فرضت المنافسة العالمية المستعرة على استقطاب السياح على البلدان التي تعتبر وجهات سياحية معروفة في العالم ضرورة تنويع منتجاتها السياحية، والمراهنة على السائح المحلي من خلال استنباط أنماط سياحية جديدة تراعي حاجياته، والتوجه من خلال ذلك إلى استقطاب سياح جدد. وتونس التي تبقى من بين الوجهات السياحية العربية المعروفة في العالم، بات لزامًا عليها اليوم، لتبقى في دائرة المنافسة العربية والدولية، أن تعمل على تطوير وتنويع برامجها السياحية، وعلى استنباط أنماط جديدة تلبّي حاجة السائح المحلي والأجنبي كذلك.
وفي إطار الرغبة في تنويع المنتوج السياحي وأنماط الإيواء، أعلنت وزارة السياحة يوم السبت الماضي عن إصدار 4 كراسات شروط قريبًا حول أنماط الإيواء الجديدة، تتعلق بالاستضافات العائلية، والإقامات الريفية، والإقامات السياحية، والإقامات العائلية، بهدف تشجيع وتسهيل العمليات الاستثمارية في القطاع السياحي. وتنويع المنتوج السياحي لا يقتصر فقط على أنماط الإيواء، بل أيضًا على نوعية المنتوج المقدم. ومؤخرًا، بدأت تونس تنفتح أكثر على تظاهرات جديدة لها متابعوها وجمهورها المهتم بها مثل تظاهرة المناطيد والطائرات الشراعية التي تجذب نوعية معينة من السياح في الداخل والخارج. ورغم هذا الحرص من المهنيين على الانفتاح على تظاهرات جديدة، إلا أن بعض النقائص ما زالت موجودة وتعيق تطوير القطاع السياحي، وأهم تلك العوائق هو النقل الجوي.
اليوم، ومع تطور حاجيات السائح، أصبحت «الإقامات البديلة» - والمقصود بها أماكن الإقامة السياحية خارج نطاق الفنادق التقليدية مثل دور الضيافة والإقامات الريفية والإقامات الإيكولوجية والمنازل الفاخرة المؤجرة - من التوجهات الجديدة في قطاع السياحة التي يجب دعمها وتقنينها وتحفيز الاستثمار فيها.
مطالب المهنيين وكراسات الشروط الجديدة
خلال لقاء مهني وإعلامي تم تنظيمه في أبريل 2024، قدم المجمع المهني للإقامات البديلة بالجامعة المهنية المشتركة للسياحة التونسية، بالاشتراك مع الديوان الوطني للسياحة، تقييما لوضعية الإقامات السياحية البديلة في تونس، وذلك إثر دراسة كمية ونوعية أنجزتها شركة «إمرود كونسيلتينغ». وقد كان لهذه الدراسة أثرها في إعداد كراسات الشروط الجديدة التي تتناول الإقامات البديلة عن النزل.
بيّنت الدراسة أن هناك نموًا متزايدًا لهذا النوع من الإقامات، وكذلك تنوعًا كبيرًا في العرض، حيث تحتل الإقامات البديلة نسبة 9 % من السوق السياحي. كما بيّنت الدراسة الحاجة الملحة لإطار قانوني مرن يتماشى مع هذه النوعية من الإيواء بما يسهل الاستثمار فيها وتطويرها لاستقطاب السياح. وينشط منذ أكثر من أربع سنوات 35 % من المستثمرين في هذا الميدان. كما أكدت الدراسة أن 71 % من الحرفاء هم من العائلات. وحسب هذه الدراسة، يرى 39 % من التونسيين أن أسعار الإقامات السياحية البديلة مناسبة، بينما يرى 22 % منهم أن الأسعار مرتفعة. من ناحية أخرى، أثبتت الدراسة أن 43 % من التونسيين يعتمدون هذه النوعية من الإقامات للمناسبات والأفراح العائلية، بينما 44 % يعتمدونها للترفيه مع الأصدقاء و52 % للراحة والاستجمام.
وقد طالب المهنيون في هذا اللقاء بضرورة وضع كراسات شروط تعمل على تنظيم القطاعات وتحفيزها وحماية الاستثمار. ولعلّ ذلك اللقاء كان منطلق وزارة السياحة في إصدار 4 كراسات شروط جديدة حول أنماط الإيواء الجديدة تتعلق بالاستضافات العائلية، والإقامات الريفية، والإقامات السياحية، والإقامات العائلية، بما من شأنه تشجيع الاستثمار في هذه القطاعات. بالتوازي مع ذلك، العمل على استقطاب أسواق جديدة في المجال السياحي، حيث أكّد المدير العام للسياحة خلال ملتقى المناطيد والطائرات الشراعية بجربة أن هناك في الوزارة استعدادات كبيرة لاسترجاع السوق الروسية، وسعيًا إلى إحداث خطوط أخرى على مستوى أسواق أخرى، ومنها الأسواق الآسيوية، خصوصا الأسواق الصينية والكورية واليابانية، وبذل جهود للترويج.
وفي وقت سابق، أكّد رئيس الجامعة المهنية المشتركة للسياحة، حسام بن عزوز، تقديم الجامعة لعدّة اقتراحات متعلقة بتحيين كراسات الشروط المتعلقة بأنماط الإيواء السياحي البديل خلال عدة اجتماعات، وأنه تم اعتماد نحو 80 بالمائة منها، على غرار ترفيع عدد الأسرة بدور الضيافة إلى 9 غرف و15 سريرا بعد أن كانت 5 فقط و10 أسرّة. وذلك على هامش حضوره في الندوة الوطنية الخاصة بمشاريع كراسات الشروط الخاصة ببعض أنماط الإيواء، ومنها الاستضافات العائلية، والإقامات الريفية، والمخيمات السياحية.
رئيس الجامعة المهنية المشتركة للسياحة أكّد أيضا على أن كراسات الشروط لا يجب أن تكون مكبلة للفاعلين في هذا المجال، خاصة مع وجود نحو 1800 يعملون خارج الإطار القانوني ويجب إدماجهم، مشيرا إلى أنهم ينتظرون إدراج نحو 20 بالمائة من مقترحاتهم ضمن كراسات الشروط الجديدة، خاصة المتعلقة بتسهيل منح رخص البناء الخاصة بدور الضيافة في المدن العتيقة، وهي مسألة لطالما مثلت إشكالًا أمام العديد من المستثمرين في المدن العتيقة، مع ضرورة مراجعة ما تم فرضه حول ديكورات وتجهيزات الإقامات الريفية التي تختلف كثيرًا خصوصيتها عن النزل، إلا أنها تستجيب لطلبات السائح المقبل عليها اليوم، وتتماشى مع ميولاته.
مراجعة كراس الشروط أو إصدار كراسات شروط جديدة ليست إلا استجابة لقطاع أثبت نفسه في الواقع، وهو بصدد تحقيق التطور والتقدّم. خاصة وأن أنماط الإيواء التي ستنظّم مستقبلاً بكراسات شروط تحتكر جزءًا مهمًا من السياحة الداخلية التي تساهم بحوالي 25 بالمائة من إجمالي حجم النشاط السياحي في تونس، وفق أرقام عرضها وزير السياحة سفيان تقية خلال حضوره جلسة في مجلس نواب الشعب في مارس الماضي. والسياحة الداخلية أصبحت اليوم من القطاعات التي تراهن عليها وزارة السياحة في تحقيق عائدات مهمة، حيث تشير الأرقام الواردة في التقرير الإحصائي السنوي للديوان الوطني التونسي للسياحة لسنة 2023 إلى أن السياح التونسيين المقيمين في تونس أنفقوا 2.732 مليار دينار من جملة 11.122 مليار دينار هي حجم العوائد المباشرة لقطاع السياحة. كما أن هناك مؤشرًا آخر على تطور الإنفاق السياحي لدى التونسيين، وهو تزايد عدد وكالات الأسفار العاملة في البلاد، من 570 في 2008 إلى 1675 وكالة في سنة 2023. وتطور هذه السياحة تعزّزها أرقام المعهد الوطني للإحصاء الذي يؤكد أن التونسي يخصّص 26 % من نفقاته السياحية للإيواء، و22% للمطاعم والمقاهي والحانات.
وأصبح اليوم قطاع الإقامات البديلة يستقطب يد عاملة ومهنيين ومستثمرين. وخلال الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة السياحة الخاصة بمشاريع كراسات الشروط الخاصة ببعض أنماط الإيواء الجديدة، وجه وزير السياحة سفيان تقية دعوة للفاعلين في مجال السياحة البديلة أو ما يُعرف بأنماط الإيواء البديل، ومنها الاستضافات العائلية، والإقامات الريفية، والمرحلية في الواحات والمناطق الغابية، وبالمخيمات السياحية، إلى تسوية وضعيتهم القانونية من خلال منظومة رقمية ستوضع لفائدتهم، موضحًا أن هناك نحو 1800 ناشط في أنماط الإيواء البديل السياحي، إلا أن نحو 200 فقط وضعيتهم قانونية. مبيّنًا أن الهدف من هذه الدعوة هو ضمان جودة خدمات وإطار قانوني منظم للفاعلين في هذا المجال الذين يوفرون مواطن شغل هامة، وتعتبر قطاعات للاستثمار الشبابي بامتياز في كل الجهات.
منية العرفاوي
فرضت المنافسة العالمية المستعرة على استقطاب السياح على البلدان التي تعتبر وجهات سياحية معروفة في العالم ضرورة تنويع منتجاتها السياحية، والمراهنة على السائح المحلي من خلال استنباط أنماط سياحية جديدة تراعي حاجياته، والتوجه من خلال ذلك إلى استقطاب سياح جدد. وتونس التي تبقى من بين الوجهات السياحية العربية المعروفة في العالم، بات لزامًا عليها اليوم، لتبقى في دائرة المنافسة العربية والدولية، أن تعمل على تطوير وتنويع برامجها السياحية، وعلى استنباط أنماط جديدة تلبّي حاجة السائح المحلي والأجنبي كذلك.
وفي إطار الرغبة في تنويع المنتوج السياحي وأنماط الإيواء، أعلنت وزارة السياحة يوم السبت الماضي عن إصدار 4 كراسات شروط قريبًا حول أنماط الإيواء الجديدة، تتعلق بالاستضافات العائلية، والإقامات الريفية، والإقامات السياحية، والإقامات العائلية، بهدف تشجيع وتسهيل العمليات الاستثمارية في القطاع السياحي. وتنويع المنتوج السياحي لا يقتصر فقط على أنماط الإيواء، بل أيضًا على نوعية المنتوج المقدم. ومؤخرًا، بدأت تونس تنفتح أكثر على تظاهرات جديدة لها متابعوها وجمهورها المهتم بها مثل تظاهرة المناطيد والطائرات الشراعية التي تجذب نوعية معينة من السياح في الداخل والخارج. ورغم هذا الحرص من المهنيين على الانفتاح على تظاهرات جديدة، إلا أن بعض النقائص ما زالت موجودة وتعيق تطوير القطاع السياحي، وأهم تلك العوائق هو النقل الجوي.
اليوم، ومع تطور حاجيات السائح، أصبحت «الإقامات البديلة» - والمقصود بها أماكن الإقامة السياحية خارج نطاق الفنادق التقليدية مثل دور الضيافة والإقامات الريفية والإقامات الإيكولوجية والمنازل الفاخرة المؤجرة - من التوجهات الجديدة في قطاع السياحة التي يجب دعمها وتقنينها وتحفيز الاستثمار فيها.
مطالب المهنيين وكراسات الشروط الجديدة
خلال لقاء مهني وإعلامي تم تنظيمه في أبريل 2024، قدم المجمع المهني للإقامات البديلة بالجامعة المهنية المشتركة للسياحة التونسية، بالاشتراك مع الديوان الوطني للسياحة، تقييما لوضعية الإقامات السياحية البديلة في تونس، وذلك إثر دراسة كمية ونوعية أنجزتها شركة «إمرود كونسيلتينغ». وقد كان لهذه الدراسة أثرها في إعداد كراسات الشروط الجديدة التي تتناول الإقامات البديلة عن النزل.
بيّنت الدراسة أن هناك نموًا متزايدًا لهذا النوع من الإقامات، وكذلك تنوعًا كبيرًا في العرض، حيث تحتل الإقامات البديلة نسبة 9 % من السوق السياحي. كما بيّنت الدراسة الحاجة الملحة لإطار قانوني مرن يتماشى مع هذه النوعية من الإيواء بما يسهل الاستثمار فيها وتطويرها لاستقطاب السياح. وينشط منذ أكثر من أربع سنوات 35 % من المستثمرين في هذا الميدان. كما أكدت الدراسة أن 71 % من الحرفاء هم من العائلات. وحسب هذه الدراسة، يرى 39 % من التونسيين أن أسعار الإقامات السياحية البديلة مناسبة، بينما يرى 22 % منهم أن الأسعار مرتفعة. من ناحية أخرى، أثبتت الدراسة أن 43 % من التونسيين يعتمدون هذه النوعية من الإقامات للمناسبات والأفراح العائلية، بينما 44 % يعتمدونها للترفيه مع الأصدقاء و52 % للراحة والاستجمام.
وقد طالب المهنيون في هذا اللقاء بضرورة وضع كراسات شروط تعمل على تنظيم القطاعات وتحفيزها وحماية الاستثمار. ولعلّ ذلك اللقاء كان منطلق وزارة السياحة في إصدار 4 كراسات شروط جديدة حول أنماط الإيواء الجديدة تتعلق بالاستضافات العائلية، والإقامات الريفية، والإقامات السياحية، والإقامات العائلية، بما من شأنه تشجيع الاستثمار في هذه القطاعات. بالتوازي مع ذلك، العمل على استقطاب أسواق جديدة في المجال السياحي، حيث أكّد المدير العام للسياحة خلال ملتقى المناطيد والطائرات الشراعية بجربة أن هناك في الوزارة استعدادات كبيرة لاسترجاع السوق الروسية، وسعيًا إلى إحداث خطوط أخرى على مستوى أسواق أخرى، ومنها الأسواق الآسيوية، خصوصا الأسواق الصينية والكورية واليابانية، وبذل جهود للترويج.
وفي وقت سابق، أكّد رئيس الجامعة المهنية المشتركة للسياحة، حسام بن عزوز، تقديم الجامعة لعدّة اقتراحات متعلقة بتحيين كراسات الشروط المتعلقة بأنماط الإيواء السياحي البديل خلال عدة اجتماعات، وأنه تم اعتماد نحو 80 بالمائة منها، على غرار ترفيع عدد الأسرة بدور الضيافة إلى 9 غرف و15 سريرا بعد أن كانت 5 فقط و10 أسرّة. وذلك على هامش حضوره في الندوة الوطنية الخاصة بمشاريع كراسات الشروط الخاصة ببعض أنماط الإيواء، ومنها الاستضافات العائلية، والإقامات الريفية، والمخيمات السياحية.
رئيس الجامعة المهنية المشتركة للسياحة أكّد أيضا على أن كراسات الشروط لا يجب أن تكون مكبلة للفاعلين في هذا المجال، خاصة مع وجود نحو 1800 يعملون خارج الإطار القانوني ويجب إدماجهم، مشيرا إلى أنهم ينتظرون إدراج نحو 20 بالمائة من مقترحاتهم ضمن كراسات الشروط الجديدة، خاصة المتعلقة بتسهيل منح رخص البناء الخاصة بدور الضيافة في المدن العتيقة، وهي مسألة لطالما مثلت إشكالًا أمام العديد من المستثمرين في المدن العتيقة، مع ضرورة مراجعة ما تم فرضه حول ديكورات وتجهيزات الإقامات الريفية التي تختلف كثيرًا خصوصيتها عن النزل، إلا أنها تستجيب لطلبات السائح المقبل عليها اليوم، وتتماشى مع ميولاته.
مراجعة كراس الشروط أو إصدار كراسات شروط جديدة ليست إلا استجابة لقطاع أثبت نفسه في الواقع، وهو بصدد تحقيق التطور والتقدّم. خاصة وأن أنماط الإيواء التي ستنظّم مستقبلاً بكراسات شروط تحتكر جزءًا مهمًا من السياحة الداخلية التي تساهم بحوالي 25 بالمائة من إجمالي حجم النشاط السياحي في تونس، وفق أرقام عرضها وزير السياحة سفيان تقية خلال حضوره جلسة في مجلس نواب الشعب في مارس الماضي. والسياحة الداخلية أصبحت اليوم من القطاعات التي تراهن عليها وزارة السياحة في تحقيق عائدات مهمة، حيث تشير الأرقام الواردة في التقرير الإحصائي السنوي للديوان الوطني التونسي للسياحة لسنة 2023 إلى أن السياح التونسيين المقيمين في تونس أنفقوا 2.732 مليار دينار من جملة 11.122 مليار دينار هي حجم العوائد المباشرة لقطاع السياحة. كما أن هناك مؤشرًا آخر على تطور الإنفاق السياحي لدى التونسيين، وهو تزايد عدد وكالات الأسفار العاملة في البلاد، من 570 في 2008 إلى 1675 وكالة في سنة 2023. وتطور هذه السياحة تعزّزها أرقام المعهد الوطني للإحصاء الذي يؤكد أن التونسي يخصّص 26 % من نفقاته السياحية للإيواء، و22% للمطاعم والمقاهي والحانات.
وأصبح اليوم قطاع الإقامات البديلة يستقطب يد عاملة ومهنيين ومستثمرين. وخلال الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة السياحة الخاصة بمشاريع كراسات الشروط الخاصة ببعض أنماط الإيواء الجديدة، وجه وزير السياحة سفيان تقية دعوة للفاعلين في مجال السياحة البديلة أو ما يُعرف بأنماط الإيواء البديل، ومنها الاستضافات العائلية، والإقامات الريفية، والمرحلية في الواحات والمناطق الغابية، وبالمخيمات السياحية، إلى تسوية وضعيتهم القانونية من خلال منظومة رقمية ستوضع لفائدتهم، موضحًا أن هناك نحو 1800 ناشط في أنماط الإيواء البديل السياحي، إلا أن نحو 200 فقط وضعيتهم قانونية. مبيّنًا أن الهدف من هذه الدعوة هو ضمان جودة خدمات وإطار قانوني منظم للفاعلين في هذا المجال الذين يوفرون مواطن شغل هامة، وتعتبر قطاعات للاستثمار الشبابي بامتياز في كل الجهات.