إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بين الاستعدادات للجني والزراعة.. إجراءات تحفيزية.. وحرص على إنجاح الموسم الفلاحي

تعيش بلادنا خلال هذه الفترة على وقع مواسم فلاحية بامتياز، تتقاطع فيها الاستعدادات لانطلاق مواسم الجني لبعض المنتوجات الفلاحية التي تمثل ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني وصادراته، مع الاستعداد لانطلاق مواسم الزرع والتحضير لأنواع أخرى من المنتجات الفلاحية التي تتميز بها بلادنا.

يأتي ذلك في مرحلة تضع فيها سلطة الإشراف الفلاحة عنصرا أساسيا في الاقتصاد الوطني ومنوال التنمية، خاصة أن العديد من المؤشرات والمعطيات تؤكد أن هذا الموسم يلوح واعدا على جميع المستويات، وذلك عبر المراهنة على تعميم النشاط الفلاحي في كامل ربوع الجمهورية والدفع لإعادة الاعتبار للثروات الوطنية تنظيما وماديا وتشريعيا وثقافيا واجتماعيا، وانتهاج الدولة سياسة تشجع على النشاط والاستثمار في القطاع الفلاحي بمختلف مجالاته واختصاصاته وتوسيع المساحات المخصصة لذلك بما يمكن من تعزيز الإنتاج، لكن مع انتهاج مبدأ ترشيد العمل الفلاحي.

وقد أجمع المهنيون والناشطون في القطاع وممثلو مختلف الهياكل القطاعية الخاصة بالفلاحة في تونس على ضرورة الاهتمام بالاستثمار في القطاع الفلاحي بمختلف مجالات اختصاصاته، ومراعاة خصوصية كل جهة من حيث المناخ وخصوبة التربة وتوفر المياه ونوعية الإنتاج الفلاحي. وإيلاء هذا القطاع الأهمية والعناية اللازمة بما يعيد الاعتبار للفلاح والعمل الفلاحي ويشجع على الاستثمار فيه في ظل ما عرفه من عزوف في السنوات الماضية لعدة أسباب.

وهو تقريبا ما تعمل سلطة الإشراف على تكريسه في هذا السياق قانونيا وتشريعيا وتنظيميا، وذلك في إطار سياستها لتوفير الأمن الغذائي وما تحتاجه بلادنا من مواد غذائية من ناحية، لاسيما في ظل ارتفاع تكلفة توريد بعض المنتجات الفلاحية، في حين أن خصوصية الأراضي الفلاحية والمناخ كفيلة بضمان وفرة الإنتاج كمّا ونوعا بما يفي بالسوق الداخلية، وأيضا تحويل تلك المنتجات إلى مواد مصدرة للأسواق العالمية نظرا لتوفر جل منتجات بلادنا على مميزات تجعلها محل طلب في الأسواق الخارجية.

إذ تبين المؤشرات أن القطاع الفلاحي يساهم في الاقتصاد التونسي بنسبة 12 % من الناتج المحلي الإجمالي، كما يوفر حوالي 13.4 % من فرص العمل وذلك بالنسبة للربع الثاني من السنة الجارية، مسجلا انتعاشًا في هذا القطاع بنسبة تقارب الواحد بالمائة. فيما يساهم هذا القطاع في توفير 80 % من الحاجيات الغذائية في بلادنا، ويسعى المخطط التنموي الجديد إلى تعزيز دوره في تحقيق الاكتفاء الذاتي.

فموازاة مع الاستعدادات لإنجاح موسم جني الزيتون الذي انطلق في أغلب جهات الجمهورية، خاصة في ظل التوقعات بتحسن صابة هذا الموسم مقارنة بما كان عليه الوضع في صابة العام الماضي، لتتراوح بين 460 و500 ألف طن، أي بتسجيل زيادة في زيت الزيتون بنسبة 50 % مقارنة بصابة العام الماضي، وفق ما أكدته رئيسة غرفة منتجي الزياتين، نجاح السعيدي، في تصريح إعلامي، انطلق موسم جني التمور الذي لا يقل قيمة عن زيت الزيتون. فالتقديرات الأولية تبين أن صابة التمور لهذا الموسم تعد هامة ويعود هذا التطور أساسا إلى تطور عدد العراجين الملقحة ودخول الغراسات الجديدة في طور الإنتاج، وفق ما أكده المهنيون في عديد المناسبات، خاصة بعد أن حرصت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري على العمل على تنفيذ البرامج الراجعة إلى صندوق النهوض بجودة التمور من خلال مكافحة عنكبوت الغبار وتوفير الناموسية للمحافظة على جودة المنتوج، وغيرها من الإجراءات الأخرى التي تم اتباعها منذ بداية هذا الموسم والتي ساهمت في حماية الصابة من التأثيرات السلبية.

ويراهن الجميع على نجاح موسم هذا العام في تحقيق مردودية منتظرة للفلاحين والمستثمرين على حد سواء بالنسبة لزيت الزيتون والتمور، خاصة بعد توصل الهياكل المعنية في إيجاد أسواق جديدة للترويج للمنتج التونسي، لاسيما بالنسبة لزيت الزيتون، وهذا يحسب في جانب منه للدبلوماسية الاقتصادية التي انتهجتها بلادنا في سياستها الخارجية، وفق ما دعا إلى ذلك رئيس الجمهورية في العديد من المناسبات. وتعد هذه الفترة «ميسرة» لفئة واسعة من العاملين في القطاع الفلاحي بشكل خاص.

ولا يقتصر الأمر على المنتجين المذكورين آنفا فقط، بل يشمل أيضا انطلاق موسم جني الرمان والقوارص، والتي تعد بدورها منتجات تحظى بأهمية بالغة في السوق التونسية وفي الأسواق الخارجية.

استعدادات لموسم جديد

تتواصل الاستعدادات حثيثة للموسم الفلاحي القادم في مستوى الزراعات الكبرى وغيرها من المنتجات الأخرى. وأكدت مصادر مختصة في المجال أن برنامج سلطة الإشراف يعمل على ضمان ممهدات نجاح موسم الزراعات الكبرى بهدف مضاعفة الصابة من الحبوب خلال الموسم القادم، باعتبار أن موسم الزراعات ينطلق خلال هذه الفترة. وتتجه هذه الجهات إلى زراعة حوالي 1.145 مليون هكتار من الحبوب خلال موسم 2025-2026، وهو ما يختلف عن العام الماضي، مع التركيز على ولايات الشمال الغربي التي تخصص لها مساحة 853 ألف هكتار، وولايات الوسط والجنوب بـ291 ألف هكتار. وتتوقع الوزارة أيضا أن تكون مساحات الحبوب المروية في حدود 77 ألف هكتار. يأتي ذلك بعد أن نجحت بلادنا في استعادة أنواع من البذور الأصلية سواء في إطار مبادرات فردية أو جماعية.

فالزراعات الكبرى لا تقتصر على توفير الحبوب فحسب، بل أيضا على المبيدات والأسمدة، ومراعاة المقدرة المائية في المناطق المخصصة للزراعة، خاصة أن ذلك لم يعد يقتصر على الزراعات البعلية، بل يعتمد بالأساس على الري كآلية ضرورية في مثل هذه الزراعات في ظل التغيرات المناخية والنقص المسجل في نسب التساقطات.

تشجيع على الاستثمار

في سياق متصل، ما انفكت سلطة الإشراف خلال السنوات الأخيرة تعمل على التشجيع على الاستثمار في القطاع الفلاحي، وتشجيع صغار الفلاحين، وتشجيع الشباب على الاستثمار في القطاع الفلاحي واتخاذ إجراءات في الغرض تشجع على الاستثمار في القطاع من خلال منح وحوافز مالية لدعم الفلاحين، وذلك بتوفير قروض ميسرة وإعفاءات ضريبية، إضافة إلى تحسين آليات التعويض من قبيل صندوق تعويض الأضرار الفلاحية الناجمة عن الجوائح الطبيعية وغيرها من الإجراءات والقرارات الأخرى.

فضلا عن دعوة رئيس الجمهورية لتسوية ملف الأراضي الدولية المهملة والمترامية في كامل جهات الجمهورية، وإعادة إحيائها عبر تخصيصها لفائدة الشبان الراغبين في الاستثمار في الغرض عبر عقود كراء ميسرة ودعم مشاريعهم في السياق.

وكان محافظ البنك المركزي التونسي، فتحي زهير النوري، قد أكد مؤخرا في اجتماع لممثلي القطاع البنكي على ضرورة مضاعفة الجهود من قبل القطاع البنكي لمواكبة الناشطين في حلقات الإنتاج والتحويل والترويج في قطاع زيت الزيتون، بما يسهم في مزيد تنشيط الدورة الاقتصادية وتحفيز التصدير.

نزيهة الغضباني

بين الاستعدادات للجني والزراعة..   إجراءات تحفيزية.. وحرص على إنجاح الموسم الفلاحي

تعيش بلادنا خلال هذه الفترة على وقع مواسم فلاحية بامتياز، تتقاطع فيها الاستعدادات لانطلاق مواسم الجني لبعض المنتوجات الفلاحية التي تمثل ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني وصادراته، مع الاستعداد لانطلاق مواسم الزرع والتحضير لأنواع أخرى من المنتجات الفلاحية التي تتميز بها بلادنا.

يأتي ذلك في مرحلة تضع فيها سلطة الإشراف الفلاحة عنصرا أساسيا في الاقتصاد الوطني ومنوال التنمية، خاصة أن العديد من المؤشرات والمعطيات تؤكد أن هذا الموسم يلوح واعدا على جميع المستويات، وذلك عبر المراهنة على تعميم النشاط الفلاحي في كامل ربوع الجمهورية والدفع لإعادة الاعتبار للثروات الوطنية تنظيما وماديا وتشريعيا وثقافيا واجتماعيا، وانتهاج الدولة سياسة تشجع على النشاط والاستثمار في القطاع الفلاحي بمختلف مجالاته واختصاصاته وتوسيع المساحات المخصصة لذلك بما يمكن من تعزيز الإنتاج، لكن مع انتهاج مبدأ ترشيد العمل الفلاحي.

وقد أجمع المهنيون والناشطون في القطاع وممثلو مختلف الهياكل القطاعية الخاصة بالفلاحة في تونس على ضرورة الاهتمام بالاستثمار في القطاع الفلاحي بمختلف مجالات اختصاصاته، ومراعاة خصوصية كل جهة من حيث المناخ وخصوبة التربة وتوفر المياه ونوعية الإنتاج الفلاحي. وإيلاء هذا القطاع الأهمية والعناية اللازمة بما يعيد الاعتبار للفلاح والعمل الفلاحي ويشجع على الاستثمار فيه في ظل ما عرفه من عزوف في السنوات الماضية لعدة أسباب.

وهو تقريبا ما تعمل سلطة الإشراف على تكريسه في هذا السياق قانونيا وتشريعيا وتنظيميا، وذلك في إطار سياستها لتوفير الأمن الغذائي وما تحتاجه بلادنا من مواد غذائية من ناحية، لاسيما في ظل ارتفاع تكلفة توريد بعض المنتجات الفلاحية، في حين أن خصوصية الأراضي الفلاحية والمناخ كفيلة بضمان وفرة الإنتاج كمّا ونوعا بما يفي بالسوق الداخلية، وأيضا تحويل تلك المنتجات إلى مواد مصدرة للأسواق العالمية نظرا لتوفر جل منتجات بلادنا على مميزات تجعلها محل طلب في الأسواق الخارجية.

إذ تبين المؤشرات أن القطاع الفلاحي يساهم في الاقتصاد التونسي بنسبة 12 % من الناتج المحلي الإجمالي، كما يوفر حوالي 13.4 % من فرص العمل وذلك بالنسبة للربع الثاني من السنة الجارية، مسجلا انتعاشًا في هذا القطاع بنسبة تقارب الواحد بالمائة. فيما يساهم هذا القطاع في توفير 80 % من الحاجيات الغذائية في بلادنا، ويسعى المخطط التنموي الجديد إلى تعزيز دوره في تحقيق الاكتفاء الذاتي.

فموازاة مع الاستعدادات لإنجاح موسم جني الزيتون الذي انطلق في أغلب جهات الجمهورية، خاصة في ظل التوقعات بتحسن صابة هذا الموسم مقارنة بما كان عليه الوضع في صابة العام الماضي، لتتراوح بين 460 و500 ألف طن، أي بتسجيل زيادة في زيت الزيتون بنسبة 50 % مقارنة بصابة العام الماضي، وفق ما أكدته رئيسة غرفة منتجي الزياتين، نجاح السعيدي، في تصريح إعلامي، انطلق موسم جني التمور الذي لا يقل قيمة عن زيت الزيتون. فالتقديرات الأولية تبين أن صابة التمور لهذا الموسم تعد هامة ويعود هذا التطور أساسا إلى تطور عدد العراجين الملقحة ودخول الغراسات الجديدة في طور الإنتاج، وفق ما أكده المهنيون في عديد المناسبات، خاصة بعد أن حرصت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري على العمل على تنفيذ البرامج الراجعة إلى صندوق النهوض بجودة التمور من خلال مكافحة عنكبوت الغبار وتوفير الناموسية للمحافظة على جودة المنتوج، وغيرها من الإجراءات الأخرى التي تم اتباعها منذ بداية هذا الموسم والتي ساهمت في حماية الصابة من التأثيرات السلبية.

ويراهن الجميع على نجاح موسم هذا العام في تحقيق مردودية منتظرة للفلاحين والمستثمرين على حد سواء بالنسبة لزيت الزيتون والتمور، خاصة بعد توصل الهياكل المعنية في إيجاد أسواق جديدة للترويج للمنتج التونسي، لاسيما بالنسبة لزيت الزيتون، وهذا يحسب في جانب منه للدبلوماسية الاقتصادية التي انتهجتها بلادنا في سياستها الخارجية، وفق ما دعا إلى ذلك رئيس الجمهورية في العديد من المناسبات. وتعد هذه الفترة «ميسرة» لفئة واسعة من العاملين في القطاع الفلاحي بشكل خاص.

ولا يقتصر الأمر على المنتجين المذكورين آنفا فقط، بل يشمل أيضا انطلاق موسم جني الرمان والقوارص، والتي تعد بدورها منتجات تحظى بأهمية بالغة في السوق التونسية وفي الأسواق الخارجية.

استعدادات لموسم جديد

تتواصل الاستعدادات حثيثة للموسم الفلاحي القادم في مستوى الزراعات الكبرى وغيرها من المنتجات الأخرى. وأكدت مصادر مختصة في المجال أن برنامج سلطة الإشراف يعمل على ضمان ممهدات نجاح موسم الزراعات الكبرى بهدف مضاعفة الصابة من الحبوب خلال الموسم القادم، باعتبار أن موسم الزراعات ينطلق خلال هذه الفترة. وتتجه هذه الجهات إلى زراعة حوالي 1.145 مليون هكتار من الحبوب خلال موسم 2025-2026، وهو ما يختلف عن العام الماضي، مع التركيز على ولايات الشمال الغربي التي تخصص لها مساحة 853 ألف هكتار، وولايات الوسط والجنوب بـ291 ألف هكتار. وتتوقع الوزارة أيضا أن تكون مساحات الحبوب المروية في حدود 77 ألف هكتار. يأتي ذلك بعد أن نجحت بلادنا في استعادة أنواع من البذور الأصلية سواء في إطار مبادرات فردية أو جماعية.

فالزراعات الكبرى لا تقتصر على توفير الحبوب فحسب، بل أيضا على المبيدات والأسمدة، ومراعاة المقدرة المائية في المناطق المخصصة للزراعة، خاصة أن ذلك لم يعد يقتصر على الزراعات البعلية، بل يعتمد بالأساس على الري كآلية ضرورية في مثل هذه الزراعات في ظل التغيرات المناخية والنقص المسجل في نسب التساقطات.

تشجيع على الاستثمار

في سياق متصل، ما انفكت سلطة الإشراف خلال السنوات الأخيرة تعمل على التشجيع على الاستثمار في القطاع الفلاحي، وتشجيع صغار الفلاحين، وتشجيع الشباب على الاستثمار في القطاع الفلاحي واتخاذ إجراءات في الغرض تشجع على الاستثمار في القطاع من خلال منح وحوافز مالية لدعم الفلاحين، وذلك بتوفير قروض ميسرة وإعفاءات ضريبية، إضافة إلى تحسين آليات التعويض من قبيل صندوق تعويض الأضرار الفلاحية الناجمة عن الجوائح الطبيعية وغيرها من الإجراءات والقرارات الأخرى.

فضلا عن دعوة رئيس الجمهورية لتسوية ملف الأراضي الدولية المهملة والمترامية في كامل جهات الجمهورية، وإعادة إحيائها عبر تخصيصها لفائدة الشبان الراغبين في الاستثمار في الغرض عبر عقود كراء ميسرة ودعم مشاريعهم في السياق.

وكان محافظ البنك المركزي التونسي، فتحي زهير النوري، قد أكد مؤخرا في اجتماع لممثلي القطاع البنكي على ضرورة مضاعفة الجهود من قبل القطاع البنكي لمواكبة الناشطين في حلقات الإنتاج والتحويل والترويج في قطاع زيت الزيتون، بما يسهم في مزيد تنشيط الدورة الاقتصادية وتحفيز التصدير.

نزيهة الغضباني