في عرض خاص للصحفيين، اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر الجاري بقاعة الطاهر شريعة، تُعرض نسخة مرممة لواحد من أهم الأفلام في مسار السينما التونسية «ريح السد» (l’Homme de cendres) – إنتاج 1986 – للنوري بوزيد، الفيلم الأبرز في مشوار مخرج صاحب رؤية وجمالية ألهمت جيلاً من صُنّاع الأفلام.
النوري بوزيد ليس مجرّد صانع أفلام في ظرف اجتماعي وسياسي منحه قراءة مغايرة للواقع، فالتجربة الذاتية لهذا السينمائي خلقت عالمًا خاصًا غذّى عبره مخرج «ريح السد»، «صفايح الذهب»، «بزناس»، «بنت فاميليا»، «عرايس الطين» و»آخر فيلم»، «عرايس الخوف» وغيرها، المشهد السينمائي في تسعينيات القرن الماضي بسردية بصرية متفرّدة.
وجهة النظر السياسية لصانع أفلام عاش أهم الأحداث التاريخية للبلاد في عقودها الستة الأخيرة، سنوات السجن، والأبعاد الإنسانية والفكرية لشخصية هذا المثقف اليساري والشاعر والسيناريست الجريء في طرحه الفني، جميعها خلقت علامة في السينما التونسية تُدعى النوري بوزيد.
فقد تجاوز تأثير مخرج «ريح السد» في مرحلة هي «منعرج» بمسار السينما التونسية صناعته للأفلام، وشكّل بصمة خاصة على مستوى الكتابة في أعمال أبناء جيله من سينمائيين، في أفلام بدورها سُجّلت على ورقات تاريخ الفن السابع العربي والإفريقي، منها «صمت القصور» لمفيدة التلاتلي و»عصفور السطح» لفريد بوغدير. مشوار النوري بوزيد السينمائي والإنساني الملهم جُسّد في أكثر من عمل بحثي وإبداعي، ومع ذلك تظلّ إنتاجاته الفنية والأدبية («البحّارة» و»زاير قديم») المساحة الأهم لاكتشاف، مع كلّ مشاهدة جديدة لأفلامه، مدى جمالية سينما واحد من أهم الأصوات السينمائية والأكثر إنتاجًا وإثارة للجدل والنقاش الفكري عبر الفن السابع في بلادنا. «ريح السد»، هذه السردية البصرية الجريئة بعمقها الذاتي الحميمي ورصدها الفني لواقع غارق في بؤس الأحكام البالية والعنف المجتمعي، زعزعت المشهد الثقافي التونسي والعربي مع طرحها قبل 40 سنة. عن النجار الشاب «الهاشمي» المضطر للزواج تحت ضغط العائلة بمدينة صفاقس، تدور أحداث الفيلم، وقد عاش الشاب حدثًا وضعه في مواجهة ماضي طفولته المظلم حين تعرّض للاغتصاب من صاحب ورشة نجارة.
فيلم صادم في زمنه، راسخ في ذاكرة متابعي السينما التونسية والعربية، تناول قضية العنف الجنسي بأبعادها النفسية بجرأة تُحسب للنوري بوزيد، على غرار معظم خياراته السينمائية الاستشرافية والراصدة للواقع الاجتماعي من وجهة نظر مخرج يدرك جيّدًا التداعيات السياسية والثقافية والاقتصادية لمجتمع على صفيح «التغيّر».
فيلم «ريح السد»، الذي يُعرض في نسخة مرممة بقاعة الطاهر شريعة – مدينة الثقافة «الشاذلي القليبي» صباح اليوم، كان عرضه العالمي الأول بمهرجان «كان» السينمائي الدولي، ليتوّج في السنة ذاتها (1986) بالتانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية في فئة الروائي الطويل. وجسّد بطولته كلّ من مصطفى العدواني، خالد الكسوري، عماد معلال، الحبيب بلهادي، يعقوب بشيري ومنى نور الدين.
وعُرض الفيلم بعد 40 سنة عن صدوره لأول مرة في نسخته المرممة ضمن فعاليات الدورة التاسعة والثلاثين لمهرجان «السينما المستعادة» بمدينة بولونيا الإيطالية في شهر جوان المنقضي، وتأتي هذه المبادرة بالتعاون بين وزارة الشؤون الثقافية التونسية، «سيني تلي فيلم»، سينماتاك بروكسال والمكتبة السينمائية لبولونيا الإيطالية.
برمجة فيلم النوري بوزيد «ريح السد» بعرض خاص للصحفيين بمدينة الثقافة يفتح من جديد ملف تثمين الإرث السينمائي التونسي، ويدعو إلى ضرورة الاهتمام بهذا القطاع وتوفير الإمكانيات اللازمة للحفاظ على الرصيد الوطني من الأفلام، وتوظيف هذا الإرث البصري في برامج ومبادرات تسمح للجيل الشاب بإعادة اكتشاف أعمال كبار المخرجين، والتعرّف أكثر على أبرز محطات سينما تجاوزت تاريخيًا مئة سنة من الإنتاج، وحقّقت فنيًا نجاحات وإشعاعًا دوليًا.
نجلاء قموع
تثمين الإرث السينمائي الوطني ضرورة ملحّة
في عرض خاص للصحفيين، اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر الجاري بقاعة الطاهر شريعة، تُعرض نسخة مرممة لواحد من أهم الأفلام في مسار السينما التونسية «ريح السد» (l’Homme de cendres) – إنتاج 1986 – للنوري بوزيد، الفيلم الأبرز في مشوار مخرج صاحب رؤية وجمالية ألهمت جيلاً من صُنّاع الأفلام.
النوري بوزيد ليس مجرّد صانع أفلام في ظرف اجتماعي وسياسي منحه قراءة مغايرة للواقع، فالتجربة الذاتية لهذا السينمائي خلقت عالمًا خاصًا غذّى عبره مخرج «ريح السد»، «صفايح الذهب»، «بزناس»، «بنت فاميليا»، «عرايس الطين» و»آخر فيلم»، «عرايس الخوف» وغيرها، المشهد السينمائي في تسعينيات القرن الماضي بسردية بصرية متفرّدة.
وجهة النظر السياسية لصانع أفلام عاش أهم الأحداث التاريخية للبلاد في عقودها الستة الأخيرة، سنوات السجن، والأبعاد الإنسانية والفكرية لشخصية هذا المثقف اليساري والشاعر والسيناريست الجريء في طرحه الفني، جميعها خلقت علامة في السينما التونسية تُدعى النوري بوزيد.
فقد تجاوز تأثير مخرج «ريح السد» في مرحلة هي «منعرج» بمسار السينما التونسية صناعته للأفلام، وشكّل بصمة خاصة على مستوى الكتابة في أعمال أبناء جيله من سينمائيين، في أفلام بدورها سُجّلت على ورقات تاريخ الفن السابع العربي والإفريقي، منها «صمت القصور» لمفيدة التلاتلي و»عصفور السطح» لفريد بوغدير. مشوار النوري بوزيد السينمائي والإنساني الملهم جُسّد في أكثر من عمل بحثي وإبداعي، ومع ذلك تظلّ إنتاجاته الفنية والأدبية («البحّارة» و»زاير قديم») المساحة الأهم لاكتشاف، مع كلّ مشاهدة جديدة لأفلامه، مدى جمالية سينما واحد من أهم الأصوات السينمائية والأكثر إنتاجًا وإثارة للجدل والنقاش الفكري عبر الفن السابع في بلادنا. «ريح السد»، هذه السردية البصرية الجريئة بعمقها الذاتي الحميمي ورصدها الفني لواقع غارق في بؤس الأحكام البالية والعنف المجتمعي، زعزعت المشهد الثقافي التونسي والعربي مع طرحها قبل 40 سنة. عن النجار الشاب «الهاشمي» المضطر للزواج تحت ضغط العائلة بمدينة صفاقس، تدور أحداث الفيلم، وقد عاش الشاب حدثًا وضعه في مواجهة ماضي طفولته المظلم حين تعرّض للاغتصاب من صاحب ورشة نجارة.
فيلم صادم في زمنه، راسخ في ذاكرة متابعي السينما التونسية والعربية، تناول قضية العنف الجنسي بأبعادها النفسية بجرأة تُحسب للنوري بوزيد، على غرار معظم خياراته السينمائية الاستشرافية والراصدة للواقع الاجتماعي من وجهة نظر مخرج يدرك جيّدًا التداعيات السياسية والثقافية والاقتصادية لمجتمع على صفيح «التغيّر».
فيلم «ريح السد»، الذي يُعرض في نسخة مرممة بقاعة الطاهر شريعة – مدينة الثقافة «الشاذلي القليبي» صباح اليوم، كان عرضه العالمي الأول بمهرجان «كان» السينمائي الدولي، ليتوّج في السنة ذاتها (1986) بالتانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية في فئة الروائي الطويل. وجسّد بطولته كلّ من مصطفى العدواني، خالد الكسوري، عماد معلال، الحبيب بلهادي، يعقوب بشيري ومنى نور الدين.
وعُرض الفيلم بعد 40 سنة عن صدوره لأول مرة في نسخته المرممة ضمن فعاليات الدورة التاسعة والثلاثين لمهرجان «السينما المستعادة» بمدينة بولونيا الإيطالية في شهر جوان المنقضي، وتأتي هذه المبادرة بالتعاون بين وزارة الشؤون الثقافية التونسية، «سيني تلي فيلم»، سينماتاك بروكسال والمكتبة السينمائية لبولونيا الإيطالية.
برمجة فيلم النوري بوزيد «ريح السد» بعرض خاص للصحفيين بمدينة الثقافة يفتح من جديد ملف تثمين الإرث السينمائي التونسي، ويدعو إلى ضرورة الاهتمام بهذا القطاع وتوفير الإمكانيات اللازمة للحفاظ على الرصيد الوطني من الأفلام، وتوظيف هذا الإرث البصري في برامج ومبادرات تسمح للجيل الشاب بإعادة اكتشاف أعمال كبار المخرجين، والتعرّف أكثر على أبرز محطات سينما تجاوزت تاريخيًا مئة سنة من الإنتاج، وحقّقت فنيًا نجاحات وإشعاعًا دوليًا.