إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في مناقشة ميزانية مهمة التربية.. مطالبة بإصلاح التعليم ومراقبة المدارس الخاصة

بحضور وزير التربية نور الدين النوري عقد مجلس نواب الشعب جلسة عامة مشتركة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم بقصر باردو لنقاش مهمة التربية بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2026. وطالب النواب بالخصوص بالقيام بإصلاح تربوي شامل تتم من خلاله مراجعة المناهج والبرامج والمسالك وطرق التدريس وخاصة إعادة النظر في الزمن المدرسي وكثرة المواد وتعدد الكتب وكثافة الدروس حتى أن النائب لطفي السعداوي تساءل ما هذا؟ واستدل بمادة التاريخ بالسادسة ابتدائي وقال إن التلميذ يدرس محاور تمتد من الفترة القديمة  إلى الفترة المعاصرة ويدرس تاريخ الحركة الإصلاحية في تونس والحركة الوطنية ومؤتمر قصر هلال.

في حين هناك من يرى أنه لا يمكن الحديث اليوم عن إصلاح تربوي إلا بعد انطلاق المجلس الأعلى للتربية في أعماله بصفة فعلية. كما عدد النواب النقائص التي تشكو منها المنظومة التربوية وتحدثوا في هذا السياق عن الوضعية الصعبة للبنية التحتية للكثير من المؤسسات التربوية الكائنة في دوائرهم الانتخابية وجهاتهم، وطالبوا بترميمها وصيانتها وتهيئتها وإقامة أسوار تحصنها من الدخلاء مع تحسين ظروف التعلم فيها وتوفير التجهيزات العصرية والوسائل التكنولوجية الحديثة وإدماج الذكاء الاصطناعي حتى تكون المدرسة العمومية مثلها مثل المؤسسات الخاصة جاذبة للتلميذ وليست منفرة أو طاردة. وعبر الكثير من أعضاء البرلمان عن انشغالهم بالمشاكل التي تعاني منها المدرسة العمومية وفي مقدمتها اتساع الفجوة بين الجهات على مستوى المكتسبات ونتائج الامتحانات الوطنية وعلى مستوى نسب الرسوب والانقطاع المبكر، كما حذروا من تنامي ظاهرة العنف في الوسط المدرسي ومن تزايد مخاطر المخدرات التي يتم بيعها أمام أبواب المؤسسات التربوية وطالبوا بانتداب أخصائيين نفسيين واجتماعيين لفائدة هذه المؤسسات، واستفسروا عن حالة المبيتات وطالبوا بتحسين ظروف الإقامة فيها وبتوفير الإعاشة. وتوجه نواب الشعب لوزير التربية بكم كبير من الملاحظات والمقترحات والتوصيات وخاصة منها توفير النقل المدرسي. وهناك من اقترح مراجعة سلم الأجور والمنح بمراعاة نسبة التضخم والمقدرة الشرائية وتعزيز الحماية القانونية للمربي داخل المؤسسة التربوية وخارجها.

رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم عماد الدربالي أشار إلى أن لحظة الحقيقة قد حلت فالمدرسة التونسية، حسب قوله، في حاجة إلى إصلاحات عميقة تعيد تعريف هدف التعليم ودوره في تشكيل الأجيال. ويرى أنه آن الأوان لاعتماد سياسات تعليمية جديدة وشجاعة تعزز المكاسب وتنهي التفاوت الجهوي الذي عانت منه المؤسسات التربوية طيلة عقود، وأكد أن حرمان آلاف الأطفال في الأرياف والأحياء من مدرسة آمنة ومجهزة ومنصفة لم يعد مقبولا، فإنصاف المدرسة يتطلب عدالة شاملة تجعل التعليم قوة دفع للتنمية. ولاحظ أنه رغم كل الهنات الناجمة عن الخيارات اللاوطنية واللاشعبية التي اعتمدتها المنظومات السابقة فإن مسار البناء والتحرر أثبت حضوره بصفة عملية من خلال جملة من الإجراءات. وثمن رئيس المجلس الإجراء الذي أطلقه رئيس الجمهورية والمتمثل في إحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم الذي سيشكل ركيزة أساسية لإعادة بناء القرار التربوي على أسس علمية وإستراتجية ويضمن استمرارية سياسة الدولة في التعليم بعيدا عن التقلبات الظرفية. واستحسن الدربالي الرؤية الجديدة في التأسيس لتعليم عصري تنويري باعتباره شرطا من شروط السيادة الوطنية وأضاف أنه من هذا المنطلق فإن تكريس حق التمدرس ووجوبية التعليم وإعادة النظر في أهداف ومضامين المنظومة التربوية ضرورة وطنية. وقال إنه يجب إعادة الاعتبار للهوية الوطنية في المناهج والتحرر من المركزية المعرفية الغربية التي لم تعد تتماشى مع مشروع الدولة الوطنية.

ثورة معرفية

 وقال رئيس الغرفة النيابية الثانية عماد الدربالي :»كما أن تعزيز مكانة اللغة العربية في التعليم والبحث العلمي يمثل خطوة ضرورية لإنجاح مشروع التعليم وفق خطط واضحة وجريئة». وبين أن إصلاح التعليم يمثل إحدى المعارك الجوهرية في مسار التحرر الوطني فتونس لا يمكنها مواصلة تكوين كفاءات عالية تهاجر لتخدم اقتصاديات أخرى. وذكر أن هناك حاجة لتعليم يمنح أبناء تونس فرصة لصناعة اقتصاد المعرفة داخل الوطن وفسر أنه يعلم كلفة هذا الإصلاح لكنه يؤكد على قيمة الاستثمار في الرقمنة وتحديث المناهج وتطوير كفاءة المربي، ويبقى الطريق الفعلي لبناء مدرسة تونسية جديدة قادرة على إنتاج المعرفة  هو الاستثمار في التربية، حسب رأيه. وأكد أن الشعب لا يتطلع إلى تحسين البنية التحتية وتعزيز الوسائط الرقمية رغم أهميتها بل يتطلع إلى ما هو أعمق فهناك حاجة لرؤية تربوية تعيد الاعتبار للعقل التونسي وتواكب تطور العلوم واحتياجات المجتمع باعتبارها أولويات وطنية حقيقية تخدم مشروع الدولة في التحرر والبناء.

أما رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة فبين في مفتتح الجلسة العامة أن تونس آمنت منذ الاستقلال بدور التعليم في رقي المجتمعات وفي تحقيق التطور والتقدم وفي تنمية المهارات اللازمة للتعامل مع التحديات المتسارعة  لذلك جعلت الدولة الوطنية من التربية والتعليم أحد أعمدة الحداثة الركيزة الأساسية لبناء المجتمع وتحقيق ازدهاره. وأضاف أنه رغم ذلك فإن العديد من العوامل أدت إلى ما يشهده هذا القطاع اليوم من مشاكل كبيرة وصعوبات عديدة تؤثر على جودته وفاعليته وفسر أن هذه المشاكل تتراوح من ضعف التمويل إلى نقص في الموارد البشرية، فضلا عن التحديات الاجتماعية والثقافية التي يواجهها هذا القطاع الحيوي والتي تعيق تحقيق أهدافه. ولاحظ بودربالة أن مختلف المشكلات التعليمية التي أضحت اليوم من أبرز التحديات التي تعترض إعادة البريق للمدرسة التونسية لا يمكن تجاوزها إلا من خلال تعاون مشترك بين مؤسسات الدولة المعنية بمساندة الأسرة وبدعم من المجتمع. فهو يرى أن هذا التعاون لا يتحقق بالشكل المطلوب إلا عبر فهم أسباب تلك المشاكل واقتراح حلول فعالة ومتكاملة لمعالجتها واتخاذ خطوات واقعية ومنظمة تشمل الجوانب الاقتصادية والبشرية والتقنية وغيرها من الجوانب التي تتعلق بالمناهج الدراسية وبالبنية التحتية للمؤسسات التربوية. وقال رئيس المجلس إن دسترة الحق في التعليم وإقرار مجانيته وإجباريته وإجراء الاستشارة الوطنية حول التربية والتعليم في خطوة أولى على درب الإصلاح التربوي المنشود واعتزام تركيز المجلس الأعلى للتربية والتعليم في أقرب الآجال، كلها دون شك عوامل مساعدة على الانطلاق في أفضل الظروف في بلورة رؤية إصلاحية مدروسة وشاملة، رؤية تعليمية متقدمة تواكب تطلعات الشعب التونسي وتخدم مسيرة البناء والتقدم والازدهار وتمكّن من بناء منظومة تعليمية متطورة تحقق التميز والإبداع والتنمية وتسهم في بناء جيل واعد ومؤهل للارتقاء بالبلاد إلى أعلى المراتب. 

أرقام ونسب

وقبل الشروع في النقاش العام لمهمة التربية استعرض مقرر لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بالغرفة النيابية الأولى نجيب عكرمي بمعية مقرر لجنة الخدمات والتنمية الاجتماعية بالغرفة النيابية الثانية علي الماجري تقريرا مشتركا بين اللجنتين حول هذه المهمة. ومن بين ما جاء في التقرير أن الإعتمادات التي تم رصدها لفائدة وزارة التربية في حدود 8.700 مليون دينار لسنة 2026 مقابل 8.044 مليون دينار سنة 2025 مسجلة زيادة بمبلغ 656 مليون دينار وتمثل نسبة التطور 8 فاصل 16 بالمائة، وبذلك تمثل ميزانية مهمة التربية 13 فاصل 68 بالمائة من إجمالي الميزانية العامة للدولة لسنة 2026.  ويبلغ عدد أعوان وموظفي القطاع التربوي المرخص فيهم إلى موفى العام المقبل 220.254 منهم 4.409 ملحقين في إطار التعاون الفني و86.034 في المرحلة الابتدائية و122.652 في المرحلتين الإعدادية والثانوية والبقية موزعين على برنامج القيادة والمساندة.

وتتضمن مهمة التربية ثلاثة برامج وهي المرحلة الابتدائية والمرحلة الإعدادية والتعليم الثانوي والقيادة والمساندة وتتوزع النفقات على النحو التالي: برنامج المرحلة الابتدائية  3.233 فاصل 482 ألف دينار،  وبرنامج المرحلة الإعدادية والتعليم الثانوي 4.601 فاصل 538 ألف دينار وبرنامج القيادة والمساندة 864 فاصل 980 ألف دينار. وتتمثل أهداف مهمة التربية في تعميم السنة التحضيرية وضمان جودتها لكل التلاميذ إناثا وذكورا وتجويد مكتسبات التلاميذ بالمرحلة الابتدائية وتطوير الحياة المدرسية وجعل المؤسسة التربوية جاذبة للتلاميذ وتحسين مكتسبات التلاميذ وتوفير بيئة تعليمية جاذبة وآمنة وتطوير حوكمة المهمة وتطوير الموارد البشرية وضمان ديمومة الميزانية وترشيد التصرف في الموارد المالية.

وتم ضمن مشروع ميزانية مهمة التربية لسنة 2026 برمجة 18349 انتدابا بإعتمادات قدرها 722 فاصل 4 مليون دينار. فبالنسبة إلى المرحلة الابتدائية سيتم تخصيص 4.811 خطة لتسوية وضعيات النواب  وانتداب حاملي الإجازة التطبيقية في التربية والتعليم دفعة جوان 2024 في حدود 2.601 خطة أما في المرحلتين الإعدادية والتعليم الثانوي ستتم تسوية وضعية الأساتذة النواب بالإعدادي والثانوي في حدود 9.026 خطة وانتداب 100 خطة من خرجي دار المعلمين العليا وتسوية وضعية 1.226 متعاقدا من أعوان التأطير والمخابر وتسوية وضعية عملة الحضائر. 

 وتم ضبط نفقات الاستثمار بملغ قدره 717 مليون دينار منها 157مليون دينار لإحداث 19 مؤسسة جديدة وتم تخصيص 392 فاصل 1 مليون دينار لتأهيل البنية التحتية بالمؤسسات التربوية أي بزيادة تفوق 51 بالمائة  مقارنة بسنة 2.025 بما يسمح بتعهد 464 مؤسسة تربوية بالصيانة وتم تخصيص  141 مليون دينار لاقتناء تجهيزات إعلامية ومكتبية  كما تمت برمجة اقتناء 73 حافلة لتأمين النقل المدرسي الريفي.

إصلاح طال انتظاره

وقبل تلاوة التقرير المتعلق بمهمة التربية، قال رئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بمجلس نواب الشعب كمال فراح إن تونس راهنت منذ فجر الاستقلال على التعليم واعتبرته رافعة للتنمية الاقتصادية والثقافية ومصعدا اجتماعيا لتحسين ظروف العيش وتقلد المناصب العليا في الدولة، وأضاف أنه تبعا لذلك تتالت الإصلاحات،  وأشار في هذا الصدد إلى الإصلاح الذي تم سنة 1958، والإصلاح الذي تم سنة 1991، ثم الإصلاح الذي تم سنة 2002 وبذلك انتشر التعليم في المدن والقرى والأرياف والبوادي وتراجعت نسبة الأمية بشكل ملفت للنظر وأصبحت الكفاءات التونسية مشهود لها على الصعيد العالمي.

 ويرى فراح أنه رغم النتائج الإيجابية التي تم تحقيقها فإن منظومة التعليم في تونس أمست تعاني من نقاط ضعف متعددة على مستوى البنية التحتية والموارد وضعف جودة التعليم وإشكاليات في البرامج والمناهج وتردي وضعية المدرسين والبيروقراطية وضعف الحوكمة وعدم التلاؤم مع سوق الشغل واتساع الفوارق الاجتماعية والجهوية والضغط النفسي والاجتماعي المسلط على التلاميذ وعلى العائلات إضافة إلى هشاشة المدرسة أمام اجتياح ظواهر مستجدة كالعنف المدرسي والإدمان وظواهر التطرف. وأضاف رئيس اللجنة أنه في ظل التحول الرقمي الذي يعيشه العالم والذي أثر على مناهج التدريس وأدواته فقد بات لزاما على قطاع التربية بتونس، أن يواكب هذه التحولات ويفرض وجوده في التصنيفات العالمية. وذكر أنه في هذا الإطار تتنزل الإجراءات الهامة التي تم اتخاذها من قبل رئيس الجمهورية والمتمثلة في دسترة المجلس الأعلى للتربية وإطلاق الاستشارة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية وتسوية ملف المعلمين والأساتذة النواب. وبين فراح أنه لئن يثمن تلك القرارات والإجراءات فإن لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة تدعو إلى ضرورة الإسراع بتفعيل دور المجلس الأعلى للتربية وإصدار الإصلاح التربوي الذي طال انتظاره، وتسوية وضعيات مهنية أخرى مازالت عالقة.

وقالت نائبة رئيس لجنة الخدمات والتنمية الاجتماعية  بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم ريم بالحاج محمد إن التربية في تونس تعد أحد أهم ركائز بناء الإنسان والتنمية الشاملة وأنها لعبت منذ الاستقلال دورا أساسيا في رفع نسبة التمدرس وتقليص الأمية وتكوين أجيال من الكفاءات. وأضافت أن التربية أخلاق وعلم وعمل وهي من أهم ركائز بناء الإنسان التونسي وتعزيز المناعة المجتمعية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وذكرت أن التعليم يبدأ من رياض الأطفال والمحاضن المدرسية وهي مرحلة أولى لتأهيل الطفل للاندماج المدرسي وتطوير مهاراته في سن مبكرة، وبينت أنه في المرحلة الثانية يهدف التعليم إلى تكوين قاعدة معرفية مشتركة في العلوم واللغات والتربية والمهارات الحياتية.

ولإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية كفضاء للتعلم والإدماج ولصناعة المستقبل، طالبت نائبة رئيس اللجنة ببرنامج وطني عاجل لإعادة تأهيل المؤسسات التربوية وتخصيص إعتمادات إضافية قارة للتهيئة والصيانة حفاظا على كرامة التلاميذ وجودة تعليمهم. ولاحظت أن الإحساس بتراجع مكانة المربي اجتماعيا ومهنيا يتطلب معالجة عاجلة عبر تحسين ظروف العمل وتوفير خطة للتكوين المستمر وتعزيز آليات الانتداب المبني على الكفاءة والحاجيات الحقيقية للمؤسسات التربوية. وأشارت إلى وجود حاجة لمراجعة شاملة للبرامج الدراسية لتكون متماشية مع حاجيات الاقتصاد الوطني ومع التطور الرقمي ورهانات المستقل. وأكدت بالحاج محمد على ضرورة دعم المواد العلمية واللغات والتربية الرقمية وتعزيز الأنشطة الثقافية والرياضة داخل المدارس. ودعت إلى التسريع بإرساء المدرسة الرقمية وتوفير المعدات والأنظمة المعلوماتية في كل المؤسسات بما من شأنه أن يمكن من تحسين نسب المتابعة والتقييم. ونبهت نائبة رئيس اللجنة من أن نسب الانقطاع المدرسي تشكل تهديدا خطيرا لمستقبل البلاد وهو ما يدعو حسب رأيها إلى دعم البرامج الموجهة للعائلات محدودة الدخل وتطوير منظومة التوجيه المدرسي والمهني لضمان تكافؤ الفرص. وخلصت إلى أنه بالتربية تبنى الأجيال عماد المستقبل جنود الوطن. وذكرت أن الاستثمار في التربية ليس إنفاقا اجتماعيا فحسب بل هو استثمار في مستقبل البلاد وهو ما يتطلب من وزارة التربية اعتماد رؤية إصلاحية شاملة واقعية وقابلة للتنفيذ تقوم على الحوكمة الجيدة وعلى تشريك كل الأطراف من مربين وأولياء وخبراء.

حقوق مشروعة   

 لدى حديثه عن مهمة التربية لسنة 2026 أشار عضو مجلس نواب الشعب رمزي الشتوي إلى أنه قد سبق له أن قدم لوزير التربية مطالب أهالي توزر التي تمثل حقوقا أساسية لا يمكن تجاهلها أو تأجيلها وهو يعيد التذكير بهذه المطالب المتمثلة في إحداث معهد جديد في الجهة إذ توفرت قطعة أرض وهي على ملك المندوبية الجهوية للتربية بتوزر وتقع بجانبها وتساءل عن مآل هذا المشروع. واقترح النائب على الوزير إمكانية استغلال المقر القديم للمندوبية غير المستغل وتحويله إلى مركز بيداغوجي ثقافي يستفيد منه التلاميذ والإطار التربوي وينعش الحياة المدرسية في الجهة. وطالب الشتوي بتحويل معهد حامة الجريد إلى معهد رياضي نموذجي يفتح آفاقا جديدة لشباب الجهة نظرا إلى أن توزر تزخر بالمواهب الرياضية. ودعا إلى تحويل ضيعة بالجهة إلى مركز للتأهيل المهني وهو مشروع جاهز قادر على خلق نواة تكوين حديثة تتماشى مع خصوصيات توزر وطالب وزير التربية بدعم المندوبية الجهوية للتربية بتوزر بوسائل نقل جديدة لتسهيل التنقل للمركز ومتابعة وضعية المدارس والمعاهد المنتشرة بالجهة. واستفسر  عن مصير المنسقين الجهويين للمدارس وإن كانت وزارة التربية تتجه إلى المحافظة على خطة المنسق الجهوي وتدعيم دورها أم يوجد توجه لإعادة هيكلتها أو تعوضيها بآلية جديدة لأن هذا الملف ظل معلقا وبقي المنسقون يعيشون حالة من الغموض وهو ما يقتضي توضيح مصيرهم.

حافلة دون سائق

وقال عضو مجلس نواب الشعب إلياس بوكوشة أنه لن يتحدث عن قطاع التربية والتعليم في الفوار ورجيم معتوق بولاية قبلي ولا عن الوضع المنهار والبنية التحتية المهترئة والنقص الفادح في الموارد البشرية، ولن يتحدث أيضا عن حق بديهي ودستوري في التعليم كما أنه لن يكرر نفس الكلام الذي قاله سابقا، ولكنه يريد هذه المرة أن يحدث وزير التربية عن حادثة غريبة في حق أطفال رجيم معتوق وأشار إلى وصول حافلة نقل مدرسي منذ أكثر من سنتين إلى المندوبية الجهوية للتربية بقبلي لكن هذه الحافلة حسب وصفه:»ماتت وهي واقفة» جراء الإهمال والغبار والصمت من قبل الوزارة وفسر أنه كان من المفروض أن يتم من خلال هذه الحافلة نقل التلاميذ وتخفيف متاعب الطريق عليهم لكن الصدأ الذي كساها أصبح أثقل على نفوسهم من متاعب الطريق فرغم أنه لم يقع تشغيلها البتة لكنها تكسرت كما لو أنها قطعت الصحاري وظل الأطفال الصغار يمشون الكيلومترات على الأقدام والحافلة لا تتحرك فالتلاميذ يتعرقون والحافلة غطاها الصدأ والتلاميذ يكبرون ووزارة التربية بأكملها عاجزة عن توفير سائق لتلك الحافلة. وهو يعتر أن ما حدث ليس خطأ عابرا في إدارة جهوية بل هي جريمة تمتد لسنتين كاملتين وهي جريمة إدارية ومالية وأخلاقية وجريمة إهدار للمال العام وترذيل للدولة.

الانقطاع المبكر

وتوجهت عضوة مجلس نواب الشعب عواطف الشنيتي بتحية شكر وإكبار للأساتذة والمعلمين خاصة من درسوها بمدرسة دقة ومعهد تبرسق وكلية العلوم بتونس، واستحسنت قرار رئيس الجمهورية المتعلق بتسوية وضعيات المعملين والأساتذة النواب لكن مازالت هناك بعض الوضعيات الهشة العالقة التي تتطلب التسوية، وأشارت إلى تسجيل نقص فادح في عدد الأساتذة والمعلمين في باجة خاصة أساتذة الرياضات مع اكتظاظ في الأقسام وغياب الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين مما أدى إلى ارتفاع حالات الانتحار والانقطاع المبكر عن التعليم كما أشارت إلى غياب أعوان النظافة والحراسة والحال أنه تم العمل على ترسيم أعوان الحضائر وهناك مهم من كانوا يعملون في المؤسسات التربوية. وبينت أنه في تبرسق لا يوجد طباخ في معهد ابن أبي الضياف وهناك قسم في باب الجبلي ينتظر الترميم مند 2019 ومدرسة المعقولة الإعدادية مغلقة ومدرسة الحبيب بورقيبة آيلة للسقوط لكن لم يقع حل هذه المشاكل. وأضافت النائبة أن المعضلة الكبيرة تتمثل في غياب العدالة في التعليم، وفسرت أن أصحاب الشهادات العليا عندما يرغب أحدهم في إنشاء مؤسسة تربوية خاصة تتم مطالبته بتوفير 150 ألف دينار وهو عندما يتم قبوله من قبل مدرسة خاصة ضمن إطار التدريس لا يحصل على نفس الراتب الذي يحصل عليه متقاعد من سلك التربية فهو يحصل على 10 د مقابل ساعة تدريس أما المتقاعد فيحصل على 25 د وعبرت عن رفضها هذا التمييز واستفسرت الوزير إن كان سيتم اتخاذ إجراءات لمعالجة هذه الوضعيات لأنه من غير المنطقي أن يتم إلغاء المناولة بالنسبة إلى أعوان النظافة والحراسة والإبقاء عليها عندما يتعلق الأمر بأصحاب الشهادات العليا فهذه كارثة تبعث على الحزن ولا يمكن الصمت عنها  في تونس الجديدة. ونبهت الشنيتي وزير التربية إلى أن المدارس أصبحت مستباحة ففي غياب الحراسة يمكن لأي كان الدخول إليها ليعنف ويضرب وذكرت أن المخدرات تباع أمام باب المؤسسة التربوية وخلصت إلى وجود انفلات كبير. كما استفسرت عن برامج وزارة التربية ورؤيتها في إطار ترؤس وزير التربية للمجلس الأعلى للتربية وطالبت بتوفير إطار التدريس اللازم لمادتي الموسيقى والرسم بمدارس المناطق النائية وعدم حرمان تلاميذها الموهوبين.

وقال النائب الناصر الشنوفي إن قطاع التربية يهم ملايين التونسيين. ولاحظ أن العودة المدرسية هذا الموسم كانت أفضل من السنوات الفارطة من حيث توفير الإطار التربوي وعبر عن أمله في أن تكون السنة القادمة أحسن من هذا العام، وأشار إلى ضعف في التحصيل المدرسي يعود إلى نقص في التكوين وتقادم المحتوى المدرسي ففي المواد الاجتماعية على سبيل الذكر لم يقع تحيين المعلومات وهو ما انعكس على نتائج البكالوريا. وقال إنه يجب معالجة هذه النقائص في إطار المجلس الأعلى للتربية والإصلاح التربوي المرتقب، كما توجد مشاكل لوجستية وتفاوت بين مدارس حظيت بالعناية وأخرى ليس بعد. وعدد الشنوفي النقائص التي تعاني منها المدارس والمعاهد الكائنة بدائرة بئر مشارقة الفحص بولاية زغوان وطالب الوزير بالعمل على معالجتها في أسرع الآجال كما أكد على أهمية العناية بالتنشيط الثقافي بالمبيتات المدرسية بالإعداديات والمعاهد لأن التلميذ يجد نفسه مساء الجمعة والسبت بين الأسوار وهناك حسب قوله  292 مبيتا في كامل الجمهورية يقيم بها قرابة 30 ألف تلميذ. وأثار الشنوفي النقائص التي يعاني منها النقل المدرسي خاصة بين المقرن والفحص وطالب السلط الجهوية بزغوان بتحمل المسؤولية وإيجاد حلول لمشكل النقل الذي يعاني منه التلاميذ ويرى النائب أنه لا بد من توفير النقل لتلاميذ الأرياف في بئر مشارقة والفحص خاصة وأنه قد تم صلب ميزانية وزارة التربية برمجة اقتناء حافلات مدرسية. وذكر أن تلاميذ جبل الوسط يعانون من صعوبة التنقل بين بئر مشارقة وجبل الوسط. ودعا النائب إلى خلاص المتفقدين الذين قاموا بتأمين التكوين، وطالب بمراعاة مطالب المرشدين مع منح القطاع الخاص القيمة التي يستحقها ومتابعته ومراقبته في جميع المراحل سواء بالابتدائي أو الإعدادي أو الثانوي.

وتحدثت عضوة مجلس نواب الشعب نورة الشبراك عما يتم تناقله في مواقع التواصل الاجتماعي من فيديوهات فيها تلاميذ يقومون بتصرفات عفوية يمكنها أن تستخلص منها أن المدرسة العمومية أصبحت غير قادرة على تقديم مادة تستوعب بها التلاميذ وتخاطبهم باللغة التي يفهمونها فهؤلاء التلاميذ ولدوا في عصر الرقمنة وهم يستعلمون التكنولوجيات الحديثة للاتصال منذ أن كانوا في الثانية من أعمارهم وذكرت أن القطاع الخاص في المقابل التقط تلك الرسالة واستوعب التلاميذ. وفسرت أن ما يقوم به الأطفال من خلال نشر تلك الفيديوهات هو عبارة عن ردة فعل لأنهم لم يجدوا من ينصت إليهم ويحتويهم  ولأنه لم يقع تغيير المناهج وطرق التدريس وسألت النائبة الوزير لماذا لا يقع فتح نوادي حوارية بالمؤسسات التربوية وتمكين التلاميذ من استعمال الوسائل التكنولوجية عوضا عن أن يقع التعامل معهم كما لو أنهم أعداء فالمطلوب من الكبار مواكبة خطواتهم. وأثارت الشبراك مشاكل النقل التي يعاني منها تلاميذ قربة وخاصة تلاميذ  القصبات الذين يدرسون في إعدادية قرعة ساسي وعددهم 50 تلميذا وتلاميذ بني مشكال وتساءلت لماذا لا تقوم وزارة التربية بمعاضدة جهود وزارة النقل في توفر حافلات لنقل هؤلاء التلاميذ.

وقال عضو مجلس نواب الشعب لطفي الهمامي إن التربية في تونس تتمتع بمكانة مركزية تاريخيا حيث كانت ومازالت ركيزة أساسية لبناء الدولة الحديثة بعد الاستقلال، وأضاف أن المنظومة التربوية تواجه أزمة مركبة وتحديات مثل قلة الموارد المالية وضعف المنظومة التعليمية كما تعاني من الاكتظاظ مما يصعب معه على المعلمين تطبيق طرق التدريس الحديثة فضلا عن نقص الوسائل التعليمية وضعف البنية التحتية. ولاحظ أن البنية التحتية مازالت غير ملائمة للمدرسة الحديثة وتحدث الهمامي عن مشاكل العنف المدرسي وكثافة المناهج ونقص المعلمين وتدني مستوى التحصيل الأكاديمي وتكوين المعلمين وارتفاع تكاليف التعليم وضعف ميزانية التربية. وقال انه سبق له أن أطلع وزير التربية عن النقائص الموجودة بالمؤسسات التربوية بالعمران الأعلى والعمران بالعاصمة كما توجه للوزير بأسئلة كتابية لكن الإجابة لم تكن مقنعة حسب وصفه وأضاف أنه متى كانت الحقيقة مزعجة فلا يمكن استبدالها بالأوهام.

وقال عضو مجلس نواب الشعب عبد السلام الدحماني إن مهمة التربية لسنة 2026 سرد لشتات من الآراء حول المسألة العامة بجمل منمقة واستعمال لمصطلحات ومفاهيم للإيحاء بالانخراط في معركة بناء منظومة تربوية ترسخ العدالة التربوية وتكافؤ الفرص، وبين أنه خارج الوثيقة التي قدمتها وزارة التربية فإن واقع التربية مؤلم ولا يمكن لأي خطاب أن يخفيه حتى وأن استعمل كل المفردات. وتساءل أين الوزارة من جريمة التلوث في قابس ومما تعرض له التلاميذ في جهته من إرهاب نفسي وجسدي؟ وسأل الوزير إن كان قد كلف نفسه عناء التنقل إلى مستشفى الرابطة للاطمئنان على حالتهم الصحية. وذكر أن وزارة التربية في حالة لا مبالاة كما أن الأمر حدث لتلاميذ في دولة أخرى. وبأسلوب ساخر وجه النائب انتقادات لاذعة لوزارة التربية وقال إن الوزارة منشغلة بمعالجة الملفات المهمة من غياب وسائل النقل المدرسي في الأرياف مثل الغندري وسيدي سلام والجوابيت والبراوكة وغيرها  ومنشغلة بتوزيع الإطار التربوي بإحكام على المدارس بدليل بقاء التلاميذ خارج الأقسام والحال أن الامتحانات على الأبواب وهي منشغلة بفتوى مفادها أن أستاذ الإعلامية قادر على تدريس الرياضيات وهي بذلك قد تطلب لاحقا من أستاذ التربية التشكيلية أن يدرس التقنية وهي منشغلة بالحالات الإنسانية وتقريب الأزواج لتبرير حالة العبث بالنقل. وأضاف أن وزارة التربية مهتمة بإعاشة التلاميذ لكن وفق سياسة التقشف بدليل أن التلاميذ في المطاعم المدرسية بولاية قابس لم يأكلوا اللحم منذ بداية السنة الدراسية وخلص إلى أن الوزارة منشغلة بكل هذه المسائل فكيف تتم مطالبتها بحل مشاكل الأستاذة العاملين في المدارس الخاصة وبفتح تحقيق في النيابات التي شابها الكثير من التلاعب وحل ملف المرشدين التطبيقيين الناجحين غير المتعاقدين ومعالجة المسائل الحارقة مثل الفساد في المندوبيات الجهوية والمحاباة والمحسوبية وتنامي ظاهرة العنف.

سعيدة بوهلال

 في مناقشة ميزانية مهمة التربية..   مطالبة بإصلاح التعليم ومراقبة المدارس الخاصة

بحضور وزير التربية نور الدين النوري عقد مجلس نواب الشعب جلسة عامة مشتركة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم بقصر باردو لنقاش مهمة التربية بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2026. وطالب النواب بالخصوص بالقيام بإصلاح تربوي شامل تتم من خلاله مراجعة المناهج والبرامج والمسالك وطرق التدريس وخاصة إعادة النظر في الزمن المدرسي وكثرة المواد وتعدد الكتب وكثافة الدروس حتى أن النائب لطفي السعداوي تساءل ما هذا؟ واستدل بمادة التاريخ بالسادسة ابتدائي وقال إن التلميذ يدرس محاور تمتد من الفترة القديمة  إلى الفترة المعاصرة ويدرس تاريخ الحركة الإصلاحية في تونس والحركة الوطنية ومؤتمر قصر هلال.

في حين هناك من يرى أنه لا يمكن الحديث اليوم عن إصلاح تربوي إلا بعد انطلاق المجلس الأعلى للتربية في أعماله بصفة فعلية. كما عدد النواب النقائص التي تشكو منها المنظومة التربوية وتحدثوا في هذا السياق عن الوضعية الصعبة للبنية التحتية للكثير من المؤسسات التربوية الكائنة في دوائرهم الانتخابية وجهاتهم، وطالبوا بترميمها وصيانتها وتهيئتها وإقامة أسوار تحصنها من الدخلاء مع تحسين ظروف التعلم فيها وتوفير التجهيزات العصرية والوسائل التكنولوجية الحديثة وإدماج الذكاء الاصطناعي حتى تكون المدرسة العمومية مثلها مثل المؤسسات الخاصة جاذبة للتلميذ وليست منفرة أو طاردة. وعبر الكثير من أعضاء البرلمان عن انشغالهم بالمشاكل التي تعاني منها المدرسة العمومية وفي مقدمتها اتساع الفجوة بين الجهات على مستوى المكتسبات ونتائج الامتحانات الوطنية وعلى مستوى نسب الرسوب والانقطاع المبكر، كما حذروا من تنامي ظاهرة العنف في الوسط المدرسي ومن تزايد مخاطر المخدرات التي يتم بيعها أمام أبواب المؤسسات التربوية وطالبوا بانتداب أخصائيين نفسيين واجتماعيين لفائدة هذه المؤسسات، واستفسروا عن حالة المبيتات وطالبوا بتحسين ظروف الإقامة فيها وبتوفير الإعاشة. وتوجه نواب الشعب لوزير التربية بكم كبير من الملاحظات والمقترحات والتوصيات وخاصة منها توفير النقل المدرسي. وهناك من اقترح مراجعة سلم الأجور والمنح بمراعاة نسبة التضخم والمقدرة الشرائية وتعزيز الحماية القانونية للمربي داخل المؤسسة التربوية وخارجها.

رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم عماد الدربالي أشار إلى أن لحظة الحقيقة قد حلت فالمدرسة التونسية، حسب قوله، في حاجة إلى إصلاحات عميقة تعيد تعريف هدف التعليم ودوره في تشكيل الأجيال. ويرى أنه آن الأوان لاعتماد سياسات تعليمية جديدة وشجاعة تعزز المكاسب وتنهي التفاوت الجهوي الذي عانت منه المؤسسات التربوية طيلة عقود، وأكد أن حرمان آلاف الأطفال في الأرياف والأحياء من مدرسة آمنة ومجهزة ومنصفة لم يعد مقبولا، فإنصاف المدرسة يتطلب عدالة شاملة تجعل التعليم قوة دفع للتنمية. ولاحظ أنه رغم كل الهنات الناجمة عن الخيارات اللاوطنية واللاشعبية التي اعتمدتها المنظومات السابقة فإن مسار البناء والتحرر أثبت حضوره بصفة عملية من خلال جملة من الإجراءات. وثمن رئيس المجلس الإجراء الذي أطلقه رئيس الجمهورية والمتمثل في إحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم الذي سيشكل ركيزة أساسية لإعادة بناء القرار التربوي على أسس علمية وإستراتجية ويضمن استمرارية سياسة الدولة في التعليم بعيدا عن التقلبات الظرفية. واستحسن الدربالي الرؤية الجديدة في التأسيس لتعليم عصري تنويري باعتباره شرطا من شروط السيادة الوطنية وأضاف أنه من هذا المنطلق فإن تكريس حق التمدرس ووجوبية التعليم وإعادة النظر في أهداف ومضامين المنظومة التربوية ضرورة وطنية. وقال إنه يجب إعادة الاعتبار للهوية الوطنية في المناهج والتحرر من المركزية المعرفية الغربية التي لم تعد تتماشى مع مشروع الدولة الوطنية.

ثورة معرفية

 وقال رئيس الغرفة النيابية الثانية عماد الدربالي :»كما أن تعزيز مكانة اللغة العربية في التعليم والبحث العلمي يمثل خطوة ضرورية لإنجاح مشروع التعليم وفق خطط واضحة وجريئة». وبين أن إصلاح التعليم يمثل إحدى المعارك الجوهرية في مسار التحرر الوطني فتونس لا يمكنها مواصلة تكوين كفاءات عالية تهاجر لتخدم اقتصاديات أخرى. وذكر أن هناك حاجة لتعليم يمنح أبناء تونس فرصة لصناعة اقتصاد المعرفة داخل الوطن وفسر أنه يعلم كلفة هذا الإصلاح لكنه يؤكد على قيمة الاستثمار في الرقمنة وتحديث المناهج وتطوير كفاءة المربي، ويبقى الطريق الفعلي لبناء مدرسة تونسية جديدة قادرة على إنتاج المعرفة  هو الاستثمار في التربية، حسب رأيه. وأكد أن الشعب لا يتطلع إلى تحسين البنية التحتية وتعزيز الوسائط الرقمية رغم أهميتها بل يتطلع إلى ما هو أعمق فهناك حاجة لرؤية تربوية تعيد الاعتبار للعقل التونسي وتواكب تطور العلوم واحتياجات المجتمع باعتبارها أولويات وطنية حقيقية تخدم مشروع الدولة في التحرر والبناء.

أما رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة فبين في مفتتح الجلسة العامة أن تونس آمنت منذ الاستقلال بدور التعليم في رقي المجتمعات وفي تحقيق التطور والتقدم وفي تنمية المهارات اللازمة للتعامل مع التحديات المتسارعة  لذلك جعلت الدولة الوطنية من التربية والتعليم أحد أعمدة الحداثة الركيزة الأساسية لبناء المجتمع وتحقيق ازدهاره. وأضاف أنه رغم ذلك فإن العديد من العوامل أدت إلى ما يشهده هذا القطاع اليوم من مشاكل كبيرة وصعوبات عديدة تؤثر على جودته وفاعليته وفسر أن هذه المشاكل تتراوح من ضعف التمويل إلى نقص في الموارد البشرية، فضلا عن التحديات الاجتماعية والثقافية التي يواجهها هذا القطاع الحيوي والتي تعيق تحقيق أهدافه. ولاحظ بودربالة أن مختلف المشكلات التعليمية التي أضحت اليوم من أبرز التحديات التي تعترض إعادة البريق للمدرسة التونسية لا يمكن تجاوزها إلا من خلال تعاون مشترك بين مؤسسات الدولة المعنية بمساندة الأسرة وبدعم من المجتمع. فهو يرى أن هذا التعاون لا يتحقق بالشكل المطلوب إلا عبر فهم أسباب تلك المشاكل واقتراح حلول فعالة ومتكاملة لمعالجتها واتخاذ خطوات واقعية ومنظمة تشمل الجوانب الاقتصادية والبشرية والتقنية وغيرها من الجوانب التي تتعلق بالمناهج الدراسية وبالبنية التحتية للمؤسسات التربوية. وقال رئيس المجلس إن دسترة الحق في التعليم وإقرار مجانيته وإجباريته وإجراء الاستشارة الوطنية حول التربية والتعليم في خطوة أولى على درب الإصلاح التربوي المنشود واعتزام تركيز المجلس الأعلى للتربية والتعليم في أقرب الآجال، كلها دون شك عوامل مساعدة على الانطلاق في أفضل الظروف في بلورة رؤية إصلاحية مدروسة وشاملة، رؤية تعليمية متقدمة تواكب تطلعات الشعب التونسي وتخدم مسيرة البناء والتقدم والازدهار وتمكّن من بناء منظومة تعليمية متطورة تحقق التميز والإبداع والتنمية وتسهم في بناء جيل واعد ومؤهل للارتقاء بالبلاد إلى أعلى المراتب. 

أرقام ونسب

وقبل الشروع في النقاش العام لمهمة التربية استعرض مقرر لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بالغرفة النيابية الأولى نجيب عكرمي بمعية مقرر لجنة الخدمات والتنمية الاجتماعية بالغرفة النيابية الثانية علي الماجري تقريرا مشتركا بين اللجنتين حول هذه المهمة. ومن بين ما جاء في التقرير أن الإعتمادات التي تم رصدها لفائدة وزارة التربية في حدود 8.700 مليون دينار لسنة 2026 مقابل 8.044 مليون دينار سنة 2025 مسجلة زيادة بمبلغ 656 مليون دينار وتمثل نسبة التطور 8 فاصل 16 بالمائة، وبذلك تمثل ميزانية مهمة التربية 13 فاصل 68 بالمائة من إجمالي الميزانية العامة للدولة لسنة 2026.  ويبلغ عدد أعوان وموظفي القطاع التربوي المرخص فيهم إلى موفى العام المقبل 220.254 منهم 4.409 ملحقين في إطار التعاون الفني و86.034 في المرحلة الابتدائية و122.652 في المرحلتين الإعدادية والثانوية والبقية موزعين على برنامج القيادة والمساندة.

وتتضمن مهمة التربية ثلاثة برامج وهي المرحلة الابتدائية والمرحلة الإعدادية والتعليم الثانوي والقيادة والمساندة وتتوزع النفقات على النحو التالي: برنامج المرحلة الابتدائية  3.233 فاصل 482 ألف دينار،  وبرنامج المرحلة الإعدادية والتعليم الثانوي 4.601 فاصل 538 ألف دينار وبرنامج القيادة والمساندة 864 فاصل 980 ألف دينار. وتتمثل أهداف مهمة التربية في تعميم السنة التحضيرية وضمان جودتها لكل التلاميذ إناثا وذكورا وتجويد مكتسبات التلاميذ بالمرحلة الابتدائية وتطوير الحياة المدرسية وجعل المؤسسة التربوية جاذبة للتلاميذ وتحسين مكتسبات التلاميذ وتوفير بيئة تعليمية جاذبة وآمنة وتطوير حوكمة المهمة وتطوير الموارد البشرية وضمان ديمومة الميزانية وترشيد التصرف في الموارد المالية.

وتم ضمن مشروع ميزانية مهمة التربية لسنة 2026 برمجة 18349 انتدابا بإعتمادات قدرها 722 فاصل 4 مليون دينار. فبالنسبة إلى المرحلة الابتدائية سيتم تخصيص 4.811 خطة لتسوية وضعيات النواب  وانتداب حاملي الإجازة التطبيقية في التربية والتعليم دفعة جوان 2024 في حدود 2.601 خطة أما في المرحلتين الإعدادية والتعليم الثانوي ستتم تسوية وضعية الأساتذة النواب بالإعدادي والثانوي في حدود 9.026 خطة وانتداب 100 خطة من خرجي دار المعلمين العليا وتسوية وضعية 1.226 متعاقدا من أعوان التأطير والمخابر وتسوية وضعية عملة الحضائر. 

 وتم ضبط نفقات الاستثمار بملغ قدره 717 مليون دينار منها 157مليون دينار لإحداث 19 مؤسسة جديدة وتم تخصيص 392 فاصل 1 مليون دينار لتأهيل البنية التحتية بالمؤسسات التربوية أي بزيادة تفوق 51 بالمائة  مقارنة بسنة 2.025 بما يسمح بتعهد 464 مؤسسة تربوية بالصيانة وتم تخصيص  141 مليون دينار لاقتناء تجهيزات إعلامية ومكتبية  كما تمت برمجة اقتناء 73 حافلة لتأمين النقل المدرسي الريفي.

إصلاح طال انتظاره

وقبل تلاوة التقرير المتعلق بمهمة التربية، قال رئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بمجلس نواب الشعب كمال فراح إن تونس راهنت منذ فجر الاستقلال على التعليم واعتبرته رافعة للتنمية الاقتصادية والثقافية ومصعدا اجتماعيا لتحسين ظروف العيش وتقلد المناصب العليا في الدولة، وأضاف أنه تبعا لذلك تتالت الإصلاحات،  وأشار في هذا الصدد إلى الإصلاح الذي تم سنة 1958، والإصلاح الذي تم سنة 1991، ثم الإصلاح الذي تم سنة 2002 وبذلك انتشر التعليم في المدن والقرى والأرياف والبوادي وتراجعت نسبة الأمية بشكل ملفت للنظر وأصبحت الكفاءات التونسية مشهود لها على الصعيد العالمي.

 ويرى فراح أنه رغم النتائج الإيجابية التي تم تحقيقها فإن منظومة التعليم في تونس أمست تعاني من نقاط ضعف متعددة على مستوى البنية التحتية والموارد وضعف جودة التعليم وإشكاليات في البرامج والمناهج وتردي وضعية المدرسين والبيروقراطية وضعف الحوكمة وعدم التلاؤم مع سوق الشغل واتساع الفوارق الاجتماعية والجهوية والضغط النفسي والاجتماعي المسلط على التلاميذ وعلى العائلات إضافة إلى هشاشة المدرسة أمام اجتياح ظواهر مستجدة كالعنف المدرسي والإدمان وظواهر التطرف. وأضاف رئيس اللجنة أنه في ظل التحول الرقمي الذي يعيشه العالم والذي أثر على مناهج التدريس وأدواته فقد بات لزاما على قطاع التربية بتونس، أن يواكب هذه التحولات ويفرض وجوده في التصنيفات العالمية. وذكر أنه في هذا الإطار تتنزل الإجراءات الهامة التي تم اتخاذها من قبل رئيس الجمهورية والمتمثلة في دسترة المجلس الأعلى للتربية وإطلاق الاستشارة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية وتسوية ملف المعلمين والأساتذة النواب. وبين فراح أنه لئن يثمن تلك القرارات والإجراءات فإن لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة تدعو إلى ضرورة الإسراع بتفعيل دور المجلس الأعلى للتربية وإصدار الإصلاح التربوي الذي طال انتظاره، وتسوية وضعيات مهنية أخرى مازالت عالقة.

وقالت نائبة رئيس لجنة الخدمات والتنمية الاجتماعية  بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم ريم بالحاج محمد إن التربية في تونس تعد أحد أهم ركائز بناء الإنسان والتنمية الشاملة وأنها لعبت منذ الاستقلال دورا أساسيا في رفع نسبة التمدرس وتقليص الأمية وتكوين أجيال من الكفاءات. وأضافت أن التربية أخلاق وعلم وعمل وهي من أهم ركائز بناء الإنسان التونسي وتعزيز المناعة المجتمعية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وذكرت أن التعليم يبدأ من رياض الأطفال والمحاضن المدرسية وهي مرحلة أولى لتأهيل الطفل للاندماج المدرسي وتطوير مهاراته في سن مبكرة، وبينت أنه في المرحلة الثانية يهدف التعليم إلى تكوين قاعدة معرفية مشتركة في العلوم واللغات والتربية والمهارات الحياتية.

ولإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية كفضاء للتعلم والإدماج ولصناعة المستقبل، طالبت نائبة رئيس اللجنة ببرنامج وطني عاجل لإعادة تأهيل المؤسسات التربوية وتخصيص إعتمادات إضافية قارة للتهيئة والصيانة حفاظا على كرامة التلاميذ وجودة تعليمهم. ولاحظت أن الإحساس بتراجع مكانة المربي اجتماعيا ومهنيا يتطلب معالجة عاجلة عبر تحسين ظروف العمل وتوفير خطة للتكوين المستمر وتعزيز آليات الانتداب المبني على الكفاءة والحاجيات الحقيقية للمؤسسات التربوية. وأشارت إلى وجود حاجة لمراجعة شاملة للبرامج الدراسية لتكون متماشية مع حاجيات الاقتصاد الوطني ومع التطور الرقمي ورهانات المستقل. وأكدت بالحاج محمد على ضرورة دعم المواد العلمية واللغات والتربية الرقمية وتعزيز الأنشطة الثقافية والرياضة داخل المدارس. ودعت إلى التسريع بإرساء المدرسة الرقمية وتوفير المعدات والأنظمة المعلوماتية في كل المؤسسات بما من شأنه أن يمكن من تحسين نسب المتابعة والتقييم. ونبهت نائبة رئيس اللجنة من أن نسب الانقطاع المدرسي تشكل تهديدا خطيرا لمستقبل البلاد وهو ما يدعو حسب رأيها إلى دعم البرامج الموجهة للعائلات محدودة الدخل وتطوير منظومة التوجيه المدرسي والمهني لضمان تكافؤ الفرص. وخلصت إلى أنه بالتربية تبنى الأجيال عماد المستقبل جنود الوطن. وذكرت أن الاستثمار في التربية ليس إنفاقا اجتماعيا فحسب بل هو استثمار في مستقبل البلاد وهو ما يتطلب من وزارة التربية اعتماد رؤية إصلاحية شاملة واقعية وقابلة للتنفيذ تقوم على الحوكمة الجيدة وعلى تشريك كل الأطراف من مربين وأولياء وخبراء.

حقوق مشروعة   

 لدى حديثه عن مهمة التربية لسنة 2026 أشار عضو مجلس نواب الشعب رمزي الشتوي إلى أنه قد سبق له أن قدم لوزير التربية مطالب أهالي توزر التي تمثل حقوقا أساسية لا يمكن تجاهلها أو تأجيلها وهو يعيد التذكير بهذه المطالب المتمثلة في إحداث معهد جديد في الجهة إذ توفرت قطعة أرض وهي على ملك المندوبية الجهوية للتربية بتوزر وتقع بجانبها وتساءل عن مآل هذا المشروع. واقترح النائب على الوزير إمكانية استغلال المقر القديم للمندوبية غير المستغل وتحويله إلى مركز بيداغوجي ثقافي يستفيد منه التلاميذ والإطار التربوي وينعش الحياة المدرسية في الجهة. وطالب الشتوي بتحويل معهد حامة الجريد إلى معهد رياضي نموذجي يفتح آفاقا جديدة لشباب الجهة نظرا إلى أن توزر تزخر بالمواهب الرياضية. ودعا إلى تحويل ضيعة بالجهة إلى مركز للتأهيل المهني وهو مشروع جاهز قادر على خلق نواة تكوين حديثة تتماشى مع خصوصيات توزر وطالب وزير التربية بدعم المندوبية الجهوية للتربية بتوزر بوسائل نقل جديدة لتسهيل التنقل للمركز ومتابعة وضعية المدارس والمعاهد المنتشرة بالجهة. واستفسر  عن مصير المنسقين الجهويين للمدارس وإن كانت وزارة التربية تتجه إلى المحافظة على خطة المنسق الجهوي وتدعيم دورها أم يوجد توجه لإعادة هيكلتها أو تعوضيها بآلية جديدة لأن هذا الملف ظل معلقا وبقي المنسقون يعيشون حالة من الغموض وهو ما يقتضي توضيح مصيرهم.

حافلة دون سائق

وقال عضو مجلس نواب الشعب إلياس بوكوشة أنه لن يتحدث عن قطاع التربية والتعليم في الفوار ورجيم معتوق بولاية قبلي ولا عن الوضع المنهار والبنية التحتية المهترئة والنقص الفادح في الموارد البشرية، ولن يتحدث أيضا عن حق بديهي ودستوري في التعليم كما أنه لن يكرر نفس الكلام الذي قاله سابقا، ولكنه يريد هذه المرة أن يحدث وزير التربية عن حادثة غريبة في حق أطفال رجيم معتوق وأشار إلى وصول حافلة نقل مدرسي منذ أكثر من سنتين إلى المندوبية الجهوية للتربية بقبلي لكن هذه الحافلة حسب وصفه:»ماتت وهي واقفة» جراء الإهمال والغبار والصمت من قبل الوزارة وفسر أنه كان من المفروض أن يتم من خلال هذه الحافلة نقل التلاميذ وتخفيف متاعب الطريق عليهم لكن الصدأ الذي كساها أصبح أثقل على نفوسهم من متاعب الطريق فرغم أنه لم يقع تشغيلها البتة لكنها تكسرت كما لو أنها قطعت الصحاري وظل الأطفال الصغار يمشون الكيلومترات على الأقدام والحافلة لا تتحرك فالتلاميذ يتعرقون والحافلة غطاها الصدأ والتلاميذ يكبرون ووزارة التربية بأكملها عاجزة عن توفير سائق لتلك الحافلة. وهو يعتر أن ما حدث ليس خطأ عابرا في إدارة جهوية بل هي جريمة تمتد لسنتين كاملتين وهي جريمة إدارية ومالية وأخلاقية وجريمة إهدار للمال العام وترذيل للدولة.

الانقطاع المبكر

وتوجهت عضوة مجلس نواب الشعب عواطف الشنيتي بتحية شكر وإكبار للأساتذة والمعلمين خاصة من درسوها بمدرسة دقة ومعهد تبرسق وكلية العلوم بتونس، واستحسنت قرار رئيس الجمهورية المتعلق بتسوية وضعيات المعملين والأساتذة النواب لكن مازالت هناك بعض الوضعيات الهشة العالقة التي تتطلب التسوية، وأشارت إلى تسجيل نقص فادح في عدد الأساتذة والمعلمين في باجة خاصة أساتذة الرياضات مع اكتظاظ في الأقسام وغياب الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين مما أدى إلى ارتفاع حالات الانتحار والانقطاع المبكر عن التعليم كما أشارت إلى غياب أعوان النظافة والحراسة والحال أنه تم العمل على ترسيم أعوان الحضائر وهناك مهم من كانوا يعملون في المؤسسات التربوية. وبينت أنه في تبرسق لا يوجد طباخ في معهد ابن أبي الضياف وهناك قسم في باب الجبلي ينتظر الترميم مند 2019 ومدرسة المعقولة الإعدادية مغلقة ومدرسة الحبيب بورقيبة آيلة للسقوط لكن لم يقع حل هذه المشاكل. وأضافت النائبة أن المعضلة الكبيرة تتمثل في غياب العدالة في التعليم، وفسرت أن أصحاب الشهادات العليا عندما يرغب أحدهم في إنشاء مؤسسة تربوية خاصة تتم مطالبته بتوفير 150 ألف دينار وهو عندما يتم قبوله من قبل مدرسة خاصة ضمن إطار التدريس لا يحصل على نفس الراتب الذي يحصل عليه متقاعد من سلك التربية فهو يحصل على 10 د مقابل ساعة تدريس أما المتقاعد فيحصل على 25 د وعبرت عن رفضها هذا التمييز واستفسرت الوزير إن كان سيتم اتخاذ إجراءات لمعالجة هذه الوضعيات لأنه من غير المنطقي أن يتم إلغاء المناولة بالنسبة إلى أعوان النظافة والحراسة والإبقاء عليها عندما يتعلق الأمر بأصحاب الشهادات العليا فهذه كارثة تبعث على الحزن ولا يمكن الصمت عنها  في تونس الجديدة. ونبهت الشنيتي وزير التربية إلى أن المدارس أصبحت مستباحة ففي غياب الحراسة يمكن لأي كان الدخول إليها ليعنف ويضرب وذكرت أن المخدرات تباع أمام باب المؤسسة التربوية وخلصت إلى وجود انفلات كبير. كما استفسرت عن برامج وزارة التربية ورؤيتها في إطار ترؤس وزير التربية للمجلس الأعلى للتربية وطالبت بتوفير إطار التدريس اللازم لمادتي الموسيقى والرسم بمدارس المناطق النائية وعدم حرمان تلاميذها الموهوبين.

وقال النائب الناصر الشنوفي إن قطاع التربية يهم ملايين التونسيين. ولاحظ أن العودة المدرسية هذا الموسم كانت أفضل من السنوات الفارطة من حيث توفير الإطار التربوي وعبر عن أمله في أن تكون السنة القادمة أحسن من هذا العام، وأشار إلى ضعف في التحصيل المدرسي يعود إلى نقص في التكوين وتقادم المحتوى المدرسي ففي المواد الاجتماعية على سبيل الذكر لم يقع تحيين المعلومات وهو ما انعكس على نتائج البكالوريا. وقال إنه يجب معالجة هذه النقائص في إطار المجلس الأعلى للتربية والإصلاح التربوي المرتقب، كما توجد مشاكل لوجستية وتفاوت بين مدارس حظيت بالعناية وأخرى ليس بعد. وعدد الشنوفي النقائص التي تعاني منها المدارس والمعاهد الكائنة بدائرة بئر مشارقة الفحص بولاية زغوان وطالب الوزير بالعمل على معالجتها في أسرع الآجال كما أكد على أهمية العناية بالتنشيط الثقافي بالمبيتات المدرسية بالإعداديات والمعاهد لأن التلميذ يجد نفسه مساء الجمعة والسبت بين الأسوار وهناك حسب قوله  292 مبيتا في كامل الجمهورية يقيم بها قرابة 30 ألف تلميذ. وأثار الشنوفي النقائص التي يعاني منها النقل المدرسي خاصة بين المقرن والفحص وطالب السلط الجهوية بزغوان بتحمل المسؤولية وإيجاد حلول لمشكل النقل الذي يعاني منه التلاميذ ويرى النائب أنه لا بد من توفير النقل لتلاميذ الأرياف في بئر مشارقة والفحص خاصة وأنه قد تم صلب ميزانية وزارة التربية برمجة اقتناء حافلات مدرسية. وذكر أن تلاميذ جبل الوسط يعانون من صعوبة التنقل بين بئر مشارقة وجبل الوسط. ودعا النائب إلى خلاص المتفقدين الذين قاموا بتأمين التكوين، وطالب بمراعاة مطالب المرشدين مع منح القطاع الخاص القيمة التي يستحقها ومتابعته ومراقبته في جميع المراحل سواء بالابتدائي أو الإعدادي أو الثانوي.

وتحدثت عضوة مجلس نواب الشعب نورة الشبراك عما يتم تناقله في مواقع التواصل الاجتماعي من فيديوهات فيها تلاميذ يقومون بتصرفات عفوية يمكنها أن تستخلص منها أن المدرسة العمومية أصبحت غير قادرة على تقديم مادة تستوعب بها التلاميذ وتخاطبهم باللغة التي يفهمونها فهؤلاء التلاميذ ولدوا في عصر الرقمنة وهم يستعلمون التكنولوجيات الحديثة للاتصال منذ أن كانوا في الثانية من أعمارهم وذكرت أن القطاع الخاص في المقابل التقط تلك الرسالة واستوعب التلاميذ. وفسرت أن ما يقوم به الأطفال من خلال نشر تلك الفيديوهات هو عبارة عن ردة فعل لأنهم لم يجدوا من ينصت إليهم ويحتويهم  ولأنه لم يقع تغيير المناهج وطرق التدريس وسألت النائبة الوزير لماذا لا يقع فتح نوادي حوارية بالمؤسسات التربوية وتمكين التلاميذ من استعمال الوسائل التكنولوجية عوضا عن أن يقع التعامل معهم كما لو أنهم أعداء فالمطلوب من الكبار مواكبة خطواتهم. وأثارت الشبراك مشاكل النقل التي يعاني منها تلاميذ قربة وخاصة تلاميذ  القصبات الذين يدرسون في إعدادية قرعة ساسي وعددهم 50 تلميذا وتلاميذ بني مشكال وتساءلت لماذا لا تقوم وزارة التربية بمعاضدة جهود وزارة النقل في توفر حافلات لنقل هؤلاء التلاميذ.

وقال عضو مجلس نواب الشعب لطفي الهمامي إن التربية في تونس تتمتع بمكانة مركزية تاريخيا حيث كانت ومازالت ركيزة أساسية لبناء الدولة الحديثة بعد الاستقلال، وأضاف أن المنظومة التربوية تواجه أزمة مركبة وتحديات مثل قلة الموارد المالية وضعف المنظومة التعليمية كما تعاني من الاكتظاظ مما يصعب معه على المعلمين تطبيق طرق التدريس الحديثة فضلا عن نقص الوسائل التعليمية وضعف البنية التحتية. ولاحظ أن البنية التحتية مازالت غير ملائمة للمدرسة الحديثة وتحدث الهمامي عن مشاكل العنف المدرسي وكثافة المناهج ونقص المعلمين وتدني مستوى التحصيل الأكاديمي وتكوين المعلمين وارتفاع تكاليف التعليم وضعف ميزانية التربية. وقال انه سبق له أن أطلع وزير التربية عن النقائص الموجودة بالمؤسسات التربوية بالعمران الأعلى والعمران بالعاصمة كما توجه للوزير بأسئلة كتابية لكن الإجابة لم تكن مقنعة حسب وصفه وأضاف أنه متى كانت الحقيقة مزعجة فلا يمكن استبدالها بالأوهام.

وقال عضو مجلس نواب الشعب عبد السلام الدحماني إن مهمة التربية لسنة 2026 سرد لشتات من الآراء حول المسألة العامة بجمل منمقة واستعمال لمصطلحات ومفاهيم للإيحاء بالانخراط في معركة بناء منظومة تربوية ترسخ العدالة التربوية وتكافؤ الفرص، وبين أنه خارج الوثيقة التي قدمتها وزارة التربية فإن واقع التربية مؤلم ولا يمكن لأي خطاب أن يخفيه حتى وأن استعمل كل المفردات. وتساءل أين الوزارة من جريمة التلوث في قابس ومما تعرض له التلاميذ في جهته من إرهاب نفسي وجسدي؟ وسأل الوزير إن كان قد كلف نفسه عناء التنقل إلى مستشفى الرابطة للاطمئنان على حالتهم الصحية. وذكر أن وزارة التربية في حالة لا مبالاة كما أن الأمر حدث لتلاميذ في دولة أخرى. وبأسلوب ساخر وجه النائب انتقادات لاذعة لوزارة التربية وقال إن الوزارة منشغلة بمعالجة الملفات المهمة من غياب وسائل النقل المدرسي في الأرياف مثل الغندري وسيدي سلام والجوابيت والبراوكة وغيرها  ومنشغلة بتوزيع الإطار التربوي بإحكام على المدارس بدليل بقاء التلاميذ خارج الأقسام والحال أن الامتحانات على الأبواب وهي منشغلة بفتوى مفادها أن أستاذ الإعلامية قادر على تدريس الرياضيات وهي بذلك قد تطلب لاحقا من أستاذ التربية التشكيلية أن يدرس التقنية وهي منشغلة بالحالات الإنسانية وتقريب الأزواج لتبرير حالة العبث بالنقل. وأضاف أن وزارة التربية مهتمة بإعاشة التلاميذ لكن وفق سياسة التقشف بدليل أن التلاميذ في المطاعم المدرسية بولاية قابس لم يأكلوا اللحم منذ بداية السنة الدراسية وخلص إلى أن الوزارة منشغلة بكل هذه المسائل فكيف تتم مطالبتها بحل مشاكل الأستاذة العاملين في المدارس الخاصة وبفتح تحقيق في النيابات التي شابها الكثير من التلاعب وحل ملف المرشدين التطبيقيين الناجحين غير المتعاقدين ومعالجة المسائل الحارقة مثل الفساد في المندوبيات الجهوية والمحاباة والمحسوبية وتنامي ظاهرة العنف.

سعيدة بوهلال