تتواتر في هذه المرحلة الأخبار والمؤشرات والمعطيات الوطنية والدولية، بخصوص نجاعة السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي انتهجتها الدولة التونسية في السنوات القليلة الماضية، في ظل النهج الذي اختاره رئيس الجمهورية قيس سعيد لتحقيق التكامل مع الوظيفة التشريعية لبلورة رؤية إصلاحية شاملة لكل القطاعات والمجالات، تقطع في جوانب كثيرة منها مع سياسة الدولة في المراحل والمنظومات ما قبل جويلية 2021. لتثبت هذه السياسة الإصلاحية قدرتها على تحقيق نتائج ملموسة تؤكد تعافي الاقتصاد الوطني وانعكاس ذلك على عدة مستويات بدأت تعطي أكلها.
هذه المعطيات تؤكد أن السياسية الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها الدولة، رغم انتقادات البعض لها، كانت ناجعة إلى حد الآن وذات جدوى، خاصة أن هذه الإصلاحات كانت مرتبطة بتحديات كبرى ومضبوطة بأهداف محددة.
فبعد أن تمكنت تونس من سداد أقساط ديونها الخارجية إلى حدود موفى سبتمبر 2025 وفق تقرير نشره البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية حول الآفاق الاقتصادية الإقليمية، لتتمكن بلادنا بذلك من خلاص كل القروض الخارجية للعام الحالي قبل نهاية السنة بثلاثة أشهر، مع تسجيل مستوى مدخرات مريح. وأرجع نفس التقرير ذلك إلى سياسة التعويل على الذات التي انتهجتها تونس.
فقد تمكن الاقتصاد الوطني في الأعوام القليلة الفارطة من تجاوز تحديات تغطية احتياجاته من التمويل الخارجي بنجاح، وذلك دون خيار اللجوء للهيئات المالية الدولية الدائنة. لتتمكن البلاد، عموما، من سداد ديونها الخارجية بالكامل، بفضل تطور الصادرات وخاصة عائدات قطاعي السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج وصادرات زيت الزيتون.
كما تبين معطيات البنك الدولي في «تقرير الديون الدولية» أن تونس تتحكم في دينها الخارجي وحصة خدمة الدين في الدخل الوطني الإجمالي وسط وجود نسبة مهمة من الديون قصيرة الأجل على مستوى قائم الديون الخارجية، بالإضافة إلى تسجيل سيطرة واضحة على عبء الديون مقارنة بموارد القطاع الخارجي، وهو ما يعكس جهود التحكم في توازنات المالية العمومية على أكثر من مستوى.
يأتي ذلك بعد يومين من نشر البنك الدولي تقرير توقع فيه ارتفاع نسبة نمو الاقتصاد التونسي إلى 2.6 بالمائة خلال سنة 2025 من 1.9 بالمائة توقعها سابقا مع إمكانية تراجعه بشكل طفيف، خلال الفترة 2026-2027، إلى 2.4 بالمائة.
وأكد البنك، في تقريره حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان نشر، في بحر هذا الأسبوع، أن اقتصاد تونس سيسجل ارتفاعا للنمو خلال سنة 2025 مدفوعا بالإنتاج الاقتصادي وخاصة زيت الزيتون والحبوب.
ولم يتوقف أمر نجاعة السياسة الإصلاحية في الدولة التي تختزل في تفاصيلها وأهدافها مشروع الجمهورية الجديدة التي تقوم على العدالة الاجتماعية بين جميع الجهات، بل سجل أيضا بداية تعافي عدة مؤسسات وشركات كانت مهددة بالإفلاس والغلق وبعضها الآخر كان على أبواب الانهيار والاندثار على غرار الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بالقصرين، التي باتت اليوم مؤسسة رابحة بعد أن استطاعت تأمين حاجيات التلاميذ والطلبة في جميع المستويات من الكراس خلال السنة الدراسية 2025/2026. كما هو الشأن بالنسبة لشركة فسفاط قفصة بعد أن أكد القائمون عليها تسجيل تحسن في الإنتاج وتطورا ما فتئ يسجل من مرحلة لأخرى وذلك بناء على برنامج الإصلاح وإعادة الهيكلة لهذه المؤسسة العريقة التي كانت بدورها مهددة بالإفلاس وتحولات في السنوات الماضية إلى عبء على الدولة والاقتصاد.
بدورها عادت الشركة التونسية للصناعات الصيدلية «سيفات» إلى مصاف الشركات المصنعة والمصدرة للأدوية بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنى مهددة بالتفريط فيها لفائدة القطاع الخاص بسبب الصعوبات التي كانت تتخبط فيها، لتتولى اليوم تنفيذ جانب من برنامج تونس الدولي لصناعة وتوزيع الأدوية في المنطقة العربية والقارة الإفريقية ودوليا، وهو ما ترجمته الاتفاقيات التي أمضاها وزير الصحة في الغرض مع عدة دول ومنظمات قارية ودولية.
والمؤشرات والأرقام الإيجابية التي تم تسجيلها في هذه المرحلة وشكلت مصدر فخر للجميع، لم تكن في القطاع العمومي فحسب بل شملت بالأساس القطاع الخاص في عدة مجالات لاسيما منها السياحة والصناعة وتحسن الاستثمار الوطني والدولي.
هذه بعض الأمثلة لشركات ومؤسسات كبرى استفادت من سياسة الدولة الإصلاحية وأصبحت رقما اقتصاديا هاما وموطن تشغيل بامتياز بعد سنوات قليلة من إفرادها بإرادة ووقفة رسمية تهدف للإصلاح وإدخالها في الدورة الاقتصادية للدولة. فيما لا يزال مسار الإصلاح وإعادة التأهيل قائما بالنسبة لمؤسسات وهياكل أخرى مثل الخطوط الجوية التونسية، بعد أن أكد رئيس الجمهورية قيس سعيد على ضرورة وضع خطة إنقاذ في كل المستويات حتى «تسترجع هذه المؤسسة بكل مكوناتها وهجها وبريقها في الأرض وفي السماء».
كما سجل أسطول النقل تحسنا كبيرا انعكس على خدمات قطاع النقل في تونس سواء في تونس الكبرى أو بين المدن والجهات وذلك بفضل سياسة الدولة لإصلاح قطاع النقل وكذلك قطاع الصحة باعتبار أهمية خدمات القطاعين بالنسبة للمواطنين. ليتجلى ذلك في تجهيز أغلب المستشفيات الجامعية والجهوية بتجهيزات طبية متطورة، إضافة إلى مواصلة تعزيز الإطار الطبي وشبه الطبي في كامل جهات الجمهورية الأمر الذي جعل بعض المؤسسات الصحية التي كانت بدورها مهددة بالإغلاق تعلن عن قيام إطارات طبية فيها بعمليات جراحية عديدة، بشكل أعاد الأمل لنسبة كبيرة من المواطنين في التمتع بخدمات طبية وصحية متطورة وبنفس القدر من المساواة في كامل جهات الجمهورية.
فالوضع اليوم يتطلب مواصلة نفس السياسة الإصلاحية وتوسيع دوائرها وخدماتها ومواصلة تحدي الصعوبات والعراقيل التي تعمل على الحيلولة دون تحقيق النتائج المرجوة. وذلك يتطلب مواصلة الإصلاحات التشريعية التي ما انفك البرلمان يعمل على تكريسها في تناغم مع سياسة الدولة وتوجهها الإصلاحي والاقتصادي والاجتماعي إضافة إلى العمل على تفعيل القوانين وتحويل البرامج الاستثنائية للإصلاح إلى قاعدة وثوابت في سياسة الدولة، لاسيما أن جملة هذه النتائج تأتي في وقت تتجه فيه الأنظار إلى مشروعي قانوني المالية وميزانية الدولة لسنة 2026، قبل أيام من عرضهما على أنظار المؤسسة التشريعية بغرفتيها.
نزيهة الغضباني
تتواتر في هذه المرحلة الأخبار والمؤشرات والمعطيات الوطنية والدولية، بخصوص نجاعة السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي انتهجتها الدولة التونسية في السنوات القليلة الماضية، في ظل النهج الذي اختاره رئيس الجمهورية قيس سعيد لتحقيق التكامل مع الوظيفة التشريعية لبلورة رؤية إصلاحية شاملة لكل القطاعات والمجالات، تقطع في جوانب كثيرة منها مع سياسة الدولة في المراحل والمنظومات ما قبل جويلية 2021. لتثبت هذه السياسة الإصلاحية قدرتها على تحقيق نتائج ملموسة تؤكد تعافي الاقتصاد الوطني وانعكاس ذلك على عدة مستويات بدأت تعطي أكلها.
هذه المعطيات تؤكد أن السياسية الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها الدولة، رغم انتقادات البعض لها، كانت ناجعة إلى حد الآن وذات جدوى، خاصة أن هذه الإصلاحات كانت مرتبطة بتحديات كبرى ومضبوطة بأهداف محددة.
فبعد أن تمكنت تونس من سداد أقساط ديونها الخارجية إلى حدود موفى سبتمبر 2025 وفق تقرير نشره البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية حول الآفاق الاقتصادية الإقليمية، لتتمكن بلادنا بذلك من خلاص كل القروض الخارجية للعام الحالي قبل نهاية السنة بثلاثة أشهر، مع تسجيل مستوى مدخرات مريح. وأرجع نفس التقرير ذلك إلى سياسة التعويل على الذات التي انتهجتها تونس.
فقد تمكن الاقتصاد الوطني في الأعوام القليلة الفارطة من تجاوز تحديات تغطية احتياجاته من التمويل الخارجي بنجاح، وذلك دون خيار اللجوء للهيئات المالية الدولية الدائنة. لتتمكن البلاد، عموما، من سداد ديونها الخارجية بالكامل، بفضل تطور الصادرات وخاصة عائدات قطاعي السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج وصادرات زيت الزيتون.
كما تبين معطيات البنك الدولي في «تقرير الديون الدولية» أن تونس تتحكم في دينها الخارجي وحصة خدمة الدين في الدخل الوطني الإجمالي وسط وجود نسبة مهمة من الديون قصيرة الأجل على مستوى قائم الديون الخارجية، بالإضافة إلى تسجيل سيطرة واضحة على عبء الديون مقارنة بموارد القطاع الخارجي، وهو ما يعكس جهود التحكم في توازنات المالية العمومية على أكثر من مستوى.
يأتي ذلك بعد يومين من نشر البنك الدولي تقرير توقع فيه ارتفاع نسبة نمو الاقتصاد التونسي إلى 2.6 بالمائة خلال سنة 2025 من 1.9 بالمائة توقعها سابقا مع إمكانية تراجعه بشكل طفيف، خلال الفترة 2026-2027، إلى 2.4 بالمائة.
وأكد البنك، في تقريره حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان نشر، في بحر هذا الأسبوع، أن اقتصاد تونس سيسجل ارتفاعا للنمو خلال سنة 2025 مدفوعا بالإنتاج الاقتصادي وخاصة زيت الزيتون والحبوب.
ولم يتوقف أمر نجاعة السياسة الإصلاحية في الدولة التي تختزل في تفاصيلها وأهدافها مشروع الجمهورية الجديدة التي تقوم على العدالة الاجتماعية بين جميع الجهات، بل سجل أيضا بداية تعافي عدة مؤسسات وشركات كانت مهددة بالإفلاس والغلق وبعضها الآخر كان على أبواب الانهيار والاندثار على غرار الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بالقصرين، التي باتت اليوم مؤسسة رابحة بعد أن استطاعت تأمين حاجيات التلاميذ والطلبة في جميع المستويات من الكراس خلال السنة الدراسية 2025/2026. كما هو الشأن بالنسبة لشركة فسفاط قفصة بعد أن أكد القائمون عليها تسجيل تحسن في الإنتاج وتطورا ما فتئ يسجل من مرحلة لأخرى وذلك بناء على برنامج الإصلاح وإعادة الهيكلة لهذه المؤسسة العريقة التي كانت بدورها مهددة بالإفلاس وتحولات في السنوات الماضية إلى عبء على الدولة والاقتصاد.
بدورها عادت الشركة التونسية للصناعات الصيدلية «سيفات» إلى مصاف الشركات المصنعة والمصدرة للأدوية بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنى مهددة بالتفريط فيها لفائدة القطاع الخاص بسبب الصعوبات التي كانت تتخبط فيها، لتتولى اليوم تنفيذ جانب من برنامج تونس الدولي لصناعة وتوزيع الأدوية في المنطقة العربية والقارة الإفريقية ودوليا، وهو ما ترجمته الاتفاقيات التي أمضاها وزير الصحة في الغرض مع عدة دول ومنظمات قارية ودولية.
والمؤشرات والأرقام الإيجابية التي تم تسجيلها في هذه المرحلة وشكلت مصدر فخر للجميع، لم تكن في القطاع العمومي فحسب بل شملت بالأساس القطاع الخاص في عدة مجالات لاسيما منها السياحة والصناعة وتحسن الاستثمار الوطني والدولي.
هذه بعض الأمثلة لشركات ومؤسسات كبرى استفادت من سياسة الدولة الإصلاحية وأصبحت رقما اقتصاديا هاما وموطن تشغيل بامتياز بعد سنوات قليلة من إفرادها بإرادة ووقفة رسمية تهدف للإصلاح وإدخالها في الدورة الاقتصادية للدولة. فيما لا يزال مسار الإصلاح وإعادة التأهيل قائما بالنسبة لمؤسسات وهياكل أخرى مثل الخطوط الجوية التونسية، بعد أن أكد رئيس الجمهورية قيس سعيد على ضرورة وضع خطة إنقاذ في كل المستويات حتى «تسترجع هذه المؤسسة بكل مكوناتها وهجها وبريقها في الأرض وفي السماء».
كما سجل أسطول النقل تحسنا كبيرا انعكس على خدمات قطاع النقل في تونس سواء في تونس الكبرى أو بين المدن والجهات وذلك بفضل سياسة الدولة لإصلاح قطاع النقل وكذلك قطاع الصحة باعتبار أهمية خدمات القطاعين بالنسبة للمواطنين. ليتجلى ذلك في تجهيز أغلب المستشفيات الجامعية والجهوية بتجهيزات طبية متطورة، إضافة إلى مواصلة تعزيز الإطار الطبي وشبه الطبي في كامل جهات الجمهورية الأمر الذي جعل بعض المؤسسات الصحية التي كانت بدورها مهددة بالإغلاق تعلن عن قيام إطارات طبية فيها بعمليات جراحية عديدة، بشكل أعاد الأمل لنسبة كبيرة من المواطنين في التمتع بخدمات طبية وصحية متطورة وبنفس القدر من المساواة في كامل جهات الجمهورية.
فالوضع اليوم يتطلب مواصلة نفس السياسة الإصلاحية وتوسيع دوائرها وخدماتها ومواصلة تحدي الصعوبات والعراقيل التي تعمل على الحيلولة دون تحقيق النتائج المرجوة. وذلك يتطلب مواصلة الإصلاحات التشريعية التي ما انفك البرلمان يعمل على تكريسها في تناغم مع سياسة الدولة وتوجهها الإصلاحي والاقتصادي والاجتماعي إضافة إلى العمل على تفعيل القوانين وتحويل البرامج الاستثنائية للإصلاح إلى قاعدة وثوابت في سياسة الدولة، لاسيما أن جملة هذه النتائج تأتي في وقت تتجه فيه الأنظار إلى مشروعي قانوني المالية وميزانية الدولة لسنة 2026، قبل أيام من عرضهما على أنظار المؤسسة التشريعية بغرفتيها.