يُعدّ الانسجام والتناغم بين مختلف هياكل الدولة ركيزة أساسية لضمان استقرار النظام السياسي وتحقيق التنمية الشاملة. فالدولة، بمؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية والإدارية، تشكّل منظومة متكاملة لا يمكن أن تؤدي وظائفها بفاعلية إلا إذا ساد بينها التعاون والتنسيق، باعتبار إنّ غياب الانسجام يولّد التوترات والتجاذبات التي تعطل سير المرفق العام وتضعف ثقة المواطن في مؤسسات الدولة.
وفي مرحلة مفصلية من تاريخ البلاد، أين تتقاطع فيها التحديات الاقتصادية والاجتماعية مع الحاجة الماسة إلى تناغم وانسجام مؤسساتي، يبرز خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيد ليؤكد مجددًا أنّ نجاح الإصلاحات الكبرى لا يمكن أن يتحقق إلا بتكامل مؤسسات الدولة وتناسق أدوارها. فالتناغم بين المؤسستين التنفيذية والتشريعية أصبح اليوم ضرورة وطنية تُمليها طبيعة المرحلة وتحدياتها، حتى يتسنى ترجمة البرامج والمشاريع الكبرى إلى إنجازات ملموسة تخدم المواطن وتدعم استمرارية الدولة.
في هذا الخصوص، يعتبر كثيرون أنّ قوّة الدولة لا تكمن في تعدد وتنوّع مؤسساتها، بل في مدى انسجامها وتناغمها فيما بينها، وهو طرح لطالما شدد عليه رئيس الدولة قيس سعيد في معرض لقاءاته الرسمية، حيث أكد إثر لقائه الأخير برئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري على ضرورة توحيد الجهود بين مختلف مؤسسات الدولة وأجهزتها لضمان نجاعة العمل الحكومي وتسريع وتيرة تنفيذ الإصلاحات المقررة كما المشاريع الكبرى المزمع تنفيذها.
ومن وجهة نظر رئيس الجمهورية قيس سعيد لن يتحقق هذا دون إرادة مشتركة تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ودون وعي جماعي بحجم التحديات التي تواجهها البلاد في هذه المرحلة الدقيقة.
فالإصلاحات المبرمجة ليست مجرد خيارات ظرفية، وإنما هي مسار وطني متكامل يتطلّب تعبئة شاملة داخل مؤسسات الدولة وتنسيقًا دؤوبا بين مختلف صناع القرار.
وحدة التوجّه والهدف
في هذا الاتجاه، دعا رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى صيغة جديدة من العمل السياسي، قوامها وحدة التوجّه والهدف بين كل مؤسسات الدولة وهياكلها.
ولعل ما يجعل هذا الطرح يكتسي أهمية مضاعفة هو السياق الذي تمر به البلاد، حيث تتداخل اليوم الرهانات الاقتصادية والاجتماعية، بما يفرض توحيد الجهود وتغليب منطق الدولة على منطق الحسابات الضيقة.
ويساهم التناغم المؤسساتي في تحسين نجاعة القرارات والسياسات العمومية، إذ يضمن وضوح الأدوار وتكامل الجهود بين مختلف الأطراف. فعندما تعمل الحكومة والبرلمان والإدارة في اتجاه واحد، وفق رؤية وطنية موحدة، تُترجم الخطط إلى إنجازات ملموسة تنعكس على حياة المواطن في مجالات التشغيل، والتعليم، والبنية التحتية. كما يخلق هذا الانسجام مناخاً سياسياً مستقراً يشجع على الاستثمار ويعزز صورة تونس على جميع المستويات.
واليوم، ومع انطلاق مداولات مناقشة مشروع ميزانية الدولة للسنة القادمة، فإن هذه المحطة الجوهرية تتطلب أعلى درجات التنسيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، لضمان أن تعبّر الخيارات المالية عن أولويات المرحلة وتوجّهاتها. فالتحدّي اليوم لا يقتصر على إعداد أرقام وموازنات، بل يمتد إلى صياغة رؤية اقتصادية واجتماعية شاملة قادرة على تحقيق النمو، وخاصة تجسيم مبدأ العدالة الاجتماعية. ومن هذا المنطلق، أكّد رئيس الجمهورية قيس سعيد أنّ إعداد الميزانية يجب أن يكون ثمرة عمل جماعي تُشارك فيه مختلف مؤسسات الدولة، بما يضمن انسجام القرارات المالية مع السياسات العامة، ويحوّل الميزانية من مجرد وثيقة تقنية إلى أداة فعلية للإصلاح ورافدًا من روافد التنمية.
في هذا الخضم، وبالعودة إلى اللقاءات الرسمية لرئيس الجمهورية على مدار الأشهر الماضية، فإن جميعها تؤشر إلى أنّ البلاد في حاجة إلى عمل منسجم ومتكامل بين مختلف مؤسساتها، حتى تُترجم الإصلاحات المعلنة إلى واقع ملموس.
فالبرلمان مطالب اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بلعب دوره التشريعي والرقابي في مناخ من المسؤولية الوطنية، من خلال سنّ قوانين تتماشى مع التوجّهات العامة للدولة وتيسّر عمل الحكومة.
وفي المقابل، فإن الحكومة بدورها مطالبة أيضًا بالتنسيق مع البرلمان، من خلال الانفتاح على مقترحات النواب، بما يفضي إلى رؤية ومقاربة تشاركية تتكامل فيها الأدوار.
مشاريع كبرى وإرادة مشتركة
ولا يمكن الحديث عن الانسجام والتناغم بين مؤسسات الدولة دون التعرض إلى المشاريع الكبرى التي تشكّل الامتحان الحقيقي لقدرة هذه المؤسسات على ترجمة الأفكار إلى فعل تنموي ملموس.
وفي هذا السياق، جدير بالذكر، أنّ من أبرز المحاور التي شدد عليها رئيس الجمهورية في اجتماعاته الأخيرة، مسألة تنفيذ المشاريع الكبرى التي من شأنها أن تغيّر وجه البلاد اقتصاديا وتنمويا. فمشروع «الطريق السيّارة للجنوب»، ومشروع «تحلية المياه في الساحل والجنوب الشرقي»، ومخطّط «الطاقات المتجددة» هي نماذج لمشاريع تتطلّب انسجامًا بين أجهزة الدولة لتجاوز العراقيل الإدارية.
ومن هذا المنطلق، فإنّ دعوة رئيس الجمهورية إلى التناغم بين المؤسستين ليست مجرّد شعار، بل هي دعوة إلى أن يكون الفعل الحكومي متناسقًا مع الأطر التشريعية، في سبيل تحقيق المصلحة الوطنية العليا.
وعلى الصعيد الاجتماعي، يُسهم التناغم بين هياكل الدولة في تعزيز الثقة المتبادلة بين المواطن والدولة، كما يُشجع المواطن على المشاركة الإيجابية في الشأن العام. لذلك، فإنّ تحقيق الانسجام بين مؤسسات الدولة ليس ترفاً سياسياً، بل هو ضرورة وطنية لضمان الاستقرار، ودفع عجلة الإصلاح، وبناء تونس ديمقراطية مزدهرة...
وفي هذا الخضم، تعيش تونس اليوم مرحلة دقيقة تتطلب انسجامًا وتكاملًا في الجهود. فالرهانات المطروحة، من مكافحة الفساد إلى إصلاح التعليم والصحة والنقل وغيرها من القطاعات الهامة، تقتضي أن يكون الجميع على «قلب رجل واحد» عبر العمل على إعلاء راية الوطن وتحصين مكتسباته ودفع مسار الإصلاح قدمًا.
فالمسؤولية اليوم جماعية، وفي هذا الصدد، فإن بناء تونس الجديدة لا يمكن أن يتم إلا في ظل انسجام فعلي بين مختلف مكوّنات السلطة، وإيمان راسخ بأن الحوار والتنسيق هما السبيل الوحيد لترجمة طموحات الشعب إلى واقع ملموس.
تناغم وطني
وفي هذا الإطار، تصبح دعوة رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى التناغم بين السلط دعوة إلى وحدة الإرادة الوطنية، بعيدًا عن الاستقطاب الذي عطّل البلاد لسنوات.
إنّ الإصلاحات الكبرى التي أُعلن عنها، من إصلاح المنظومة الجبائية إلى رقمنة الإدارة، ومن تحسين مناخ الأعمال إلى دعم الفئات الهشة، تحتاج إلى تعبئة وطنية حقيقية، يكون البرلمان فيها سندًا للحكومة، وتكون الحكومة بدورها في تواصل وانسجام مع الغرفة التشريعية.
وما اختيار رئيس الجمهورية وضع هذا الملف في صدارة اهتماماته إلا إدراكًا منه بأنّ أي إصلاح، مهما كانت وجاهته، يظلّ حبرًا على ورق إذا لم يجد مؤسسات متناغمة تُجسّده على أرض الواقع.
وما تحتاجه تونس اليوم هو هذا التناغم الوطني الذي يجعل من الدولة جسدا واحدا ينبض بإرادة مشتركة نحو غد أفضل.
منال حرزي
يُعدّ الانسجام والتناغم بين مختلف هياكل الدولة ركيزة أساسية لضمان استقرار النظام السياسي وتحقيق التنمية الشاملة. فالدولة، بمؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية والإدارية، تشكّل منظومة متكاملة لا يمكن أن تؤدي وظائفها بفاعلية إلا إذا ساد بينها التعاون والتنسيق، باعتبار إنّ غياب الانسجام يولّد التوترات والتجاذبات التي تعطل سير المرفق العام وتضعف ثقة المواطن في مؤسسات الدولة.
وفي مرحلة مفصلية من تاريخ البلاد، أين تتقاطع فيها التحديات الاقتصادية والاجتماعية مع الحاجة الماسة إلى تناغم وانسجام مؤسساتي، يبرز خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيد ليؤكد مجددًا أنّ نجاح الإصلاحات الكبرى لا يمكن أن يتحقق إلا بتكامل مؤسسات الدولة وتناسق أدوارها. فالتناغم بين المؤسستين التنفيذية والتشريعية أصبح اليوم ضرورة وطنية تُمليها طبيعة المرحلة وتحدياتها، حتى يتسنى ترجمة البرامج والمشاريع الكبرى إلى إنجازات ملموسة تخدم المواطن وتدعم استمرارية الدولة.
في هذا الخصوص، يعتبر كثيرون أنّ قوّة الدولة لا تكمن في تعدد وتنوّع مؤسساتها، بل في مدى انسجامها وتناغمها فيما بينها، وهو طرح لطالما شدد عليه رئيس الدولة قيس سعيد في معرض لقاءاته الرسمية، حيث أكد إثر لقائه الأخير برئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري على ضرورة توحيد الجهود بين مختلف مؤسسات الدولة وأجهزتها لضمان نجاعة العمل الحكومي وتسريع وتيرة تنفيذ الإصلاحات المقررة كما المشاريع الكبرى المزمع تنفيذها.
ومن وجهة نظر رئيس الجمهورية قيس سعيد لن يتحقق هذا دون إرادة مشتركة تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ودون وعي جماعي بحجم التحديات التي تواجهها البلاد في هذه المرحلة الدقيقة.
فالإصلاحات المبرمجة ليست مجرد خيارات ظرفية، وإنما هي مسار وطني متكامل يتطلّب تعبئة شاملة داخل مؤسسات الدولة وتنسيقًا دؤوبا بين مختلف صناع القرار.
وحدة التوجّه والهدف
في هذا الاتجاه، دعا رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى صيغة جديدة من العمل السياسي، قوامها وحدة التوجّه والهدف بين كل مؤسسات الدولة وهياكلها.
ولعل ما يجعل هذا الطرح يكتسي أهمية مضاعفة هو السياق الذي تمر به البلاد، حيث تتداخل اليوم الرهانات الاقتصادية والاجتماعية، بما يفرض توحيد الجهود وتغليب منطق الدولة على منطق الحسابات الضيقة.
ويساهم التناغم المؤسساتي في تحسين نجاعة القرارات والسياسات العمومية، إذ يضمن وضوح الأدوار وتكامل الجهود بين مختلف الأطراف. فعندما تعمل الحكومة والبرلمان والإدارة في اتجاه واحد، وفق رؤية وطنية موحدة، تُترجم الخطط إلى إنجازات ملموسة تنعكس على حياة المواطن في مجالات التشغيل، والتعليم، والبنية التحتية. كما يخلق هذا الانسجام مناخاً سياسياً مستقراً يشجع على الاستثمار ويعزز صورة تونس على جميع المستويات.
واليوم، ومع انطلاق مداولات مناقشة مشروع ميزانية الدولة للسنة القادمة، فإن هذه المحطة الجوهرية تتطلب أعلى درجات التنسيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، لضمان أن تعبّر الخيارات المالية عن أولويات المرحلة وتوجّهاتها. فالتحدّي اليوم لا يقتصر على إعداد أرقام وموازنات، بل يمتد إلى صياغة رؤية اقتصادية واجتماعية شاملة قادرة على تحقيق النمو، وخاصة تجسيم مبدأ العدالة الاجتماعية. ومن هذا المنطلق، أكّد رئيس الجمهورية قيس سعيد أنّ إعداد الميزانية يجب أن يكون ثمرة عمل جماعي تُشارك فيه مختلف مؤسسات الدولة، بما يضمن انسجام القرارات المالية مع السياسات العامة، ويحوّل الميزانية من مجرد وثيقة تقنية إلى أداة فعلية للإصلاح ورافدًا من روافد التنمية.
في هذا الخضم، وبالعودة إلى اللقاءات الرسمية لرئيس الجمهورية على مدار الأشهر الماضية، فإن جميعها تؤشر إلى أنّ البلاد في حاجة إلى عمل منسجم ومتكامل بين مختلف مؤسساتها، حتى تُترجم الإصلاحات المعلنة إلى واقع ملموس.
فالبرلمان مطالب اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بلعب دوره التشريعي والرقابي في مناخ من المسؤولية الوطنية، من خلال سنّ قوانين تتماشى مع التوجّهات العامة للدولة وتيسّر عمل الحكومة.
وفي المقابل، فإن الحكومة بدورها مطالبة أيضًا بالتنسيق مع البرلمان، من خلال الانفتاح على مقترحات النواب، بما يفضي إلى رؤية ومقاربة تشاركية تتكامل فيها الأدوار.
مشاريع كبرى وإرادة مشتركة
ولا يمكن الحديث عن الانسجام والتناغم بين مؤسسات الدولة دون التعرض إلى المشاريع الكبرى التي تشكّل الامتحان الحقيقي لقدرة هذه المؤسسات على ترجمة الأفكار إلى فعل تنموي ملموس.
وفي هذا السياق، جدير بالذكر، أنّ من أبرز المحاور التي شدد عليها رئيس الجمهورية في اجتماعاته الأخيرة، مسألة تنفيذ المشاريع الكبرى التي من شأنها أن تغيّر وجه البلاد اقتصاديا وتنمويا. فمشروع «الطريق السيّارة للجنوب»، ومشروع «تحلية المياه في الساحل والجنوب الشرقي»، ومخطّط «الطاقات المتجددة» هي نماذج لمشاريع تتطلّب انسجامًا بين أجهزة الدولة لتجاوز العراقيل الإدارية.
ومن هذا المنطلق، فإنّ دعوة رئيس الجمهورية إلى التناغم بين المؤسستين ليست مجرّد شعار، بل هي دعوة إلى أن يكون الفعل الحكومي متناسقًا مع الأطر التشريعية، في سبيل تحقيق المصلحة الوطنية العليا.
وعلى الصعيد الاجتماعي، يُسهم التناغم بين هياكل الدولة في تعزيز الثقة المتبادلة بين المواطن والدولة، كما يُشجع المواطن على المشاركة الإيجابية في الشأن العام. لذلك، فإنّ تحقيق الانسجام بين مؤسسات الدولة ليس ترفاً سياسياً، بل هو ضرورة وطنية لضمان الاستقرار، ودفع عجلة الإصلاح، وبناء تونس ديمقراطية مزدهرة...
وفي هذا الخضم، تعيش تونس اليوم مرحلة دقيقة تتطلب انسجامًا وتكاملًا في الجهود. فالرهانات المطروحة، من مكافحة الفساد إلى إصلاح التعليم والصحة والنقل وغيرها من القطاعات الهامة، تقتضي أن يكون الجميع على «قلب رجل واحد» عبر العمل على إعلاء راية الوطن وتحصين مكتسباته ودفع مسار الإصلاح قدمًا.
فالمسؤولية اليوم جماعية، وفي هذا الصدد، فإن بناء تونس الجديدة لا يمكن أن يتم إلا في ظل انسجام فعلي بين مختلف مكوّنات السلطة، وإيمان راسخ بأن الحوار والتنسيق هما السبيل الوحيد لترجمة طموحات الشعب إلى واقع ملموس.
تناغم وطني
وفي هذا الإطار، تصبح دعوة رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى التناغم بين السلط دعوة إلى وحدة الإرادة الوطنية، بعيدًا عن الاستقطاب الذي عطّل البلاد لسنوات.
إنّ الإصلاحات الكبرى التي أُعلن عنها، من إصلاح المنظومة الجبائية إلى رقمنة الإدارة، ومن تحسين مناخ الأعمال إلى دعم الفئات الهشة، تحتاج إلى تعبئة وطنية حقيقية، يكون البرلمان فيها سندًا للحكومة، وتكون الحكومة بدورها في تواصل وانسجام مع الغرفة التشريعية.
وما اختيار رئيس الجمهورية وضع هذا الملف في صدارة اهتماماته إلا إدراكًا منه بأنّ أي إصلاح، مهما كانت وجاهته، يظلّ حبرًا على ورق إذا لم يجد مؤسسات متناغمة تُجسّده على أرض الواقع.
وما تحتاجه تونس اليوم هو هذا التناغم الوطني الذي يجعل من الدولة جسدا واحدا ينبض بإرادة مشتركة نحو غد أفضل.