إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منها ما يتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي.. اللجان البرلمانية تنظر في عدد من مقترحات القوانين

قبيل المرور إلى دراسة المهمات والمهمات الخاصة بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، تستأنف لجنة التشريع العام ولجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد بمجلس نواب الشعب النظر في عدد مقترحات القوانين التي تم نقاشها في وقت سابق.

وفي هذا السياق تضمن جدول أعمال جلسة لجنة التشريع العام المبرمجة لهذا اليوم خمس مبادرات دفعة واحدة أولها مقترح القانون عدد13 لسنة 2023 المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي، وهو مقترح قدمه النائب فوزي دعاس بمعية 36 عضوا من أعضاء المجلس منذ 11 جويلية 2023 وأحاله مكتب المجلس إلى اللجنة بتاريخ 13 جويلية 2023، وتولت اللجنة الاستماع إلى جهة المبادرة في جلستها المنعقدة يوم غرة نوفمبر 2023  وجاء في بلاغ صادر عنها أن أصحاب المبادرة أشاروا إلى أن القانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين الجاري به العمل حاليا قد تجاوزه الزمن، كما أن هذا القانون يتضمن عدة ثغرات الأمر الذي يستوجب سنّ قانون جديد. ويتمثل الهدف من هذه المبادرة حسب قولهم في تنظيم مهنة المستشار الجبائي وفق معايير دولية تماشيا مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية والمنظومة الجبائية.

 وأدرجت اللجنة خلال الدورة النيابية الماضية المبادرة التشريعية المتعلقة بتنظيم مهنة المستشار الجبائي ضمن أولويتها، وتبعا لذلك عقدت جلسة استماع حولها يوم 2 ماي 2025 إلى رئيس الغرفة الوطنية النقابية للمستشارين الجبائيين وممثلين عن هذه الغرفة، واستمعت يوم 8 ماي إلى ممثلي الهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين، أما في جلستها المنعقدة بتاريخ 15 ماي 2025 فقد تم الاستماع إلى ممثلين عن الهيئة الوطنية للمحامين وعن مجمّع المحاسبين بالبلاد التونسية ثم استمتعت اللجنة يوم 12 جوان 2025 إلى ممثلين عن رئاسة الحكومة ووزارة العدل ووزارة المالية، وتداولت يوم 19 جوان من جديد حول المبادرة وتم الاتفاق يومها على أن ينطلق أصحابها في إعداد صيغة محينة لمبادرتهم على ضوء ما توصلت إليه اللجنة من ملاحظات تقدمت بها الجهة الحكومية، ويذكر في هذا السياق أن النائب فوزي دعاس أعلن الأسبوع الماضي خلال اجتماع اللجنة أن المقترح في صيغته المعدلة شبه جاهز وطالب بالتقيد بقرار اللجنة المتعلق بأولوياتها التشريعية.

انسجام تشريعي

واستنادا إلى بلاغات صادرة عن لجنة التشريع العام حول جلسات الاستمتاع حول مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي، يذكر أن ممثلي رئاسة الحكومة ووزارة المالية ووزارة العدل أكدوا أنه ليست لديهم تحفّظات أو اعتراضات على مقترح هذا القانون من حيث المبدأ، وذلك على اعتبار أهمية مهنة المستشار الجبائي ودوره في تيسير عملية الامتثال الضريبي للمُطالب بالأداء لتفادي كل نزاع جبائي وضمان التوازن المالي للمؤسسة الاقتصادية. وأشاروا في المقابل إلى ضرورة أن تكون أي مبادرة تشريعية في تناغم وانسجام مع المنظومة التشريعية الوطنية سارية المفعول، وأن تتم وفق قراءة جيدة للواقع تنبني على معطيات وإحصائيات ودراسة للجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمبادرة التشريعية المعروضة. وأوضحوا في هذا السياق أنّ مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي يتعارض في بعض أحكامه مع المنظومة القانونية القائمة على غرار مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية والمرسوم المنظم لمهنة المحاماة وغيرها وتم مد اللجنة بملاحظات الحكومة بخصوص مضامين عدد من فصول مقترح القانون المعروض، تعلّقت بتعديلات شكلية وأخرى جوهرية بهدف ملاءمتها مع بعض المبادئ القانونية أو التشريعات النافذة. وفي ردّهم على تساؤلات النواب حول موقف الحكومة من تنظيم بعض المهن والإستراتيجية المعتمدة في الغرض وحول سبب التأخير في إعادة تنظيم هذه المهن بما يتماشى مع التغييرات والتطورات الاقتصادية والاجتماعية المعاصرة حيث أن قانون تنظيم مهنة المستشار الجبائي على سبيل الذكر يعود إلى سنة 1960، أفاد ممثلو الحكومة دعمهم لمسألة تنظيم المهن خاصة المتّصلة منها بمرفق العدالة بما يكفل التخصّص وتفادي تنازع الاختصاصات بين هذه المهن وأكّدوا على ضرورة ضمان التوازن والتناغم بين القوانين في إطار المنظومة القانونية بما يساهم في تطوير منظومة العدالة والخدمات المقدمة للمواطن وحق ولوج المواطن للعدالة، وشددوا على أهمية الوقوف على نفس المسافة من جميع الأطراف واعتماد منهجية ومقاربة تشاركية والتنسيق المتبادل بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية.

ضمانة للمطالبين بالأداء

ويتضمن مقترح القانون الأساسي المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي 77 فصلا تم من خلالها ضبط أحكام تتعلق بمهنة المستشار الجبائي وأهدافها وأحكام تتعلق بهيئة المستشارين الجبائيين وأحكام تتعلق بممارسة مهنة المستشار الجبائي وأخرى تتعلق بالتأديب وبالطعن إضافة إلى أحكام انتقالية، وجاء في الفصل الأول منها أن يمارس المستشار الجبائي مهنة حرة مستقلة ويساهم في نشر الوعي الجبائي وإرساء العدالة الجبائية. وحسب الفصل الثاني يقوم المستشار الجبائي بنيابة المطالب بالأداء والدفاع عن حقوقه أمام الهيئات الإدارية والقضائية والتحكيمية. كما يقوم المستشار الجبائي خاصة بالأعمال التالية:تقديم الاستشارة والنصح والمساعدة في المادة الجبائية، التدقيق الجبائي، ومساعدة المطالب بالأداء على إعداد وتحرير التصاريح الجبائية والتصديق عليها طبق التشريع الجبائي، الاختبارات العدلية والتحكيمية في المادة الجبائية، التحكيم في المادة الجبائية.

وأشار أصحاب هذه المبادرة التشريعية في وثيقة شرح الأسباب إلى أن مهنة المستشار الجبائي تكتسي أهمية بالغة في حياة الأفراد والمؤسسات داخل البلدان المتطوّرة لأنها تعد أحد الضمانات الأساسية التي يجب أن تتوفر للمطالب بالأداء في دولة القانون والمؤسسات. كما قدموا في نفس الوثيقة بعض التجارب المقارنة في علاقة بتنظيم مهنة المستشار الجبائي وأشاروا إلى أنه وعيا منه بدور المستشار الجبائي، بادر المشرّع التونسي بتنظيم المهنة وذلك بإصدار القانون عدد 34 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين رغم أنّ النظام الجبائي كان آنذاك بدائيا والاختصاص الجبائي غائبا داخل الجامعة لتكون تونس بذلك  أول بلد عربي وإفريقي بادر بتنظيم المهنة.

وجاء في نفس الوثيقة المعروضة على أنظار لجنة التشريع العام أنه طبقا للفصل الأول من القانون عدد 34 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين، تتمثل مهام المستشار الجبائي في مساعدة المطالب بالأداء على القيام بواجباته الجبائية وتقديم النصح والاستشارات له والدفاع على مصالحه أمام إدارة الجباية أو المحاكم الباتة في القضايا الجبائية، وهي مهام تم نقلها عن التشريع الأوروبي خاصة القانون الفرنسي. وأشار أصحاب المبادرة إلى أن هذا القانون لم يواكب التطورات التي شهدها النظام الجبائي في مختلف بلدان العالم، إذ أن الشروط التي تم فرضها فجر الاستقلال على الرّاغبين في الانخراط في المهنة لا تضمن الشروط المادية لمباشرتها والتّخصّص في المادة الجبائية وضرورة إجراء تربص مهني واحترام أخلاقيات المهنة والتأديب وجدول الممارسين والتكوين المستمر، وفسروا أنه بالنّظر للتّغيرات المستمرة للمادة الجبائية والهيكل الذي سيشرف على المهنة ويحمي مستهلكي خدماتها وغير ذلك من الشروط البديهية التي يجب أن تتوفر في مهنة حرة لا تختلف في جوهرها عن مهنة المحامي وتتطلب مباشرتها إلماما معمّقا بالقانون العام والقانون الجبائي وقانون الأعمال والقانون المحاسبي واقتصاد المؤسسة والتصرف المالي والإعلامية واللّغات الحية وغير ذلك من المواد الماسة بالجباية فإن هذا الأمر لا يتسنّى إلا لحاملي شهادة الماجستير في الجباية في إطار نظام «إمد» وذلك إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار للمعايير الأوروبية.

وتطرق أصحاب المبادرة التشريعية في 24 نقطة إلى الثغرات والنقائص التي يشكو منها القانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين. وخلصوا إلى أن مطالب تأهيل مهنة المستشار الجبائي بالنظر للمعايير الأوروبية ليست جديدة بل تعود إلى سنة 1986 أي قبل تأسيس الغرفة النقابية الوطنية للمستشارين الجبائيين بتاريخ 23 أكتوبر 1997 التي طالبت هي أيضا من خلال تقديم مئات العرائض بحماية المهنة وتأهيلها وإعادة هيكلتها مراعاة للمعايير الإفريقية والأوروبية. تبعا لذلك تعهد وزير المالية آنذاك بتأهيل المهنة وهو ما جاء في الصفحة 566 لمداولات مجلس النواب المؤرخة في 10 ديسمبر 2001 إذ قال الوزير «قدمنا مشروع إعادة النظر في قانون المحاسب على أن يتم في مرحلة قادمة إعادة النظر في مهنة المستشار الجبائي، ونحن ليس لنا شيء ضدّ المستشار الجبائي ونعتقد أنها مهنة هامة لابدّ من تعهدها بالإصلاح وفي الحقيقة نحن تقدمنا لمصالح الوزارة بإعادة النظر في القانون لكن أعطينا الأولوية لمهنة المحاسب لأنها في الوقت الحاضر لا يؤطرها أي قانون، وأعطينا الأولوية لقطاع غير مقنن في الوقت الحاضر والبقية تأتي وإن شاء الله في بحر الأشهر القادمة نقدم إلى هذا المجلس الموقر قانون إصلاح لمهنة لمستشار الجبائي».

كما قدم وزير المالية وعدا ثانيا بتأهيل المهنة وجاء في الصفحة 400 من مداولات مجلس النواب المؤرخة في 17 ديسمبر 2003 أنه قال:»تأهيل مهنة المستشار الجبائي، بكل عجالة أقول أن لنا مشروع قانون جاهز سنحيله على هذا المجلس الموقر في بحر الأيام القليلة القادمة».. وأرادت جهة المبادرة من خلال الاستدلال بمداولات مجلس النواب سنة 2001 وسنة 2003 التأكيد على وجود وعود قديمة جدا  بتنظيم مهنة المستشار الجبائي بقانون جديد التزمت بها وزارة المالية، لكنها بقيت حبرا على ورق.

العدالة الجبائية 

وفسر أصحاب مقترح القانون المعروض على أنظار لجنة التشريع بمجلس نواب الشعب أن الغاية من مقترحهم المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي ليست التوسيع في مهام المستشار الجبائي وإنما تم الاكتفاء بنقل محتوى الفصل الأول من القانون عدد 34 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين في صياغة حديثة ومتطورة، وبينوا أن قانون 1960 مازال ساري المفعول وهو ما أكدته المحكمة الإدارية في رأيها الاستشاري عدد 495 لسنة 2012.  وأضافوا أن أهمية مهنة المستشار الجبائي تكمن في قدرتها على المساهمة في إقامة العدل الجبائي وفي إقناع المطالبين بالأداء بالقبول بالضريبة وبالتالي التصدي للسمسرة والفساد في المجال الجبائي والمساعدة على جمع الموارد الجبائية للدولة كما أكدت ذلك منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي من خلال دراسة تم إنجازها سنة 2009. وخلص أصحاب مقترح القانون في وثيقة شرح الأسباب إلى أنه لا يمكن الحديث عن إصلاح جبائي في ظل تهميش مهنة المستشار الجبائي وإطلاق العنان للمتحيلين وسماسرة الملفات الجبائية الذين يكلفون الخزينة العامة خسارة سنوية تقدر بمليارات الدينارات ويحولون دون انتصاب الآلاف من المعطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا في الجباية لحسابهم الخاص زيادة على جرائم الابتزاز والتحيل التي يرتكبونها والأضرار التي يلحقونها بالمطالبين بالأداء خاصة المؤسسات.

بين التحفظ والرفض

وأثار مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي جدلا ساخنا. وحسب ما جاء في بلاغات لجنة التشريع العام يمكن في هذا السياق الإشارة إلى أن عميد الهيئة الوطنية للمحامين أكد خلال جلسة الاستماع إليه من قبل اللجنة أن الهيئة لا ترى مانعا في تنظيم مهنة المستشار الجبائي، لكنه في المقابل عبر عن تحفّظه على مقترح القانون المعروض على أنظار اللجنة، واعتبر أن تنظيم هذه المهنة في شكل هيئة يفترض أن يكون للنشاط مرجعية تاريخية وأن تكون الاستشارة الجبائية اختصاصا مطلقا لمهنة دون سواها، وهو ما لا يتوفّر في مهنة المستشار الجبائي باعتبار أن الاستشارة الجبائية يمكن أن يمارسها الخبراء المحاسبون والمحاسبون وكذلك المحامون. وأضاف أنّ ما تم التنصيص عليه من إمكانية التمثيل والترافع أمام سائر المحاكم والهيئات القضائية والتأديبية والتعديلية والتحكيمية من قبل المستشار الجبائي يتعارض مع المواثيق الدولية والمرسوم عدد 79 لسنة 2011 المؤرخ في 20 أوت 2011 المنظم لمهنة المحاماة الذي أسند هذا الاختصاص حصريا إلى المحامين. وأضاف أن اقتراح تخصيص زي خاص للمستشار الجبائي يمثّل اعتداء على تقاليد مهنة المحاماة باعتبار أن جميع القوانين نصّت على أن حضور المحامي أمام جميع المحاكم والهيئات يكون بزي خاص ومحدد بالنص ونبه إلى اللبس الذي سينجر عن ذلك في أروقة المحاكم لدى المتقاضين وما يمكن أن يرافقه من تجاوزات لأخلاقيات مهنة المحاماة. وأوضح أن مقترح القانون في صيغته المعروضة على أنظار اللجنة يتضمّن خللا منهجيا في التصوّر حيث تضمّن تداخلا في الاختصاصات مع عدد من المهن الأخرى لاسيما مهنة المحاماة. وأكّد على ضرورة أن يكون تنظيم مثل هذه المهن في إطار إصلاح وتصوّر شامل تراعى فيه صلاحيات كل مهنة دون تداخل أو تضارب.

أما ممثلو مجمّع المحاسبين بالبلاد التونسية فعبروا عن رفضهم لمقترح القانون لأنه تضمّن تعديا صارخا على مجالات تدخّل المهن المعنية بالجباية بالرجوع إلى القوانين المنظّمة لها وللدور الأساسي الذي تقوم به في سير عمل المنظومة القانونية والإجرائية للمالية العمومية، حيث اسند اختصاصا حصريا للمستشار الجبائي وفي ذلك إقصاء لمهنة المحاسبة من إسداء الخدمات الجبائية خاصة. وأوضحوا أنّ النتيجة المحاسبية تمثّل الأساس القانوني الوحيد لاحتساب الضريبة وجباية المؤسسات وفي ذلك ضمانة لاحتساب الموارد الجبائية الحقيقية للدولة، واعتبروا أنّ منح المستشار الجبائي هذا الاختصاص بصفة حصرية من شأنه التأثير سلبا على تعبئة هذه الموارد. وأضافوا أنّ تعدّد المتدخلين في الملف المحاسبي من شأنه إثقال كاهل المؤسسة الاقتصادية ماليا وإجرائيا. كما بيّتوا أنّ العدد الحالي للمستشارين الجبائيين لا يمكن أن يغطي النشاط الاقتصادي بالبلاد مما سيؤثر على مداخيل الدولة الجبائية ويساهم في التهرب الضريبي .وأفادوا أنه خلافا لما تضمّنه شرح الأسباب، فإنه بالرجوع للقوانين والتجارب المقارنة فإن التشريعات المنظّمة لمهن المحاسبة تمكّن صراحة ممتهني المحاسبة من إسداء الخدمات الجبائية للمؤسسات.

وعبر ممثلو الهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين عن رفضهم لمقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي على أنظار اللجنة لتعارضه مع أحكام المنظومة التشريعية الحالية. وأشاروا إلى أنه لا يستند إلى منهجية علمية في دراسة الجدوى الاقتصادية، والآثار الاجتماعية، كما أنه لا يستند إلى دراسة مقارنة مع التشريعات والمعايير والتجارب الدولية.  وبينوا أن مقترح القانون يمثل مسّا من مجال التدخل الطبيعي للخبراء المحاسبين باعتبارهم من أكثر المهنيين تكوينا في المادة الجبائية وبهذه الصفة، ونظرا للارتباط الوثيق بين أعمال المحاسبة والجباية، فإن الخبير المحاسب يقوم بالتدقيق والاستشارة الجبائية.

تقنين المهنة  

وفي المقابل، ثمن رئيس الغرفة الوطنية النقابية للمستشارين الجبائيين مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي المعروض على لجنة التشريع العام نظرا لما جاء فيه من أحكام تكفل حماية ميدان الاستشارة الجبائية من الدخلاء، وتمكّن من تلافي النقائص التي تعاني منها اليوم خاصة من حيث شروط مزاولة المهنة إذ أنها تخضع لمجرد شرط الإعلام بمزاولة النشاط أي «الباتيندا» كما لا تمكن المستشار الجبائي من بطاقة مهنية على غرار باقي المهن المشابهة وهو ما لا يساعد على  حصر عدد المستشارين الجبائيين المباشرين بدقة وتمّ التطرق في نفس الجلسة إلى ممارسة الأنشطة التي يُفترض أن تكون من اختصاصات المستشار الجبائي من قبل مهن أخرى. وبين ممثلو الغرفة أن الاستشارة الجبائية هي استشارة قانونية ذات صبغة جبائية تمثل ضمانة لخزينة الدولة وللمطالب بالأداء، وهو مجال تقني يستدعي تخصصا في الميدان، وبالتالي تقنين المهنة وفقا للمعايير الدولية كوضع شروط التخصّص في المادة الجبائية وضرورة إجراء تربص مهني وغيرها من الآليات الكفيلة بحماية المهنة.

مبادرات أخرى

إلى جانب مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي تضمن جدول أعمال لجنة التشريع العام مواصلة النظر في مقترح القانون عدد 41 لسنة 2023 المتعلق بتنظيم مهنة عدول الإشهاد الذي أثار بدوره جدلا ساخنا تحت قبة البرلمان وخارجها، كما ستنظر اللجنة في مقترح القانون عدد 47 لسنة 2024 المتعلق  بتنقيح وإتمام القانون عدد 36 لسنة 1994 المؤرخ في 24 فيفري 1994 المتعلق بالملكية الأدبية والفنية، ومقترح القانون عدد 17 لسنة 2024 المتعلق بتنقيح وإتمام المرسوم عدد54  لسنة 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، ومقترح القانون عدد 46 لسنة 2025 المتعلق بزجر الاعتداء على الإطار التربوي.

في حين تضمن جدول أعمال جلسة لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد المبرمج عقدها اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025 مواصلة النظر في مقترح القانون عدد 42 لسنة 2024 الـمتعلق بتنظيم ممارسة نشاط التسويق والترويج على الـمواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي.

وكانت لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بدورها قد برمجت أمس جلسة للاستماع إلى ممثلين عن النواب المبادرين بتقديم مقترح القانون عدد83 لسنة 2025 المتعلق بمناهضة العنف في الملاعب الرياضية في تونس، ومقترح قانون عدد91 لسنة 2025 المتعلق بالحق في الصحة النفسية المدرسية، ومقترح القانون المتعلق بتنظيم العمل بنظام الحصة الواحدة وحوكمة الزمن المدرسي.

سعيدة بوهلال

منها ما يتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي..   اللجان البرلمانية تنظر في عدد من مقترحات القوانين

قبيل المرور إلى دراسة المهمات والمهمات الخاصة بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، تستأنف لجنة التشريع العام ولجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد بمجلس نواب الشعب النظر في عدد مقترحات القوانين التي تم نقاشها في وقت سابق.

وفي هذا السياق تضمن جدول أعمال جلسة لجنة التشريع العام المبرمجة لهذا اليوم خمس مبادرات دفعة واحدة أولها مقترح القانون عدد13 لسنة 2023 المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي، وهو مقترح قدمه النائب فوزي دعاس بمعية 36 عضوا من أعضاء المجلس منذ 11 جويلية 2023 وأحاله مكتب المجلس إلى اللجنة بتاريخ 13 جويلية 2023، وتولت اللجنة الاستماع إلى جهة المبادرة في جلستها المنعقدة يوم غرة نوفمبر 2023  وجاء في بلاغ صادر عنها أن أصحاب المبادرة أشاروا إلى أن القانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين الجاري به العمل حاليا قد تجاوزه الزمن، كما أن هذا القانون يتضمن عدة ثغرات الأمر الذي يستوجب سنّ قانون جديد. ويتمثل الهدف من هذه المبادرة حسب قولهم في تنظيم مهنة المستشار الجبائي وفق معايير دولية تماشيا مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية والمنظومة الجبائية.

 وأدرجت اللجنة خلال الدورة النيابية الماضية المبادرة التشريعية المتعلقة بتنظيم مهنة المستشار الجبائي ضمن أولويتها، وتبعا لذلك عقدت جلسة استماع حولها يوم 2 ماي 2025 إلى رئيس الغرفة الوطنية النقابية للمستشارين الجبائيين وممثلين عن هذه الغرفة، واستمعت يوم 8 ماي إلى ممثلي الهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين، أما في جلستها المنعقدة بتاريخ 15 ماي 2025 فقد تم الاستماع إلى ممثلين عن الهيئة الوطنية للمحامين وعن مجمّع المحاسبين بالبلاد التونسية ثم استمتعت اللجنة يوم 12 جوان 2025 إلى ممثلين عن رئاسة الحكومة ووزارة العدل ووزارة المالية، وتداولت يوم 19 جوان من جديد حول المبادرة وتم الاتفاق يومها على أن ينطلق أصحابها في إعداد صيغة محينة لمبادرتهم على ضوء ما توصلت إليه اللجنة من ملاحظات تقدمت بها الجهة الحكومية، ويذكر في هذا السياق أن النائب فوزي دعاس أعلن الأسبوع الماضي خلال اجتماع اللجنة أن المقترح في صيغته المعدلة شبه جاهز وطالب بالتقيد بقرار اللجنة المتعلق بأولوياتها التشريعية.

انسجام تشريعي

واستنادا إلى بلاغات صادرة عن لجنة التشريع العام حول جلسات الاستمتاع حول مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي، يذكر أن ممثلي رئاسة الحكومة ووزارة المالية ووزارة العدل أكدوا أنه ليست لديهم تحفّظات أو اعتراضات على مقترح هذا القانون من حيث المبدأ، وذلك على اعتبار أهمية مهنة المستشار الجبائي ودوره في تيسير عملية الامتثال الضريبي للمُطالب بالأداء لتفادي كل نزاع جبائي وضمان التوازن المالي للمؤسسة الاقتصادية. وأشاروا في المقابل إلى ضرورة أن تكون أي مبادرة تشريعية في تناغم وانسجام مع المنظومة التشريعية الوطنية سارية المفعول، وأن تتم وفق قراءة جيدة للواقع تنبني على معطيات وإحصائيات ودراسة للجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمبادرة التشريعية المعروضة. وأوضحوا في هذا السياق أنّ مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي يتعارض في بعض أحكامه مع المنظومة القانونية القائمة على غرار مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية والمرسوم المنظم لمهنة المحاماة وغيرها وتم مد اللجنة بملاحظات الحكومة بخصوص مضامين عدد من فصول مقترح القانون المعروض، تعلّقت بتعديلات شكلية وأخرى جوهرية بهدف ملاءمتها مع بعض المبادئ القانونية أو التشريعات النافذة. وفي ردّهم على تساؤلات النواب حول موقف الحكومة من تنظيم بعض المهن والإستراتيجية المعتمدة في الغرض وحول سبب التأخير في إعادة تنظيم هذه المهن بما يتماشى مع التغييرات والتطورات الاقتصادية والاجتماعية المعاصرة حيث أن قانون تنظيم مهنة المستشار الجبائي على سبيل الذكر يعود إلى سنة 1960، أفاد ممثلو الحكومة دعمهم لمسألة تنظيم المهن خاصة المتّصلة منها بمرفق العدالة بما يكفل التخصّص وتفادي تنازع الاختصاصات بين هذه المهن وأكّدوا على ضرورة ضمان التوازن والتناغم بين القوانين في إطار المنظومة القانونية بما يساهم في تطوير منظومة العدالة والخدمات المقدمة للمواطن وحق ولوج المواطن للعدالة، وشددوا على أهمية الوقوف على نفس المسافة من جميع الأطراف واعتماد منهجية ومقاربة تشاركية والتنسيق المتبادل بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية.

ضمانة للمطالبين بالأداء

ويتضمن مقترح القانون الأساسي المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي 77 فصلا تم من خلالها ضبط أحكام تتعلق بمهنة المستشار الجبائي وأهدافها وأحكام تتعلق بهيئة المستشارين الجبائيين وأحكام تتعلق بممارسة مهنة المستشار الجبائي وأخرى تتعلق بالتأديب وبالطعن إضافة إلى أحكام انتقالية، وجاء في الفصل الأول منها أن يمارس المستشار الجبائي مهنة حرة مستقلة ويساهم في نشر الوعي الجبائي وإرساء العدالة الجبائية. وحسب الفصل الثاني يقوم المستشار الجبائي بنيابة المطالب بالأداء والدفاع عن حقوقه أمام الهيئات الإدارية والقضائية والتحكيمية. كما يقوم المستشار الجبائي خاصة بالأعمال التالية:تقديم الاستشارة والنصح والمساعدة في المادة الجبائية، التدقيق الجبائي، ومساعدة المطالب بالأداء على إعداد وتحرير التصاريح الجبائية والتصديق عليها طبق التشريع الجبائي، الاختبارات العدلية والتحكيمية في المادة الجبائية، التحكيم في المادة الجبائية.

وأشار أصحاب هذه المبادرة التشريعية في وثيقة شرح الأسباب إلى أن مهنة المستشار الجبائي تكتسي أهمية بالغة في حياة الأفراد والمؤسسات داخل البلدان المتطوّرة لأنها تعد أحد الضمانات الأساسية التي يجب أن تتوفر للمطالب بالأداء في دولة القانون والمؤسسات. كما قدموا في نفس الوثيقة بعض التجارب المقارنة في علاقة بتنظيم مهنة المستشار الجبائي وأشاروا إلى أنه وعيا منه بدور المستشار الجبائي، بادر المشرّع التونسي بتنظيم المهنة وذلك بإصدار القانون عدد 34 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين رغم أنّ النظام الجبائي كان آنذاك بدائيا والاختصاص الجبائي غائبا داخل الجامعة لتكون تونس بذلك  أول بلد عربي وإفريقي بادر بتنظيم المهنة.

وجاء في نفس الوثيقة المعروضة على أنظار لجنة التشريع العام أنه طبقا للفصل الأول من القانون عدد 34 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين، تتمثل مهام المستشار الجبائي في مساعدة المطالب بالأداء على القيام بواجباته الجبائية وتقديم النصح والاستشارات له والدفاع على مصالحه أمام إدارة الجباية أو المحاكم الباتة في القضايا الجبائية، وهي مهام تم نقلها عن التشريع الأوروبي خاصة القانون الفرنسي. وأشار أصحاب المبادرة إلى أن هذا القانون لم يواكب التطورات التي شهدها النظام الجبائي في مختلف بلدان العالم، إذ أن الشروط التي تم فرضها فجر الاستقلال على الرّاغبين في الانخراط في المهنة لا تضمن الشروط المادية لمباشرتها والتّخصّص في المادة الجبائية وضرورة إجراء تربص مهني واحترام أخلاقيات المهنة والتأديب وجدول الممارسين والتكوين المستمر، وفسروا أنه بالنّظر للتّغيرات المستمرة للمادة الجبائية والهيكل الذي سيشرف على المهنة ويحمي مستهلكي خدماتها وغير ذلك من الشروط البديهية التي يجب أن تتوفر في مهنة حرة لا تختلف في جوهرها عن مهنة المحامي وتتطلب مباشرتها إلماما معمّقا بالقانون العام والقانون الجبائي وقانون الأعمال والقانون المحاسبي واقتصاد المؤسسة والتصرف المالي والإعلامية واللّغات الحية وغير ذلك من المواد الماسة بالجباية فإن هذا الأمر لا يتسنّى إلا لحاملي شهادة الماجستير في الجباية في إطار نظام «إمد» وذلك إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار للمعايير الأوروبية.

وتطرق أصحاب المبادرة التشريعية في 24 نقطة إلى الثغرات والنقائص التي يشكو منها القانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين. وخلصوا إلى أن مطالب تأهيل مهنة المستشار الجبائي بالنظر للمعايير الأوروبية ليست جديدة بل تعود إلى سنة 1986 أي قبل تأسيس الغرفة النقابية الوطنية للمستشارين الجبائيين بتاريخ 23 أكتوبر 1997 التي طالبت هي أيضا من خلال تقديم مئات العرائض بحماية المهنة وتأهيلها وإعادة هيكلتها مراعاة للمعايير الإفريقية والأوروبية. تبعا لذلك تعهد وزير المالية آنذاك بتأهيل المهنة وهو ما جاء في الصفحة 566 لمداولات مجلس النواب المؤرخة في 10 ديسمبر 2001 إذ قال الوزير «قدمنا مشروع إعادة النظر في قانون المحاسب على أن يتم في مرحلة قادمة إعادة النظر في مهنة المستشار الجبائي، ونحن ليس لنا شيء ضدّ المستشار الجبائي ونعتقد أنها مهنة هامة لابدّ من تعهدها بالإصلاح وفي الحقيقة نحن تقدمنا لمصالح الوزارة بإعادة النظر في القانون لكن أعطينا الأولوية لمهنة المحاسب لأنها في الوقت الحاضر لا يؤطرها أي قانون، وأعطينا الأولوية لقطاع غير مقنن في الوقت الحاضر والبقية تأتي وإن شاء الله في بحر الأشهر القادمة نقدم إلى هذا المجلس الموقر قانون إصلاح لمهنة لمستشار الجبائي».

كما قدم وزير المالية وعدا ثانيا بتأهيل المهنة وجاء في الصفحة 400 من مداولات مجلس النواب المؤرخة في 17 ديسمبر 2003 أنه قال:»تأهيل مهنة المستشار الجبائي، بكل عجالة أقول أن لنا مشروع قانون جاهز سنحيله على هذا المجلس الموقر في بحر الأيام القليلة القادمة».. وأرادت جهة المبادرة من خلال الاستدلال بمداولات مجلس النواب سنة 2001 وسنة 2003 التأكيد على وجود وعود قديمة جدا  بتنظيم مهنة المستشار الجبائي بقانون جديد التزمت بها وزارة المالية، لكنها بقيت حبرا على ورق.

العدالة الجبائية 

وفسر أصحاب مقترح القانون المعروض على أنظار لجنة التشريع بمجلس نواب الشعب أن الغاية من مقترحهم المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي ليست التوسيع في مهام المستشار الجبائي وإنما تم الاكتفاء بنقل محتوى الفصل الأول من القانون عدد 34 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين في صياغة حديثة ومتطورة، وبينوا أن قانون 1960 مازال ساري المفعول وهو ما أكدته المحكمة الإدارية في رأيها الاستشاري عدد 495 لسنة 2012.  وأضافوا أن أهمية مهنة المستشار الجبائي تكمن في قدرتها على المساهمة في إقامة العدل الجبائي وفي إقناع المطالبين بالأداء بالقبول بالضريبة وبالتالي التصدي للسمسرة والفساد في المجال الجبائي والمساعدة على جمع الموارد الجبائية للدولة كما أكدت ذلك منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي من خلال دراسة تم إنجازها سنة 2009. وخلص أصحاب مقترح القانون في وثيقة شرح الأسباب إلى أنه لا يمكن الحديث عن إصلاح جبائي في ظل تهميش مهنة المستشار الجبائي وإطلاق العنان للمتحيلين وسماسرة الملفات الجبائية الذين يكلفون الخزينة العامة خسارة سنوية تقدر بمليارات الدينارات ويحولون دون انتصاب الآلاف من المعطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا في الجباية لحسابهم الخاص زيادة على جرائم الابتزاز والتحيل التي يرتكبونها والأضرار التي يلحقونها بالمطالبين بالأداء خاصة المؤسسات.

بين التحفظ والرفض

وأثار مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي جدلا ساخنا. وحسب ما جاء في بلاغات لجنة التشريع العام يمكن في هذا السياق الإشارة إلى أن عميد الهيئة الوطنية للمحامين أكد خلال جلسة الاستماع إليه من قبل اللجنة أن الهيئة لا ترى مانعا في تنظيم مهنة المستشار الجبائي، لكنه في المقابل عبر عن تحفّظه على مقترح القانون المعروض على أنظار اللجنة، واعتبر أن تنظيم هذه المهنة في شكل هيئة يفترض أن يكون للنشاط مرجعية تاريخية وأن تكون الاستشارة الجبائية اختصاصا مطلقا لمهنة دون سواها، وهو ما لا يتوفّر في مهنة المستشار الجبائي باعتبار أن الاستشارة الجبائية يمكن أن يمارسها الخبراء المحاسبون والمحاسبون وكذلك المحامون. وأضاف أنّ ما تم التنصيص عليه من إمكانية التمثيل والترافع أمام سائر المحاكم والهيئات القضائية والتأديبية والتعديلية والتحكيمية من قبل المستشار الجبائي يتعارض مع المواثيق الدولية والمرسوم عدد 79 لسنة 2011 المؤرخ في 20 أوت 2011 المنظم لمهنة المحاماة الذي أسند هذا الاختصاص حصريا إلى المحامين. وأضاف أن اقتراح تخصيص زي خاص للمستشار الجبائي يمثّل اعتداء على تقاليد مهنة المحاماة باعتبار أن جميع القوانين نصّت على أن حضور المحامي أمام جميع المحاكم والهيئات يكون بزي خاص ومحدد بالنص ونبه إلى اللبس الذي سينجر عن ذلك في أروقة المحاكم لدى المتقاضين وما يمكن أن يرافقه من تجاوزات لأخلاقيات مهنة المحاماة. وأوضح أن مقترح القانون في صيغته المعروضة على أنظار اللجنة يتضمّن خللا منهجيا في التصوّر حيث تضمّن تداخلا في الاختصاصات مع عدد من المهن الأخرى لاسيما مهنة المحاماة. وأكّد على ضرورة أن يكون تنظيم مثل هذه المهن في إطار إصلاح وتصوّر شامل تراعى فيه صلاحيات كل مهنة دون تداخل أو تضارب.

أما ممثلو مجمّع المحاسبين بالبلاد التونسية فعبروا عن رفضهم لمقترح القانون لأنه تضمّن تعديا صارخا على مجالات تدخّل المهن المعنية بالجباية بالرجوع إلى القوانين المنظّمة لها وللدور الأساسي الذي تقوم به في سير عمل المنظومة القانونية والإجرائية للمالية العمومية، حيث اسند اختصاصا حصريا للمستشار الجبائي وفي ذلك إقصاء لمهنة المحاسبة من إسداء الخدمات الجبائية خاصة. وأوضحوا أنّ النتيجة المحاسبية تمثّل الأساس القانوني الوحيد لاحتساب الضريبة وجباية المؤسسات وفي ذلك ضمانة لاحتساب الموارد الجبائية الحقيقية للدولة، واعتبروا أنّ منح المستشار الجبائي هذا الاختصاص بصفة حصرية من شأنه التأثير سلبا على تعبئة هذه الموارد. وأضافوا أنّ تعدّد المتدخلين في الملف المحاسبي من شأنه إثقال كاهل المؤسسة الاقتصادية ماليا وإجرائيا. كما بيّتوا أنّ العدد الحالي للمستشارين الجبائيين لا يمكن أن يغطي النشاط الاقتصادي بالبلاد مما سيؤثر على مداخيل الدولة الجبائية ويساهم في التهرب الضريبي .وأفادوا أنه خلافا لما تضمّنه شرح الأسباب، فإنه بالرجوع للقوانين والتجارب المقارنة فإن التشريعات المنظّمة لمهن المحاسبة تمكّن صراحة ممتهني المحاسبة من إسداء الخدمات الجبائية للمؤسسات.

وعبر ممثلو الهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين عن رفضهم لمقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي على أنظار اللجنة لتعارضه مع أحكام المنظومة التشريعية الحالية. وأشاروا إلى أنه لا يستند إلى منهجية علمية في دراسة الجدوى الاقتصادية، والآثار الاجتماعية، كما أنه لا يستند إلى دراسة مقارنة مع التشريعات والمعايير والتجارب الدولية.  وبينوا أن مقترح القانون يمثل مسّا من مجال التدخل الطبيعي للخبراء المحاسبين باعتبارهم من أكثر المهنيين تكوينا في المادة الجبائية وبهذه الصفة، ونظرا للارتباط الوثيق بين أعمال المحاسبة والجباية، فإن الخبير المحاسب يقوم بالتدقيق والاستشارة الجبائية.

تقنين المهنة  

وفي المقابل، ثمن رئيس الغرفة الوطنية النقابية للمستشارين الجبائيين مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي المعروض على لجنة التشريع العام نظرا لما جاء فيه من أحكام تكفل حماية ميدان الاستشارة الجبائية من الدخلاء، وتمكّن من تلافي النقائص التي تعاني منها اليوم خاصة من حيث شروط مزاولة المهنة إذ أنها تخضع لمجرد شرط الإعلام بمزاولة النشاط أي «الباتيندا» كما لا تمكن المستشار الجبائي من بطاقة مهنية على غرار باقي المهن المشابهة وهو ما لا يساعد على  حصر عدد المستشارين الجبائيين المباشرين بدقة وتمّ التطرق في نفس الجلسة إلى ممارسة الأنشطة التي يُفترض أن تكون من اختصاصات المستشار الجبائي من قبل مهن أخرى. وبين ممثلو الغرفة أن الاستشارة الجبائية هي استشارة قانونية ذات صبغة جبائية تمثل ضمانة لخزينة الدولة وللمطالب بالأداء، وهو مجال تقني يستدعي تخصصا في الميدان، وبالتالي تقنين المهنة وفقا للمعايير الدولية كوضع شروط التخصّص في المادة الجبائية وضرورة إجراء تربص مهني وغيرها من الآليات الكفيلة بحماية المهنة.

مبادرات أخرى

إلى جانب مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي تضمن جدول أعمال لجنة التشريع العام مواصلة النظر في مقترح القانون عدد 41 لسنة 2023 المتعلق بتنظيم مهنة عدول الإشهاد الذي أثار بدوره جدلا ساخنا تحت قبة البرلمان وخارجها، كما ستنظر اللجنة في مقترح القانون عدد 47 لسنة 2024 المتعلق  بتنقيح وإتمام القانون عدد 36 لسنة 1994 المؤرخ في 24 فيفري 1994 المتعلق بالملكية الأدبية والفنية، ومقترح القانون عدد 17 لسنة 2024 المتعلق بتنقيح وإتمام المرسوم عدد54  لسنة 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، ومقترح القانون عدد 46 لسنة 2025 المتعلق بزجر الاعتداء على الإطار التربوي.

في حين تضمن جدول أعمال جلسة لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد المبرمج عقدها اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025 مواصلة النظر في مقترح القانون عدد 42 لسنة 2024 الـمتعلق بتنظيم ممارسة نشاط التسويق والترويج على الـمواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي.

وكانت لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بدورها قد برمجت أمس جلسة للاستماع إلى ممثلين عن النواب المبادرين بتقديم مقترح القانون عدد83 لسنة 2025 المتعلق بمناهضة العنف في الملاعب الرياضية في تونس، ومقترح قانون عدد91 لسنة 2025 المتعلق بالحق في الصحة النفسية المدرسية، ومقترح القانون المتعلق بتنظيم العمل بنظام الحصة الواحدة وحوكمة الزمن المدرسي.

سعيدة بوهلال