- دعوات للتسريع في إعداد مجلات المياه والاستثمار والصرف
على غرار أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، طالب أعضاء مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسة عامة مشتركة بين المجلسين بقصر باردو لنقاش مشاريع قوانين المالية وميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2026 الحكومة بالمضي في تنفيذ الإصلاحات في مختلف القطاعات لأن الشعب التونسي سئم انتظار. وعبروا عن رغبتهم في توضيح الرؤية أمامهم وتقديم معطيات حول المشاريع المبرمجة ورزنامة إنجازها مع الالتزام باستكمال أشغالها في الآجال، لأنه بهذه الكيفية فقط تستعيد الدولة ثقة المواطن في مؤسساتها.
وطالب العديد من النواب بالتخفيف من العبء الجبائي من خلال اجتهاد إدارة الجباية في البحث عن موارد أخرى لتمويل الميزانية وخاصة توجيه البوصلة للقطاع الموازي والعمل على إدماجه لكي يساهم بدوره في دعم موارد الدولة. وثمن بعضهم التوجه الاجتماعي لميزانية الدولة واقترحوا تدعيم الإجراءات الرامية إلى تكريس الدور الاجتماعي للدولة الواردة في مشروع قانون المالية من خلال تعميم مقترحات التسوية على جميع وضعيات التشغيل الهش دون استثناء، في حين ألقى البعض الآخر باللائمة على الحكومة لأنها لم تتقدم بالشكل المطلوب في تحقيق الثورة التشريعية وأكدوا على ضرورة التسريع في تغيير القوانين البالية وتساءلوا عن سبب كل هذا التأخير في إعداد مشاريع مجلات المياه والصرف والاستثمار والتهيئة الترابية والتعمير.
النائب حمزة بضيافي قال إنه تابع باهتمام ما ورد في مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية لسنة 2026 من وعود إلا أن الواقع المعيشي للمواطنين مازال يطرح أسئلة حقيقية حول العدالة الاجتماعية والقدرة الشرائية وجودة الخدمات العمومية وخاصة علاقة المواطن بمؤسسات الدولة. وأضاف أنه لا بد اليوم من ابتكار حلول ثورية لتحقيق مطالب المواطنين، ويرى أنه من واجب الدولة تحقيق آمال التونسيين. وذكر أنه تم صلب مشروع الميزان الاقتصادي التأكيد على تطبيق اللامركزية بكل معانيها لكن بحكم احتكاكه بمشاكل جهته المحرومة فإنه يؤكد أن الإدارة تعمل على تكريس المركزية المقيتة وإلا كيف يتم تجاهل مشاكل فلاحي التمور التي لا تحصى ولا تعد؟.
وذكر أنه لم يقع تمتيع مجمعي التمور وأصحاب المخازن من امتيازات الاستثمار منذ سنتين فكيف للقطاع أن يتعافى. وأوضح أن قطاع التمور يأتي في المرتبة الثانية من حيث توفير العملة الصعبة للجمهورية التونسية من خلال صادرات الدقلة لكن الفلاح لا يستطيع ترويج منتوجاته بتعلة عدم الاستظهار بفاتورة.
واستنتج النائب أن وزارة الفلاحة والمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية وخلايا الإرشاد الفلاحي بتوزر ليست لها صلة بواقع منظوريها من الفلاحين فهؤلاء يعانون منذ سنين لكن لا من مجيب.
وأضاف أن الهم الوحيد للمواطن هو توفير لقمة العيش وتحسين الخدمات وتقريبها منه وتوجه بضيافي بعديد المطالب التي تهم دائرته ومنها تنصيب عمد بالفريد والضافرية وفك العزلة عن تمغزة وتحسين البنية التحتية الصحية والفلاحية والتربوية بالحامة وإدراج بلدية دقاش كبلدية سياحية لأنه في ما مضى تم تقديم وعود كثيرة في هذا المضمار، وتوجه في المقابل بالشكر لوزير السياحة الحالي ولوالي توزر على التفاعل الإيجابي مع مقترح إدراج هذه البلدية ضمن البلديات السياحية، وترحم حمزة بضياف النائب الجديد عن دائرة دقاش حامة الجريد تمغزة على الدكتور النائب نبيه ثابت.
المسؤولية المجتمعية
النائب إبراهيم حسين بين أن مشروع قانون المالية الذي تقدمت به الحكومة يكتسي طابعا اجتماعيا إذ أنه يتضمن عدة نقاط ايجابية تهدف إلى تكريس العدالة الاجتماعية وتحسين القدرة الشرائية والزيادة في الجور وجراية لتقاعد وتحقيق العدالة الجبائية ودفع التشغيل في سياق وطني عام تتراكم فيه الأعباء على المالية العمومية.
وتساءل هل أن هذا المشروع هو محاولة لتثبيت السلم الاجتماعي أم هو مشروع لبناء اقتصاد ومعالجة جذور الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس حتى تنطلق في مسار التنمية المستدامة بداية من السنة الأولى للمخطط التنموي 2026ـ 2030.
وذكر أنه يوجد سوء تصرف في الأراضي الدولية كما لم يقع إيجاد حلول واضحة ومدروسة للأزمات التي مر بها قطاع زيت الزيتون وقطاع التمور إذ بقى الوضع يراوح مكانه. وتساءل عضو مجلس نواب الشعب عن خطة الحكومة لمعالجة مشكل ارتفاع نسبة البطالة في صفوف أصحاب الشهادات العليا وبقية الفئات المهمشة وطالبها بمتابعة تنفيذ قانون المسؤولية المجتمعية للمؤسسات الاقتصادية في الجهات ذات الأولوية التنموية والعناية بوضعيات عمال الدواوين الفلاحية والحضائر الظرفية والغابات. وشدد النائب على ضرورة فرض تطبيق قانون المناولة الذي يعد ثورة تشريعية، وبين أن العديد من المؤسسات وخاصة الشركات البترولية تتهرب من تسوية الوضعيات الشغلية للكثير من العمال، وأكد حسين من جديد على ضرورة التعجيل في إحالة مجلات الصرف والغابات والمياه والاستثمار والتهيئة العمرانية إلى مجلس نواب الشعب وأضاف قائلا إن الشعب التونسي سئم من الوعود هو وهو اليوم ينتظر النتائج.
التعويل على الذات
النائب فخري عبد الخالق بين أن سياسة التعويل على الذات تهدف إلى تعزيز الاستقلالية المالية للبلاد وتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية حيث بقيت بين ما هو مأمول كتقليص الاعتماد على الديون الخارجية وتعزيز الاستقلالية المالية والسيادية وتحسين الوضع المالي للدولة وبين ما هو منشود كتعزيز الإنتاجية والكفاءة في مختلف القطاعات والتشجيع على الاستثمار المحلي والأجنبي وتحسين موارد الدولة المالية وتعزيز الشفافية. ومن خلال تحقيق هذه الأهداف يمكن لسياسة التعويل على الذات حسب رأيه أن تساهم في تعزيز الاستقرار في البلاد. وتساءل لماذا أصبحت ميزانية الدولة توصف سنويا بأنها وثيقة محاسبية خالية من كل بعد استراتجي يحقق التوجه نحو بناء اقتصاد مستدام قوامه التنمية العادلة بين الفئات والجهات؟
ونبه عبد الخالق إلى أن الجباية المثقلة على المؤسسات يدفعها في نهاية الأمر ذلك المواطن الذي تدهورت مقدرته الشرائية. وأضاف النائب أن قانون المالية في ظاهرة عناية بالمواطن وتخفيف أعباء عليه وتمكينه من مستوى معيشة أفضل لكن هذا لا يتجلى في واقع الحال بصورة واضحة في الميزانية فمن ناحية ستواصل الدولة سياسة الدعم التي تخفف الضغط لكن من ناحية أخرى تمت إضافة معاليم جبائية جديدة فما تقدمه الدولة باليد اليمنى تأخذه باليسرى، حسب تعبيره، ولاحظ أن هذا الأمر يتكرر في كل ميزانية.
وفسر النائب فخري عبد الخالق أن الرئيس قيس سعيد يريد ثورة تنموية ودولة اجتماعية لكن الحكومة لا تتحرك بالسرعة المطلوبة لتحقيق ذلك وذكر أن رئيس الدولة يريد ثورة على كافة التشريعات البالية والمعطلة لكن لا توجد استجابة إلا في ما قل وندر.
وخلص النائب إلى أنه في إطار العمل المشترك بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية فهو يقترح ما يلي: تعزيز القطاعات الاقتصادية غير المعتمدة على الجباية مثل الصناعة والفلاحة والسياحة وتقديم حوافز للمستثمرين المحليين والأجانب لتعزيز النمو الاقتصادي وترشيد النفقات العمومية وتوجيهها نحو المشاريع الأكثر فائدة، ومزيد مكافحة الفساد وتحسين إدارة الموارد العامة وتقديم الدعم المالي والتقني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة لتعزيز دورها في الاقتصاد، وتشجيع الصادرات وزيادة القدرة التنافسية للمنتوجات المحلية في الأسواق الخارجية وخاصة الفلاحية وتعزيز استغلال الثروات الطبيعية بشكل مستدام لزيادة الإيرادات وتشجيع البحث العلمي والابتكار وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص. كما ترحم النائب على وليد الخصخوصي العون بشركة نقل تونس الذي توفي مؤخرا جراء تعرضه إلى طعنة غادرة.
وضع أسس الثورة التشريعية
أما النائب حسام محجوب فذكّر المتابعين لأشغال الجلسة العامة أن مشروع قانون المالية ومشروع ميزانية الدولة هما ترجمة للسياسة العامة للدولة بمختلف أنواعها التي يضبطها ويحدد اختياراتها الأساسية رئيس الجمهورية وتساعده في ذلك حكومة يختارها ويعين أعضاءها وهي مسؤولة أمامه وفي المقابل يمارس مجلس نواب الشعب وظيفته التشريعية والرقابية وفق أحكام الدستور وذلك بتفويض من الشعب التونسي صاحب السيادة. وثمن النائب الطابع الاجتماعي لهذا المشروع وترجمة شعار شغل حرية كرامة وطنية في شكل إجراءات عملية مثل فتح باب الانتداب في الوظيفة العمومية وتحفيز القطاع الخاص على انتداب خرجي الجامعة التونسية إضافة إلى إجراءات لإنعاش الصناديق الاجتماعية والمحافظة على ديمومتها وكل ذلك في إطار المحافظة على المقدّرات الذاتية من أجل المحافظة على سيادة القرار الوطني وتحقيق العدالة الاجتماعية والحد من التفاوت استجابة لمطالب الشعب. ويرى محجوب أن التعويل على المقدرات الذاتية لضمان السلم والعدل الاجتماعي يجب أن يقترن بسياسة اقتصادية تفضي إلى تحقيق نسب نمو متصاعدة وتقلص من عجز الميزانية وفي هذا السياق تقدم بملاحظات ومقترحات عدة حول مشاريع قوانين المالية والميزانية والميزان الاقتصادي المعروضة على النقاش العام، وبين في هذا السياق أن الدور الاجتماعي للدولة لا يمكن تحقيق أهدافه إلا إذا كانت الخيارات الاقتصادية للبلاد مرتكزة أساسا على دفع الاستثمارات والمشاريع ذات القيمة المضافة والطاقة التشغيلية المرتفعة لتحقيق نسب نمو دقيقة تنعكس ايجابيا على بقية المؤشرات الاقتصادية. ولاحظ النائب أن العائق المرتبط بالمالية العمومية يمكن تجاوزه من خلال سن تشريعات تتعلق خاصة بمجلتي الصرف وأملاك الدولة وتوحيد الوكالات والهياكل المعنية بالاستثمار ومتابعة الباعثين الشبان والمستثمرين وتوحيدها صلب الهيئة التونسية للاستثمار مع إحداث فروع لهذه الهيئة في كل الولايات ورقمة كل الأنشطة والخدمات التي تسديها وبهذه الكيفية يكون هناك مخاطب وحيد لكل الباعثين والمستثمرين. وأشار إلى أنه لا بد أيضا من إرساء مناخ محفز للاستثمار وتوجيه خطاب جاذب يبرز مواطن قوة تونس كوجهة استثمارية جاذبة داخليا وخارجيا. ومن الملاحظات الأخرى التي قدمها النائب حسام محجوب، أن أسهل الطرق لتعبئة موارد الدولة المالية هي الضرائب لكن وضعية المواطن اليوم ومقدرته الشرائية لم تعد تحتمل المزيد من الجباية.
والمطلوب حسب رأيه توسيع قاعدة المطالبين بدفع الضرائب والانطلاق منذ الآن في تنفيذ قرارات جريئة لاستيعاب الاقتصاد الموازي وإدماجه في الدورة الاقتصادية المنظمة ففي ذلك تكريس للعدالة الجبائية وتخفيف للأعباء الجبائية التي تثقل كاهل المواطنين والمؤسسات، وأضاف أنه من غير المقبول التعويل على المقدرات الذاتية والحال أن قرابة نصف هذه المقدرات موجودة في السوق الموازي وينعم بها المهربون والمحتكرون وهي ليست تحت رقابة الدولة. وخلص محجوب إلى أن جميع الظروف الحالية ملائمة للقطع مع تشريعات وخيارات تعود إلى عقود خلت وهي اليوم لا تستجيب لطبيعة المرحلة. ووجه النائب مطلبا لرئيس الجمهورية ومطلبا آخر للحكومة إذ دعا رئيس الجمهورية للانطلاق في العمل سويا مع الوظيفة التشريعية لوضع أسس الثورة التشريعية وهي كالتالي: أولا، الإحصاء التشريعي. ثانيا، إعداد التصميم التشريعي. ثالثا، التطهير التشريعي. رابعا، رقمة كل النصوص التشريعية لتكون مرجعا للسلطة التنفيذية ولكل هياكل الدولة وكل ذلك مع إرساء سياسية اتصالية واضحة وحديثة لإطلاع الشعب عن السياسة التي تتبعها الحكومة والنتائج التي تم تحقيقها أو يجري العمل من أجل الوصول إليها. كما دعا الحكومة للانطلاق الفعلي في الإصلاحات الكبرى وأن تكون سنة 2026 سنة انطلاقة إصلاح منظومة التربية والتعليم وإصلاح مرفق العدالة وسنة الرقمنة الشاملة للإدارة التونسية.
مشاريع على الورق
وبينت النائبة سنياء بن المبروك أن نقاش مشروع الميزانية ومشروع الميزان الاقتصادي ومشروع قانون المالية يتم في ظرف وطني ودولي بالغ الحساسية، حيث تتقاطع التحديات الاقتصادية مع متطلبات العدالة الاجتماعية وتتداخل ضرورات الإصلاح مع حاجة المواطن اليومية للاستقرار والثقة في مؤسسات الدولة. وأضافت أنها عند الاستماع إلى بيان رئيسة الحكومة الذي ركز على طمأنة الشعب أكثر من مصارحته حيث تحدثت فيه عن الإصلاح دون توضيح خارطة التنفيذ. وذكرت أنها كانت تنتظر من رئيسة الحكومة تقديم أرقام دقيقة وآجال مضبوطة ونتائج واضحة. وفسرت النائبة أن الميزانية ليست مجرد جداول حسابية أو نسب نمو وتضخم بل هي مرآة تعكس توجه الدولة وتعبر عن خياراتها الاجتماعية وأولوياتها الاقتصادية ورؤيتها لمستقبل البلاد. وأضافت أنه من هذا المنطلق فإن النقاش لمشروع ميزانية سنة 2026، يجب أن يكون نقاشا حول توجه الدولة بشكل عام وبينت أنه قبل الخوض في تفاصيل هذه الميزانية لا يمكن تجاهل الميزانيات السابقة فهي بدورها تضمنت أرقاما وبرامج طموحة لكنها لم تترجم على أرض الواقع وبقيت العديد من الإجراءات الواردة فيها حبرا على ورق ولم يقع تحقيق نسب النمو المعلنة. وترى النائية أنه من الطبيعي أن تهتز ثقة المواطن في كل مشروع ميزانية جديد يقدم له على الورق دون آثار ملموسة في حياته اليومية، وخلصت إلى أن القضية الأساسية تكمن في مدى واقعية المشاريع وقابليتها للتنفيذ وجدية الإصلاح لأن التونسي لا يحتاج اليوم إلى ميزانية تزين الواقع بل ميزانية تنفذ على أرض الواقع. وأضافت أن الحكومة قدمت فرضيات طموحة تتمثل في تحقيق نسبة نمو قدرها ثلاثة فاصل ثلاثة بالمائة وتقليص نسبة التضخم إلى خمسة فاصل ثلاثة بالمائة لكن السؤال الحارق الذي يطرح نفسه هو على أي أساس تم بناء هذه الفرضيات.
ولدى حديثها على البعد الاجتماعي بينت أن المواطن ينتظر إجراءات واقعية ملموسة، واستفسرت عن مآل منظومة الدعم التي قيل في ما مضى ستقع إعادة هيكلتها وإن كانت هناك خطة فعلية لتوجيه الدعم لمتستحقيه وكيف ستحافظ الحكومة على القدرة الشرائية دون المساس بمستوى العيش. وفي علاقة بالتنمية الجهوية تساءلت عن النسبة الفعلية من الاستثمارات المخصصة للجهات الداخلية من جملة 29 فاصل 9 مليار دينار مرصودة للاستثمار، وما هي آليات التنفيذ والرقابة التي تضمن انجاز المشاريع في آجالها.
كما تساءلت عن مدى التقدم في دراسة ملف إصلاح المؤسسات المثقلة بالديون وإن كانت هناك إستراتجية واضحة لتوسيع القاعدة الجبائية دون إثقال كاهل الطبقة المتوسطة. وبينت أنهم في البرلمان يساندون الإصلاح عندما يكون إصلاحا فعليا وشفافا لكنهم يرفضون تحميل كلفة الإصلاح على كاهل المواطن. وعبرت عن رغبتها في أن تكون الميزانية واقعية صادقة توازن بين الاستقرار المالي والعدالة الاجتماعية وتعيد الثقة بين الدولة ومواطنيها.
وفسرت أن البرلمان لا ينقد الحكومة فقط لمجرد النقد بل من أجل تعزيز الإصلاح وتحقيق المصلحة العامة. ولاحظت أنه خلال الفترة الماضية تم تسجيل بعض الهفوات في التنفيذ مثل تأخر صرف الاعتمادات لفائدة المشاريع الجهوية وبطء إصلاح المؤسسات العمومية مما أثر على ثقة المواطن في الإدارة، وعبرت عن أملها في أن تكون ميزانية 2026 فرصة لتصحيح المسار وأن يقع العمل في إطار الشراكة والتعاون المستمر بين الحكومة والبرلمان.
تسهيلات البنك المركزي
وسأل النائب النائب عماد أولاد جبريل وزير الداخلية عن عدد المطالب المتعلقة بالربط بالكهرباء والماء وبين أنه من المفروض أن المواطن عندما يقدم مطلبا للحصول على عداد كهرباء أو ماء يجد استجابة من الإدارة لكن هذا لا يحدث لأن القانون المعمول به يعود إلى سنة 1970. وأضاف أنه سبق له أن سأل وزير التجهيز عن عدد المشاريع المعطلة نتيجة عدم استجابة وزارة أخرى لمطالبها باستغلال مقاطع التربية فوزارة الفلاحة هي التي تعطل المشاريع بعلة عدم المجازفة بمخالفة القانون والحال أن هذا القانون يمكن تغييره. وبين أن هناك من يتهم المجلس النيابي بتعطيل القوانين ومنها قانون الهياكل الرياضية وقانون الرهان الرياضي لكن الحكومة لم تحل بعد مشروعي القانونين المذكورين إلى المجلس والحال أنه في صورة تنظيم الرهان الرياضي يمكن توفير موارد مالية هامة للدولة تسمح لها بتأهيل الملاعب الرياضية وعدم التعويل على أي جهة أخرى. وتحدث النائب عن الاقتراض الداخلي وبين أنه تم صلب مشروع قانون المالية اقتراح منح تسهيلات من البنك المركزي في حدود 11 ألف مليون دينار وقالت وزيرة المالية إن هذا المبلغ لا يؤثر على الدولة وذكر أنه في هذه الحالة يمكن الترفيع في المبلغ المذكور إلى 15 ألف مليون دينار لأن النواب يريدون تسوية وضعيات المربين المختصين وتعليم الكبار والأساتذة المتعاقدين بنظام الحصة في وزارة الثقافة والإعتمادت المفوضة في وزارة الداخلية فكلفة تسوية وضعيات التشغيل الهش في كامل هياكل الدولة لا تفوق 3 آلاف مليار وبالتالي فإنه بهذه الكيفية تكون الميزانية اجتماعية فعلا ويتم تحسين المقدرة الشرائية للمواطن.
وأضاف أن هناك من النواب من زاروا بلدانا افريقية وتبينوا أن تلك الدول لا تعرف أن تونس تنتج الزيتون وهو ما يدعوه للتساؤل أين الدبلوماسية الاقتصادية من كل هذا؟ ولم يخف النائب عماد أولاد جبريل استيائه من غياب التواصل بين نواب الشعب وأعضاء الحكومة. وتساءل أين القوانين التي ينتظرها النواب. وخلص إلى أن المشكل الحقيقي في تونس يكمن في البرمجة فتونس لديها ثروات ومدخرات لكن يتطلب استثمارها وضع إستراتجية كاملة.
وبين النائب سامي طوجاني أنه من الفروض أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 يقوم على جملة من الألويات أبرزها مخطط التنمية 2026ـ 2030 ورصد جزء من الميزانية لفتح الباب لانتداب أصحاب الشهادات العليا ممن طالبت بطالتهم قبل الجلسة العامة المنتظر عقدها يوم 16 ديسمبر المقبل وتسوية وضعيات جميع عمال الحضائر وإدماج الأساتذة والمعلمين النواب.
ودعا النائب رئيس الجمهورية إلى تنظيف الدولة وقال له ستجد الشعب معك. وذكر أن النواب ينتقدون الوضع لكنه لا يعرف هل أن الحكومة تصغي إليهم لأن النواب تم انتخابهم من قبل الشعب وهم يمثلون الشعب وطالب طوجاني رئيس الجمهورية بتشريك النواب معه وذكر أنه سيتم بمناسبة نقاش الميزانية إطلاع أعضاء الحكومة على النقائص التي عاينها في جهته ومنها ما يهم وزارة التربية واستعرض في هذا الصدد أسماء المدارس التي تتطلب التدخل العاجل كما أعلم وزير النقل بأن التلاميذ في جومين وسجنان وغزالة يعانون يوميا من عدم توفر وسائل نقل مدرسي.
سعيدة بوهلال
- دعوات للتسريع في إعداد مجلات المياه والاستثمار والصرف
على غرار أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، طالب أعضاء مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسة عامة مشتركة بين المجلسين بقصر باردو لنقاش مشاريع قوانين المالية وميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2026 الحكومة بالمضي في تنفيذ الإصلاحات في مختلف القطاعات لأن الشعب التونسي سئم انتظار. وعبروا عن رغبتهم في توضيح الرؤية أمامهم وتقديم معطيات حول المشاريع المبرمجة ورزنامة إنجازها مع الالتزام باستكمال أشغالها في الآجال، لأنه بهذه الكيفية فقط تستعيد الدولة ثقة المواطن في مؤسساتها.
وطالب العديد من النواب بالتخفيف من العبء الجبائي من خلال اجتهاد إدارة الجباية في البحث عن موارد أخرى لتمويل الميزانية وخاصة توجيه البوصلة للقطاع الموازي والعمل على إدماجه لكي يساهم بدوره في دعم موارد الدولة. وثمن بعضهم التوجه الاجتماعي لميزانية الدولة واقترحوا تدعيم الإجراءات الرامية إلى تكريس الدور الاجتماعي للدولة الواردة في مشروع قانون المالية من خلال تعميم مقترحات التسوية على جميع وضعيات التشغيل الهش دون استثناء، في حين ألقى البعض الآخر باللائمة على الحكومة لأنها لم تتقدم بالشكل المطلوب في تحقيق الثورة التشريعية وأكدوا على ضرورة التسريع في تغيير القوانين البالية وتساءلوا عن سبب كل هذا التأخير في إعداد مشاريع مجلات المياه والصرف والاستثمار والتهيئة الترابية والتعمير.
النائب حمزة بضيافي قال إنه تابع باهتمام ما ورد في مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية لسنة 2026 من وعود إلا أن الواقع المعيشي للمواطنين مازال يطرح أسئلة حقيقية حول العدالة الاجتماعية والقدرة الشرائية وجودة الخدمات العمومية وخاصة علاقة المواطن بمؤسسات الدولة. وأضاف أنه لا بد اليوم من ابتكار حلول ثورية لتحقيق مطالب المواطنين، ويرى أنه من واجب الدولة تحقيق آمال التونسيين. وذكر أنه تم صلب مشروع الميزان الاقتصادي التأكيد على تطبيق اللامركزية بكل معانيها لكن بحكم احتكاكه بمشاكل جهته المحرومة فإنه يؤكد أن الإدارة تعمل على تكريس المركزية المقيتة وإلا كيف يتم تجاهل مشاكل فلاحي التمور التي لا تحصى ولا تعد؟.
وذكر أنه لم يقع تمتيع مجمعي التمور وأصحاب المخازن من امتيازات الاستثمار منذ سنتين فكيف للقطاع أن يتعافى. وأوضح أن قطاع التمور يأتي في المرتبة الثانية من حيث توفير العملة الصعبة للجمهورية التونسية من خلال صادرات الدقلة لكن الفلاح لا يستطيع ترويج منتوجاته بتعلة عدم الاستظهار بفاتورة.
واستنتج النائب أن وزارة الفلاحة والمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية وخلايا الإرشاد الفلاحي بتوزر ليست لها صلة بواقع منظوريها من الفلاحين فهؤلاء يعانون منذ سنين لكن لا من مجيب.
وأضاف أن الهم الوحيد للمواطن هو توفير لقمة العيش وتحسين الخدمات وتقريبها منه وتوجه بضيافي بعديد المطالب التي تهم دائرته ومنها تنصيب عمد بالفريد والضافرية وفك العزلة عن تمغزة وتحسين البنية التحتية الصحية والفلاحية والتربوية بالحامة وإدراج بلدية دقاش كبلدية سياحية لأنه في ما مضى تم تقديم وعود كثيرة في هذا المضمار، وتوجه في المقابل بالشكر لوزير السياحة الحالي ولوالي توزر على التفاعل الإيجابي مع مقترح إدراج هذه البلدية ضمن البلديات السياحية، وترحم حمزة بضياف النائب الجديد عن دائرة دقاش حامة الجريد تمغزة على الدكتور النائب نبيه ثابت.
المسؤولية المجتمعية
النائب إبراهيم حسين بين أن مشروع قانون المالية الذي تقدمت به الحكومة يكتسي طابعا اجتماعيا إذ أنه يتضمن عدة نقاط ايجابية تهدف إلى تكريس العدالة الاجتماعية وتحسين القدرة الشرائية والزيادة في الجور وجراية لتقاعد وتحقيق العدالة الجبائية ودفع التشغيل في سياق وطني عام تتراكم فيه الأعباء على المالية العمومية.
وتساءل هل أن هذا المشروع هو محاولة لتثبيت السلم الاجتماعي أم هو مشروع لبناء اقتصاد ومعالجة جذور الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس حتى تنطلق في مسار التنمية المستدامة بداية من السنة الأولى للمخطط التنموي 2026ـ 2030.
وذكر أنه يوجد سوء تصرف في الأراضي الدولية كما لم يقع إيجاد حلول واضحة ومدروسة للأزمات التي مر بها قطاع زيت الزيتون وقطاع التمور إذ بقى الوضع يراوح مكانه. وتساءل عضو مجلس نواب الشعب عن خطة الحكومة لمعالجة مشكل ارتفاع نسبة البطالة في صفوف أصحاب الشهادات العليا وبقية الفئات المهمشة وطالبها بمتابعة تنفيذ قانون المسؤولية المجتمعية للمؤسسات الاقتصادية في الجهات ذات الأولوية التنموية والعناية بوضعيات عمال الدواوين الفلاحية والحضائر الظرفية والغابات. وشدد النائب على ضرورة فرض تطبيق قانون المناولة الذي يعد ثورة تشريعية، وبين أن العديد من المؤسسات وخاصة الشركات البترولية تتهرب من تسوية الوضعيات الشغلية للكثير من العمال، وأكد حسين من جديد على ضرورة التعجيل في إحالة مجلات الصرف والغابات والمياه والاستثمار والتهيئة العمرانية إلى مجلس نواب الشعب وأضاف قائلا إن الشعب التونسي سئم من الوعود هو وهو اليوم ينتظر النتائج.
التعويل على الذات
النائب فخري عبد الخالق بين أن سياسة التعويل على الذات تهدف إلى تعزيز الاستقلالية المالية للبلاد وتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية حيث بقيت بين ما هو مأمول كتقليص الاعتماد على الديون الخارجية وتعزيز الاستقلالية المالية والسيادية وتحسين الوضع المالي للدولة وبين ما هو منشود كتعزيز الإنتاجية والكفاءة في مختلف القطاعات والتشجيع على الاستثمار المحلي والأجنبي وتحسين موارد الدولة المالية وتعزيز الشفافية. ومن خلال تحقيق هذه الأهداف يمكن لسياسة التعويل على الذات حسب رأيه أن تساهم في تعزيز الاستقرار في البلاد. وتساءل لماذا أصبحت ميزانية الدولة توصف سنويا بأنها وثيقة محاسبية خالية من كل بعد استراتجي يحقق التوجه نحو بناء اقتصاد مستدام قوامه التنمية العادلة بين الفئات والجهات؟
ونبه عبد الخالق إلى أن الجباية المثقلة على المؤسسات يدفعها في نهاية الأمر ذلك المواطن الذي تدهورت مقدرته الشرائية. وأضاف النائب أن قانون المالية في ظاهرة عناية بالمواطن وتخفيف أعباء عليه وتمكينه من مستوى معيشة أفضل لكن هذا لا يتجلى في واقع الحال بصورة واضحة في الميزانية فمن ناحية ستواصل الدولة سياسة الدعم التي تخفف الضغط لكن من ناحية أخرى تمت إضافة معاليم جبائية جديدة فما تقدمه الدولة باليد اليمنى تأخذه باليسرى، حسب تعبيره، ولاحظ أن هذا الأمر يتكرر في كل ميزانية.
وفسر النائب فخري عبد الخالق أن الرئيس قيس سعيد يريد ثورة تنموية ودولة اجتماعية لكن الحكومة لا تتحرك بالسرعة المطلوبة لتحقيق ذلك وذكر أن رئيس الدولة يريد ثورة على كافة التشريعات البالية والمعطلة لكن لا توجد استجابة إلا في ما قل وندر.
وخلص النائب إلى أنه في إطار العمل المشترك بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية فهو يقترح ما يلي: تعزيز القطاعات الاقتصادية غير المعتمدة على الجباية مثل الصناعة والفلاحة والسياحة وتقديم حوافز للمستثمرين المحليين والأجانب لتعزيز النمو الاقتصادي وترشيد النفقات العمومية وتوجيهها نحو المشاريع الأكثر فائدة، ومزيد مكافحة الفساد وتحسين إدارة الموارد العامة وتقديم الدعم المالي والتقني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة لتعزيز دورها في الاقتصاد، وتشجيع الصادرات وزيادة القدرة التنافسية للمنتوجات المحلية في الأسواق الخارجية وخاصة الفلاحية وتعزيز استغلال الثروات الطبيعية بشكل مستدام لزيادة الإيرادات وتشجيع البحث العلمي والابتكار وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص. كما ترحم النائب على وليد الخصخوصي العون بشركة نقل تونس الذي توفي مؤخرا جراء تعرضه إلى طعنة غادرة.
وضع أسس الثورة التشريعية
أما النائب حسام محجوب فذكّر المتابعين لأشغال الجلسة العامة أن مشروع قانون المالية ومشروع ميزانية الدولة هما ترجمة للسياسة العامة للدولة بمختلف أنواعها التي يضبطها ويحدد اختياراتها الأساسية رئيس الجمهورية وتساعده في ذلك حكومة يختارها ويعين أعضاءها وهي مسؤولة أمامه وفي المقابل يمارس مجلس نواب الشعب وظيفته التشريعية والرقابية وفق أحكام الدستور وذلك بتفويض من الشعب التونسي صاحب السيادة. وثمن النائب الطابع الاجتماعي لهذا المشروع وترجمة شعار شغل حرية كرامة وطنية في شكل إجراءات عملية مثل فتح باب الانتداب في الوظيفة العمومية وتحفيز القطاع الخاص على انتداب خرجي الجامعة التونسية إضافة إلى إجراءات لإنعاش الصناديق الاجتماعية والمحافظة على ديمومتها وكل ذلك في إطار المحافظة على المقدّرات الذاتية من أجل المحافظة على سيادة القرار الوطني وتحقيق العدالة الاجتماعية والحد من التفاوت استجابة لمطالب الشعب. ويرى محجوب أن التعويل على المقدرات الذاتية لضمان السلم والعدل الاجتماعي يجب أن يقترن بسياسة اقتصادية تفضي إلى تحقيق نسب نمو متصاعدة وتقلص من عجز الميزانية وفي هذا السياق تقدم بملاحظات ومقترحات عدة حول مشاريع قوانين المالية والميزانية والميزان الاقتصادي المعروضة على النقاش العام، وبين في هذا السياق أن الدور الاجتماعي للدولة لا يمكن تحقيق أهدافه إلا إذا كانت الخيارات الاقتصادية للبلاد مرتكزة أساسا على دفع الاستثمارات والمشاريع ذات القيمة المضافة والطاقة التشغيلية المرتفعة لتحقيق نسب نمو دقيقة تنعكس ايجابيا على بقية المؤشرات الاقتصادية. ولاحظ النائب أن العائق المرتبط بالمالية العمومية يمكن تجاوزه من خلال سن تشريعات تتعلق خاصة بمجلتي الصرف وأملاك الدولة وتوحيد الوكالات والهياكل المعنية بالاستثمار ومتابعة الباعثين الشبان والمستثمرين وتوحيدها صلب الهيئة التونسية للاستثمار مع إحداث فروع لهذه الهيئة في كل الولايات ورقمة كل الأنشطة والخدمات التي تسديها وبهذه الكيفية يكون هناك مخاطب وحيد لكل الباعثين والمستثمرين. وأشار إلى أنه لا بد أيضا من إرساء مناخ محفز للاستثمار وتوجيه خطاب جاذب يبرز مواطن قوة تونس كوجهة استثمارية جاذبة داخليا وخارجيا. ومن الملاحظات الأخرى التي قدمها النائب حسام محجوب، أن أسهل الطرق لتعبئة موارد الدولة المالية هي الضرائب لكن وضعية المواطن اليوم ومقدرته الشرائية لم تعد تحتمل المزيد من الجباية.
والمطلوب حسب رأيه توسيع قاعدة المطالبين بدفع الضرائب والانطلاق منذ الآن في تنفيذ قرارات جريئة لاستيعاب الاقتصاد الموازي وإدماجه في الدورة الاقتصادية المنظمة ففي ذلك تكريس للعدالة الجبائية وتخفيف للأعباء الجبائية التي تثقل كاهل المواطنين والمؤسسات، وأضاف أنه من غير المقبول التعويل على المقدرات الذاتية والحال أن قرابة نصف هذه المقدرات موجودة في السوق الموازي وينعم بها المهربون والمحتكرون وهي ليست تحت رقابة الدولة. وخلص محجوب إلى أن جميع الظروف الحالية ملائمة للقطع مع تشريعات وخيارات تعود إلى عقود خلت وهي اليوم لا تستجيب لطبيعة المرحلة. ووجه النائب مطلبا لرئيس الجمهورية ومطلبا آخر للحكومة إذ دعا رئيس الجمهورية للانطلاق في العمل سويا مع الوظيفة التشريعية لوضع أسس الثورة التشريعية وهي كالتالي: أولا، الإحصاء التشريعي. ثانيا، إعداد التصميم التشريعي. ثالثا، التطهير التشريعي. رابعا، رقمة كل النصوص التشريعية لتكون مرجعا للسلطة التنفيذية ولكل هياكل الدولة وكل ذلك مع إرساء سياسية اتصالية واضحة وحديثة لإطلاع الشعب عن السياسة التي تتبعها الحكومة والنتائج التي تم تحقيقها أو يجري العمل من أجل الوصول إليها. كما دعا الحكومة للانطلاق الفعلي في الإصلاحات الكبرى وأن تكون سنة 2026 سنة انطلاقة إصلاح منظومة التربية والتعليم وإصلاح مرفق العدالة وسنة الرقمنة الشاملة للإدارة التونسية.
مشاريع على الورق
وبينت النائبة سنياء بن المبروك أن نقاش مشروع الميزانية ومشروع الميزان الاقتصادي ومشروع قانون المالية يتم في ظرف وطني ودولي بالغ الحساسية، حيث تتقاطع التحديات الاقتصادية مع متطلبات العدالة الاجتماعية وتتداخل ضرورات الإصلاح مع حاجة المواطن اليومية للاستقرار والثقة في مؤسسات الدولة. وأضافت أنها عند الاستماع إلى بيان رئيسة الحكومة الذي ركز على طمأنة الشعب أكثر من مصارحته حيث تحدثت فيه عن الإصلاح دون توضيح خارطة التنفيذ. وذكرت أنها كانت تنتظر من رئيسة الحكومة تقديم أرقام دقيقة وآجال مضبوطة ونتائج واضحة. وفسرت النائبة أن الميزانية ليست مجرد جداول حسابية أو نسب نمو وتضخم بل هي مرآة تعكس توجه الدولة وتعبر عن خياراتها الاجتماعية وأولوياتها الاقتصادية ورؤيتها لمستقبل البلاد. وأضافت أنه من هذا المنطلق فإن النقاش لمشروع ميزانية سنة 2026، يجب أن يكون نقاشا حول توجه الدولة بشكل عام وبينت أنه قبل الخوض في تفاصيل هذه الميزانية لا يمكن تجاهل الميزانيات السابقة فهي بدورها تضمنت أرقاما وبرامج طموحة لكنها لم تترجم على أرض الواقع وبقيت العديد من الإجراءات الواردة فيها حبرا على ورق ولم يقع تحقيق نسب النمو المعلنة. وترى النائية أنه من الطبيعي أن تهتز ثقة المواطن في كل مشروع ميزانية جديد يقدم له على الورق دون آثار ملموسة في حياته اليومية، وخلصت إلى أن القضية الأساسية تكمن في مدى واقعية المشاريع وقابليتها للتنفيذ وجدية الإصلاح لأن التونسي لا يحتاج اليوم إلى ميزانية تزين الواقع بل ميزانية تنفذ على أرض الواقع. وأضافت أن الحكومة قدمت فرضيات طموحة تتمثل في تحقيق نسبة نمو قدرها ثلاثة فاصل ثلاثة بالمائة وتقليص نسبة التضخم إلى خمسة فاصل ثلاثة بالمائة لكن السؤال الحارق الذي يطرح نفسه هو على أي أساس تم بناء هذه الفرضيات.
ولدى حديثها على البعد الاجتماعي بينت أن المواطن ينتظر إجراءات واقعية ملموسة، واستفسرت عن مآل منظومة الدعم التي قيل في ما مضى ستقع إعادة هيكلتها وإن كانت هناك خطة فعلية لتوجيه الدعم لمتستحقيه وكيف ستحافظ الحكومة على القدرة الشرائية دون المساس بمستوى العيش. وفي علاقة بالتنمية الجهوية تساءلت عن النسبة الفعلية من الاستثمارات المخصصة للجهات الداخلية من جملة 29 فاصل 9 مليار دينار مرصودة للاستثمار، وما هي آليات التنفيذ والرقابة التي تضمن انجاز المشاريع في آجالها.
كما تساءلت عن مدى التقدم في دراسة ملف إصلاح المؤسسات المثقلة بالديون وإن كانت هناك إستراتجية واضحة لتوسيع القاعدة الجبائية دون إثقال كاهل الطبقة المتوسطة. وبينت أنهم في البرلمان يساندون الإصلاح عندما يكون إصلاحا فعليا وشفافا لكنهم يرفضون تحميل كلفة الإصلاح على كاهل المواطن. وعبرت عن رغبتها في أن تكون الميزانية واقعية صادقة توازن بين الاستقرار المالي والعدالة الاجتماعية وتعيد الثقة بين الدولة ومواطنيها.
وفسرت أن البرلمان لا ينقد الحكومة فقط لمجرد النقد بل من أجل تعزيز الإصلاح وتحقيق المصلحة العامة. ولاحظت أنه خلال الفترة الماضية تم تسجيل بعض الهفوات في التنفيذ مثل تأخر صرف الاعتمادات لفائدة المشاريع الجهوية وبطء إصلاح المؤسسات العمومية مما أثر على ثقة المواطن في الإدارة، وعبرت عن أملها في أن تكون ميزانية 2026 فرصة لتصحيح المسار وأن يقع العمل في إطار الشراكة والتعاون المستمر بين الحكومة والبرلمان.
تسهيلات البنك المركزي
وسأل النائب النائب عماد أولاد جبريل وزير الداخلية عن عدد المطالب المتعلقة بالربط بالكهرباء والماء وبين أنه من المفروض أن المواطن عندما يقدم مطلبا للحصول على عداد كهرباء أو ماء يجد استجابة من الإدارة لكن هذا لا يحدث لأن القانون المعمول به يعود إلى سنة 1970. وأضاف أنه سبق له أن سأل وزير التجهيز عن عدد المشاريع المعطلة نتيجة عدم استجابة وزارة أخرى لمطالبها باستغلال مقاطع التربية فوزارة الفلاحة هي التي تعطل المشاريع بعلة عدم المجازفة بمخالفة القانون والحال أن هذا القانون يمكن تغييره. وبين أن هناك من يتهم المجلس النيابي بتعطيل القوانين ومنها قانون الهياكل الرياضية وقانون الرهان الرياضي لكن الحكومة لم تحل بعد مشروعي القانونين المذكورين إلى المجلس والحال أنه في صورة تنظيم الرهان الرياضي يمكن توفير موارد مالية هامة للدولة تسمح لها بتأهيل الملاعب الرياضية وعدم التعويل على أي جهة أخرى. وتحدث النائب عن الاقتراض الداخلي وبين أنه تم صلب مشروع قانون المالية اقتراح منح تسهيلات من البنك المركزي في حدود 11 ألف مليون دينار وقالت وزيرة المالية إن هذا المبلغ لا يؤثر على الدولة وذكر أنه في هذه الحالة يمكن الترفيع في المبلغ المذكور إلى 15 ألف مليون دينار لأن النواب يريدون تسوية وضعيات المربين المختصين وتعليم الكبار والأساتذة المتعاقدين بنظام الحصة في وزارة الثقافة والإعتمادت المفوضة في وزارة الداخلية فكلفة تسوية وضعيات التشغيل الهش في كامل هياكل الدولة لا تفوق 3 آلاف مليار وبالتالي فإنه بهذه الكيفية تكون الميزانية اجتماعية فعلا ويتم تحسين المقدرة الشرائية للمواطن.
وأضاف أن هناك من النواب من زاروا بلدانا افريقية وتبينوا أن تلك الدول لا تعرف أن تونس تنتج الزيتون وهو ما يدعوه للتساؤل أين الدبلوماسية الاقتصادية من كل هذا؟ ولم يخف النائب عماد أولاد جبريل استيائه من غياب التواصل بين نواب الشعب وأعضاء الحكومة. وتساءل أين القوانين التي ينتظرها النواب. وخلص إلى أن المشكل الحقيقي في تونس يكمن في البرمجة فتونس لديها ثروات ومدخرات لكن يتطلب استثمارها وضع إستراتجية كاملة.
وبين النائب سامي طوجاني أنه من الفروض أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 يقوم على جملة من الألويات أبرزها مخطط التنمية 2026ـ 2030 ورصد جزء من الميزانية لفتح الباب لانتداب أصحاب الشهادات العليا ممن طالبت بطالتهم قبل الجلسة العامة المنتظر عقدها يوم 16 ديسمبر المقبل وتسوية وضعيات جميع عمال الحضائر وإدماج الأساتذة والمعلمين النواب.
ودعا النائب رئيس الجمهورية إلى تنظيف الدولة وقال له ستجد الشعب معك. وذكر أن النواب ينتقدون الوضع لكنه لا يعرف هل أن الحكومة تصغي إليهم لأن النواب تم انتخابهم من قبل الشعب وهم يمثلون الشعب وطالب طوجاني رئيس الجمهورية بتشريك النواب معه وذكر أنه سيتم بمناسبة نقاش الميزانية إطلاع أعضاء الحكومة على النقائص التي عاينها في جهته ومنها ما يهم وزارة التربية واستعرض في هذا الصدد أسماء المدارس التي تتطلب التدخل العاجل كما أعلم وزير النقل بأن التلاميذ في جومين وسجنان وغزالة يعانون يوميا من عدم توفر وسائل نقل مدرسي.