إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد عودة الهدوء إلى قابس.. توجه نحو حلول جذرية وعدالة بيئية شاملة

بين الأصوات المطالبة بإنقاذ الجهة من براثن التلوث، وتعهّد الدولة بمعالجة الملف البيئي بحزم ومسؤولية، تقف قابس على أعتاب مرحلة مفصلية عنوانها الانتقال من الغضب الشعبي إلى التزام الدولة بتسوية جدّية للملف. فقد عبّر أهالي الجهة عن حقّ مشروع في بيئة نظيفة وسليمة، فيما أكّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد، لدى لقائه بكل من وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة ثابت شيبوب ووزير البيئة حبيب عبيد، أن الدولة لن تكتفي بالمعالجة الظرفية، بل ستتّجه نحو حلول جذرية تنهي سنوات من الإهمال والتقصير، وتُعيد للجهة مكانتها وإشعاعها كرمز للتنمية.

في هذا الخصوص، عاد الهدوء إلى قابس بعد سحابة من التوتر، ترجمتها احتجاجات شهدتها الجهة جراء تردّي الوضع البيئي، الذي أسفر عن حالات اختناق في صفوف التلاميذ بسبب الانبعاثات الغازية للوحدات الصناعية التابعة للمجمع الكيميائي التونسي. فجاءت التحركات تعبيرا عن غضب في منطقة تعاني منذ عقود من اختلال التوازن بين التنمية الصناعية وحماية البيئة.

وتأتي عودة الأجواء إلى هدوئها المعتاد إثر استقبال رئيس الجمهورية قيس سعيد، يوم الجمعة 11 أكتوبر الجاري، لوزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة ثابت شيبوب ووزير البيئة حبيب عبيد، حيث مثّل اللقاء منعطفا هاما في مسار الأزمة، إذ أعاد التوازن إلى المشهد وفتح الباب أمام مقاربة جديدة قوامها المتابعة الميدانية، والمحاسبة، والتخطيط الاستراتيجي بعيد المدى.

فاللقاء حمل في جوهره رسائل طمأنة مباشرة لأهالي قابس، مفادها أن الدولة حاضرة ومُنصتة، ولن تتخلى عن مسؤولياتها وواجباتها، وأن معالجة الملف البيئي لن تكون هذه المرة ظرفية أو بحلول ترقيعية، وإنما ستكون جذرية، تتجاوز حدود المعالجات التقنية الضيّقة، إلى إصلاح هيكلي للمنظومة برمّتها.

قرارات ومتابعة مستمرة

وفي خطوة ملموسة للحدّ من تداعيات الأزمة ومعالجتها، أسدى رئيس الدولة تعليماته بتوجيه فريق مشترك من وزارتي الصناعة والبيئة إلى معمل الحامض الفسفوري بالمجمع الكيميائي بقابس، لإصلاح الأعطاب في أقرب الآجال، مع تحميل المسؤولية لكلّ من قصّر أو تغاضى.

وأكد رئيس الدولة أنه يتابع الوضع بصفة مستمرة، وأنّ التقارير الواردة تكشف عن إخلالات خطيرة في الصيانة، وفي تطبيق معايير السلامة، فضلًا عن غياب الاختبارات الفنية الدورية على المعدات، في مخالفة واضحة للتراتيب القانونية.

وشدّد على ضرورة الإسراع بإعداد خطة استراتيجية وطنية شاملة لإنهاء الكارثة البيئية بالجهة، تكون مستوحاة من المقترحات التي صاغها شباب قابس قبل أكثر من عقد، في إشارة رمزية إلى أن الحلول لا تأتي فقط من المكاتب وأروقة الوزارات، بل من الميدان ومن المواطنين الذين عاشوا الأزمة في أدق تفاصيلها.

ويُستشف من هذا اللقاء أن الحق في بيئة سليمة لا يقل أهمية عن الحق في العمل أو الصحة أو الكرامة، وأن الدولة ملتزمة بإعادة الاعتبار لمدينة قابس التي ظلت لسنوات ضحية سوء التخطيط وغياب الرقابة.

احتجاجات مشروعة.. لكن

من جانب آخر، وفي علاقة بأعمال الحرق والتخريب التي رافقت سير الاحتجاجات في قابس، فإن الجميع يُدرك أن مطالب المحتجّين مشروعة وعادلة، فهي تستند إلى واقع بيئي متردٍّ يهدد صحة السكان ويحدّ من فرص التنمية المحلية.

لكن، في المقابل، لا يمكن مطلقًا تبرير الانزلاقات التي رافقت بعض التحركات، من أعمال حرق وتخريب لممتلكات عامة، على اعتبار أنها ممارسات تسيء إلى مشروعية المطالب وتضعفها، كما أنها تنقل الاحتجاج من بعده السلمي إلى دائرة الفوضى، وهو أمر مرفوض كليًا، لا سيّما وأن الاحتجاج المشروع يكتسب قوّته وشرعيته من سلميّته وانضباطه.

وفي هذا السياق، أثارت أعمال الحرق والتخريب التي طالت بعض المرافق استياءً واسعًا بين أهالي الجهة، وهو ما عبّر عنه كثيرون، مستنكرين الخسائر التي تسببت فيها هذه السلوكيات، والتي لا تخدم البتة قضيتهم الأساسية، بل تحوّلها من مطالب مشروعة إلى أداة للفوضى، خاصة في ظل تعهّد الدولة، في أعلى هرمها، بمعالجة الملف وتجاوز الإخلالات ومحاسبة المقصّرين.

لا للمزايدات السياسية

وفي هذا الاتجاه، من الرسائل الواضحة التي بعث بها رئيس الجمهورية خلال لقائه بوزيرة الصناعة ووزير البيئة، تحذيره من محاولات الركوب على الأحداث أو تحويلها إلى محل مزايدات سياسية سواء من الداخل أو من الخارج.

وقال في هذا السياق: «أهل قابس، كما سائر التونسيين في مختلف الجهات، سيلقون حقوقهم كاملة».

وبهذا الموقف، رسم رئيس الدولة حدودًا فاصلة بين الاحتجاج المشروع والمزايدات السياسية، مؤكّدًا أن الدولة ستتعامل مع الملف من منطلق وطني بحت، بعيدًا عن الحسابات الظرفية الضيّقة، مشددًا على أن ملف قابس البيئي لا يمكن أن يكون مطيّة للمزايدات السياسية أو وسيلة لاستثمار الأزمة لتحقيق غايات ومكاسب ضيّقة، على حساب المطالب المشروعة للأهالي.

فالمسألة تظلّ قضية وطنية تستدعي التحلّي بروح المسؤولية الجماعية، فضلًا عن تضافر جهود الدولة والمجتمع المدني.

بداية مسار وطني جديد

وهذه المقاربة تضع الأزمة في إطارها الحقيقي: فالأمر يتعلق بقضية وطنية تمسّ الدولة والمجتمع بأسره، وتعهد الدولة بتجاوز الإشكال في أسرع الآجال يتوافق مع رؤية رئيس الجمهورية قيس سعيّد في بناء نموذج جديد للحكم المحلي يقوم على المسؤولية المباشرة ومحاسبة كل من يتقاعس عن أداء واجباته.

كما نوه رئيس الدولة، إثر لقائه وزيرة الصناعة ووزير البيئة، إلى ضرورة محاسبة المقصرين، تحسّبًا من مغبّة تكرار مثل هذه الإخلالات.

ومن جهة أخرى، فإن ملف التلوث البيئي في قابس لن يُغلق عند حدود التدخل العاجل، بل سيكون نقطة انطلاق لسياسة وطنية جديدة في التعاطي مع الملف البيئي، إذ تعاني عديد المناطق التونسية من إشكاليات بيئية وهيكلية متشابهة:من صفاقس التي تعيش أزمة نفايات، إلى قفصة المثقلة بمخلفات الفسفاط، إلى بنزرت التي تواجه تدهورًا بيئيًا في خليجها، وغيرها من المناطق الصناعية التي تعاني التلوث.

ويأتي توجيه رئيس الجمهورية بإعادة الاعتبار لولاية قابس كإعلان ضمني عن بداية مسار إصلاحي شامل يجعل من البيئة محورًا هامًا في السياسات العمومية.

وهذا التوجه يحمل أبعادا استراتيجية تتجاوز البعد البيئي، فهو يعيد للدولة دورها الرقابي والتخطيطي، ويدفع نحو بناء نموذج تنموي جديد يوازن بين التصنيع وحماية الإنسان والمحيط، في انسجام مع المعايير الدولية للتنمية المستدامة، وهي المعايير التي تدرجها تونس أيضا ضمن أولوياتها وتعمل على اعتمادها وترسيخها.

قابس على أعتاب مرحلة جديدة

في هذا الخضم، وبين المطلب الشعبي المشروع والإرادة السياسية المعلنة، تبدو قابس اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، عنوانها الانتقال من التهميش والمعاناة إلى الحلول والانفراج.

وإذا ما نجحت هذه المقاربة في تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، فإن قابس ستمثّل نقطة انطلاق نحو عدالة بيئية شاملة تُعيد الثقة بين المواطن ومؤسسات بلاده.

فالمرحلة القادمة ستمنح ولاية قابس فرصة لإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، وخاصة إرساء نموذج للحكم المحلي يرتكز على المسؤولية والمساءلة، ويضمن محاسبة كل من يقصر في أداء واجباته.

وبذلك، تصبح قابس مثالًا يُحتذى به في كيفية تحويل الغضب المشروع إلى طاقة إيجابية تخدم التنمية وتحمي البيئة، وتُؤسّس لمسار يضع المواطن في قلب العملية التنموية، ويُعيد للجهة دورها الحيوي والريادي على الصعيدين الوطني والجهوي.

منال حرزي

بعد عودة الهدوء إلى قابس..   توجه نحو حلول جذرية وعدالة بيئية شاملة

بين الأصوات المطالبة بإنقاذ الجهة من براثن التلوث، وتعهّد الدولة بمعالجة الملف البيئي بحزم ومسؤولية، تقف قابس على أعتاب مرحلة مفصلية عنوانها الانتقال من الغضب الشعبي إلى التزام الدولة بتسوية جدّية للملف. فقد عبّر أهالي الجهة عن حقّ مشروع في بيئة نظيفة وسليمة، فيما أكّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد، لدى لقائه بكل من وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة ثابت شيبوب ووزير البيئة حبيب عبيد، أن الدولة لن تكتفي بالمعالجة الظرفية، بل ستتّجه نحو حلول جذرية تنهي سنوات من الإهمال والتقصير، وتُعيد للجهة مكانتها وإشعاعها كرمز للتنمية.

في هذا الخصوص، عاد الهدوء إلى قابس بعد سحابة من التوتر، ترجمتها احتجاجات شهدتها الجهة جراء تردّي الوضع البيئي، الذي أسفر عن حالات اختناق في صفوف التلاميذ بسبب الانبعاثات الغازية للوحدات الصناعية التابعة للمجمع الكيميائي التونسي. فجاءت التحركات تعبيرا عن غضب في منطقة تعاني منذ عقود من اختلال التوازن بين التنمية الصناعية وحماية البيئة.

وتأتي عودة الأجواء إلى هدوئها المعتاد إثر استقبال رئيس الجمهورية قيس سعيد، يوم الجمعة 11 أكتوبر الجاري، لوزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة ثابت شيبوب ووزير البيئة حبيب عبيد، حيث مثّل اللقاء منعطفا هاما في مسار الأزمة، إذ أعاد التوازن إلى المشهد وفتح الباب أمام مقاربة جديدة قوامها المتابعة الميدانية، والمحاسبة، والتخطيط الاستراتيجي بعيد المدى.

فاللقاء حمل في جوهره رسائل طمأنة مباشرة لأهالي قابس، مفادها أن الدولة حاضرة ومُنصتة، ولن تتخلى عن مسؤولياتها وواجباتها، وأن معالجة الملف البيئي لن تكون هذه المرة ظرفية أو بحلول ترقيعية، وإنما ستكون جذرية، تتجاوز حدود المعالجات التقنية الضيّقة، إلى إصلاح هيكلي للمنظومة برمّتها.

قرارات ومتابعة مستمرة

وفي خطوة ملموسة للحدّ من تداعيات الأزمة ومعالجتها، أسدى رئيس الدولة تعليماته بتوجيه فريق مشترك من وزارتي الصناعة والبيئة إلى معمل الحامض الفسفوري بالمجمع الكيميائي بقابس، لإصلاح الأعطاب في أقرب الآجال، مع تحميل المسؤولية لكلّ من قصّر أو تغاضى.

وأكد رئيس الدولة أنه يتابع الوضع بصفة مستمرة، وأنّ التقارير الواردة تكشف عن إخلالات خطيرة في الصيانة، وفي تطبيق معايير السلامة، فضلًا عن غياب الاختبارات الفنية الدورية على المعدات، في مخالفة واضحة للتراتيب القانونية.

وشدّد على ضرورة الإسراع بإعداد خطة استراتيجية وطنية شاملة لإنهاء الكارثة البيئية بالجهة، تكون مستوحاة من المقترحات التي صاغها شباب قابس قبل أكثر من عقد، في إشارة رمزية إلى أن الحلول لا تأتي فقط من المكاتب وأروقة الوزارات، بل من الميدان ومن المواطنين الذين عاشوا الأزمة في أدق تفاصيلها.

ويُستشف من هذا اللقاء أن الحق في بيئة سليمة لا يقل أهمية عن الحق في العمل أو الصحة أو الكرامة، وأن الدولة ملتزمة بإعادة الاعتبار لمدينة قابس التي ظلت لسنوات ضحية سوء التخطيط وغياب الرقابة.

احتجاجات مشروعة.. لكن

من جانب آخر، وفي علاقة بأعمال الحرق والتخريب التي رافقت سير الاحتجاجات في قابس، فإن الجميع يُدرك أن مطالب المحتجّين مشروعة وعادلة، فهي تستند إلى واقع بيئي متردٍّ يهدد صحة السكان ويحدّ من فرص التنمية المحلية.

لكن، في المقابل، لا يمكن مطلقًا تبرير الانزلاقات التي رافقت بعض التحركات، من أعمال حرق وتخريب لممتلكات عامة، على اعتبار أنها ممارسات تسيء إلى مشروعية المطالب وتضعفها، كما أنها تنقل الاحتجاج من بعده السلمي إلى دائرة الفوضى، وهو أمر مرفوض كليًا، لا سيّما وأن الاحتجاج المشروع يكتسب قوّته وشرعيته من سلميّته وانضباطه.

وفي هذا السياق، أثارت أعمال الحرق والتخريب التي طالت بعض المرافق استياءً واسعًا بين أهالي الجهة، وهو ما عبّر عنه كثيرون، مستنكرين الخسائر التي تسببت فيها هذه السلوكيات، والتي لا تخدم البتة قضيتهم الأساسية، بل تحوّلها من مطالب مشروعة إلى أداة للفوضى، خاصة في ظل تعهّد الدولة، في أعلى هرمها، بمعالجة الملف وتجاوز الإخلالات ومحاسبة المقصّرين.

لا للمزايدات السياسية

وفي هذا الاتجاه، من الرسائل الواضحة التي بعث بها رئيس الجمهورية خلال لقائه بوزيرة الصناعة ووزير البيئة، تحذيره من محاولات الركوب على الأحداث أو تحويلها إلى محل مزايدات سياسية سواء من الداخل أو من الخارج.

وقال في هذا السياق: «أهل قابس، كما سائر التونسيين في مختلف الجهات، سيلقون حقوقهم كاملة».

وبهذا الموقف، رسم رئيس الدولة حدودًا فاصلة بين الاحتجاج المشروع والمزايدات السياسية، مؤكّدًا أن الدولة ستتعامل مع الملف من منطلق وطني بحت، بعيدًا عن الحسابات الظرفية الضيّقة، مشددًا على أن ملف قابس البيئي لا يمكن أن يكون مطيّة للمزايدات السياسية أو وسيلة لاستثمار الأزمة لتحقيق غايات ومكاسب ضيّقة، على حساب المطالب المشروعة للأهالي.

فالمسألة تظلّ قضية وطنية تستدعي التحلّي بروح المسؤولية الجماعية، فضلًا عن تضافر جهود الدولة والمجتمع المدني.

بداية مسار وطني جديد

وهذه المقاربة تضع الأزمة في إطارها الحقيقي: فالأمر يتعلق بقضية وطنية تمسّ الدولة والمجتمع بأسره، وتعهد الدولة بتجاوز الإشكال في أسرع الآجال يتوافق مع رؤية رئيس الجمهورية قيس سعيّد في بناء نموذج جديد للحكم المحلي يقوم على المسؤولية المباشرة ومحاسبة كل من يتقاعس عن أداء واجباته.

كما نوه رئيس الدولة، إثر لقائه وزيرة الصناعة ووزير البيئة، إلى ضرورة محاسبة المقصرين، تحسّبًا من مغبّة تكرار مثل هذه الإخلالات.

ومن جهة أخرى، فإن ملف التلوث البيئي في قابس لن يُغلق عند حدود التدخل العاجل، بل سيكون نقطة انطلاق لسياسة وطنية جديدة في التعاطي مع الملف البيئي، إذ تعاني عديد المناطق التونسية من إشكاليات بيئية وهيكلية متشابهة:من صفاقس التي تعيش أزمة نفايات، إلى قفصة المثقلة بمخلفات الفسفاط، إلى بنزرت التي تواجه تدهورًا بيئيًا في خليجها، وغيرها من المناطق الصناعية التي تعاني التلوث.

ويأتي توجيه رئيس الجمهورية بإعادة الاعتبار لولاية قابس كإعلان ضمني عن بداية مسار إصلاحي شامل يجعل من البيئة محورًا هامًا في السياسات العمومية.

وهذا التوجه يحمل أبعادا استراتيجية تتجاوز البعد البيئي، فهو يعيد للدولة دورها الرقابي والتخطيطي، ويدفع نحو بناء نموذج تنموي جديد يوازن بين التصنيع وحماية الإنسان والمحيط، في انسجام مع المعايير الدولية للتنمية المستدامة، وهي المعايير التي تدرجها تونس أيضا ضمن أولوياتها وتعمل على اعتمادها وترسيخها.

قابس على أعتاب مرحلة جديدة

في هذا الخضم، وبين المطلب الشعبي المشروع والإرادة السياسية المعلنة، تبدو قابس اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، عنوانها الانتقال من التهميش والمعاناة إلى الحلول والانفراج.

وإذا ما نجحت هذه المقاربة في تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، فإن قابس ستمثّل نقطة انطلاق نحو عدالة بيئية شاملة تُعيد الثقة بين المواطن ومؤسسات بلاده.

فالمرحلة القادمة ستمنح ولاية قابس فرصة لإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، وخاصة إرساء نموذج للحكم المحلي يرتكز على المسؤولية والمساءلة، ويضمن محاسبة كل من يقصر في أداء واجباته.

وبذلك، تصبح قابس مثالًا يُحتذى به في كيفية تحويل الغضب المشروع إلى طاقة إيجابية تخدم التنمية وتحمي البيئة، وتُؤسّس لمسار يضع المواطن في قلب العملية التنموية، ويُعيد للجهة دورها الحيوي والريادي على الصعيدين الوطني والجهوي.

منال حرزي