في مشروع قانون المالية الجديد الذي هو قيد النقاش البرلماني قبل المصادقة عليه، أكّدت وزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي في اجتماع للجنتي المالية بمجلسي النواب والأقاليم، منذ أيام، أن الدولة ستدعم برنامج السكن على آلية «الكراء المُمّلّك» بما قيمته 25 مليون دينار، كما تم رصد ميزانية قدرها 63 مليون دينار للصندوق الوطني للنهوض بالسكن الاجتماعي و49 مليون دينار لبرنامج السكن للفئات محدودة الدخل و15 مليون دينار كتمويل للقسط الجديد من برنامج السكن الأول.
والكراء المُمّلك هو إحدى الآليات الاجتماعية التي أعلنت عنها الحكومة في الأشهر الأخيرة لتمكين الفئات الضعيفة والمتوسطة من السكن مقابل دفع معلوم شهري مشابه للكراء، ولكن بانتهاء آجال التمليك سيكون العقار السكني على ملك صاحبه. وهذه المساكن الاجتماعية ستُنجز من قبل الباعثين العقاريين العموميين وأساسا الشركة التونسية العقارية للبلاد التونسية «سنيت» وشركة النهوض بالمساكن الاجتماعية «سبرولس» بهدف توفير هذه المقاسم الاجتماعية.
ولكن مؤخرا، اقترحت الغرفة النقابية الوطنية للباعثين العقاريين فتح الباب أمامها للانتفاع بالامتيازات المخولة لشركتي «سنيت» و»سبرولس» في إطار آلية الكراء المملّك، من أجل تمكين التونسيين من اقتناء مسكن.
ولئن لم تعلن رئاسة الحكومة ولا وزارة التجهيز التي تشرف على هذا البرنامج الاجتماعي عن تجاوب إيجابي مع غرفة الباعثين العقاريين، إلا أن انخراط الباعثين العقاريين الخواص في مشروع السكن الاجتماعي بصرف النظر عن صيغة ذلك سيخفّف دون شك العبء الكبير والصعوبات التي يواجهها التونسيون باختلاف مستواهم الاجتماعي في تملّك مسكن، أمام الشطط الكبير في أسعار البعث العقاري.
اقتراح الباعثين العقاريين
قال نائب رئيس الغرفة جلال مزيو، إن الغرفة قادرة على معاضدة مجهودات الدولة لضمان مسكن لائق للتونسيين، مؤكدا أن ما يمكن أن تحققه الدولة خلال 20 سنة، الغرفة قادرة على تنفيذه في أجل لا يتجاوز الـ5 سنوات. كما أكّد مزيو أن الغرفة النقابية الوطنية للباعثين العقاريين تقترح مسكنا لكل تونسي في إطار آلية الكراء المملّك عن طريق قرض سكني بنسبة فائدة قارة بـ3 بالمائة وتصل مدة السداد إلى 40 سنة وبثمن أقصى 500 ألف دينار. وشدّد مزيو على أن هذا المقترح تم إنجازه اعتمادا على دراسة متكاملة، وفق ما صرّح به مؤخرا للإذاعة الوطنية. كما بيّن مزيو أنه في صورة العمل به وتبنيه سيساهم في رفع نسبة التشغيلية في قطاع البعث العقاري، كما سيفسح المجال لانتساب عدة شركات جديدة في تونس، وفق تعبيره.
وكانت إحصائيات رسمية نشرت في ماي الماضي قد أشارت إلى أن 23 بالمائة من التونسيين لا يملكون منزلا ويعيشون في منازل على وجه الكراء. كما أن نسبة هامة من تلك المنازل التي يملكها أصحابها تفتقد إلى مقومات السكن اللائق، رغم أن الدستور ينصّ على حق كل تونسي في مسكن لائق، لكن تدهور الظروف المعيشية والارتفاع المشطّ في أسعار العقارات جعل حلم الحصول على مسكن خاص أشبه بالحلم المستحيل، خاصة بالنسبة للفئات المتوسطة والضعيفة.
وفي الأشهر الأخيرة، طرحت الحكومة برنامجا للسكن الاجتماعي الخصوصي بالشراكة مع الشركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية والوكالة العقارية للسكنى، إلى جانب شركة النهوض بالمساكن الاجتماعية، ليتسنى تنفيذ مشاريع اجتماعية سكنية.
وفي الآونة الأخيرة، أعلنت وزارة التجهيز والإسكان أنها تعتزم عبر الباعثين العقاريين العموميين وخاصة الشركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية، إطلاق مشروع يتمثل في بناء 100 مسكن اجتماعي جماعي بمنطقة الزهروني، ليكون أول مشروع يدخل في إطار منظومة الكراء المملّك. ويُنتظر أن يتم تفعيل خطة السكن أو الكراء المُملَك بنهاية السنة الحالية، وذلك بعد استكمال كل التراتيب. وخلال كل جلسات العمل التي انتظمت لإعداد الإطار الترتيبي لهذا المشروع، شدّد وزير التجهيز والإسكان صلاح الزواري على ضرورة تسخير كافة الكفاءات والإمكانات التقنية لتفعيل آلية الكراء المملّك وتنفيذ مشاريع سكنية تندرج في إطار استراتيجية الدولة الداعمة للفئات محدودة ومتوسطة الدخل من خلال مساعدتها على الحصول على سكن لائق عبر آلية ميسرة ومدعومة تتيح للمستفيدين سداد قيمة المسكن في شكل معينات كراء تراعي قدرتهم التسديدية.
ومنظومة السكن المملّك هي آلية تمويل عقاري تهدف إلى تمكين المواطنين، خاصة الفئات محدودة ومتوسّطة الدخل، من امتلاك مسكن بعد فترة معينة من الإيجار. وهي عمليا عبارة عن عقد يجمع بين الكراء والبيع، حيث يدفع المستأجر أقساط إيجار تتضمن جزءا من سعر العقار، وفي نهاية المدة المتفق عليها، يصبح العقار ملكا له. وعادة ما تكون أقساط الكراء أقل بكثير من الأقساط البنكية ولا تشمل إلا كلفة البناء دون فوائد أو هامش أرباح، كما هو الشأن بالنسبة للباعثين العقاريين الخواص.
والمؤجّر هنا، أو صاحب العقار الأصلي، إلى أن يتم التمليك الجديد بعد استيفاء كل أقساط الكراء، هو الشركة العمومية، وهي ستكون في الأساس الشركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية. والهدف الرئيسي من هذه المنظومة هو توفير حلول سكنية للفئات التي تواجه صعوبة في الحصول على قروض بنكية تقليدية لشراء مسكن أو التي لا تستطيع دفع ثمن العقار دفعة واحدة، باعتبار أن منظومة الكراء مملّك تتيح التملّك التدريجي.
السكن الاجتماعي.. خيار حكومي
تحوّل الحصول على مسكن خاص إلى حلم صعب المنال بالنسبة لآلاف التونسيين في وضع اجتماعي واقتصادي صعب. ولذلك، تحاول الحكومة من خلال إحياء برنامج السكن الاجتماعي الذي تراجع كثيرا في السنوات الأخيرة، تلبية احتياجات الفئات الضعيفة وإعادة البريق للدور الاجتماعي للدولة، خاصة مع معضلة الارتفاع المشط في أسعار العقارات.
وأمام وضعية العجز عن امتلاك الفئات الضعيفة وحتى المتوسّطة لمسكن، كانت هناك عدة حلول على مستوى الحكومة، مثل الاستثمار العمومي في هذه المساكن الاجتماعية أو الاعتماد على تمويلات أجنبية لهذه البرامج. وكانت وزيرة التجهيز السابقة قد أعلنت قبل ذلك أن القسط الأول من برنامج السكن الاجتماعي يتضمن 8372 مسكنا موزعة على كافة ولايات الجمهورية بقيمة جملية تقدر بـ588 مليون دينار.
وقد أضافت أنه تم استكمال إنجاز 3325 مسكنًا، وأن تحديد قائمات المنتفعين قد بلغ مراحله الأخيرة، وتم بالفعل تسليم بعضها إلى أصحابها على مراحل، فيما لا يزال 3246 مسكنا بصدد الإنجاز. كما أشارت إلى أنه بعد توزيع كافة المساكن المذكورة، سيتم الانطلاق في القسط الثاني المتكون من 5000 مسكن بقيمة جملية تقدر بـ450 مليون دينار، بالإضافة إلى البرنامج الوطني لإزالة الأكواخ، حيث تم الانطلاق في إزالة المساكن البدائية وتعويضها بمساكن جديدة أو ترميمها وتوسعتها ويشمل 10 آلاف و189 منتفعا على المستوى الوطني، وأنه تم الانطلاق في إنجاز 9030 مسكنا.
ولعلّ الكلفة المرتفعة للمسكن الخاص والأسعار المشطّة للباعثين العقاريين الخواص ساهمت إلى حدّ بعيد في ركود سوق البعث العقاري الذي بات يتجاوز المقدرة الشرائية لأغلبية التونسيين، بالإضافة إلى عدم تفاعل القطاع البنكي من أجل التحفيز على امتلاك مسكن. وما تقترحه غرفة الباعثين العقاريين قد يكون اليوم أيضا حلا من الحلول التي يمكن النظر فيها لدعم حق التونسيين في امتلاك مسكن.
منية العرفاوي
في مشروع قانون المالية الجديد الذي هو قيد النقاش البرلماني قبل المصادقة عليه، أكّدت وزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي في اجتماع للجنتي المالية بمجلسي النواب والأقاليم، منذ أيام، أن الدولة ستدعم برنامج السكن على آلية «الكراء المُمّلّك» بما قيمته 25 مليون دينار، كما تم رصد ميزانية قدرها 63 مليون دينار للصندوق الوطني للنهوض بالسكن الاجتماعي و49 مليون دينار لبرنامج السكن للفئات محدودة الدخل و15 مليون دينار كتمويل للقسط الجديد من برنامج السكن الأول.
والكراء المُمّلك هو إحدى الآليات الاجتماعية التي أعلنت عنها الحكومة في الأشهر الأخيرة لتمكين الفئات الضعيفة والمتوسطة من السكن مقابل دفع معلوم شهري مشابه للكراء، ولكن بانتهاء آجال التمليك سيكون العقار السكني على ملك صاحبه. وهذه المساكن الاجتماعية ستُنجز من قبل الباعثين العقاريين العموميين وأساسا الشركة التونسية العقارية للبلاد التونسية «سنيت» وشركة النهوض بالمساكن الاجتماعية «سبرولس» بهدف توفير هذه المقاسم الاجتماعية.
ولكن مؤخرا، اقترحت الغرفة النقابية الوطنية للباعثين العقاريين فتح الباب أمامها للانتفاع بالامتيازات المخولة لشركتي «سنيت» و»سبرولس» في إطار آلية الكراء المملّك، من أجل تمكين التونسيين من اقتناء مسكن.
ولئن لم تعلن رئاسة الحكومة ولا وزارة التجهيز التي تشرف على هذا البرنامج الاجتماعي عن تجاوب إيجابي مع غرفة الباعثين العقاريين، إلا أن انخراط الباعثين العقاريين الخواص في مشروع السكن الاجتماعي بصرف النظر عن صيغة ذلك سيخفّف دون شك العبء الكبير والصعوبات التي يواجهها التونسيون باختلاف مستواهم الاجتماعي في تملّك مسكن، أمام الشطط الكبير في أسعار البعث العقاري.
اقتراح الباعثين العقاريين
قال نائب رئيس الغرفة جلال مزيو، إن الغرفة قادرة على معاضدة مجهودات الدولة لضمان مسكن لائق للتونسيين، مؤكدا أن ما يمكن أن تحققه الدولة خلال 20 سنة، الغرفة قادرة على تنفيذه في أجل لا يتجاوز الـ5 سنوات. كما أكّد مزيو أن الغرفة النقابية الوطنية للباعثين العقاريين تقترح مسكنا لكل تونسي في إطار آلية الكراء المملّك عن طريق قرض سكني بنسبة فائدة قارة بـ3 بالمائة وتصل مدة السداد إلى 40 سنة وبثمن أقصى 500 ألف دينار. وشدّد مزيو على أن هذا المقترح تم إنجازه اعتمادا على دراسة متكاملة، وفق ما صرّح به مؤخرا للإذاعة الوطنية. كما بيّن مزيو أنه في صورة العمل به وتبنيه سيساهم في رفع نسبة التشغيلية في قطاع البعث العقاري، كما سيفسح المجال لانتساب عدة شركات جديدة في تونس، وفق تعبيره.
وكانت إحصائيات رسمية نشرت في ماي الماضي قد أشارت إلى أن 23 بالمائة من التونسيين لا يملكون منزلا ويعيشون في منازل على وجه الكراء. كما أن نسبة هامة من تلك المنازل التي يملكها أصحابها تفتقد إلى مقومات السكن اللائق، رغم أن الدستور ينصّ على حق كل تونسي في مسكن لائق، لكن تدهور الظروف المعيشية والارتفاع المشطّ في أسعار العقارات جعل حلم الحصول على مسكن خاص أشبه بالحلم المستحيل، خاصة بالنسبة للفئات المتوسطة والضعيفة.
وفي الأشهر الأخيرة، طرحت الحكومة برنامجا للسكن الاجتماعي الخصوصي بالشراكة مع الشركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية والوكالة العقارية للسكنى، إلى جانب شركة النهوض بالمساكن الاجتماعية، ليتسنى تنفيذ مشاريع اجتماعية سكنية.
وفي الآونة الأخيرة، أعلنت وزارة التجهيز والإسكان أنها تعتزم عبر الباعثين العقاريين العموميين وخاصة الشركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية، إطلاق مشروع يتمثل في بناء 100 مسكن اجتماعي جماعي بمنطقة الزهروني، ليكون أول مشروع يدخل في إطار منظومة الكراء المملّك. ويُنتظر أن يتم تفعيل خطة السكن أو الكراء المُملَك بنهاية السنة الحالية، وذلك بعد استكمال كل التراتيب. وخلال كل جلسات العمل التي انتظمت لإعداد الإطار الترتيبي لهذا المشروع، شدّد وزير التجهيز والإسكان صلاح الزواري على ضرورة تسخير كافة الكفاءات والإمكانات التقنية لتفعيل آلية الكراء المملّك وتنفيذ مشاريع سكنية تندرج في إطار استراتيجية الدولة الداعمة للفئات محدودة ومتوسطة الدخل من خلال مساعدتها على الحصول على سكن لائق عبر آلية ميسرة ومدعومة تتيح للمستفيدين سداد قيمة المسكن في شكل معينات كراء تراعي قدرتهم التسديدية.
ومنظومة السكن المملّك هي آلية تمويل عقاري تهدف إلى تمكين المواطنين، خاصة الفئات محدودة ومتوسّطة الدخل، من امتلاك مسكن بعد فترة معينة من الإيجار. وهي عمليا عبارة عن عقد يجمع بين الكراء والبيع، حيث يدفع المستأجر أقساط إيجار تتضمن جزءا من سعر العقار، وفي نهاية المدة المتفق عليها، يصبح العقار ملكا له. وعادة ما تكون أقساط الكراء أقل بكثير من الأقساط البنكية ولا تشمل إلا كلفة البناء دون فوائد أو هامش أرباح، كما هو الشأن بالنسبة للباعثين العقاريين الخواص.
والمؤجّر هنا، أو صاحب العقار الأصلي، إلى أن يتم التمليك الجديد بعد استيفاء كل أقساط الكراء، هو الشركة العمومية، وهي ستكون في الأساس الشركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية. والهدف الرئيسي من هذه المنظومة هو توفير حلول سكنية للفئات التي تواجه صعوبة في الحصول على قروض بنكية تقليدية لشراء مسكن أو التي لا تستطيع دفع ثمن العقار دفعة واحدة، باعتبار أن منظومة الكراء مملّك تتيح التملّك التدريجي.
السكن الاجتماعي.. خيار حكومي
تحوّل الحصول على مسكن خاص إلى حلم صعب المنال بالنسبة لآلاف التونسيين في وضع اجتماعي واقتصادي صعب. ولذلك، تحاول الحكومة من خلال إحياء برنامج السكن الاجتماعي الذي تراجع كثيرا في السنوات الأخيرة، تلبية احتياجات الفئات الضعيفة وإعادة البريق للدور الاجتماعي للدولة، خاصة مع معضلة الارتفاع المشط في أسعار العقارات.
وأمام وضعية العجز عن امتلاك الفئات الضعيفة وحتى المتوسّطة لمسكن، كانت هناك عدة حلول على مستوى الحكومة، مثل الاستثمار العمومي في هذه المساكن الاجتماعية أو الاعتماد على تمويلات أجنبية لهذه البرامج. وكانت وزيرة التجهيز السابقة قد أعلنت قبل ذلك أن القسط الأول من برنامج السكن الاجتماعي يتضمن 8372 مسكنا موزعة على كافة ولايات الجمهورية بقيمة جملية تقدر بـ588 مليون دينار.
وقد أضافت أنه تم استكمال إنجاز 3325 مسكنًا، وأن تحديد قائمات المنتفعين قد بلغ مراحله الأخيرة، وتم بالفعل تسليم بعضها إلى أصحابها على مراحل، فيما لا يزال 3246 مسكنا بصدد الإنجاز. كما أشارت إلى أنه بعد توزيع كافة المساكن المذكورة، سيتم الانطلاق في القسط الثاني المتكون من 5000 مسكن بقيمة جملية تقدر بـ450 مليون دينار، بالإضافة إلى البرنامج الوطني لإزالة الأكواخ، حيث تم الانطلاق في إزالة المساكن البدائية وتعويضها بمساكن جديدة أو ترميمها وتوسعتها ويشمل 10 آلاف و189 منتفعا على المستوى الوطني، وأنه تم الانطلاق في إنجاز 9030 مسكنا.
ولعلّ الكلفة المرتفعة للمسكن الخاص والأسعار المشطّة للباعثين العقاريين الخواص ساهمت إلى حدّ بعيد في ركود سوق البعث العقاري الذي بات يتجاوز المقدرة الشرائية لأغلبية التونسيين، بالإضافة إلى عدم تفاعل القطاع البنكي من أجل التحفيز على امتلاك مسكن. وما تقترحه غرفة الباعثين العقاريين قد يكون اليوم أيضا حلا من الحلول التي يمكن النظر فيها لدعم حق التونسيين في امتلاك مسكن.