10 أفلام تونسية لـ8 مخرجين في المهرجان وهند المدب عرّابة الدورة
عرض خاص بفيلم «السفراء» الذي كان سبّاقا في طرح قضايا الهجرة
يُعدّ مهرجان «نويزي لو سيك» بالعاصمة الفرنسية باريس، واحدا من أبرز التظاهرات السينمائية في عاصمة النور. تنطلق دورته الرابعة عشرة يوم الجمعة 7 نوفمبر الجاري، وتمتدّ على طول عشرة أيام أي إلى غاية 16 من نفس الشهر.
يتضمّن برنامج هذا المهرجان ثلاثين فيلما روائيا ووثائقيا طويلا، بما في ذلك العديد من الأفلام التي لم يُسبق عرضها من قبل، والأفلام القصيرة. ويستحضر المهرجان، في جانب آخر من نشاطه، عروضا خالدة في المدونة السينمائية العالمية، بحضور ومشاركة ضيوف من شتّى دول العالم، إلى جانب عدد هام من المخرجين من دول عربية بدرجة أولى.
واختارت الدورة الرابعة عشرة لمهرجان «نويزي لو سيك» بباريس الاحتفاء بالإبداع السينمائي المعاصر في تونس، التي سيتمّ تكريمها والاحتفال بإبداعها في هذا المجال، من خلال استضافة سبعة مخرجين من الجيل السينمائي التونسي الجديد، جيل انطلق من المهجر لتجديد وتطوير الفعل السينمائي التونسي. هذا الجيل سيلتقي جمهور المهرجان خلال عرض أفلامهم ومناقشة مضامينها، وستكون المخرجة التونسية الفرنسية هند المدب، كريمة الشاعر والكاتب التونسي المعروف عبد الوهاب المدب، عرّابة هذه الدورة، إلى جانب تقديمها لثلاثة من أبرز أفلامها وهي:
وإلى جانب هند المدب، يشارك علاء الدين سليم في المهرجان بفيلمه «أغورا»، وكوثر بن هنية بفيلم «كوثر تكره الثلج»، وذلك إضافة إلى فيلم «بامسي» لمراد بن عمر، وفيلم «صورة النمل» لمحمد راشدي، وفيلم «فزاعات المنطقة الحمراء» لجلال فايزي، وفيلم «نوار عشية» للمخرجة خديجة المكشر، وفيلم «ألم الفقد» للمخرجة مايا عجمية، دون اعتبار فيلم «السفراء» الذي تم تخصيص احتفاء خاص به.
القاسم المشترك بين كل هذه الأعمال السينمائية التونسية التي سيتمّ عرضها في مهرجان «نويزي لو سيك» احتفاء بالسينما التونسية الجديدة، أنها تقدّم صورة واقعية للإنسان العربي في علاقته بالآخر في أكثر من اتجاه، اعتبارا لكون مخرجي هذه الأعمال اختاروا عن طواعية العيش خارج حدود أرض الوطن. وهي أعمال كان لها في نفس الوقت حضور متوهّج في تونس، على غرار فيلم «كوثر تكره الثلج» لكوثر بن هنية، الذي سبق له التتويج بالتانيت الذهبي في دورة 2016 لأيام قرطاج السينمائية.
وخصّصت الدورة الرابعة عشرة لمهرجان «نويزي لو سيك» ضمن برنامجها الخاص بالسينما التونسية، وفي إطار «استحضار الأفلام الخالدة»، تكريم المخرج الكبير الناصر القطاري بعرض فيلمه الشهير «السفراء»، الذي أهدى تونس أول تانيت ذهبي في مسابقة الأفلام الطويلة لأيام قرطاج السينمائية منذ حوالي خمسين سنة (دورة 1976). كما أن هذا الفيلم يُعدّ الأول على المستوى العربي والإفريقي الذي تعرّض لظاهرة الهجرة، من خلال تصوير حياة وأوضاع المهاجرين التونسيين – والمغاربة عموما – الذين توافدوا على فرنسا أفواجا منذ أواسط ستينات القرن الماضي (1960)، حيث كانت الهجرة في تلك الفترة من جنوب المتوسّط إلى شماله خيارا سياسيا واقتصاديا تدعمه ضفتا المتوسّط.
يبدأ فيلم «السفراء» بمشهد يصوّر كيف “يؤطّر” مسؤولون رسميون عمّالا يستعدّون للهجرة إلى فرنسا في إطار اتفاقية بين البلدين، مقدّمين لهم نصائح ومعتبرين إياهم “سفراء” تونس في بلدان المهجر. وعند وصولهم، تكون المفاجأة بأن الواقع ليس ورديا كأحلامهم أو كالصورة التي رسمها لهم المسؤولون، ليبدأ تشكّل وعي هؤلاء المهاجرين المغاربة بوضعهم وبضرورة التضامن فيما بينهم والتحرّك من أجل الدفاع عن حقوقهم وكرامتهم وحتى وجودهم. وهو ما سعى الفيلم إلى تسجيله وتوثيقه، ليقطع بذلك مع الخطاب الرسمي حول الهجرة، التي كان يُسوّقها كحلّ سحري، وكذلك مع صورة المهاجر المحظوظ والثري كما ترسّخت في المخيال الشعبي.
وفي تصريح خاص لـ»الصباح» حول الموضوع، قال الناصر القطاري: ينتابني إحساس بالفخر مشوب بالمرارة، على اعتبار أن التكريم مرة أخرى يأتيني من الخارج، في الوقت الذي انتظرت أن يكون من بلدي تونس. ولا أخفي سرا إذا قلت إنها ليست المرة الأولى التي يتمّ فيها الاحتفاء بفيلم «السفراء» على المستوى العالمي، يقابله صمت في تونس.
وجوابا عن سؤال إن كانت هناك ذكرى تتعلّق بفيلم «السفراء» ومازالت راسخة في الذاكرة منذ أكثر من أربعين سنة، قال محدّثنا: إن فيلم «السفراء» كسب رهان تحريك السواكن عند المسؤولين وأهل الإعلام في فرنسا للاهتمام بالأوضاع المتردية للمهاجرين. وتكفي الإشارة إلى أن البرنامج الشهير «ملفات الشاشة» على قناة «فرنسا 2» سنة 1991، خصّص حلقة خاصة بالمهاجرين من خلال فيلم «السفراء»، وحقّقت تلك الحلقة مشاركة قياسية من المشاهدين، الأمر الذي دفع بإدارة القناة إلى مطالبة الجمهور بالتوقف عن الاتصال بالبرنامج.
ويضيف الناصر القطاري قائلا: كان الممثل الجزائري الكبير «سيدي علي كوريت» أحد أبطال هذا الفيلم، وأذكر أن جريدة «المجاهد» الجزائرية تناولت العمل وكتبت عنوانا ضخما في صفحتها الأولى: *السفراء هو الفيلم الأكثر تعبيرا عن الجزائر من بين الأفلام التونسية.*
وأكد القطاري أنه سعى في فيلم «السفراء» إلى احترام الفسيفساء الاجتماعية للمهاجرين، من ذلك أن عداء الفرنسيين لأبناء شمال إفريقيا كان موجّها في المقام الأول للجزائريين، وقد احترم الفيلم ذلك الواقع الاجتماعي، ومن هنا جاء عنوان جريدة «المجاهد» الجزائرية سنة 1976.
محسن بن أحمد
10 أفلام تونسية لـ8 مخرجين في المهرجان وهند المدب عرّابة الدورة
عرض خاص بفيلم «السفراء» الذي كان سبّاقا في طرح قضايا الهجرة
يُعدّ مهرجان «نويزي لو سيك» بالعاصمة الفرنسية باريس، واحدا من أبرز التظاهرات السينمائية في عاصمة النور. تنطلق دورته الرابعة عشرة يوم الجمعة 7 نوفمبر الجاري، وتمتدّ على طول عشرة أيام أي إلى غاية 16 من نفس الشهر.
يتضمّن برنامج هذا المهرجان ثلاثين فيلما روائيا ووثائقيا طويلا، بما في ذلك العديد من الأفلام التي لم يُسبق عرضها من قبل، والأفلام القصيرة. ويستحضر المهرجان، في جانب آخر من نشاطه، عروضا خالدة في المدونة السينمائية العالمية، بحضور ومشاركة ضيوف من شتّى دول العالم، إلى جانب عدد هام من المخرجين من دول عربية بدرجة أولى.
واختارت الدورة الرابعة عشرة لمهرجان «نويزي لو سيك» بباريس الاحتفاء بالإبداع السينمائي المعاصر في تونس، التي سيتمّ تكريمها والاحتفال بإبداعها في هذا المجال، من خلال استضافة سبعة مخرجين من الجيل السينمائي التونسي الجديد، جيل انطلق من المهجر لتجديد وتطوير الفعل السينمائي التونسي. هذا الجيل سيلتقي جمهور المهرجان خلال عرض أفلامهم ومناقشة مضامينها، وستكون المخرجة التونسية الفرنسية هند المدب، كريمة الشاعر والكاتب التونسي المعروف عبد الوهاب المدب، عرّابة هذه الدورة، إلى جانب تقديمها لثلاثة من أبرز أفلامها وهي:
وإلى جانب هند المدب، يشارك علاء الدين سليم في المهرجان بفيلمه «أغورا»، وكوثر بن هنية بفيلم «كوثر تكره الثلج»، وذلك إضافة إلى فيلم «بامسي» لمراد بن عمر، وفيلم «صورة النمل» لمحمد راشدي، وفيلم «فزاعات المنطقة الحمراء» لجلال فايزي، وفيلم «نوار عشية» للمخرجة خديجة المكشر، وفيلم «ألم الفقد» للمخرجة مايا عجمية، دون اعتبار فيلم «السفراء» الذي تم تخصيص احتفاء خاص به.
القاسم المشترك بين كل هذه الأعمال السينمائية التونسية التي سيتمّ عرضها في مهرجان «نويزي لو سيك» احتفاء بالسينما التونسية الجديدة، أنها تقدّم صورة واقعية للإنسان العربي في علاقته بالآخر في أكثر من اتجاه، اعتبارا لكون مخرجي هذه الأعمال اختاروا عن طواعية العيش خارج حدود أرض الوطن. وهي أعمال كان لها في نفس الوقت حضور متوهّج في تونس، على غرار فيلم «كوثر تكره الثلج» لكوثر بن هنية، الذي سبق له التتويج بالتانيت الذهبي في دورة 2016 لأيام قرطاج السينمائية.
وخصّصت الدورة الرابعة عشرة لمهرجان «نويزي لو سيك» ضمن برنامجها الخاص بالسينما التونسية، وفي إطار «استحضار الأفلام الخالدة»، تكريم المخرج الكبير الناصر القطاري بعرض فيلمه الشهير «السفراء»، الذي أهدى تونس أول تانيت ذهبي في مسابقة الأفلام الطويلة لأيام قرطاج السينمائية منذ حوالي خمسين سنة (دورة 1976). كما أن هذا الفيلم يُعدّ الأول على المستوى العربي والإفريقي الذي تعرّض لظاهرة الهجرة، من خلال تصوير حياة وأوضاع المهاجرين التونسيين – والمغاربة عموما – الذين توافدوا على فرنسا أفواجا منذ أواسط ستينات القرن الماضي (1960)، حيث كانت الهجرة في تلك الفترة من جنوب المتوسّط إلى شماله خيارا سياسيا واقتصاديا تدعمه ضفتا المتوسّط.
يبدأ فيلم «السفراء» بمشهد يصوّر كيف “يؤطّر” مسؤولون رسميون عمّالا يستعدّون للهجرة إلى فرنسا في إطار اتفاقية بين البلدين، مقدّمين لهم نصائح ومعتبرين إياهم “سفراء” تونس في بلدان المهجر. وعند وصولهم، تكون المفاجأة بأن الواقع ليس ورديا كأحلامهم أو كالصورة التي رسمها لهم المسؤولون، ليبدأ تشكّل وعي هؤلاء المهاجرين المغاربة بوضعهم وبضرورة التضامن فيما بينهم والتحرّك من أجل الدفاع عن حقوقهم وكرامتهم وحتى وجودهم. وهو ما سعى الفيلم إلى تسجيله وتوثيقه، ليقطع بذلك مع الخطاب الرسمي حول الهجرة، التي كان يُسوّقها كحلّ سحري، وكذلك مع صورة المهاجر المحظوظ والثري كما ترسّخت في المخيال الشعبي.
وفي تصريح خاص لـ»الصباح» حول الموضوع، قال الناصر القطاري: ينتابني إحساس بالفخر مشوب بالمرارة، على اعتبار أن التكريم مرة أخرى يأتيني من الخارج، في الوقت الذي انتظرت أن يكون من بلدي تونس. ولا أخفي سرا إذا قلت إنها ليست المرة الأولى التي يتمّ فيها الاحتفاء بفيلم «السفراء» على المستوى العالمي، يقابله صمت في تونس.
وجوابا عن سؤال إن كانت هناك ذكرى تتعلّق بفيلم «السفراء» ومازالت راسخة في الذاكرة منذ أكثر من أربعين سنة، قال محدّثنا: إن فيلم «السفراء» كسب رهان تحريك السواكن عند المسؤولين وأهل الإعلام في فرنسا للاهتمام بالأوضاع المتردية للمهاجرين. وتكفي الإشارة إلى أن البرنامج الشهير «ملفات الشاشة» على قناة «فرنسا 2» سنة 1991، خصّص حلقة خاصة بالمهاجرين من خلال فيلم «السفراء»، وحقّقت تلك الحلقة مشاركة قياسية من المشاهدين، الأمر الذي دفع بإدارة القناة إلى مطالبة الجمهور بالتوقف عن الاتصال بالبرنامج.
ويضيف الناصر القطاري قائلا: كان الممثل الجزائري الكبير «سيدي علي كوريت» أحد أبطال هذا الفيلم، وأذكر أن جريدة «المجاهد» الجزائرية تناولت العمل وكتبت عنوانا ضخما في صفحتها الأولى: *السفراء هو الفيلم الأكثر تعبيرا عن الجزائر من بين الأفلام التونسية.*
وأكد القطاري أنه سعى في فيلم «السفراء» إلى احترام الفسيفساء الاجتماعية للمهاجرين، من ذلك أن عداء الفرنسيين لأبناء شمال إفريقيا كان موجّها في المقام الأول للجزائريين، وقد احترم الفيلم ذلك الواقع الاجتماعي، ومن هنا جاء عنوان جريدة «المجاهد» الجزائرية سنة 1976.