إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تونس على درب الطب الذكي.. إشعاع طبي يعزز مكانة قطاع الصحة العمومية

في حدث متميز يترجم سعي تونس إلى تعزيز مكانتها على خارطة الابتكار الطبي في المنطقة، شكل نجاح أول عملية جراحية روبوتية على مستوى الجهاز الهضمي في مستشفى شارل نيكول خطوة نوعية تعكس قدرة القطاع الصحي العمومي على الجمع بين الخبرة الوطنية وأحدث التقنيات العالمية.

هذا الإنجاز الهام لا يُعتبر مجرد محطة جديدة في الجراحة الحديثة، بل هو مؤشر واضح على توجه الدولة نحو تطوير طب الاختصاص وتعزيز الإمكانيات التكنولوجية للمؤسسات الصحية. كما يعكس دخول تونس مجددا إلى سجلات الريادة والابتكار، مؤكدا أن القطاع العمومي ما زال قادرا على تحقيق إنجازات تصنع الفارق وتفتح الآفاق أمام تحولات نوعية في المنظومة الصحية.

سابقة هامة

ويحسب هذا الانجاز الطبي الوطني للكفاءات التونسية حيث ان نجاح فريق جراحي في مستشفى عمومي في إجراء أول عملية جراحية روبوتية على مستوى الجهاز الهضمي يعتبر سابقة هامة، تشير إلى دخول بلادنا رسميا عصر «الجراحة الذكية»، معلنة بذلك عن ميلاد مرحلة جديدة من الطب الدقيق في تونس.

ويعكس هذا النجاح الباهر في جوهره تتويجا لمسار طويل من العمل والتخطيط والاستثمار في المعرفة والكفاءات داخل مؤسسات الدولة. كما يعكس ثقة في قدرات كفاءاتنا الطبية، وإيمانا بأن القطاع العمومي، رغم ما يواجهه من تحديات، لا يُعتبر عبئا، بل هو ركيزة أساسية للسيادة الصحية.

في هذا السياق، فإن نجاح العملية الروبوتية بمستشفى شارل نيكول لا يمكن أن يُعتبر مجرد إشعاع وتقنيّة متقدمة فحسب، بل هو أيضا رسالة مفادها أن تونس قادرة، رغم التحديات المالية واللوجستية، على أن تكون في قلب التحول التكنولوجي العالمي، وأن توظّف الذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان وتحسين جودة الحياة.

خطوة في سلسلة من التحولات المستقبلية

من جانب آخر، يتفق أهل الاختصاص على أن نجاح العملية الجراحية الروبوتية يشكل أيضا خطوة أولى في سلسلة من التحولات المستقبلية، حيث تمثل التكنولوجيا أداة لتقوية القطاع العمومي وجعله قادرا على تقديم خدمات صحية عالية الجودة، تواكب المعايير العالمية وتلبي احتياجات المرضى. كما يبرز هذا الإنجاز أهمية التعاون الدولي في نقل التكنولوجيا والتجارب، بما يدعم قدرة تونس على تبني الابتكار وتطوير المهارات المحلية في مجال الطب الحديث.

الجدير بالذكر أن هذا الإنجاز لا يأتي بمفرده، بل في سياق سلسلة من النجاحات التي بدأت تتجلى في القطاع العمومي خلال الأشهر الأخيرة: من تطوير البنية التحتية لعدد من المستشفيات الجهوية والجامعية، إلى تحسين منظومات الإسعاف والاستعجالي، وتعزيز المؤسسات الصحية بتجهيزات طبية حديثة، فضلا عن تدعيم برامج التكوين الطبي والشراكات الدولية، وصولا إلى مشاريع التحول الرقمي في الصحة. وهذه كلها خطوات تؤكد أن تونس تسير بثبات نحو نموذج صحي حديث يقوم على الكفاءة والعدالة وجودة الخدمات.

إرادة سياسية ودعائم مستقبلية

خلف هذه النجاحات تقف إرادة سياسية قوية عبّر عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد في أكثر من مناسبة، حيث شدّد على أن الصحة حق وليست امتيازا، وأن دولة الاستقلال التي شيّدت مستشفيات في كل الجهات لا يمكن أن تتخلى عن رسالتها الاجتماعية اليوم.

كما يجد هذا التوجه صداه في عمل وزارة الصحة التي تضع اليوم ضمن أولوياتها إعادة الاعتبار للقطاع العمومي - تكريسا لتوجهات رئيس الجمهورية - من خلال تحديث التجهيزات، ودعم البحث الطبي، وتكريس الشراكات الاستراتيجية مع الدول الصديقة في مجالات التكنولوجيا الصحية والتكوين.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن تونس، التي لطالما عُرفت بكفاءاتها الطبية وطاقاتها البشرية المتميزة، تدخل اليوم مرحلة جديدة من التحدي، عنوانها «التحوّل الذكي» الذي وضع تونس على خارطة الجراحة الذكية.

رؤية وطنية وتطور مستدام

إن التموقع الجديد للمنظومة الصحية العمومية يجسد في جوهره رؤية وطنية للنهوض بالقطاع العمومي. فما حدث في مستشفى شارل نيكول يتجاوز كونه مجرد نجاح طبي ليكون مؤشرا على القدرة التنظيمية والاحترافية للفرق الطبية، وإشارة إلى التزام الدولة بتعزيز بنيتها الصحية، وتطوير آليات عملها، وضمان تقديم خدمات صحية متطورة لجميع المواطنين.

تونس اليوم، بفضل هذا الإنجاز، تثبت أنها قادرة على الجمع بين الخبرة والكفاءة والإرادة السياسية، لتضع القطاع الصحي العمومي ضمن الاستراتيجية الوطنية للتنمية، ممهدة الطريق أمام مزيد من الإنجازات العلمية والطبية التي ترتقي بمستوى الخدمات الصحية. ومع كل نجاح جديد، تتأكد حقيقة واحدة مفادها أن الطب التونسي قادر على الإشعاع وأن القطاع العمومي يظل ركيزة أساسية لبناء منظومة صحية عصرية تضع الإنسان في صميم أولوياتها.

منال حرزي

تونس على درب الطب الذكي..   إشعاع طبي يعزز مكانة قطاع الصحة العمومية

في حدث متميز يترجم سعي تونس إلى تعزيز مكانتها على خارطة الابتكار الطبي في المنطقة، شكل نجاح أول عملية جراحية روبوتية على مستوى الجهاز الهضمي في مستشفى شارل نيكول خطوة نوعية تعكس قدرة القطاع الصحي العمومي على الجمع بين الخبرة الوطنية وأحدث التقنيات العالمية.

هذا الإنجاز الهام لا يُعتبر مجرد محطة جديدة في الجراحة الحديثة، بل هو مؤشر واضح على توجه الدولة نحو تطوير طب الاختصاص وتعزيز الإمكانيات التكنولوجية للمؤسسات الصحية. كما يعكس دخول تونس مجددا إلى سجلات الريادة والابتكار، مؤكدا أن القطاع العمومي ما زال قادرا على تحقيق إنجازات تصنع الفارق وتفتح الآفاق أمام تحولات نوعية في المنظومة الصحية.

سابقة هامة

ويحسب هذا الانجاز الطبي الوطني للكفاءات التونسية حيث ان نجاح فريق جراحي في مستشفى عمومي في إجراء أول عملية جراحية روبوتية على مستوى الجهاز الهضمي يعتبر سابقة هامة، تشير إلى دخول بلادنا رسميا عصر «الجراحة الذكية»، معلنة بذلك عن ميلاد مرحلة جديدة من الطب الدقيق في تونس.

ويعكس هذا النجاح الباهر في جوهره تتويجا لمسار طويل من العمل والتخطيط والاستثمار في المعرفة والكفاءات داخل مؤسسات الدولة. كما يعكس ثقة في قدرات كفاءاتنا الطبية، وإيمانا بأن القطاع العمومي، رغم ما يواجهه من تحديات، لا يُعتبر عبئا، بل هو ركيزة أساسية للسيادة الصحية.

في هذا السياق، فإن نجاح العملية الروبوتية بمستشفى شارل نيكول لا يمكن أن يُعتبر مجرد إشعاع وتقنيّة متقدمة فحسب، بل هو أيضا رسالة مفادها أن تونس قادرة، رغم التحديات المالية واللوجستية، على أن تكون في قلب التحول التكنولوجي العالمي، وأن توظّف الذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان وتحسين جودة الحياة.

خطوة في سلسلة من التحولات المستقبلية

من جانب آخر، يتفق أهل الاختصاص على أن نجاح العملية الجراحية الروبوتية يشكل أيضا خطوة أولى في سلسلة من التحولات المستقبلية، حيث تمثل التكنولوجيا أداة لتقوية القطاع العمومي وجعله قادرا على تقديم خدمات صحية عالية الجودة، تواكب المعايير العالمية وتلبي احتياجات المرضى. كما يبرز هذا الإنجاز أهمية التعاون الدولي في نقل التكنولوجيا والتجارب، بما يدعم قدرة تونس على تبني الابتكار وتطوير المهارات المحلية في مجال الطب الحديث.

الجدير بالذكر أن هذا الإنجاز لا يأتي بمفرده، بل في سياق سلسلة من النجاحات التي بدأت تتجلى في القطاع العمومي خلال الأشهر الأخيرة: من تطوير البنية التحتية لعدد من المستشفيات الجهوية والجامعية، إلى تحسين منظومات الإسعاف والاستعجالي، وتعزيز المؤسسات الصحية بتجهيزات طبية حديثة، فضلا عن تدعيم برامج التكوين الطبي والشراكات الدولية، وصولا إلى مشاريع التحول الرقمي في الصحة. وهذه كلها خطوات تؤكد أن تونس تسير بثبات نحو نموذج صحي حديث يقوم على الكفاءة والعدالة وجودة الخدمات.

إرادة سياسية ودعائم مستقبلية

خلف هذه النجاحات تقف إرادة سياسية قوية عبّر عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد في أكثر من مناسبة، حيث شدّد على أن الصحة حق وليست امتيازا، وأن دولة الاستقلال التي شيّدت مستشفيات في كل الجهات لا يمكن أن تتخلى عن رسالتها الاجتماعية اليوم.

كما يجد هذا التوجه صداه في عمل وزارة الصحة التي تضع اليوم ضمن أولوياتها إعادة الاعتبار للقطاع العمومي - تكريسا لتوجهات رئيس الجمهورية - من خلال تحديث التجهيزات، ودعم البحث الطبي، وتكريس الشراكات الاستراتيجية مع الدول الصديقة في مجالات التكنولوجيا الصحية والتكوين.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن تونس، التي لطالما عُرفت بكفاءاتها الطبية وطاقاتها البشرية المتميزة، تدخل اليوم مرحلة جديدة من التحدي، عنوانها «التحوّل الذكي» الذي وضع تونس على خارطة الجراحة الذكية.

رؤية وطنية وتطور مستدام

إن التموقع الجديد للمنظومة الصحية العمومية يجسد في جوهره رؤية وطنية للنهوض بالقطاع العمومي. فما حدث في مستشفى شارل نيكول يتجاوز كونه مجرد نجاح طبي ليكون مؤشرا على القدرة التنظيمية والاحترافية للفرق الطبية، وإشارة إلى التزام الدولة بتعزيز بنيتها الصحية، وتطوير آليات عملها، وضمان تقديم خدمات صحية متطورة لجميع المواطنين.

تونس اليوم، بفضل هذا الإنجاز، تثبت أنها قادرة على الجمع بين الخبرة والكفاءة والإرادة السياسية، لتضع القطاع الصحي العمومي ضمن الاستراتيجية الوطنية للتنمية، ممهدة الطريق أمام مزيد من الإنجازات العلمية والطبية التي ترتقي بمستوى الخدمات الصحية. ومع كل نجاح جديد، تتأكد حقيقة واحدة مفادها أن الطب التونسي قادر على الإشعاع وأن القطاع العمومي يظل ركيزة أساسية لبناء منظومة صحية عصرية تضع الإنسان في صميم أولوياتها.

منال حرزي