إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ترميم التراث السينمائي التونسي.. إعادة إحياء للأفلام ودفع للحراك الثقافي في البلاد

 

  • قريباً تأسيس مركز لترميم الأفلام التونسية
  • جمهور 2025 على موعد مع النسخة المرممة من «ريح السد» في قاعات السينما التونسية بداية من 12 نوفمبر
  • مهرجان سينما المتحف بسوسة يعرض النسخة المرممة من فيلم «العرس» في دورته الثامنة
  • الترميم يحمي رؤية المخرج ولا مكان لتقنيات الذكاء الاصطناعي في عملية إصلاح النسخ الأصلية للأفلام على مستوى الصوت وتصحيح الألوان
  • وعي الورثة بأهمية الترميم له دور فاعل في تسهيل تنفيذ النسخة المستعادة من الأفلام

ترميم التراث السينمائي الوطني مشروع ملحّ لوزارة الشؤون الثقافية لا يمكن إهماله أكثر، ويبدو أن خطوة تأسيس مركز لترميم الأفلام، الذي سبق وأُعلن عنه، قد يتحقق قريباً مع تعالي أصوات مهنيي القطاع للحفاظ على الموروث السمعي البصري للسينما التونسية. ويُعتبر تلف الأفلام معضلة عالمية تنسحب على معظم الأفلام القديمة، وقد كان المخرج العالمي مارتن سكورسيزي من أوائل المخرجين الذين سعوا لإنقاذ الإرث السينمائي. ومع تطوّر التقنيات الحديثة على مستوى جودة الصوت وتصحيح الألوان، أصبحت إمكانيات إنقاذ هذه الأعمال السينمائية أكبر. ومع ذلك، تظلّ أغلب الجهود المبذولة في هذا المجال بالعالم العربي وإفريقيا فردية من طرف بعض الحريصين على الإرث السينمائي، من بينهم عائلة المخرج المصري الكبير يوسف شاهين التي اهتمت بدعم عمليات ترميم أفلامه.

ولعلّ وعي ورثة السينمائيين بقيمة هذه الإنتاجات الفنية، التي تُعدّ جزءاً من الإرث الثقافي، يلعب دوراً فعّالاً في ترميم الأفلام القديمة بإفريقيا والعالم العربي، ويساهم في تسهيل وتسريع عمليات تنفيذ النسخ المستعادة. ومن بين هذه الأعمال فيلم «صمت القصور» لمفيدة التلاتلي، الذي مازال في طور المفاوضات بين الورثة والمنتج الفرنسي والطرف التونسي في الإنتاج ووزارة الشؤون الثقافية.

مئات الأعمال الروائية والوثائقية الوطنية أو المدرجة في خانة الإنتاج المشترك في حاجة إلى استعادة جودتها عبر عملية ترميم تمرّ بعدة مراحل، من رقمنة وتصحيح للألوان والصوت وغيرها من العناصر التالفة.

وتُعتبر تكلفة ترميم فيلم سينمائي مرتفعة، لذلك سعت وزارة الشؤون الثقافية، بالتعاون مع السينمائي محمد شلوف رئيس جمعية «سينما الجنوب - تراث»، إلى البحث عن فرص دعم من قبل عدد من المكتبات السينمائية الأوروبية لترميم أفلام من علامات السينما الوطنية، على غرار سينماتيك بروكسال وبولونيا الإيطالية.

وعلى هامش العرض المخصص للصحفيين لفيلم «ريح السد» في نسخته المرممة المنتظر طرحه في القاعات التونسية في 12 نوفمبر، شدّد السينمائي محمد شلوف في حديثه لـ»الصباح» على أهمية حفظ الأرشيف السينمائي التونسي من أفلام روائية ووثائقية طويلة وقصيرة، واصفاً هذا الإرث الثقافي بالثري والمهم لتاريخ السينما ولهوية البلاد.

وفي ذات السياق، أقرّ محمد شلوف بضرورة الإسراع في بعث مركز لترميم الأفلام، وهو مشروع تشرف عليه وزارة الشؤون الثقافية، قائلاً: «كلفة هذا المشروع في مرحلة أولى يمكن أن تكون في حدود 450 ألف دينار، وبالتالي لا تُعتبر الميزانية العائق الأكبر بقدر أهمية تكوين تقنيين مختصين في مجال ترميم الأفلام من طرف المراكز التابعة للكنفدرالية العالمية لترميم الأفلام، وعدد منهم عرض خدماته بصفة مجانية.»

وكشف محمد شلوف لـ«الصباح» أن التغييرات المتعاقبة على رأس المركز الوطني للسينما والصورة عرقلت نسبياً عملية ترميم عدد أكبر من الأفلام، لذلك من المهم أن تكون هناك إرادة قوية من الدولة ودعم من مكوّنات المجتمع المدني والفاعلين في القطاع السينمائي بمختلف أطيافه لحفظ الإرث الوطني من أفلام وإنقاذ مئات اللفائف المعرضة للتلف.

أفلام بصدد الترميم

وأشار رئيس جمعية «سينما الجنوب - تراث» في حديثه لـ«الصباح» إلى أن عمليات ترميم تمت بجودة عالية لأفلام تونسية، على غرار «الهائمون» للناصر خمير بالتعاون مع سينماتيك بروكسيل، و«ريح السد» مع سينماتيك بولونيا بإيطاليا، وفيلم «حميدة» وهو أول إنتاج مشترك بين تونس وألمانيا الشرقية وفرنسا، نفّذه السينمائي خالد عبد الوهاب، وسيكون العرض الأول للفيلم بمهرجان سينما المتحف في سوسة، مؤكداً في السياق نفسه تواصل عملية ترميم فيلم الطيب الوحيشي «ظل الأرض» بسينماتيك تولوز بعد تعاقد ورثة المخرج الراحل ووزارة الثقافة مع هذه المكتبة السينمائية الفرنسية.

وتابع محمد شلوف قوله إن الأعمال الأولى لصنّاع السينما التونسية، التي هي في حاجة إلى الترميم، واجهت إشكاليات بوجود الفيلم السلبي «نيغاتيف» الصوت أو الصورة بمخابر أوروبية، ويظلّ تسليمها مشروطاً بسداد مستحقات هذه المخابر. ومن بين هذه الأعمال الفيلم الوثائقي لعبد اللطيف بن عمار «Sur les traces de Baal»، وهو «مايكينغ أوف» للفيلم التونسي الفرنسي «Viva la muerte» للمخرج الإسباني فرناندو أرابال، وهذا العمل بدوره في حاجة إلى الترميم. وبيّن محمد شلوف أن فيلم «العرس» للمسرح الجديد، الذي يعاني من تلف كبير على مستوى الصوت، بصدد الترميم، وسيكون عرضه الأول بين 5 و10 ديسمبر في الدورة الثامنة لسينما المتحف بسوسة، المهرجان الغائب منذ سنة 2022 لأسباب مادية.

حظر الذكاء الاصطناعي

وعن التغييرات التي قد تطرأ على الفيلم بعد عملية الترميم وما إن كانت ستؤثر على النسخة الأصلية على مستوى الرؤية، نفى محمد شلوف هذه الإمكانية على مستوى الأعمال التي تشرف عليها وزارة الشؤون الثقافية بالتعاون مع المكتبات السينمائية الغربية، قائلاً في السياق: «الترميم يمنح متعة المشاهدة بفضل الجودة العالية للتقنيات الحديثة في خانة الصوت وتصحيح الألوان، على غرار فيلم «ريح السد» الذي تم في عملية إعداد النسخة المستعادة في بولونيا، الاستعانة برؤية مدير التصوير يوسف بن يوسف الموجودة بسينماتيك فرنسا، والحرص على رؤية المخرج النوري بوزيد، والحرص على توظيف تقنيات لا تفسد العمل الفني على غرار الذكاء الاصطناعي.»

عرض الأفلام المرممة في قاعات السينما التونسية، على غرار «الهائمون» في فترة سابقة و»ريح السد» في نوفمبر المقبل بعد 40 سنة من إنجازه، اعتبرها محمد شلوف خطوة رائدة في المنطقة العربية والإفريقية، ومظهراً من مظاهر الحضارة، تعكس اهتمام تونس بالذاكرة السينمائية وحرص المنتجين على جودة أفلامهم، ومبادرة من الموزع التونسي لبرمجة الأفلام في القاعات لجمهور 2025، جميعها عوامل تدفع بالحراك السينمائي وتثري المشهد الثقافي.

حياة جديدة..

من جهته، وصف المنتج الحبيب عطية ترميم فيلم وإعادة عرضه للجمهور، على هامش العرض الصحفي لفيلم «ريح السد»، بأنها عبارة عن حياة جديدة للعمل السينمائي وفرصة للجمهور لاكتشاف إنتاجات هي علامات في السينما التونسية. أمّا مديرة مشاريع «الصورة المستعادة» بسينماتيك بولونيا الإيطالية سيلين بوتزي، فكشفت في حديثها عن مختلف مراحل ترميم الفيلم السينمائي والصعوبات التي يواجهها فريق العمل في تحسين جودة الأفلام، وشدّدت على أهمية الحفاظ على روح الفيلم، على غرار «ريح السد» الذي صُوّر وعبّر عن فترة زمنية معينة، وبالتالي كان من الضروري الحفاظ على خصوصية العمل، خاصة وأن «نيغاتيف» الفيلم جيدة، وعملية تصحيح الألوان عاكسة لهذه الجودة.

وأقرّت سيلين بوتزي باستعانة القائمين على ترميم الأفلام بعناصر توثيقية من الصحف أو البحوث المتخصصة في السينما في صورة غياب بعض المعلومات عن الأفلام، وهذه الوثائق تساعد على الحفاظ على رؤية مديري التصوير وصنّاع الأفلام القديمة التي يتم العمل على نسخها المستعادة في سينماتيك بولونيا.

قطاع السينما العربية والإفريقية يملك رصيداً كبيراً وهاماً من الأفلام التي هي في حاجة إلى الترميم. ورغم الجهود المبذولة من قبل الدول والمنتجين، إلا أن عدداً قليلاً من التجارب السينمائية تم إنقاذها. وقد شاهد جمهور المهرجانات، على غرار أيام قرطاج السينمائية «في قسمها الكلاسيكي»، أو القاهرة السينمائي، أو مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، ومهرجان الجونة السينمائي، كما الـ«فسباكو»، عروضاً لهذه النسخ المستعادة المرممة. ومع ذلك، يظل الطريق طويلاً أمام الفاعلين في مجال حفظ التراث السينمائي الذي لا يقل أهمية في مسار حضارتنا عن المواقع الأثرية وكنوز المتاحف والإرث الأدبي والموسيقي.

نجلاء قموع

ترميم التراث السينمائي التونسي..  إعادة إحياء للأفلام ودفع للحراك الثقافي في البلاد

 

  • قريباً تأسيس مركز لترميم الأفلام التونسية
  • جمهور 2025 على موعد مع النسخة المرممة من «ريح السد» في قاعات السينما التونسية بداية من 12 نوفمبر
  • مهرجان سينما المتحف بسوسة يعرض النسخة المرممة من فيلم «العرس» في دورته الثامنة
  • الترميم يحمي رؤية المخرج ولا مكان لتقنيات الذكاء الاصطناعي في عملية إصلاح النسخ الأصلية للأفلام على مستوى الصوت وتصحيح الألوان
  • وعي الورثة بأهمية الترميم له دور فاعل في تسهيل تنفيذ النسخة المستعادة من الأفلام

ترميم التراث السينمائي الوطني مشروع ملحّ لوزارة الشؤون الثقافية لا يمكن إهماله أكثر، ويبدو أن خطوة تأسيس مركز لترميم الأفلام، الذي سبق وأُعلن عنه، قد يتحقق قريباً مع تعالي أصوات مهنيي القطاع للحفاظ على الموروث السمعي البصري للسينما التونسية. ويُعتبر تلف الأفلام معضلة عالمية تنسحب على معظم الأفلام القديمة، وقد كان المخرج العالمي مارتن سكورسيزي من أوائل المخرجين الذين سعوا لإنقاذ الإرث السينمائي. ومع تطوّر التقنيات الحديثة على مستوى جودة الصوت وتصحيح الألوان، أصبحت إمكانيات إنقاذ هذه الأعمال السينمائية أكبر. ومع ذلك، تظلّ أغلب الجهود المبذولة في هذا المجال بالعالم العربي وإفريقيا فردية من طرف بعض الحريصين على الإرث السينمائي، من بينهم عائلة المخرج المصري الكبير يوسف شاهين التي اهتمت بدعم عمليات ترميم أفلامه.

ولعلّ وعي ورثة السينمائيين بقيمة هذه الإنتاجات الفنية، التي تُعدّ جزءاً من الإرث الثقافي، يلعب دوراً فعّالاً في ترميم الأفلام القديمة بإفريقيا والعالم العربي، ويساهم في تسهيل وتسريع عمليات تنفيذ النسخ المستعادة. ومن بين هذه الأعمال فيلم «صمت القصور» لمفيدة التلاتلي، الذي مازال في طور المفاوضات بين الورثة والمنتج الفرنسي والطرف التونسي في الإنتاج ووزارة الشؤون الثقافية.

مئات الأعمال الروائية والوثائقية الوطنية أو المدرجة في خانة الإنتاج المشترك في حاجة إلى استعادة جودتها عبر عملية ترميم تمرّ بعدة مراحل، من رقمنة وتصحيح للألوان والصوت وغيرها من العناصر التالفة.

وتُعتبر تكلفة ترميم فيلم سينمائي مرتفعة، لذلك سعت وزارة الشؤون الثقافية، بالتعاون مع السينمائي محمد شلوف رئيس جمعية «سينما الجنوب - تراث»، إلى البحث عن فرص دعم من قبل عدد من المكتبات السينمائية الأوروبية لترميم أفلام من علامات السينما الوطنية، على غرار سينماتيك بروكسال وبولونيا الإيطالية.

وعلى هامش العرض المخصص للصحفيين لفيلم «ريح السد» في نسخته المرممة المنتظر طرحه في القاعات التونسية في 12 نوفمبر، شدّد السينمائي محمد شلوف في حديثه لـ»الصباح» على أهمية حفظ الأرشيف السينمائي التونسي من أفلام روائية ووثائقية طويلة وقصيرة، واصفاً هذا الإرث الثقافي بالثري والمهم لتاريخ السينما ولهوية البلاد.

وفي ذات السياق، أقرّ محمد شلوف بضرورة الإسراع في بعث مركز لترميم الأفلام، وهو مشروع تشرف عليه وزارة الشؤون الثقافية، قائلاً: «كلفة هذا المشروع في مرحلة أولى يمكن أن تكون في حدود 450 ألف دينار، وبالتالي لا تُعتبر الميزانية العائق الأكبر بقدر أهمية تكوين تقنيين مختصين في مجال ترميم الأفلام من طرف المراكز التابعة للكنفدرالية العالمية لترميم الأفلام، وعدد منهم عرض خدماته بصفة مجانية.»

وكشف محمد شلوف لـ«الصباح» أن التغييرات المتعاقبة على رأس المركز الوطني للسينما والصورة عرقلت نسبياً عملية ترميم عدد أكبر من الأفلام، لذلك من المهم أن تكون هناك إرادة قوية من الدولة ودعم من مكوّنات المجتمع المدني والفاعلين في القطاع السينمائي بمختلف أطيافه لحفظ الإرث الوطني من أفلام وإنقاذ مئات اللفائف المعرضة للتلف.

أفلام بصدد الترميم

وأشار رئيس جمعية «سينما الجنوب - تراث» في حديثه لـ«الصباح» إلى أن عمليات ترميم تمت بجودة عالية لأفلام تونسية، على غرار «الهائمون» للناصر خمير بالتعاون مع سينماتيك بروكسيل، و«ريح السد» مع سينماتيك بولونيا بإيطاليا، وفيلم «حميدة» وهو أول إنتاج مشترك بين تونس وألمانيا الشرقية وفرنسا، نفّذه السينمائي خالد عبد الوهاب، وسيكون العرض الأول للفيلم بمهرجان سينما المتحف في سوسة، مؤكداً في السياق نفسه تواصل عملية ترميم فيلم الطيب الوحيشي «ظل الأرض» بسينماتيك تولوز بعد تعاقد ورثة المخرج الراحل ووزارة الثقافة مع هذه المكتبة السينمائية الفرنسية.

وتابع محمد شلوف قوله إن الأعمال الأولى لصنّاع السينما التونسية، التي هي في حاجة إلى الترميم، واجهت إشكاليات بوجود الفيلم السلبي «نيغاتيف» الصوت أو الصورة بمخابر أوروبية، ويظلّ تسليمها مشروطاً بسداد مستحقات هذه المخابر. ومن بين هذه الأعمال الفيلم الوثائقي لعبد اللطيف بن عمار «Sur les traces de Baal»، وهو «مايكينغ أوف» للفيلم التونسي الفرنسي «Viva la muerte» للمخرج الإسباني فرناندو أرابال، وهذا العمل بدوره في حاجة إلى الترميم. وبيّن محمد شلوف أن فيلم «العرس» للمسرح الجديد، الذي يعاني من تلف كبير على مستوى الصوت، بصدد الترميم، وسيكون عرضه الأول بين 5 و10 ديسمبر في الدورة الثامنة لسينما المتحف بسوسة، المهرجان الغائب منذ سنة 2022 لأسباب مادية.

حظر الذكاء الاصطناعي

وعن التغييرات التي قد تطرأ على الفيلم بعد عملية الترميم وما إن كانت ستؤثر على النسخة الأصلية على مستوى الرؤية، نفى محمد شلوف هذه الإمكانية على مستوى الأعمال التي تشرف عليها وزارة الشؤون الثقافية بالتعاون مع المكتبات السينمائية الغربية، قائلاً في السياق: «الترميم يمنح متعة المشاهدة بفضل الجودة العالية للتقنيات الحديثة في خانة الصوت وتصحيح الألوان، على غرار فيلم «ريح السد» الذي تم في عملية إعداد النسخة المستعادة في بولونيا، الاستعانة برؤية مدير التصوير يوسف بن يوسف الموجودة بسينماتيك فرنسا، والحرص على رؤية المخرج النوري بوزيد، والحرص على توظيف تقنيات لا تفسد العمل الفني على غرار الذكاء الاصطناعي.»

عرض الأفلام المرممة في قاعات السينما التونسية، على غرار «الهائمون» في فترة سابقة و»ريح السد» في نوفمبر المقبل بعد 40 سنة من إنجازه، اعتبرها محمد شلوف خطوة رائدة في المنطقة العربية والإفريقية، ومظهراً من مظاهر الحضارة، تعكس اهتمام تونس بالذاكرة السينمائية وحرص المنتجين على جودة أفلامهم، ومبادرة من الموزع التونسي لبرمجة الأفلام في القاعات لجمهور 2025، جميعها عوامل تدفع بالحراك السينمائي وتثري المشهد الثقافي.

حياة جديدة..

من جهته، وصف المنتج الحبيب عطية ترميم فيلم وإعادة عرضه للجمهور، على هامش العرض الصحفي لفيلم «ريح السد»، بأنها عبارة عن حياة جديدة للعمل السينمائي وفرصة للجمهور لاكتشاف إنتاجات هي علامات في السينما التونسية. أمّا مديرة مشاريع «الصورة المستعادة» بسينماتيك بولونيا الإيطالية سيلين بوتزي، فكشفت في حديثها عن مختلف مراحل ترميم الفيلم السينمائي والصعوبات التي يواجهها فريق العمل في تحسين جودة الأفلام، وشدّدت على أهمية الحفاظ على روح الفيلم، على غرار «ريح السد» الذي صُوّر وعبّر عن فترة زمنية معينة، وبالتالي كان من الضروري الحفاظ على خصوصية العمل، خاصة وأن «نيغاتيف» الفيلم جيدة، وعملية تصحيح الألوان عاكسة لهذه الجودة.

وأقرّت سيلين بوتزي باستعانة القائمين على ترميم الأفلام بعناصر توثيقية من الصحف أو البحوث المتخصصة في السينما في صورة غياب بعض المعلومات عن الأفلام، وهذه الوثائق تساعد على الحفاظ على رؤية مديري التصوير وصنّاع الأفلام القديمة التي يتم العمل على نسخها المستعادة في سينماتيك بولونيا.

قطاع السينما العربية والإفريقية يملك رصيداً كبيراً وهاماً من الأفلام التي هي في حاجة إلى الترميم. ورغم الجهود المبذولة من قبل الدول والمنتجين، إلا أن عدداً قليلاً من التجارب السينمائية تم إنقاذها. وقد شاهد جمهور المهرجانات، على غرار أيام قرطاج السينمائية «في قسمها الكلاسيكي»، أو القاهرة السينمائي، أو مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، ومهرجان الجونة السينمائي، كما الـ«فسباكو»، عروضاً لهذه النسخ المستعادة المرممة. ومع ذلك، يظل الطريق طويلاً أمام الفاعلين في مجال حفظ التراث السينمائي الذي لا يقل أهمية في مسار حضارتنا عن المواقع الأثرية وكنوز المتاحف والإرث الأدبي والموسيقي.

نجلاء قموع