في مناقشة مهمة رئاسة الجمهورية بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2026 بحضور مراد الحلومي المستشار الأول لدى رئيس الجمهورية، دعا نواب الشعب من الغرفتين إلى تشريكهم في محاربة الفساد في جهاتهم، وطالبوا بمد جسور التواصل مع رئيس الجمهورية وتنظيم جلسة عامة حوارية معه حول الوضع العام في البلاد. وأضافوا أمس خلال اجتماع مشترك بقصر باردو بين لجنة الاستثمار والتعاون الدولي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم ولجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وشؤون التونسيين بالخارج والهجرة بمجلس نواب الشعب.
وذكر النواب أن الوظيفة التشريعية بغرفتيها والوظيفة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية والحكومة في مركب واحد تتربص به المنظومة القديمة من «تجمع» و«نهضة» لذلك يجب عليهم جميعا العمل المشترك من أجل مصلحة البلاد والتصدي لمن يريدون إفشال مسار 25 جويلية من ناحية، ومن ناحية أخرى للتفكير معا في حلول لمختلف المشاكل التي تعاني منها البلاد بما يساهم في النهوض بالاستثمار وتقليص البطالة وتحسين القدرة الشرائية للمواطن وضمان جودة الخدمات، وحذروا من مخاطر الإدارة العميقة التي تبذل كل ما في وسعها من أجل عرقلة محاولات الإصلاح في شتى القطاعات، ودعوا إلى حسن اختيار المسؤولين من وزراء وولاة ومعتمدين وكتاب عامين للولايات مع العمل على سد الشغورات في أقرب الآجال .
ولدى حديثهم عن أرقام الميزانية أشار عدد من النواب إلى أن الإعتمادات التي تم تخصيصها لرئاسة الجمهورية خلال سنة 2026 لم تتطور بالشكل المطلوب رغم المهام الجسيمة التي يضطلع بها رئيس الجمهورية، في حين هناك من تساءل عن سبب الترفيع في هذه الميزانية والحال أنه تقرر إتباع سياسة التقشف. كما طالبوا بسد الشغورات الموجودة حاليا في العديد من السفارات والقنصليات التونسية بالخارج وبدعم الدبلوماسية البرلمانية. وتحدث بعضهم عن المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية الراجع بالنظر إلى رئاسة الجمهورية وبينوا أنه من الضروري أن يتولى هذا المعهد انجاز دراسات وطنية كبرى تساعد على حلحلة مشاكل الاستثمار وتساهم في دفع التنمية الجهوية والتشغيل. وفي علاقة بالتشغيل أثار البعض الآخر ملف الدكاترة المعطلين عن العمل وطالبوا بإدماجهم في مراكز البحوث لكي تستفيد منهم المجموعة الوطنية عوضا عن بلدان أجنبية، كما نددوا برفض العديد من المؤسسات تطبيق القانون الثوري الذي اقترحه رئيس الجمهورية لتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، وهناك من أشار إلى أن شركات المناولة مازالت تصول وتجول في البلاد وتخرق هذا القانون بكل صفاقة وعبث.
ومن المقترحات الأخرى التي تم تقديمها من قبل نواب الشعب خلال جلستهم المشتركة المخصصة للنظر في ميزانية رئاسة الجمهورية لسنة 2026 تجميع الهياكل الرقابية في مؤسسة وحيدة تشرف عليها الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية، ودعم مؤسسة فداء، وتفعيل الصلح الجزائي، ومحاسبة الفاسدين.
تطور الميزانية
وقدرت ميزانية رئاسة الجمهورية لسنة 2026 حسب قول مراد الحلومي ممثل رئاسة الجمهورية بـ 229.705.000 دينار مقابل 214.259.000 دينار سنة 2025 وذكّر الحلومي نواب الشعب بمختلف وظائف رئيس الجمهورية وأضاف أن رئاسة الجمهورية تعمل على إرساء نظام دستوري جديد يقوم لا فقط على دولة القانون وإنما أيضا على مجتمع القانون وتحقيق ديمقراطية سياسية مشفوعة بديمقراطية اجتماعية واقتصادية وترسيخ وحدة الدولة وتوفير الأمن والاستقرار وشروط العيش الكريم والمساهمة في جهود تحقيق الإقلاع الاقتصادي وضمان سلامة وأمن الدولة إلى جانب الاهتمام الذي توليه إلى «مؤسسة فداء».
وفسر الحلومي أن مهمة رئاسة الجمهورية تتضمن ثلاثة برامج وهي الأمن القومي والعلاقات الخارجية، والأمن الرئاسي وحماية الشخصيات الرسمية، والقيادة والمساندة. ففي ما يتعلق ببرنامج الأمن القومي والعلاقات الخارجية فهو حسب قوله يهدف إلى دعم الأمن القومي وحسن تمثيل الجمهورية التونسية ودعم العلاقات الخارجية والاستشراف، أما البرنامج الثاني فيهدف إلى حماية رئيس الجمهورية والشخصيات الرسمية داخل الوطن وخارجه وتأمين مقرات السيادة والإقامات الرئاسية وقصر الحكومة ومقرات المجلسين النيابيين وحماية الشخصيات الرسمية وضيوف تونس، وبالنسبة إلى برنامج القيادة والمساندة فيتم في إطاره حسن توظيف الموارد البشرية وتأهيلها وترشيد النفقات وترشيد استهلاك الطاقة وتأمين الاستشارة في مخالف المجالات وغيرها.
وأوضح أن ميزانية رئاسة الجمهورية تتكون من ثلاثة برامج كبرى وثلاثة برامج فرعية وعشرة نقاط ولها خمسة أهداف إستراتيجية وقدم العديد من الأرقام والنسب حول كل برنامج ومن بينها على سبيل الذكر أن مجموع نفقات التأجير ضبطت بـ 168 فاصل 831 مليون دينار أما نفقات التسيير فهي في حدود 35 فاصل 5 مليون دينار، في حين تقدر نفقات التدخلات بـ 9 فاصل 551 مليون دينار، ونفقات الاستثمار في حدود 15 فاصل 823 مليون دينار.. وتتوزع نفقات مهمة رئاسة الجمهورية لسنة 2026 حسب البرامج كما يلي: الأمن القومي والعلاقات الخارجية 10 فاصل 722 مليون دينار مقابل 10 فاصل 481 مليون دينار سنة 2025 وهو ما يمثل نسبة 4 فاصل 67 بالمائة من ميزانية المهمة، والأمن الرئاسي وحماية الشخصيات الرسمية 178 فاصل 316 مليون دينار مقابل 166 فاصل صفر 94 مليون دينار سنة 2025 وهي تمثل 77 فاصل 63 بالمائة، والقيادة والمساندة 40 فاصل 667 مليون دينار مقابل 37 فاصل 684 مليون دينار سنة 2025 وهي تمثل 17 فاصل 70 بالمائة.
وخلص الحلومي إلى أن ميزانية رئاسة الجمهورية لسنة 2026 شهدت تطورا بنسبة قدرها 7 فاصل 21 بالمائة مقارنة بميزانية العام الجاري وارتفعت بما قدره 15 فاصل 446 مليون دينار منها 7 فاصل 625 مليون دينار تأجير وواحد فاصل خمسة مليون دينار تسيير و4 فاصل صفر خمسين مليون دينار تدخلات و2 فاصل 272 مليون دينار استثمار.
وقدم مراد الحلومي ممثل رئاسة الجمهورية لنواب الشعب رسما بيانيا حول توزيع الاعتمادات حسب الأقسام ثم قام بتحليل لتطور نفقات التأجير التي ارتفعت بنسبة 49 فاصل 37 بالمائة من مجموع الزيادة في ميزانية رئاسة الجمهورية بين سنتي 2025 و2026، في حين تمثل نسبة زيادة نفقات التسيير 9 فاصل 71 بالمائة من مجموع الزيادة في ميزانية رئاسة الجمهورية، ولدى تحليله لنفقات التدخلات أشار إلى ارتفاع نفقات التدخلات بمبلغ 4 فاصل صفر خمسين مليون دينار وتمثل الزيادة في هذه النفقات 26 فاصل 22 بالمائة من مجموع الزيادة في ميزانية رئاسة الجمهورية بين سنتي 2025 و2026.
ومن بين الأرقام الأخرى التي استعرضها ممثل رئاسة الجمهورية أو غيرها من البيانات الواردة في الكتب المخصص لميزانية رئاسة الجمهورية الذي تم توزيعه على نواب الشعب يمكن الإشارة إلى أن عدد أعوان مهمة رئاسة الجمهورية لسنة 2026 يبلغ 3708 أعوان إلى موفى سنة 2026 ويشمل العدد الجملي للأعوان المرخص فيهم باعتبار المؤسسات العمومية الملحقة ميزانياتها ترتيبيا بميزانية الدولة وأعوان المؤسسات العمومية غير الخاضعة لمجلة المحاسبة العمومية. وتتوزع نفقات التأجير على تأجير الأعوان القارين بمبلغ قدره 167 فاصل 410 مليون دينار، وتأجير الأعوان غير القارين بمبلغ قدره واحد فاصل 421 مليون دينار.
وبالنسبة إلى أهم نفقات التسيير فتبلغ المصاريف بالألف دينار كما يلي : التمثيل والأسفار 3100، الاستقبالات 1990، الإقامات 4068، شراء وقود وسائل النقل 2727، تعهد وسائل النقل وصيانتها 4300، إكساء الأعوان 3800، التغذية 4600.
أما بالنسبة إلى نفقات التدخلات ذات صبغة عادية فهي كالآتي: 6500 ألف دينار منح لمؤسسة فداء، 77 ألف دينار جوائز رئاسية، 1050 ألف دينار منح لفائدة تعاونيات الموظفين ، وتحويلات وتدخلات أخرى 1362 ألف دينار ومنح المؤسسات العمومية 62 ألف دينار، في حين تقدر نفقات التدخلات ذات صبغة تنموية بـ 500 ألف دينار لفائدة المعهد التونسي للدراسات الإستراتجية.
وخلال حديثه عن ميزانية رئاسة الجمهورية أكد رئيس لجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وشؤون التونسيين بالخارج والهجرة بمجلس نواب الشعب أيمن البوغديري أن رئاسة الجمهورية تمثل الضامن لوحدة الوطن واستقلاله ووحدة ترابه وهي تضطلع بدور محوري في قيادة القوات المسلحة، واستفسر عن نفقات التدخل وسبب زيادتها بنسبة تفوق 73 بالمائة ولاحظ أن نفقات الاستثمار بدورها ارتفعت مقارنة بسنة 2025 وذلك بنسبة 16 فاصل 75 بالمائة وتساءل عن برنامج الأمن الرئاسي وحماية الشخصيات وإن كان يوجد تصور لإعادة توزيع هذه الميزانية في المستقبل ضمانا للتوازن بين مختلف البرامج. أما رئيس لجنة الاستثمار والتعاون الدولي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم بلال السعيدي فأشار إلى أن هذه الجلسة المشتركة لمناقشة مهمة رئاسة الجمهورية بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2026 هي مناسبة للمصارحة، وأضاف أن نقاش الميزانية هو استحقاق دستوري يعبر عن دور البرلمان بغرفتيه في مناقشة سياسات الدولة وبين أن ميزانية رئاسة الجمهورية يجب أن تكون قائمة على الوضوح في الأهداف مع الدقة في التقدير لأن كل دينار يرصد في ميزانية الدولة هو حصيلة جهد عام ومن حق المواطن معرفة كيفية صرف هذه الميزانية.
«مؤسسة فداء»
وتساءل النائب مقرر لجنة الاستثمار والتعاون الدولي بالغرفة النيابية الثانية محمد العايش الجامعي عن «مؤسسة فداء» وبين أنه لم يقع النظر في ملفات العديد من منظوري هذه المؤسسة من أبناء القصرين وهناك منهم من بترت ساقه بسبب انفجار لغم وهو يمر بظروف اجتماعية صعبة للغاية وطالب مؤسسة فداء بأن تسعى بنفسها للتواصل مع منظوريها.
ووجه النائب نداء إلى رئيس الجمهورية للتدخل نظرا إلى أن إعلان مناطق مغلقة في القصرين تسبب في تخويف المستثمرين رغم أنه لم يعد هناك إرهاب ويمكن للجيش الوطني أن يقوم بمسح لكامل الولاية في غضون ثلاثة أشهر لتأكد من حقيقة الوضع. وطالب بتعيين كاتب عام لولاية القصرين ومعتمد أول في أسرع وقت.
أما النائب عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم محمد بن رجب فأشار إلى أن التجربة التي يخوضونها اليوم ليست مجرد إعادة توزيع للسلطات بين المركز والجهات بل هي إعادة بناء لمفهوم الدولة ذاتها، دولة تتقدم من خلال المشاركة لا التراتيب ومن خلال الإصغاء للمشاكل في الميدان وليس الاكتفاء بالتقارير. وأضاف أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم لم يقع إحداثه ليكون متفرجا بل ليكون عين الدولة في الميدان يراقب مسار التنمية ويتابع مدى التقدم في انجاز المشاريع ويقدم المقترحات التي تعبر عن حاجيات الناس الحقيقية، وذكر أن غياب هذا التنسيق يضعف الثقة في السياسات العمومية ويفرغ مبدأ التوازن الجهوي من مضمونه.
كما أشار بن رجب إلى مجلة الأملاك العمومية التي قيل إنها لدى رئاسة الجمهورية وهي بصدد وضع اللمسات الأخيرة وذكر أن هذه المجلة هي مفتاح لحل مئات المشاكل العالقة التي عطلت التنمية في الجهات، فهناك استثمارات متوقفة وموارد تهدر في غياب رؤية موحدة للتصرف في الملك العام. وتساءل متى سيتم إصدار هذه المجلة. وخلص إلى أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم ليس بديلا للحكومة وليس منافسا لها بل هو شريك دستوري في تحقيق التوازن الوطني.
وعبرت عضوة مجلس نواب الشعب منال بديده عن رغبة النواب في أن تكون هناك شراكة فعلية بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية ودعت إلى تنظيم جلسة حوارية مغلقة مع رئيس الجمهورية لإيصال أصواتهم والحديث عن مشاكل جهاتهم. وطالبت بتفعيل مهمة عضو مكتب البرلمان المكلف بالعلاقة مع رئيس الجمهورية.
ونبهت من تبعات سوء اختيار المسؤولين الجهويين وخلصت إلى أنه بالتركيبة الحالية للولاة والكتاب العامين للولايات والمعتمدين فإن الوضعية لن تتحسن كما دعت إلى إعادة توزيع المناطق ذات الأولوية في البلاد ومنها صفاقس.
ولاحظ النائب نجيب العكرمي أن رئاسة الجمهورية ترسم السياسات العامة للدولة لكن الميزانية المرصودة لها مقابل الجهد الكبير تعتبر متواضعة جدا ولا تكفي لإنشاء مستشفى واحد، وطالب بالترفيع فيها بما يمكن مع تطوير أداء المؤسسات التابعة لرئاسة الجمهورية. وأضاف أن رئاسة الجمهورية لها دور في العلاقات الخارجية لكن لا بد من اعتماد مقاييس جديدة لاختيار القناصل والسفراء.
ولم يخف النائب انزعاجه من «الدساترة» و»النهضاويين» الذين يدلون بدلوهم في الإدارات التونسية وقال إنه لا يمكن إنجاح المسار بمنظومات قديمة وتساءل كيف لمنظومات قديمة أن تراقب نفسها بنفسها ولماذا لا تحال تقارير التفقديات الجهوية مباشرة لرئاسة الجمهورية وقال النائب يجب كشف الحقيقة لأنه من غير المعقول أن نجد رئيس الجمهورية يتحدث عن محاربة الفساد لكن في المقابل يتم التستر عن هؤلاء وخلص على أنه لا بد من تطهير الإدارة. ولاحظ أنه تم رصد عشرة ملايين دينار فقط للمجلس الأعلى للتربية وهذا المبلغ لا يكفي للقيام بإصلاح تربوي جذري وشامل وطالب بالترفيع في هذه الميزانية ونفس الشيء بالنسبة إلى مركز الدراسات الإستراتيجية فجيب توفير خيرة الكفاءات الوطنية لفائدته من أجل رسم الاستراتجيات الكبرى وذكر أن رئيس الجمهورية راهن على العلم والمعرفة وأعطى قيمة للدكاترة الباحثين ويجب العمل على الاستفادة من هؤلاء الدكاترة في هذا المركز.
استقطاب الاستثمار
وتساءل النائب بلقاسم نفيس عن الغرفة النيابية الثانية، لماذا لا يقع استقطاب الشركات الكبرى من قبل رئاسة الجمهورية للاستثمار في القطاع الفلاحي ودعم التعاون الدولي في هذا المجال، وأشار بدوره إلى مشكل التواصل مع رئاسة الجمهورية وبين أن النائب هو همزة وصل بين جهته وبين رئاسة الدولة والحكومة والوزراء وطالب نفيس رئيس الجمهورية بحضور جلسة مغلقة مع النواب لكي يحدثونه عن التجاوزات الموجودة.
وقال النائب عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم حسام مزالي إن فوز النائب بمعقد في المجلس يدل على أنه حظي بثقة المواطنين لذلك يجب تشريك النواب في مقاومة الفساد، وأضاف أنه من الجيد في تونس تغيير النظام السياسي من نظام برلماني إلى نظام رئاسي لكن لم يقع اتخاذ حلول عاجلة لدفع عجلة التنمية فقانون الاستثمار لم يتغير والفساد مستشر في جميع مفاصل الإدارة ويتطلب الوضع قرارات استعجالية من شأنها إنقاذ البلاد، ودعا إلى عدم الاقتصار على تغيير الوزراء بل يجب تغيير المديرين العامين الذين ترعرعوا في الفساد فهم الذين يسيرون فعليا الوزارات. وأشار إلى أن عديد الدول عاشت أزمات لكنها اتخذت قرارات شجاعة أما في تونس فلم يقع تغيير القوانين التي من شأنها أن تكرس النظام الجديد الذي جاء به الدستور.
تركيز الهيئات
وأشار عضو مجلس نواب الشعب أمين الورغي إلى محدودية ميزانية رئاسة الجمهورية المخصصة للعلاقات الخارجية وبخصوص الأمن القومي تساءل عن ملف الصلح الجزائي بعد تعديل القانون من قبل مجلس نواب الشعب في صيغته الواردة من قبل رئاسة الجمهورية رغبة من النواب في تسريع تفعيله. وأشار إلى أنه من الضروري التقدم في برنامج الصلح الجزائي لتوفير موارد للخزينة وبالتالي للحد من التداين الداخلي من البنوك التونسية أو التداين الخارجي. وبين أنه يجب تشجيع المعنيين بالقيام بالصلح. ويرى النائب أنه من الضروري تركيز المحكمة الدستورية وإرساء الهيئات وخاصة الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري وهيئة حماية المعطيات الشخصية وطالب بتلافي الشغورات في مختلف هياكل الدولة وبمتابعة تقييم الولاة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
في حين اقترح النائب عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم علي الحسومي البيولي توحيد هياكل الرقابة في تونس وتجميعها تحت إشراف هيئة رقابية راجعة بالنظر لرئاسة الجمهورية. وبخصوص معهد الدراسات الإستراتيجية بين أن دوره مهم جدا في علاقة بالتنمية والإصلاحات وإعادة الهيكلة لكن في السنوات الأخيرة لم تقم هذه المؤسسة بدراسات يمكن الاستفادة منها لتغيير واقع التنمية والمؤسسات والمنشآت العمومية. وأثار النائب قضية الدكاترة المعطلين عن العمل فهم، حسب قوله، لا يثقون في أي مؤسسة باستثناء رئاسة الجمهورية لأن الحكومات المتعاقبة أخلفت وعودها وخذلتهم. واستفسر عن ملف الشهائد المدلسة، وتطرق إلى مشكل عمال المناولة بالشركات البترولية وغيرها وعجز تفقديات الشغل عن ترسيمهم وعجزها عن تفعيل القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، وبين أنه بعد سن القانون وعوضا عن تسوية وضعياتهم تم طردهم. ونبه إلى أن السلم الاجتماعي مهدد بسبب رفض الشركات التي تعتقد أنها أقوى من الدولة تطبيق هذا القانون. وفي نفس السياق دعا عضو مجلس نواب الشعب يوسف طرشون بدوره إلى فرض تطبيق قانون الشغل وندد بالعديد من المؤسسات التي رفضت تطبيق هذا القانون وسماها الواحدة تلو الأخرى وقال إن شركات المناولة مازلت تعمل في خرق صارح للقانون وتحدث عن عمال المناولة بالسفارات والقنصليات الأجنبية بتونس وغيرهم من عمال المناولة وما تعرضوا إليه منذ صدور القانون من انتهاك لحقوقهم.
وتساءل عضو مجلس نواب الشعب عبد الرزاق عويدات إن كان سيتم تسيير المجلس الأعلى للتربية من ميزانية رئاسة الجمهورية ومتى سيتم تفعيل هذا المجلس المنصوص عليه بالدستور ويرى أن هناك حاجة ملحة للإصلاح التربوي الشامل وبين أنه سبق لمجلس نواب الشعب أن صادق على إحداث صندوق لتمويل الإصلاح التربوي ولكن لم يقع تفعيله، وبين أن الحديث عن وحدة الدولة يجعله يشير إلى مشكل تعطل العديد من المشاريع لأن الإدارات جزر معزولة. وطالب من رئيس الجمهورية بحضور جلسة حوارية مغلقة مع البرلمان للحديث عن كل الإشكاليات التي تهم تونس ولتقديم مقترحات تساعد على تونس على الإقلاع.
الوحدة الوطنية
وقال النائب بالغرفة الأولى طارق الربعي إنه يجب وضع اللبنات الأولى للتعاون بين البرلمان ورئاسة الجمهورية لأن النواب عندما يتم تكليفهم من قبل المجلس بمهمات رسمية بالخارج يجدون أنفسهم بمفردهم وأحيانا يذهب وفد كامل من النواب إلى الخارج ولا يجد من يستقبله من السفراء والقناصل. وبخصوص معهد الدراسات الإستراتيجية تساءل النائب عن مدى تقدم الدراسات الاستشرافية ومنها الدراسة المتعلقة بالهجرة ولماذا لا يقع تشريك الغرفتين النيابيتين من قبل هذا المعهد. وبالنسبة إلى ترشيد استهلاك الوقود من قبل رئاسة الجمهورية تساءل هل يوجد برنامج لاعتماد الطاقة البديلة. واستفسر عن حصيلة أعمال الموفق الإداري.
سعيدة بوهلال
في مناقشة مهمة رئاسة الجمهورية بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2026 بحضور مراد الحلومي المستشار الأول لدى رئيس الجمهورية، دعا نواب الشعب من الغرفتين إلى تشريكهم في محاربة الفساد في جهاتهم، وطالبوا بمد جسور التواصل مع رئيس الجمهورية وتنظيم جلسة عامة حوارية معه حول الوضع العام في البلاد. وأضافوا أمس خلال اجتماع مشترك بقصر باردو بين لجنة الاستثمار والتعاون الدولي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم ولجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وشؤون التونسيين بالخارج والهجرة بمجلس نواب الشعب.
وذكر النواب أن الوظيفة التشريعية بغرفتيها والوظيفة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية والحكومة في مركب واحد تتربص به المنظومة القديمة من «تجمع» و«نهضة» لذلك يجب عليهم جميعا العمل المشترك من أجل مصلحة البلاد والتصدي لمن يريدون إفشال مسار 25 جويلية من ناحية، ومن ناحية أخرى للتفكير معا في حلول لمختلف المشاكل التي تعاني منها البلاد بما يساهم في النهوض بالاستثمار وتقليص البطالة وتحسين القدرة الشرائية للمواطن وضمان جودة الخدمات، وحذروا من مخاطر الإدارة العميقة التي تبذل كل ما في وسعها من أجل عرقلة محاولات الإصلاح في شتى القطاعات، ودعوا إلى حسن اختيار المسؤولين من وزراء وولاة ومعتمدين وكتاب عامين للولايات مع العمل على سد الشغورات في أقرب الآجال .
ولدى حديثهم عن أرقام الميزانية أشار عدد من النواب إلى أن الإعتمادات التي تم تخصيصها لرئاسة الجمهورية خلال سنة 2026 لم تتطور بالشكل المطلوب رغم المهام الجسيمة التي يضطلع بها رئيس الجمهورية، في حين هناك من تساءل عن سبب الترفيع في هذه الميزانية والحال أنه تقرر إتباع سياسة التقشف. كما طالبوا بسد الشغورات الموجودة حاليا في العديد من السفارات والقنصليات التونسية بالخارج وبدعم الدبلوماسية البرلمانية. وتحدث بعضهم عن المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية الراجع بالنظر إلى رئاسة الجمهورية وبينوا أنه من الضروري أن يتولى هذا المعهد انجاز دراسات وطنية كبرى تساعد على حلحلة مشاكل الاستثمار وتساهم في دفع التنمية الجهوية والتشغيل. وفي علاقة بالتشغيل أثار البعض الآخر ملف الدكاترة المعطلين عن العمل وطالبوا بإدماجهم في مراكز البحوث لكي تستفيد منهم المجموعة الوطنية عوضا عن بلدان أجنبية، كما نددوا برفض العديد من المؤسسات تطبيق القانون الثوري الذي اقترحه رئيس الجمهورية لتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، وهناك من أشار إلى أن شركات المناولة مازالت تصول وتجول في البلاد وتخرق هذا القانون بكل صفاقة وعبث.
ومن المقترحات الأخرى التي تم تقديمها من قبل نواب الشعب خلال جلستهم المشتركة المخصصة للنظر في ميزانية رئاسة الجمهورية لسنة 2026 تجميع الهياكل الرقابية في مؤسسة وحيدة تشرف عليها الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية، ودعم مؤسسة فداء، وتفعيل الصلح الجزائي، ومحاسبة الفاسدين.
تطور الميزانية
وقدرت ميزانية رئاسة الجمهورية لسنة 2026 حسب قول مراد الحلومي ممثل رئاسة الجمهورية بـ 229.705.000 دينار مقابل 214.259.000 دينار سنة 2025 وذكّر الحلومي نواب الشعب بمختلف وظائف رئيس الجمهورية وأضاف أن رئاسة الجمهورية تعمل على إرساء نظام دستوري جديد يقوم لا فقط على دولة القانون وإنما أيضا على مجتمع القانون وتحقيق ديمقراطية سياسية مشفوعة بديمقراطية اجتماعية واقتصادية وترسيخ وحدة الدولة وتوفير الأمن والاستقرار وشروط العيش الكريم والمساهمة في جهود تحقيق الإقلاع الاقتصادي وضمان سلامة وأمن الدولة إلى جانب الاهتمام الذي توليه إلى «مؤسسة فداء».
وفسر الحلومي أن مهمة رئاسة الجمهورية تتضمن ثلاثة برامج وهي الأمن القومي والعلاقات الخارجية، والأمن الرئاسي وحماية الشخصيات الرسمية، والقيادة والمساندة. ففي ما يتعلق ببرنامج الأمن القومي والعلاقات الخارجية فهو حسب قوله يهدف إلى دعم الأمن القومي وحسن تمثيل الجمهورية التونسية ودعم العلاقات الخارجية والاستشراف، أما البرنامج الثاني فيهدف إلى حماية رئيس الجمهورية والشخصيات الرسمية داخل الوطن وخارجه وتأمين مقرات السيادة والإقامات الرئاسية وقصر الحكومة ومقرات المجلسين النيابيين وحماية الشخصيات الرسمية وضيوف تونس، وبالنسبة إلى برنامج القيادة والمساندة فيتم في إطاره حسن توظيف الموارد البشرية وتأهيلها وترشيد النفقات وترشيد استهلاك الطاقة وتأمين الاستشارة في مخالف المجالات وغيرها.
وأوضح أن ميزانية رئاسة الجمهورية تتكون من ثلاثة برامج كبرى وثلاثة برامج فرعية وعشرة نقاط ولها خمسة أهداف إستراتيجية وقدم العديد من الأرقام والنسب حول كل برنامج ومن بينها على سبيل الذكر أن مجموع نفقات التأجير ضبطت بـ 168 فاصل 831 مليون دينار أما نفقات التسيير فهي في حدود 35 فاصل 5 مليون دينار، في حين تقدر نفقات التدخلات بـ 9 فاصل 551 مليون دينار، ونفقات الاستثمار في حدود 15 فاصل 823 مليون دينار.. وتتوزع نفقات مهمة رئاسة الجمهورية لسنة 2026 حسب البرامج كما يلي: الأمن القومي والعلاقات الخارجية 10 فاصل 722 مليون دينار مقابل 10 فاصل 481 مليون دينار سنة 2025 وهو ما يمثل نسبة 4 فاصل 67 بالمائة من ميزانية المهمة، والأمن الرئاسي وحماية الشخصيات الرسمية 178 فاصل 316 مليون دينار مقابل 166 فاصل صفر 94 مليون دينار سنة 2025 وهي تمثل 77 فاصل 63 بالمائة، والقيادة والمساندة 40 فاصل 667 مليون دينار مقابل 37 فاصل 684 مليون دينار سنة 2025 وهي تمثل 17 فاصل 70 بالمائة.
وخلص الحلومي إلى أن ميزانية رئاسة الجمهورية لسنة 2026 شهدت تطورا بنسبة قدرها 7 فاصل 21 بالمائة مقارنة بميزانية العام الجاري وارتفعت بما قدره 15 فاصل 446 مليون دينار منها 7 فاصل 625 مليون دينار تأجير وواحد فاصل خمسة مليون دينار تسيير و4 فاصل صفر خمسين مليون دينار تدخلات و2 فاصل 272 مليون دينار استثمار.
وقدم مراد الحلومي ممثل رئاسة الجمهورية لنواب الشعب رسما بيانيا حول توزيع الاعتمادات حسب الأقسام ثم قام بتحليل لتطور نفقات التأجير التي ارتفعت بنسبة 49 فاصل 37 بالمائة من مجموع الزيادة في ميزانية رئاسة الجمهورية بين سنتي 2025 و2026، في حين تمثل نسبة زيادة نفقات التسيير 9 فاصل 71 بالمائة من مجموع الزيادة في ميزانية رئاسة الجمهورية، ولدى تحليله لنفقات التدخلات أشار إلى ارتفاع نفقات التدخلات بمبلغ 4 فاصل صفر خمسين مليون دينار وتمثل الزيادة في هذه النفقات 26 فاصل 22 بالمائة من مجموع الزيادة في ميزانية رئاسة الجمهورية بين سنتي 2025 و2026.
ومن بين الأرقام الأخرى التي استعرضها ممثل رئاسة الجمهورية أو غيرها من البيانات الواردة في الكتب المخصص لميزانية رئاسة الجمهورية الذي تم توزيعه على نواب الشعب يمكن الإشارة إلى أن عدد أعوان مهمة رئاسة الجمهورية لسنة 2026 يبلغ 3708 أعوان إلى موفى سنة 2026 ويشمل العدد الجملي للأعوان المرخص فيهم باعتبار المؤسسات العمومية الملحقة ميزانياتها ترتيبيا بميزانية الدولة وأعوان المؤسسات العمومية غير الخاضعة لمجلة المحاسبة العمومية. وتتوزع نفقات التأجير على تأجير الأعوان القارين بمبلغ قدره 167 فاصل 410 مليون دينار، وتأجير الأعوان غير القارين بمبلغ قدره واحد فاصل 421 مليون دينار.
وبالنسبة إلى أهم نفقات التسيير فتبلغ المصاريف بالألف دينار كما يلي : التمثيل والأسفار 3100، الاستقبالات 1990، الإقامات 4068، شراء وقود وسائل النقل 2727، تعهد وسائل النقل وصيانتها 4300، إكساء الأعوان 3800، التغذية 4600.
أما بالنسبة إلى نفقات التدخلات ذات صبغة عادية فهي كالآتي: 6500 ألف دينار منح لمؤسسة فداء، 77 ألف دينار جوائز رئاسية، 1050 ألف دينار منح لفائدة تعاونيات الموظفين ، وتحويلات وتدخلات أخرى 1362 ألف دينار ومنح المؤسسات العمومية 62 ألف دينار، في حين تقدر نفقات التدخلات ذات صبغة تنموية بـ 500 ألف دينار لفائدة المعهد التونسي للدراسات الإستراتجية.
وخلال حديثه عن ميزانية رئاسة الجمهورية أكد رئيس لجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وشؤون التونسيين بالخارج والهجرة بمجلس نواب الشعب أيمن البوغديري أن رئاسة الجمهورية تمثل الضامن لوحدة الوطن واستقلاله ووحدة ترابه وهي تضطلع بدور محوري في قيادة القوات المسلحة، واستفسر عن نفقات التدخل وسبب زيادتها بنسبة تفوق 73 بالمائة ولاحظ أن نفقات الاستثمار بدورها ارتفعت مقارنة بسنة 2025 وذلك بنسبة 16 فاصل 75 بالمائة وتساءل عن برنامج الأمن الرئاسي وحماية الشخصيات وإن كان يوجد تصور لإعادة توزيع هذه الميزانية في المستقبل ضمانا للتوازن بين مختلف البرامج. أما رئيس لجنة الاستثمار والتعاون الدولي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم بلال السعيدي فأشار إلى أن هذه الجلسة المشتركة لمناقشة مهمة رئاسة الجمهورية بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2026 هي مناسبة للمصارحة، وأضاف أن نقاش الميزانية هو استحقاق دستوري يعبر عن دور البرلمان بغرفتيه في مناقشة سياسات الدولة وبين أن ميزانية رئاسة الجمهورية يجب أن تكون قائمة على الوضوح في الأهداف مع الدقة في التقدير لأن كل دينار يرصد في ميزانية الدولة هو حصيلة جهد عام ومن حق المواطن معرفة كيفية صرف هذه الميزانية.
«مؤسسة فداء»
وتساءل النائب مقرر لجنة الاستثمار والتعاون الدولي بالغرفة النيابية الثانية محمد العايش الجامعي عن «مؤسسة فداء» وبين أنه لم يقع النظر في ملفات العديد من منظوري هذه المؤسسة من أبناء القصرين وهناك منهم من بترت ساقه بسبب انفجار لغم وهو يمر بظروف اجتماعية صعبة للغاية وطالب مؤسسة فداء بأن تسعى بنفسها للتواصل مع منظوريها.
ووجه النائب نداء إلى رئيس الجمهورية للتدخل نظرا إلى أن إعلان مناطق مغلقة في القصرين تسبب في تخويف المستثمرين رغم أنه لم يعد هناك إرهاب ويمكن للجيش الوطني أن يقوم بمسح لكامل الولاية في غضون ثلاثة أشهر لتأكد من حقيقة الوضع. وطالب بتعيين كاتب عام لولاية القصرين ومعتمد أول في أسرع وقت.
أما النائب عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم محمد بن رجب فأشار إلى أن التجربة التي يخوضونها اليوم ليست مجرد إعادة توزيع للسلطات بين المركز والجهات بل هي إعادة بناء لمفهوم الدولة ذاتها، دولة تتقدم من خلال المشاركة لا التراتيب ومن خلال الإصغاء للمشاكل في الميدان وليس الاكتفاء بالتقارير. وأضاف أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم لم يقع إحداثه ليكون متفرجا بل ليكون عين الدولة في الميدان يراقب مسار التنمية ويتابع مدى التقدم في انجاز المشاريع ويقدم المقترحات التي تعبر عن حاجيات الناس الحقيقية، وذكر أن غياب هذا التنسيق يضعف الثقة في السياسات العمومية ويفرغ مبدأ التوازن الجهوي من مضمونه.
كما أشار بن رجب إلى مجلة الأملاك العمومية التي قيل إنها لدى رئاسة الجمهورية وهي بصدد وضع اللمسات الأخيرة وذكر أن هذه المجلة هي مفتاح لحل مئات المشاكل العالقة التي عطلت التنمية في الجهات، فهناك استثمارات متوقفة وموارد تهدر في غياب رؤية موحدة للتصرف في الملك العام. وتساءل متى سيتم إصدار هذه المجلة. وخلص إلى أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم ليس بديلا للحكومة وليس منافسا لها بل هو شريك دستوري في تحقيق التوازن الوطني.
وعبرت عضوة مجلس نواب الشعب منال بديده عن رغبة النواب في أن تكون هناك شراكة فعلية بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية ودعت إلى تنظيم جلسة حوارية مغلقة مع رئيس الجمهورية لإيصال أصواتهم والحديث عن مشاكل جهاتهم. وطالبت بتفعيل مهمة عضو مكتب البرلمان المكلف بالعلاقة مع رئيس الجمهورية.
ونبهت من تبعات سوء اختيار المسؤولين الجهويين وخلصت إلى أنه بالتركيبة الحالية للولاة والكتاب العامين للولايات والمعتمدين فإن الوضعية لن تتحسن كما دعت إلى إعادة توزيع المناطق ذات الأولوية في البلاد ومنها صفاقس.
ولاحظ النائب نجيب العكرمي أن رئاسة الجمهورية ترسم السياسات العامة للدولة لكن الميزانية المرصودة لها مقابل الجهد الكبير تعتبر متواضعة جدا ولا تكفي لإنشاء مستشفى واحد، وطالب بالترفيع فيها بما يمكن مع تطوير أداء المؤسسات التابعة لرئاسة الجمهورية. وأضاف أن رئاسة الجمهورية لها دور في العلاقات الخارجية لكن لا بد من اعتماد مقاييس جديدة لاختيار القناصل والسفراء.
ولم يخف النائب انزعاجه من «الدساترة» و»النهضاويين» الذين يدلون بدلوهم في الإدارات التونسية وقال إنه لا يمكن إنجاح المسار بمنظومات قديمة وتساءل كيف لمنظومات قديمة أن تراقب نفسها بنفسها ولماذا لا تحال تقارير التفقديات الجهوية مباشرة لرئاسة الجمهورية وقال النائب يجب كشف الحقيقة لأنه من غير المعقول أن نجد رئيس الجمهورية يتحدث عن محاربة الفساد لكن في المقابل يتم التستر عن هؤلاء وخلص على أنه لا بد من تطهير الإدارة. ولاحظ أنه تم رصد عشرة ملايين دينار فقط للمجلس الأعلى للتربية وهذا المبلغ لا يكفي للقيام بإصلاح تربوي جذري وشامل وطالب بالترفيع في هذه الميزانية ونفس الشيء بالنسبة إلى مركز الدراسات الإستراتيجية فجيب توفير خيرة الكفاءات الوطنية لفائدته من أجل رسم الاستراتجيات الكبرى وذكر أن رئيس الجمهورية راهن على العلم والمعرفة وأعطى قيمة للدكاترة الباحثين ويجب العمل على الاستفادة من هؤلاء الدكاترة في هذا المركز.
استقطاب الاستثمار
وتساءل النائب بلقاسم نفيس عن الغرفة النيابية الثانية، لماذا لا يقع استقطاب الشركات الكبرى من قبل رئاسة الجمهورية للاستثمار في القطاع الفلاحي ودعم التعاون الدولي في هذا المجال، وأشار بدوره إلى مشكل التواصل مع رئاسة الجمهورية وبين أن النائب هو همزة وصل بين جهته وبين رئاسة الدولة والحكومة والوزراء وطالب نفيس رئيس الجمهورية بحضور جلسة مغلقة مع النواب لكي يحدثونه عن التجاوزات الموجودة.
وقال النائب عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم حسام مزالي إن فوز النائب بمعقد في المجلس يدل على أنه حظي بثقة المواطنين لذلك يجب تشريك النواب في مقاومة الفساد، وأضاف أنه من الجيد في تونس تغيير النظام السياسي من نظام برلماني إلى نظام رئاسي لكن لم يقع اتخاذ حلول عاجلة لدفع عجلة التنمية فقانون الاستثمار لم يتغير والفساد مستشر في جميع مفاصل الإدارة ويتطلب الوضع قرارات استعجالية من شأنها إنقاذ البلاد، ودعا إلى عدم الاقتصار على تغيير الوزراء بل يجب تغيير المديرين العامين الذين ترعرعوا في الفساد فهم الذين يسيرون فعليا الوزارات. وأشار إلى أن عديد الدول عاشت أزمات لكنها اتخذت قرارات شجاعة أما في تونس فلم يقع تغيير القوانين التي من شأنها أن تكرس النظام الجديد الذي جاء به الدستور.
تركيز الهيئات
وأشار عضو مجلس نواب الشعب أمين الورغي إلى محدودية ميزانية رئاسة الجمهورية المخصصة للعلاقات الخارجية وبخصوص الأمن القومي تساءل عن ملف الصلح الجزائي بعد تعديل القانون من قبل مجلس نواب الشعب في صيغته الواردة من قبل رئاسة الجمهورية رغبة من النواب في تسريع تفعيله. وأشار إلى أنه من الضروري التقدم في برنامج الصلح الجزائي لتوفير موارد للخزينة وبالتالي للحد من التداين الداخلي من البنوك التونسية أو التداين الخارجي. وبين أنه يجب تشجيع المعنيين بالقيام بالصلح. ويرى النائب أنه من الضروري تركيز المحكمة الدستورية وإرساء الهيئات وخاصة الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري وهيئة حماية المعطيات الشخصية وطالب بتلافي الشغورات في مختلف هياكل الدولة وبمتابعة تقييم الولاة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
في حين اقترح النائب عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم علي الحسومي البيولي توحيد هياكل الرقابة في تونس وتجميعها تحت إشراف هيئة رقابية راجعة بالنظر لرئاسة الجمهورية. وبخصوص معهد الدراسات الإستراتيجية بين أن دوره مهم جدا في علاقة بالتنمية والإصلاحات وإعادة الهيكلة لكن في السنوات الأخيرة لم تقم هذه المؤسسة بدراسات يمكن الاستفادة منها لتغيير واقع التنمية والمؤسسات والمنشآت العمومية. وأثار النائب قضية الدكاترة المعطلين عن العمل فهم، حسب قوله، لا يثقون في أي مؤسسة باستثناء رئاسة الجمهورية لأن الحكومات المتعاقبة أخلفت وعودها وخذلتهم. واستفسر عن ملف الشهائد المدلسة، وتطرق إلى مشكل عمال المناولة بالشركات البترولية وغيرها وعجز تفقديات الشغل عن ترسيمهم وعجزها عن تفعيل القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، وبين أنه بعد سن القانون وعوضا عن تسوية وضعياتهم تم طردهم. ونبه إلى أن السلم الاجتماعي مهدد بسبب رفض الشركات التي تعتقد أنها أقوى من الدولة تطبيق هذا القانون. وفي نفس السياق دعا عضو مجلس نواب الشعب يوسف طرشون بدوره إلى فرض تطبيق قانون الشغل وندد بالعديد من المؤسسات التي رفضت تطبيق هذا القانون وسماها الواحدة تلو الأخرى وقال إن شركات المناولة مازلت تعمل في خرق صارح للقانون وتحدث عن عمال المناولة بالسفارات والقنصليات الأجنبية بتونس وغيرهم من عمال المناولة وما تعرضوا إليه منذ صدور القانون من انتهاك لحقوقهم.
وتساءل عضو مجلس نواب الشعب عبد الرزاق عويدات إن كان سيتم تسيير المجلس الأعلى للتربية من ميزانية رئاسة الجمهورية ومتى سيتم تفعيل هذا المجلس المنصوص عليه بالدستور ويرى أن هناك حاجة ملحة للإصلاح التربوي الشامل وبين أنه سبق لمجلس نواب الشعب أن صادق على إحداث صندوق لتمويل الإصلاح التربوي ولكن لم يقع تفعيله، وبين أن الحديث عن وحدة الدولة يجعله يشير إلى مشكل تعطل العديد من المشاريع لأن الإدارات جزر معزولة. وطالب من رئيس الجمهورية بحضور جلسة حوارية مغلقة مع البرلمان للحديث عن كل الإشكاليات التي تهم تونس ولتقديم مقترحات تساعد على تونس على الإقلاع.
الوحدة الوطنية
وقال النائب بالغرفة الأولى طارق الربعي إنه يجب وضع اللبنات الأولى للتعاون بين البرلمان ورئاسة الجمهورية لأن النواب عندما يتم تكليفهم من قبل المجلس بمهمات رسمية بالخارج يجدون أنفسهم بمفردهم وأحيانا يذهب وفد كامل من النواب إلى الخارج ولا يجد من يستقبله من السفراء والقناصل. وبخصوص معهد الدراسات الإستراتيجية تساءل النائب عن مدى تقدم الدراسات الاستشرافية ومنها الدراسة المتعلقة بالهجرة ولماذا لا يقع تشريك الغرفتين النيابيتين من قبل هذا المعهد. وبالنسبة إلى ترشيد استهلاك الوقود من قبل رئاسة الجمهورية تساءل هل يوجد برنامج لاعتماد الطاقة البديلة. واستفسر عن حصيلة أعمال الموفق الإداري.