إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

العدد بلغ 300 تلميذ يوميا.. أرقام مخيفة للتسرّب المدرسي ودعوة إلى تغيير المناهج التعليمية

-رئيس لجنة التربية والتكوين والتشغيل بالبرلمان لـ«الصباح»: اللجنة تنتظر مشروع وزارة التربية الإصلاحي الذي أشرف على النهاية

-مختصة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا لـ«الصباح»: ضرورة تركيز خلية إصغاء حقيقية داخل المؤسسات التربوية للحد من الظواهر الخطيرة

مازالت ظاهرة التسرّب المدرسي، أو ما يُعرف بالانقطاع عن الدراسة، من أخطر الظواهر التي تهدّد المجتمع التونسي، في الوقت الذي أصبح فيه التعليم مخرجا من كل الأزمات، وهو الذي يعدّ تحديا كبيرا تطمح كل شعوب العالم لكسبه، بل إنّ التعليم اليوم أصبح محرارا لقياس مدى تطوّر الدول والمجتمعات عبر العالم...

ويبدو أن هذه الظاهرة تزداد خطورة من سنة إلى أخرى؛ فبحسب الأرقام الحديثة التي كشف عنها مؤخرا المتفقد العام المميز بوزارة التربية لطفي العباسي، بلغ عدد المنقطعين ما يناهز 300 تلميذ وتلميذة يوميا عن الدراسة، أي بمعدل ما بين 60 ألفا و100 ألف منقطع سنويا.

المجلس الوطني للتربية من أبرز الحلول

وحول تطورات هذه الظاهرة الخطيرة التي تعرف انتشارا مخيفا، أكد رئيس لجنة التربية والتكوين والتشغيل بمجلس نواب الشعب، كمال فراح، لـ«الصباح» أنها من أهم الإشكاليات التي يتم تناولها باستمرار داخل أشغال اللجنة، مبينا أن مشروع قانون الإصلاح التربوي والنظرة الشمولية التي تحدث عنها وزير التربية في آخر جلسة له في مجلس النواب ستكون من أهم الحلول لهذه الظاهرة.

واعتبر فراح أن عدم مرور أي مقترح جديد أو مشروع قانون خاص بهذه الظاهرة بالذات لا يعني التقليل من خطورتها، مبينا أن اللجنة تنتظر مشروع وزارة التربية الإصلاحي الذي أشرف على النهاية ليكون قريبا بين أيدي النواب للنظر فيه وفي كل النقاط التي تمس القطاع، بما فيها إشكالية التسرّب المدرسي.

وأضاف رئيس اللجنة أن وجود «المجلس الوطني للتربية» الذي سيجمع بين 7 وزارات سيكون الحل الأنسب لكل الإشكاليات التي تواجه القطاع، بما فيها ظاهرة التسرّب المدرسي، مؤكدا أن اللجنة في متابعة مستمرة لمشروع قانون الإصلاح التربوي، و«في صورة عدم تطرقه لهذه الظاهرة بالكيفية المطلوبة، فالمؤكد أننا سنعمل على تعديله واستكمال كل النقائص في هذا الاتجاه»، وفق قوله.

رتابة المناهج التعليمية وغياب توظيف الرقمنة أبرز الأسباب

على المستوى الاجتماعي والمجتمعي، ترى الأستاذة المختصة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، صابرين الجلاصي، في حديثها لـ«الصباح» أن ظاهرة التسرّب المدرسي عرفت انتشارا واسعا بين صفوف التلاميذ ما بعد الثورة، وبالأخص في العشرية الأخيرة، مشيرة إلى أن الأسباب التي تغذي هذه الظاهرة كثيرة ولابد من معالجتها للحد منها مستقبلا.

وحول أهم هذه الأسباب، أكدت المختصة أن انتشار الممنوعات وتعاطي المخدرات في المدارس والمعاهد وضعف الرقابة الأمنية في محيط المؤسسات التربوية هي العوامل المباشرة لتفشي الظاهرة، حسب رأيها.

والأهم، حسب الجلاصي، عدم مواكبة المناهج التعليمية للتطورات التكنولوجية والرقمية الحاصلة في العالم، خاصة في مجال التعليم، والاستقطاب الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها.

كما أكدت الجلاصي في ذات السياق أن رتابة المناهج التعليمية وغياب توظيف الرقمنة لجذب التلاميذ إلى قاعات الدرس، والحفاظ لعقود على نفس الاستراتيجيات التربوية والتدريس بنمط بدائي لم يعد يساير التطورات، هي من الأسباب التي تؤدي إلى عزوف التلاميذ عن الدراسة، وبالتالي توسع دائرة التسرّب المدرسي الذي كشفت الأرقام الأخيرة عن خطورته.

ويُضاف إلى ذلك الظروف القاسية في الأرياف المتعلقة بالبنية التحتية المتردية للمدارس، والنقص في التجهيزات، وغياب الجانب اللوجستي عموما، وفق الجلاصي.

والمطلوب اليوم، حسب رأيها، تغيير كلي للمناهج التعليمية حتى تكون مواكبة للجيل الجديد من التلاميذ «الجيل الرقمي»، واستقطابه عبر توظيف الرقمنة وجعله تلميذا يتفاعل ويناقش ويُبدي رأيه، حتى لا يتم استقطابه من قبل مروّجي الممنوعات ومواقع التواصل الاجتماعي.

كما شددت الجلاصي، عبر «الصباح»، على أهمية استرجاع قيمة المعلم والمربي العلمية والاجتماعية التي فُقدت في السنوات الأخيرة بسبب غياب النموذج التثقيفي المتعارف عليه، مؤكدة على ضرورة تركيز «خلية إصغاء حقيقية» داخل المؤسسات التربوية، يكون فيها أخصائي اجتماعي ونفسي، للحد من كل الظواهر الخطيرة التي تهدد التلميذ، على غرار التسرّب المدرسي.

وفاء بن محمد

العدد بلغ 300 تلميذ يوميا..   أرقام مخيفة للتسرّب المدرسي ودعوة إلى تغيير المناهج التعليمية

-رئيس لجنة التربية والتكوين والتشغيل بالبرلمان لـ«الصباح»: اللجنة تنتظر مشروع وزارة التربية الإصلاحي الذي أشرف على النهاية

-مختصة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا لـ«الصباح»: ضرورة تركيز خلية إصغاء حقيقية داخل المؤسسات التربوية للحد من الظواهر الخطيرة

مازالت ظاهرة التسرّب المدرسي، أو ما يُعرف بالانقطاع عن الدراسة، من أخطر الظواهر التي تهدّد المجتمع التونسي، في الوقت الذي أصبح فيه التعليم مخرجا من كل الأزمات، وهو الذي يعدّ تحديا كبيرا تطمح كل شعوب العالم لكسبه، بل إنّ التعليم اليوم أصبح محرارا لقياس مدى تطوّر الدول والمجتمعات عبر العالم...

ويبدو أن هذه الظاهرة تزداد خطورة من سنة إلى أخرى؛ فبحسب الأرقام الحديثة التي كشف عنها مؤخرا المتفقد العام المميز بوزارة التربية لطفي العباسي، بلغ عدد المنقطعين ما يناهز 300 تلميذ وتلميذة يوميا عن الدراسة، أي بمعدل ما بين 60 ألفا و100 ألف منقطع سنويا.

المجلس الوطني للتربية من أبرز الحلول

وحول تطورات هذه الظاهرة الخطيرة التي تعرف انتشارا مخيفا، أكد رئيس لجنة التربية والتكوين والتشغيل بمجلس نواب الشعب، كمال فراح، لـ«الصباح» أنها من أهم الإشكاليات التي يتم تناولها باستمرار داخل أشغال اللجنة، مبينا أن مشروع قانون الإصلاح التربوي والنظرة الشمولية التي تحدث عنها وزير التربية في آخر جلسة له في مجلس النواب ستكون من أهم الحلول لهذه الظاهرة.

واعتبر فراح أن عدم مرور أي مقترح جديد أو مشروع قانون خاص بهذه الظاهرة بالذات لا يعني التقليل من خطورتها، مبينا أن اللجنة تنتظر مشروع وزارة التربية الإصلاحي الذي أشرف على النهاية ليكون قريبا بين أيدي النواب للنظر فيه وفي كل النقاط التي تمس القطاع، بما فيها إشكالية التسرّب المدرسي.

وأضاف رئيس اللجنة أن وجود «المجلس الوطني للتربية» الذي سيجمع بين 7 وزارات سيكون الحل الأنسب لكل الإشكاليات التي تواجه القطاع، بما فيها ظاهرة التسرّب المدرسي، مؤكدا أن اللجنة في متابعة مستمرة لمشروع قانون الإصلاح التربوي، و«في صورة عدم تطرقه لهذه الظاهرة بالكيفية المطلوبة، فالمؤكد أننا سنعمل على تعديله واستكمال كل النقائص في هذا الاتجاه»، وفق قوله.

رتابة المناهج التعليمية وغياب توظيف الرقمنة أبرز الأسباب

على المستوى الاجتماعي والمجتمعي، ترى الأستاذة المختصة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، صابرين الجلاصي، في حديثها لـ«الصباح» أن ظاهرة التسرّب المدرسي عرفت انتشارا واسعا بين صفوف التلاميذ ما بعد الثورة، وبالأخص في العشرية الأخيرة، مشيرة إلى أن الأسباب التي تغذي هذه الظاهرة كثيرة ولابد من معالجتها للحد منها مستقبلا.

وحول أهم هذه الأسباب، أكدت المختصة أن انتشار الممنوعات وتعاطي المخدرات في المدارس والمعاهد وضعف الرقابة الأمنية في محيط المؤسسات التربوية هي العوامل المباشرة لتفشي الظاهرة، حسب رأيها.

والأهم، حسب الجلاصي، عدم مواكبة المناهج التعليمية للتطورات التكنولوجية والرقمية الحاصلة في العالم، خاصة في مجال التعليم، والاستقطاب الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها.

كما أكدت الجلاصي في ذات السياق أن رتابة المناهج التعليمية وغياب توظيف الرقمنة لجذب التلاميذ إلى قاعات الدرس، والحفاظ لعقود على نفس الاستراتيجيات التربوية والتدريس بنمط بدائي لم يعد يساير التطورات، هي من الأسباب التي تؤدي إلى عزوف التلاميذ عن الدراسة، وبالتالي توسع دائرة التسرّب المدرسي الذي كشفت الأرقام الأخيرة عن خطورته.

ويُضاف إلى ذلك الظروف القاسية في الأرياف المتعلقة بالبنية التحتية المتردية للمدارس، والنقص في التجهيزات، وغياب الجانب اللوجستي عموما، وفق الجلاصي.

والمطلوب اليوم، حسب رأيها، تغيير كلي للمناهج التعليمية حتى تكون مواكبة للجيل الجديد من التلاميذ «الجيل الرقمي»، واستقطابه عبر توظيف الرقمنة وجعله تلميذا يتفاعل ويناقش ويُبدي رأيه، حتى لا يتم استقطابه من قبل مروّجي الممنوعات ومواقع التواصل الاجتماعي.

كما شددت الجلاصي، عبر «الصباح»، على أهمية استرجاع قيمة المعلم والمربي العلمية والاجتماعية التي فُقدت في السنوات الأخيرة بسبب غياب النموذج التثقيفي المتعارف عليه، مؤكدة على ضرورة تركيز «خلية إصغاء حقيقية» داخل المؤسسات التربوية، يكون فيها أخصائي اجتماعي ونفسي، للحد من كل الظواهر الخطيرة التي تهدد التلميذ، على غرار التسرّب المدرسي.

وفاء بن محمد