إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رئيس لجنة التربية بالبرلمان لـ«الصباح»: حان وقت إصلاح المنظومة التربوية

يمثّل حجر الزاوية لأي مشروع وطني طموح..  وزير التربية يؤكّد اقتراب انطلاق الإصلاح التربوي

يشكّل اليوم الإصلاح التربوي في تونس حجر الزاوية لأي مشروع وطني طموح يرمي إلى تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية، لأنه يمسّ جوهر الإنسان ويحدّد ملامح المستقبل، وبالتالي فإن الاستثمار في إصلاح التعليم هو استثمار في الإنسان، خاصة أن الإصلاح التربوي يُعدّ من أبرز القضايا الاستراتيجية التي تشغل المجتمعات الحديثة، إذ يمثّل التعليم الدعامة الأساسية لبناء الإنسان وتنمية رأس المال البشري القادر على مواجهة تحديات العصر.

وفي هذا السياق، أعلن أمس وزير التربية نور الدين النوري، في تصريحات إعلامية على هامش زيارة ميدانية أداها إلى عدد من المؤسسات التربوية بولاية نابل، أنّ انطلاقة الإصلاح التربوي ستكون قريبًا جدًّا، مع انطلاق «المجلس الأعلى للتربية» الذي سيتولى تنسيق المشاريع في إطار منظومة متكاملة تنسجم مع توجهات الدولة.

وشدّد الوزير على أن المسألة لا تخصّ وزارة التربية وحدها، بل هي مشروع مجتمعي تشارك فيه وزارات التشغيل والتكوين المهني، والشباب والرياضة، والأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، والشؤون الدينية، والثقافة، والتعليم العالي، بهدف الربط بين التعلمات وبناء الإنسان وسوق الشغل المحلي والدولي.

ويُشار إلى أن هذا الإصلاح التربوي يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى الدور المحوري الذي اضطلع به النظام التربوي منذ الاستقلال في تكوين الأجيال وصياغة الهوية الوطنية وتعزيز قيم المواطنة والانتماء. فقد أدركت الدولة منذ السنوات الأولى للاستقلال أن تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لا يمكن أن يتمّ إلا من خلال إصلاح المنظومة التعليمية وجعلها أداة فعّالة لتحقيق التقدّم الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.

وقد عرف نظامنا التربوي سلسلة من الإصلاحات التي تعاقبت عبر العقود، وتضمّنت تحديث المناهج والبرامج التعليمية، وصولًا إلى الإصلاحات الحديثة. وهذه الإصلاحات، وإن اختلفت، فإنها تشترك في السعي إلى بناء مدرسة تونسية عصرية منفتحة على محيطها.

وتنبع أهمية الإصلاح التربوي في تونس اليوم من التحديات المتزايدة التي تواجه المجتمع التونسي، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي. فالعالم يشهد تحوّلات عميقة في مجالات المعرفة والتكنولوجيا والاتصال، وهو ما يفرض على المنظومة التربوية التونسية مراجعة آلياتها ومناهجها وأساليبها التربوية، وتبنّي مقاربات جديدة تقوم على الجودة والإنصاف والكفاءة.

كما أكّد وزير التربية أن أغلب المدارس الابتدائية باتت مرتبطة بشبكة الإنترنت عالية التدفق، وأن الأجهزة الإعلامية وصلت إلى معظم المؤسسات، مع استمرار التزويد في باقي المدارس. وأوضح أن هذا التوجّه يندرج ضمن رؤية رئاسية تهدف إلى تحقيق الإنصاف والعدالة بين جميع التلاميذ في مختلف جهات البلاد.

ممارسة المهارات داخل الفضاء التربوي

وأبرز نور الدين النوري، بخصوص برنامج تدريس التربية التكنولوجية بالمدارس الابتدائية، أن الوزارة حرصت على أن تمكّن التلميذ من ممارسة المهارات اليدوية والحسيّة داخل فضاء المدرسة لا خارجها، والابتعاد عن الإقبال على الأعمال الجاهزة التي تُباع بأثمان تُرهق الأولياء في المكتبات وغيرها من الفضاءات.

ومن جهته، قال رئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بالبرلمان كمال فراح في تصريح لـ«الصباح»:»لقد تمّ الانطلاق في الاستشارة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية منذ نهاية سنة 2023–2024، والجميع على بيّنة من أنه حان الوقت لإصلاح المنظومة التربوية، خاصة وأننا ما زلنا نعمل وفق القانون التوجيهي لسنة 2002، في حين أن العديد من المفاهيم التربوية والبيداغوجية تغيّرت من 2002 إلى 2025، وهو ما يفرض إصلاحًا عميقًا للمنظومة التربوية».

وأضاف كمال فراح أنه طالب لجنة الإصلاح التربوي في عدّة مناسبات بتقديم مخرجاتها، إضافة إلى «دسترة المجلس الأعلى للتربية» باعتباره سيلعب دورًا هامًّا في مسار إصلاح منظومة التربية والتكوين، مستطردًا:»إن هذا المجلس سيقوم بوضع وتحديد السياسات الكبرى للمشروع التربوي، باعتباره يضمّ نحو سبع وزارات ذات علاقة متشابكة، لتحديد ملامح التلميذ الذي نريد في عصر التحوّلات العلمية والتكنولوجية والاتصالية الكبرى».

مؤسسات تربوية تستوجب تدخّلات

وأعلن رئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بالبرلمان كمال فراح أن وزير التربية سيؤدّي زيارة إلى مجلس النواب يوم 10 نوفمبر القادم لمناقشة ميزانية وزارة التربية، وسيتمّ طرح مجموعة من الأسئلة تتمحور حول مواعيد الإعلان عن إصلاح منظومة التربية، خاصة وأن هناك مبادرات ومقترحات قوانين تمّ تقديمها من قبل النواب تتعلّق بالزمن المدرسي، والصحة النفسية للتلاميذ، والمؤسسات التربوية الخاصة، ومشروع تدريس مادة الإنقليزية.

وأكّد فراح أن الإصلاح لا يهمّ الزمن والبرامج فقط، بل يشمل أيضًا علاقة الزمن المدرسي بالعائلات والبنية التحتية المهترئة. وأفاد محدّثنا أن هناك نحو 6200 مؤسسة تربوية بين ابتدائية وإعدادية وثانوية، نصفها يستوجب تدخّلات عاجلة على مستوى البنية التحتية من أسوار ومركّبات صحية وقاعات.

وقال رئيس لجنة التربية، إنه في إطار التكامل بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية، سيتمّ التنسيق والمتابعة مع وزارة التربية حول عملية الإصلاح التربوي، مضيفًا أنهم، بالتوازي، كمجلس نواب، سيعملون على تحفيز انطلاق عملية الإصلاح التربوي على أرض الواقع، باعتبارها مسألة مجتمعية تهمّ جميع التونسيين والتونسيات.

أميرة الدريدي

 رئيس لجنة التربية بالبرلمان لـ«الصباح»: حان وقت إصلاح المنظومة التربوية

يمثّل حجر الزاوية لأي مشروع وطني طموح..  وزير التربية يؤكّد اقتراب انطلاق الإصلاح التربوي

يشكّل اليوم الإصلاح التربوي في تونس حجر الزاوية لأي مشروع وطني طموح يرمي إلى تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية، لأنه يمسّ جوهر الإنسان ويحدّد ملامح المستقبل، وبالتالي فإن الاستثمار في إصلاح التعليم هو استثمار في الإنسان، خاصة أن الإصلاح التربوي يُعدّ من أبرز القضايا الاستراتيجية التي تشغل المجتمعات الحديثة، إذ يمثّل التعليم الدعامة الأساسية لبناء الإنسان وتنمية رأس المال البشري القادر على مواجهة تحديات العصر.

وفي هذا السياق، أعلن أمس وزير التربية نور الدين النوري، في تصريحات إعلامية على هامش زيارة ميدانية أداها إلى عدد من المؤسسات التربوية بولاية نابل، أنّ انطلاقة الإصلاح التربوي ستكون قريبًا جدًّا، مع انطلاق «المجلس الأعلى للتربية» الذي سيتولى تنسيق المشاريع في إطار منظومة متكاملة تنسجم مع توجهات الدولة.

وشدّد الوزير على أن المسألة لا تخصّ وزارة التربية وحدها، بل هي مشروع مجتمعي تشارك فيه وزارات التشغيل والتكوين المهني، والشباب والرياضة، والأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، والشؤون الدينية، والثقافة، والتعليم العالي، بهدف الربط بين التعلمات وبناء الإنسان وسوق الشغل المحلي والدولي.

ويُشار إلى أن هذا الإصلاح التربوي يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى الدور المحوري الذي اضطلع به النظام التربوي منذ الاستقلال في تكوين الأجيال وصياغة الهوية الوطنية وتعزيز قيم المواطنة والانتماء. فقد أدركت الدولة منذ السنوات الأولى للاستقلال أن تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لا يمكن أن يتمّ إلا من خلال إصلاح المنظومة التعليمية وجعلها أداة فعّالة لتحقيق التقدّم الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.

وقد عرف نظامنا التربوي سلسلة من الإصلاحات التي تعاقبت عبر العقود، وتضمّنت تحديث المناهج والبرامج التعليمية، وصولًا إلى الإصلاحات الحديثة. وهذه الإصلاحات، وإن اختلفت، فإنها تشترك في السعي إلى بناء مدرسة تونسية عصرية منفتحة على محيطها.

وتنبع أهمية الإصلاح التربوي في تونس اليوم من التحديات المتزايدة التي تواجه المجتمع التونسي، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي. فالعالم يشهد تحوّلات عميقة في مجالات المعرفة والتكنولوجيا والاتصال، وهو ما يفرض على المنظومة التربوية التونسية مراجعة آلياتها ومناهجها وأساليبها التربوية، وتبنّي مقاربات جديدة تقوم على الجودة والإنصاف والكفاءة.

كما أكّد وزير التربية أن أغلب المدارس الابتدائية باتت مرتبطة بشبكة الإنترنت عالية التدفق، وأن الأجهزة الإعلامية وصلت إلى معظم المؤسسات، مع استمرار التزويد في باقي المدارس. وأوضح أن هذا التوجّه يندرج ضمن رؤية رئاسية تهدف إلى تحقيق الإنصاف والعدالة بين جميع التلاميذ في مختلف جهات البلاد.

ممارسة المهارات داخل الفضاء التربوي

وأبرز نور الدين النوري، بخصوص برنامج تدريس التربية التكنولوجية بالمدارس الابتدائية، أن الوزارة حرصت على أن تمكّن التلميذ من ممارسة المهارات اليدوية والحسيّة داخل فضاء المدرسة لا خارجها، والابتعاد عن الإقبال على الأعمال الجاهزة التي تُباع بأثمان تُرهق الأولياء في المكتبات وغيرها من الفضاءات.

ومن جهته، قال رئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بالبرلمان كمال فراح في تصريح لـ«الصباح»:»لقد تمّ الانطلاق في الاستشارة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية منذ نهاية سنة 2023–2024، والجميع على بيّنة من أنه حان الوقت لإصلاح المنظومة التربوية، خاصة وأننا ما زلنا نعمل وفق القانون التوجيهي لسنة 2002، في حين أن العديد من المفاهيم التربوية والبيداغوجية تغيّرت من 2002 إلى 2025، وهو ما يفرض إصلاحًا عميقًا للمنظومة التربوية».

وأضاف كمال فراح أنه طالب لجنة الإصلاح التربوي في عدّة مناسبات بتقديم مخرجاتها، إضافة إلى «دسترة المجلس الأعلى للتربية» باعتباره سيلعب دورًا هامًّا في مسار إصلاح منظومة التربية والتكوين، مستطردًا:»إن هذا المجلس سيقوم بوضع وتحديد السياسات الكبرى للمشروع التربوي، باعتباره يضمّ نحو سبع وزارات ذات علاقة متشابكة، لتحديد ملامح التلميذ الذي نريد في عصر التحوّلات العلمية والتكنولوجية والاتصالية الكبرى».

مؤسسات تربوية تستوجب تدخّلات

وأعلن رئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بالبرلمان كمال فراح أن وزير التربية سيؤدّي زيارة إلى مجلس النواب يوم 10 نوفمبر القادم لمناقشة ميزانية وزارة التربية، وسيتمّ طرح مجموعة من الأسئلة تتمحور حول مواعيد الإعلان عن إصلاح منظومة التربية، خاصة وأن هناك مبادرات ومقترحات قوانين تمّ تقديمها من قبل النواب تتعلّق بالزمن المدرسي، والصحة النفسية للتلاميذ، والمؤسسات التربوية الخاصة، ومشروع تدريس مادة الإنقليزية.

وأكّد فراح أن الإصلاح لا يهمّ الزمن والبرامج فقط، بل يشمل أيضًا علاقة الزمن المدرسي بالعائلات والبنية التحتية المهترئة. وأفاد محدّثنا أن هناك نحو 6200 مؤسسة تربوية بين ابتدائية وإعدادية وثانوية، نصفها يستوجب تدخّلات عاجلة على مستوى البنية التحتية من أسوار ومركّبات صحية وقاعات.

وقال رئيس لجنة التربية، إنه في إطار التكامل بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية، سيتمّ التنسيق والمتابعة مع وزارة التربية حول عملية الإصلاح التربوي، مضيفًا أنهم، بالتوازي، كمجلس نواب، سيعملون على تحفيز انطلاق عملية الإصلاح التربوي على أرض الواقع، باعتبارها مسألة مجتمعية تهمّ جميع التونسيين والتونسيات.

أميرة الدريدي