية بالمملكة العربية السعودية والمخرج معاذ الرفاعي، وتقمص فيها الأدوار كل من أسامة الحسن، معتز العبد الله، زكي النونو، رزان وبندر الغانمي ويوسف رضوان. وقد كان الجمهور إزاء عمل فني يقوم على لغة الجسد وتوظيف هذا الخيار الجمالي في نسج خيوط حكاية نحات يرفض مجاراة إيقاع الحياة الهستيري والموحش بعيدا عن القيم، ملجأه منحوتاته وورشة عمله.

«سر الأنحوتة»، ممثل السعودية في المسابقة الرسمية، يتوازى في جوهره الكوريغرافي مع خيار العمل الفلسطيني «ريش» في المنافسة نفسها، فإنتاج مسرح شادن للرقص المعاصر الفلسطيني يوظف بدوره الجسد ليعبر عن مكنونات الإنسان في شغفه وهشاشته وقوته، الإنسان الفلسطيني الصامد رغم كل الانتهاكات.

«ريشة» للمخرجة ومصممة الكوريغرافيا شادن أبو العسل شهد مشاركة راقصة السرك الفلسطينية عشتار معلم، وكل من ماشا سمعان، عنان أبو جابر وسمعان هيا خورية، عن دراماتورجيا حازم كمال الدين.

وفي عالم الفن وكواليسه الموحشة تدور أحداث مسرحية «كرنفال روماني» للممثلة والمخرجة موني بوعلام، عرض يصور الطبقية في أبشع صورها، يعكس انكسارات الفنان المهمش ويفضح ممارسة السلطة وأصحاب النفوذ والمال في هذا القطاع الثقافي. تسقط الأقنعة في «كرنفال روماني» وتتشبث «مارجيت» بطلة العمل بروحها المثابرة وأملها في الأفضل، ينتصر الفن في عمل موني بوعلام، المسرحية القادمة من الجزائر، عن سينوغرافيا لشاهيناز نغواش، ومعالجة درامية لموني بوعلام، وأداء كل من رجاء هواري، شاكر بولمدايس، زكي وافق، عبد الرؤوف بوفناز، رشا سعد الله، فريد زواوي، إسلام حدرباش وريان حمايدي.

وفي مسرحية «جرّ محراثك فوق عظام الموتى»، ممثلة الإمارات العربية المتحدة في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية للمخرج مهند كريم، والمقتبسة عن الرواية الحاملة للعنوان نفسه للكاتبة البولندية أولغا توكارتشوك، يسائل صانع هذا الإنتاج لجمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح علاقة الإنسان بعالمه، الطبيعة، وغيره من كائنات الأرض، عن بشاعة ووحشية البشر وتداعيات القسوة. فهل العنف يولد العنف؟ هنا والآن تنسج حكاية «جرّ محراثك فوق عظام الموتى» في غابة بعيدة تشهد جرائم قتل غامضة لصيادي الحيوانات البرية.

ومن فقرات المهرجان، يمكن أن نشير لبرمجة قسم الحرية المنظم بالتعاون مع الهيئة العامة للسجون والإصلاح بمشاركة 16 عرضا، من بينها «راجعين راجعين» إنتاج السجن المدني بقبلي، «سدّ عقل» إنتاج سجن برج الرومي، وعكست هذه التجارب وعُرضت بالمركب الشبابي والرياضي المنزه السادس معاني الحرية والرغبة في التغيير ونيل فرصة ثانية للحياة. «مسرح الحرية» تجربة مفعمة بمشاعر عميقة، كلمة سرها «دروس الحياة طريق للانعتاق والتحرر».

ومن الأنشطة المهمة في الدورة المنقضية لأيام قرطاج المسرحية، التي أسدل الستار عليها أمس السبت 29 نوفمبر، الندوة الفكرية الدولية «الفنان المسرحي: زمنه وأعماله». وكانت الجلسات الحوارية والمداخلات مساحة لتبادل الرؤى ووجهات النظر المختلفة عن المهنة والمنجز الإبداعي في تونس والعالم العربي وإفريقيا. وضمن قائمة المشاركين في ورقات الندوة أسماء بارزة في الفن الرابع على غرار توفيق الجبالي، الفاضل الجعايبي، الدكتور محمد المديوني، أستاذة الفلسفة أم الزين بن شيخة، الفنانة المغربية لطيفة أحرار، عبد الرحمان كاماتي المدير التنفيذي لـ«ماسا»، وهي منصة إفريقية مخصصة للفنون الأدائية الحية، الكاتبة الكولومبية والمخرجة ماريا أديلاييد بالاشيو، المسرحي الروسي كولوف تيمور، الممثل والمخرج المسرحي علي مهدي نوري.

وللتذكير، فإن جائزة صلاح القصب التي تمنح خلال أيام قرطاج المسرحية آلت في الدورة السادسة والعشرين للمسرحي التونسي الكبير الفاضل الجعايبي. واختار صاحب المبادرة، الفنان العراقي القدير صلاح القصب، أن يخصص هذا التكريم في سنة 2025 لصانع نجاحات «فاميليا»، خلافا للتقاليد المعتادة للجائزة والتي تمنح عادة لشخصيتين مسرحيتين كل سنة، وذلك تقديرا لمكانة الفاضل الجعايبي في مسار المسرح التونسي والعربي وتفرد منجزه الإبداعي.

لبنى نعمان أفضل اداء نسائي وأحمد أبو زيد أفضل اداء رجالي

تنافست على جوائز أيام قرطاج المسرحية في دورتها السادسة والعشرين من 22 إلى 29 نوفمبر، من تونس: «الهاربات» لوفاء الطبوبي و»جاكراندا» لنزار السعيدي، ومن فلسطين»ريش»، «عباءة المجانين» لفاغبا أوبو ديسال (الكوت ديفوار)، «ولد حرّا» لزولاني لورانس نهلابو (جنوب إفريقيا)، ومن العراق»الجدار» للمخرج سنان العزاوي، «باراديسكو» لسامر حنا ولين بواب من لبنان، العمل الجزائري: «كرنفال روماني» لموني بوعلام، المسرحية المغربية: «هم» لأسماء الهوري، «الملجأ» لسوسن دروزة، والعرض المصري: «سقوط حر» لمحمد فرج خشاب، ومن الإمارات العربية المتحدة: «جرّ محراثك فوق عظام الموتى» لمهند كريم.

وتوزعت التتويجات السبع الرسمية على العروض المختارة من طرف لجنة تحكيم دولية ضمت كل من الممثل والمخرج القدير الأسعد بن عبد الله (رئيساً)، ومن تونس كذلك: عماد المي، الجزائري: مالك العقّون، سعداء الدعّاس من الكويت، السوري: ثامر العربيد، وأبدون فورتونيه من الكونغو، كالتالي:

التانيت الذهبي: «الهاربات» لوفاء الطبوبي (تونس)

التانيت الفضي: «الجدار» لسنان عزاوي (العراق)

التانيت البرونزي: «جاكراندا» لنزار السعيدي (تونس)

جائزة أفضل نص: «الهاربات» لوفاء الطبوبي (تونس)

جائزة أفضل سينوغرافيا: «الجدار» لسنان العزاوي (العراق)

جائزة أفضل أداء نسائي: لبنى نعمان عن مسرحية «الهاربات» (تونس)

جائزة أفضل أداء رجالي: أحمد أبو زيد من مسرحية «سقوط حر» (مصر)

الجوائز الموازية

جوائز مسرح الحرية:

جائزة مسرح الحرية لمراكز الإصلاح: الجائزة الكبرى لمسرحية «الحياة دون ادمان» للمخرج خالد العمدوني / مركز إصلاح الأطفال الجانحين المروج

الجائزة الثانية: «ولاد عروش» للمخرج حمود الغابي / مركز إصلاح الأطفال الجانحين سوق الجديد

الجائزة الثالثة: مسرحية «جلسة سرية» للمخرجة خلود المثناني عن مركز إصلاح الأطفال «سيدي الهاني»

جوائز النوادي داخل الوحدات السجنية:

الجائزة الكبرى: مسرحية «سد عقل» / وحدة المودعين بالسجن المدني «برج الرومي»

الجائزة الثانية: «الحاوية» للمخرجة رباب البوزيدي / سجن النساء بمنوبة

الجائزة الثالثة: «مولى الباش» للمخرج حمزة السناني / السجن المدني الناظور

جائزة نجيبة الحمروني لحرية التعبير (النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين):

مسرحية «زنوس» للمخرج صالح حمودة

تنويه: مسرحية «ميتامورفوز» للمخرج قيس بولعراس

 نجلاء قموع

في اختتام أيام قرطاج المسرحية..   التانيتان الذهبي والبرونزي لتونس ونصيب الأسد من الجوائز لوفاء الطبوبي ومسرحية الهاربات

❞لمسة وفاء لنور الدين بن عياد و«بيونة» وتكريم لعبد الحميد قياس.. ليلى طوبال وعزيزة بولبيار❝

❞منير العرقي يعلن تسليم مشعل «الأيام» لإدارة جديدة ويؤكد: «المسرح وعي وتغيير ونبض الشارع» ❝

اختتمت الدورة السادسة والعشرون لأيام قرطاج المسرحية ليلة أمس السبت بحفل انتظم بقاعة الأوبرا بمدينة الثقافة «الشاذلي القليبي»، وعكست سهرة الختام احتفاء بأب الفنون في كل تفاصيلها، بداية من مشهد افتتاحي لمحمد شوقي خوجة وأميمة المناعي، مرورا بلحظات من الوفاء لمسيرة ثرية وغنية بالإمتاع والنجاحات والفن، لمن غادرونا مؤخرا من أهل الفن والمسرح، الممثلة الجزائرية القديرة «بيونة» والفنان التونسي الكبير نور الدين بن عياد، ليعتلي مدير الدورة منير العرقي ويلقي كلمته الرسمية بعد فيديو تفصيلي لأهم محطات النسخة السادسة والعشرين للمهرجان.

أعلن المسرحي منير العرقي عن مغادرة اللجنة المنظمة الحالية لأيام قرطاج المسرحية لمنصبها، مسلماً المشعل للإدارة القادمة لأيام قرطاج المسرحية، خاتماً كلمته: «المسرح وعي وتغير.. المسرح نبض الشارع».

اختتام أيام قرطاج المسرحية كان مناسبة لتكريم عدد من كبار المسرحيين التونسيين، بداية من الكاتب والناقد محمد مسعود إدريس، والممثل القدير عبد الحميد قياس، والذي اختار مع اعتلائه منصة التكريم قراءة جزء من نص مسرحية «وناس القلوب» تحية لمؤلفها ومخرجها محمد إدريس وشركائه في بطولة المسرحية: زهيرة بن عمار، جمال ساسي، ونوال الاسكندراني. كما حيت الممثلة والمخرجة والمؤلفة ليلى طوبال الجمهور الحاضر بمسرح الأوبرا خلال تكريمها بنص من نصوصها، وقدمت القديرة عزيزة بولبيار في فقرة تكريمها جزءاً من نص لعز الدين المدني.

وعكست سهرة الختام أجواء حماسية مع بداية الإعلان عن التتويجات، خاصة مع تتويج تونس بمعظم الجوائز، ومنها الجائزة الكبرى التانيت الذهبي لمسرحية «الهاربات» لوفاء الطبوبي، العمل الحاصل كذلك على جائزة أفضل نص وجائزة أفضل أداء نسائي للفنانة لبنى نعمان. وذهب التانيت الفضي للعراق ومسرحية «الجدار» لسنان العزاوي، وحصدت تونس التانيت البرونزي للمخرج نزار السعيدي ومسرحيته «جاكراندا». وسجلت الدورة الجديدة للمهرجان، التي انتظمت من 22 إلى 29 نوفمبر، حضورا جماهيريا لافتا واهتماما من محبي الفن الرابع بخيارات المهرجان من أعمال تونسية وعربية وإفريقية شاركت في المسابقة الرسمية أو في خانة الأعمال الموازية. وقدمت هذه الدورة من «الأيام» 12 عرضا مسرحيا في المسابقة الرسمية، 15 عرضا ضمن قسم مسرح العالم، 16 مسرحية في قسم العروض التونسية، و6 أعمال ضمن قسم العروض العربية والإفريقية، 12 عرضا ضمن قسم الطفولة والناشئة، 6 عروض للهواة و16 عرضا في خيارات «مسرح الحرية» المخصص لأعمال المودعين في السجون ومراكز الإصلاح.

وقد كانت خيارات المهرجان متنوعة من حيث العروض، فقد تناولت وفاء الطبوبي في عملها الجديد «الهاربات»، وهو من تأليفها وإخراجها وإنتاج المسرح الوطني وشركة «الأسطورة»، ملامح المرأة المكافحة في مجتمع متأزم اجتماعيا واقتصاديا، تتهاوى قيمه أمام فساد المال والسلطة. وقد مثلت المسرحية تونس في المسابقة الرسمية إلى جانب مسرحية جاكارندا لنزار السعيدي.

وتميزت مسرحية «الهاربات» بالأداء الراقي والحرفية العالية لكل من فاطمة بن سعيدان، منيرة الزكراوي، لبنى نعمان، أميمة البحري، صابرين عمر وأسامة الحنايني.

ومن خلال عملها “كيما اليوم»، وهو من إنتاجات المسرح الوطني بالشراكة مع «مسرح المقاومة»، تواصل ليلى طوبال طرح أسئلتها وتقديم رؤيتها للحياة والفن والآخر والذات التي تغوص الفنانة في أعماقها بحثا عن البدايات الأولى بكل معانيها ودلالاتها.

ومن بين الخيارات، نذكر كذلك مسرحية «سر الأنحوتة» لفرقة دار شارميسيو للفنون الأدائية بالمملكة العربية السعودية والمخرج معاذ الرفاعي، وتقمص فيها الأدوار كل من أسامة الحسن، معتز العبد الله، زكي النونو، رزان وبندر الغانمي ويوسف رضوان. وقد كان الجمهور إزاء عمل فني يقوم على لغة الجسد وتوظيف هذا الخيار الجمالي في نسج خيوط حكاية نحات يرفض مجاراة إيقاع الحياة الهستيري والموحش بعيدا عن القيم، ملجأه منحوتاته وورشة عمله.

«سر الأنحوتة»، ممثل السعودية في المسابقة الرسمية، يتوازى في جوهره الكوريغرافي مع خيار العمل الفلسطيني «ريش» في المنافسة نفسها، فإنتاج مسرح شادن للرقص المعاصر الفلسطيني يوظف بدوره الجسد ليعبر عن مكنونات الإنسان في شغفه وهشاشته وقوته، الإنسان الفلسطيني الصامد رغم كل الانتهاكات.

«ريشة» للمخرجة ومصممة الكوريغرافيا شادن أبو العسل شهد مشاركة راقصة السرك الفلسطينية عشتار معلم، وكل من ماشا سمعان، عنان أبو جابر وسمعان هيا خورية، عن دراماتورجيا حازم كمال الدين.

وفي عالم الفن وكواليسه الموحشة تدور أحداث مسرحية «كرنفال روماني» للممثلة والمخرجة موني بوعلام، عرض يصور الطبقية في أبشع صورها، يعكس انكسارات الفنان المهمش ويفضح ممارسة السلطة وأصحاب النفوذ والمال في هذا القطاع الثقافي. تسقط الأقنعة في «كرنفال روماني» وتتشبث «مارجيت» بطلة العمل بروحها المثابرة وأملها في الأفضل، ينتصر الفن في عمل موني بوعلام، المسرحية القادمة من الجزائر، عن سينوغرافيا لشاهيناز نغواش، ومعالجة درامية لموني بوعلام، وأداء كل من رجاء هواري، شاكر بولمدايس، زكي وافق، عبد الرؤوف بوفناز، رشا سعد الله، فريد زواوي، إسلام حدرباش وريان حمايدي.

وفي مسرحية «جرّ محراثك فوق عظام الموتى»، ممثلة الإمارات العربية المتحدة في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية للمخرج مهند كريم، والمقتبسة عن الرواية الحاملة للعنوان نفسه للكاتبة البولندية أولغا توكارتشوك، يسائل صانع هذا الإنتاج لجمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح علاقة الإنسان بعالمه، الطبيعة، وغيره من كائنات الأرض، عن بشاعة ووحشية البشر وتداعيات القسوة. فهل العنف يولد العنف؟ هنا والآن تنسج حكاية «جرّ محراثك فوق عظام الموتى» في غابة بعيدة تشهد جرائم قتل غامضة لصيادي الحيوانات البرية.

ومن فقرات المهرجان، يمكن أن نشير لبرمجة قسم الحرية المنظم بالتعاون مع الهيئة العامة للسجون والإصلاح بمشاركة 16 عرضا، من بينها «راجعين راجعين» إنتاج السجن المدني بقبلي، «سدّ عقل» إنتاج سجن برج الرومي، وعكست هذه التجارب وعُرضت بالمركب الشبابي والرياضي المنزه السادس معاني الحرية والرغبة في التغيير ونيل فرصة ثانية للحياة. «مسرح الحرية» تجربة مفعمة بمشاعر عميقة، كلمة سرها «دروس الحياة طريق للانعتاق والتحرر».

ومن الأنشطة المهمة في الدورة المنقضية لأيام قرطاج المسرحية، التي أسدل الستار عليها أمس السبت 29 نوفمبر، الندوة الفكرية الدولية «الفنان المسرحي: زمنه وأعماله». وكانت الجلسات الحوارية والمداخلات مساحة لتبادل الرؤى ووجهات النظر المختلفة عن المهنة والمنجز الإبداعي في تونس والعالم العربي وإفريقيا. وضمن قائمة المشاركين في ورقات الندوة أسماء بارزة في الفن الرابع على غرار توفيق الجبالي، الفاضل الجعايبي، الدكتور محمد المديوني، أستاذة الفلسفة أم الزين بن شيخة، الفنانة المغربية لطيفة أحرار، عبد الرحمان كاماتي المدير التنفيذي لـ«ماسا»، وهي منصة إفريقية مخصصة للفنون الأدائية الحية، الكاتبة الكولومبية والمخرجة ماريا أديلاييد بالاشيو، المسرحي الروسي كولوف تيمور، الممثل والمخرج المسرحي علي مهدي نوري.

وللتذكير، فإن جائزة صلاح القصب التي تمنح خلال أيام قرطاج المسرحية آلت في الدورة السادسة والعشرين للمسرحي التونسي الكبير الفاضل الجعايبي. واختار صاحب المبادرة، الفنان العراقي القدير صلاح القصب، أن يخصص هذا التكريم في سنة 2025 لصانع نجاحات «فاميليا»، خلافا للتقاليد المعتادة للجائزة والتي تمنح عادة لشخصيتين مسرحيتين كل سنة، وذلك تقديرا لمكانة الفاضل الجعايبي في مسار المسرح التونسي والعربي وتفرد منجزه الإبداعي.

لبنى نعمان أفضل اداء نسائي وأحمد أبو زيد أفضل اداء رجالي

تنافست على جوائز أيام قرطاج المسرحية في دورتها السادسة والعشرين من 22 إلى 29 نوفمبر، من تونس: «الهاربات» لوفاء الطبوبي و»جاكراندا» لنزار السعيدي، ومن فلسطين»ريش»، «عباءة المجانين» لفاغبا أوبو ديسال (الكوت ديفوار)، «ولد حرّا» لزولاني لورانس نهلابو (جنوب إفريقيا)، ومن العراق»الجدار» للمخرج سنان العزاوي، «باراديسكو» لسامر حنا ولين بواب من لبنان، العمل الجزائري: «كرنفال روماني» لموني بوعلام، المسرحية المغربية: «هم» لأسماء الهوري، «الملجأ» لسوسن دروزة، والعرض المصري: «سقوط حر» لمحمد فرج خشاب، ومن الإمارات العربية المتحدة: «جرّ محراثك فوق عظام الموتى» لمهند كريم.

وتوزعت التتويجات السبع الرسمية على العروض المختارة من طرف لجنة تحكيم دولية ضمت كل من الممثل والمخرج القدير الأسعد بن عبد الله (رئيساً)، ومن تونس كذلك: عماد المي، الجزائري: مالك العقّون، سعداء الدعّاس من الكويت، السوري: ثامر العربيد، وأبدون فورتونيه من الكونغو، كالتالي:

التانيت الذهبي: «الهاربات» لوفاء الطبوبي (تونس)

التانيت الفضي: «الجدار» لسنان عزاوي (العراق)

التانيت البرونزي: «جاكراندا» لنزار السعيدي (تونس)

جائزة أفضل نص: «الهاربات» لوفاء الطبوبي (تونس)

جائزة أفضل سينوغرافيا: «الجدار» لسنان العزاوي (العراق)

جائزة أفضل أداء نسائي: لبنى نعمان عن مسرحية «الهاربات» (تونس)

جائزة أفضل أداء رجالي: أحمد أبو زيد من مسرحية «سقوط حر» (مصر)

الجوائز الموازية

جوائز مسرح الحرية:

جائزة مسرح الحرية لمراكز الإصلاح: الجائزة الكبرى لمسرحية «الحياة دون ادمان» للمخرج خالد العمدوني / مركز إصلاح الأطفال الجانحين المروج

الجائزة الثانية: «ولاد عروش» للمخرج حمود الغابي / مركز إصلاح الأطفال الجانحين سوق الجديد

الجائزة الثالثة: مسرحية «جلسة سرية» للمخرجة خلود المثناني عن مركز إصلاح الأطفال «سيدي الهاني»

جوائز النوادي داخل الوحدات السجنية:

الجائزة الكبرى: مسرحية «سد عقل» / وحدة المودعين بالسجن المدني «برج الرومي»

الجائزة الثانية: «الحاوية» للمخرجة رباب البوزيدي / سجن النساء بمنوبة

الجائزة الثالثة: «مولى الباش» للمخرج حمزة السناني / السجن المدني الناظور

جائزة نجيبة الحمروني لحرية التعبير (النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين):

مسرحية «زنوس» للمخرج صالح حمودة

تنويه: مسرحية «ميتامورفوز» للمخرج قيس بولعراس

 نجلاء قموع