- مشروع قانون المالية لسنة 2026 نص على الترفيع في الأجور والمرتبات في القطاعين العام والخاصّ وجرايات المتقاعدين
بحضور رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري انطلقت صباح أمس بقصر باردو الجلسة العامة المشتركة لمجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم المخصصة للنظر في مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية ومشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2026.
وبعد الاستماع في الحصة الصباحية إلى بيان رئيسة الحكومة وتقرير لجنتي المالية والميزانية بالمجلسين حول هذه المشاريع، طالب العديد من النواب خلال النقاش الذي تواصل إلى وقت متأخر من المساء الحكومة بتحقيق التنمية العادلة والمتوازنة بين الجهات ودعم الاستثمار العمومي والخاص وتوفير التشغيل للمعطلين عن العمل خاصة من طالت بطالتهم من أصحاب الشهادات العليا وتسوية الوضعيات الهشة، وتحسين البنية التحتية وتسريع انجاز المشاريع المعطلة، وتحسين خدمات المرفق العام خاصة النقل وأبدوا ارتياحهم للتوجه نحو ترسيخ دعائم الدولة الاجتماعية والاهتمام بالفئات الفقيرة ومحدودة الدخل لكنهم اعتبروا أنه يجب الحرص في نفس الوقت على تسريع نسق النمو الاقتصادي ومنح أولوية للقطاع الفلاحي وتوفير ماء الشرب بهدف ضمان الأمن الغذائي والمائي، كما يتعين العمل حسب قولهم إصلاح المؤسسات والمنشآت العمومية والحرص على تحقق العدالة الجبائية وتقليص العجز التجاري خاصة العجز الطاقي وطالبوا بحسن اختيار المسؤولين على مؤسسات الدولة وهناك من دعا إلى دعم المجالس المحلية المنتخبة وتشريكها في إدارة الشأن العام وتمكينها من تأطير سياسي لتكون حزام أمان لمسار البناء والتشييد، حسب وصفه. ومن بين المسائل الأخرى التي تمت إثارتها ما يتعلق بالتلوث في قابس.
وقدمت رئيسة الحكومة في بداية الجلسة بيانا حول مشاريع ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي وقانون المالية لسنة 2026. وبينت أن نقاش هذه المشاريع من قبل المجلسين النيابيين هو خطوة في مسار الإصلاح غايتها توجيه المالية العمومية لخدمة الأهداف الإستراتيجية لمخطط التنمية للفترة 2026- 2030 وتجسيد السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة وخياراتها الكبرى وتنفيذ أولوياتها بناء على مقاربة جديدة عادلة ومُنصفة ورؤية وطنية شاملة لبناء اقتصاد وطني يحقق التوازن بين العدالة الاجتماعية والنموّ الاقتصادي وَيكون قادرا على الصمود تجاه التقلّبات الخارجية. وتكتسي سنة 2026 حسب قولها طابعا خصوصيّا باعتبارها السنة الأولى التي ستنطلق الدولة خلالها في تنفيذ هذا المخططّ وأضافت أنه تمّ تنزيل جملة من المشاريع المقترحة من قبل المجالس المحليّة بمشروعي الميزان الاقتصادي وقانون المالية لسنة 2026، في إطار حرص الدّولة على تحقيق الانسجام التام بين التخطيط الاستراتيجي والبرمجة المالية السنوية والتكامل بين الوظيفة التشريعية والوظيفة التنفيذية.
أولويات وتحديات
وأضافت رئيسة الحكومة أن مشاريع قوانين المالية والميزانية والميزان الاقتصادي تقوم على جملة من الأولويات الأساسية أبرزها تكريس الدور الاجتماعي للدولة، وتكريس عدد من الخيارات الإستراتجية، وتكريس العدالة الجباية وتبسيط الخدمات الإدارية والرقمنة. وقدمت إثر ذلك معطيات ضافية حول النتائج التي تم تحقيقها خلال السداسي الأول من العام الجاري وطمأنت نواب الشعب بأن الاقتصاد الوطني يسير نحو التعافي رغم التقلّبات العالمية والأزمات المتواترة ومَا نجم عنها من تداعيات اقتصادية عالمية.
ومن بين المؤشرات التي استعرضتها رئيسة الحكومة نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3 فاصل 2 بالمائة مقابل 1 فاصل 4 بالمائة في السداسي الأول من سنة 2024 وتراجع نسبة التضخم من 6 فاصل 7 بالمائة في سبتمبر2024 إلى 5 بالمائة في سبتمبر 2025 و4 فاصل 9 بالمائة في أكتوبر 2025، بما مكن البنك المركزي من التخفيض في نسبة الفائدة المديريّة إلى حدود 7 فاصل 5 بالمائة في موفّى مارس 2025 وتطور العائدات السياحية بنسبة 8 فاصل 2 بالمائة إلى حدود موفّى شهر أكتوبر 2025 مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية وتطور تحويلات التونسيين بالخارج بنسبة 8 فاصل 1 بالمائة بما ساهم في المحافظة على رصيد من المخزون الاحتياطي من العملة الأجنبية ناهز 106 أيام توريد إلى موفىّ شهر أكتوبر 2025 فضلا عن تحسن سعر صرف الدينار مقابل سعر صرف الدّولار بنسبة 2 فاصل 8 بالمائة ومقابل سعر صرف الأورو بنسبة صفر فاصل خمسة بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024. ولاحظت الزعفراني أن استقرار سعر الصرف جعل الدينار التونسي أقوى عملة في إفريقيا من حيث القيمة الاسمية مقابل الدّولار رغم أنّ تونس لا تستفيد من ثروة نفطية أو صادرات عالية القيمة مثل بعض الدول في المنطقة، كما أكدت تراجع مُعدّل البطالة ليصل إلى 15 فاصل 3 بالمائة خلال الثلاثي الثاني من العام الجاري بعد أن كان 16 بالمائة في نفس الفترة من سنة 2024، ووصفت تطور نسق الاستثمار بالإيجابي حيث ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال السّداسية الأولى من هذا العام بنسبة 21 فاصل 3 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024 وذلك مع تقدّم نسق أشغال المشاريع الجارية خاصّة في مجالات النقل والطرقات والصّحة والطاقات المتجدّدة. وتمكنت تونس حسب قولها من الإيفاء بجميع التزاماتها الخارجية وضمان استدامة التوازنات المالية. ولاحظت أن هذه المؤشرات أدت إلى تحسّن الترقيم السيادي لتونس خلال سنة 2025 حسب تقييم وكالات التصنيف العالمية بما «يضمن القدرة على النفاذ مجددا إلى الأسواق العالمية».
ارتفاع الأسعار
وخلصت رئيسة الحكومة إلى أنّ النتائج الإيجابية سالفة الذكر على أهميتها، يجب أن تلبي انتظارات المواطن في حياته اليوميّة وفي كل المجالات، خاصّة بالنسبة للأُسر الفقيرة ومحدودة الدّخل لذلك يمثّل التحّكم في الأسعار والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن حسب قولها أولويّة قصوى للدولة التي تواصل جهودها لضبط الأسعار والحدّ من التضخّم، عبر المحافظة على أسعار المواد الأساسية ومكافحة الزيادات المشّطة ومراقبة هوامش الربح والتحّكم في كلفة مدخلات الإنتاج، مع تنويع الخيارات أمام المواطن من خلال عروض مباشرة وأسعار تفاضلية. وفسرت أنه رغم ما تمَّ تحقيقه من نتائج إيجابية، أهمّها انتظام تزويد السوق بالمواد الأساسية وانخفاض نسبة التضّخم، مازال مستوى الأسعار مرتفعا وهو ما يشعر به المواطن فعليّا. وأشارت إلى مواصلة العمل على تفكيك شبكات المضاربة والاحتكار عبر تكثيف عمليّات المراقبة على مختلف حلقات الإنتاج والتوزيع، بما في ذلك الأسواق والمخازن حتّى يقع التخفيض في الأسعار مع ضمان المراقبة المستمرة على مدار السنة لمسالك التوزيع والأسعار والجودة من خلال تعزيز رقمنة هذه المسالك وتوظيف الإمكانيات المتاحة لهذا الغرض. أما في علاقة بتزويد السّوق المحليّة بالمواد الأساسية، فأكدت الزعفراني حرص الدولة على تأمين انتظامية العرض لتوفير هذه المواد واسترجاع النسق الطبيعي لتوفيرها بصفة منتظمة وتكوين مخزونات احتياطية وتكثيف المراقبة للحدّ من المضاربة والتصّدي للاحتكار فضلا عن مزيد تنظيم مسالك التوزيع بما من شأنه أن يساعد على التحكم في التضخم وحصره في مستويات مقبولة.
وترى رئيسة الحكومة أن التعويل على الإنتاج الوطني يبقى خيارا أساسيا للدولة في حين يبقى التوريد حلا ظرفيا إذ يتم إعطاء الأولويّة للسّوق المحليّة وإحكام التصرّف في المخزونات.
تقديرات وتوقعات
وبينت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري أنه بناء على السياسة الاجتماعية والاقتصادية للدّولة وانطلاقا من النتائج التي تمَّ تحقيقها سنة 2025، مع توّخي الحذر الذي تقتضيه حالة عدم اليقين على المستوى الإقليمي والعالمي نتيجة لتواتر الأزمات واستمرارها، تم رسم منوال النمو لسنة 2026 على أساس تعزيز التعافي الاقتصادي ودعم ركائز النمو الإدماجي وتطوير القدرة على خلْق الثروة والحد من البطالة وتوفير مزيد من مواطن الشغل اللائق وتحسين المستوى المعيشي للمواطن وقدرته الشرائية وذلك في إطار يراعي التوازن بين العدالة الاجتماعية والنموّ الاقتصادي. وتعمل الدولة حسب قولها، على تحقيق هدف نموّ الناتج المحلّي الإجمالي بنسبة ثلاثة فاصل ثلاثة بالمائة بالأسعار القارّة بالنسبة لسنة 2026 مقابل 2 فاصل 6 بالمائة منتظرة لِكامل سنة 2025 وهو ما سيمكن من الارتقاء بالدخل الفردي بنسبة 7 فاصل 4 بالمائة سنة 2026. وأضافت إلى أنه سيتم العمل على تطوير الاستثمار الجملي بنسبة 12 بالمائة بالأسعار الجارية خلال سنة 2026 ليرتفع إلى ما يعادل نسبة 16 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وفسرت رئيسة الحكومة أن هذه التقديرات تستند إلى تحسن الاستثمار العمومي والخاص بما في ذلك إدراج مشاريع جديدة انطلاقا من مقترحات المجالس المحليّة في إطار إعداد مشروع مخطّط التنمية ومراجعة الإطار القانوني والمؤسساتي للاستثمار ومزيد تحسين مناخ الأعمال والتقدّم في تنفيذ الإستراتيجية الوطنيّة للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسّطة ودعم الشركات الأهلية، كما يجري العمل حثيثا على التحّكم في العجز التجاري ليبلغ نسبة 3 فاصل ستة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2026 وذلك بتعزيز المجهود التصديري وتنويع الأسواق الخارجية وحماية الاقتصاد الوطني بترشيد الواردات والحَدّ من توريد الكماليّات والمنتجات الاستهلاكية غير الضروريّة وتفعيل جميع الآليّات لذلك حسب الخيارات الوطنية إلى جانب تواصل الأداء الجيد للعائدات السياحية وتحويلات التونسيين بالخارج بما يحافظ على مستوى مقبول من المدخرات بالعملة الأجنبية.
وأشارت إلى أنه بناء على المعطيات سالفة الذكر تمّ إعداد مشاريع الميزان الاقتصادي وقانون المالية والميزانيّة لسنة 2026 وقدرت ميزانية الدّولة لسنة 2026 بقيمة 79624 مليون دينار قَبْضًا وصَرْفًا أي بزيادة ثلاثة فاصل تسعة بالمائة مقارنة بالنتائج المنتظرة لسنة 2025. وفسرت أنه تمّ الحرص في إعداد هذه المشاريع على تحقيق التناغم مع توجّهات مخطّط التنمية للفترة 2026 -2030 الرّامية إلى تحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعيّة والتنمية العادلة والمتوازنةّ.
الدولة الاجتماعية
وقدمت رئيسة الحكومة في بيانها أمام مجلسي نواب الشعب والجهات والأقاليم مختلف الأحكام التي جاء بها مشروع قانون المالية والمشاريع المبرمج انجازها خلال العام المقبل. ومن بين أُولى أولويّات الحكومة حسب قولها، تحقيق انتظارات منْ عَانُوا من البطالة والإقصاء والحرمان وذلك بتمكين الشباب على وجه الخصوص، من حقّهم المشروع في العمل وبدفع التشغيل والحدّ من البطالة وخلق فُرص عمل جديدة وضمان العمل اللائق وتحقيق الاستقرار الاجتماعي. وسيتمّ ذلك عبر فتح باب الانتداب مُجدّدا في الوظيفة العمومية وخاصّة لأصحاب الشهادات العليا ومَنْ طالت بطالتهم وتسوية وضعيات التشغيل غير القارّ لـ 51878 خُطّة منها 22523 خُطّة إضافية حيث ستتواصل خلال سنة 2026 تسوية وضعيّة الأعوان العرضيين وعملة الحضائر بجميع أصنافهم وإدماج الأساتذة والمعلمّين النوّاب. كما ستتواصل مقاومة العمل غير القارّ والقضاء على التشغيل الهَشّ وِسيتمّ تشجيع القطاع الخاصّ على انتداب حاملي شهادات التعليم العالي وذلك بتكفّل الدّولة بمساهمة الأعراف في النظام القانوني للضمان الاجتماعي بعنوان الأجر المدفوع لفائدة الأُجراء من حاملي هذه الشهادات الذّين يتمّ انتدابهم من قبل مؤسسات القطاع الخاصّ ابتداءً من غُرّة جانفي 2026 ولمدّة خمس سنوات وسيتمّ توسيع تدّخلات الصندوق الوطني للتشغيل لتشمل تمويل البرامج والآليات الرّامية إلى الرفع من مؤهلات طالبي الشغل وطلبة السنوات النهائية ومُتكوني مراكز التكوين المهني ويتّم منح الأولوية لمن طالت مدّة بطالتهم.كما تمَّ فتح آفاق جديدة لباعثي الشركات الأهلية وتخصيص اعتماد إضافي في الغرض بقيمة 35 مليون دينار على موارد الصندوق الوطني للتشغيل،
وأضافت أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 نص على الترفيع في الأجور والمرتبات في القطاعين العام والخاصّ وجرايات المتقاعدين بعنوان سنوات 2026 و2027 و2028، حتى تكون مجزية وعادلة مع مواصلة دعم المواد الاستهلاكية من قبل الدّولة، حيث ارتفعت قيمة دعم المواد الأساسية في ميزانية سنة 2026 بقيمة 278 مليون دينار مقارنة بسنة 2025. وذكرت أنه سيتم تدعيم أنظمة الضمان الاجتماعي عَبْرَ التمديد في العمل بالمساهمة الاجتماعية التضامُنيّة وتخصيص نسبًا من المعاليم الجبائية لفائدتها. وبينت أنه يجري العمل على مراجعتها مراجعة شاملة خاصّة نظام الجرايات ونظام التأمين على المرض وتَفْعيل النظام التكميلي للتأمين على المرض ومُراجعة النظام التكميلي للجرايات في القطاع الخاصّ وإصدار مجلّة الإجراءات الخاصّة بالاستخلاص والمراقبة. كمَا سيتّم العمل خلال سنة 2026، على القيام بمراجعة جذرية لدور الصناديق الاجتماعية حتى تَجد توازنها المالي وتستعيد دورها الكامل لِبناء الدّولة الاجتماعيّة ونصَّ مشروع قانون الماليّة لسنة 2026 على إجراءات لتنويع موارد تمويلها.
وبينت أنه سيتم العمل على توسيع التغطية الاجتماعيّة لفائدة الفئات الضعيفة من خلال تدعيم الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات وإِحْداث نظام جديد للضمان الاجتماعي لاستيعاب الناشطين في القطاع غير المنظّم والإحاطة بالعُمّال الذين فقدوا عملهم والانطلاق في تقديم خدمات صندوق التأمين على فقدان مواطن الشغل والإحاطة الاجتماعية بالعُمّال المسرّحين لأسباب اقتصادية وحمايتهم. كما يَجْرِي العمل على تدعيم برامج الإحاطة بالفئات الفقيرة ومحدودة الدّخل وذات الاحتياجات الخصوصيّة وإدماجها في النشاط الاقتصادي مما يُساهم في الحدّ من الفقر والتقليص من الفوارق الاجتماعية ودعم القدرة الشرائية للفئات الهشّة. وذكرت أنه تم رصد في ميزانية الدّولة لسنة 2026 إعتمادات قدرها 1863 مليون دينار بعنوان النهوض بالفئات محدودة الدخل، للترفيع في المنح القارّة لحوالي 395 ألف عائلة معوزة علاوة على إسناد منح شهرية لأبنائهم المتمدّرسين بمبلغ جملي قدره 1340 مليون دينار وتوفير بطاقات العلاج المجاني وبطاقات العلاج بالتعريفة المنخفضة فضلا عن الترفيع في المنحة التعديليّة لجرايات التقاعد الدنيا ومُراجعة المنح الظرفية لتشمل مصاريف العودة المدرسية والجامعية مع الترفيع في قيمتها وتمّ التنصيص على الترفيع في منحة العائلات المتكفّلة بذوي الإعاقة وإحداث خُطوط تمويل لتيسير بعث المشاريع التنموية في كافة أنحاء الجمهوريّة ودعم تمويل المؤسسات الاقتصاديّة بالجهات الأقل تنمية والشركات الأهليّة والمؤسسات الصغرى والمتوسّطة وباعثي المشاريع والمؤسسات الصغرى وصغار الفلاحين مِمَن يجدون صعوبة في النفاذ للقطاع المالي. وأشارت إلى أنه في إطار برنامج رائدات الذي مكّن منذ انطلاقه سنة 2022 من الموافقة على تمويل 5610 مشاريع نسائية ساهمت في إحداث 9202 موطن شغل مباشر باعتمادات ماليّة ناهزت 55,8 مليون دينار ومن المتوقّع أن يتمّ قبول تمويل نحو ألف مشروع نسائي بكامل الولايات خلال سنة 2026. وللإحاطة بالأشخاص ذوي الإعاقة نصَّ مشروع قانون الماليّة لسنة 2026 على إحداث «صندوق النهوض بالأشخاص ذوي الإعاقة» يتولى تمويل التدّخلات المتعلّقة بمجالات التكوين والتشغيل والتشجيع على بعث المشاريع، والإدماج الاقتصادي، والريّاضي، والثقافي. كما سيتّم تمكين هذه الفئة من إعفاءات جبائيّة لتسهيل انخراطها في الدورة الاقتصاديّة.
الصحة والتعليم والنقل
وتطرقت رئيسة الحكومة في بيانها إلى مختلف الانجازات التي تم القيام بها لتحسين المرفق العام وعددت المشاريع المبرمج تنفيذها خلال سنة 2026 ففي المنظومة الصّحية، قالت يتمّ العمل على أن تتقّدم الأشغال بنسق حَثيث خلال سنة 2026 بالنسبة لعدد من المؤسسات الاستشفائية بكل من القيروان وسبيطلة والجم وغار الدماء وجلمة ومكثر وحفوز والدهماني وتالة وغيرها من المدن. وبينت أنه يَجري العمل على مواصلة بناء المستشفيات الجهوية من صنف «ب» في عدد من المعتمديات واستكمال الدراسات الفنيّة الخاصة بإنجاز مدينة الأغالبة الطبيّة بالقيروان واستحثاث نسق إنجاز مشروع المستشفى الجامعي الملك سلمان بن عبد العزيز بالقيروان الذي ستنطلق أشغاله خلال هذا الشهر.. مع العمل على تحديث التجهيزات الطبيّة ودعم التكنولوجيا الصّحية وخدمات الصّحة المتخصّصة بكافة مستشفيات البلاد. واستعرضت رئيسة الحكومة الإجراءات الجبائية المنصوص عليها بمشروع قانون المالية والرامية لدعم الهياكل الصّحية العمومية ومصّحات الضمان الاجتماعي والجمعيّات الناشطة لفائدة الفئات ذات الاحتياجات الخصوصية. كما سيتم خلال سنة 2026، تعزيز حوكمة المنظومة الدوائية وتطوير التصنيع المحلي والتَّموْقَع الاستراتيجي في السوق الإفريقية والدولية من خلال مراجعة الإطار القانوني المنظّم للصيدلية المركزية وتحديث قائمة الأدوية الأساسية وَوضع خارطة طريق وطنية لتصنيع اللقاحات ودفع التحوّل الرقمي كرافعة لتطوير المنظومة الصحيّة ورقمَنة الخدمات الصحيّة عن بعد ومراجعة الإطار التنظيمي لمؤسسات تصدير الخدمات الصحيّة وإنشاء سجّل وطني خاصّ بغير المقيمين الوافدين على تونس للتداوي. وذكرت أنه يتمّ العمل على وضع إطار ترتيبي جديد يُنظّم الخدمات الصحيّة الأساسيّة بالهياكل الصحيّة العمومية.
أما بخصوص التربية والتعليم، فهي حسب قولها في صميم أولويات الدّولة وبينت أنه يجري العمل على أن تنطلق قريبا أَعمال المجلس الأعلى للتربية والتعليم وستتواصل خلال سنة 2026، مختلف البرامج الرامية إلى توفير خدمات التربية المبكّرة قصد بلوغ نسبة تغطية في حدود 45 بالمائة إلى جانب تعزيز وقاية جميع الأطفال وحمايتهم من كل أشكال التهديد والاستغلال والعنف والسلوكيّات المحفوفة بالمخاطر والظواهر الجديدة والمستجّدة. وأضافت أنه في إطار متابعة المشاريع المتعلّقة بِبناء المؤسسات التربوية وصيانتها وتأمينها وتحسين خدمات الإعاشة والنقل المدرسي وضمان التزوّد بالماء الصالح للشراب وتوفير الكتاب المدرسي وتنشيط الحياة المدرسيّة ودعم الإدماج المدرسي تمّ رصد اعتمادات مالية بلغت حوالي 597 مليون دينار بعنوان سنة 2026.
ولدى حديثها عن التكوين المهني أشارت إلى العمل على منظومة تكوين مهني دامج ذي جودة من خلال مسار جديد للتكوين المهني يختم بشهادة عليا للتكوين وتطوير نظام الحوافز لفائدة الراغبين في الالتحاق بمنظومة التكوين المهني مع تَحْيِين الإستراتيجية الوطنيّة للتشغيل ومُراجعة برامج الصندوق الوطني للتشغيل في اتجاه ملاءمتها مع تنقيحات مجلّة الشغل وسيتم في نفس السياق تطوير برامج التكوين التكميلي في اللّغات والتكنولوجيات الحديثة لتحسين تشغيليّة حاملي شهادة الدكتوراه ودعم الشركات الأهليّة والمؤسسات الصغرى والمتوسّطة. أما بالنسبة إلى الشباب والرياضة فستنطلق خلال سنة 2026 أشغال إعادة بناء الملعب الأولمبي بالمنزه وتمَّ إبرام مذّكرة تفاهم في الغرض مع الوكالة الصّينية للتعاون الإنمائي الدّولي. وسيتواصل العمل على النهوض بالمنظومة الرياضيّة ويَجري العمل حاليًّا على سَّن قانون جديد يخُصّ الهياكل الرياضيّة. وبالنسبة إلى القطاع الثقافي سيتم العمل خلال سنة 2026 على تنفيذ إصلاحات جوهريّة لحماية التراث وضمان استدامة البنية الثقافية، ترتكز على مراجعة مجلة حماية التراث وتحْيين القوانين ذات الصلة لتستوعب التراث المادّي وغير المادّي. بالإضافة إلى دعم الاستثمار في الصناعات الثقافية والإبداعية من خلال تعزيز المرافقة الفنيّة للمشاريع الثقافية الناشئة والمُبتكرة ومراجعة كراسّات الشروط والنصوص الترتيبية المنظّمة لحقوق المؤّلف والحقوق المجاورة مع تفعيل دور المؤسسة الوطنية لحقوق التأليف والحقوق المجاورة مع العمل على دعم ثقافة القرب للفئات الهشّة، عبر المكتبات المتنقّلة والنموذجية، وتوفير خدمات ثقافية داخل مراكز الإصلاح والسّجون والمستشفيات ودُور المسّنين والمدارس الريفيّة، مع تفعيل المنصة الرقمية التفاعلية للثقافة كفضاء لتسويق المنتوجات الفنّية والإبداعية، والترويج لها على الصعيدين الوطني والدّولي ودَعم مركز تونس الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي كَمركز تفكير وتنفيذ للمشاريع الرقمية، من خلال تهيئة مختبر متنقّل، واقتناء تجهيزات سمعيّة وبصرية ووسائل نقل، بما يُمكنّه من أداء وظيفته التنمويّة محليًا وجِهوّيًا.
وبخصوص النقل العمومي فبعد اقتناء 300 حافلة لفائدة شركة نقل تونس وهيّ حاليّا في طور الاستغلال يَجري العمل على اقتناء 418 حافلة أخرى لفائدة شركات النقل العمومي، مع تدعيم أسطول شركة نقل تونس بـ 165 حافلة مهيّأة لأصحاب الاحتياجات الخصوصيّة. كما تمّ الشروع في الإجراءات المتعلقة باقتناء 30 عربة مترو جديدة بقيمة 450 مليون دينار . وسيتم سنة 2026، تخصيص اعتمادات ذات صِبغة تنموية في حدود 532.6 مليون دينار لِتمويل القِسْط الأوّل من الشبكة الحديدية السريعة والمشاريع الخاصّة بالسّكك الحديدية من تجديد للشبكة وتأهيل للعربات وإحداث مركز صيانة وتأهيل الخط عدد 6 الرابط بين تونس والقصرين ومضاعفة الخط الرابط بين المكنين والمهدية وتجديد شبكة نقل الفسفاط مع تواصل مشاريع تهيئة الهيكل الأساسي لشبكة المترو وتجديد وصيانة السّكة وإصلاح وتأهيل الحافلات. أما بالنسبة لقطاع السّكن، فيتّجه العمل خلال سنة 2026، على بناء أَحياء سكنية جديدة وتوفير مساكن يتّم بيعها للمواطنين عبر آلية التقسيط أو الكراء المُمَلّك مع مواصلة برنامج المسْكن الأول وبرمجة التدّخل لفائدة 11770 منتفعا بكافة الولايات لإزالة المساكن البِدائية في إطار البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي وسيتّم الانطلاق في إنجاز 5000 مسكن اجتماعي بكُلّفة تُناهز 505.5 مليون دينار وذلك بعد انجاز المرحلة الأولى من هذا البرنامج. ولتدعيم تدّخلات صندوق النهوض بالسكن لفائدة الأُجراء بينت أنه تم رصد اعتمادات بعنوان سنة 2026 بقيمة 63 مليون دينار مع العمل على تعزيز آلية الكراء المُمَلّك وذلك برصد اعتمادات بقيمة 25 مليون دينار وآلية البيع بالتقسيط التي يمكن اعتمادها من قبل الباعثين العقاريين العموميين والعمل على التحّكم في كلفة المشاريع.
دعم الاستثمار
أما في المجال الاقتصادي فأشارت رئيسة الحكومة إلى تخصيص 93 مليون دينار ضمن مشروع قانون المالية لتمويل حاجيات التصرف والاستغلال في المؤسسات الصغرى والمتوسطة بشروط ميسّرة ولدعم التمويل الذاتي لفائدة باعثي المشاريع والمؤسسات الصغرى ولإسناد قروض للمؤسسات الاقتصادية بالجهات الأقل تنمية بشروط تفاضلية لتمويل أنشطة في كافة المجالات الاقتصادية حسب مؤشرات التنمية الجهوية. كما تشمل آليات التمويل الميّسرة، الشركات الأهلية من خلال تمديد فترة الانتفاع بخط التمويل المحدث بمقتضى قانون المالية لسنة 2023 بسنتين إضافيتين إلى غاية موفّى سنة 2027 وتخصيص اعتماد إضافي لتمكينها من الانتفاع بقروض بشروط تفاضلية وتم بمقتضى نفس المشروع إحداث خط تمويل لفائدة صغار الفلاحين لتمويل قروض موسمية ميسّرة بالنسبة للموسم الفلاحي 2025-2026.
وبينت أنه سيتم خلال سنة 2026 التركيز على تحسين جودة الخدمات الإدارية الموجّهة للمستثمرين والفاعلين الاقتصاديين من خلال رقمنة إجراءات الاستثمار ورقمنة خدمات الملكية العقارية والإجراءات الديوانية والمينائية وتطوير الشباك الوطني الإلكتروني للتجارة الخارجية.
الأمن الغذائي والمائي والطاقي
وبينت رئيسة الحكومة أنه في إطار السيادة الغذائية، ولدعم بذور الحبوب الممتازة تم رصد اعتمادات قدرت بــ 43 مليون دينار ضمن ميزانية 2026، كما تتواصل رقمنة منظومة الحبوب، ولتنمية إنتاج الألبان واللحوم الحمراء، تمّ الانطلاق في برنامج إعادة تكوين القطيع ودعم تجميع الحليب بكلفة جمليّة قدرّت بقيمة 80 مليون دينار بعنوان سنة 2026، عبر دعم صغار مربي الأبقار وتمويل تدّخلات تنموية عن طريق الديوان الوطني للأعلاف في حدود 30 مليون دينار بعنوان سنة 2026. كما تم تخصيص اعتمادات بقيمة 119.5 م د لدعم الصيد البحري. ولضمان الأمن المائي تمثل الاستثمارات في مجال المياه 63 بالمائة من إجمالي الاستثمارات العمومية للقطاع الفلاحي. وسيتمّ خلال سنة 2026 مواصلة تنفيذ مشاريع تزويد المراكز الريفية بالماء الصالح للشراب بمبلغ جُملي في حدود 351,8 م د. وتمّت برمجة استثمارات في مجال معالجة المياه المستعملة لتحسين نوعيتها إلى جانب العمل على التعميم التدريجي للمعالجة الثلاثية بمحطّات التطهير إضافة إلى إحداث محطّات تطهير متخصّصة في معالجة المياه المستعملة الصناعية لبلوغ نسبة 76,3 بالمائة من المياه المعالجة المطابقة للمواصفات سنة 2026 وسيتم العمل على ملائمة المنصوص القانونية لضمان استدامة الموارد المائية خاصة إصدار مجلّة المياه بمَا من شأنه أن يُسهم في تحسين نجاعة آليات التصّرف وحماية الملك العمومي للمياه. وذكرت رئيسة الحكومة أنه لمواجهة تحدّي العجز الطاقي وضغطه على التوازنات المالية، ستعمل الدولة، خلال سنة 2026، على استعادة نسق البحث والاستكشاف وتطوير الحقول مع العمل على تسريع وتيرة تحقيق الانتقال الطاقي وإنتاج الطاقات المتجددة بهدف تحقيق نسبة 35 بالمائة من الطاقة المتجدّدة بحلول سنة 2030 .
مؤشرات إيجابية
وأشارت إلى وجود توقعات بتواصل الأداء الجيّد لقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية خلال العام القادم فضلا عن تعافي قطاع النسيج والملابس بفضل التحسّن النسبي المتوقع للنشاط الاقتصادي في الفضاء الأوروبي حيث من المتوقع أن يتطور الطلب الخارجي الموجه لتونس بنسبة واحد فاصل أربعة بالمائة سنة 2026 مقابل صفر فاصل 2 بالمائة العام الجاري وبخصوص قطاع الفسفاط بينت أنه من المتوقع بلوغ 5 ملايين طن مع نهاية سنة 2025. واستعرضت رئيسة الحكومة في بيانها مؤشرات عديدة أخرى تتعلق بقطاع السياحة والصناعات التقليدية والتجارة الخارجية والبيئة وقالت ستواصل خلال سنة 2026 رقمنة الإدارة ورقمنة الخدمات الجبائية والاستخلاص باعتبارها خطوة لإصلاح المنظومة الجبائيّة حيث سيتمّ تبسيط طرق خلاص معاليم الجولان من خلال تَمْكين خلاصها بالطرق الإلكترونية الموثوق بها واعتماد آلية الفوترة الالكترونية بالنسبة إلى المعاملات المتعلقة بإسداء الخدمات. ويساهم القطاع الرقمي حاليا بنسبة 4 بالمائة من الناتج الإجمالي ويوفر حوالي مائة وعشرة آلاف فرصة عمل، وتعمل الدولة على تحسين البنية التحتية التكنولوجية وتطوير التشريعات المتعلّقة بحماية البيانات والتطبيقات والاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي.
التنمية الجهوية والمحلية
وقدمت رئيسة الحكومة في بيانها معطيات حول التنمية الجهوية والمحلية وأشارت إلى المنهجية التصاعدية المعتمدة في إعداد مشروع مخطّط التنمية للفترة 2026-2030. وأضافت أنه تم ضمن ميزانية الدولة لسنة 2026 إدراج 583 مشروعا جديدا بمختلف الولايات بناء على مقترحات المجالس المحلية، شملت خاصة التجهيزات الجماعية والبنية الأساسية، وتبلغ قيمتها 940 مليون دينار، بالإضافة إلى 200 مليون دينار تعهّدا ستخصّص لتمويل مشاريع محلّية إثر استكمال دراستها. أما على المستوى البلدي فتتمثل أهّم الأولويات المرسومة لسنة 2026 في إصدار القانون الأساسي المتعلق بالمجالس البلدية واستكمال مشروع مجلة التهيئة الترابية والتعمير للرفع من نسبة تغطية التراب الوطني بدراسات أمثلة التهيئة العمرانية في اتجاه تبسيط الإجراءات.
وخلصت رئيسة الحكومة إلى أن قانون المالية لسنة 2026 ليس مجرد أرقام ونسب وحسابات، بل هو آلية لترجمة رؤية وطنية شاملة بمقاربات جديدة مختلفة تقطع تماما مع المقاربات التقليدية التي أدّت إلى التفاوت في النموّ لتوجيه الثروة والتنمية نحو كلّ الجهات بصفة عادلة بما يحقق العدالة الاجتماعية والنموّ الفعلي ويحفّز الإنتاج ويحافظ على توازن الدّولة الاجتماعي والاقتصادي والمالي، لمَا يستجيب لتطلّعات التونسيين والتونسيات في العيش الكريم وتكافؤ الفرص. ودعت المؤسسات المالية العمومية والخاصّة على مضاعفة الجهود لتمويل الاستثمار والمشاريع وأكدت على أهمية التكامل بين القطاعين العام والخاص.
سعيدة بوهلال
صور منير بن ابراهيم
- مشروع قانون المالية لسنة 2026 نص على الترفيع في الأجور والمرتبات في القطاعين العام والخاصّ وجرايات المتقاعدين
بحضور رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري انطلقت صباح أمس بقصر باردو الجلسة العامة المشتركة لمجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم المخصصة للنظر في مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية ومشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2026.
وبعد الاستماع في الحصة الصباحية إلى بيان رئيسة الحكومة وتقرير لجنتي المالية والميزانية بالمجلسين حول هذه المشاريع، طالب العديد من النواب خلال النقاش الذي تواصل إلى وقت متأخر من المساء الحكومة بتحقيق التنمية العادلة والمتوازنة بين الجهات ودعم الاستثمار العمومي والخاص وتوفير التشغيل للمعطلين عن العمل خاصة من طالت بطالتهم من أصحاب الشهادات العليا وتسوية الوضعيات الهشة، وتحسين البنية التحتية وتسريع انجاز المشاريع المعطلة، وتحسين خدمات المرفق العام خاصة النقل وأبدوا ارتياحهم للتوجه نحو ترسيخ دعائم الدولة الاجتماعية والاهتمام بالفئات الفقيرة ومحدودة الدخل لكنهم اعتبروا أنه يجب الحرص في نفس الوقت على تسريع نسق النمو الاقتصادي ومنح أولوية للقطاع الفلاحي وتوفير ماء الشرب بهدف ضمان الأمن الغذائي والمائي، كما يتعين العمل حسب قولهم إصلاح المؤسسات والمنشآت العمومية والحرص على تحقق العدالة الجبائية وتقليص العجز التجاري خاصة العجز الطاقي وطالبوا بحسن اختيار المسؤولين على مؤسسات الدولة وهناك من دعا إلى دعم المجالس المحلية المنتخبة وتشريكها في إدارة الشأن العام وتمكينها من تأطير سياسي لتكون حزام أمان لمسار البناء والتشييد، حسب وصفه. ومن بين المسائل الأخرى التي تمت إثارتها ما يتعلق بالتلوث في قابس.
وقدمت رئيسة الحكومة في بداية الجلسة بيانا حول مشاريع ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي وقانون المالية لسنة 2026. وبينت أن نقاش هذه المشاريع من قبل المجلسين النيابيين هو خطوة في مسار الإصلاح غايتها توجيه المالية العمومية لخدمة الأهداف الإستراتيجية لمخطط التنمية للفترة 2026- 2030 وتجسيد السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة وخياراتها الكبرى وتنفيذ أولوياتها بناء على مقاربة جديدة عادلة ومُنصفة ورؤية وطنية شاملة لبناء اقتصاد وطني يحقق التوازن بين العدالة الاجتماعية والنموّ الاقتصادي وَيكون قادرا على الصمود تجاه التقلّبات الخارجية. وتكتسي سنة 2026 حسب قولها طابعا خصوصيّا باعتبارها السنة الأولى التي ستنطلق الدولة خلالها في تنفيذ هذا المخططّ وأضافت أنه تمّ تنزيل جملة من المشاريع المقترحة من قبل المجالس المحليّة بمشروعي الميزان الاقتصادي وقانون المالية لسنة 2026، في إطار حرص الدّولة على تحقيق الانسجام التام بين التخطيط الاستراتيجي والبرمجة المالية السنوية والتكامل بين الوظيفة التشريعية والوظيفة التنفيذية.
أولويات وتحديات
وأضافت رئيسة الحكومة أن مشاريع قوانين المالية والميزانية والميزان الاقتصادي تقوم على جملة من الأولويات الأساسية أبرزها تكريس الدور الاجتماعي للدولة، وتكريس عدد من الخيارات الإستراتجية، وتكريس العدالة الجباية وتبسيط الخدمات الإدارية والرقمنة. وقدمت إثر ذلك معطيات ضافية حول النتائج التي تم تحقيقها خلال السداسي الأول من العام الجاري وطمأنت نواب الشعب بأن الاقتصاد الوطني يسير نحو التعافي رغم التقلّبات العالمية والأزمات المتواترة ومَا نجم عنها من تداعيات اقتصادية عالمية.
ومن بين المؤشرات التي استعرضتها رئيسة الحكومة نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3 فاصل 2 بالمائة مقابل 1 فاصل 4 بالمائة في السداسي الأول من سنة 2024 وتراجع نسبة التضخم من 6 فاصل 7 بالمائة في سبتمبر2024 إلى 5 بالمائة في سبتمبر 2025 و4 فاصل 9 بالمائة في أكتوبر 2025، بما مكن البنك المركزي من التخفيض في نسبة الفائدة المديريّة إلى حدود 7 فاصل 5 بالمائة في موفّى مارس 2025 وتطور العائدات السياحية بنسبة 8 فاصل 2 بالمائة إلى حدود موفّى شهر أكتوبر 2025 مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية وتطور تحويلات التونسيين بالخارج بنسبة 8 فاصل 1 بالمائة بما ساهم في المحافظة على رصيد من المخزون الاحتياطي من العملة الأجنبية ناهز 106 أيام توريد إلى موفىّ شهر أكتوبر 2025 فضلا عن تحسن سعر صرف الدينار مقابل سعر صرف الدّولار بنسبة 2 فاصل 8 بالمائة ومقابل سعر صرف الأورو بنسبة صفر فاصل خمسة بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024. ولاحظت الزعفراني أن استقرار سعر الصرف جعل الدينار التونسي أقوى عملة في إفريقيا من حيث القيمة الاسمية مقابل الدّولار رغم أنّ تونس لا تستفيد من ثروة نفطية أو صادرات عالية القيمة مثل بعض الدول في المنطقة، كما أكدت تراجع مُعدّل البطالة ليصل إلى 15 فاصل 3 بالمائة خلال الثلاثي الثاني من العام الجاري بعد أن كان 16 بالمائة في نفس الفترة من سنة 2024، ووصفت تطور نسق الاستثمار بالإيجابي حيث ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال السّداسية الأولى من هذا العام بنسبة 21 فاصل 3 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024 وذلك مع تقدّم نسق أشغال المشاريع الجارية خاصّة في مجالات النقل والطرقات والصّحة والطاقات المتجدّدة. وتمكنت تونس حسب قولها من الإيفاء بجميع التزاماتها الخارجية وضمان استدامة التوازنات المالية. ولاحظت أن هذه المؤشرات أدت إلى تحسّن الترقيم السيادي لتونس خلال سنة 2025 حسب تقييم وكالات التصنيف العالمية بما «يضمن القدرة على النفاذ مجددا إلى الأسواق العالمية».
ارتفاع الأسعار
وخلصت رئيسة الحكومة إلى أنّ النتائج الإيجابية سالفة الذكر على أهميتها، يجب أن تلبي انتظارات المواطن في حياته اليوميّة وفي كل المجالات، خاصّة بالنسبة للأُسر الفقيرة ومحدودة الدّخل لذلك يمثّل التحّكم في الأسعار والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن حسب قولها أولويّة قصوى للدولة التي تواصل جهودها لضبط الأسعار والحدّ من التضخّم، عبر المحافظة على أسعار المواد الأساسية ومكافحة الزيادات المشّطة ومراقبة هوامش الربح والتحّكم في كلفة مدخلات الإنتاج، مع تنويع الخيارات أمام المواطن من خلال عروض مباشرة وأسعار تفاضلية. وفسرت أنه رغم ما تمَّ تحقيقه من نتائج إيجابية، أهمّها انتظام تزويد السوق بالمواد الأساسية وانخفاض نسبة التضّخم، مازال مستوى الأسعار مرتفعا وهو ما يشعر به المواطن فعليّا. وأشارت إلى مواصلة العمل على تفكيك شبكات المضاربة والاحتكار عبر تكثيف عمليّات المراقبة على مختلف حلقات الإنتاج والتوزيع، بما في ذلك الأسواق والمخازن حتّى يقع التخفيض في الأسعار مع ضمان المراقبة المستمرة على مدار السنة لمسالك التوزيع والأسعار والجودة من خلال تعزيز رقمنة هذه المسالك وتوظيف الإمكانيات المتاحة لهذا الغرض. أما في علاقة بتزويد السّوق المحليّة بالمواد الأساسية، فأكدت الزعفراني حرص الدولة على تأمين انتظامية العرض لتوفير هذه المواد واسترجاع النسق الطبيعي لتوفيرها بصفة منتظمة وتكوين مخزونات احتياطية وتكثيف المراقبة للحدّ من المضاربة والتصّدي للاحتكار فضلا عن مزيد تنظيم مسالك التوزيع بما من شأنه أن يساعد على التحكم في التضخم وحصره في مستويات مقبولة.
وترى رئيسة الحكومة أن التعويل على الإنتاج الوطني يبقى خيارا أساسيا للدولة في حين يبقى التوريد حلا ظرفيا إذ يتم إعطاء الأولويّة للسّوق المحليّة وإحكام التصرّف في المخزونات.
تقديرات وتوقعات
وبينت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري أنه بناء على السياسة الاجتماعية والاقتصادية للدّولة وانطلاقا من النتائج التي تمَّ تحقيقها سنة 2025، مع توّخي الحذر الذي تقتضيه حالة عدم اليقين على المستوى الإقليمي والعالمي نتيجة لتواتر الأزمات واستمرارها، تم رسم منوال النمو لسنة 2026 على أساس تعزيز التعافي الاقتصادي ودعم ركائز النمو الإدماجي وتطوير القدرة على خلْق الثروة والحد من البطالة وتوفير مزيد من مواطن الشغل اللائق وتحسين المستوى المعيشي للمواطن وقدرته الشرائية وذلك في إطار يراعي التوازن بين العدالة الاجتماعية والنموّ الاقتصادي. وتعمل الدولة حسب قولها، على تحقيق هدف نموّ الناتج المحلّي الإجمالي بنسبة ثلاثة فاصل ثلاثة بالمائة بالأسعار القارّة بالنسبة لسنة 2026 مقابل 2 فاصل 6 بالمائة منتظرة لِكامل سنة 2025 وهو ما سيمكن من الارتقاء بالدخل الفردي بنسبة 7 فاصل 4 بالمائة سنة 2026. وأضافت إلى أنه سيتم العمل على تطوير الاستثمار الجملي بنسبة 12 بالمائة بالأسعار الجارية خلال سنة 2026 ليرتفع إلى ما يعادل نسبة 16 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وفسرت رئيسة الحكومة أن هذه التقديرات تستند إلى تحسن الاستثمار العمومي والخاص بما في ذلك إدراج مشاريع جديدة انطلاقا من مقترحات المجالس المحليّة في إطار إعداد مشروع مخطّط التنمية ومراجعة الإطار القانوني والمؤسساتي للاستثمار ومزيد تحسين مناخ الأعمال والتقدّم في تنفيذ الإستراتيجية الوطنيّة للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسّطة ودعم الشركات الأهلية، كما يجري العمل حثيثا على التحّكم في العجز التجاري ليبلغ نسبة 3 فاصل ستة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2026 وذلك بتعزيز المجهود التصديري وتنويع الأسواق الخارجية وحماية الاقتصاد الوطني بترشيد الواردات والحَدّ من توريد الكماليّات والمنتجات الاستهلاكية غير الضروريّة وتفعيل جميع الآليّات لذلك حسب الخيارات الوطنية إلى جانب تواصل الأداء الجيد للعائدات السياحية وتحويلات التونسيين بالخارج بما يحافظ على مستوى مقبول من المدخرات بالعملة الأجنبية.
وأشارت إلى أنه بناء على المعطيات سالفة الذكر تمّ إعداد مشاريع الميزان الاقتصادي وقانون المالية والميزانيّة لسنة 2026 وقدرت ميزانية الدّولة لسنة 2026 بقيمة 79624 مليون دينار قَبْضًا وصَرْفًا أي بزيادة ثلاثة فاصل تسعة بالمائة مقارنة بالنتائج المنتظرة لسنة 2025. وفسرت أنه تمّ الحرص في إعداد هذه المشاريع على تحقيق التناغم مع توجّهات مخطّط التنمية للفترة 2026 -2030 الرّامية إلى تحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعيّة والتنمية العادلة والمتوازنةّ.
الدولة الاجتماعية
وقدمت رئيسة الحكومة في بيانها أمام مجلسي نواب الشعب والجهات والأقاليم مختلف الأحكام التي جاء بها مشروع قانون المالية والمشاريع المبرمج انجازها خلال العام المقبل. ومن بين أُولى أولويّات الحكومة حسب قولها، تحقيق انتظارات منْ عَانُوا من البطالة والإقصاء والحرمان وذلك بتمكين الشباب على وجه الخصوص، من حقّهم المشروع في العمل وبدفع التشغيل والحدّ من البطالة وخلق فُرص عمل جديدة وضمان العمل اللائق وتحقيق الاستقرار الاجتماعي. وسيتمّ ذلك عبر فتح باب الانتداب مُجدّدا في الوظيفة العمومية وخاصّة لأصحاب الشهادات العليا ومَنْ طالت بطالتهم وتسوية وضعيات التشغيل غير القارّ لـ 51878 خُطّة منها 22523 خُطّة إضافية حيث ستتواصل خلال سنة 2026 تسوية وضعيّة الأعوان العرضيين وعملة الحضائر بجميع أصنافهم وإدماج الأساتذة والمعلمّين النوّاب. كما ستتواصل مقاومة العمل غير القارّ والقضاء على التشغيل الهَشّ وِسيتمّ تشجيع القطاع الخاصّ على انتداب حاملي شهادات التعليم العالي وذلك بتكفّل الدّولة بمساهمة الأعراف في النظام القانوني للضمان الاجتماعي بعنوان الأجر المدفوع لفائدة الأُجراء من حاملي هذه الشهادات الذّين يتمّ انتدابهم من قبل مؤسسات القطاع الخاصّ ابتداءً من غُرّة جانفي 2026 ولمدّة خمس سنوات وسيتمّ توسيع تدّخلات الصندوق الوطني للتشغيل لتشمل تمويل البرامج والآليات الرّامية إلى الرفع من مؤهلات طالبي الشغل وطلبة السنوات النهائية ومُتكوني مراكز التكوين المهني ويتّم منح الأولوية لمن طالت مدّة بطالتهم.كما تمَّ فتح آفاق جديدة لباعثي الشركات الأهلية وتخصيص اعتماد إضافي في الغرض بقيمة 35 مليون دينار على موارد الصندوق الوطني للتشغيل،
وأضافت أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 نص على الترفيع في الأجور والمرتبات في القطاعين العام والخاصّ وجرايات المتقاعدين بعنوان سنوات 2026 و2027 و2028، حتى تكون مجزية وعادلة مع مواصلة دعم المواد الاستهلاكية من قبل الدّولة، حيث ارتفعت قيمة دعم المواد الأساسية في ميزانية سنة 2026 بقيمة 278 مليون دينار مقارنة بسنة 2025. وذكرت أنه سيتم تدعيم أنظمة الضمان الاجتماعي عَبْرَ التمديد في العمل بالمساهمة الاجتماعية التضامُنيّة وتخصيص نسبًا من المعاليم الجبائية لفائدتها. وبينت أنه يجري العمل على مراجعتها مراجعة شاملة خاصّة نظام الجرايات ونظام التأمين على المرض وتَفْعيل النظام التكميلي للتأمين على المرض ومُراجعة النظام التكميلي للجرايات في القطاع الخاصّ وإصدار مجلّة الإجراءات الخاصّة بالاستخلاص والمراقبة. كمَا سيتّم العمل خلال سنة 2026، على القيام بمراجعة جذرية لدور الصناديق الاجتماعية حتى تَجد توازنها المالي وتستعيد دورها الكامل لِبناء الدّولة الاجتماعيّة ونصَّ مشروع قانون الماليّة لسنة 2026 على إجراءات لتنويع موارد تمويلها.
وبينت أنه سيتم العمل على توسيع التغطية الاجتماعيّة لفائدة الفئات الضعيفة من خلال تدعيم الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات وإِحْداث نظام جديد للضمان الاجتماعي لاستيعاب الناشطين في القطاع غير المنظّم والإحاطة بالعُمّال الذين فقدوا عملهم والانطلاق في تقديم خدمات صندوق التأمين على فقدان مواطن الشغل والإحاطة الاجتماعية بالعُمّال المسرّحين لأسباب اقتصادية وحمايتهم. كما يَجْرِي العمل على تدعيم برامج الإحاطة بالفئات الفقيرة ومحدودة الدّخل وذات الاحتياجات الخصوصيّة وإدماجها في النشاط الاقتصادي مما يُساهم في الحدّ من الفقر والتقليص من الفوارق الاجتماعية ودعم القدرة الشرائية للفئات الهشّة. وذكرت أنه تم رصد في ميزانية الدّولة لسنة 2026 إعتمادات قدرها 1863 مليون دينار بعنوان النهوض بالفئات محدودة الدخل، للترفيع في المنح القارّة لحوالي 395 ألف عائلة معوزة علاوة على إسناد منح شهرية لأبنائهم المتمدّرسين بمبلغ جملي قدره 1340 مليون دينار وتوفير بطاقات العلاج المجاني وبطاقات العلاج بالتعريفة المنخفضة فضلا عن الترفيع في المنحة التعديليّة لجرايات التقاعد الدنيا ومُراجعة المنح الظرفية لتشمل مصاريف العودة المدرسية والجامعية مع الترفيع في قيمتها وتمّ التنصيص على الترفيع في منحة العائلات المتكفّلة بذوي الإعاقة وإحداث خُطوط تمويل لتيسير بعث المشاريع التنموية في كافة أنحاء الجمهوريّة ودعم تمويل المؤسسات الاقتصاديّة بالجهات الأقل تنمية والشركات الأهليّة والمؤسسات الصغرى والمتوسّطة وباعثي المشاريع والمؤسسات الصغرى وصغار الفلاحين مِمَن يجدون صعوبة في النفاذ للقطاع المالي. وأشارت إلى أنه في إطار برنامج رائدات الذي مكّن منذ انطلاقه سنة 2022 من الموافقة على تمويل 5610 مشاريع نسائية ساهمت في إحداث 9202 موطن شغل مباشر باعتمادات ماليّة ناهزت 55,8 مليون دينار ومن المتوقّع أن يتمّ قبول تمويل نحو ألف مشروع نسائي بكامل الولايات خلال سنة 2026. وللإحاطة بالأشخاص ذوي الإعاقة نصَّ مشروع قانون الماليّة لسنة 2026 على إحداث «صندوق النهوض بالأشخاص ذوي الإعاقة» يتولى تمويل التدّخلات المتعلّقة بمجالات التكوين والتشغيل والتشجيع على بعث المشاريع، والإدماج الاقتصادي، والريّاضي، والثقافي. كما سيتّم تمكين هذه الفئة من إعفاءات جبائيّة لتسهيل انخراطها في الدورة الاقتصاديّة.
الصحة والتعليم والنقل
وتطرقت رئيسة الحكومة في بيانها إلى مختلف الانجازات التي تم القيام بها لتحسين المرفق العام وعددت المشاريع المبرمج تنفيذها خلال سنة 2026 ففي المنظومة الصّحية، قالت يتمّ العمل على أن تتقّدم الأشغال بنسق حَثيث خلال سنة 2026 بالنسبة لعدد من المؤسسات الاستشفائية بكل من القيروان وسبيطلة والجم وغار الدماء وجلمة ومكثر وحفوز والدهماني وتالة وغيرها من المدن. وبينت أنه يَجري العمل على مواصلة بناء المستشفيات الجهوية من صنف «ب» في عدد من المعتمديات واستكمال الدراسات الفنيّة الخاصة بإنجاز مدينة الأغالبة الطبيّة بالقيروان واستحثاث نسق إنجاز مشروع المستشفى الجامعي الملك سلمان بن عبد العزيز بالقيروان الذي ستنطلق أشغاله خلال هذا الشهر.. مع العمل على تحديث التجهيزات الطبيّة ودعم التكنولوجيا الصّحية وخدمات الصّحة المتخصّصة بكافة مستشفيات البلاد. واستعرضت رئيسة الحكومة الإجراءات الجبائية المنصوص عليها بمشروع قانون المالية والرامية لدعم الهياكل الصّحية العمومية ومصّحات الضمان الاجتماعي والجمعيّات الناشطة لفائدة الفئات ذات الاحتياجات الخصوصية. كما سيتم خلال سنة 2026، تعزيز حوكمة المنظومة الدوائية وتطوير التصنيع المحلي والتَّموْقَع الاستراتيجي في السوق الإفريقية والدولية من خلال مراجعة الإطار القانوني المنظّم للصيدلية المركزية وتحديث قائمة الأدوية الأساسية وَوضع خارطة طريق وطنية لتصنيع اللقاحات ودفع التحوّل الرقمي كرافعة لتطوير المنظومة الصحيّة ورقمَنة الخدمات الصحيّة عن بعد ومراجعة الإطار التنظيمي لمؤسسات تصدير الخدمات الصحيّة وإنشاء سجّل وطني خاصّ بغير المقيمين الوافدين على تونس للتداوي. وذكرت أنه يتمّ العمل على وضع إطار ترتيبي جديد يُنظّم الخدمات الصحيّة الأساسيّة بالهياكل الصحيّة العمومية.
أما بخصوص التربية والتعليم، فهي حسب قولها في صميم أولويات الدّولة وبينت أنه يجري العمل على أن تنطلق قريبا أَعمال المجلس الأعلى للتربية والتعليم وستتواصل خلال سنة 2026، مختلف البرامج الرامية إلى توفير خدمات التربية المبكّرة قصد بلوغ نسبة تغطية في حدود 45 بالمائة إلى جانب تعزيز وقاية جميع الأطفال وحمايتهم من كل أشكال التهديد والاستغلال والعنف والسلوكيّات المحفوفة بالمخاطر والظواهر الجديدة والمستجّدة. وأضافت أنه في إطار متابعة المشاريع المتعلّقة بِبناء المؤسسات التربوية وصيانتها وتأمينها وتحسين خدمات الإعاشة والنقل المدرسي وضمان التزوّد بالماء الصالح للشراب وتوفير الكتاب المدرسي وتنشيط الحياة المدرسيّة ودعم الإدماج المدرسي تمّ رصد اعتمادات مالية بلغت حوالي 597 مليون دينار بعنوان سنة 2026.
ولدى حديثها عن التكوين المهني أشارت إلى العمل على منظومة تكوين مهني دامج ذي جودة من خلال مسار جديد للتكوين المهني يختم بشهادة عليا للتكوين وتطوير نظام الحوافز لفائدة الراغبين في الالتحاق بمنظومة التكوين المهني مع تَحْيِين الإستراتيجية الوطنيّة للتشغيل ومُراجعة برامج الصندوق الوطني للتشغيل في اتجاه ملاءمتها مع تنقيحات مجلّة الشغل وسيتم في نفس السياق تطوير برامج التكوين التكميلي في اللّغات والتكنولوجيات الحديثة لتحسين تشغيليّة حاملي شهادة الدكتوراه ودعم الشركات الأهليّة والمؤسسات الصغرى والمتوسّطة. أما بالنسبة إلى الشباب والرياضة فستنطلق خلال سنة 2026 أشغال إعادة بناء الملعب الأولمبي بالمنزه وتمَّ إبرام مذّكرة تفاهم في الغرض مع الوكالة الصّينية للتعاون الإنمائي الدّولي. وسيتواصل العمل على النهوض بالمنظومة الرياضيّة ويَجري العمل حاليًّا على سَّن قانون جديد يخُصّ الهياكل الرياضيّة. وبالنسبة إلى القطاع الثقافي سيتم العمل خلال سنة 2026 على تنفيذ إصلاحات جوهريّة لحماية التراث وضمان استدامة البنية الثقافية، ترتكز على مراجعة مجلة حماية التراث وتحْيين القوانين ذات الصلة لتستوعب التراث المادّي وغير المادّي. بالإضافة إلى دعم الاستثمار في الصناعات الثقافية والإبداعية من خلال تعزيز المرافقة الفنيّة للمشاريع الثقافية الناشئة والمُبتكرة ومراجعة كراسّات الشروط والنصوص الترتيبية المنظّمة لحقوق المؤّلف والحقوق المجاورة مع تفعيل دور المؤسسة الوطنية لحقوق التأليف والحقوق المجاورة مع العمل على دعم ثقافة القرب للفئات الهشّة، عبر المكتبات المتنقّلة والنموذجية، وتوفير خدمات ثقافية داخل مراكز الإصلاح والسّجون والمستشفيات ودُور المسّنين والمدارس الريفيّة، مع تفعيل المنصة الرقمية التفاعلية للثقافة كفضاء لتسويق المنتوجات الفنّية والإبداعية، والترويج لها على الصعيدين الوطني والدّولي ودَعم مركز تونس الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي كَمركز تفكير وتنفيذ للمشاريع الرقمية، من خلال تهيئة مختبر متنقّل، واقتناء تجهيزات سمعيّة وبصرية ووسائل نقل، بما يُمكنّه من أداء وظيفته التنمويّة محليًا وجِهوّيًا.
وبخصوص النقل العمومي فبعد اقتناء 300 حافلة لفائدة شركة نقل تونس وهيّ حاليّا في طور الاستغلال يَجري العمل على اقتناء 418 حافلة أخرى لفائدة شركات النقل العمومي، مع تدعيم أسطول شركة نقل تونس بـ 165 حافلة مهيّأة لأصحاب الاحتياجات الخصوصيّة. كما تمّ الشروع في الإجراءات المتعلقة باقتناء 30 عربة مترو جديدة بقيمة 450 مليون دينار . وسيتم سنة 2026، تخصيص اعتمادات ذات صِبغة تنموية في حدود 532.6 مليون دينار لِتمويل القِسْط الأوّل من الشبكة الحديدية السريعة والمشاريع الخاصّة بالسّكك الحديدية من تجديد للشبكة وتأهيل للعربات وإحداث مركز صيانة وتأهيل الخط عدد 6 الرابط بين تونس والقصرين ومضاعفة الخط الرابط بين المكنين والمهدية وتجديد شبكة نقل الفسفاط مع تواصل مشاريع تهيئة الهيكل الأساسي لشبكة المترو وتجديد وصيانة السّكة وإصلاح وتأهيل الحافلات. أما بالنسبة لقطاع السّكن، فيتّجه العمل خلال سنة 2026، على بناء أَحياء سكنية جديدة وتوفير مساكن يتّم بيعها للمواطنين عبر آلية التقسيط أو الكراء المُمَلّك مع مواصلة برنامج المسْكن الأول وبرمجة التدّخل لفائدة 11770 منتفعا بكافة الولايات لإزالة المساكن البِدائية في إطار البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي وسيتّم الانطلاق في إنجاز 5000 مسكن اجتماعي بكُلّفة تُناهز 505.5 مليون دينار وذلك بعد انجاز المرحلة الأولى من هذا البرنامج. ولتدعيم تدّخلات صندوق النهوض بالسكن لفائدة الأُجراء بينت أنه تم رصد اعتمادات بعنوان سنة 2026 بقيمة 63 مليون دينار مع العمل على تعزيز آلية الكراء المُمَلّك وذلك برصد اعتمادات بقيمة 25 مليون دينار وآلية البيع بالتقسيط التي يمكن اعتمادها من قبل الباعثين العقاريين العموميين والعمل على التحّكم في كلفة المشاريع.
دعم الاستثمار
أما في المجال الاقتصادي فأشارت رئيسة الحكومة إلى تخصيص 93 مليون دينار ضمن مشروع قانون المالية لتمويل حاجيات التصرف والاستغلال في المؤسسات الصغرى والمتوسطة بشروط ميسّرة ولدعم التمويل الذاتي لفائدة باعثي المشاريع والمؤسسات الصغرى ولإسناد قروض للمؤسسات الاقتصادية بالجهات الأقل تنمية بشروط تفاضلية لتمويل أنشطة في كافة المجالات الاقتصادية حسب مؤشرات التنمية الجهوية. كما تشمل آليات التمويل الميّسرة، الشركات الأهلية من خلال تمديد فترة الانتفاع بخط التمويل المحدث بمقتضى قانون المالية لسنة 2023 بسنتين إضافيتين إلى غاية موفّى سنة 2027 وتخصيص اعتماد إضافي لتمكينها من الانتفاع بقروض بشروط تفاضلية وتم بمقتضى نفس المشروع إحداث خط تمويل لفائدة صغار الفلاحين لتمويل قروض موسمية ميسّرة بالنسبة للموسم الفلاحي 2025-2026.
وبينت أنه سيتم خلال سنة 2026 التركيز على تحسين جودة الخدمات الإدارية الموجّهة للمستثمرين والفاعلين الاقتصاديين من خلال رقمنة إجراءات الاستثمار ورقمنة خدمات الملكية العقارية والإجراءات الديوانية والمينائية وتطوير الشباك الوطني الإلكتروني للتجارة الخارجية.
الأمن الغذائي والمائي والطاقي
وبينت رئيسة الحكومة أنه في إطار السيادة الغذائية، ولدعم بذور الحبوب الممتازة تم رصد اعتمادات قدرت بــ 43 مليون دينار ضمن ميزانية 2026، كما تتواصل رقمنة منظومة الحبوب، ولتنمية إنتاج الألبان واللحوم الحمراء، تمّ الانطلاق في برنامج إعادة تكوين القطيع ودعم تجميع الحليب بكلفة جمليّة قدرّت بقيمة 80 مليون دينار بعنوان سنة 2026، عبر دعم صغار مربي الأبقار وتمويل تدّخلات تنموية عن طريق الديوان الوطني للأعلاف في حدود 30 مليون دينار بعنوان سنة 2026. كما تم تخصيص اعتمادات بقيمة 119.5 م د لدعم الصيد البحري. ولضمان الأمن المائي تمثل الاستثمارات في مجال المياه 63 بالمائة من إجمالي الاستثمارات العمومية للقطاع الفلاحي. وسيتمّ خلال سنة 2026 مواصلة تنفيذ مشاريع تزويد المراكز الريفية بالماء الصالح للشراب بمبلغ جُملي في حدود 351,8 م د. وتمّت برمجة استثمارات في مجال معالجة المياه المستعملة لتحسين نوعيتها إلى جانب العمل على التعميم التدريجي للمعالجة الثلاثية بمحطّات التطهير إضافة إلى إحداث محطّات تطهير متخصّصة في معالجة المياه المستعملة الصناعية لبلوغ نسبة 76,3 بالمائة من المياه المعالجة المطابقة للمواصفات سنة 2026 وسيتم العمل على ملائمة المنصوص القانونية لضمان استدامة الموارد المائية خاصة إصدار مجلّة المياه بمَا من شأنه أن يُسهم في تحسين نجاعة آليات التصّرف وحماية الملك العمومي للمياه. وذكرت رئيسة الحكومة أنه لمواجهة تحدّي العجز الطاقي وضغطه على التوازنات المالية، ستعمل الدولة، خلال سنة 2026، على استعادة نسق البحث والاستكشاف وتطوير الحقول مع العمل على تسريع وتيرة تحقيق الانتقال الطاقي وإنتاج الطاقات المتجددة بهدف تحقيق نسبة 35 بالمائة من الطاقة المتجدّدة بحلول سنة 2030 .
مؤشرات إيجابية
وأشارت إلى وجود توقعات بتواصل الأداء الجيّد لقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية خلال العام القادم فضلا عن تعافي قطاع النسيج والملابس بفضل التحسّن النسبي المتوقع للنشاط الاقتصادي في الفضاء الأوروبي حيث من المتوقع أن يتطور الطلب الخارجي الموجه لتونس بنسبة واحد فاصل أربعة بالمائة سنة 2026 مقابل صفر فاصل 2 بالمائة العام الجاري وبخصوص قطاع الفسفاط بينت أنه من المتوقع بلوغ 5 ملايين طن مع نهاية سنة 2025. واستعرضت رئيسة الحكومة في بيانها مؤشرات عديدة أخرى تتعلق بقطاع السياحة والصناعات التقليدية والتجارة الخارجية والبيئة وقالت ستواصل خلال سنة 2026 رقمنة الإدارة ورقمنة الخدمات الجبائية والاستخلاص باعتبارها خطوة لإصلاح المنظومة الجبائيّة حيث سيتمّ تبسيط طرق خلاص معاليم الجولان من خلال تَمْكين خلاصها بالطرق الإلكترونية الموثوق بها واعتماد آلية الفوترة الالكترونية بالنسبة إلى المعاملات المتعلقة بإسداء الخدمات. ويساهم القطاع الرقمي حاليا بنسبة 4 بالمائة من الناتج الإجمالي ويوفر حوالي مائة وعشرة آلاف فرصة عمل، وتعمل الدولة على تحسين البنية التحتية التكنولوجية وتطوير التشريعات المتعلّقة بحماية البيانات والتطبيقات والاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي.
التنمية الجهوية والمحلية
وقدمت رئيسة الحكومة في بيانها معطيات حول التنمية الجهوية والمحلية وأشارت إلى المنهجية التصاعدية المعتمدة في إعداد مشروع مخطّط التنمية للفترة 2026-2030. وأضافت أنه تم ضمن ميزانية الدولة لسنة 2026 إدراج 583 مشروعا جديدا بمختلف الولايات بناء على مقترحات المجالس المحلية، شملت خاصة التجهيزات الجماعية والبنية الأساسية، وتبلغ قيمتها 940 مليون دينار، بالإضافة إلى 200 مليون دينار تعهّدا ستخصّص لتمويل مشاريع محلّية إثر استكمال دراستها. أما على المستوى البلدي فتتمثل أهّم الأولويات المرسومة لسنة 2026 في إصدار القانون الأساسي المتعلق بالمجالس البلدية واستكمال مشروع مجلة التهيئة الترابية والتعمير للرفع من نسبة تغطية التراب الوطني بدراسات أمثلة التهيئة العمرانية في اتجاه تبسيط الإجراءات.
وخلصت رئيسة الحكومة إلى أن قانون المالية لسنة 2026 ليس مجرد أرقام ونسب وحسابات، بل هو آلية لترجمة رؤية وطنية شاملة بمقاربات جديدة مختلفة تقطع تماما مع المقاربات التقليدية التي أدّت إلى التفاوت في النموّ لتوجيه الثروة والتنمية نحو كلّ الجهات بصفة عادلة بما يحقق العدالة الاجتماعية والنموّ الفعلي ويحفّز الإنتاج ويحافظ على توازن الدّولة الاجتماعي والاقتصادي والمالي، لمَا يستجيب لتطلّعات التونسيين والتونسيات في العيش الكريم وتكافؤ الفرص. ودعت المؤسسات المالية العمومية والخاصّة على مضاعفة الجهود لتمويل الاستثمار والمشاريع وأكدت على أهمية التكامل بين القطاعين العام والخاص.