النقد الذاتي من داخل القطاع المسرحي خطوة نحو تطوير فكر وجماليات الفن الرابع في العالم العربي وإفريقيا
تحتفي تونس في الأيام القليلة القادمة بالدورة السادسة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية (من 22 إلى 29 نوفمبر 2025). وفي بعدها الفكري اختارت هذه النسخة من المهرجان طرح قضية هامّة وشائكة ضمن برمجة المنتدى المسرحي الدولي، أيام 24 و25 و26 نوفمبر الجاري، تهمّ راهن الفن الرابع وآليات عمله.
ندوة دولية بحضور أهمّ الفاعلين في المشهد المسرحي التونسي والعربي والإفريقي، تحمل عنوان «الفنّان المسرحي: زمنه وأعماله»، ومن المنتظر أن تكون جلساتها الحوارية مساحة للنقاش والبحث وطرح الأسئلة الكبرى بعيدًا عن المعطيات المغلوطة والتنظير العقيم.
الأزمات الحقيقية للمسرح
ويبدو مضمون المنتدى المسرحي الدولي، ظاهريًا ومن عنوانه، جريئًا وواعدًا بالاشتغال على الأزمات الحقيقية للمسرح العربي والإفريقي دون مواربة أو مجاملة لتجارب أكّد الركح -وخاصة في علاقة بالمتلقي لهذا التعبير الفني- فشلها.
ولكن، هل يدرك صُنّاع الفرجة والممارسون للفعل المسرحي مدى تأثير خياراتهم الفنية والفكرية على المجتمع؟ هل يمارس، حقيقة، المسرح العربي والإفريقي دوره الثقافي في ظلّ الأزمات المجتمعية على مستوى الهوية والذاكرة والتراجع القيمي وارتفاع منسوب العنف، في غياب آليات فنية -مسرحًا كانت أو غيرها من الفنون- في مواجهة كمّ الانهيار الفكري في عالمنا العربي وقارتنا السمراء؟
هي أسئلة من زخم يطارد تفكيرنا ونحن نشاهد إنتاجات «الآن وهنا» من أعمال الفن الرابع، الحاضرة في معظم دورات أيام قرطاج المسرحية، التي تُعتبر واحدة من أهمّ منصّات هذا الفنّ على المستوى الدولي والإقليمي، هذا إن لم تكن أهمّها.
أسئلة ملحّة وطريق مجهول
المنتدى الدولي «الفنّان المسرحي: زمنه وأعماله»، الذي ينتظم خلال الدورة السادسة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية بإدارة المخرج محمد منير العرقي، مطالب -عبر خياراته من ورقات ومداخلات وضيوف وبالمساهمة بمخرجات جادّة تضع أهل الفن الرابع العربي والإفريقي، وكذلك - ومن الضروري- التونسي ، أمام المسؤولية الثقافية والمجتمعية. فعبر الزمن، كان المسرح، كما الخبز والهواء، جزءًا من حياة البشرية، ولئن تطوّرت أشكاله من فترة تاريخية إلى أخرى، إلا أن دوره ظلّ راسخًا في حضارة الشعوب وتاريخها.
وقد وسمت الإيديولوجيات بنية المسرح العربي والإفريقي منذ نشأته الأولى، فكان رهين مضامين ثابتة مقلَّدة عن الغرب وغير مجدَّدة -إلا بعض الخيارات الجادّة التي لا يمكن وصفها سوى بالتجارب الفردية- وعدد منها كان تونسي الإنتاج والهوية. فعلى مرّ العقود الأخيرة، لم يتطوّر المسرح العربي كما الإفريقي، فهل يمكننا الحديث في هذا السياق والمسار التاريخي عن فكر مسرحي؟ الأكيد لا. فإعادة البناء اليوم ضرورة ملحّة في ظلّ هذا الطريق المجهول، بداية من البحث عميقًا حول آليات الفرجة وكيفية إعادة الاشتغال على الجسد بعيدًا عن صورته «الميتافيزيقية»، وخاصة رؤية الفنان المسرحي لراهنه انطلاقًا من أسس جوهرها النقد الذاتي، فالتغيير لن يحدث دون وعي المسرحي بمدى الهوّة بين معظم الإنتاجات العربية والإفريقية وواقع هذه الأوطان والشعوب.
ولادة جديدة
ورغم الكثير من الآراء التي تعالت مع بداية الثورة التكنولوجية معلنة عن نهاية عهد المسرح، وسيطرة الصورة والتقنيات الحديثة على العالم بشتى تعبيراته المجتمعية والثقافية، ظلّ «أبو الفنون» شامخًا ومتنفّسًا ومساحة للتعبير والحرية. ومع كلّ منعطف أو منعرج يحيد بمضامينه ورسائله عن دوره التوعوي والمغاير، يولد من جديد. لذلك، لا يمكن أن تكون مثل هذه اللقاءات والجلسات الحوارية، على غرار المنتدى الدولي «الفنّان المسرحي: زمنه وأعماله»، إلا خطوة نحو التطوير وتبادل الرؤى والأفكار المجدِّدة لصالح المسرح وبنائه الفكري والجمالي.
وللتذكير، فإن الندوة الصحفية لأيام قرطاج المسرحية في دورتها السادسة والعشرين تُعقد غدًا الخميس 13 نوفمبر الجاري، وسيتمّ الإعلان خلالها عن كامل تفاصيل هذه النسخة الجديدة من المهرجان، الذي تقوم برمجته أساسًا على المسابقة الرسمية لأحدث الإنتاجات المسرحية التونسية والعربية والإفريقية، مع عروض موازية وبرمجة خاصة بالتعبيرات المسرحية في المهجر لصنّاع الفرجة التونسيين والعرب والأفارقة، إضافة إلى مشاركة عدد من العروض الدولية التي تضمّ الهياكل المسرحية والأدائية المحترفة غير العربية والإفريقية.
نجلاء قموع
النقد الذاتي من داخل القطاع المسرحي خطوة نحو تطوير فكر وجماليات الفن الرابع في العالم العربي وإفريقيا
تحتفي تونس في الأيام القليلة القادمة بالدورة السادسة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية (من 22 إلى 29 نوفمبر 2025). وفي بعدها الفكري اختارت هذه النسخة من المهرجان طرح قضية هامّة وشائكة ضمن برمجة المنتدى المسرحي الدولي، أيام 24 و25 و26 نوفمبر الجاري، تهمّ راهن الفن الرابع وآليات عمله.
ندوة دولية بحضور أهمّ الفاعلين في المشهد المسرحي التونسي والعربي والإفريقي، تحمل عنوان «الفنّان المسرحي: زمنه وأعماله»، ومن المنتظر أن تكون جلساتها الحوارية مساحة للنقاش والبحث وطرح الأسئلة الكبرى بعيدًا عن المعطيات المغلوطة والتنظير العقيم.
الأزمات الحقيقية للمسرح
ويبدو مضمون المنتدى المسرحي الدولي، ظاهريًا ومن عنوانه، جريئًا وواعدًا بالاشتغال على الأزمات الحقيقية للمسرح العربي والإفريقي دون مواربة أو مجاملة لتجارب أكّد الركح -وخاصة في علاقة بالمتلقي لهذا التعبير الفني- فشلها.
ولكن، هل يدرك صُنّاع الفرجة والممارسون للفعل المسرحي مدى تأثير خياراتهم الفنية والفكرية على المجتمع؟ هل يمارس، حقيقة، المسرح العربي والإفريقي دوره الثقافي في ظلّ الأزمات المجتمعية على مستوى الهوية والذاكرة والتراجع القيمي وارتفاع منسوب العنف، في غياب آليات فنية -مسرحًا كانت أو غيرها من الفنون- في مواجهة كمّ الانهيار الفكري في عالمنا العربي وقارتنا السمراء؟
هي أسئلة من زخم يطارد تفكيرنا ونحن نشاهد إنتاجات «الآن وهنا» من أعمال الفن الرابع، الحاضرة في معظم دورات أيام قرطاج المسرحية، التي تُعتبر واحدة من أهمّ منصّات هذا الفنّ على المستوى الدولي والإقليمي، هذا إن لم تكن أهمّها.
أسئلة ملحّة وطريق مجهول
المنتدى الدولي «الفنّان المسرحي: زمنه وأعماله»، الذي ينتظم خلال الدورة السادسة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية بإدارة المخرج محمد منير العرقي، مطالب -عبر خياراته من ورقات ومداخلات وضيوف وبالمساهمة بمخرجات جادّة تضع أهل الفن الرابع العربي والإفريقي، وكذلك - ومن الضروري- التونسي ، أمام المسؤولية الثقافية والمجتمعية. فعبر الزمن، كان المسرح، كما الخبز والهواء، جزءًا من حياة البشرية، ولئن تطوّرت أشكاله من فترة تاريخية إلى أخرى، إلا أن دوره ظلّ راسخًا في حضارة الشعوب وتاريخها.
وقد وسمت الإيديولوجيات بنية المسرح العربي والإفريقي منذ نشأته الأولى، فكان رهين مضامين ثابتة مقلَّدة عن الغرب وغير مجدَّدة -إلا بعض الخيارات الجادّة التي لا يمكن وصفها سوى بالتجارب الفردية- وعدد منها كان تونسي الإنتاج والهوية. فعلى مرّ العقود الأخيرة، لم يتطوّر المسرح العربي كما الإفريقي، فهل يمكننا الحديث في هذا السياق والمسار التاريخي عن فكر مسرحي؟ الأكيد لا. فإعادة البناء اليوم ضرورة ملحّة في ظلّ هذا الطريق المجهول، بداية من البحث عميقًا حول آليات الفرجة وكيفية إعادة الاشتغال على الجسد بعيدًا عن صورته «الميتافيزيقية»، وخاصة رؤية الفنان المسرحي لراهنه انطلاقًا من أسس جوهرها النقد الذاتي، فالتغيير لن يحدث دون وعي المسرحي بمدى الهوّة بين معظم الإنتاجات العربية والإفريقية وواقع هذه الأوطان والشعوب.
ولادة جديدة
ورغم الكثير من الآراء التي تعالت مع بداية الثورة التكنولوجية معلنة عن نهاية عهد المسرح، وسيطرة الصورة والتقنيات الحديثة على العالم بشتى تعبيراته المجتمعية والثقافية، ظلّ «أبو الفنون» شامخًا ومتنفّسًا ومساحة للتعبير والحرية. ومع كلّ منعطف أو منعرج يحيد بمضامينه ورسائله عن دوره التوعوي والمغاير، يولد من جديد. لذلك، لا يمكن أن تكون مثل هذه اللقاءات والجلسات الحوارية، على غرار المنتدى الدولي «الفنّان المسرحي: زمنه وأعماله»، إلا خطوة نحو التطوير وتبادل الرؤى والأفكار المجدِّدة لصالح المسرح وبنائه الفكري والجمالي.
وللتذكير، فإن الندوة الصحفية لأيام قرطاج المسرحية في دورتها السادسة والعشرين تُعقد غدًا الخميس 13 نوفمبر الجاري، وسيتمّ الإعلان خلالها عن كامل تفاصيل هذه النسخة الجديدة من المهرجان، الذي تقوم برمجته أساسًا على المسابقة الرسمية لأحدث الإنتاجات المسرحية التونسية والعربية والإفريقية، مع عروض موازية وبرمجة خاصة بالتعبيرات المسرحية في المهجر لصنّاع الفرجة التونسيين والعرب والأفارقة، إضافة إلى مشاركة عدد من العروض الدولية التي تضمّ الهياكل المسرحية والأدائية المحترفة غير العربية والإفريقية.