إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

انتعاشة هامة في تصدير الفسفاط.. تونس تأمل في رفع الإنتاج إلى 14 مليون طن في غضون 2030

تسير تونس بخطوات ثابتة نحو رفع إنتاج الفسفاط التجاري، حيث بلغ 1.8 مليون طن خلال السداسي الأول من العام الحالي 2025، محققا زيادة بنسبة 55 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، وهو ما أكدته رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري في كلمتها، مؤخرا، خلال تقديم بيان الحكومة حول مشروع ميزانية الدولة ومشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2026.

ويمثل قطاع الفسفاط أحد الركائز الأساسية ليس فقط في مجال الصناعات الاستخراجية فحسب، بل عمودا للصناعة والاقتصاد الوطني بالنظر إلى المداخيل الهامة من العملة الصعبة التي توفرها عائداته سنويا.

ورغم تراجع الإنتاج في السنوات التي تلت الثورة مباشرة، فإن بلادنا قد أبدت مساع كبيرة من أجل استعادة النسق القوي للإنتاج، متبوعا بنسق كبير للصادرات، وهو ما أكدته رئيسة الحكومة في كلمتها إذ أوضحت أن الحكومة تعمل على استعادة هذا القطاع لدوره المحوري في دعم الاقتصاد الوطني وخلق الثروة. مشيرة إلى أن السنة الحالية شهدت تقدما ملحوظا في تطوير الإنتاج والرفع من القدرات التشغيلية في مختلف مراحل الاستخراج والإنتاج.

وبلغة الأرقام، تتطلع تونس إلى أن يصل حجم الإنتاج إلى 5 ملايين طن مع موفى السنة، حيث فسّرت رئيسة الحكومة أن بلوغ هذا الرقم يأتي على خلفية تحسن نسق الإنتاج بكل من شركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي التونسي.

وقاد الفسفاط قاطرة القطاعات التي شهدت نموا في صادراتها نحو الأسواق الخارجية خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 2025، حيث أظهر المعهد الوطني للإحصاء في نشريته حول «التجارة الخارجية بالأسعار الجارية، أكتوبر 2025» أن صادرات الفسفاط ومشتقاته قد سجّلت ارتفاعا بنسبة 9.4 % إلى موفى أكتوبر 2025، متقدّما على أحد أبرز القطاعات الواعدة التي ما فتئت تحقق تطورا في صادراتها، وهو قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية الذي سجّل ارتفاعًا في الصادرات بنسبة 7.7 %.

ولم تكتف تونس برسم ملامح لتطوير الإنتاج لهذا العام، حيث وضعت خطة طموحة لبلوغ عتبة 14 مليون طن في غضون 2030، من أجل استعادة مكانتها المتميزة في السوق العالمية كأحد أبرز المصدّرين للفسفاط، ولإبقاء هذا القطاع في صدارة القطاعات التي تضخ مداخيل، إذ بلغت عائدات صادرات الفسفاط خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي 1.7 مليار دينار، مسجلة زيادة بنسبة 8 % مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، في حين بلغت صادرات الفسفاط ومشتقاته 430 ألف طن منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية سبتمبر، مقابل نحو 394 ألف طن عام 2024.

ويُساهم قطاع الفسفاط بكثافة في التشغيل والتنمية، سواء في وحدات الإنتاج أو وحدات التحويل أو وحدات النقل واللوجستيك، إضافة إلى لعبه دورًا فاعلًا في دعم الميزان التجاري.

ويعدّ تسجيل 14 مليون طن من الإنتاج في 2025 تحديا كبيرا في ظل توفر جملة من الصعوبات الإقليمية والدولية من الناحية الاقتصادية والجيوسياسية واللوجستية، التي قد تؤدي أحيانًا إلى بعض الاضطرابات في الإمدادات الخاصة بسلاسل التصدير أو التوريد.

ومع ذلك، فإن تونس تعمل على استرجاع حرفائها التقليديين، إضافة إلى اقتحام أسواق جديدة مما يضمن تنوع العملاء وإرساء آفاق أرحب لصادرات الفسفاط. وتأتي هذه الطموحات في ظل تزايد الطلب على هذه المادة على المستوى العالمي، رغم التوترات الجيوسياسية، وانفراج من حيث تقلص وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية، أساسًا في الحوض المنجمي، أحد أكبر مراكز الإنتاج على الإطلاق على المستوى الوطني.

ولا يعد تحقيق طفرة نوعية في الإنتاج بالأمر اليسير دون اعتماد إجراءات دقيقة وناجعة وإصلاحات هيكلية في القطاع، تهم منح رخص جديدة وتحسين نقل الفسفاط من مراكز الإنتاج إلى المجمع الكيميائي، من خلال تهيئة ظروف ملائمة تستهدف نقل المواد الخام باتجاه مصانع التحويل.

وتتوجه تونس إلى تعزيز الاستثمارات في قطاع التعدين وتحديدا في مجال الفسفاط، حيث صدر في مارس قرار بالرائد الرسمي عدد 26 لسنة 2025، منحت بموجبه وزارة الصناعة والطاقة والمناجم شركة أسترالية رخصة البحث عن الفسفاط «قصعات» بولايات القصرين والكاف وسليانة على مساحة تُقارب 11 ألفًا و200 هكتار.

ومن المشاريع الاستثمارية الضخمة المرتقبة في مجال الفسفاط، تطوير مشروع استغلال الفسفاط بمنجم سراورتان بمدينة القصور التابعة لولاية الكاف، حيث أبدت شركة صينية استعدادها لذلك. ويكتسب هذا المشروع أهمية بالغة في الخارطة الاستثمارية بقطاع الفسفاط ببلادنا بالنظر إلى أنه من المشاريع الاستراتيجية الكبرى، إذ من المتوقع أن تبلغ طاقته التشغيلية الأولية أكثر من 1500 موطن شغل مباشر، باستثمارات تناهز 800 مليون دينار، مع قدرة على تحويل نحو مليون طن سنويًا من الفسفاط في مرحلة أولى. وهو منجم يضم احتياطات ضخمة من الفسفاط، من شأن استغلاله الأمثل أن يؤدي إلى تحقيق قفزة هامة على مستوى الإنتاج والصادرات.

 درصاف اللموشي

انتعاشة هامة في تصدير الفسفاط..   تونس تأمل في رفع الإنتاج إلى 14 مليون طن في غضون 2030

تسير تونس بخطوات ثابتة نحو رفع إنتاج الفسفاط التجاري، حيث بلغ 1.8 مليون طن خلال السداسي الأول من العام الحالي 2025، محققا زيادة بنسبة 55 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، وهو ما أكدته رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري في كلمتها، مؤخرا، خلال تقديم بيان الحكومة حول مشروع ميزانية الدولة ومشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2026.

ويمثل قطاع الفسفاط أحد الركائز الأساسية ليس فقط في مجال الصناعات الاستخراجية فحسب، بل عمودا للصناعة والاقتصاد الوطني بالنظر إلى المداخيل الهامة من العملة الصعبة التي توفرها عائداته سنويا.

ورغم تراجع الإنتاج في السنوات التي تلت الثورة مباشرة، فإن بلادنا قد أبدت مساع كبيرة من أجل استعادة النسق القوي للإنتاج، متبوعا بنسق كبير للصادرات، وهو ما أكدته رئيسة الحكومة في كلمتها إذ أوضحت أن الحكومة تعمل على استعادة هذا القطاع لدوره المحوري في دعم الاقتصاد الوطني وخلق الثروة. مشيرة إلى أن السنة الحالية شهدت تقدما ملحوظا في تطوير الإنتاج والرفع من القدرات التشغيلية في مختلف مراحل الاستخراج والإنتاج.

وبلغة الأرقام، تتطلع تونس إلى أن يصل حجم الإنتاج إلى 5 ملايين طن مع موفى السنة، حيث فسّرت رئيسة الحكومة أن بلوغ هذا الرقم يأتي على خلفية تحسن نسق الإنتاج بكل من شركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي التونسي.

وقاد الفسفاط قاطرة القطاعات التي شهدت نموا في صادراتها نحو الأسواق الخارجية خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 2025، حيث أظهر المعهد الوطني للإحصاء في نشريته حول «التجارة الخارجية بالأسعار الجارية، أكتوبر 2025» أن صادرات الفسفاط ومشتقاته قد سجّلت ارتفاعا بنسبة 9.4 % إلى موفى أكتوبر 2025، متقدّما على أحد أبرز القطاعات الواعدة التي ما فتئت تحقق تطورا في صادراتها، وهو قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية الذي سجّل ارتفاعًا في الصادرات بنسبة 7.7 %.

ولم تكتف تونس برسم ملامح لتطوير الإنتاج لهذا العام، حيث وضعت خطة طموحة لبلوغ عتبة 14 مليون طن في غضون 2030، من أجل استعادة مكانتها المتميزة في السوق العالمية كأحد أبرز المصدّرين للفسفاط، ولإبقاء هذا القطاع في صدارة القطاعات التي تضخ مداخيل، إذ بلغت عائدات صادرات الفسفاط خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي 1.7 مليار دينار، مسجلة زيادة بنسبة 8 % مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، في حين بلغت صادرات الفسفاط ومشتقاته 430 ألف طن منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية سبتمبر، مقابل نحو 394 ألف طن عام 2024.

ويُساهم قطاع الفسفاط بكثافة في التشغيل والتنمية، سواء في وحدات الإنتاج أو وحدات التحويل أو وحدات النقل واللوجستيك، إضافة إلى لعبه دورًا فاعلًا في دعم الميزان التجاري.

ويعدّ تسجيل 14 مليون طن من الإنتاج في 2025 تحديا كبيرا في ظل توفر جملة من الصعوبات الإقليمية والدولية من الناحية الاقتصادية والجيوسياسية واللوجستية، التي قد تؤدي أحيانًا إلى بعض الاضطرابات في الإمدادات الخاصة بسلاسل التصدير أو التوريد.

ومع ذلك، فإن تونس تعمل على استرجاع حرفائها التقليديين، إضافة إلى اقتحام أسواق جديدة مما يضمن تنوع العملاء وإرساء آفاق أرحب لصادرات الفسفاط. وتأتي هذه الطموحات في ظل تزايد الطلب على هذه المادة على المستوى العالمي، رغم التوترات الجيوسياسية، وانفراج من حيث تقلص وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية، أساسًا في الحوض المنجمي، أحد أكبر مراكز الإنتاج على الإطلاق على المستوى الوطني.

ولا يعد تحقيق طفرة نوعية في الإنتاج بالأمر اليسير دون اعتماد إجراءات دقيقة وناجعة وإصلاحات هيكلية في القطاع، تهم منح رخص جديدة وتحسين نقل الفسفاط من مراكز الإنتاج إلى المجمع الكيميائي، من خلال تهيئة ظروف ملائمة تستهدف نقل المواد الخام باتجاه مصانع التحويل.

وتتوجه تونس إلى تعزيز الاستثمارات في قطاع التعدين وتحديدا في مجال الفسفاط، حيث صدر في مارس قرار بالرائد الرسمي عدد 26 لسنة 2025، منحت بموجبه وزارة الصناعة والطاقة والمناجم شركة أسترالية رخصة البحث عن الفسفاط «قصعات» بولايات القصرين والكاف وسليانة على مساحة تُقارب 11 ألفًا و200 هكتار.

ومن المشاريع الاستثمارية الضخمة المرتقبة في مجال الفسفاط، تطوير مشروع استغلال الفسفاط بمنجم سراورتان بمدينة القصور التابعة لولاية الكاف، حيث أبدت شركة صينية استعدادها لذلك. ويكتسب هذا المشروع أهمية بالغة في الخارطة الاستثمارية بقطاع الفسفاط ببلادنا بالنظر إلى أنه من المشاريع الاستراتيجية الكبرى، إذ من المتوقع أن تبلغ طاقته التشغيلية الأولية أكثر من 1500 موطن شغل مباشر، باستثمارات تناهز 800 مليون دينار، مع قدرة على تحويل نحو مليون طن سنويًا من الفسفاط في مرحلة أولى. وهو منجم يضم احتياطات ضخمة من الفسفاط، من شأن استغلاله الأمثل أن يؤدي إلى تحقيق قفزة هامة على مستوى الإنتاج والصادرات.

 درصاف اللموشي