- النواب يطالبون بتحسين أجور الإطارات المسجدية والعناية بالمعالم الدينية
بحضور وزير الشؤون الدينية أحمد البوهالي، ناقش مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أمس، خلال جلسة عامة مشتركة بقصر باردو، مهمة الشؤون الدينية بمشروع ميزانية الدولة التي تم ضبطها بمبلغ قدره 202400000 دينار سنة 2026، مقابل 195580000 دينار سنة 2025. وطالب النواب بالخصوص بتحسين أوضاع الإطارات المسجدية المادية وتمتيعهم بالتغطية الاجتماعية والتكوين المستمر، وسنّ نظام أساسي لفائدة هذا القطاع، ومراجعة تسعيرة الحج. وهناك من اقترح التخفيض فيها، وذلك عبر التقليص من مدة الحج. وأكد أغلبهم على ضرورة العناية بالمعالم الدينية وإنشاء ديوان مستقل لصيانة المساجد، وتحدثوا عن أهمية الأدوار الموكولة لمنظوري الوزارة في ترسيخ قيم التسامح والاعتدال، ومقاومة التعصب، والتوقي من التطرف، والتصدي للإرهاب، خاصة المتخفي منه في مواقع التواصل الاجتماعي.
ويرى رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم، عماد الدربالي، أن المنظومات السابقة خلفت إرثًا من الفوضى واستعملت الدين لتأجيج الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، ونشرت فكر التكفير والتطرف الذي وظف للتغرير بالشباب وجرهم إلى معارك عبثية بهدف تفكيك الدول وتغيير موازين القوى بالمنطقة خدمة لمشاريع صهيونية غريبة عن تاريخ تونس وهويتها، ودفع الشباب ثمنا باهظًا من أرواحهم ومستقبلهم نتيجة هذا الاستغلال الآثم، حسب وصفه.
وأكد الدربالي على ضرورة دعم وزارة الشؤون الدينية لتمكينها من أداء دورها في نشر القيم الحضارية للإسلام، وتصحيح المفاهيم التي شوهتها جماعات التكفير والتطرف. وبين أن تعزيز دور المساجد وتحصينها من كل توظيف سياسي أو حزبي يظل أولوية قصوى؛ فهي بيوت الله التي خصصت للعبادة والتقوى، وليس لكي تكون منابر أو فضاءات لتعبئة الجماعات الإرهابية. ولاحظ رئيس المجلس أنه لا بد من العناية بالمعالم الدينية التاريخية التي تجسد جزءًا راسخًا من الهوية الحضارية لتونس. فهذه المواقع هي شواهد على الماضي، كما أنها مصدر إلهام للأجيال ومكوّن أساسي للتراث المشترك الذي يترجم عمق إنسان تونس في الحضارة العربية الإسلامية. وأشار إلى أهمية استعادة الدور الريادي والتحرري للفكر الزيتوني باعتباره أحد ركائز إشعاع تونس العلمي والديني والثقافي عبر قرون من الزمن. وأضاف أن تونس التي كانت دائمًا ملتقى الحضارات ومخبرا للأفكار، تستحق استعادة مكانتها الطبيعية في الفضاء الحضاري العربي الإسلامي. وأوصى رئيس المجلس وزير الشؤون الدينية بمنح اهتمام خاص بالحج، لما يمثله من ركن ديني ومهمة وطنية تحتاج إلى تنسيق جميع الجهود لتأمين أفضل الظروف للحجيج وضمان راحتهم وسلامتهم. وبين أن صورة تونس ومسؤوليتها تجاه مواطنيها داخل البلاد وخارجها، هي معيار أساسي لهيبة الدولة ونجاعة مؤسساتها. وأكد على أهمية تواصل العمل المشترك من أجل أن تستعيد تونس بريقها الحضاري والثقافي وتظل أرض العلم والسلام والتسامح.
تحصين الشباب
وقبل الشروع في النقاش العام لمهمة الشؤون الدينية، قدم مقرر لجنة الحقوق والحريات بالغرفة النيابية الأولى حاتم الهواوي، ومقرر لجنة الاستثمار والتعاون الدولي بالغرفة النيابية الثانية محمد العايش تقريرا حول جلسة الاستماع لوزير الشؤون الدينية وإطارات الوزارة التي تم عقدها يوم 30 أكتوبر 2025 حول هذه المهمة. وقال بلال السعيدي، رئيس لجنة الاستثمار والتعاون الدولي، إن لوزارة الشؤون الدينية مكانة محورية في الحفاظ على توازن المجتمع، وترسيخ قيم الاعتدال، وتعزيز مناخ السلم الاجتماعي، وتحصين الشباب من كل أشكال الغلو والانحراف. وأكد على أهمية العمل المشترك بين اللجنتين في صياغة التقرير الخاص بمهمة الشؤون الدينية، وأضاف أن هذا العمل يعد ترجمة حقيقية للتنسيق البناء، وتبادل الرؤى، وتوحيد المقترحات بما يعكس المسؤولية التي يتحملها الجميع في معالجة المسائل الدينية بحكمة ورصانة.
وأشار عضو مجلس نواب الشعب منير كموني إلى أن مهمة الشؤون الدينية، رغم قلة الموارد والأعوان، تلعب دورًا هامًا ليس في الحرص على تيسير الشعائر الدينية ونشر قيم الاعتدال والتسامح فحسب، بل أيضا في المساعدة على معالجة العقائد والسلوكيات المهددة لتماسك الأسرة والمجتمع في ظل انتشار الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، وما تنشره من فوضى فقهية في القنوات الدينية المفتوحة على كل المذاهب والاجتهادات، وما تبثه من محتويات خطيرة متاحة للجميع دون رقابة. وتحدث كموني عن وضعيات عدد من المساجد والكتاتيب في شربان بولاية المهدية.
إرهاب رقمي
النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أسامة سحنون بين أن وزارة الشؤون الدينية تحظى بأهمية كبرى لأنها مؤتمنة على الحفاظ على أحد مقومات الشخصية التونسية. وأضاف أن الشعب التونسي في أغلبه عربي مسلم، لكن الإسلام التونسي، حسب وصفه، له خصوصياته بحكم تعاقب الحضارات على البلاد، وبحكم موقع تونس الاستراتيجي كدولة متوسطية، وقربها من الدول الأوروبية. لكن بعد غزو الفضائيات أصبح يستمع في تونس إلى خطاب ديني بعيد عما تربى عليه الشعب، خطاب فيه استعمال مصطلحات جديدة وغريبة عن الشعب التونسي مثل «عورة»، «نقاب»، «تسفير»، و»الجهاد في سوريا». وكانت تونس، للأسف، من أكثر الدول التي أرسلت شبابها للمحرقة في سوريا، وقد حملوا السلاح ضد النظام العربي السوري الذي سقط وسقطت معه الدولة السورية. وذكّر وزير الشؤون الدينية بأنه في يوم من الأيام كان يجلس في مقعده من كان يدعو لتسفير الشباب للجهاد في سوريا، وعبر عن أمله في ألا تعاد تلك الأيام. ونبه سحنون الوزارة بأن دورها يجب ألا يقتصر على نشر بلاغات حول رمضان والأعياد والحج وقيمة الزكاة، بل عليها مواكبة وسائل التواصل الاجتماعي. وتساءل: لماذا لا تكتب خطبة موحدة ترسلها لكل المساجد تتحدث فيها عن مخاطر القمار الذي خرب البيوت، وعن المخدرات، والتفكك الأسري، وأكل المواريث، وعن صلة الرحم، وقيمة العمل، وقداسة الخدمة الوطنية؟ وأين دورها في خلق توجه ديني موحد وسطي تونسي حيال كل القضايا المجتمعية؟ ونبه النائب إلى أن الإرهاب مازال موجودًا بين أيدينا. وتحدث في هذا الصدد عن الإرهاب الإلكتروني الذي يتعرض إليه الشباب يوميًا، وحذر من أن من اغتالوا الجنود والمعارضين السياسيين وصلوا إلى أطفال تونس وشبابها.
قانون أساسي
ووصف عضو مجلس نواب الشعب معز الرياحي وضعية الإطارات المسجدية المهنية بالسيئة جدًا، ودعا إلى تحسينها، وتمتيعهم بالتغطية الاجتماعية، وتمكينهم من قانون أساسي، وإدماجهم في الوظيفة العمومية. ولدى حديثه عن تستور، طالب ببناء مسجد أولاد سلامة، واستكمال جامع حي 26 فيفري، والعناية بالمعالم الدينية البالغ عددها 99 معلمًا. كما أشار إلى ضرورة تعهد الجامع الأندلسي بمجاز الباب. وتحدث عن غلاء تسعيرة الحج، وبين أنه يجب على الدولة التكفل بمصاريف حج العائلات المعوزة، وتخصيص كوتا لهم. واقترح إدراج مادة اختيارية لحفظ القرآن بالمعاهد والجامعات لمساعدة التلميذ والطالب على تحسين نتائجه.
وقال النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم محمد الكو إن مهمة الشؤون الدينية هي مصلحة عليا للدولة ومرتبطة بشكل مباشر بالأمن الروحي والاجتماعي للمواطن. وتساءل عن خطة الوزارة لحماية عقل المجتمع التونسي من التطرف، وحماية كرامة المكلفين بهذه المهمة النبيلة. وفسر أن المنبر فضاء يرتقي بالوعي العام، شرط تأهيل معتليه. وذكر أن ضمان الأمن الروحي يتطلب إرساء مبدأ لا تراجع عنه، وهو ضرورة أن تكون كل دور العبادة تحت رعاية الدولة. فهذا الإلزام ليس رقابة، بل ضمانة للوحدة الوطنية والعمل على بث خطاب موحد يقوم على القيم الوطنية الجامعة مثل التسامح، والاعتدال، والوسطية، والمواطنة، وقيم العمل والتعاون. ودعا النائب وزارة الشؤون الدينية إلى استعمال وسائل الاتصال الحديثة في خطابها، واقترح عليها استضافة الشخصيات الاعتبارية المؤمنة بالمشروع والمؤثرة لكي يمرروا رسائل إيجابية عن القدوة الحسنة بدلاً عن الاقتصار على الخطاب الوعظي التقليدي. واقترح توفير زي رسمي تونسي محترم للأئمة، ونبه أنه لا يمكن ضمان اعتدال الخطاب وفاعليته إذا كانت الإطارات المشرفة عليه تعاني من التهميش، ويبدأ الإصلاح بتحسين الوضعية الاجتماعية والمهنية لهؤلاء. وطالب بسياسة دولة حاسمة تضمن تحسين الوضع المادي للإطارات المسجدية، والوعاظ، والمؤدبين، وتعمل على ترسيمهم. ففي ذلك، حسب رأيه، استثمار مباشر في الأمن القومي والوحدة الوطنية. وتحدث الكو عن احتفالية المولد النبوي الشريف، ودعا المنظمين إلى استحضار قداسة المناسبة والتحري في بعض الفقرات. كما طالب الوزارة بتطوير مهرجان الصحابي الجليل أبي لبابة الأنصاري بقابس إلى تظاهرة مولدية.
الدولة المدنية
وقال النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم نور الدين العكروت إن النظر في مهمة الشؤون الدينية يُعد مناسبةً لنقاش الدور المحوري الذي تضطلع به وزارة الشؤون الدينية في ترسيخ القيم الروحية والأخلاقية في المجتمع، وتعزيز دور المؤسسات الدينية في نشر الوسطية والاعتدال، وصون حرمة بيوت الله ورعاية الإطارات الدينية. وذكر أن هذه الوزارة ليست فقط هيكلاً تنظيمياً يشرف على الشأن الديني، بل هي شريك أساسي في حماية النسيج المجتمعي ودعم السلم الاجتماعي وترسيخ الهوية الوطنية في إطار احترام الدستور ومبادئ الدولة المدنية. ويرى النائب أن ما يواجهه الوطن من تحديات فكرية واجتماعية يستوجب مزيدًا من تطوير سياسة التوعية الدينية، وتحسين ظروف العمل داخل الجوامع والمساجد، وتحصين الفضاء الديني من كل أشكال التطرف أو الاستغلال. وطالب النائب بالعناية بالمعالم الدينية والكتاتيب، وسد الشغور بالخطط المسجدية، ومضاعفة عدد المرشدين في موسم الحج بمدنين، وبناء مقر الإدارة الجهوية للشؤون الدينية بمدنين، وتحسين وضعية الإطارات المسجدية. وأضاف أن إطارات المساجد يتقاضون منحة تساوي الأجر الأدنى المضمون وهم لا يتمتعون بتغطية اجتماعية من قبل الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، ورغم ذلك فإنهم يقومون بعمل قار ومسترسل. وذكر أنهم ملوا من التهميش والفقر، وهناك منهم أصحاب شهادات عليا ومثقفون من النخبة.
ضرب الأسرة
وبين النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم فهمي مبارك أنه عندما يتذكر الصلاة، يتذكر الوضوء ويتذكر الماء. لكن في ظل عدم توفير الماء لمواطنين في بعض المعتمديات بصفاقس، فإنهم عادوا إلى التيمم، وتوجه بنداء إلى رئيس الجمهورية لكي يهتم بالأمر، نظرًا لأن الاعتمادات مرصودة منذ تسعة أشهر، لكن إلى حد الآن لم يتم توفير الماء. وأضاف أن الابتعاد يصنع الفراغ، والفراغ يصنع الكثير من المشاكل أو الظواهر الاجتماعية. وفسر أنه بصفته مختصًا في علم الاجتماع ونائبًا عن الشعب، فهو يتذكر ما ذهب إليه بيار بورديو من أن دور السوسيولوجي هو نزع الأقنعة. لذلك، فهو يريد تذكير وزير الشؤون الدينية ببروتوكولات علماء صهيون والمخطط لضرب الدول العربية الإسلامية في عمق معتقداتها وهويتها. ومن بين ما اعتمدوا عليه في ذلك تحليل المجتمعات العربية الإسلامية من خلال مقدمة ابن خلدون، حيث توصلوا إلى أن الضامن للحفاظ على الدين والمعتقد هو الأسرة. وتبعا لذلك، تم ضرب الأسرة في وحدتها الصماء من خلال إضعاف الوازع الديني وقطع صلة الرحم عن طريق التكنولوجيات الحديثة والتطبيقات الرقمية، إذ أصبح المعايدات تتم عن طريق إرساليات قصيرة أو محادثات عن بعد. وتم الوصول رويدًا رويدًا إلى قتل كل ما هو مادي، ولم تعد للأجساد قيمة في عصر تفشى فيه العنف والزنا والطلاق، حيث يتم سنويًا تسجيل 14 ألف حالة طلاق، فضلاً عن «البراكاجات» والسرقات والكلام النابي الذي استباح كل المجالس والفضاءات. ولاحظ النائب أنه في خضم كل هذه التحولات والمحاولات التي تسعى لفرض معتقدات أخرى وديانات أخرى، هناك غياب جزئي لوزارة الشؤون الدينية في الإحاطة والتوجيه وتعزيز القيم. واقتصرت الوزارة على الإعلان عن مقدار الزكاة ومواعيد المناسبات الدينية.
وحذر مبارك من أن القمار خرب الديار واقتصاد البلاد بعمليات تبييض الأموال وتهريب العملة تحت شعار اليانصيب والرهانات والميسر. وتساءل: أين الوزارة؟ ولاحظ النائب أن شباب تونس يريد من يتحدث معه ويفهمه بلغته ولغة عصره، وهي التكنولوجيا. وتساءل: أين الخطابات الدينية الموجهة للشباب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي؟ وأين استراتيجية الوزارة في هذا المجال؟ ولماذا لا تكون المساجد مصدر المعلومة والقصة التاريخية وتدريس السنة النبوية؟ واستفسر عن الخارطة الرقمية للمساجد التونسية، وعن التطبيق الإلكتروني الخاص بمواعيد الصلاة والمناسبات الدينية وقيمة الزكاة والخطب الدينية ليوم الجمعة حسب كل مسجد حتى يختار المواطن الخطبة التي يريد الاستماع إليها. وخلص النائب إلى مطالبة وزير الشؤون الدينية بتسوية وضعيات الإطارات المسجدية، وبين أنه من غير المعقول أن يتم الاقتصار على تمكينهم من منح قدرها 400 دينار.
بعث الكتاتيب
وطالب عضو مجلس نواب الشعب ياسين مامي بتسوية وضعيات الإطارات المسجدية في أقرب الآجال. وبين أن العاملين بدور العبادة لا يتمتعون حتى بالتغطية الاجتماعية. وتحدث عن المبادرة التشريعية التي تم تقديمها من قبل عدد من أعضاء المجلس، وهي مبادرة تهم الإطارات المسجدية، وعبر عن أمله في أن تتفاعل وزارة الشؤون الدينية معها إيجابيًا. وأشار إلى مقرات مهملة بالحمامات تعود بالنظر إلى هذه الوزارة، مثل مقر أئمة الرحمان التابعة للوزارة، والمكان الواقع بجانب الإدارة الجهوية للشؤون الدينية، الذي كان مسجدًا ثم تحول إلى شعبة، وهو اليوم يعاني من غياب الصيانة والإهمال. ونظراً لأهمية موقعه، يجب التفكير في إعادة توظيفه. وتساءل مامي عن سبب بطء إجراءات بعث الكتاتيب، منها كتاب بحتوس بسيدي الجديدي، حيث تم تقديم المطلب منذ سنتين وتمت معاينة المقر من قبل لجنة، لكن لم يُفتح الكتاب بعد، وكذلك الحال بالنسبة إلى كتاب بحمام بنت الجديدي. وأشار إلى مشاكل أخرى تعاني منها مساجد في الحمامات، منها جامع ولد الأسود الذي يفتقر للربط بشبكة الماء. وقال إن هناك مواطنة تبرعت بقطعة أرض بمنطقة الشرف بالحمامات لبناء مسجد منذ ثلاث سنوات، لكن إلى حد الآن لم يتم إنجاز المشروع. وقدم النائب للوزير ملفًا يتعلق بوضعية دور العبادة في الحمامات وأسئلة حول قرارات عزل من الإمامة والخطابة. وطالب بالعناية بالمقابر الإسلامية وتوحيد إجراءات الدفن، لأن هناك من يقومون بحجز أماكن في المقابر.
سعيدة بوهلال
- النواب يطالبون بتحسين أجور الإطارات المسجدية والعناية بالمعالم الدينية
بحضور وزير الشؤون الدينية أحمد البوهالي، ناقش مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أمس، خلال جلسة عامة مشتركة بقصر باردو، مهمة الشؤون الدينية بمشروع ميزانية الدولة التي تم ضبطها بمبلغ قدره 202400000 دينار سنة 2026، مقابل 195580000 دينار سنة 2025. وطالب النواب بالخصوص بتحسين أوضاع الإطارات المسجدية المادية وتمتيعهم بالتغطية الاجتماعية والتكوين المستمر، وسنّ نظام أساسي لفائدة هذا القطاع، ومراجعة تسعيرة الحج. وهناك من اقترح التخفيض فيها، وذلك عبر التقليص من مدة الحج. وأكد أغلبهم على ضرورة العناية بالمعالم الدينية وإنشاء ديوان مستقل لصيانة المساجد، وتحدثوا عن أهمية الأدوار الموكولة لمنظوري الوزارة في ترسيخ قيم التسامح والاعتدال، ومقاومة التعصب، والتوقي من التطرف، والتصدي للإرهاب، خاصة المتخفي منه في مواقع التواصل الاجتماعي.
ويرى رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم، عماد الدربالي، أن المنظومات السابقة خلفت إرثًا من الفوضى واستعملت الدين لتأجيج الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، ونشرت فكر التكفير والتطرف الذي وظف للتغرير بالشباب وجرهم إلى معارك عبثية بهدف تفكيك الدول وتغيير موازين القوى بالمنطقة خدمة لمشاريع صهيونية غريبة عن تاريخ تونس وهويتها، ودفع الشباب ثمنا باهظًا من أرواحهم ومستقبلهم نتيجة هذا الاستغلال الآثم، حسب وصفه.
وأكد الدربالي على ضرورة دعم وزارة الشؤون الدينية لتمكينها من أداء دورها في نشر القيم الحضارية للإسلام، وتصحيح المفاهيم التي شوهتها جماعات التكفير والتطرف. وبين أن تعزيز دور المساجد وتحصينها من كل توظيف سياسي أو حزبي يظل أولوية قصوى؛ فهي بيوت الله التي خصصت للعبادة والتقوى، وليس لكي تكون منابر أو فضاءات لتعبئة الجماعات الإرهابية. ولاحظ رئيس المجلس أنه لا بد من العناية بالمعالم الدينية التاريخية التي تجسد جزءًا راسخًا من الهوية الحضارية لتونس. فهذه المواقع هي شواهد على الماضي، كما أنها مصدر إلهام للأجيال ومكوّن أساسي للتراث المشترك الذي يترجم عمق إنسان تونس في الحضارة العربية الإسلامية. وأشار إلى أهمية استعادة الدور الريادي والتحرري للفكر الزيتوني باعتباره أحد ركائز إشعاع تونس العلمي والديني والثقافي عبر قرون من الزمن. وأضاف أن تونس التي كانت دائمًا ملتقى الحضارات ومخبرا للأفكار، تستحق استعادة مكانتها الطبيعية في الفضاء الحضاري العربي الإسلامي. وأوصى رئيس المجلس وزير الشؤون الدينية بمنح اهتمام خاص بالحج، لما يمثله من ركن ديني ومهمة وطنية تحتاج إلى تنسيق جميع الجهود لتأمين أفضل الظروف للحجيج وضمان راحتهم وسلامتهم. وبين أن صورة تونس ومسؤوليتها تجاه مواطنيها داخل البلاد وخارجها، هي معيار أساسي لهيبة الدولة ونجاعة مؤسساتها. وأكد على أهمية تواصل العمل المشترك من أجل أن تستعيد تونس بريقها الحضاري والثقافي وتظل أرض العلم والسلام والتسامح.
تحصين الشباب
وقبل الشروع في النقاش العام لمهمة الشؤون الدينية، قدم مقرر لجنة الحقوق والحريات بالغرفة النيابية الأولى حاتم الهواوي، ومقرر لجنة الاستثمار والتعاون الدولي بالغرفة النيابية الثانية محمد العايش تقريرا حول جلسة الاستماع لوزير الشؤون الدينية وإطارات الوزارة التي تم عقدها يوم 30 أكتوبر 2025 حول هذه المهمة. وقال بلال السعيدي، رئيس لجنة الاستثمار والتعاون الدولي، إن لوزارة الشؤون الدينية مكانة محورية في الحفاظ على توازن المجتمع، وترسيخ قيم الاعتدال، وتعزيز مناخ السلم الاجتماعي، وتحصين الشباب من كل أشكال الغلو والانحراف. وأكد على أهمية العمل المشترك بين اللجنتين في صياغة التقرير الخاص بمهمة الشؤون الدينية، وأضاف أن هذا العمل يعد ترجمة حقيقية للتنسيق البناء، وتبادل الرؤى، وتوحيد المقترحات بما يعكس المسؤولية التي يتحملها الجميع في معالجة المسائل الدينية بحكمة ورصانة.
وأشار عضو مجلس نواب الشعب منير كموني إلى أن مهمة الشؤون الدينية، رغم قلة الموارد والأعوان، تلعب دورًا هامًا ليس في الحرص على تيسير الشعائر الدينية ونشر قيم الاعتدال والتسامح فحسب، بل أيضا في المساعدة على معالجة العقائد والسلوكيات المهددة لتماسك الأسرة والمجتمع في ظل انتشار الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، وما تنشره من فوضى فقهية في القنوات الدينية المفتوحة على كل المذاهب والاجتهادات، وما تبثه من محتويات خطيرة متاحة للجميع دون رقابة. وتحدث كموني عن وضعيات عدد من المساجد والكتاتيب في شربان بولاية المهدية.
إرهاب رقمي
النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أسامة سحنون بين أن وزارة الشؤون الدينية تحظى بأهمية كبرى لأنها مؤتمنة على الحفاظ على أحد مقومات الشخصية التونسية. وأضاف أن الشعب التونسي في أغلبه عربي مسلم، لكن الإسلام التونسي، حسب وصفه، له خصوصياته بحكم تعاقب الحضارات على البلاد، وبحكم موقع تونس الاستراتيجي كدولة متوسطية، وقربها من الدول الأوروبية. لكن بعد غزو الفضائيات أصبح يستمع في تونس إلى خطاب ديني بعيد عما تربى عليه الشعب، خطاب فيه استعمال مصطلحات جديدة وغريبة عن الشعب التونسي مثل «عورة»، «نقاب»، «تسفير»، و»الجهاد في سوريا». وكانت تونس، للأسف، من أكثر الدول التي أرسلت شبابها للمحرقة في سوريا، وقد حملوا السلاح ضد النظام العربي السوري الذي سقط وسقطت معه الدولة السورية. وذكّر وزير الشؤون الدينية بأنه في يوم من الأيام كان يجلس في مقعده من كان يدعو لتسفير الشباب للجهاد في سوريا، وعبر عن أمله في ألا تعاد تلك الأيام. ونبه سحنون الوزارة بأن دورها يجب ألا يقتصر على نشر بلاغات حول رمضان والأعياد والحج وقيمة الزكاة، بل عليها مواكبة وسائل التواصل الاجتماعي. وتساءل: لماذا لا تكتب خطبة موحدة ترسلها لكل المساجد تتحدث فيها عن مخاطر القمار الذي خرب البيوت، وعن المخدرات، والتفكك الأسري، وأكل المواريث، وعن صلة الرحم، وقيمة العمل، وقداسة الخدمة الوطنية؟ وأين دورها في خلق توجه ديني موحد وسطي تونسي حيال كل القضايا المجتمعية؟ ونبه النائب إلى أن الإرهاب مازال موجودًا بين أيدينا. وتحدث في هذا الصدد عن الإرهاب الإلكتروني الذي يتعرض إليه الشباب يوميًا، وحذر من أن من اغتالوا الجنود والمعارضين السياسيين وصلوا إلى أطفال تونس وشبابها.
قانون أساسي
ووصف عضو مجلس نواب الشعب معز الرياحي وضعية الإطارات المسجدية المهنية بالسيئة جدًا، ودعا إلى تحسينها، وتمتيعهم بالتغطية الاجتماعية، وتمكينهم من قانون أساسي، وإدماجهم في الوظيفة العمومية. ولدى حديثه عن تستور، طالب ببناء مسجد أولاد سلامة، واستكمال جامع حي 26 فيفري، والعناية بالمعالم الدينية البالغ عددها 99 معلمًا. كما أشار إلى ضرورة تعهد الجامع الأندلسي بمجاز الباب. وتحدث عن غلاء تسعيرة الحج، وبين أنه يجب على الدولة التكفل بمصاريف حج العائلات المعوزة، وتخصيص كوتا لهم. واقترح إدراج مادة اختيارية لحفظ القرآن بالمعاهد والجامعات لمساعدة التلميذ والطالب على تحسين نتائجه.
وقال النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم محمد الكو إن مهمة الشؤون الدينية هي مصلحة عليا للدولة ومرتبطة بشكل مباشر بالأمن الروحي والاجتماعي للمواطن. وتساءل عن خطة الوزارة لحماية عقل المجتمع التونسي من التطرف، وحماية كرامة المكلفين بهذه المهمة النبيلة. وفسر أن المنبر فضاء يرتقي بالوعي العام، شرط تأهيل معتليه. وذكر أن ضمان الأمن الروحي يتطلب إرساء مبدأ لا تراجع عنه، وهو ضرورة أن تكون كل دور العبادة تحت رعاية الدولة. فهذا الإلزام ليس رقابة، بل ضمانة للوحدة الوطنية والعمل على بث خطاب موحد يقوم على القيم الوطنية الجامعة مثل التسامح، والاعتدال، والوسطية، والمواطنة، وقيم العمل والتعاون. ودعا النائب وزارة الشؤون الدينية إلى استعمال وسائل الاتصال الحديثة في خطابها، واقترح عليها استضافة الشخصيات الاعتبارية المؤمنة بالمشروع والمؤثرة لكي يمرروا رسائل إيجابية عن القدوة الحسنة بدلاً عن الاقتصار على الخطاب الوعظي التقليدي. واقترح توفير زي رسمي تونسي محترم للأئمة، ونبه أنه لا يمكن ضمان اعتدال الخطاب وفاعليته إذا كانت الإطارات المشرفة عليه تعاني من التهميش، ويبدأ الإصلاح بتحسين الوضعية الاجتماعية والمهنية لهؤلاء. وطالب بسياسة دولة حاسمة تضمن تحسين الوضع المادي للإطارات المسجدية، والوعاظ، والمؤدبين، وتعمل على ترسيمهم. ففي ذلك، حسب رأيه، استثمار مباشر في الأمن القومي والوحدة الوطنية. وتحدث الكو عن احتفالية المولد النبوي الشريف، ودعا المنظمين إلى استحضار قداسة المناسبة والتحري في بعض الفقرات. كما طالب الوزارة بتطوير مهرجان الصحابي الجليل أبي لبابة الأنصاري بقابس إلى تظاهرة مولدية.
الدولة المدنية
وقال النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم نور الدين العكروت إن النظر في مهمة الشؤون الدينية يُعد مناسبةً لنقاش الدور المحوري الذي تضطلع به وزارة الشؤون الدينية في ترسيخ القيم الروحية والأخلاقية في المجتمع، وتعزيز دور المؤسسات الدينية في نشر الوسطية والاعتدال، وصون حرمة بيوت الله ورعاية الإطارات الدينية. وذكر أن هذه الوزارة ليست فقط هيكلاً تنظيمياً يشرف على الشأن الديني، بل هي شريك أساسي في حماية النسيج المجتمعي ودعم السلم الاجتماعي وترسيخ الهوية الوطنية في إطار احترام الدستور ومبادئ الدولة المدنية. ويرى النائب أن ما يواجهه الوطن من تحديات فكرية واجتماعية يستوجب مزيدًا من تطوير سياسة التوعية الدينية، وتحسين ظروف العمل داخل الجوامع والمساجد، وتحصين الفضاء الديني من كل أشكال التطرف أو الاستغلال. وطالب النائب بالعناية بالمعالم الدينية والكتاتيب، وسد الشغور بالخطط المسجدية، ومضاعفة عدد المرشدين في موسم الحج بمدنين، وبناء مقر الإدارة الجهوية للشؤون الدينية بمدنين، وتحسين وضعية الإطارات المسجدية. وأضاف أن إطارات المساجد يتقاضون منحة تساوي الأجر الأدنى المضمون وهم لا يتمتعون بتغطية اجتماعية من قبل الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، ورغم ذلك فإنهم يقومون بعمل قار ومسترسل. وذكر أنهم ملوا من التهميش والفقر، وهناك منهم أصحاب شهادات عليا ومثقفون من النخبة.
ضرب الأسرة
وبين النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم فهمي مبارك أنه عندما يتذكر الصلاة، يتذكر الوضوء ويتذكر الماء. لكن في ظل عدم توفير الماء لمواطنين في بعض المعتمديات بصفاقس، فإنهم عادوا إلى التيمم، وتوجه بنداء إلى رئيس الجمهورية لكي يهتم بالأمر، نظرًا لأن الاعتمادات مرصودة منذ تسعة أشهر، لكن إلى حد الآن لم يتم توفير الماء. وأضاف أن الابتعاد يصنع الفراغ، والفراغ يصنع الكثير من المشاكل أو الظواهر الاجتماعية. وفسر أنه بصفته مختصًا في علم الاجتماع ونائبًا عن الشعب، فهو يتذكر ما ذهب إليه بيار بورديو من أن دور السوسيولوجي هو نزع الأقنعة. لذلك، فهو يريد تذكير وزير الشؤون الدينية ببروتوكولات علماء صهيون والمخطط لضرب الدول العربية الإسلامية في عمق معتقداتها وهويتها. ومن بين ما اعتمدوا عليه في ذلك تحليل المجتمعات العربية الإسلامية من خلال مقدمة ابن خلدون، حيث توصلوا إلى أن الضامن للحفاظ على الدين والمعتقد هو الأسرة. وتبعا لذلك، تم ضرب الأسرة في وحدتها الصماء من خلال إضعاف الوازع الديني وقطع صلة الرحم عن طريق التكنولوجيات الحديثة والتطبيقات الرقمية، إذ أصبح المعايدات تتم عن طريق إرساليات قصيرة أو محادثات عن بعد. وتم الوصول رويدًا رويدًا إلى قتل كل ما هو مادي، ولم تعد للأجساد قيمة في عصر تفشى فيه العنف والزنا والطلاق، حيث يتم سنويًا تسجيل 14 ألف حالة طلاق، فضلاً عن «البراكاجات» والسرقات والكلام النابي الذي استباح كل المجالس والفضاءات. ولاحظ النائب أنه في خضم كل هذه التحولات والمحاولات التي تسعى لفرض معتقدات أخرى وديانات أخرى، هناك غياب جزئي لوزارة الشؤون الدينية في الإحاطة والتوجيه وتعزيز القيم. واقتصرت الوزارة على الإعلان عن مقدار الزكاة ومواعيد المناسبات الدينية.
وحذر مبارك من أن القمار خرب الديار واقتصاد البلاد بعمليات تبييض الأموال وتهريب العملة تحت شعار اليانصيب والرهانات والميسر. وتساءل: أين الوزارة؟ ولاحظ النائب أن شباب تونس يريد من يتحدث معه ويفهمه بلغته ولغة عصره، وهي التكنولوجيا. وتساءل: أين الخطابات الدينية الموجهة للشباب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي؟ وأين استراتيجية الوزارة في هذا المجال؟ ولماذا لا تكون المساجد مصدر المعلومة والقصة التاريخية وتدريس السنة النبوية؟ واستفسر عن الخارطة الرقمية للمساجد التونسية، وعن التطبيق الإلكتروني الخاص بمواعيد الصلاة والمناسبات الدينية وقيمة الزكاة والخطب الدينية ليوم الجمعة حسب كل مسجد حتى يختار المواطن الخطبة التي يريد الاستماع إليها. وخلص النائب إلى مطالبة وزير الشؤون الدينية بتسوية وضعيات الإطارات المسجدية، وبين أنه من غير المعقول أن يتم الاقتصار على تمكينهم من منح قدرها 400 دينار.
بعث الكتاتيب
وطالب عضو مجلس نواب الشعب ياسين مامي بتسوية وضعيات الإطارات المسجدية في أقرب الآجال. وبين أن العاملين بدور العبادة لا يتمتعون حتى بالتغطية الاجتماعية. وتحدث عن المبادرة التشريعية التي تم تقديمها من قبل عدد من أعضاء المجلس، وهي مبادرة تهم الإطارات المسجدية، وعبر عن أمله في أن تتفاعل وزارة الشؤون الدينية معها إيجابيًا. وأشار إلى مقرات مهملة بالحمامات تعود بالنظر إلى هذه الوزارة، مثل مقر أئمة الرحمان التابعة للوزارة، والمكان الواقع بجانب الإدارة الجهوية للشؤون الدينية، الذي كان مسجدًا ثم تحول إلى شعبة، وهو اليوم يعاني من غياب الصيانة والإهمال. ونظراً لأهمية موقعه، يجب التفكير في إعادة توظيفه. وتساءل مامي عن سبب بطء إجراءات بعث الكتاتيب، منها كتاب بحتوس بسيدي الجديدي، حيث تم تقديم المطلب منذ سنتين وتمت معاينة المقر من قبل لجنة، لكن لم يُفتح الكتاب بعد، وكذلك الحال بالنسبة إلى كتاب بحمام بنت الجديدي. وأشار إلى مشاكل أخرى تعاني منها مساجد في الحمامات، منها جامع ولد الأسود الذي يفتقر للربط بشبكة الماء. وقال إن هناك مواطنة تبرعت بقطعة أرض بمنطقة الشرف بالحمامات لبناء مسجد منذ ثلاث سنوات، لكن إلى حد الآن لم يتم إنجاز المشروع. وقدم النائب للوزير ملفًا يتعلق بوضعية دور العبادة في الحمامات وأسئلة حول قرارات عزل من الإمامة والخطابة. وطالب بالعناية بالمقابر الإسلامية وتوحيد إجراءات الدفن، لأن هناك من يقومون بحجز أماكن في المقابر.