شهدت المبادلات التجارية التونسية خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2025 ديناميكية متجددة تعكس بوادر انتعاش اقتصادي واضح، رغم التقلّبات الإقليمية والدولية التي أثّرت في حركة التجارة العالمية. فقد كشف المعهد الوطني للإحصاء، في أحدث بياناته الصادرة أمس، أن قيمة الصادرات التونسية بلغت 46419,8 مليون دينار خلال الفترة الممتدة من جانفي إلى سبتمبر 2025، مقابل 46404,6 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2024، أي بزيادة طفيفة تُخفي وراءها تحوّلات جوهرية في هيكلة الصادرات ونوعية القطاعات المساهمة فيها.
هذه الأرقام، وإن بدت مستقرة إجمالا على مستوى القيمة الإجمالية، فإنها تعكس ديناميكية قطاعية مهمة، إذ سجّلت بعض القطاعات الصناعية الحيوية انتعاشة واضحة، ما يؤشر إلى بداية استعادة التوازن في الاقتصاد التونسي، خصوصا في الصناعات ذات القيمة المضافة العالية.
الصناعات الميكانيكية والكهربائية في الصدارة
من أبرز النقاط المضيئة في تقرير المعهد الوطني للإحصاء، الأداء المتميز لقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية، الذي واصل تعزيز مكانته كأحد أعمدة التصدير التونسي. فقد حقق هذا القطاع نمواً بنسبة +6,4 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مستفيدًا من ارتفاع الطلب الأوروبي على المكونات الإلكترونية والميكانيكية، وخاصة من شركاء تونس التقليديين على غرار فرنسا، ألمانيا، وإيطاليا.
ويرى المراقبون أن هذا النمو ليس ظرفيا، بل يعكس تحوّلا هيكليًا في طبيعة الإنتاج الصناعي التونسي، الذي بات أكثر توجّهًا نحو الصناعات المتطورة ذات القيمة المضافة العالية. وحسب ما أفاد به بعض خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، فإن قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية يجسّد اليوم الرهان الحقيقي للصناعة التونسية، إذ أصبح يدمج التكنولوجيا الحديثة ويخلق فرص تشغيل نوعية للشباب من خريجي التكوين المهني والهندسي، ما يجعله محورا استراتيجيا لتعزيز تنافسية الصادرات التونسية في السنوات القادمة».
كما يشير بعض الخبراء إلى أن مواصلة دعم هذا القطاع من خلال التحفيزات الجبائية وتيسير النفاذ إلى التمويل، سيسمح بزيادة قدرته التصديرية خاصة نحو أسواق أوروبا الشرقية وشمال إفريقيا، وهي وجهات يُنتظر أن تشهد توسّعاً في 2026.
عودة قوية لقطاع الفسفاط ومشتقاته
إلى جانب الصناعات الميكانيكية، عاد قطاع الفسفاط ومشتقاته إلى الواجهة بقوة خلال هذه الفترة، مسجلا ارتفاعا بنسبة +8% مقارنة بسنة 2024. ويعزى هذا الأداء إلى تحسن الإنتاج الوطني واستقرار نشاط شركة فسفاط قفصة بعد سنوات من التعثر.
وتمكنت تونس خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025 من تعزيز صادراتها من الأسمدة الكيميائية نحو الأسواق الآسيوية والإفريقية، خاصة بعد تحسّن الطلب العالمي على الفسفاط بسبب ارتفاع الأسعار الدولية لمواد الأسمدة. ويُعتبر هذا التطور مؤشرا إيجابيا لاستعادة تونس مكانتها التاريخية في سوق الفسفاط العالمي.
وفي هذا السياق، يؤكد خبراء الاقتصاد أن «تحسن صادرات الفسفاط هو أكثر من مجرد مؤشر ظرفي، بل هو دليل على عودة الثقة في قطاع استراتيجي ظلّ لسنوات رهينة الاضطرابات الاجتماعية والإنتاجية. واليوم، يبدو أن هذا القطاع بصدد استرجاع دوره كمصدر رئيسي للعملة الصعبة، مع إمكانيات كبيرة للتوسع نحو أسواق جديدة في إفريقيا جنوب الصحراء».
تراجع ظرفي لهذه القطاعات
في المقابل، شهدت بعض القطاعات تراجعا ملحوظا أثّر جزئيا على الأداء العام للصادرات، وعلى رأسها قطاع الطاقة الذي انخفضت صادراته بنسبة -34,2 % نتيجة تراجع صادرات المواد المكرّرة (610,4 م.د مقابل 1466,2 م.د في 2024). ويُعزى هذا الانخفاض أساسا إلى تقلّبات الأسعار العالمية وتراجع الطلب في بعض الأسواق الإقليمية، إضافة إلى محدودية الطاقة الإنتاجية المحلية.
كما سجّل قطاع الفلاحة والمنتجات الغذائية انخفاضا بنسبة -14,6 %، متأثرا أساسا بتراجع مبيعات زيت الزيتون، الذي يُعد أحد أهم أعمدة الصادرات الفلاحية، حيث بلغت قيمته 2915,2 مليون دينار مقابل 4038,5 مليون دينار في نفس الفترة من السنة الماضية.
ورغم هذا التراجع، يرى عدد من المختصين أن الانخفاض يبقى ظرفيا ويرتبط بعوامل مناخية وبالدورات الطبيعية للإنتاج الزراعي، حيث أن تراجع صادرات زيت الزيتون خلال هذه السنة كان متوقعا بسبب ضعف الإنتاج العالمي وتقلّب الأحوال المناخية، لكن الآفاق المستقبلية تبقى واعدة جدا، خصوصا مع انطلاق برامج توسعة غراسات الزيتون البيولوجي في الوسط والجنوب التونسي، والتي يُتوقع أن ترفع الإنتاج بنحو 30 % بحلول 2026».
قطاع النسيج بين الاستقرار وإعادة التموضع
أما قطاع النسيج والملابس والجلد، فقد سجل تراجعا طفيفا بنسبة -1,3 % مقارنة بسنة 2024، وهو تراجع يُعتبر محدودا بالنظر إلى التحديات التي يواجهها القطاع على الصعيدين المحلي والدولي، مثل ارتفاع كلفة الإنتاج والمنافسة الشرسة من الأسواق الآسيوية. ورغم ذلك، يؤكد خبراء الصناعة أن القطاع بصدد إعادة التموضع، من خلال التحول نحو التصنيع الذكي وتبني التقنيات الحديثة في الخياطة والطباعة والتصميم. ويُنتظر أن يشهد القطاع انطلاقة جديدة مع توسّع الشراكات مع علامات أوروبية تبحث عن الإنتاج المستدام والقريب جغرافيا من أسواقها الرئيسية، وهو ما يجعل تونس في موقع تنافسي مريح مقارنة بالبلدان البعيدة جغرافيا مثل بنغلادش وفيتنام.
مؤشرات إيجابية تعكس بداية تعافٍ حقيقي
ويرى الخبراء أن مجمل هذه المؤشرات، رغم التباين بين القطاعات، تُظهر بداية تعافٍ حقيقي للاقتصاد التونسي بعد سنوات من الركود والضبابية. كما أن “الثبات النسبي لقيمة الصادرات مع تحسن ملحوظ في قطاعات صناعية معينة يدل على أن الاقتصاد التونسي بدأ يتجه نحو تنويع حقيقي في قاعدة صادراته، ما سيقلل من هشاشته أمام الصدمات الخارجية”. كما أن الحفاظ على هذا النسق يتطلب مواصلة الإصلاحات في مناخ الأعمال وتبسيط الإجراءات الجمركية، إلى جانب تشجيع المؤسسات المصدّرة على الابتكار وإنتاج القيمة المضافة، خاصة في مجالات التكنولوجيا والطاقات المتجددة.
آفاق 2026.. نحو أسواق جديدة ومنتجات مبتكرة
وتتجه الأنظار اليوم نحو سنة 2026، التي يُتوقع أن تكون سنة الانطلاقة الفعلية نحو أسواق جديدة في إفريقيا وآسيا وأوروبا الشرقية، بفضل الاتفاقيات التجارية الثنائية والمفاوضات الجارية بين تونس وعدة شركاء استراتيجيين.
كما تعمل الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص على تنويع قاعدة المنتجات المصدّرة، من خلال تطوير صادرات الصناعات الخضراء، والتكنولوجيات الرقمية، والمنتجات الفلاحية العضوية. ولا يستبعد عدد من المسؤولين في الدولة أن “المرحلة القادمة ستكون مرحلة التحول النوعي للصادرات التونسية، حيث ستنتقل البلاد من تصدير المواد الخام إلى تصدير المعرفة والتكنولوجيا، وهو ما سيمكن تونس من تعزيز حضورها في الأسواق العالمية وتحسين موقعها في سلاسل القيمة الدولية”.
مؤشرات واعدة ومرحلة جديدة من الثقة
وإجمالا، تؤكد بيانات المعهد الوطني للإحصاء أن تونس تسير بخطى ثابتة نحو استعادة مكانتها التصديرية رغم الضغوط الاقتصادية والظروف العالمية المعقدة. فانتعاش قطاعات الصناعات الميكانيكية والفسفاط، إلى جانب الخطط الحكومية لدعم المؤسسات المصدّرة وتنويع الشراكات، ترسم ملامح مرحلة جديدة يسودها الاستقرار والنمو المتدرج.
وبين تراجع ظرفي في بعض القطاعات وصعود واعد في أخرى، تبرز مرونة الاقتصاد التونسي وقدرته على التكيّف والتجدد، مما يجعل من سنة 2025 نقطة تحول حقيقية نحو اقتصاد أكثر تنافسية واستدامة، ويضع الأسس لآفاق مشجعة في سنة 2026 وما بعدها، حيث من المنتظر أن تتوسع خريطة التصدير التونسية لتشمل أسواقا جديدة، ومنتجات مبتكرة تعبّر عن هوية اقتصادية تونسية متجددة وواثقة من قدراتها.
سفيان المهداوي
شهدت المبادلات التجارية التونسية خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2025 ديناميكية متجددة تعكس بوادر انتعاش اقتصادي واضح، رغم التقلّبات الإقليمية والدولية التي أثّرت في حركة التجارة العالمية. فقد كشف المعهد الوطني للإحصاء، في أحدث بياناته الصادرة أمس، أن قيمة الصادرات التونسية بلغت 46419,8 مليون دينار خلال الفترة الممتدة من جانفي إلى سبتمبر 2025، مقابل 46404,6 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2024، أي بزيادة طفيفة تُخفي وراءها تحوّلات جوهرية في هيكلة الصادرات ونوعية القطاعات المساهمة فيها.
هذه الأرقام، وإن بدت مستقرة إجمالا على مستوى القيمة الإجمالية، فإنها تعكس ديناميكية قطاعية مهمة، إذ سجّلت بعض القطاعات الصناعية الحيوية انتعاشة واضحة، ما يؤشر إلى بداية استعادة التوازن في الاقتصاد التونسي، خصوصا في الصناعات ذات القيمة المضافة العالية.
الصناعات الميكانيكية والكهربائية في الصدارة
من أبرز النقاط المضيئة في تقرير المعهد الوطني للإحصاء، الأداء المتميز لقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية، الذي واصل تعزيز مكانته كأحد أعمدة التصدير التونسي. فقد حقق هذا القطاع نمواً بنسبة +6,4 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مستفيدًا من ارتفاع الطلب الأوروبي على المكونات الإلكترونية والميكانيكية، وخاصة من شركاء تونس التقليديين على غرار فرنسا، ألمانيا، وإيطاليا.
ويرى المراقبون أن هذا النمو ليس ظرفيا، بل يعكس تحوّلا هيكليًا في طبيعة الإنتاج الصناعي التونسي، الذي بات أكثر توجّهًا نحو الصناعات المتطورة ذات القيمة المضافة العالية. وحسب ما أفاد به بعض خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، فإن قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية يجسّد اليوم الرهان الحقيقي للصناعة التونسية، إذ أصبح يدمج التكنولوجيا الحديثة ويخلق فرص تشغيل نوعية للشباب من خريجي التكوين المهني والهندسي، ما يجعله محورا استراتيجيا لتعزيز تنافسية الصادرات التونسية في السنوات القادمة».
كما يشير بعض الخبراء إلى أن مواصلة دعم هذا القطاع من خلال التحفيزات الجبائية وتيسير النفاذ إلى التمويل، سيسمح بزيادة قدرته التصديرية خاصة نحو أسواق أوروبا الشرقية وشمال إفريقيا، وهي وجهات يُنتظر أن تشهد توسّعاً في 2026.
عودة قوية لقطاع الفسفاط ومشتقاته
إلى جانب الصناعات الميكانيكية، عاد قطاع الفسفاط ومشتقاته إلى الواجهة بقوة خلال هذه الفترة، مسجلا ارتفاعا بنسبة +8% مقارنة بسنة 2024. ويعزى هذا الأداء إلى تحسن الإنتاج الوطني واستقرار نشاط شركة فسفاط قفصة بعد سنوات من التعثر.
وتمكنت تونس خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025 من تعزيز صادراتها من الأسمدة الكيميائية نحو الأسواق الآسيوية والإفريقية، خاصة بعد تحسّن الطلب العالمي على الفسفاط بسبب ارتفاع الأسعار الدولية لمواد الأسمدة. ويُعتبر هذا التطور مؤشرا إيجابيا لاستعادة تونس مكانتها التاريخية في سوق الفسفاط العالمي.
وفي هذا السياق، يؤكد خبراء الاقتصاد أن «تحسن صادرات الفسفاط هو أكثر من مجرد مؤشر ظرفي، بل هو دليل على عودة الثقة في قطاع استراتيجي ظلّ لسنوات رهينة الاضطرابات الاجتماعية والإنتاجية. واليوم، يبدو أن هذا القطاع بصدد استرجاع دوره كمصدر رئيسي للعملة الصعبة، مع إمكانيات كبيرة للتوسع نحو أسواق جديدة في إفريقيا جنوب الصحراء».
تراجع ظرفي لهذه القطاعات
في المقابل، شهدت بعض القطاعات تراجعا ملحوظا أثّر جزئيا على الأداء العام للصادرات، وعلى رأسها قطاع الطاقة الذي انخفضت صادراته بنسبة -34,2 % نتيجة تراجع صادرات المواد المكرّرة (610,4 م.د مقابل 1466,2 م.د في 2024). ويُعزى هذا الانخفاض أساسا إلى تقلّبات الأسعار العالمية وتراجع الطلب في بعض الأسواق الإقليمية، إضافة إلى محدودية الطاقة الإنتاجية المحلية.
كما سجّل قطاع الفلاحة والمنتجات الغذائية انخفاضا بنسبة -14,6 %، متأثرا أساسا بتراجع مبيعات زيت الزيتون، الذي يُعد أحد أهم أعمدة الصادرات الفلاحية، حيث بلغت قيمته 2915,2 مليون دينار مقابل 4038,5 مليون دينار في نفس الفترة من السنة الماضية.
ورغم هذا التراجع، يرى عدد من المختصين أن الانخفاض يبقى ظرفيا ويرتبط بعوامل مناخية وبالدورات الطبيعية للإنتاج الزراعي، حيث أن تراجع صادرات زيت الزيتون خلال هذه السنة كان متوقعا بسبب ضعف الإنتاج العالمي وتقلّب الأحوال المناخية، لكن الآفاق المستقبلية تبقى واعدة جدا، خصوصا مع انطلاق برامج توسعة غراسات الزيتون البيولوجي في الوسط والجنوب التونسي، والتي يُتوقع أن ترفع الإنتاج بنحو 30 % بحلول 2026».
قطاع النسيج بين الاستقرار وإعادة التموضع
أما قطاع النسيج والملابس والجلد، فقد سجل تراجعا طفيفا بنسبة -1,3 % مقارنة بسنة 2024، وهو تراجع يُعتبر محدودا بالنظر إلى التحديات التي يواجهها القطاع على الصعيدين المحلي والدولي، مثل ارتفاع كلفة الإنتاج والمنافسة الشرسة من الأسواق الآسيوية. ورغم ذلك، يؤكد خبراء الصناعة أن القطاع بصدد إعادة التموضع، من خلال التحول نحو التصنيع الذكي وتبني التقنيات الحديثة في الخياطة والطباعة والتصميم. ويُنتظر أن يشهد القطاع انطلاقة جديدة مع توسّع الشراكات مع علامات أوروبية تبحث عن الإنتاج المستدام والقريب جغرافيا من أسواقها الرئيسية، وهو ما يجعل تونس في موقع تنافسي مريح مقارنة بالبلدان البعيدة جغرافيا مثل بنغلادش وفيتنام.
مؤشرات إيجابية تعكس بداية تعافٍ حقيقي
ويرى الخبراء أن مجمل هذه المؤشرات، رغم التباين بين القطاعات، تُظهر بداية تعافٍ حقيقي للاقتصاد التونسي بعد سنوات من الركود والضبابية. كما أن “الثبات النسبي لقيمة الصادرات مع تحسن ملحوظ في قطاعات صناعية معينة يدل على أن الاقتصاد التونسي بدأ يتجه نحو تنويع حقيقي في قاعدة صادراته، ما سيقلل من هشاشته أمام الصدمات الخارجية”. كما أن الحفاظ على هذا النسق يتطلب مواصلة الإصلاحات في مناخ الأعمال وتبسيط الإجراءات الجمركية، إلى جانب تشجيع المؤسسات المصدّرة على الابتكار وإنتاج القيمة المضافة، خاصة في مجالات التكنولوجيا والطاقات المتجددة.
آفاق 2026.. نحو أسواق جديدة ومنتجات مبتكرة
وتتجه الأنظار اليوم نحو سنة 2026، التي يُتوقع أن تكون سنة الانطلاقة الفعلية نحو أسواق جديدة في إفريقيا وآسيا وأوروبا الشرقية، بفضل الاتفاقيات التجارية الثنائية والمفاوضات الجارية بين تونس وعدة شركاء استراتيجيين.
كما تعمل الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص على تنويع قاعدة المنتجات المصدّرة، من خلال تطوير صادرات الصناعات الخضراء، والتكنولوجيات الرقمية، والمنتجات الفلاحية العضوية. ولا يستبعد عدد من المسؤولين في الدولة أن “المرحلة القادمة ستكون مرحلة التحول النوعي للصادرات التونسية، حيث ستنتقل البلاد من تصدير المواد الخام إلى تصدير المعرفة والتكنولوجيا، وهو ما سيمكن تونس من تعزيز حضورها في الأسواق العالمية وتحسين موقعها في سلاسل القيمة الدولية”.
مؤشرات واعدة ومرحلة جديدة من الثقة
وإجمالا، تؤكد بيانات المعهد الوطني للإحصاء أن تونس تسير بخطى ثابتة نحو استعادة مكانتها التصديرية رغم الضغوط الاقتصادية والظروف العالمية المعقدة. فانتعاش قطاعات الصناعات الميكانيكية والفسفاط، إلى جانب الخطط الحكومية لدعم المؤسسات المصدّرة وتنويع الشراكات، ترسم ملامح مرحلة جديدة يسودها الاستقرار والنمو المتدرج.
وبين تراجع ظرفي في بعض القطاعات وصعود واعد في أخرى، تبرز مرونة الاقتصاد التونسي وقدرته على التكيّف والتجدد، مما يجعل من سنة 2025 نقطة تحول حقيقية نحو اقتصاد أكثر تنافسية واستدامة، ويضع الأسس لآفاق مشجعة في سنة 2026 وما بعدها، حيث من المنتظر أن تتوسع خريطة التصدير التونسية لتشمل أسواقا جديدة، ومنتجات مبتكرة تعبّر عن هوية اقتصادية تونسية متجددة وواثقة من قدراتها.