إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

نحو حماية الفلاح ومراجعة الإجراءات.. الفلاحة في صدارة أولويات الدولة

يحتلّ اليوم القطاع الفلاحي مكانة محورية في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، باعتباره قطاعا حيويا يمكن من خلاله كسب رهانات الأمن الغذائي والتنمية المستدامة والتوازن الجهوي. وتُعيد الدولة، في أعلى هرمها، اليوم ترتيب أولوياتها حول إصلاح المنظومة الفلاحية ودعم صغار المنتجين بما يضمن استمرارية الإنتاج وتكافؤ الفرص داخل المنظومة، إدراكًا منها بأن النهوض بالقطاع الفلاحي هو شرطٌ أساسي لاستعادة النمو وبناء تنمية متوازنة.

وفي هذا السياق، جاء تأكيد رئيس الجمهورية قيس سعيّد، خلال لقائه الأخير في قصر قرطاج بوزير الداخلية خالد النوري ووزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي، على ضرورة مراجعة الإجراءات المعطّلة واللّامنصفة للفلاحين، ليُترجم توجّهًا واضحًا نحو إصلاح المنظومة الفلاحية وضمان العدالة الإدارية والاقتصادية لمن يعملون في صميم دورة الإنتاج الوطني، بما يعكس تجديدًا لإرادة الدولة في استعادة مكانة هذا القطاع الحيوي كركيزة للسيادة الوطنية، وكمجال يُعتبر المفتاح الرئيسي للأمن والسيادة الغذائية والتنمية المتوازنة.

لقاء قرطاج الأخير جاء أيضا ليضع حدا للفجوة التي تفصل الفلاح عن الإدارة، مؤكدًا في جوهره أن الاهتمام بالفلاح لا ينفصل عن إصلاح الإدارة.

وفي هذا السياق، شدّد رئيس الجمهورية على ضرورة إزالة كل العراقيل الإجرائية التي أنهكت صغار الفلاحين، داعيًا إلى مراجعة الوثائق والرسوم التي تُطلب بلا سند قانوني، لاسيما أن تلك الإجراءات التي تراكمت بمرور السنوات تحوّلت إلى عبء يُضعف الإنتاج ويُعطّل الدورة الاقتصادية.

ومن هنا جاءت دعوة رئيس الدولة قيس سعيّد إلى تبسيط الوثائق الإدارية التي تُطلب عند التنقّل أو التسويق أو التخزين، مؤكدا أنّ الإدارة مطالبة بأن تكون عنصر دعم ومرافقة لا مصدر تعطيل. وهي مقاربة تجعل من الفلاح شريكًا في السياسات العمومية، وتضع في صدارة الأولويات إعادة بناء الثقة بين الدولة ومنظوريها.

ليتجاوز رئيس الدولة قيس سعيّد عبر هذا اللقاء سياسة التشخيص إلى سياسة اتخاذ القرار والتنفيذ، من خلال توجيه تعليمات واضحة لاتخاذ إجراءات فورية تضع حدًّا للتجاوزات، مذكّرًا بأنّ تونس دولة قانون لا تُدار بالمناشير غير القانونية.

وفي هذا الإطار، يعتبر رئيس الدولة قيس سعيّد أنّ حماية الفلاحين ليست منّة من الدولة، وإنّما هي واجب وطني، كما أن الأجهزة المركزية والجهوية مطالبة بتحمّل مسؤولياتها كاملة، لأنّ الأمن الغذائي لا ينفصل في جوهره عن الأمن القومي.

مواجهة الاحتكار... معركة السيادة

من جانب آخر، فإنه حين تطرّق رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى مسألة حماية الفلاحين، فهو في الواقع يجدّد المعركة المفتوحة منذ سنوات ضدّ الاحتكار والمضاربة وضدّ كل من تسوّل له نفسه التلاعب بقوت التونسيين.

فالمضارب لا يهدّد فقط استقرار الأسعار ويُثقل كاهل المواطن، بل يضرب صميم سيادة الدولة حين يتحكّم في قوت التونسيين. لذلك شدّد رئيس الدولة على أنّ بعض الأطراف المعلومة لم تعد تسعى اليوم إلى الربح المشروع، وإنما إلى تأجيج الأوضاع واستغلال الأزمات لغايات سياسية ومصالح فئوية ضيّقة.

ومن هنا جاء التزام رئيس الدولة قيس سعيّد المتجدّد بمواصلة محاربة هذه الممارسات، مؤكّدًا أنّ الفلاح سيكون في صدارة السياسات الحمائية لا على هامشها، وأنّ الدولة لن تتردّد في تسخير كل الوسائل القانونية والإدارية لضمان استقرار السوق وعدالة التوزيع.

وبهذا التوجّه، تؤكد الدولة أنها تحمي الفلاحين بالقانون لا بالشعارات، وأنّ الإصلاح الحقيقي يبدأ من الإدارة ذاتها. فكلّ سلطة، مركزية كانت أو جهوية، مطالبة اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بتحمّل مسؤولياتها كاملة، لأنّ استقرار البلاد يبدأ من استقرار أسواقها ومنتجيها.

ومن هذا المنطلق تضع الدولة القطاع الفلاحي ضمن أولويات مشروع التنمية المتوازنة، إدراكًا منها بأنّ تحقيق التنمية الشاملة ينطلق من الريف ومن صانعي الثروة على الأرض، فكلّ إصلاح إداري أو مالي لن يكتمل ما لم ينعكس على حياة الفلاحين الذين يشكّلون قاعدة الإنتاج الوطني.

وبالتالي، فإنّ تبسيط الإجراءات وتوفير التمويل العادل وتحديث أساليب التخزين والتسويق هي مفاتيح المرحلة المقبلة، وهي أيضًا شروط لاستعادة الثقة بين الدولة ومنظوريها، تلك الثقة التي لطالما أكّد رئيس الجمهورية في معرض لقاءاته الرسمية أنها لا تُسترجع بالوعود، بل بالنتائج الملموسة التي يشعر بها المواطن في حياته اليومية.

وفي هذا الخضمّ، ونحن على أبواب موسم جني الزيتون، أحد أعمدة الثروة الفلاحية الوطنية، تزداد الحاجة إلى قرارات عملية تيسّر نشاط الفلاحين وتُزيل العراقيل الإدارية التي تعيق تسويق المنتوج وتخزينه في أفضل الظروف. ومن هذا المنطلق، جاء لقاء قرطاج الأخير ليؤكّد توجّه الدولة نحو توفير كلّ مقوّمات النجاح لموسم استراتيجي يهمّ آلاف الفلاحين ومئات المعاصر ومختلف المتدخلين في سلسلة الإنتاج، في إطار رؤية شاملة ترمي إلى جعل الفلاحة عنصرًا فاعلًا في الدورة الاقتصادية ومصدر فخر وازدهار للبلاد.

فالهدف اليوم هو أن تكون الإدارة في خدمة الإنتاج، وأن تُختصر المسافات بين الفلاح ومؤسسات الدولة بما يوفّر الشروط المثلى لإنجاح موسم يُعوّل عليه اقتصاديا واجتماعيا.

وفي كلماته الأخيرة، إثر هذا اللقاء، أشار رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى “شبابٍ متعفّفٍ ينبض وطنيةً ستُفتح أمامه الأبواب”، لتلخّص تلك العبارة رؤية متكاملة لإصلاح الإدارة من خلال ضخّ دماء جديدة، قادرة على تحويل روح المسؤولية من شعار إلى ممارسة يومية.

فالإصلاح الحقيقي لا يرتكز على الشعارات، بل على عنصر بشري يدير المرفق العام بإخلاص وانضباط.

وفي هذا الصدد، ميّز رئيس الدولة بين من يخطئ عن حسن نية ويسعى إلى التدارك، وبين من يتستّر وراء الكفاءة ليُعطّل المرفق العام ويحوّله إلى مجال امتياز شخصي، بما يعكس إشارة ضمنية إلى أن التسامح مع التقصير الإداري قد ولّى زمانه وانتهى، لتولد مرحلة جديدة قوامها المساءلة والمحاسبة على قاعدة الأداء والإنجاز.

دولة قانون وعدل

وفي هذا الإطار يرى متابعون ان اجتماع قصر قرطاج كان في جوهره تأكيدًا لخيارات كبرى، من ذلك أن الدولة تتّجه نحو ترسيخ دولة القانون والمساءلة، وتجديد العقد بين الإدارة والمواطن على أساس الاحترام المتبادل.

فحماية الفلاحين ليست قضية قطاع مهني يسعى إلى تثبيت ديمومته واستمراريته، وإنما هي قضية دولة تسعى إلى الحفاظ على سيادتها الغذائية واستقلال قرارها الاقتصادي.

وفي هذا الخصوص، فإنّ نجاح الدولة في هذا المسار سيُقاس بقدرتها على تحويل السياسة الفلاحية إلى سياسة تنموية شاملة تمنح الفلاح مكانته الحقيقية في المنظومة الوطنية.

فإعادة وضع الفلاحة في صلب السياسات العمومية ليست مسألة تقنية، بل هي اختيار تنموي واضح.

فكلّ مشروع وطني عادل يبدأ من الحقول التي تنتظر الدعم والتجديد، إلى جانب تطوير البنية التحتية الفلاحية، وتبسيط النفاذ إلى التمويل، وتحديث مسالك التوزيع، وهي مفاتيح مستقبل زراعي واعد.

ومن الحقول التي تنتظر تحررا من كل أشكال البيروقراطية المقيتة، إلى المكاتب التي تُصدر القرارات، تتقاطع اليوم خيوط معركة واحدة، هي معركة استعادة الثقة. فحين تُبنى الثقة بين الدولة والمواطن، تُبنى أسس التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، وما مراهنة الدولة على القطاع الفلاحي إلا في جوهرها مراهنة على مستقبل أجيالٍ برمّتها.

فالفلاح هو ضامن السيادة، وحين تُحترم جهوده ويُرفع عنه ثقل البيروقراطية، تُزهر الحقول من جديد، وتثمر تونس عملًا وإنتاجًا وأملًا.

منال حرزي

نحو حماية الفلاح ومراجعة الإجراءات..   الفلاحة في صدارة أولويات الدولة

يحتلّ اليوم القطاع الفلاحي مكانة محورية في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، باعتباره قطاعا حيويا يمكن من خلاله كسب رهانات الأمن الغذائي والتنمية المستدامة والتوازن الجهوي. وتُعيد الدولة، في أعلى هرمها، اليوم ترتيب أولوياتها حول إصلاح المنظومة الفلاحية ودعم صغار المنتجين بما يضمن استمرارية الإنتاج وتكافؤ الفرص داخل المنظومة، إدراكًا منها بأن النهوض بالقطاع الفلاحي هو شرطٌ أساسي لاستعادة النمو وبناء تنمية متوازنة.

وفي هذا السياق، جاء تأكيد رئيس الجمهورية قيس سعيّد، خلال لقائه الأخير في قصر قرطاج بوزير الداخلية خالد النوري ووزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي، على ضرورة مراجعة الإجراءات المعطّلة واللّامنصفة للفلاحين، ليُترجم توجّهًا واضحًا نحو إصلاح المنظومة الفلاحية وضمان العدالة الإدارية والاقتصادية لمن يعملون في صميم دورة الإنتاج الوطني، بما يعكس تجديدًا لإرادة الدولة في استعادة مكانة هذا القطاع الحيوي كركيزة للسيادة الوطنية، وكمجال يُعتبر المفتاح الرئيسي للأمن والسيادة الغذائية والتنمية المتوازنة.

لقاء قرطاج الأخير جاء أيضا ليضع حدا للفجوة التي تفصل الفلاح عن الإدارة، مؤكدًا في جوهره أن الاهتمام بالفلاح لا ينفصل عن إصلاح الإدارة.

وفي هذا السياق، شدّد رئيس الجمهورية على ضرورة إزالة كل العراقيل الإجرائية التي أنهكت صغار الفلاحين، داعيًا إلى مراجعة الوثائق والرسوم التي تُطلب بلا سند قانوني، لاسيما أن تلك الإجراءات التي تراكمت بمرور السنوات تحوّلت إلى عبء يُضعف الإنتاج ويُعطّل الدورة الاقتصادية.

ومن هنا جاءت دعوة رئيس الدولة قيس سعيّد إلى تبسيط الوثائق الإدارية التي تُطلب عند التنقّل أو التسويق أو التخزين، مؤكدا أنّ الإدارة مطالبة بأن تكون عنصر دعم ومرافقة لا مصدر تعطيل. وهي مقاربة تجعل من الفلاح شريكًا في السياسات العمومية، وتضع في صدارة الأولويات إعادة بناء الثقة بين الدولة ومنظوريها.

ليتجاوز رئيس الدولة قيس سعيّد عبر هذا اللقاء سياسة التشخيص إلى سياسة اتخاذ القرار والتنفيذ، من خلال توجيه تعليمات واضحة لاتخاذ إجراءات فورية تضع حدًّا للتجاوزات، مذكّرًا بأنّ تونس دولة قانون لا تُدار بالمناشير غير القانونية.

وفي هذا الإطار، يعتبر رئيس الدولة قيس سعيّد أنّ حماية الفلاحين ليست منّة من الدولة، وإنّما هي واجب وطني، كما أن الأجهزة المركزية والجهوية مطالبة بتحمّل مسؤولياتها كاملة، لأنّ الأمن الغذائي لا ينفصل في جوهره عن الأمن القومي.

مواجهة الاحتكار... معركة السيادة

من جانب آخر، فإنه حين تطرّق رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى مسألة حماية الفلاحين، فهو في الواقع يجدّد المعركة المفتوحة منذ سنوات ضدّ الاحتكار والمضاربة وضدّ كل من تسوّل له نفسه التلاعب بقوت التونسيين.

فالمضارب لا يهدّد فقط استقرار الأسعار ويُثقل كاهل المواطن، بل يضرب صميم سيادة الدولة حين يتحكّم في قوت التونسيين. لذلك شدّد رئيس الدولة على أنّ بعض الأطراف المعلومة لم تعد تسعى اليوم إلى الربح المشروع، وإنما إلى تأجيج الأوضاع واستغلال الأزمات لغايات سياسية ومصالح فئوية ضيّقة.

ومن هنا جاء التزام رئيس الدولة قيس سعيّد المتجدّد بمواصلة محاربة هذه الممارسات، مؤكّدًا أنّ الفلاح سيكون في صدارة السياسات الحمائية لا على هامشها، وأنّ الدولة لن تتردّد في تسخير كل الوسائل القانونية والإدارية لضمان استقرار السوق وعدالة التوزيع.

وبهذا التوجّه، تؤكد الدولة أنها تحمي الفلاحين بالقانون لا بالشعارات، وأنّ الإصلاح الحقيقي يبدأ من الإدارة ذاتها. فكلّ سلطة، مركزية كانت أو جهوية، مطالبة اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بتحمّل مسؤولياتها كاملة، لأنّ استقرار البلاد يبدأ من استقرار أسواقها ومنتجيها.

ومن هذا المنطلق تضع الدولة القطاع الفلاحي ضمن أولويات مشروع التنمية المتوازنة، إدراكًا منها بأنّ تحقيق التنمية الشاملة ينطلق من الريف ومن صانعي الثروة على الأرض، فكلّ إصلاح إداري أو مالي لن يكتمل ما لم ينعكس على حياة الفلاحين الذين يشكّلون قاعدة الإنتاج الوطني.

وبالتالي، فإنّ تبسيط الإجراءات وتوفير التمويل العادل وتحديث أساليب التخزين والتسويق هي مفاتيح المرحلة المقبلة، وهي أيضًا شروط لاستعادة الثقة بين الدولة ومنظوريها، تلك الثقة التي لطالما أكّد رئيس الجمهورية في معرض لقاءاته الرسمية أنها لا تُسترجع بالوعود، بل بالنتائج الملموسة التي يشعر بها المواطن في حياته اليومية.

وفي هذا الخضمّ، ونحن على أبواب موسم جني الزيتون، أحد أعمدة الثروة الفلاحية الوطنية، تزداد الحاجة إلى قرارات عملية تيسّر نشاط الفلاحين وتُزيل العراقيل الإدارية التي تعيق تسويق المنتوج وتخزينه في أفضل الظروف. ومن هذا المنطلق، جاء لقاء قرطاج الأخير ليؤكّد توجّه الدولة نحو توفير كلّ مقوّمات النجاح لموسم استراتيجي يهمّ آلاف الفلاحين ومئات المعاصر ومختلف المتدخلين في سلسلة الإنتاج، في إطار رؤية شاملة ترمي إلى جعل الفلاحة عنصرًا فاعلًا في الدورة الاقتصادية ومصدر فخر وازدهار للبلاد.

فالهدف اليوم هو أن تكون الإدارة في خدمة الإنتاج، وأن تُختصر المسافات بين الفلاح ومؤسسات الدولة بما يوفّر الشروط المثلى لإنجاح موسم يُعوّل عليه اقتصاديا واجتماعيا.

وفي كلماته الأخيرة، إثر هذا اللقاء، أشار رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى “شبابٍ متعفّفٍ ينبض وطنيةً ستُفتح أمامه الأبواب”، لتلخّص تلك العبارة رؤية متكاملة لإصلاح الإدارة من خلال ضخّ دماء جديدة، قادرة على تحويل روح المسؤولية من شعار إلى ممارسة يومية.

فالإصلاح الحقيقي لا يرتكز على الشعارات، بل على عنصر بشري يدير المرفق العام بإخلاص وانضباط.

وفي هذا الصدد، ميّز رئيس الدولة بين من يخطئ عن حسن نية ويسعى إلى التدارك، وبين من يتستّر وراء الكفاءة ليُعطّل المرفق العام ويحوّله إلى مجال امتياز شخصي، بما يعكس إشارة ضمنية إلى أن التسامح مع التقصير الإداري قد ولّى زمانه وانتهى، لتولد مرحلة جديدة قوامها المساءلة والمحاسبة على قاعدة الأداء والإنجاز.

دولة قانون وعدل

وفي هذا الإطار يرى متابعون ان اجتماع قصر قرطاج كان في جوهره تأكيدًا لخيارات كبرى، من ذلك أن الدولة تتّجه نحو ترسيخ دولة القانون والمساءلة، وتجديد العقد بين الإدارة والمواطن على أساس الاحترام المتبادل.

فحماية الفلاحين ليست قضية قطاع مهني يسعى إلى تثبيت ديمومته واستمراريته، وإنما هي قضية دولة تسعى إلى الحفاظ على سيادتها الغذائية واستقلال قرارها الاقتصادي.

وفي هذا الخصوص، فإنّ نجاح الدولة في هذا المسار سيُقاس بقدرتها على تحويل السياسة الفلاحية إلى سياسة تنموية شاملة تمنح الفلاح مكانته الحقيقية في المنظومة الوطنية.

فإعادة وضع الفلاحة في صلب السياسات العمومية ليست مسألة تقنية، بل هي اختيار تنموي واضح.

فكلّ مشروع وطني عادل يبدأ من الحقول التي تنتظر الدعم والتجديد، إلى جانب تطوير البنية التحتية الفلاحية، وتبسيط النفاذ إلى التمويل، وتحديث مسالك التوزيع، وهي مفاتيح مستقبل زراعي واعد.

ومن الحقول التي تنتظر تحررا من كل أشكال البيروقراطية المقيتة، إلى المكاتب التي تُصدر القرارات، تتقاطع اليوم خيوط معركة واحدة، هي معركة استعادة الثقة. فحين تُبنى الثقة بين الدولة والمواطن، تُبنى أسس التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، وما مراهنة الدولة على القطاع الفلاحي إلا في جوهرها مراهنة على مستقبل أجيالٍ برمّتها.

فالفلاح هو ضامن السيادة، وحين تُحترم جهوده ويُرفع عنه ثقل البيروقراطية، تُزهر الحقول من جديد، وتثمر تونس عملًا وإنتاجًا وأملًا.

منال حرزي