إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رئيس مجلس نواب الشعب في جلسة عامة برلمانية: التدخل في الشؤون الداخلية مرفوض

يواصل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم خلال الأيام القادمة النظر في مشروع قانون المالية لسنة 2026 في إطار جلسة عامة مشتركة بقصر باردو، على أن تقع المصادقة عليه في أجل أقصاه يوم 10 ديسمبر 2025. وخلال النقاش العام لهذا المشروع مساء أمس بحضور وزيرة المالية مشكاة سلامة طالب أعضاء الغرفة النيابية الأولى بالتعويل على الذات والحد من الضغط الجبائي ومحاربة الاقتصاد الموازي، ودعوا إلى تسوية وضعيات التشغيل الهش وانتداب أصحاب الشهادات العليا ممن طالت بطالتهم وعبروا عن تمسكهم بمقترحات سيارة لكل عائلة وجدولة ديون الفلاحين وتخفيف الأداءات المستوجبة على جرايات المتقاعدين وغيرها. وانتقد العديد منهم مشروع القانون وبينوا أنه لا يعبر عن رغبة في تحقيق سيادة وطنية فعلية نظرا لتواصل التداين كما أنه يفتقر إلى إجراءات من شأنها أن تساهم في التشغيل والحد من التلوث البيئي.

وهناك من انتهزوا الفرصة للتنديد بالقرار الصادر عن البرلمان الأوروبي، ولم يخف النائب يوسف طرشون في هذا السياق شعوره بالألم ممن يهللون هذه الأيام فرحا بهذا القرار الذي ينم عن تدخل سافر من قبل البرلمان الأوروبي في الشأن الداخلي لتونس وفي السيادة الوطنية وأضاف ما يحزنه أكثر ليس قرار هذا البرلمان وإنما تواطؤ من يدعون أنهم أبناء هذا الوطن.. وأضاف أنه على الاتحاد الأوروبي أن يعلم أن تونس سيدة قرارها وأنه لا مجال للتدخل فيها وأن السيادة الوطنية خط أحمر وما دونها الدم وما دونها الموت حسب وصفه، وقال نحن لا نساوم في قرارنا الوطني، وأشار إلى أنه لا يوجد محتجزون سياسيون في تونس وتساءل بأي حق أن يتم تصنيف من هم على ذمة القضاء بأنهم سجناء سياسيين ولماذا في الاتحاد الأوروبي يتدخلون في تونس بعد أن عمت عيونهم عن جرائم الكيان الصهيوني وأجاب أنهم يتدخلون في الشأن التونسي لأنهم خسروا عملاءهم ويريدون استرجاعهم. ونددت النائبة فاطمة المسدي بدورها بالتدخل الأجنبي من قبل البرلمان الأوروبي في الشؤون الداخلية لتونس وأشارت إلى إعداد لائحة من قبل نواب الشعب للتنديد بهذا التدخل وطلبت عرضها على الجلسة العامة للمصادقة عليها.

الحقوق مكفولة

وقال رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة:» ليعلم الجميع أن سيادتنا الوطنية ومشاكلنا الداخلية تحل داخليا من طرف المؤسسات الرسمية وأن العقلية الاستعمارية التي مازالت تؤمن بها بعض الأطراف الأجنبية والذين لم يتحرروا إلى حد الآن من عقليتهم الاستعمارية أن ذلك العهد قد ولى وانقضى بصورة نهائية وأن تونس هذا الوطن العزيز على كل التونسيات والتونسيين حرة ونالت استقلالها بفضل من جاهدوا في سبيل ذلك وهي تمارس السيادة التامة ولن تسمح لأي طرف من الأطراف بالتدخل في شؤونها الداخلية». وبين بودربالة أنه انطلاقا مما نصت عليه أحكام الدستور والاتفاقيات التي صادقت عليها تونس فهو يؤمن بأن الفرد في تونس له اعتباره وله كرامته ولا يحاسب إلا طبق الإجراءات القانونية المكفولة من طرف المحاكم لذلك فإنه يقول لهؤلاء إذا كنتم تريدون التعامل على أساس الاحترام المتبادل فأهلا وسهلا أما إذا أردتم النظر إلى تونس بصفة فوقية فنقول لكم إن ذلك العهد ولى وانقضى، وأوضح أن ممارسة الوظائف التشريعية والتنفيذية والقضائية تتم بكل استقلالية وأن الفرد محترم وأن الحريات الشخصية والحريات العامة محترمة وأن حق التظاهر وحق الاحتجاج وحق إبداء الرأي المعارض كلها حقوق محترمة ومكفولة دستوريا وذهب رئيس المجلس إلى أبعد من ذلك وقال إن حرية الإعلام والصحافة مكفولة وما عليهم إلا الإطلاع على ما يجري في تونس لذلك فهو يجدد التأكيد على أن الشعب التونسي مدرك لحقوقه ولواجباته وخلص إلى أن ما صدر مؤخرا يعتبر من قبيل التدخل في الشؤون الداخلية وهو أمر مرفوض ولا يمكن بأي صيغة من الصيغ قبوله.

تهرب جبائي وتلاعب

النائب عن كتلة الأمانة والعمل محمد اليحياوي فبين أن الشركات المهيكلة مازالت تعاني من الضغط الجبائي وبإضافة المساهمة التضامنية فإن الضغط الجبائي يتجاوز خمسين بالمائة وفي المقابل هناك بضائع أجنبية تدخل عبر المعابر المراقبة وتضخ في السوق الموازية وهو ما ساهم في الإضرار بالمنتوج التونسي كما ان المواطن الذين يشتري من تلك البضائع يعرض نفسه إلى عقوبات عندما يتم التفطن إليه من قبل أعوان الحرس أو الديوانة . وبخصوص الشركات المصدرة كليا لاحظ النائب وجود تهرب جبائي وتلاعب حيث لا يتم تصدير البضائع ودعا إلى ضرورة المطالبة بالاستظهار بفواتير بلد التصدير واقترح على وزارة المالية تعميم الفوترة ووضع نظام موحد لغرض لمراقبة مسالك التوزيع.

ولدى حديثه عن المؤسسات العمومية بين أنه لم يقع صلب مشروع قانون المالية التطرق إلى شركة التبغ والوقيد والشركة التونسية للأنشطة البترولية. وذكر أنه طال انتظار المجلس النيابي لمجلة الاستثمار ومجلة الصرف وبين أن هناك مهندسين يعملون مع شركات أجنبية عن بعد ويجدون صعوبة في إدخال أموال من العملة الصعبة وهو ما يقتضي تمكينهم من امتيازات على غرار ما حصل سابقا مع الأطباء لضمان استقرارهم في تونس وعدم استنزاف هذه الطاقة البشرية.

وأكد النائب على ضرورة مقاومة اقتصاد الريع من خلال تحرير الاقتصاد ولو جزئيا عبر إزالة بعض الرخص والتوجه نحو كراس شروط خاصة في قطاعات لها قيمة مضافة مثل النقل والاتصالات والطاقة والاقتصاد الرقمي وغيرها. وعن رأيه في عدد من فصول مشروع قانون المالية بين أنه يتحفظ على حذف الفصل خمسين المتعلق بالضريبة التصاعدية على الثروة ودعا إلى إعادته إلى الجلسة العامة ونبه أن الفصل المتعلق بحيازة الأموال يسبب خطر شبهة تبييض أموال والتلاعب بالأموال وهو ما يقتضي إعادة النظر فيه كما يجب معالجة مشاكل الصفقات العمومية ومراجعة الأمر المنظم لها لأنه يسبب مشاكل كبيرة جدا على مستوى المؤسسات العمومية. وثمن النائب التوجهات الاجتماعية في الميزانية.

أما النائب غير المنتمي إلى كتل هشام حسني فبين أنه لا بد من الالتزام بأحكام المرسوم عدد 1 المتعلق بتنظيم العلاقات بين مجلسي نواب الشعب والجهات والأقاليم لأنه لا يحق للجنة المالية والميزانية إلغاء فصول ومنها الفصل خمسين المتعلق بالضريبة التصاعدية وهي ضريبة معمول بها في عديد الدول لتحقيق العدالة الاجتماعية، وعبر عن اعتراضه عن إلغاء الفصول الجيدة في مشروع قانون المالية مقابل إضافة فصول أخرى وقال إنه يرفض إلغاء الفصل المتعلق باللاقطات الشمسية لأنه توجد ثلاثة شركات فقط في تونس وحذف هذا الفصل الذي ينص على تخفيف ضريبي على التوريد يطرح نقطة استفهام. وثمن حسني الحد من التداين الخارجي لكنه نبه من تبعات اللجوء إلى البنك المركزي للحصول على 11 ألف مليار. وذكر أنه في صورة تمرير مقترحات التعديل التي تقدم بها النواب فقد يتطلب الأمر الترفيع في هذا المبلغ إلى 15 ألف مليار.

الأحياء الشعبية

وبين النائب عادل ضياف أن ميزانية 2026 فيها زيادة في المداخيل بنسبة خمسة فاصل واحد بالمائة مقابل زيادة في النفقات بستة فاصل ثلاثة بالمائة وهو ما يخلق عجزا في الميزانية وسيتم تسديد هذا العجز عبر اقتراض 11 ألف مليار من البنك المركزي، لكن الإيجابي في مشروع قانون المالية حسب رأيه البعد اجتماعي فهو يهدف إلى دعم الفئات الهشة والمتقاعدين وذوي الإعاقة وصغار الفلاحين كما أنه يدعم التوازن الاجتماعي وهو ما تؤكده الدولة من خلال توجهها الاجتماعي والتعويل على الذات. وأضاف أنه يوجد توجه نحو العدالة الجبائية حيث تم اقتراح ضريبة على الثروة. وطالب بإعادة التصويت على هذا الإجراء وأن العدالة الاجتماعية يجب أن تكون المحرار لهذه الدولة. ولاحظ النائب وجود دعم للاستثمار والتنمية الجهوية والمحلية فمشروع القانون صمم في إطار رؤية تنموية لفترة 2026ـ 2030 مع مراعاة التنمية المتوازنة بين الجهات والتمييز الايجابي. وهناك فيه حسب قوله إجراءات لدعم المؤسسات العمومية والمشاريع الوطنية.

وأشار ضياف في المقابل إلى أن مشروع قانون المالية يقوم في جانب منه على الضرائب وهو ما يثقل كاهل المواطنين، كما توجد هيمنة لكتلة الأجور وهو ما يحد من الاستثمار. وتحدث النائب عن الضيم الذي يشعر به المواطنون في الأحياء الشعبية ودعا إلى تحسين ظروف عيشهم وتوفير مطاعم مدرسية وملاعب ودور ثقافة وشباب يقضي فيها أبناء هذه الأحياء أوقات فراغهم وهو ما يقيهم من العنف والمخدرات وقوارب الموت.

أنسنة قانون المالية

وقالت النائبة عن كتلة الأحرار سيرين مرابط لوزيرة المالية إن النواب شخصوا الوضع وقدموا مقترحات وحلول وتساءلت لماذا لا تقع تسوية وضعيات التشغيل الهش إذا كانت هناك موارد مالية لم يقع صرفها واستغربت من تنقل البعض من منبر إعلامي إلى آخر لترذيل المقترحات التي قدمها النواب لإثراء مشروع قانون المالية ومنها مقترح السيارة لكل عائلة وكيف أنه تم التركيز على تصريح مفاده أن هذا المقترح سيشجع الشباب على الزواج. وبينت أنها ستقدم مقترحات تتعلق بمرضى السكري وبتسوية الوضعيات الهشة لأنها ترى أنه لا بد من أنسنة هذا القانون، وخلصت قائلة لا للتدخل الأجنبي وكررت هذه العبارة عدة مرات لأن تونس دولة حرة مستقلة أبد الدهر.

لا للتدخل الأجنبي

وقال النائب علي زغدود عن كتلة لينتصر الشعب إنه في ظل التطورات المتلاحقة خاصة ما صدر في الساعات الأخيرة كشف مجددا حجم الصلف الأوروبي ونزعته الاستعمارية المتجددة، إذ تجرأ البرلمان الأوروبي على مناقشة الوضع الداخلي في تونس والتصويت عليه واتخاذ قرارات بشأنه وكأن تونس أصبحت ولاية تابعة أو كيانا بلا سيادة. وقال إنه يعتبر هذا التدخل عدوانا سافرا على سيادة الدولة التونسية وكرامة الشعب التونسي بما يستوجب ردا وطنيا قويا وصريحا. وأضاف أن كتلته ترى أن أول واجب في هذا الرد هو تعليق كل أشكال التعاون والوفود والتبادل مع البرلمان الأوروبي إلى أن يتوقف على هذه الممارسات الاستعلائية. وحمّل زغدود نواب الشعب مسؤولية تعبئة الرأي العام دفاعا عن سيادة تونس مهما كانت التكاليف. وذكر أنه بقدر دفاعهم في الكتلة عن كل رأي وطني معارض فإنهم يدينون بشدة كل من يتورط في الارتهان للأجنبي تحت أي مسوغ كان. وبين أنهم لا يسمحون بتكرار المآسي التي عاشتها دول عربية أخرى حين ترك الباب مفتوحا للتدخلات الأجنبية والخارجية فكان الثمن انهيار الدولة وضياع القرار الوطني. وذكر أنه لن يقع السماح بذلك في تونس.

ولدى حديثه عن مشروع قانون المالية أشار زغدود إلى أن هذا القانون هو واجهة السيادة وخط الدفاع الأول، وذكر أن أول رد عملي دفاعا عن السيادة الوطنية هو أن تكون فصول هذا القانون مستجيبة لتطلعات الشعب التونسي من كادحين وفلاحين وعمال وصناعيين وموظفين ومعطلين فضلا عن الشباب والنساء والمتقاعدين فهذه الفئات الشعبية حسب وصفه هي الحصن الحقيقي الذي يحمي استقلال تونس حينما تستهدف سيادتها. وأضاف أن التونسيين يشعرون بأن معركة التحرر الاقتصادي والاجتماعي هي معركتهم وأن الدولة تقف إلى جانبهم في مواجهة البطالة والفقر والاستغلال، فبهذه الكيفية يتحولون إلى قوة لا تهزم. وخلص إلى أن التشغيل ضرورة وطنية وليس خيارا فإنهاء مأساة عشرات الآلاف من أصحاب الشهائد الجامعية ممن طالت بطالتهم لم يعد ترفا ولا مطلبا ثانويا بل أصبح ضرورة وطنية حيوية وتبعا لذلك يجب تخصيص الاعتمادات الكافية لتشغيل الدفعة الأولى منهم ودفعات السنوات الثلاث القادمة حماية لمستقبلهم ومستقبل الوطن. وتحدث النائب عن المتقاعدين الذين خدموا الدولة عقودا طويلة فهم أول من سيقف للدفاع عن سيادة تونس ومن حقهم اليوم أن يتم إنصافهم عبر إعفاء جزئي لجرايتهم من الأداء على الدخل. وأضاف أن الفلاحين هم درع السيادة الغذائية وأبطال التحرر إذ كانوا دوما عنونا للسيادة وفي طليعة معارك التحرر لكن اليوم يتم التنكيل بهم من فلاحي الزياتين والتمور حيث عادت شبكات الاحتكار والمافيات بقوة مما يستدعي من الحكومة التدخل العاجل، وأضاف أن كتلة لينتصر الشعب ترى أنه لا بد اتخاذ الإجراءات الضرورية لدعم الصناعات الغذائية وحمايتها وإعادة العمل بالمعاليم الديوانية المرتفعة على المواد الفلاحية الموردة وضبط قائمة في المواد الممكن توريدها بصفة استثنائية استجابة لحاجيات وطنية مع اتخاذ إجراءات لدعم قطاع زيت الزيتون منها إعفاء التخزين والتعليب من الأداءات والمعاليم وإقرار منحة استثمار لا تقل عن 25 بالمائة من الكلفة. كما أشار إلى ضرورة دعم الصناعة الوطنية وبين أنه في الوقت الذي يطالب فيه بحلول ظرفية مثل تسهيل توريد سيارة لكل عائلة يجب ألا يتم التغافل عن الحل الجذري وهو الاستثمار في الصناعة الوطنية وحمايتها وتحصينها من المنافسة الأجنبية الشرسة ويجب أن تتجه تونس حسب قوله إلى قطب للصناعات الدوائية وقطب للصناعات الغذائية وقطب للصناعات المتجددة مع تعزيز السيادة الوطنية على الثروات الطبيعية. وطالب بدعم المؤسسات الصناعية الوطنية القادرة على التشغيل وتقديم حوافز جبائية ومالية وتشجيع الاندماج في مجمعات صناعية قوية قادرة على المنافسة والتطور، كما شدد زغدود على ضرورة التركيز على الاقتصاد الرقمي بوصفة مجالا سياديا جديدا فالنهوض به لم يعد خيارا بل أصبح ضرورة سيادية عبر محاضن أعمال وشركات ناشئة تمولها الدولة جزئيا وصناديق الاستثمار الوطنية. وخلص إلى أن المعركة التي يخوضها الشعب التونسي اليوم هي معركة كسب التحدي الاقتصادي ففي صورة كسب هذه المعركة فيمكن كسب المعركة السياسية بامتياز، ويرى أنه آن الأوان لإيقاف النزيف الخطير للتداين الخارجي والداخلي. كما يجب الحد من التراخيص والبيروقراطية فهي مكامن للفساد وخصم للسيادة. وذكر أنه على كل طرف أن يحدد موقعه فإما في صف الشعب والتنمية أو في صف الاستعمار وأعوانه من لوبيات مالية وبنكية. وفي علاقة بالبنوك بين أنه يجب إنهاء حالة التمرد البنكي وإلغاء التراخيص أو تقليص عددها مع تبسيط الإجراءات وتقليص الآجال على مستوى الجباية والديوانة والسجل التجاري مع تقديم حوافز للمشاريع المرتبطة بالتشغيل والتصدير. وقال إن هذه المعركة هي معركة الشعب التونسي بأسره لحماية السيادة في مواجهة كل أشكال الابتزاز، وذكر أنه من واجب البرلمان أن يمكن كل قوى الشعب من المشاركة الفعلية في بناء دولة قوية وعادلة منتجة وذات سيادة لا تخترق ولا تبتز.

بين الشعارات والواقع

وقال النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي عبد الرزاق عويدات إن كتلته تثمن الشعارات التي قامت عليها ميزانية 2026 مثل التعويل على الذات والتشغيل والدور الاجتماعي للدولة لكن البرامج المقترحة ضمن مشروع قانون المالية لا يمكن أن تحقق تلك الشعارات فعلى مستوى التعويل على الذات فإن 91 بالمائة من الميزانية متأت من الضرائب وفي صورة التعويل على الذات يجب دعم الاستثمار في استخراج الثروات الطبيعية مثل جبس وفسفاط ورخام مع اقتراح القيام بإصلاح شامل لمؤسسة عمومية أو ديوان. وأضاف أن الحديث عن الدور الاجتماعي للدولة يقتضي تحقيق الرعاية الاجتماعية وهذه الرعاية لا تتم في مناسبات ظرفية بل يجب تحسين أداء المؤسسات العمومية في التعليم والصحة والنقل فهي التي تقدم الخدمات العمومية التي يحتاجها المواطن.

وقال النائب عماد أولاد جبريل إن أي مقترح إضافي لمشروع قانون المالية لسنة 2026 يكون في صالح الشعب سيتم التصويت عليه بنعم دون نقاش ولكن أي مقترح من شأنه أن يثقل كاهل المواطن والشعب فهو مرفوض. وبين أن جميع التعديلات التي سيتم إدخالها على المشروع خلال الجلسة العامة يجب أن تمر عبر نواب الشعب وقال لا للمفاوضات ولا للبيع والشراء ويرى أنه من غير المقبول عند تمرير إعفاء ديواني للفلاح لكي يقتني معدات فلاحية أن يأتي من يشكك في أن الفلاح سيبيع الجرار، وبين أنه حتى وإن باعه فسيشتريه فلاح آخر.

وشدد النائب على أن مقترح السيارة لكل عائلة سيمر كما أن المقترحات التي تمت إضافتها من قبل النواب لفائدة المتقاعدين والفلاحين والفئات الهشة كلها ستمر ولا مجال لجلسة مفاوضات مع وزارة المالية وأشار إلى الامتيازات الكبيرة التي يتمتع بها أعوان المالية، وبين أنه لن يقبل التعلات الواهية التي يتم تقديمها من أجل عدم تمرير الفصول التي هي في صالح الشعب والفصول التي تهم الشركات الصغرى والمتوسطة فالنواب هم أصحاب القرار وفسر أن تقديرات كلفة المقترحات الإضافية التي تقدم بها النواب لا تتجاوز أربعة آلاف مليار وبين أنه يمكن تمريرها حتى يشعر الشعب بتحسن ملموس في واقعه المعيشي وقال :»نحن مع كل المقترحات التي تهم الشعب».

تقرير مشترك

وقبل الشروع في النقاش العام لمشروع قانون المالية لسنة 2026 استعرضت لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب التي يرأسها عبد الجليل الهاني بمعية لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم التي يرأسها سليم سالم تقريرا مشتركا حول هذا المشروع،

وبين الهاني أنه تم عقد 13 جلسة عمل مشتركة تواصلت 80 ساعة خصصت أولها للاستماع إلى وزيرة المالية، كما تم بعد ذلك الاستماع إلى ممثلي عديد المنظمات والجمعيات الذين قدموا قراءاتهم في المشروع واقترحوا عديد التعديلات والإضافات وتم أخذ بعضها بعين الاعتبار ونقاشها كما تم فتح الباب لأعضاء المجلسين لتقديم مقترحاتهم التعديلية والإضافية قبل الانطلاق في نقاش الفصول فصلا فصلا. وأشار إلى أنه تم عقد جلستين مع رؤساء الكتل وممثلي غير المنتمين إلى كتل للاتفاق حول طريقة عمل لترشيد عملية تقديم المقترحات التعديلية لتجنيب اللجنة والجلسة العامة النظر في زخم كبير منها مثلما تم سابقا. وأضاف أنه أمام العدد الكبير للمقترحات المقدمة للجنة من قبل النواب تبين بعد الإطلاع عليها أنها لا تعود إلى كتل نيابية بعينها بل تم تبنيها من قبل نواب من مختلف الكتل ومن غير المنتمين إلى كتل لذلك ارتأى مكتب اللجنة عقد جلسة ثانية مع رؤساء الكتل وممثلي غير المنتمين إلى كتل لإيجاد صيغة توافقية حول كيفية التعاطي مع تلك المقترحات نظرا لأنه لا يمكن للجنة النظر في جميعها لكثرتها من جهة ومن جهة أخرى لضيق الوقت المتاح أمامها. وفسر الهاني أنه تم التفطن إلى أن العديد من المقترحات المقدمة متشابهة إلى حد بعيد وهو ما تمت معاينته من قبل ممثلي النواب الذين قدموها وتم الاتفاق على تجميعها في محاور على أن تقوم اللجنة بتبنيها وعرضها على أشغال جلساتها المشتركة مع لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم وهو ما حصل فعلا حيث تم الاتفاق على أربعة محاور كبرى تهم بالخصوص الجانب الاجتماعي والاقتصادي كما تم النظر في عدد من المقترحات المقدمة من قبل أعضاء لجنتي المالية بالمجلسين وإثر النظر في المشروع المقدم من قبل الحكومة تم عرض تلك المقترحات على ممثلي وزارة المالية بحضور الوزيرة لإبداء الرأي فيها وانتهت الجلسة الأخيرة بمصادقة أعضاء لجنة المالية بمجلس نواب الشعب بإجماع أعضائها الحاضرين وبمصادقة جميع أعضاء لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم الحاضرين على فصول مشروع قانون المالية لسنة 2026 معدلا.

سعيدة بوهلال

رئيس مجلس نواب الشعب في جلسة عامة برلمانية:     التدخل في الشؤون الداخلية مرفوض

يواصل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم خلال الأيام القادمة النظر في مشروع قانون المالية لسنة 2026 في إطار جلسة عامة مشتركة بقصر باردو، على أن تقع المصادقة عليه في أجل أقصاه يوم 10 ديسمبر 2025. وخلال النقاش العام لهذا المشروع مساء أمس بحضور وزيرة المالية مشكاة سلامة طالب أعضاء الغرفة النيابية الأولى بالتعويل على الذات والحد من الضغط الجبائي ومحاربة الاقتصاد الموازي، ودعوا إلى تسوية وضعيات التشغيل الهش وانتداب أصحاب الشهادات العليا ممن طالت بطالتهم وعبروا عن تمسكهم بمقترحات سيارة لكل عائلة وجدولة ديون الفلاحين وتخفيف الأداءات المستوجبة على جرايات المتقاعدين وغيرها. وانتقد العديد منهم مشروع القانون وبينوا أنه لا يعبر عن رغبة في تحقيق سيادة وطنية فعلية نظرا لتواصل التداين كما أنه يفتقر إلى إجراءات من شأنها أن تساهم في التشغيل والحد من التلوث البيئي.

وهناك من انتهزوا الفرصة للتنديد بالقرار الصادر عن البرلمان الأوروبي، ولم يخف النائب يوسف طرشون في هذا السياق شعوره بالألم ممن يهللون هذه الأيام فرحا بهذا القرار الذي ينم عن تدخل سافر من قبل البرلمان الأوروبي في الشأن الداخلي لتونس وفي السيادة الوطنية وأضاف ما يحزنه أكثر ليس قرار هذا البرلمان وإنما تواطؤ من يدعون أنهم أبناء هذا الوطن.. وأضاف أنه على الاتحاد الأوروبي أن يعلم أن تونس سيدة قرارها وأنه لا مجال للتدخل فيها وأن السيادة الوطنية خط أحمر وما دونها الدم وما دونها الموت حسب وصفه، وقال نحن لا نساوم في قرارنا الوطني، وأشار إلى أنه لا يوجد محتجزون سياسيون في تونس وتساءل بأي حق أن يتم تصنيف من هم على ذمة القضاء بأنهم سجناء سياسيين ولماذا في الاتحاد الأوروبي يتدخلون في تونس بعد أن عمت عيونهم عن جرائم الكيان الصهيوني وأجاب أنهم يتدخلون في الشأن التونسي لأنهم خسروا عملاءهم ويريدون استرجاعهم. ونددت النائبة فاطمة المسدي بدورها بالتدخل الأجنبي من قبل البرلمان الأوروبي في الشؤون الداخلية لتونس وأشارت إلى إعداد لائحة من قبل نواب الشعب للتنديد بهذا التدخل وطلبت عرضها على الجلسة العامة للمصادقة عليها.

الحقوق مكفولة

وقال رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة:» ليعلم الجميع أن سيادتنا الوطنية ومشاكلنا الداخلية تحل داخليا من طرف المؤسسات الرسمية وأن العقلية الاستعمارية التي مازالت تؤمن بها بعض الأطراف الأجنبية والذين لم يتحرروا إلى حد الآن من عقليتهم الاستعمارية أن ذلك العهد قد ولى وانقضى بصورة نهائية وأن تونس هذا الوطن العزيز على كل التونسيات والتونسيين حرة ونالت استقلالها بفضل من جاهدوا في سبيل ذلك وهي تمارس السيادة التامة ولن تسمح لأي طرف من الأطراف بالتدخل في شؤونها الداخلية». وبين بودربالة أنه انطلاقا مما نصت عليه أحكام الدستور والاتفاقيات التي صادقت عليها تونس فهو يؤمن بأن الفرد في تونس له اعتباره وله كرامته ولا يحاسب إلا طبق الإجراءات القانونية المكفولة من طرف المحاكم لذلك فإنه يقول لهؤلاء إذا كنتم تريدون التعامل على أساس الاحترام المتبادل فأهلا وسهلا أما إذا أردتم النظر إلى تونس بصفة فوقية فنقول لكم إن ذلك العهد ولى وانقضى، وأوضح أن ممارسة الوظائف التشريعية والتنفيذية والقضائية تتم بكل استقلالية وأن الفرد محترم وأن الحريات الشخصية والحريات العامة محترمة وأن حق التظاهر وحق الاحتجاج وحق إبداء الرأي المعارض كلها حقوق محترمة ومكفولة دستوريا وذهب رئيس المجلس إلى أبعد من ذلك وقال إن حرية الإعلام والصحافة مكفولة وما عليهم إلا الإطلاع على ما يجري في تونس لذلك فهو يجدد التأكيد على أن الشعب التونسي مدرك لحقوقه ولواجباته وخلص إلى أن ما صدر مؤخرا يعتبر من قبيل التدخل في الشؤون الداخلية وهو أمر مرفوض ولا يمكن بأي صيغة من الصيغ قبوله.

تهرب جبائي وتلاعب

النائب عن كتلة الأمانة والعمل محمد اليحياوي فبين أن الشركات المهيكلة مازالت تعاني من الضغط الجبائي وبإضافة المساهمة التضامنية فإن الضغط الجبائي يتجاوز خمسين بالمائة وفي المقابل هناك بضائع أجنبية تدخل عبر المعابر المراقبة وتضخ في السوق الموازية وهو ما ساهم في الإضرار بالمنتوج التونسي كما ان المواطن الذين يشتري من تلك البضائع يعرض نفسه إلى عقوبات عندما يتم التفطن إليه من قبل أعوان الحرس أو الديوانة . وبخصوص الشركات المصدرة كليا لاحظ النائب وجود تهرب جبائي وتلاعب حيث لا يتم تصدير البضائع ودعا إلى ضرورة المطالبة بالاستظهار بفواتير بلد التصدير واقترح على وزارة المالية تعميم الفوترة ووضع نظام موحد لغرض لمراقبة مسالك التوزيع.

ولدى حديثه عن المؤسسات العمومية بين أنه لم يقع صلب مشروع قانون المالية التطرق إلى شركة التبغ والوقيد والشركة التونسية للأنشطة البترولية. وذكر أنه طال انتظار المجلس النيابي لمجلة الاستثمار ومجلة الصرف وبين أن هناك مهندسين يعملون مع شركات أجنبية عن بعد ويجدون صعوبة في إدخال أموال من العملة الصعبة وهو ما يقتضي تمكينهم من امتيازات على غرار ما حصل سابقا مع الأطباء لضمان استقرارهم في تونس وعدم استنزاف هذه الطاقة البشرية.

وأكد النائب على ضرورة مقاومة اقتصاد الريع من خلال تحرير الاقتصاد ولو جزئيا عبر إزالة بعض الرخص والتوجه نحو كراس شروط خاصة في قطاعات لها قيمة مضافة مثل النقل والاتصالات والطاقة والاقتصاد الرقمي وغيرها. وعن رأيه في عدد من فصول مشروع قانون المالية بين أنه يتحفظ على حذف الفصل خمسين المتعلق بالضريبة التصاعدية على الثروة ودعا إلى إعادته إلى الجلسة العامة ونبه أن الفصل المتعلق بحيازة الأموال يسبب خطر شبهة تبييض أموال والتلاعب بالأموال وهو ما يقتضي إعادة النظر فيه كما يجب معالجة مشاكل الصفقات العمومية ومراجعة الأمر المنظم لها لأنه يسبب مشاكل كبيرة جدا على مستوى المؤسسات العمومية. وثمن النائب التوجهات الاجتماعية في الميزانية.

أما النائب غير المنتمي إلى كتل هشام حسني فبين أنه لا بد من الالتزام بأحكام المرسوم عدد 1 المتعلق بتنظيم العلاقات بين مجلسي نواب الشعب والجهات والأقاليم لأنه لا يحق للجنة المالية والميزانية إلغاء فصول ومنها الفصل خمسين المتعلق بالضريبة التصاعدية وهي ضريبة معمول بها في عديد الدول لتحقيق العدالة الاجتماعية، وعبر عن اعتراضه عن إلغاء الفصول الجيدة في مشروع قانون المالية مقابل إضافة فصول أخرى وقال إنه يرفض إلغاء الفصل المتعلق باللاقطات الشمسية لأنه توجد ثلاثة شركات فقط في تونس وحذف هذا الفصل الذي ينص على تخفيف ضريبي على التوريد يطرح نقطة استفهام. وثمن حسني الحد من التداين الخارجي لكنه نبه من تبعات اللجوء إلى البنك المركزي للحصول على 11 ألف مليار. وذكر أنه في صورة تمرير مقترحات التعديل التي تقدم بها النواب فقد يتطلب الأمر الترفيع في هذا المبلغ إلى 15 ألف مليار.

الأحياء الشعبية

وبين النائب عادل ضياف أن ميزانية 2026 فيها زيادة في المداخيل بنسبة خمسة فاصل واحد بالمائة مقابل زيادة في النفقات بستة فاصل ثلاثة بالمائة وهو ما يخلق عجزا في الميزانية وسيتم تسديد هذا العجز عبر اقتراض 11 ألف مليار من البنك المركزي، لكن الإيجابي في مشروع قانون المالية حسب رأيه البعد اجتماعي فهو يهدف إلى دعم الفئات الهشة والمتقاعدين وذوي الإعاقة وصغار الفلاحين كما أنه يدعم التوازن الاجتماعي وهو ما تؤكده الدولة من خلال توجهها الاجتماعي والتعويل على الذات. وأضاف أنه يوجد توجه نحو العدالة الجبائية حيث تم اقتراح ضريبة على الثروة. وطالب بإعادة التصويت على هذا الإجراء وأن العدالة الاجتماعية يجب أن تكون المحرار لهذه الدولة. ولاحظ النائب وجود دعم للاستثمار والتنمية الجهوية والمحلية فمشروع القانون صمم في إطار رؤية تنموية لفترة 2026ـ 2030 مع مراعاة التنمية المتوازنة بين الجهات والتمييز الايجابي. وهناك فيه حسب قوله إجراءات لدعم المؤسسات العمومية والمشاريع الوطنية.

وأشار ضياف في المقابل إلى أن مشروع قانون المالية يقوم في جانب منه على الضرائب وهو ما يثقل كاهل المواطنين، كما توجد هيمنة لكتلة الأجور وهو ما يحد من الاستثمار. وتحدث النائب عن الضيم الذي يشعر به المواطنون في الأحياء الشعبية ودعا إلى تحسين ظروف عيشهم وتوفير مطاعم مدرسية وملاعب ودور ثقافة وشباب يقضي فيها أبناء هذه الأحياء أوقات فراغهم وهو ما يقيهم من العنف والمخدرات وقوارب الموت.

أنسنة قانون المالية

وقالت النائبة عن كتلة الأحرار سيرين مرابط لوزيرة المالية إن النواب شخصوا الوضع وقدموا مقترحات وحلول وتساءلت لماذا لا تقع تسوية وضعيات التشغيل الهش إذا كانت هناك موارد مالية لم يقع صرفها واستغربت من تنقل البعض من منبر إعلامي إلى آخر لترذيل المقترحات التي قدمها النواب لإثراء مشروع قانون المالية ومنها مقترح السيارة لكل عائلة وكيف أنه تم التركيز على تصريح مفاده أن هذا المقترح سيشجع الشباب على الزواج. وبينت أنها ستقدم مقترحات تتعلق بمرضى السكري وبتسوية الوضعيات الهشة لأنها ترى أنه لا بد من أنسنة هذا القانون، وخلصت قائلة لا للتدخل الأجنبي وكررت هذه العبارة عدة مرات لأن تونس دولة حرة مستقلة أبد الدهر.

لا للتدخل الأجنبي

وقال النائب علي زغدود عن كتلة لينتصر الشعب إنه في ظل التطورات المتلاحقة خاصة ما صدر في الساعات الأخيرة كشف مجددا حجم الصلف الأوروبي ونزعته الاستعمارية المتجددة، إذ تجرأ البرلمان الأوروبي على مناقشة الوضع الداخلي في تونس والتصويت عليه واتخاذ قرارات بشأنه وكأن تونس أصبحت ولاية تابعة أو كيانا بلا سيادة. وقال إنه يعتبر هذا التدخل عدوانا سافرا على سيادة الدولة التونسية وكرامة الشعب التونسي بما يستوجب ردا وطنيا قويا وصريحا. وأضاف أن كتلته ترى أن أول واجب في هذا الرد هو تعليق كل أشكال التعاون والوفود والتبادل مع البرلمان الأوروبي إلى أن يتوقف على هذه الممارسات الاستعلائية. وحمّل زغدود نواب الشعب مسؤولية تعبئة الرأي العام دفاعا عن سيادة تونس مهما كانت التكاليف. وذكر أنه بقدر دفاعهم في الكتلة عن كل رأي وطني معارض فإنهم يدينون بشدة كل من يتورط في الارتهان للأجنبي تحت أي مسوغ كان. وبين أنهم لا يسمحون بتكرار المآسي التي عاشتها دول عربية أخرى حين ترك الباب مفتوحا للتدخلات الأجنبية والخارجية فكان الثمن انهيار الدولة وضياع القرار الوطني. وذكر أنه لن يقع السماح بذلك في تونس.

ولدى حديثه عن مشروع قانون المالية أشار زغدود إلى أن هذا القانون هو واجهة السيادة وخط الدفاع الأول، وذكر أن أول رد عملي دفاعا عن السيادة الوطنية هو أن تكون فصول هذا القانون مستجيبة لتطلعات الشعب التونسي من كادحين وفلاحين وعمال وصناعيين وموظفين ومعطلين فضلا عن الشباب والنساء والمتقاعدين فهذه الفئات الشعبية حسب وصفه هي الحصن الحقيقي الذي يحمي استقلال تونس حينما تستهدف سيادتها. وأضاف أن التونسيين يشعرون بأن معركة التحرر الاقتصادي والاجتماعي هي معركتهم وأن الدولة تقف إلى جانبهم في مواجهة البطالة والفقر والاستغلال، فبهذه الكيفية يتحولون إلى قوة لا تهزم. وخلص إلى أن التشغيل ضرورة وطنية وليس خيارا فإنهاء مأساة عشرات الآلاف من أصحاب الشهائد الجامعية ممن طالت بطالتهم لم يعد ترفا ولا مطلبا ثانويا بل أصبح ضرورة وطنية حيوية وتبعا لذلك يجب تخصيص الاعتمادات الكافية لتشغيل الدفعة الأولى منهم ودفعات السنوات الثلاث القادمة حماية لمستقبلهم ومستقبل الوطن. وتحدث النائب عن المتقاعدين الذين خدموا الدولة عقودا طويلة فهم أول من سيقف للدفاع عن سيادة تونس ومن حقهم اليوم أن يتم إنصافهم عبر إعفاء جزئي لجرايتهم من الأداء على الدخل. وأضاف أن الفلاحين هم درع السيادة الغذائية وأبطال التحرر إذ كانوا دوما عنونا للسيادة وفي طليعة معارك التحرر لكن اليوم يتم التنكيل بهم من فلاحي الزياتين والتمور حيث عادت شبكات الاحتكار والمافيات بقوة مما يستدعي من الحكومة التدخل العاجل، وأضاف أن كتلة لينتصر الشعب ترى أنه لا بد اتخاذ الإجراءات الضرورية لدعم الصناعات الغذائية وحمايتها وإعادة العمل بالمعاليم الديوانية المرتفعة على المواد الفلاحية الموردة وضبط قائمة في المواد الممكن توريدها بصفة استثنائية استجابة لحاجيات وطنية مع اتخاذ إجراءات لدعم قطاع زيت الزيتون منها إعفاء التخزين والتعليب من الأداءات والمعاليم وإقرار منحة استثمار لا تقل عن 25 بالمائة من الكلفة. كما أشار إلى ضرورة دعم الصناعة الوطنية وبين أنه في الوقت الذي يطالب فيه بحلول ظرفية مثل تسهيل توريد سيارة لكل عائلة يجب ألا يتم التغافل عن الحل الجذري وهو الاستثمار في الصناعة الوطنية وحمايتها وتحصينها من المنافسة الأجنبية الشرسة ويجب أن تتجه تونس حسب قوله إلى قطب للصناعات الدوائية وقطب للصناعات الغذائية وقطب للصناعات المتجددة مع تعزيز السيادة الوطنية على الثروات الطبيعية. وطالب بدعم المؤسسات الصناعية الوطنية القادرة على التشغيل وتقديم حوافز جبائية ومالية وتشجيع الاندماج في مجمعات صناعية قوية قادرة على المنافسة والتطور، كما شدد زغدود على ضرورة التركيز على الاقتصاد الرقمي بوصفة مجالا سياديا جديدا فالنهوض به لم يعد خيارا بل أصبح ضرورة سيادية عبر محاضن أعمال وشركات ناشئة تمولها الدولة جزئيا وصناديق الاستثمار الوطنية. وخلص إلى أن المعركة التي يخوضها الشعب التونسي اليوم هي معركة كسب التحدي الاقتصادي ففي صورة كسب هذه المعركة فيمكن كسب المعركة السياسية بامتياز، ويرى أنه آن الأوان لإيقاف النزيف الخطير للتداين الخارجي والداخلي. كما يجب الحد من التراخيص والبيروقراطية فهي مكامن للفساد وخصم للسيادة. وذكر أنه على كل طرف أن يحدد موقعه فإما في صف الشعب والتنمية أو في صف الاستعمار وأعوانه من لوبيات مالية وبنكية. وفي علاقة بالبنوك بين أنه يجب إنهاء حالة التمرد البنكي وإلغاء التراخيص أو تقليص عددها مع تبسيط الإجراءات وتقليص الآجال على مستوى الجباية والديوانة والسجل التجاري مع تقديم حوافز للمشاريع المرتبطة بالتشغيل والتصدير. وقال إن هذه المعركة هي معركة الشعب التونسي بأسره لحماية السيادة في مواجهة كل أشكال الابتزاز، وذكر أنه من واجب البرلمان أن يمكن كل قوى الشعب من المشاركة الفعلية في بناء دولة قوية وعادلة منتجة وذات سيادة لا تخترق ولا تبتز.

بين الشعارات والواقع

وقال النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي عبد الرزاق عويدات إن كتلته تثمن الشعارات التي قامت عليها ميزانية 2026 مثل التعويل على الذات والتشغيل والدور الاجتماعي للدولة لكن البرامج المقترحة ضمن مشروع قانون المالية لا يمكن أن تحقق تلك الشعارات فعلى مستوى التعويل على الذات فإن 91 بالمائة من الميزانية متأت من الضرائب وفي صورة التعويل على الذات يجب دعم الاستثمار في استخراج الثروات الطبيعية مثل جبس وفسفاط ورخام مع اقتراح القيام بإصلاح شامل لمؤسسة عمومية أو ديوان. وأضاف أن الحديث عن الدور الاجتماعي للدولة يقتضي تحقيق الرعاية الاجتماعية وهذه الرعاية لا تتم في مناسبات ظرفية بل يجب تحسين أداء المؤسسات العمومية في التعليم والصحة والنقل فهي التي تقدم الخدمات العمومية التي يحتاجها المواطن.

وقال النائب عماد أولاد جبريل إن أي مقترح إضافي لمشروع قانون المالية لسنة 2026 يكون في صالح الشعب سيتم التصويت عليه بنعم دون نقاش ولكن أي مقترح من شأنه أن يثقل كاهل المواطن والشعب فهو مرفوض. وبين أن جميع التعديلات التي سيتم إدخالها على المشروع خلال الجلسة العامة يجب أن تمر عبر نواب الشعب وقال لا للمفاوضات ولا للبيع والشراء ويرى أنه من غير المقبول عند تمرير إعفاء ديواني للفلاح لكي يقتني معدات فلاحية أن يأتي من يشكك في أن الفلاح سيبيع الجرار، وبين أنه حتى وإن باعه فسيشتريه فلاح آخر.

وشدد النائب على أن مقترح السيارة لكل عائلة سيمر كما أن المقترحات التي تمت إضافتها من قبل النواب لفائدة المتقاعدين والفلاحين والفئات الهشة كلها ستمر ولا مجال لجلسة مفاوضات مع وزارة المالية وأشار إلى الامتيازات الكبيرة التي يتمتع بها أعوان المالية، وبين أنه لن يقبل التعلات الواهية التي يتم تقديمها من أجل عدم تمرير الفصول التي هي في صالح الشعب والفصول التي تهم الشركات الصغرى والمتوسطة فالنواب هم أصحاب القرار وفسر أن تقديرات كلفة المقترحات الإضافية التي تقدم بها النواب لا تتجاوز أربعة آلاف مليار وبين أنه يمكن تمريرها حتى يشعر الشعب بتحسن ملموس في واقعه المعيشي وقال :»نحن مع كل المقترحات التي تهم الشعب».

تقرير مشترك

وقبل الشروع في النقاش العام لمشروع قانون المالية لسنة 2026 استعرضت لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب التي يرأسها عبد الجليل الهاني بمعية لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم التي يرأسها سليم سالم تقريرا مشتركا حول هذا المشروع،

وبين الهاني أنه تم عقد 13 جلسة عمل مشتركة تواصلت 80 ساعة خصصت أولها للاستماع إلى وزيرة المالية، كما تم بعد ذلك الاستماع إلى ممثلي عديد المنظمات والجمعيات الذين قدموا قراءاتهم في المشروع واقترحوا عديد التعديلات والإضافات وتم أخذ بعضها بعين الاعتبار ونقاشها كما تم فتح الباب لأعضاء المجلسين لتقديم مقترحاتهم التعديلية والإضافية قبل الانطلاق في نقاش الفصول فصلا فصلا. وأشار إلى أنه تم عقد جلستين مع رؤساء الكتل وممثلي غير المنتمين إلى كتل للاتفاق حول طريقة عمل لترشيد عملية تقديم المقترحات التعديلية لتجنيب اللجنة والجلسة العامة النظر في زخم كبير منها مثلما تم سابقا. وأضاف أنه أمام العدد الكبير للمقترحات المقدمة للجنة من قبل النواب تبين بعد الإطلاع عليها أنها لا تعود إلى كتل نيابية بعينها بل تم تبنيها من قبل نواب من مختلف الكتل ومن غير المنتمين إلى كتل لذلك ارتأى مكتب اللجنة عقد جلسة ثانية مع رؤساء الكتل وممثلي غير المنتمين إلى كتل لإيجاد صيغة توافقية حول كيفية التعاطي مع تلك المقترحات نظرا لأنه لا يمكن للجنة النظر في جميعها لكثرتها من جهة ومن جهة أخرى لضيق الوقت المتاح أمامها. وفسر الهاني أنه تم التفطن إلى أن العديد من المقترحات المقدمة متشابهة إلى حد بعيد وهو ما تمت معاينته من قبل ممثلي النواب الذين قدموها وتم الاتفاق على تجميعها في محاور على أن تقوم اللجنة بتبنيها وعرضها على أشغال جلساتها المشتركة مع لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم وهو ما حصل فعلا حيث تم الاتفاق على أربعة محاور كبرى تهم بالخصوص الجانب الاجتماعي والاقتصادي كما تم النظر في عدد من المقترحات المقدمة من قبل أعضاء لجنتي المالية بالمجلسين وإثر النظر في المشروع المقدم من قبل الحكومة تم عرض تلك المقترحات على ممثلي وزارة المالية بحضور الوزيرة لإبداء الرأي فيها وانتهت الجلسة الأخيرة بمصادقة أعضاء لجنة المالية بمجلس نواب الشعب بإجماع أعضائها الحاضرين وبمصادقة جميع أعضاء لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم الحاضرين على فصول مشروع قانون المالية لسنة 2026 معدلا.

سعيدة بوهلال