«هناك 191 مودعا في السجون بسبب قضايا النفقة»، هذا ما أكّدته مؤخرا وزيرة العدل ليلي جفال، معتبرة أن “العقوبة السجنية في هذه الحالة ليست حلاً”.
وقالت الوزيرة خلال إجابتها على تساؤلات واستفسارات أعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم خلال الجلسة العامة المخصصة لعرض ومناقشة مهمة العدل من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، إن وزارة العدل بصدد التنسيق مع وزارة المرأة والأسرة والمسنين ووزارة الشؤون الاجتماعية لإعداد دراسة تهدف إلى تنقيح صندوق النفقة ومراجعة بعض النصوص المتعلقة بالعقوبات في قضايا النفقة.
وفي الحقيقة، يطرح موضوع مراجعة الأحكام المتعلقة بالنفقة والحضانة منذ فترة، في ظل تأكيد العديد من المنظمات والتقارير على أن مصلحة الأسرة والأبناء أصبحت تقتضي مراجعة بعض التشريعات لمواكبة التغييرات الاجتماعية.
وكان مجلس وزاري مضيّق انعقد في فيفري 2025 للنظر في مشروع حول سبل دعم وتحقيق مقوّمات التماسك الأسري، وفق رؤية تشاركية تأخذ بعين الاعتبار التغيّرات المجتمعية والتحوّلات الديمغرافية والثقافية والاقتصادية التي تشهدها الأسرة في الوقت الراهن.
تصور للحضانة المشتركة
بالإضافة إلى ذلك، تقدمت مبادرات في هذا الغرض، على غرار التصور الذي طرحته سابقا المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط، لحضانة مشتركة بين الزوجين المطلقين أو في مرحلة الانفصال، مقترحة سنّ قانون للحضانة المشتركة يكون بشروط واضحة وبتفاهم بين الأب والأم المطلقين.
وصرّحت حينها رئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط، ريم بالخذيري، أن مقترح مشروع قانون الحضانة المشتركة بين الوالدين يهدف إلى «تحويل الطلاق من ظاهرة سلبية على الأبناء ومضرة إلى واقع يتعايش معه الأبناء دون أن يتكبّدوا ويتحمّلوا آثاره، ضمانا لمصلحة الطفل الفضلى ولتماسك الأسرة».
وأضافت في حوار مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن «الفصول المتعلقة بقانون الطلاق والنفقة والحضانة، الواردة ضمن مجلة الأحوال الشخصية، لم تشهد تحيينا منذ 12 جويلية 1993، وهي تمنح في حالة الطلاق الحضانة إلى الأم بصفة آلية (عدا الاستثناءات الخاصة)، بما يضعف بشكل كبير دور الأب في رعاية أبنائه ويصعّب المسؤولية على الأم، فيكون لذلك انعكاسات سلبية وآثار واضحة في سلوك الأبناء، من اضطرابات نفسية وصعوبة الاندماج في الوسط المدرسي والمجتمع، وتنامي الشعور بالحقد والتمرد والاتجاه نحو الجريمة».
وينص مقترح الحضانة المشتركة بين الوالدين، كما تطرحه المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط، على أن يكون كل من الأب والأم يشتغلان ومستقلان بمسكن ولديهما جميع الظروف المادية والنفسية لاحتضان الطفل. كما يقضي بضرورة التزام الوالدين بالتفرغ لوقت كافٍ لرعاية الطفل والقدرة على توفير جميع متطلباته، وأن تبدأ الحضانة المشتركة منذ سن 3 سنوات، إذ أن الطفل في حاجة إلى والديه منذ تلك السن التي يبدأ فيها الإدراك العقلي والنفسي بالوالدين، وأن تكون الحضانة المشتركة بالتناوب (أسبوع أو 15 يومًا).
وبمناسبة حديث وزارة العدل عن التوجه نحو مراجعة تشريعات النفقة والحضانة، دعت المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط، في بيان لها بداية الأسبوع الجاري، إلى عدم استعمال مشروع الحضانة المشتركة بين الوالدين الذي أطلقته منذ أكثر من عامين دون التنسيق معها، مؤكدة أنها قدمت المشروع كاملا وجاهزا للاعتماد لمجلس نواب الشعب ولمختلف الهياكل الوطنية ذات الصلة.
مبادرة تشريعية
إلى جانب مبادرات المجتمع المدني، أبدت السلطة التشريعية اهتماما بموضوع مراجعة التشريعات التي تهم الأسرة. وكانت الكتلة الوطنية المستقلة في البرلمان قد أكدت سابقا إيداع مشروع قانون يتعلق بعفو عام يهم المطالبين بديون ترتبت عن أحكام النفقة وجراية الطلاق.
ويعتبر النواب أصحاب المبادرة أن «العفو المطروح صلب هذا المشروع هو حل مؤقت لتخفيف وطأة معاناة المطالبين بالنفقة وجراية الطلاق، الذين بلغ عددهم حسب إحصائيات شبه رسمية 256 ألف شخص، في حين يشير محللون إلى أن نصف مليون تونسي مهددون بالسجن»، معتبرين أن «الأمر يتطلب تدخلا صارما ومصيريا من طرف الإرادة السياسية والتشريعية للإنقاذ والمصالحة الاجتماعية، قد يتحقق من خلالها وضع حد للارتفاع غير المسبوق لظاهرتي العزوف عن الزواج والهجرة».
ويضم مشروع القانون المودع بمكتب الضبط المركزي في البرلمان بتاريخ 28 فيفري 2025، والموقع من قبل 11 نائبا، ثلاثة فصول، ينص الأول منها على شروط التمتع بالعفو، فيما ينص الفصل الثاني على الديون المشمولة بالعفو.
وفي شروط التمتع بالعفو العام في مادة الأحوال الشخصية، اقترح مشروع القانون أن «يتمتع به الأشخاص الذين صدرت ضدهم أحكام بالعقوبة السجنية أو المالية وفق ما ورد صلب الفصل 53 مكرر من مجلة الأحوال الشخصية قبل 31 ديسمبر 2024، على أن يستوفوا أحد الشروط التالية:
- إثبات الخلاص الفعلي لمبلغ لا يقل عن 8 بالمائة من جملة الديون المتخلدة بذمتهم بعنوان نفقة أو جراية طلاق.
- قضاء عقوبة سجنية تعادل أو تزيد عن 30 يوما بمقتضى أحكام صادرة في المجال.
- تقديم ملف طبي مسلم من الهياكل الاستشفائية العمومية إلى النيابة العمومية يثبت عجزًا صحيًا تفوق نسبته 50 بالمائة، أو يثبت ما يفيد التعرض لأمراض مزمنة تحول دون الوفاء بالالتزامات».
وينص الفصل الثاني من مشروع القانون على أن «التمتع بهذا العفو لا يسقط الديون المتخلدة بذمة القرين تجاه قرينه والأبناء».
كما اقترح أن «تتمتع الديون المتخلدة بذمة الأشخاص المنتفعين بهذا العفو بامتياز خاص لصالح مستحقيها، يخول تتبع الممتلكات المكتسبة لاحقا في أي يد كانت، حتى استيفاء كامل الدين»، حسب نص مقترح المشروع.
ويذكر أن الفصل 53 مكرر من مجلة الأحوال الشخصية ينص على أن «يعاقب بالسجن مدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعام وبخطية من مائة دينار (100د) إلى ألف دينار (1000د) كل من حكم عليه بالنفقة أو بجراية الطلاق، فقضى عمدا شهرا دون دفع ما حكم عليه بأدائه».
م.ي
«هناك 191 مودعا في السجون بسبب قضايا النفقة»، هذا ما أكّدته مؤخرا وزيرة العدل ليلي جفال، معتبرة أن “العقوبة السجنية في هذه الحالة ليست حلاً”.
وقالت الوزيرة خلال إجابتها على تساؤلات واستفسارات أعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم خلال الجلسة العامة المخصصة لعرض ومناقشة مهمة العدل من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، إن وزارة العدل بصدد التنسيق مع وزارة المرأة والأسرة والمسنين ووزارة الشؤون الاجتماعية لإعداد دراسة تهدف إلى تنقيح صندوق النفقة ومراجعة بعض النصوص المتعلقة بالعقوبات في قضايا النفقة.
وفي الحقيقة، يطرح موضوع مراجعة الأحكام المتعلقة بالنفقة والحضانة منذ فترة، في ظل تأكيد العديد من المنظمات والتقارير على أن مصلحة الأسرة والأبناء أصبحت تقتضي مراجعة بعض التشريعات لمواكبة التغييرات الاجتماعية.
وكان مجلس وزاري مضيّق انعقد في فيفري 2025 للنظر في مشروع حول سبل دعم وتحقيق مقوّمات التماسك الأسري، وفق رؤية تشاركية تأخذ بعين الاعتبار التغيّرات المجتمعية والتحوّلات الديمغرافية والثقافية والاقتصادية التي تشهدها الأسرة في الوقت الراهن.
تصور للحضانة المشتركة
بالإضافة إلى ذلك، تقدمت مبادرات في هذا الغرض، على غرار التصور الذي طرحته سابقا المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط، لحضانة مشتركة بين الزوجين المطلقين أو في مرحلة الانفصال، مقترحة سنّ قانون للحضانة المشتركة يكون بشروط واضحة وبتفاهم بين الأب والأم المطلقين.
وصرّحت حينها رئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط، ريم بالخذيري، أن مقترح مشروع قانون الحضانة المشتركة بين الوالدين يهدف إلى «تحويل الطلاق من ظاهرة سلبية على الأبناء ومضرة إلى واقع يتعايش معه الأبناء دون أن يتكبّدوا ويتحمّلوا آثاره، ضمانا لمصلحة الطفل الفضلى ولتماسك الأسرة».
وأضافت في حوار مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن «الفصول المتعلقة بقانون الطلاق والنفقة والحضانة، الواردة ضمن مجلة الأحوال الشخصية، لم تشهد تحيينا منذ 12 جويلية 1993، وهي تمنح في حالة الطلاق الحضانة إلى الأم بصفة آلية (عدا الاستثناءات الخاصة)، بما يضعف بشكل كبير دور الأب في رعاية أبنائه ويصعّب المسؤولية على الأم، فيكون لذلك انعكاسات سلبية وآثار واضحة في سلوك الأبناء، من اضطرابات نفسية وصعوبة الاندماج في الوسط المدرسي والمجتمع، وتنامي الشعور بالحقد والتمرد والاتجاه نحو الجريمة».
وينص مقترح الحضانة المشتركة بين الوالدين، كما تطرحه المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط، على أن يكون كل من الأب والأم يشتغلان ومستقلان بمسكن ولديهما جميع الظروف المادية والنفسية لاحتضان الطفل. كما يقضي بضرورة التزام الوالدين بالتفرغ لوقت كافٍ لرعاية الطفل والقدرة على توفير جميع متطلباته، وأن تبدأ الحضانة المشتركة منذ سن 3 سنوات، إذ أن الطفل في حاجة إلى والديه منذ تلك السن التي يبدأ فيها الإدراك العقلي والنفسي بالوالدين، وأن تكون الحضانة المشتركة بالتناوب (أسبوع أو 15 يومًا).
وبمناسبة حديث وزارة العدل عن التوجه نحو مراجعة تشريعات النفقة والحضانة، دعت المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط، في بيان لها بداية الأسبوع الجاري، إلى عدم استعمال مشروع الحضانة المشتركة بين الوالدين الذي أطلقته منذ أكثر من عامين دون التنسيق معها، مؤكدة أنها قدمت المشروع كاملا وجاهزا للاعتماد لمجلس نواب الشعب ولمختلف الهياكل الوطنية ذات الصلة.
مبادرة تشريعية
إلى جانب مبادرات المجتمع المدني، أبدت السلطة التشريعية اهتماما بموضوع مراجعة التشريعات التي تهم الأسرة. وكانت الكتلة الوطنية المستقلة في البرلمان قد أكدت سابقا إيداع مشروع قانون يتعلق بعفو عام يهم المطالبين بديون ترتبت عن أحكام النفقة وجراية الطلاق.
ويعتبر النواب أصحاب المبادرة أن «العفو المطروح صلب هذا المشروع هو حل مؤقت لتخفيف وطأة معاناة المطالبين بالنفقة وجراية الطلاق، الذين بلغ عددهم حسب إحصائيات شبه رسمية 256 ألف شخص، في حين يشير محللون إلى أن نصف مليون تونسي مهددون بالسجن»، معتبرين أن «الأمر يتطلب تدخلا صارما ومصيريا من طرف الإرادة السياسية والتشريعية للإنقاذ والمصالحة الاجتماعية، قد يتحقق من خلالها وضع حد للارتفاع غير المسبوق لظاهرتي العزوف عن الزواج والهجرة».
ويضم مشروع القانون المودع بمكتب الضبط المركزي في البرلمان بتاريخ 28 فيفري 2025، والموقع من قبل 11 نائبا، ثلاثة فصول، ينص الأول منها على شروط التمتع بالعفو، فيما ينص الفصل الثاني على الديون المشمولة بالعفو.
وفي شروط التمتع بالعفو العام في مادة الأحوال الشخصية، اقترح مشروع القانون أن «يتمتع به الأشخاص الذين صدرت ضدهم أحكام بالعقوبة السجنية أو المالية وفق ما ورد صلب الفصل 53 مكرر من مجلة الأحوال الشخصية قبل 31 ديسمبر 2024، على أن يستوفوا أحد الشروط التالية:
- إثبات الخلاص الفعلي لمبلغ لا يقل عن 8 بالمائة من جملة الديون المتخلدة بذمتهم بعنوان نفقة أو جراية طلاق.
- قضاء عقوبة سجنية تعادل أو تزيد عن 30 يوما بمقتضى أحكام صادرة في المجال.
- تقديم ملف طبي مسلم من الهياكل الاستشفائية العمومية إلى النيابة العمومية يثبت عجزًا صحيًا تفوق نسبته 50 بالمائة، أو يثبت ما يفيد التعرض لأمراض مزمنة تحول دون الوفاء بالالتزامات».
وينص الفصل الثاني من مشروع القانون على أن «التمتع بهذا العفو لا يسقط الديون المتخلدة بذمة القرين تجاه قرينه والأبناء».
كما اقترح أن «تتمتع الديون المتخلدة بذمة الأشخاص المنتفعين بهذا العفو بامتياز خاص لصالح مستحقيها، يخول تتبع الممتلكات المكتسبة لاحقا في أي يد كانت، حتى استيفاء كامل الدين»، حسب نص مقترح المشروع.
ويذكر أن الفصل 53 مكرر من مجلة الأحوال الشخصية ينص على أن «يعاقب بالسجن مدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعام وبخطية من مائة دينار (100د) إلى ألف دينار (1000د) كل من حكم عليه بالنفقة أو بجراية الطلاق، فقضى عمدا شهرا دون دفع ما حكم عليه بأدائه».