إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في جلسة برلمانية حول الوضع في قابس.. المطالبة بالإيقاف الفوري لتسرب الغازات السامة من المجمع الكيميائي

- وزير الصحة : نلتزم بتنفيذ ستة مشاريع للحد من الانبعاثات الغازية من المجمع الكيميائي

- وزير التجهيز والإسكان : يجب التوقف عن سكب الفوسفوجيبس في البحر وتخصيص موقع مراقب لتخزينه والعمل على تثمينه

عبر العديد من أعضاء مجلس نواب الشعب خلال جلستهم العامة المنعقدة طيلة يوم أمس بقصر باردو للحوار مع وزيري الصحة والتجهيز والإسكان  حول التلوث الذي تعاني منه قابس، عن تضامنهم الكامل مع المحتجين سلميا على تردي الوضع البيئي في هذه الجهة، وهناك منهم من ندد بالتعتيم الإعلامي على هذه الاحتجاجات التي تم خلالها تعنيف العديد من المحتجين واستعمال الغاز المسيل للدموع. وطالبوا بالإيقاف الفوري لتسرب الغازات السامة الخطيرة من وحدات المجمع الكيميائي والقيام بدراسات علمية في مراكز بحوث وطنية حول تأثير تلك الغازات على الصحة العامة وعلى المحيط. كما دعوا إلى الكف عن سكب الفوسفوجيبس في البحر، وأكدوا على ضرورة التسريع بوضع إستراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى التخلي تدريجيا عن الصناعات الملوثة ليس في قابس فحسب بل في كامل الحوض المنجمي والضاحية الجنوبية للعاصمة وفي مختلف جهات الجمهورية التونسية، وتحدث العديد منهم عن المشاكل البيئية التي تعاني منها جهاتهم وطالبوا بإيجاد الحلول، وقالوا إنه لا يمكن تحقيق العدالة المنشودة في ظل وجود تلوث ينخر البيئة ويتسبب في العديد من الأمراض خاصة مرض السرطان. ونبه بعضهم من وجود أطراف مشبوهة تريد توظيف ملف الوضع البيئي في قابس سياسيا  لإحداث الفوضى في البلاد وشددوا على ضرورة تغليب صوت العقل  والحكمة، وفي المقابل انتقد آخرون طريقة تعاطي الحكومات المتعاقبة وحتى الحكومة الحالية مع الوضع البيئي الكارثي في قابس. 

 كما قدم نواب الشعب خلال الجلسة العامة العديد من المقترحات منها على سبيل الذكر قيام رئيس الجمهورية بزيارة ميدانية إلى قابس، وتكوين لجنة برلمانية لمتابعة الوضع في قابس ومراقبة انجاز المشاريع التي تعهدت الحكومة بإنجازها في الآجال، وفتح اكتتاب وطني لتمويل الأنشطة والمشاريع ذات العلاقة بقطاع الفسفاط، وفتح تحقيق جنائي حول مصدر الانبعاثات السامة التي تسربت مؤخرا إلى إحدى المؤسسات التربوية بقابس وتسببت في اختناق عدد من التلاميذ بما تطلب نقلهم إلى المستشفى ويهدف هذا التحقيق لتبين إن كانت تلك الغازات تسربت فعلا من وحدات تابعة للمجمع الكيميائي أم أنها من مصدر آخر.    

وخلال افتتاح الجلسة العامة الحوارية، أشار رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة إلى أن هذه الجلسة أقرّها مكتب المجلس على ضوء ما آلت إليه الأوضاع في مدينة قابس، وهي أوضاع ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج لإهمال تواصل على مر عقود من الزمن وسياسات بيئية غير مدروسة، وجب اليوم الوقوف على واقع الأمور من جميع جوانبها سواء تلك التي تتعلّق بالتداعيات الصحية للمخاطر البيئية، أو بالحق في التعبير والمطالبة بالطرق السلمية.

وعبر عن تضامن المجلس النيابي مع الأهالي في قابس وإكباره روح المسؤولية والوعي والتفطّن لكلّ الممارسات أو التدخلات التي يريد أصحابها من ورائها، حسب قوله، الركوب على الأحداث واستغلال الأوضاع لأغراض مشبوهة لا علاقة لها بالمطالب المشروعة والمصلحة العامة. وذكر أنه يعلم جيدا أن هذه المسألة تلقى متابعة حينية ومستمرّة من طرف رئيس الدّولة الذي يؤكّد على ضرورة أن تكون معالجتها وفق مقاربات جديدة وعلى أنّ العمل في هذا الصدد جارِ بهدف إيجاد حلول عاجلة وآنيّة للتلوّث إلى حين وضع إستراتيجيّة شاملة ومستدامة ليس في قابس فحسب بل في كلّ مناطق الجمهورية. وأكد بودربالة أنّه محمول على جميع وظائف الدولة كلّ من موقعه وصلاحياته، النظر في مسبّبات الوضع الراهن وآليات تجاوزه، فضلا عن تجسيم المقتضيات الدستورية التي تحمّل الدولة مسؤولية توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي، وأضاف أن ذلك لن يكون بالممكن دون تعميق الحوار والنقاش والبحث عن حلول شمولية ومبتكرة وناجعة.

وزير الصحة مصطفى الفرجاني، أشار إلى أن هذه الجلسة العامة الحوارية المنتظمة أمس 20 أكتوبر 2025 بمجلس نواب الشعب خصصت لتدارس ملف وطني بامتياز، لأن الحق في البيئية هو مطلب لكل تونسي في كامل ربوع الوطن، كما خصصت لتقديم حلول جادة تعالج أسباب التلوث الناجم عن نشاط المجمع الكيميائي وتداعياته على البيئة وعلى صحة المواطنين. وفسر أنه يمكن تحويل المخاطر إلى فرص حقيقية لتنمية مستدامة تكفل حق المواطنين في بيئة آمنة وسليمة. وقال إن هذا الملف تتقاطع فيه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتلتقي فيه مسؤولية الدولة وحق المواطن في بيئة نظيفة وصناعة متطورة. وذكر أن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية تحقيق التنمية والصناعة في بيئة نظيفة. وعبر عن أمله في أن يتم إيجاد حلول في جهة قابس، ويرى الوزير أن القضية ليست جهوية لأن قابس هي مرآة لتونس ولأن إصلاح المنظومة البيئية هو إصلاح للتنمية في كامل البلاد وهو رمز وطني للعدالة البيئية وللتنمية المتوازنة في ربوع الوطن.

كما بين الفرجاني أن أهالي قابس أثبتوا بصبرهم ووعيتهم أنهم لا يطلبون أكثر من حقهم المشروع في العيش الكريم وفي بيئة آمنة وسليمة. وذكر أن الفصل 47 من الدستور ينص على أن لكل شخص الحق في بيئة سلمية ومتوازنة والمساهمة في حمايتها كما ينص نفس الفصل على أن تعمل الدولة على توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث، وأكد أن هذا الكلام ليس شعارا بل هو التزام دستوري تعمل الدولة على ترجمته على أرض الواقع إذ كما أكد رئيس الجمهورية مؤخرا خلال اللقاء الذي جمعه يوم 17 أكتوبر الجاري برئيسي مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم فإن معالجة الوضع في قابس لا يمكن أن تتم وفق مقاربات تقليدية بل عبر حلول عاجلة وآنية للتلوث تواكبها إستراتيجية شاملة على مستوى وطني. وأضاف الوزير أن رئيس الجمهورية شدد أيضا على أنه لا تنمية بلا إنسان ولا إنتاج على حساب الحياة وأن العدالة البيئية هي جزء لا يتجزأ من العدالة التنموية، وذكر أن رؤية رئيس الجمهورية تجعل الإنسان في قلب التنمية والبيئة شرط من شروط السيادة الوطنية.

وقال وزير الصحة مصطفى الفرجاني إنه من منطلق ضمان شروط الحق الدستوري في بيئية سلمية وآمنة فإن حضوره بمعية وزير التجهيز والإسكان الجلسة العامة الحوارية هو تعبير عن التزام صادق وعملي من الحكومة تجاه أهالي قابس من أجل العمل معا على تنفيذ الحلول الكفيلة بالحد من التلوث الناجم عن مختلف أوجه نشاط المجمع الكميائي، وذكر أن هذه المؤسسة مدعوة لكي تكون شريكا في التنمية في جهة قابس ولكي تتحمل مسؤوليتها المجتمعية تجاه المتساكنين في إطار رؤية وطنية تؤمن بأن المؤسسات التي تراعي المعايير البيئية هي الأقدر على الصمود والمنافسة في الأسواق العالمية.

كما عبر الفرجاني عن تفهمه لمطالب أهالي قابس المشروعة لوضع حد لمعاناة بيئية امتدت لعقود من الزمن  وهو مطلب يضعهم أمام مسؤولية وطنية نبيلة تفرض على الجميع دولة وبرلمانا تحويل هذا الواقع إلى فرصة للابتكار والتنمية. وذكر أنه في إطار التكامل بين الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية يجب اعتماد حلول مبتكرة وعملية ومسؤولة، وهناك حسب قوله، حلول آنية عاجلة، وحلول على المدى المتوسط والبعيد وفق روزنامة تنفيذ دقيقة لأن المواطن سئم من الوعود التي قدمت له على مدى عشرات السنين لمعالجة الغازات. وفسر أن المشاريع موجودة منذ سنة 2014 وهي بقيمة تفوق 200 مليون دينار وبلغت نسبة الانجاز 99 بالمائة وتم صرف ميزانياتها  لكن لم يقع استكمالها، وحمل الفرجاني الحكومات المتعاقبة مسؤولية الإخلالات والتقصير وقال في هذا السياق لو قامت الحكومات المتعاقبة بواجبها ولو قام كل مسؤول عن تلك المشاريع بانجاز المطلوب لما حصلت هذه المشاكل البيئية، لأنه لو تم إنجاز تلك المشاريع كانت ستساهم في التقليص بـنحو 95 بالمائة من إنبعاثات الغازات وكانت ستمكن من إيجاد حلول للمشاكل البيئية في قابس. وخلص إلى أنه لا تسامح مع كل من قصر وأخل بواجباته تجاه المجمع الكيميائي وتجاه البيئة وتجاه أهالي قابس فالإصلاح الحقيقي لا يتم إلا بتحميل المسؤولية وبالمحاسبة وصون المال العام وحماية المحيط .

ولاحظ الفرجاني أن الحكومة الحالية ليست حكومة وعود بل حكومة عمل وانجاز وتشييد وذكر أنه عند حماية البيئة يمكن الحد من التلوث، وأضاف أنه توجد في بلدان أخرى مثل الصين واسبانيا والجزائر مصانع تنتج نفس ما ينتجه المجمع الكيميائي بقابس لكن دون أن يكون لها تأثير على البيئة، أما في تونس فإن المشكل يعود إلى إخلالات تم تسجيلها لعشرات السنين وإلى عدم تنفيذ المشاريع المبرمجة ويتمثل التحدي المطروح في الانجاز وتحقيق توازن بين الحق في التنمية الذي يجب أن يضطلع به المجمع الكيميائي ومنظومة الفسفاط ككل وبين الحق في بيئة سليمة تحفظ صحة المواطن وتحمي الأجيال القادمة.

وقال الوزير إن رؤية الوظيفة التنفيذية تقوم على أن البيئة ليست عبئا على الاقتصاد بل هي رافعة اقتصادية وأن المؤسسات التي تراعي المعايير البيئية هي الأقدر على المنافسة العالمية والصمود ومن هنا تعمل الدولة على تحويل التحدي البيئي في قابس إلى نموذج تنموي جديد، وعبر عن أمله في تحقيق هذا التحدي بالشراكة مع أهالي قابس ومع المهندسين والكفاءات العليا وبالشراكة مع الوظيفة التشريعية في علاقة بوضع النصوص القانونية التي تحمي البيئية وتحدد المسؤولية المجتمعية والبيئية للمؤسسات الاقتصادية، وبهذه الكيفية يصبح التحدي البيئي نموذجا تنمويا جديدا يقوم على الاستثمار البيئي والاقتصاد الدائري إذ في إطار الاقتصاد الدائري يمكن تثمين الفوسفوجيبس وتحفيز الابتكار الصناعي النظيف والبحث العلمي. وبين أنه ستتم متابعة الحلول في إطار مقاربة تشاركية بين الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية وأهالي قابس. وذكر أن الرهان القائم هو إعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة وتحقيق التكامل بين التنمية والعدالة البيئية. وعبر وزير الصحة مصطفى الفرجاني عن التزامه بمتابعة تنفيذ كل مشروع بيئي في قابس وذلك بتكليف من رئيس الجمهورية وعبر عن التزم الحكومة بمتابعة الملف البيئي في قابس خطوة بخطورة ونشر المعطيات حوله حتى يطلع عليها الشعب التونسي. وأضاف أنه لا خير في تنمية لا تضع الإنسان في صدارة الأولويات ولا في صناعة لا تحترم مقومات الحق في بيئة سليمة، وتعهد الوزير بالعمل من أجل حياة كريمة وبيئة أنظف وتونس أعدل وبانجاز المشاريع الستة التي تحدث عنها  صلاح الزواري  وزير التجهيز والإسكان في العرض الذي قدمه أمام أعضاء مجلس نواب الشعب حول نشاط المجمع الكيميائي والحلول العاجلة والحلول على المدى المتوسط والطويل لمعالجة التلوث الناجم عن مختلف أوجه نشاط المجمع.

قطاع الفسفاط

قال وزير التجهيز والإسكان صلاح الزواري هناك ثلاث مراحل في قطاع الفسفاط وهي الإنتاج، والنقل إلى مراكز التحويل، ثم عملية التحويل والتصنيع في وحدات المجمع الكيميائي. وتوجد أهم الوحدات في قابس. وبين أن أهم مؤشرات هذا القطاع تتمثل في أنه يوفر 14 ألف موطن شغل بصفة مباشرة و12 ألف موطن شغل في شركات البيئية والبستنة وأكثر من 10 آلاف موطن شغل غير مباشر. وأكد الوزير أن قطاع الفسفاط يوفر جميع الأسمدة التي يحتاجها قطاع الفلاحة في تونس، وبالتالي فهو قطاع استراتجي في مجال الاقتصاد وتنمية البلاد. ولاحظ أن الإشكاليات المرتبطة بالوضع البيئي لها حلول إذ هناك دراسات بينت أنه توجد ستة مشاريع انطلقت منذ سنوات لكنها لم تكتمل وهي بكلفة قدرها 200 مليون دينار وكان بالإمكان أن تساهم في التحكم في الإنبعاثات الغازية، وأضاف أن كيفية إدارة هذه المشاريع غير المكتملة الانجاز تتطلب إجراءات عاجلة وغير عادية من أجل تنفيذها ودخولها حيز الاستغلال. وذكر أن هناك لجنة قامت مؤخرا بزيارة على عين المكان وخلصت في تقريرها النهائي إلى وجوب استكمال المشاريع حتى يقع التحكم في التسربات، وبلغ تقدم انجاز هذه المشاريع أكثر من 98 بالمائة لكن لم يقع إكمالها حتى تعطي أكلها. وبين أن الوضع يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وحينية من أجل إكمال الأشغال في ظرف زمني تم ضبطه في خطة مدروسة مع مراعاة إمكانية الالتجاء إلى شركات يمكن أن تكون من الصين إذ تم التباحث مع الجانب الصيني لاستكمال أشغال هذه المشاريع التي أبدت فيها اللجنة رأيها.

وفسر الزواري أن الأشغال التي يجب القيام بها تتمثل في ما يلي:

ـ المشروع الأول: وهو مشروع للحد من انبعاث غاز أكسيد الأزوط من وحدة إنتاج الحامض الكبريتي بكلفة قدرها 6 فاصل 2 مليون دينار. وبلغت نسبة إنجازه 98بالمائة ويتطلب استكماله توفير عازل بقيمة 15 ألف دينار. ويمكن  أن تمكن عملية اقتناء العازل من التسريع في اقتناء العازل وتركيبة خلال الأسابيع القادمة وإنهاء الأشغال قبل موفى العام الجاري.

ـ المشروع الثاني: يتمثل في الحد من انبعاث ثاني أكسيد الكبريت من وحدات الحامض الكبريتي وتبلغ كلفته 8 ملايين دينار. وبلغت نسبة انجازه 70 بالمائة ويتعين استكماله في أجل أقصاه ثلاثة اشهر حتى يقع ربط الوحدتين لكي تتمتع بنظام الغسل قبل إعادة تشغيلهما وهو مشروع يمكن انجازه في غضون ثلاثة أشهر.

ـ المشروع الثالث: يتمثل في تحسين غسل غازات الأمونيا من وحدة إنتاج سماد الداب وهو مشروع بلغت نسبة انجازه 84 بالمائة لكنه لم يدخل حيز الاستغلال. وتبلغ كلفته 18 فاصل 4 مليون دينار ويمكن استكماله خلال ستة أشهر ليدخل حيز الاستغلال ويساهم في الحد من الإنبعاثات.

ـ المشروع الرابع: يتمثل في الحد من إنبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بصفة دائمة من وحدات إنتاج الحامض الكبريتي بقيمة 30 مليون دينار ولم يقع بعد تعيين مقاولة، لكن سيتم المرور مباشرة لتعيين مقاولة والانطلاق في الأشغال خلال الثلاثي الأول من العام القادم. وتم تقدير مدة الأشغال بستة أشهر وسيساهم المشروع في تحقيق إضافة كبيرة على مستوى الحد من الإنبعاثات.

ـ المشروع الخامس: يتمثل في الحد من إنبعاثات الغاز الدفيء من وحدة إنتاج الحامض الكبريتي بالمصنع الأمونيتر بكلفة 6 فاصل 2 مليون دينار ويتكون هذا المشروع من مرحلة أولى وتم  في إطارها شراء منظومة المراقبة لكن لم يقع الانطلاق في المرحلة الثانية ويتمثل التعهد حسب قول الوزير في الانطلاق الفوري للأشغال التي تتواصل على مدى ستة أشهر ويهدف المشروع بدوره للحد من الإنبعاثات.

ـ المشروع السادس: يتمثل في استعمال تقنية الامتصاص المضاعف واسترجاع الحرارة في الوحدة الثانية لإنتاج الحامض الكبريتي وهو مشروع ينقسم إلى مرحلتين وتم في المرحلة الأولى صرف إعتمادات اقتناء معدات بقيمة 31 مليون دينار منذ 2019 ولم يقع تركيبها بعد، والمطلوب هو تعيين المقاولة والانطلاق في الأشغال لبقية الإقتناءات والتركيب وجعلها وظيفية قبل موفى سنة 2026.

التفاوض المباشر

وخلص وزير التجهيز والإسكان صلاح الزواري إلى أن الاعتمادات لكل هذه المشاريع مرصودة وتم انجاز الدراسات لكن الأشغال انطلقت ولم يقع استكمالها، وتم القيام بالاقتناءات لكن لم يقع تركيبها لذلك لم تساهم في التحكم من الانبعاثات مما تسبب في تدهور الوضع البيئي في قابس وهذا، حسب قوله، ربما يدخل في سوء حوكمة تنفيذ المشاريع لأن تنفيذ المشاريع يمكن أن يتم بمتابعة الإجراءات واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وذكر أن استكمال المشاريع لن يكون بنفس الطريقة المعتمدة سابقا بل بكيفية يمكن من خلالها التحكم في الآجال وفسر أنه بالنظر إلى الوضعية الحرجة التي تشهدها المنطقة فإن الأمر يقتضي اتخاذ إجراءات استعجالية والمرور مباشرة وبصفة استثنائية إلى تعيين مقاولات عن طريق التفاوض المباشر لانجاز أو إتمام المشاريع سالفة الذكر.

وقال الوزير إنه تم الانطلاق في التباحث مع الجانب الصيني حتى يقع النظر في إمكانية تكليف مقاولات صينية مختصة لتأهيل وحدات الإنتاج وكذلك معالجة الانبعاثات والتسربات الغازية انطلاقا من الدراسات الموجودة التي يقتضي الأمر العمل على تنفيذ الإجراءات الواردة فيها وكذلك وضع حد للتلوث البيئي، وهو ما تم الشروع فيه بمناسبة اللقاء المنعقد يوم 18 أكتوبر مع سفير الصين بتونس وذلك تبعا لتعليمات رئيس الجمهورية. وأضاف أنه تم الاتفاق أمس مع فريق فني من الصين لكي يقوم اليوم بزيارة لموقع وحدات المجمع الكيميائي وستكون هناك متابعة لما ستسفر عنه هذه الزيارة.

مادة الفوسفوجيبس

وإضافة إلى المشاريع سالفة الذكر قال صلاح الزواري وزير التجهيز والإسكان لدى حديثه عن موضوع سكب الفوسفوجيبس في البحر:» نفس الشيء يجب أن يتم التوقف عن سكب هذه المادة في البحر وإنشاء موقع تخزين مراقب والعمل على التثمين الدائري للفوسفوجيبس وهو ممكن من خلال استعماله في البناء بالاستئناس بالبحوث والتجارب المماثلة في بعض الدول». وأشار إلى أن الدراسات أثبتت أنه يمكن استعمال هذه المادة وأضاف أنه تم في تونس تم إجراء تجارب ميدانية منها ما تم في تبرورة حيث وقع استخدام مادة الفوسفوجيبس وتبين كيفية التحكم فيها وإنشاء غابة فوقها ويجري العمل منذ سنوات على متابعة الوضعية البيئية حول هذه المنطقة، وطمأن الوزير نواب الشعب بأن جميع الدراسات والقياسات التي تم القيام بها والنتيجة التي تم التوصل إليها بينت أن استصلاح البيئة وارد جدا من خلال التحكم في استخدام هذه المادة.

وذكر أنه إضافة إلى التدخلات الحينية هناك مشاريع أخرى تكميلية وأشار في هذا الصدد إلى وجود اعتمادات أخرى تم التفاوض في شأنها مع البنك الإفريقي للتنمية وهي بقيمة تعادل 180 مليون دينار. وسيتم في مرحلة ثانية انجاز بقية العناصر الرامية إلى تحسين الوضعية البيئية وتحسين جودة الأشغال وضمان بيئة سلمية للجميع.

وخلص الزواري إلى أن المسألة تتعلق بكيفية إدارة المشاريع وتنفيذها في آجالها التعاقدية وفسر أنه كان بالإمكان استكمال تلك المشاريع وتلافي المشاكل التي حدثت وكان بالإمكان برمجة مشاريع أخرى لتحسين الوضع البيئي أكثر والدخول في التأهيل الشامل لهذه الوحدات بما فيه النفع للبلاد والتنمية والاقتصاد. وأكد أن الجانب البيئي له مكانته وهو استثمار لهذه المشاريع، وعبر عن أمله في تنفيذ هذه الخطة قصيرة المدى على أن ينطلق انجاز كل ما تم التعهد به بداية من اليوم.

سعيدة بوهلال

في جلسة برلمانية حول الوضع في قابس..   المطالبة بالإيقاف الفوري لتسرب الغازات السامة من المجمع الكيميائي

- وزير الصحة : نلتزم بتنفيذ ستة مشاريع للحد من الانبعاثات الغازية من المجمع الكيميائي

- وزير التجهيز والإسكان : يجب التوقف عن سكب الفوسفوجيبس في البحر وتخصيص موقع مراقب لتخزينه والعمل على تثمينه

عبر العديد من أعضاء مجلس نواب الشعب خلال جلستهم العامة المنعقدة طيلة يوم أمس بقصر باردو للحوار مع وزيري الصحة والتجهيز والإسكان  حول التلوث الذي تعاني منه قابس، عن تضامنهم الكامل مع المحتجين سلميا على تردي الوضع البيئي في هذه الجهة، وهناك منهم من ندد بالتعتيم الإعلامي على هذه الاحتجاجات التي تم خلالها تعنيف العديد من المحتجين واستعمال الغاز المسيل للدموع. وطالبوا بالإيقاف الفوري لتسرب الغازات السامة الخطيرة من وحدات المجمع الكيميائي والقيام بدراسات علمية في مراكز بحوث وطنية حول تأثير تلك الغازات على الصحة العامة وعلى المحيط. كما دعوا إلى الكف عن سكب الفوسفوجيبس في البحر، وأكدوا على ضرورة التسريع بوضع إستراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى التخلي تدريجيا عن الصناعات الملوثة ليس في قابس فحسب بل في كامل الحوض المنجمي والضاحية الجنوبية للعاصمة وفي مختلف جهات الجمهورية التونسية، وتحدث العديد منهم عن المشاكل البيئية التي تعاني منها جهاتهم وطالبوا بإيجاد الحلول، وقالوا إنه لا يمكن تحقيق العدالة المنشودة في ظل وجود تلوث ينخر البيئة ويتسبب في العديد من الأمراض خاصة مرض السرطان. ونبه بعضهم من وجود أطراف مشبوهة تريد توظيف ملف الوضع البيئي في قابس سياسيا  لإحداث الفوضى في البلاد وشددوا على ضرورة تغليب صوت العقل  والحكمة، وفي المقابل انتقد آخرون طريقة تعاطي الحكومات المتعاقبة وحتى الحكومة الحالية مع الوضع البيئي الكارثي في قابس. 

 كما قدم نواب الشعب خلال الجلسة العامة العديد من المقترحات منها على سبيل الذكر قيام رئيس الجمهورية بزيارة ميدانية إلى قابس، وتكوين لجنة برلمانية لمتابعة الوضع في قابس ومراقبة انجاز المشاريع التي تعهدت الحكومة بإنجازها في الآجال، وفتح اكتتاب وطني لتمويل الأنشطة والمشاريع ذات العلاقة بقطاع الفسفاط، وفتح تحقيق جنائي حول مصدر الانبعاثات السامة التي تسربت مؤخرا إلى إحدى المؤسسات التربوية بقابس وتسببت في اختناق عدد من التلاميذ بما تطلب نقلهم إلى المستشفى ويهدف هذا التحقيق لتبين إن كانت تلك الغازات تسربت فعلا من وحدات تابعة للمجمع الكيميائي أم أنها من مصدر آخر.    

وخلال افتتاح الجلسة العامة الحوارية، أشار رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة إلى أن هذه الجلسة أقرّها مكتب المجلس على ضوء ما آلت إليه الأوضاع في مدينة قابس، وهي أوضاع ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج لإهمال تواصل على مر عقود من الزمن وسياسات بيئية غير مدروسة، وجب اليوم الوقوف على واقع الأمور من جميع جوانبها سواء تلك التي تتعلّق بالتداعيات الصحية للمخاطر البيئية، أو بالحق في التعبير والمطالبة بالطرق السلمية.

وعبر عن تضامن المجلس النيابي مع الأهالي في قابس وإكباره روح المسؤولية والوعي والتفطّن لكلّ الممارسات أو التدخلات التي يريد أصحابها من ورائها، حسب قوله، الركوب على الأحداث واستغلال الأوضاع لأغراض مشبوهة لا علاقة لها بالمطالب المشروعة والمصلحة العامة. وذكر أنه يعلم جيدا أن هذه المسألة تلقى متابعة حينية ومستمرّة من طرف رئيس الدّولة الذي يؤكّد على ضرورة أن تكون معالجتها وفق مقاربات جديدة وعلى أنّ العمل في هذا الصدد جارِ بهدف إيجاد حلول عاجلة وآنيّة للتلوّث إلى حين وضع إستراتيجيّة شاملة ومستدامة ليس في قابس فحسب بل في كلّ مناطق الجمهورية. وأكد بودربالة أنّه محمول على جميع وظائف الدولة كلّ من موقعه وصلاحياته، النظر في مسبّبات الوضع الراهن وآليات تجاوزه، فضلا عن تجسيم المقتضيات الدستورية التي تحمّل الدولة مسؤولية توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي، وأضاف أن ذلك لن يكون بالممكن دون تعميق الحوار والنقاش والبحث عن حلول شمولية ومبتكرة وناجعة.

وزير الصحة مصطفى الفرجاني، أشار إلى أن هذه الجلسة العامة الحوارية المنتظمة أمس 20 أكتوبر 2025 بمجلس نواب الشعب خصصت لتدارس ملف وطني بامتياز، لأن الحق في البيئية هو مطلب لكل تونسي في كامل ربوع الوطن، كما خصصت لتقديم حلول جادة تعالج أسباب التلوث الناجم عن نشاط المجمع الكيميائي وتداعياته على البيئة وعلى صحة المواطنين. وفسر أنه يمكن تحويل المخاطر إلى فرص حقيقية لتنمية مستدامة تكفل حق المواطنين في بيئة آمنة وسليمة. وقال إن هذا الملف تتقاطع فيه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتلتقي فيه مسؤولية الدولة وحق المواطن في بيئة نظيفة وصناعة متطورة. وذكر أن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية تحقيق التنمية والصناعة في بيئة نظيفة. وعبر عن أمله في أن يتم إيجاد حلول في جهة قابس، ويرى الوزير أن القضية ليست جهوية لأن قابس هي مرآة لتونس ولأن إصلاح المنظومة البيئية هو إصلاح للتنمية في كامل البلاد وهو رمز وطني للعدالة البيئية وللتنمية المتوازنة في ربوع الوطن.

كما بين الفرجاني أن أهالي قابس أثبتوا بصبرهم ووعيتهم أنهم لا يطلبون أكثر من حقهم المشروع في العيش الكريم وفي بيئة آمنة وسليمة. وذكر أن الفصل 47 من الدستور ينص على أن لكل شخص الحق في بيئة سلمية ومتوازنة والمساهمة في حمايتها كما ينص نفس الفصل على أن تعمل الدولة على توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث، وأكد أن هذا الكلام ليس شعارا بل هو التزام دستوري تعمل الدولة على ترجمته على أرض الواقع إذ كما أكد رئيس الجمهورية مؤخرا خلال اللقاء الذي جمعه يوم 17 أكتوبر الجاري برئيسي مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم فإن معالجة الوضع في قابس لا يمكن أن تتم وفق مقاربات تقليدية بل عبر حلول عاجلة وآنية للتلوث تواكبها إستراتيجية شاملة على مستوى وطني. وأضاف الوزير أن رئيس الجمهورية شدد أيضا على أنه لا تنمية بلا إنسان ولا إنتاج على حساب الحياة وأن العدالة البيئية هي جزء لا يتجزأ من العدالة التنموية، وذكر أن رؤية رئيس الجمهورية تجعل الإنسان في قلب التنمية والبيئة شرط من شروط السيادة الوطنية.

وقال وزير الصحة مصطفى الفرجاني إنه من منطلق ضمان شروط الحق الدستوري في بيئية سلمية وآمنة فإن حضوره بمعية وزير التجهيز والإسكان الجلسة العامة الحوارية هو تعبير عن التزام صادق وعملي من الحكومة تجاه أهالي قابس من أجل العمل معا على تنفيذ الحلول الكفيلة بالحد من التلوث الناجم عن مختلف أوجه نشاط المجمع الكميائي، وذكر أن هذه المؤسسة مدعوة لكي تكون شريكا في التنمية في جهة قابس ولكي تتحمل مسؤوليتها المجتمعية تجاه المتساكنين في إطار رؤية وطنية تؤمن بأن المؤسسات التي تراعي المعايير البيئية هي الأقدر على الصمود والمنافسة في الأسواق العالمية.

كما عبر الفرجاني عن تفهمه لمطالب أهالي قابس المشروعة لوضع حد لمعاناة بيئية امتدت لعقود من الزمن  وهو مطلب يضعهم أمام مسؤولية وطنية نبيلة تفرض على الجميع دولة وبرلمانا تحويل هذا الواقع إلى فرصة للابتكار والتنمية. وذكر أنه في إطار التكامل بين الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية يجب اعتماد حلول مبتكرة وعملية ومسؤولة، وهناك حسب قوله، حلول آنية عاجلة، وحلول على المدى المتوسط والبعيد وفق روزنامة تنفيذ دقيقة لأن المواطن سئم من الوعود التي قدمت له على مدى عشرات السنين لمعالجة الغازات. وفسر أن المشاريع موجودة منذ سنة 2014 وهي بقيمة تفوق 200 مليون دينار وبلغت نسبة الانجاز 99 بالمائة وتم صرف ميزانياتها  لكن لم يقع استكمالها، وحمل الفرجاني الحكومات المتعاقبة مسؤولية الإخلالات والتقصير وقال في هذا السياق لو قامت الحكومات المتعاقبة بواجبها ولو قام كل مسؤول عن تلك المشاريع بانجاز المطلوب لما حصلت هذه المشاكل البيئية، لأنه لو تم إنجاز تلك المشاريع كانت ستساهم في التقليص بـنحو 95 بالمائة من إنبعاثات الغازات وكانت ستمكن من إيجاد حلول للمشاكل البيئية في قابس. وخلص إلى أنه لا تسامح مع كل من قصر وأخل بواجباته تجاه المجمع الكيميائي وتجاه البيئة وتجاه أهالي قابس فالإصلاح الحقيقي لا يتم إلا بتحميل المسؤولية وبالمحاسبة وصون المال العام وحماية المحيط .

ولاحظ الفرجاني أن الحكومة الحالية ليست حكومة وعود بل حكومة عمل وانجاز وتشييد وذكر أنه عند حماية البيئة يمكن الحد من التلوث، وأضاف أنه توجد في بلدان أخرى مثل الصين واسبانيا والجزائر مصانع تنتج نفس ما ينتجه المجمع الكيميائي بقابس لكن دون أن يكون لها تأثير على البيئة، أما في تونس فإن المشكل يعود إلى إخلالات تم تسجيلها لعشرات السنين وإلى عدم تنفيذ المشاريع المبرمجة ويتمثل التحدي المطروح في الانجاز وتحقيق توازن بين الحق في التنمية الذي يجب أن يضطلع به المجمع الكيميائي ومنظومة الفسفاط ككل وبين الحق في بيئة سليمة تحفظ صحة المواطن وتحمي الأجيال القادمة.

وقال الوزير إن رؤية الوظيفة التنفيذية تقوم على أن البيئة ليست عبئا على الاقتصاد بل هي رافعة اقتصادية وأن المؤسسات التي تراعي المعايير البيئية هي الأقدر على المنافسة العالمية والصمود ومن هنا تعمل الدولة على تحويل التحدي البيئي في قابس إلى نموذج تنموي جديد، وعبر عن أمله في تحقيق هذا التحدي بالشراكة مع أهالي قابس ومع المهندسين والكفاءات العليا وبالشراكة مع الوظيفة التشريعية في علاقة بوضع النصوص القانونية التي تحمي البيئية وتحدد المسؤولية المجتمعية والبيئية للمؤسسات الاقتصادية، وبهذه الكيفية يصبح التحدي البيئي نموذجا تنمويا جديدا يقوم على الاستثمار البيئي والاقتصاد الدائري إذ في إطار الاقتصاد الدائري يمكن تثمين الفوسفوجيبس وتحفيز الابتكار الصناعي النظيف والبحث العلمي. وبين أنه ستتم متابعة الحلول في إطار مقاربة تشاركية بين الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية وأهالي قابس. وذكر أن الرهان القائم هو إعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة وتحقيق التكامل بين التنمية والعدالة البيئية. وعبر وزير الصحة مصطفى الفرجاني عن التزامه بمتابعة تنفيذ كل مشروع بيئي في قابس وذلك بتكليف من رئيس الجمهورية وعبر عن التزم الحكومة بمتابعة الملف البيئي في قابس خطوة بخطورة ونشر المعطيات حوله حتى يطلع عليها الشعب التونسي. وأضاف أنه لا خير في تنمية لا تضع الإنسان في صدارة الأولويات ولا في صناعة لا تحترم مقومات الحق في بيئة سليمة، وتعهد الوزير بالعمل من أجل حياة كريمة وبيئة أنظف وتونس أعدل وبانجاز المشاريع الستة التي تحدث عنها  صلاح الزواري  وزير التجهيز والإسكان في العرض الذي قدمه أمام أعضاء مجلس نواب الشعب حول نشاط المجمع الكيميائي والحلول العاجلة والحلول على المدى المتوسط والطويل لمعالجة التلوث الناجم عن مختلف أوجه نشاط المجمع.

قطاع الفسفاط

قال وزير التجهيز والإسكان صلاح الزواري هناك ثلاث مراحل في قطاع الفسفاط وهي الإنتاج، والنقل إلى مراكز التحويل، ثم عملية التحويل والتصنيع في وحدات المجمع الكيميائي. وتوجد أهم الوحدات في قابس. وبين أن أهم مؤشرات هذا القطاع تتمثل في أنه يوفر 14 ألف موطن شغل بصفة مباشرة و12 ألف موطن شغل في شركات البيئية والبستنة وأكثر من 10 آلاف موطن شغل غير مباشر. وأكد الوزير أن قطاع الفسفاط يوفر جميع الأسمدة التي يحتاجها قطاع الفلاحة في تونس، وبالتالي فهو قطاع استراتجي في مجال الاقتصاد وتنمية البلاد. ولاحظ أن الإشكاليات المرتبطة بالوضع البيئي لها حلول إذ هناك دراسات بينت أنه توجد ستة مشاريع انطلقت منذ سنوات لكنها لم تكتمل وهي بكلفة قدرها 200 مليون دينار وكان بالإمكان أن تساهم في التحكم في الإنبعاثات الغازية، وأضاف أن كيفية إدارة هذه المشاريع غير المكتملة الانجاز تتطلب إجراءات عاجلة وغير عادية من أجل تنفيذها ودخولها حيز الاستغلال. وذكر أن هناك لجنة قامت مؤخرا بزيارة على عين المكان وخلصت في تقريرها النهائي إلى وجوب استكمال المشاريع حتى يقع التحكم في التسربات، وبلغ تقدم انجاز هذه المشاريع أكثر من 98 بالمائة لكن لم يقع إكمالها حتى تعطي أكلها. وبين أن الوضع يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وحينية من أجل إكمال الأشغال في ظرف زمني تم ضبطه في خطة مدروسة مع مراعاة إمكانية الالتجاء إلى شركات يمكن أن تكون من الصين إذ تم التباحث مع الجانب الصيني لاستكمال أشغال هذه المشاريع التي أبدت فيها اللجنة رأيها.

وفسر الزواري أن الأشغال التي يجب القيام بها تتمثل في ما يلي:

ـ المشروع الأول: وهو مشروع للحد من انبعاث غاز أكسيد الأزوط من وحدة إنتاج الحامض الكبريتي بكلفة قدرها 6 فاصل 2 مليون دينار. وبلغت نسبة إنجازه 98بالمائة ويتطلب استكماله توفير عازل بقيمة 15 ألف دينار. ويمكن  أن تمكن عملية اقتناء العازل من التسريع في اقتناء العازل وتركيبة خلال الأسابيع القادمة وإنهاء الأشغال قبل موفى العام الجاري.

ـ المشروع الثاني: يتمثل في الحد من انبعاث ثاني أكسيد الكبريت من وحدات الحامض الكبريتي وتبلغ كلفته 8 ملايين دينار. وبلغت نسبة انجازه 70 بالمائة ويتعين استكماله في أجل أقصاه ثلاثة اشهر حتى يقع ربط الوحدتين لكي تتمتع بنظام الغسل قبل إعادة تشغيلهما وهو مشروع يمكن انجازه في غضون ثلاثة أشهر.

ـ المشروع الثالث: يتمثل في تحسين غسل غازات الأمونيا من وحدة إنتاج سماد الداب وهو مشروع بلغت نسبة انجازه 84 بالمائة لكنه لم يدخل حيز الاستغلال. وتبلغ كلفته 18 فاصل 4 مليون دينار ويمكن استكماله خلال ستة أشهر ليدخل حيز الاستغلال ويساهم في الحد من الإنبعاثات.

ـ المشروع الرابع: يتمثل في الحد من إنبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بصفة دائمة من وحدات إنتاج الحامض الكبريتي بقيمة 30 مليون دينار ولم يقع بعد تعيين مقاولة، لكن سيتم المرور مباشرة لتعيين مقاولة والانطلاق في الأشغال خلال الثلاثي الأول من العام القادم. وتم تقدير مدة الأشغال بستة أشهر وسيساهم المشروع في تحقيق إضافة كبيرة على مستوى الحد من الإنبعاثات.

ـ المشروع الخامس: يتمثل في الحد من إنبعاثات الغاز الدفيء من وحدة إنتاج الحامض الكبريتي بالمصنع الأمونيتر بكلفة 6 فاصل 2 مليون دينار ويتكون هذا المشروع من مرحلة أولى وتم  في إطارها شراء منظومة المراقبة لكن لم يقع الانطلاق في المرحلة الثانية ويتمثل التعهد حسب قول الوزير في الانطلاق الفوري للأشغال التي تتواصل على مدى ستة أشهر ويهدف المشروع بدوره للحد من الإنبعاثات.

ـ المشروع السادس: يتمثل في استعمال تقنية الامتصاص المضاعف واسترجاع الحرارة في الوحدة الثانية لإنتاج الحامض الكبريتي وهو مشروع ينقسم إلى مرحلتين وتم في المرحلة الأولى صرف إعتمادات اقتناء معدات بقيمة 31 مليون دينار منذ 2019 ولم يقع تركيبها بعد، والمطلوب هو تعيين المقاولة والانطلاق في الأشغال لبقية الإقتناءات والتركيب وجعلها وظيفية قبل موفى سنة 2026.

التفاوض المباشر

وخلص وزير التجهيز والإسكان صلاح الزواري إلى أن الاعتمادات لكل هذه المشاريع مرصودة وتم انجاز الدراسات لكن الأشغال انطلقت ولم يقع استكمالها، وتم القيام بالاقتناءات لكن لم يقع تركيبها لذلك لم تساهم في التحكم من الانبعاثات مما تسبب في تدهور الوضع البيئي في قابس وهذا، حسب قوله، ربما يدخل في سوء حوكمة تنفيذ المشاريع لأن تنفيذ المشاريع يمكن أن يتم بمتابعة الإجراءات واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وذكر أن استكمال المشاريع لن يكون بنفس الطريقة المعتمدة سابقا بل بكيفية يمكن من خلالها التحكم في الآجال وفسر أنه بالنظر إلى الوضعية الحرجة التي تشهدها المنطقة فإن الأمر يقتضي اتخاذ إجراءات استعجالية والمرور مباشرة وبصفة استثنائية إلى تعيين مقاولات عن طريق التفاوض المباشر لانجاز أو إتمام المشاريع سالفة الذكر.

وقال الوزير إنه تم الانطلاق في التباحث مع الجانب الصيني حتى يقع النظر في إمكانية تكليف مقاولات صينية مختصة لتأهيل وحدات الإنتاج وكذلك معالجة الانبعاثات والتسربات الغازية انطلاقا من الدراسات الموجودة التي يقتضي الأمر العمل على تنفيذ الإجراءات الواردة فيها وكذلك وضع حد للتلوث البيئي، وهو ما تم الشروع فيه بمناسبة اللقاء المنعقد يوم 18 أكتوبر مع سفير الصين بتونس وذلك تبعا لتعليمات رئيس الجمهورية. وأضاف أنه تم الاتفاق أمس مع فريق فني من الصين لكي يقوم اليوم بزيارة لموقع وحدات المجمع الكيميائي وستكون هناك متابعة لما ستسفر عنه هذه الزيارة.

مادة الفوسفوجيبس

وإضافة إلى المشاريع سالفة الذكر قال صلاح الزواري وزير التجهيز والإسكان لدى حديثه عن موضوع سكب الفوسفوجيبس في البحر:» نفس الشيء يجب أن يتم التوقف عن سكب هذه المادة في البحر وإنشاء موقع تخزين مراقب والعمل على التثمين الدائري للفوسفوجيبس وهو ممكن من خلال استعماله في البناء بالاستئناس بالبحوث والتجارب المماثلة في بعض الدول». وأشار إلى أن الدراسات أثبتت أنه يمكن استعمال هذه المادة وأضاف أنه تم في تونس تم إجراء تجارب ميدانية منها ما تم في تبرورة حيث وقع استخدام مادة الفوسفوجيبس وتبين كيفية التحكم فيها وإنشاء غابة فوقها ويجري العمل منذ سنوات على متابعة الوضعية البيئية حول هذه المنطقة، وطمأن الوزير نواب الشعب بأن جميع الدراسات والقياسات التي تم القيام بها والنتيجة التي تم التوصل إليها بينت أن استصلاح البيئة وارد جدا من خلال التحكم في استخدام هذه المادة.

وذكر أنه إضافة إلى التدخلات الحينية هناك مشاريع أخرى تكميلية وأشار في هذا الصدد إلى وجود اعتمادات أخرى تم التفاوض في شأنها مع البنك الإفريقي للتنمية وهي بقيمة تعادل 180 مليون دينار. وسيتم في مرحلة ثانية انجاز بقية العناصر الرامية إلى تحسين الوضعية البيئية وتحسين جودة الأشغال وضمان بيئة سلمية للجميع.

وخلص الزواري إلى أن المسألة تتعلق بكيفية إدارة المشاريع وتنفيذها في آجالها التعاقدية وفسر أنه كان بالإمكان استكمال تلك المشاريع وتلافي المشاكل التي حدثت وكان بالإمكان برمجة مشاريع أخرى لتحسين الوضع البيئي أكثر والدخول في التأهيل الشامل لهذه الوحدات بما فيه النفع للبلاد والتنمية والاقتصاد. وأكد أن الجانب البيئي له مكانته وهو استثمار لهذه المشاريع، وعبر عن أمله في تنفيذ هذه الخطة قصيرة المدى على أن ينطلق انجاز كل ما تم التعهد به بداية من اليوم.

سعيدة بوهلال