إجراءات واستراتيجيات بصدد التنفيذ للحد منه .. إحصائيات صادمة حول العنف المجتمعي
مقالات الصباح
أكد مدير عام الأمن العمومي بوزارة الداخلية عصام الفيتوري في كلمة ألقاها نهاية الأسبوع الفارط على هامش اليوم الوطني التحسيسي للوقاية من المخدرات، أن وزارة الداخلية تعمل في هذا السياق بالشراكة مع مختلف المتدخلين على وضع مخطط تنفيذي للإستراتيجية الوطنية للحد من العنف المجتمعي.
وفي الحقيقة تؤكد الإحصائيات حول مختلف مظاهر العنف في المجتمع أنها ظاهرة أصبحت مقلقة ولها تداعيات سلبية على أكثر من مجال وقطاع.
ويكفي فقط هنا أن نشير إلى التزامن بين ما صرح به مدير عام الأمن الوطني وما سجل من اعتداءات متكررة على الإطار الطبي وشبه الطبي العامل بقسم الاستعجالي بالمستشفي الجامعي حبيب بوقطفة ببنزرت، ما دفع «المنظمة التونسية للأطباء الشبان»، في بلاغ لها أول أمس للتعبير عن استنكارها لغياب إجراءات فعلية لحماية الإطارات الطبية وشبه الطبية بأقسام الاستعجالي بالمؤسسات الاستشفائية وضمان أمن المؤسسات الصحية.
وحملت المنظمة إدارة المستشفى والسلط الجهوية ووزارة الصحة كامل المسؤولية عن تفاقم هذه الحالة، مؤكدة على ضرورة تفعيل الوعود السابقة، بالإضافة إلى التعامل السريع مع العريضة الممضاة من قبل أكثر من 50 شخصا من أعوان الصحة والممرضين والأطباء داخل القسم، والتي دعت إلى جملة من الإجراءات البسيطة للمحافظة على سلامتهم.
وأعلنت المنظمة عن «تنظيم سلسلة من التحركات الاحتجاجية، انطلاقا من تاريخ 15 أكتوبر الجاري، وذلك بالتنسيق مع الأطباء العاملين بالقسم والمستشفى من أطباء شبان وأطباء، وممرضين وتقنيي صحة وكل أطباء الصحة العمومية، دفاعاً عن حق عون الصحة في بيئة عمل آمنة تحفظ كرامته وسلامته، وفي الوقت ذاته تضمن حق المرضى في رعاية صحية لائقة بعيدا عن العنف والفوضى»، وفق نص البلاغ.
إحصائيات مفزعة
إن التأمل في الإحصائيات بمفردها ودون الحاجة لتحليل مختصين كفيل بالوقوف على حجم ظاهرة العنف المتنامية في المجتمع وما تطرحه من تحديات على أكثر من صعيد.
ورغم غياب الإحصائيات الرسمية الدقيقة بشأن العنف في المستشفيات والاعتداءات على الإطار الطبي وشبه الطبي، إلا أنها توجد وبدقة فيما يتعلق ببقية المجالات والقطاعات وهي إحصائيات مفزعة بأتم معنى الكلمة.
وفيما يخص العنف الأسرى الذي يعد البوابة الأولى للتربية على العنف، فقد كشفت في الآونة الأخيرة منظمة «أصوات نساء»، في بلاغ لها، عن تسجيل 22 جريمة قتل بحق النساء خلال الفترة الممتدة من 1 جانفي إلى 15 سبتمبر 2025. مضيفة أنه «ورغم فداحة هذه الأرقام، يُرجّح أن يكون العدد الحقيقي لجرائم القتل على أساس النوع (فيمينيسيد) أعلى بكثير في ظل غياب إحصاءات رسمية».
كما أكدت تنوّع أساليب ارتكاب هذه الجرائم، ومن بينها بالخصوص تسجيل 8 حالات طعن بأدوات حادة، و3 حالات اعتداء بمواد حارقة، و3 حالات قتل بالعنف الجسدي المباشر، إلى جانب جريمة مروّعة تمثلت في ذبح قاصر.
وحذرت منظمة «أصوات نساء» من وجود منحى تصاعدي بخصوص جرائم القتل بحق النساء من سنة إلى أخرى، حيث رصدت 17 جريمة سنة 2024، معتبرة أن ارتفاع العدد إلى 22 جريمة جديدة في أقل من سنة، «مؤشر واضح على تفاقم الظاهرة وتحولها إلى نمط متكرر يهدد حياة النساء في تونس».
في السياق ذاته صرح سابقا المتحدّث الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الدين الجبابلي، بأنّ 60 ألف محضر عدلي تعلّقت بالعنف في الفضاء الأسري تمت مباشرتها سنة 2024 من قبل وحدات الاختصاص.
أما في الوسط التربوي فقد سجلت إحصائيات وزارة التربية، خلال الثلاثي الأول من السنة الدراسية 2024/2025، حوالي 627 حالة عنف في المؤسسات التربوية، تتوزع بين تنمر وعنف لفظي وعنف مادي وتطرف سلوكي.
وبالعودة قليلا إلى الوراء نجد أن إحصائيات وزارة التربية لسنة 2022، تشير إلى أن الوسط المدرسي يسجِّل سنوياً بين 13 ألفا و21 ألف حالة عنف، خاصة في المدارس الإعدادية والمعاهد. وتشير إحصائيات أخرى إلى أنه وقع تسجيل 24 ألف حالة عنف في المؤسسات التربوية، مما وضع تونس في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث انتشار هذه الظاهرة، كما شهدت الفترة بين عامي 2023 و2024 زيادة بنسبة 19 في المائة في حالات العنف داخل الوسط المدرسي.
ظاهرة أخرى لا تقل خطورة وإحصائيات أخرى مقلقة تلك التي تهم العنف في الملاعب والوسط الرياضي عموما. حيث أكد العميد لطفي مصباح منصور، مدير حفظ النظام الجهوي بالشمال التابع للإدارة العامة للأمن الوطني، في تصريح له في أكتوبر الفارط أن «الملاعب التونسية قد شهدت في السنوات الأخيرة ارتفاعًا ‹›مقلقًا›› في حالات العنف».
مضيفا أن الإحصائيات الأخيرة التي تتعلق بالموسم الرياضي قبل الفارط تشير إلى أن عدد المباريات التي تم إيقافها أو إلغاؤها من قبل الحكام بسبب العنف قد بلغ 41 مباراة. وأن عدد المباريات التي شهدت احتجاجات أو اعتداءات على الحكام بلغت 20 مباراة في حين قدر عدد المباريات التي تم خلالها الاعتداء على اللاعبين أو الإطار الفني من قبل الجمهور بـ12 مباراة، كما سجل في 9 مباريات إضرار بالمنشآت الرياضية.
إجراءات واستراتجيات
تفيد مختلف مصادر الجهات والهياكل المعنية بمقاومة ظاهرة العنف أن جملة من الإجراءات والاستراتيجيات انطلق العمل عليها منذ فترة.
فقد انطلقت منذ ماي 2023 صلب وزارة الداخلية متابعة نتائج الأعمال الأولية المتعلقة بصياغة الإستراتيجية الوطنية للحد من ظاهرة العنف المجتمعي للفترة الممتدّة ما بين 2023-2028. ووضع مخططات عملية لها، والعمل على تجسيدها من طرف كلّ الوزارات والهياكل المتداخلة، والتي قدّمتها اللجنة القارة لشؤون الأمن والدفاع المدني التابعة لمجلس الأمن القومي.
من جهة أخرى كان كاهية مدير المرصد الوطني للتربية بوزارة التربية طايع العياشي، قد أكد في تصريح إعلامي سابق على هامش ندوة صحفية للإعلان عن إطلاق الحملة الوطنية لمكافحة العنف والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر، أنّ وزارة التربية وضعت إستراتيجية وطنية للتصدي لظاهرة العنف في المؤسسات التربوية بالشراكة مع فاعلين اجتماعيين من وزارة الصحة ومنظمات المجتمع المدني، للعمل في إطار رؤية مشتركة للتصدي للعنف والمخدرات.
وفي هذا الإطار، أشار إلى أن الوزارة وضعت آليات لتعزيز الأنشطة الثقافية والرياضية والاجتماعية، كما تعمل مع وزارة الصحة وإدارة الطب المدرسي والجامعي، لمرافقة التلاميذ والسهر على وقايتهم وتحسين صحتهم الذهنية.
وللتقليص من العنف في الملاعب تفيد مصادر وزارة الشباب والرياضة أن الوزير الصادق المورالي، كان قد أشرف بتاريخ 5 سبتمبر الفارط، على اجتماع اللجنة المشتركة المنبثقة عن الاجتماع التحضيري المنعقد بمقر وزارة الداخلية بتاريخ 30 أوت 2025، بحضور عدد من القيادات الأمنية السامية بوزارة الداخلية وممثلين عن الجامعة التونسية لكرة القدم والرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة والإدارة الوطنية للتحكيم وعدد من إطارات الوزارة.
وتم خلال الاجتماع «بحث ومناقشة جملة من المقترحات والإجراءات العملية والتدابير الإدارية والميدانية، الهادفة إلى مكافحة ظاهرة العنف في الملاعب، وذلك ضمانا لحسن سير الموسم الرياضي 2025-2026 والحفاظ على الأمن العام، وأسفر الاجتماع عن جملة من القرارات منها:
*مراجعة المجلة التأديبية وعرضها على أقرب مكتب جامعي منعقد يتم بمقتضاها التنصيص على تشديد العقوبات على الجمعيات الرياضية والتي قد تصل إلى خصم النقاط .
*إحداث فريق تواصل على الميدان يتكوّن من حكم المباراة والمراقب والمنسق العام للمقابلة ومسؤول أمني، يتولى إدارة المقابلة رياضيا وأمنيا ولوجستيا وإجراء كل ما يستوجب لإدارة المباراة في أحسن الظروف.
*عرض القانون الأساسي للمنسّقين العامين على أنظار الوزارات المعنية.
* دعوة رؤساء الأندية والمنابر الإعلامية إلى تجنّب التصريحات النارية وتجنّب كل ما من شأنه أن يساهم في تأجيج الوضع العام.
يذكر أنه في جويلية الفارط كان مكتب مجلس نواب الشعب، قد قرر إحالة مقترح قانون يتعلّق بمناهضة العنف في الملاعب الرياضية في تونس، إلى لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة، لمناقشته، وهو ما أثار جدلًا بعد الاطلاع على فصوله الـ15، خاصة في الباب الثالث المتعلق بالعقوبات والجزاءات.
وينص مشروع القانون في فصله السابع (7) على أنه «يُعاقب بالسجن من 6 أشهر إلى 5 سنوات كل من ارتكب أعمال عنف داخل الملاعب أو محيطها، كما يعاقب بغرامة مالية لا تقل عن 5000 دينار كل من يقوم بإلقاء المقذوفات أو استخدام الشماريخ داخل أو خارج الملعب».
كما يقترح مشروع القانون، «منع الأشخاص المدانين من دخول الملاعب لمدة لا تقل عن 5 سنوات وفي حالة العود يمنع مدی الحیاة، كما يُعاقب كل من يحمل أو يستخدم أسلحة أو أدوات خطرة أثناء الأحداث الرياضية بعقوبة السجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على عشر سنوات، وتُضاعف العقوبات المنصوص عليها إذا وقعت الجرائم في القاعات الرياضية أو الفضاءات المغلقة».
في حين ينص الفصل 8 إلى «فرض غرامات مالية على الأندية التي يتكرر فيها عنف الجماهير، تبدأ من 50,000 دینار، كما يمكن حرمان النادي من استضافة المباريات لمدة تصل إلى موسم كامل في حالة التكرار مع إمكانية إغلاق الملاعب مؤقتًا».
◗ م.ي
أكد مدير عام الأمن العمومي بوزارة الداخلية عصام الفيتوري في كلمة ألقاها نهاية الأسبوع الفارط على هامش اليوم الوطني التحسيسي للوقاية من المخدرات، أن وزارة الداخلية تعمل في هذا السياق بالشراكة مع مختلف المتدخلين على وضع مخطط تنفيذي للإستراتيجية الوطنية للحد من العنف المجتمعي.
وفي الحقيقة تؤكد الإحصائيات حول مختلف مظاهر العنف في المجتمع أنها ظاهرة أصبحت مقلقة ولها تداعيات سلبية على أكثر من مجال وقطاع.
ويكفي فقط هنا أن نشير إلى التزامن بين ما صرح به مدير عام الأمن الوطني وما سجل من اعتداءات متكررة على الإطار الطبي وشبه الطبي العامل بقسم الاستعجالي بالمستشفي الجامعي حبيب بوقطفة ببنزرت، ما دفع «المنظمة التونسية للأطباء الشبان»، في بلاغ لها أول أمس للتعبير عن استنكارها لغياب إجراءات فعلية لحماية الإطارات الطبية وشبه الطبية بأقسام الاستعجالي بالمؤسسات الاستشفائية وضمان أمن المؤسسات الصحية.
وحملت المنظمة إدارة المستشفى والسلط الجهوية ووزارة الصحة كامل المسؤولية عن تفاقم هذه الحالة، مؤكدة على ضرورة تفعيل الوعود السابقة، بالإضافة إلى التعامل السريع مع العريضة الممضاة من قبل أكثر من 50 شخصا من أعوان الصحة والممرضين والأطباء داخل القسم، والتي دعت إلى جملة من الإجراءات البسيطة للمحافظة على سلامتهم.
وأعلنت المنظمة عن «تنظيم سلسلة من التحركات الاحتجاجية، انطلاقا من تاريخ 15 أكتوبر الجاري، وذلك بالتنسيق مع الأطباء العاملين بالقسم والمستشفى من أطباء شبان وأطباء، وممرضين وتقنيي صحة وكل أطباء الصحة العمومية، دفاعاً عن حق عون الصحة في بيئة عمل آمنة تحفظ كرامته وسلامته، وفي الوقت ذاته تضمن حق المرضى في رعاية صحية لائقة بعيدا عن العنف والفوضى»، وفق نص البلاغ.
إحصائيات مفزعة
إن التأمل في الإحصائيات بمفردها ودون الحاجة لتحليل مختصين كفيل بالوقوف على حجم ظاهرة العنف المتنامية في المجتمع وما تطرحه من تحديات على أكثر من صعيد.
ورغم غياب الإحصائيات الرسمية الدقيقة بشأن العنف في المستشفيات والاعتداءات على الإطار الطبي وشبه الطبي، إلا أنها توجد وبدقة فيما يتعلق ببقية المجالات والقطاعات وهي إحصائيات مفزعة بأتم معنى الكلمة.
وفيما يخص العنف الأسرى الذي يعد البوابة الأولى للتربية على العنف، فقد كشفت في الآونة الأخيرة منظمة «أصوات نساء»، في بلاغ لها، عن تسجيل 22 جريمة قتل بحق النساء خلال الفترة الممتدة من 1 جانفي إلى 15 سبتمبر 2025. مضيفة أنه «ورغم فداحة هذه الأرقام، يُرجّح أن يكون العدد الحقيقي لجرائم القتل على أساس النوع (فيمينيسيد) أعلى بكثير في ظل غياب إحصاءات رسمية».
كما أكدت تنوّع أساليب ارتكاب هذه الجرائم، ومن بينها بالخصوص تسجيل 8 حالات طعن بأدوات حادة، و3 حالات اعتداء بمواد حارقة، و3 حالات قتل بالعنف الجسدي المباشر، إلى جانب جريمة مروّعة تمثلت في ذبح قاصر.
وحذرت منظمة «أصوات نساء» من وجود منحى تصاعدي بخصوص جرائم القتل بحق النساء من سنة إلى أخرى، حيث رصدت 17 جريمة سنة 2024، معتبرة أن ارتفاع العدد إلى 22 جريمة جديدة في أقل من سنة، «مؤشر واضح على تفاقم الظاهرة وتحولها إلى نمط متكرر يهدد حياة النساء في تونس».
في السياق ذاته صرح سابقا المتحدّث الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الدين الجبابلي، بأنّ 60 ألف محضر عدلي تعلّقت بالعنف في الفضاء الأسري تمت مباشرتها سنة 2024 من قبل وحدات الاختصاص.
أما في الوسط التربوي فقد سجلت إحصائيات وزارة التربية، خلال الثلاثي الأول من السنة الدراسية 2024/2025، حوالي 627 حالة عنف في المؤسسات التربوية، تتوزع بين تنمر وعنف لفظي وعنف مادي وتطرف سلوكي.
وبالعودة قليلا إلى الوراء نجد أن إحصائيات وزارة التربية لسنة 2022، تشير إلى أن الوسط المدرسي يسجِّل سنوياً بين 13 ألفا و21 ألف حالة عنف، خاصة في المدارس الإعدادية والمعاهد. وتشير إحصائيات أخرى إلى أنه وقع تسجيل 24 ألف حالة عنف في المؤسسات التربوية، مما وضع تونس في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث انتشار هذه الظاهرة، كما شهدت الفترة بين عامي 2023 و2024 زيادة بنسبة 19 في المائة في حالات العنف داخل الوسط المدرسي.
ظاهرة أخرى لا تقل خطورة وإحصائيات أخرى مقلقة تلك التي تهم العنف في الملاعب والوسط الرياضي عموما. حيث أكد العميد لطفي مصباح منصور، مدير حفظ النظام الجهوي بالشمال التابع للإدارة العامة للأمن الوطني، في تصريح له في أكتوبر الفارط أن «الملاعب التونسية قد شهدت في السنوات الأخيرة ارتفاعًا ‹›مقلقًا›› في حالات العنف».
مضيفا أن الإحصائيات الأخيرة التي تتعلق بالموسم الرياضي قبل الفارط تشير إلى أن عدد المباريات التي تم إيقافها أو إلغاؤها من قبل الحكام بسبب العنف قد بلغ 41 مباراة. وأن عدد المباريات التي شهدت احتجاجات أو اعتداءات على الحكام بلغت 20 مباراة في حين قدر عدد المباريات التي تم خلالها الاعتداء على اللاعبين أو الإطار الفني من قبل الجمهور بـ12 مباراة، كما سجل في 9 مباريات إضرار بالمنشآت الرياضية.
إجراءات واستراتجيات
تفيد مختلف مصادر الجهات والهياكل المعنية بمقاومة ظاهرة العنف أن جملة من الإجراءات والاستراتيجيات انطلق العمل عليها منذ فترة.
فقد انطلقت منذ ماي 2023 صلب وزارة الداخلية متابعة نتائج الأعمال الأولية المتعلقة بصياغة الإستراتيجية الوطنية للحد من ظاهرة العنف المجتمعي للفترة الممتدّة ما بين 2023-2028. ووضع مخططات عملية لها، والعمل على تجسيدها من طرف كلّ الوزارات والهياكل المتداخلة، والتي قدّمتها اللجنة القارة لشؤون الأمن والدفاع المدني التابعة لمجلس الأمن القومي.
من جهة أخرى كان كاهية مدير المرصد الوطني للتربية بوزارة التربية طايع العياشي، قد أكد في تصريح إعلامي سابق على هامش ندوة صحفية للإعلان عن إطلاق الحملة الوطنية لمكافحة العنف والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر، أنّ وزارة التربية وضعت إستراتيجية وطنية للتصدي لظاهرة العنف في المؤسسات التربوية بالشراكة مع فاعلين اجتماعيين من وزارة الصحة ومنظمات المجتمع المدني، للعمل في إطار رؤية مشتركة للتصدي للعنف والمخدرات.
وفي هذا الإطار، أشار إلى أن الوزارة وضعت آليات لتعزيز الأنشطة الثقافية والرياضية والاجتماعية، كما تعمل مع وزارة الصحة وإدارة الطب المدرسي والجامعي، لمرافقة التلاميذ والسهر على وقايتهم وتحسين صحتهم الذهنية.
وللتقليص من العنف في الملاعب تفيد مصادر وزارة الشباب والرياضة أن الوزير الصادق المورالي، كان قد أشرف بتاريخ 5 سبتمبر الفارط، على اجتماع اللجنة المشتركة المنبثقة عن الاجتماع التحضيري المنعقد بمقر وزارة الداخلية بتاريخ 30 أوت 2025، بحضور عدد من القيادات الأمنية السامية بوزارة الداخلية وممثلين عن الجامعة التونسية لكرة القدم والرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة والإدارة الوطنية للتحكيم وعدد من إطارات الوزارة.
وتم خلال الاجتماع «بحث ومناقشة جملة من المقترحات والإجراءات العملية والتدابير الإدارية والميدانية، الهادفة إلى مكافحة ظاهرة العنف في الملاعب، وذلك ضمانا لحسن سير الموسم الرياضي 2025-2026 والحفاظ على الأمن العام، وأسفر الاجتماع عن جملة من القرارات منها:
*مراجعة المجلة التأديبية وعرضها على أقرب مكتب جامعي منعقد يتم بمقتضاها التنصيص على تشديد العقوبات على الجمعيات الرياضية والتي قد تصل إلى خصم النقاط .
*إحداث فريق تواصل على الميدان يتكوّن من حكم المباراة والمراقب والمنسق العام للمقابلة ومسؤول أمني، يتولى إدارة المقابلة رياضيا وأمنيا ولوجستيا وإجراء كل ما يستوجب لإدارة المباراة في أحسن الظروف.
*عرض القانون الأساسي للمنسّقين العامين على أنظار الوزارات المعنية.
* دعوة رؤساء الأندية والمنابر الإعلامية إلى تجنّب التصريحات النارية وتجنّب كل ما من شأنه أن يساهم في تأجيج الوضع العام.
يذكر أنه في جويلية الفارط كان مكتب مجلس نواب الشعب، قد قرر إحالة مقترح قانون يتعلّق بمناهضة العنف في الملاعب الرياضية في تونس، إلى لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة، لمناقشته، وهو ما أثار جدلًا بعد الاطلاع على فصوله الـ15، خاصة في الباب الثالث المتعلق بالعقوبات والجزاءات.
وينص مشروع القانون في فصله السابع (7) على أنه «يُعاقب بالسجن من 6 أشهر إلى 5 سنوات كل من ارتكب أعمال عنف داخل الملاعب أو محيطها، كما يعاقب بغرامة مالية لا تقل عن 5000 دينار كل من يقوم بإلقاء المقذوفات أو استخدام الشماريخ داخل أو خارج الملعب».
كما يقترح مشروع القانون، «منع الأشخاص المدانين من دخول الملاعب لمدة لا تقل عن 5 سنوات وفي حالة العود يمنع مدی الحیاة، كما يُعاقب كل من يحمل أو يستخدم أسلحة أو أدوات خطرة أثناء الأحداث الرياضية بعقوبة السجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على عشر سنوات، وتُضاعف العقوبات المنصوص عليها إذا وقعت الجرائم في القاعات الرياضية أو الفضاءات المغلقة».
في حين ينص الفصل 8 إلى «فرض غرامات مالية على الأندية التي يتكرر فيها عنف الجماهير، تبدأ من 50,000 دینار، كما يمكن حرمان النادي من استضافة المباريات لمدة تصل إلى موسم كامل في حالة التكرار مع إمكانية إغلاق الملاعب مؤقتًا».
◗ م.ي