تظل ظاهرة التصحر من أكثر الظواهر الطبيعية المقلقة بيئيا وطبيعيا، بالنظر إلى تأثيرها السلبي خاصة على المناطق التي تجتاحها الرمال وتغير ملامحها كليا. ويعد الزحف الرمالي من أكثر مظاهر التصحر إثارة، إذ يؤثر على ما يقارب 64 % من الأراضي التونسية بدرجات متفاوتة بين مناطق البلاد، نتيجة العوامل الطبيعية والبشرية التي تساهم في تغذيتها، حسب ما أكده مدير تنمية الغابات والمراعي في الإدارة العامة للغابات بوزارة الفلاحة، عز الدين الطاغوطي، في حديثه لـ«الصباح» حول هذه الظاهرة.
وأفاد مدير تنمية الغابات والمراعي في الإدارة العامة للغابات بأن الظاهرة اليوم تهدد أكثر من 7 ملايين هكتار من الأراضي التونسية، يقع معظمها في جنوب البلاد، في جهات من ولايات قبلي وتوزر وتطاوين. مبينا أن الإنجازات التي تمت في هذا الميدان منذ الستينات قد مكنت من حماية 62 واحة، و42 منطقة زراعية (200,000 هكتار)، و30 قرية في الوسط والجنوب التي كانت مهددة بزحف الرمال.
وتعمل العديد من هياكل الدولة المتداخلة على مقاومة هذه الظاهرة بطرق وآليات مختلفة، كل هيكل حسب طبيعة تدخله، من وزارة البيئة ووزارة الفلاحة والبلديات والجمعيات والمنظمات المدنية.. لكن تبقى أكثر هذه الهياكل إلماما بالظاهرة هي وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، تحديدا عبر إدارة الغابات التي تضع باستمرار برامج واستراتيجيات وطنية تحاول من خلالها التقليص من الظاهرة ومن حدة تبعاتها الطبيعية والبشرية.
استراتيجيات نفذت وبرامج تنتظر تمويلات
وأشار محدثنا إلى أن مصالح وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري بذلت، بالتنسيق مع المندوبيات الجهوية للتنمية الفلاحية، جهودا كبيرة في هذا المجال في إطار مشاريع تنموية ممولة بقروض خارجية، ساهمت في مجهودات الدولة لمواجهة ظاهرة زحف الرمال.
وذكر المسؤول في حديثه لـ«الصباح» أن مصالح وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري تعمل حاليا، بالتعاون مع مصالح وزارة البيئة، على تصميم مشروع ضخم يتطلب إمكانيات هائلة تحت اسم «الحزام الأخضر»، والذي ينطلق من ولاية قابس مرورا بولايات قفصة وسيدي بوزيد والقصرين وصولا إلى الحدود الجزائرية. يهدف المشروع إلى الحد من زحف الرمال وتحسين الأراضي الفلاحية المتدهورة، مع استعادة المنظومات الطبيعية وتحسين ظروف عيش متساكني هذه المناطق.
كما أشار المسؤول في نفس السياق إلى أبرز المشاريع التي عملت إدارته على تنفيذها، من بينها مشروع التنمية الرعوية والمنظومات المصاحبة بمدنين (2016-2023)، ومشروع التنمية الزراعية والرعوية والنهوض بالمبادرات المحلية بالجنوب الشرقي (PRODESUD) بولاية تطاوين وقبلي (2014-2021)، فضلا عن مشروع التنمية المندمجة للموارد الطبيعية بولاية قابس (2019-2022)، وأخيرا مشروع التصرف المندمج بمعتمديتي حزوة وتمغزة بولاية توزر (2018-2025)، حسب محدثنا.
وتعود برامج الدولة في مقاومة ظاهرة التصحر عموما، والزحف الرمالي على وجه الخصوص، إلى بداية الاستقلال، حين أولت الدولة آنذاك أهمية خاصة لمشكلة التصحر من خلال تنفيذ أول مخطط تنمية (62-64) لمقاومة زحف الرمال بالمناطق المهددة من واحات وسكك الحديد ومساكن، فضلا عن تثبيت الكثبان الرملية بالغراسات والتشجير الغابي والرعوي لتنمية الغطاء النباتي.
تشريك المنظمات الأهلية والخواص
وكشف مدير تنمية الغابات والمراعي في هذا السياق عن الاستراتيجيات التي كانت آخرها الاستراتيجية الوطنية «التنمية والتصرف المستدام في الغابات والمراعي» (2015-2024)، التي أتت بعد تقييم السياسات الغابية السابقة وتحليل البرنامج الوطني الغابي. مبينا أن هذه الخطة مكنت من الرفع من نسبة الغطاء الغابي وتركيز طوابي على طول 1300 كلم على سبيل المثال...
وتأتي هذه الاستراتيجية الأخيرة التي تبنتها الإدارة العامة للغابات والمراعي خلافا للاستراتيجيات الغابية السابقة التي كانت تهدف جميعها إلى المحافظة والرفع من مساحة المناطق الغابية. ونقطة التغيير تكمن أساسا في تشريك المنظمات الأهلية والخواص في التصرف في الغابات والمراعي، لأهمية دور هذه الأطراف في التقليص من انتشار الظاهرة.
وحسب مدير تنمية الغابات والمراعي في الإدارة العامة للغابات، فإن نسق تقلص إقامة الطوابي الاصطناعية وبعض المشاريع الأخرى الهادفة لتقليص الظاهرة في السنوات الأخيرة مرده ارتفاع التكلفة وعدم الترفيع في الاعتمادات المرصودة لهذه الظاهرة.
كما أشار من جهة أخرى إلى الأسباب الأخرى التي تعود إلى عزوف المقاولين عن المشاركة في طلبات العروض الخاصة بمقاومة زحف الرمال، بسبب نقص اليد العاملة المختصة ونقص الجريد الجاف، بالنظر إلى استعماله في مجالات أخرى وارتفاع التكلفة للتزود بالحاجيات بين المناطق، حسب محدثنا.
وأكد محدثنا أنه قد تم إعداد دراسة منذ سنة 2016 حول وضعية زحف الرمال في ولايتي قبلي وتوزر، وذلك باعتماد منهجية تشاركية مندمجة مع الفنيين والسكان المحليين والمجتمع المدني. بلغت الكلفة الجملية للمخطط العملي حوالي 30 مليون دينار بولاية قبلي و15 مليون دينار بولاية توزر. مبينا أن الإدارة حاليا بصدد البحث عن تمويل لتنفيذ عناصر هذه الدراسة.
وفاء بن محمد
تظل ظاهرة التصحر من أكثر الظواهر الطبيعية المقلقة بيئيا وطبيعيا، بالنظر إلى تأثيرها السلبي خاصة على المناطق التي تجتاحها الرمال وتغير ملامحها كليا. ويعد الزحف الرمالي من أكثر مظاهر التصحر إثارة، إذ يؤثر على ما يقارب 64 % من الأراضي التونسية بدرجات متفاوتة بين مناطق البلاد، نتيجة العوامل الطبيعية والبشرية التي تساهم في تغذيتها، حسب ما أكده مدير تنمية الغابات والمراعي في الإدارة العامة للغابات بوزارة الفلاحة، عز الدين الطاغوطي، في حديثه لـ«الصباح» حول هذه الظاهرة.
وأفاد مدير تنمية الغابات والمراعي في الإدارة العامة للغابات بأن الظاهرة اليوم تهدد أكثر من 7 ملايين هكتار من الأراضي التونسية، يقع معظمها في جنوب البلاد، في جهات من ولايات قبلي وتوزر وتطاوين. مبينا أن الإنجازات التي تمت في هذا الميدان منذ الستينات قد مكنت من حماية 62 واحة، و42 منطقة زراعية (200,000 هكتار)، و30 قرية في الوسط والجنوب التي كانت مهددة بزحف الرمال.
وتعمل العديد من هياكل الدولة المتداخلة على مقاومة هذه الظاهرة بطرق وآليات مختلفة، كل هيكل حسب طبيعة تدخله، من وزارة البيئة ووزارة الفلاحة والبلديات والجمعيات والمنظمات المدنية.. لكن تبقى أكثر هذه الهياكل إلماما بالظاهرة هي وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، تحديدا عبر إدارة الغابات التي تضع باستمرار برامج واستراتيجيات وطنية تحاول من خلالها التقليص من الظاهرة ومن حدة تبعاتها الطبيعية والبشرية.
استراتيجيات نفذت وبرامج تنتظر تمويلات
وأشار محدثنا إلى أن مصالح وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري بذلت، بالتنسيق مع المندوبيات الجهوية للتنمية الفلاحية، جهودا كبيرة في هذا المجال في إطار مشاريع تنموية ممولة بقروض خارجية، ساهمت في مجهودات الدولة لمواجهة ظاهرة زحف الرمال.
وذكر المسؤول في حديثه لـ«الصباح» أن مصالح وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري تعمل حاليا، بالتعاون مع مصالح وزارة البيئة، على تصميم مشروع ضخم يتطلب إمكانيات هائلة تحت اسم «الحزام الأخضر»، والذي ينطلق من ولاية قابس مرورا بولايات قفصة وسيدي بوزيد والقصرين وصولا إلى الحدود الجزائرية. يهدف المشروع إلى الحد من زحف الرمال وتحسين الأراضي الفلاحية المتدهورة، مع استعادة المنظومات الطبيعية وتحسين ظروف عيش متساكني هذه المناطق.
كما أشار المسؤول في نفس السياق إلى أبرز المشاريع التي عملت إدارته على تنفيذها، من بينها مشروع التنمية الرعوية والمنظومات المصاحبة بمدنين (2016-2023)، ومشروع التنمية الزراعية والرعوية والنهوض بالمبادرات المحلية بالجنوب الشرقي (PRODESUD) بولاية تطاوين وقبلي (2014-2021)، فضلا عن مشروع التنمية المندمجة للموارد الطبيعية بولاية قابس (2019-2022)، وأخيرا مشروع التصرف المندمج بمعتمديتي حزوة وتمغزة بولاية توزر (2018-2025)، حسب محدثنا.
وتعود برامج الدولة في مقاومة ظاهرة التصحر عموما، والزحف الرمالي على وجه الخصوص، إلى بداية الاستقلال، حين أولت الدولة آنذاك أهمية خاصة لمشكلة التصحر من خلال تنفيذ أول مخطط تنمية (62-64) لمقاومة زحف الرمال بالمناطق المهددة من واحات وسكك الحديد ومساكن، فضلا عن تثبيت الكثبان الرملية بالغراسات والتشجير الغابي والرعوي لتنمية الغطاء النباتي.
تشريك المنظمات الأهلية والخواص
وكشف مدير تنمية الغابات والمراعي في هذا السياق عن الاستراتيجيات التي كانت آخرها الاستراتيجية الوطنية «التنمية والتصرف المستدام في الغابات والمراعي» (2015-2024)، التي أتت بعد تقييم السياسات الغابية السابقة وتحليل البرنامج الوطني الغابي. مبينا أن هذه الخطة مكنت من الرفع من نسبة الغطاء الغابي وتركيز طوابي على طول 1300 كلم على سبيل المثال...
وتأتي هذه الاستراتيجية الأخيرة التي تبنتها الإدارة العامة للغابات والمراعي خلافا للاستراتيجيات الغابية السابقة التي كانت تهدف جميعها إلى المحافظة والرفع من مساحة المناطق الغابية. ونقطة التغيير تكمن أساسا في تشريك المنظمات الأهلية والخواص في التصرف في الغابات والمراعي، لأهمية دور هذه الأطراف في التقليص من انتشار الظاهرة.
وحسب مدير تنمية الغابات والمراعي في الإدارة العامة للغابات، فإن نسق تقلص إقامة الطوابي الاصطناعية وبعض المشاريع الأخرى الهادفة لتقليص الظاهرة في السنوات الأخيرة مرده ارتفاع التكلفة وعدم الترفيع في الاعتمادات المرصودة لهذه الظاهرة.
كما أشار من جهة أخرى إلى الأسباب الأخرى التي تعود إلى عزوف المقاولين عن المشاركة في طلبات العروض الخاصة بمقاومة زحف الرمال، بسبب نقص اليد العاملة المختصة ونقص الجريد الجاف، بالنظر إلى استعماله في مجالات أخرى وارتفاع التكلفة للتزود بالحاجيات بين المناطق، حسب محدثنا.
وأكد محدثنا أنه قد تم إعداد دراسة منذ سنة 2016 حول وضعية زحف الرمال في ولايتي قبلي وتوزر، وذلك باعتماد منهجية تشاركية مندمجة مع الفنيين والسكان المحليين والمجتمع المدني. بلغت الكلفة الجملية للمخطط العملي حوالي 30 مليون دينار بولاية قبلي و15 مليون دينار بولاية توزر. مبينا أن الإدارة حاليا بصدد البحث عن تمويل لتنفيذ عناصر هذه الدراسة.