إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بين تونس وكندا.. شراكة متجددة تراهن على التكنولوجيا والسياحة

بين شاشات الندوات الرقمية وأروقة المعارض الدولية، تتقدم اليوم العلاقات التونسية–الكندية بثبات نحو نموذج جديد يقوم على الربط بين التكنولوجيا والاقتصاد، بما يهيّئ أرضية مشتركة للبلدين لإعادة تشكيل الرؤى المتبادلة بينهما ضمن سياق أكثر تطورا ونجاعة. في هذا الإطار، قدمت تونس خلال شهر نوفمبر الجاري أحد أوجه حضورها الأكثر ديناميكية في الفضاء الكندي عبر مسارين متكاملين: الأول ندوة رقمية جمعت الأسبوع الماضي خبراء الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في البلدين، والثاني مشاركة فاعلة في معرض السياحة والسفر الدولي بمونتريال.

وبين الفضاء الافتراضي وأروقة المعارض، كانت تونس تعيد تعريف دور دبلوماسيتها، مؤسسة لشراكة تعطي لاقتصاد المعرفة مكانته، وتمنح لصورتها السياحية أفقا أشمل وأوسع بما يعكس رؤية متقدمة تسعى إلى تثبيت حضور تونسي قادر على المنافسة وعلى خلق مساحات جديدة للتعاون مع كندا تقوم على الابتكار والانفتاح والتكامل.

وفي هذا السياق، نظّمت سفارة تونس في كندا يوم 19 نوفمبر 2025 ندوة رقمية جمعت ثلّة من الفاعلين التونسيين والكنديين في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ناقشوا خلالها سُبل تعزيز التعاون التقني واستثمار الفرص الواعدة أمام المهارات والشركات الناشئة في البلدين. وشكّلت الندوة، التي حضرها القنصل التونسي بمونتريال ومدير المكتب الوطني للسياحة إضافة إلى أعضاء اللجنة الفرعية للرقمنة والذكاء الاصطناعي وممثلي شبكة الأعمال التونسية–الكندية (RTCA)، مناسبة لإبراز الدور المحوري للكفاءات التونسية المقيمة في كندا، وهي كفاءات استطاعت أن تفرض حضورها في قطاعات تنافسية، وأن تكون فاعلة في رسم صورة جديدة لتونس باعتبارها بلدا قادرا على مواكبة التطوّرات الرقمية.

وقد أشار سفير تونس بكندا، الأسعد بوطارة، إلى أن التحول الرقمي لم يعد خيارا، بل ضرورة تفرضها السوق العالمية، وأن الشراكة التونسية–الكندية تملك من المقوّمات ما يسمح لها بأن تتحوّل إلى نموذج ناجح في مجال التكنولوجيا المتقدمة. وركّز السفير على أهمية خلق قنوات عملية تربط المهارات التونسية بالخارج بمشاريع التحول الرقمي داخل تونس، بما يمكّن من نقل المعرفة وفتح آفاق تعاون تشمل الحوكمة الرقمية، الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، وتطوير المنصات الرقمية.

التعاون الرقمي رافعة للتنمية

الحاضرون شدّدوا بدورهم على أن التعاون الثنائي في المجال الرقمي قادر على أن يصبح رافعة اقتصادية حقيقية، سواء عبر دعم الشركات التونسية الناشئة للدخول إلى السوق الكندية، أو عبر خلق منصّات مشتركة للبحث والابتكار. وفي هذا الإطار، برزت مبادرة «Tunisian Tech Canada»  لترسيخ موقع تونس كمنصّة متوسطية للابتكار وربط المنظومة التكنولوجية التونسية بنظيرتها الكندية، بما يسمح بتطوير مشاريع مشتركة وجذب الاستثمارات والاستفادة من التعاون الثلاثي الموجّه نحو أسواق أخرى، خصوصا الأسواق الإفريقية التي تشكل مجالا واعدا للطرفين.

ليستشف من هذه الندوة وما انبثق عنها من توصيات، وجود إرادة واضحة لدى الدبلوماسية التونسية لإعادة هندسة ورسم العلاقات الثنائية مع كندا، وإسنادها ببرامج عملية تعطي الأولوية للاقتصاد الرقمي. فالتوجّه اليوم لم يعد قائما فقط على الروابط التقليدية، بل على رؤية جديدة تجعل من التكنولوجيا، والابتكار والاقتصاد المعرفي محاور أساسية للشراكة المستقبلية.

من جهة أخرى، شهد شهر نوفمبر الجاري حدثا آخر يعكس في جوهره تنوّع وانفتاح تونس على كندا، حيث شاركت تونس في الدورة الخامسة والثلاثين لمعرض السياحة والرحلات الدولي (SITV) بمونتريال. وقد مثّل هذا المعرض، الذي يُعد من أبرز التظاهرات السياحية في كندا، فرصة لإبراز تنوّع المنتوج السياحي التونسي بما يشمل الشواطئ، المواقع الأثرية، السياحة الصحراوية، والثراء الثقافي الممتد عبر آلاف السنين.

وتركّزت مشاركة تونس هذه السنة على تعزيز صورة الوجهة التونسية لدى السائح الكندي الذي يبحث عن وجهات آمنة، ذات طبيعة متنوعة، ومناخ معتدل على مدار السنة. ومن شأن هذا التوجّه أن يفتح آفاقا جديدة أمام القطاع السياحي التونسي، خاصة في ظلّ الاهتمام المتزايد من قبل الكنديين بالبلدان المتوسطية، وتنامي الطلب على السياحة الثقافية والبيئية، وهما مجالان تتميّز فيهما تونس بشكل لافت.

واللافت أن الجمع بين التكنولوجيا والسياحة يعكس رؤية شاملة للعلاقات التونسية–الكندية، رؤية تقوم على التكامل بين اقتصاد الابتكار والاقتصاد الواعد للوجهات السياحية.

فالرقمنة اليوم لم تعد قطاعا قائما بذاته، بل أصبحت عنصرا معزّزا ومدعّما لكلّ القطاعات، بما في ذلك السياحة التي تعتمد على التسويق الرقمي والمنصات الذكية، وإدارة الجودة عبر التطبيقات الحديثة.

فما تقوم به تونس وكندا لا يقتصر على الترويج لهذه القطاعات فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى إعادة توجيه العلاقات الثنائية نحو شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد.

في ظلّ عالم يشهد تحوّلات عميقة، تستفيد تونس من خبرة كندا في مجالات التكنولوجيا، والتكوين، والحوكمة، والابتكار، فيما تحظى تونس بمميزات جغرافية وبشرية تجعلها شريكا قادرا على بناء تعاون ناجح خاصة مع حجم الكفاءات التونسية المقيمة في كندا.

لتبرز هذه الديناميكية المتصاعدة أن العلاقات بين البلدين تسير نحو مرحلة جديدة قوامها الاستباق والاستثمار في المستقبل.

فالتحديات الرقمية والاقتصادية والبيئية التي يواجهها العالم اليوم تجعل من الشراكات الدولية عنصرا أساسيا في بناء اقتصاد قوي قادر على المنافسة. وبين كفاءات شابة، ونسيج مؤسساتي متطور في كندا، وإرادة تونسية في تطوير منظومتها الرقمية والسياحية، تبدو الطريق مفتوحة نحو تعاون يُعيد رسم صورة العلاقات التونسية–الكندية كإحدى الشراكات الواعدة في شمال العالم وجنوبه.

منال حرزي

بين تونس وكندا..   شراكة متجددة تراهن على التكنولوجيا والسياحة

بين شاشات الندوات الرقمية وأروقة المعارض الدولية، تتقدم اليوم العلاقات التونسية–الكندية بثبات نحو نموذج جديد يقوم على الربط بين التكنولوجيا والاقتصاد، بما يهيّئ أرضية مشتركة للبلدين لإعادة تشكيل الرؤى المتبادلة بينهما ضمن سياق أكثر تطورا ونجاعة. في هذا الإطار، قدمت تونس خلال شهر نوفمبر الجاري أحد أوجه حضورها الأكثر ديناميكية في الفضاء الكندي عبر مسارين متكاملين: الأول ندوة رقمية جمعت الأسبوع الماضي خبراء الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في البلدين، والثاني مشاركة فاعلة في معرض السياحة والسفر الدولي بمونتريال.

وبين الفضاء الافتراضي وأروقة المعارض، كانت تونس تعيد تعريف دور دبلوماسيتها، مؤسسة لشراكة تعطي لاقتصاد المعرفة مكانته، وتمنح لصورتها السياحية أفقا أشمل وأوسع بما يعكس رؤية متقدمة تسعى إلى تثبيت حضور تونسي قادر على المنافسة وعلى خلق مساحات جديدة للتعاون مع كندا تقوم على الابتكار والانفتاح والتكامل.

وفي هذا السياق، نظّمت سفارة تونس في كندا يوم 19 نوفمبر 2025 ندوة رقمية جمعت ثلّة من الفاعلين التونسيين والكنديين في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ناقشوا خلالها سُبل تعزيز التعاون التقني واستثمار الفرص الواعدة أمام المهارات والشركات الناشئة في البلدين. وشكّلت الندوة، التي حضرها القنصل التونسي بمونتريال ومدير المكتب الوطني للسياحة إضافة إلى أعضاء اللجنة الفرعية للرقمنة والذكاء الاصطناعي وممثلي شبكة الأعمال التونسية–الكندية (RTCA)، مناسبة لإبراز الدور المحوري للكفاءات التونسية المقيمة في كندا، وهي كفاءات استطاعت أن تفرض حضورها في قطاعات تنافسية، وأن تكون فاعلة في رسم صورة جديدة لتونس باعتبارها بلدا قادرا على مواكبة التطوّرات الرقمية.

وقد أشار سفير تونس بكندا، الأسعد بوطارة، إلى أن التحول الرقمي لم يعد خيارا، بل ضرورة تفرضها السوق العالمية، وأن الشراكة التونسية–الكندية تملك من المقوّمات ما يسمح لها بأن تتحوّل إلى نموذج ناجح في مجال التكنولوجيا المتقدمة. وركّز السفير على أهمية خلق قنوات عملية تربط المهارات التونسية بالخارج بمشاريع التحول الرقمي داخل تونس، بما يمكّن من نقل المعرفة وفتح آفاق تعاون تشمل الحوكمة الرقمية، الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، وتطوير المنصات الرقمية.

التعاون الرقمي رافعة للتنمية

الحاضرون شدّدوا بدورهم على أن التعاون الثنائي في المجال الرقمي قادر على أن يصبح رافعة اقتصادية حقيقية، سواء عبر دعم الشركات التونسية الناشئة للدخول إلى السوق الكندية، أو عبر خلق منصّات مشتركة للبحث والابتكار. وفي هذا الإطار، برزت مبادرة «Tunisian Tech Canada»  لترسيخ موقع تونس كمنصّة متوسطية للابتكار وربط المنظومة التكنولوجية التونسية بنظيرتها الكندية، بما يسمح بتطوير مشاريع مشتركة وجذب الاستثمارات والاستفادة من التعاون الثلاثي الموجّه نحو أسواق أخرى، خصوصا الأسواق الإفريقية التي تشكل مجالا واعدا للطرفين.

ليستشف من هذه الندوة وما انبثق عنها من توصيات، وجود إرادة واضحة لدى الدبلوماسية التونسية لإعادة هندسة ورسم العلاقات الثنائية مع كندا، وإسنادها ببرامج عملية تعطي الأولوية للاقتصاد الرقمي. فالتوجّه اليوم لم يعد قائما فقط على الروابط التقليدية، بل على رؤية جديدة تجعل من التكنولوجيا، والابتكار والاقتصاد المعرفي محاور أساسية للشراكة المستقبلية.

من جهة أخرى، شهد شهر نوفمبر الجاري حدثا آخر يعكس في جوهره تنوّع وانفتاح تونس على كندا، حيث شاركت تونس في الدورة الخامسة والثلاثين لمعرض السياحة والرحلات الدولي (SITV) بمونتريال. وقد مثّل هذا المعرض، الذي يُعد من أبرز التظاهرات السياحية في كندا، فرصة لإبراز تنوّع المنتوج السياحي التونسي بما يشمل الشواطئ، المواقع الأثرية، السياحة الصحراوية، والثراء الثقافي الممتد عبر آلاف السنين.

وتركّزت مشاركة تونس هذه السنة على تعزيز صورة الوجهة التونسية لدى السائح الكندي الذي يبحث عن وجهات آمنة، ذات طبيعة متنوعة، ومناخ معتدل على مدار السنة. ومن شأن هذا التوجّه أن يفتح آفاقا جديدة أمام القطاع السياحي التونسي، خاصة في ظلّ الاهتمام المتزايد من قبل الكنديين بالبلدان المتوسطية، وتنامي الطلب على السياحة الثقافية والبيئية، وهما مجالان تتميّز فيهما تونس بشكل لافت.

واللافت أن الجمع بين التكنولوجيا والسياحة يعكس رؤية شاملة للعلاقات التونسية–الكندية، رؤية تقوم على التكامل بين اقتصاد الابتكار والاقتصاد الواعد للوجهات السياحية.

فالرقمنة اليوم لم تعد قطاعا قائما بذاته، بل أصبحت عنصرا معزّزا ومدعّما لكلّ القطاعات، بما في ذلك السياحة التي تعتمد على التسويق الرقمي والمنصات الذكية، وإدارة الجودة عبر التطبيقات الحديثة.

فما تقوم به تونس وكندا لا يقتصر على الترويج لهذه القطاعات فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى إعادة توجيه العلاقات الثنائية نحو شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد.

في ظلّ عالم يشهد تحوّلات عميقة، تستفيد تونس من خبرة كندا في مجالات التكنولوجيا، والتكوين، والحوكمة، والابتكار، فيما تحظى تونس بمميزات جغرافية وبشرية تجعلها شريكا قادرا على بناء تعاون ناجح خاصة مع حجم الكفاءات التونسية المقيمة في كندا.

لتبرز هذه الديناميكية المتصاعدة أن العلاقات بين البلدين تسير نحو مرحلة جديدة قوامها الاستباق والاستثمار في المستقبل.

فالتحديات الرقمية والاقتصادية والبيئية التي يواجهها العالم اليوم تجعل من الشراكات الدولية عنصرا أساسيا في بناء اقتصاد قوي قادر على المنافسة. وبين كفاءات شابة، ونسيج مؤسساتي متطور في كندا، وإرادة تونسية في تطوير منظومتها الرقمية والسياحية، تبدو الطريق مفتوحة نحو تعاون يُعيد رسم صورة العلاقات التونسية–الكندية كإحدى الشراكات الواعدة في شمال العالم وجنوبه.

منال حرزي