- التجميل في تونس يحظى بصيت عالمي ويُعدّ دعامة هامة لـ«السياحة الطبية»
- الليبيون الأكثر إقبالا على التجميل.. والأوروبيون على الليزر
يشهد قطاع طب التجميل في تونس تطورا لافتا خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبح يجمع بين البُعدين الطبي والعلاجي من جهة، والسياحي والاقتصادي من جهة أخرى. ويُقدّر عدد الأطباء في تونس بحوالي 15 ألف طبيب، منهم أكثر من 9 آلاف ينشطون في القطاع الخاص، ما يوفّر قاعدة بشرية مهمة لدعم انتشار التخصصات الدقيقة مثل جراحة التجميل وطب التجميل غير الجراحي.
أما من حيث البنية التحتية، فقد شهدت البلاد توسّعا كبيرا في عدد العيادات والمراكز المتخصصة في التجميل، والتي تُقدّر بالمئات، موزّعة أساسا بين العاصمة والمدن الساحلية الكبرى، وهي المناطق التي تستقطب أكثر المرضى المحليين والأجانب.
هذا التوسّع يعكس الدور المحوري الذي أصبح يضطلع به القطاع في دعم «السياحة الطبية»، حيث تشير التقديرات إلى أن تونس تُعرف عالميا بكفاءاتها الطبية، ما جعلها وجهة متميزة في مجال العلاج والتجميل. وفي هذا السياق، صرّح مؤخرا وزير الصحة مصطفى الفرجاني بأن تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في هذا المجال، حيث تستقبل سنويا أكثر من 500 ألف مريض أجنبي، بالإضافة إلى حوالي 2.5 مليون زائر للعلاج، وفق آخر إحصائيات سنة 2021.
وعلى مستوى العمليات، تسجّل سنويا آلاف عمليات التجميل في تونس، من أبرزها عمليات شفط الدهون وتقويم الأنف، إلى جانب عمليات أخرى شهدت انتشارا خلال السنوات الأخيرة، مثل شدّ الصدر والبطن والرقبة والوجنتين والجفون، وفق بيانات رسمية صادرة عن الجمعية التونسية لطب التجميل ومقاومة الشيخوخة.
هذه الأرقام تعكس المكانة المتقدمة التي اكتسبتها تونس كوجهة منافسة على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة في ظل الفارق الكبير في كلفة العمليات مقارنة بالدول الأوروبية، مع الحفاظ على مستوى مقبول من الجودة والخدمات الطبية.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، لا يخلو قطاع طب التجميل في تونس من تحديات، إذ يرافق التزايد السريع في حجم السوق انتشار بعض الممارسات غير القانونية، مثل قيام غير الأطباء بتقديم خدمات تجميلية، أو استخدام مواد غير مطابقة للمواصفات. وقد دفع هذا الوضع أهل القطاع إلى المطالبة بتشريعات أوضح ورقابة أشدّ. كما أن ارتفاع أسعار المواد المستوردة، المستعملة في الحقن أو الأجهزة الحديثة، يفرض ضغوطا متزايدة على كلفة العلاج، ما قد يدفع بعض المرضى إلى البحث عن خدمات أرخص، رغم ما تحمله من مخاطر صحية.
وفي هذا السياق، أوضحت الطبيبة المختصة في الأمراض الجلدية والتجميل والليزر، ليلى بن رجب، في تصريح لـ«الصباح»، أن تونس تضم ثلاث فئات من الأطباء المختصين في التجميل:
1. أطباء الجراحة التجميلية: وهم المختصون في العمليات الجراحية مثل تقويم الأنف والثدي وشفط الدهون.
2. أطباء الأمراض الجلدية والتجميل والليزر: وهم يقومون بتدخلات غير جراحية مثل الحقن واستعمال الأجهزة الطبية الخاصة.
3. أطباء التجميل: وهم أطباء عامون تابعوا تكوينا متخصصا وتحصلوا على شهادة اختصاص في طب التجميل.
وأكدت بن رجب أن هذه الفئات الثلاث فقط هي المخوّلة قانونيا للقيام بتدخلات تجميلية، وتشمل كذلك عمليات زراعة الشعر والليزر والحقن التجميلية.
الدخلاء وتهريب المواد
وعن أبرز الإشكاليات التي يعاني منها القطاع، أشارت الطبيبة إلى أن «الدخلاء على المهنة» يُعدّون أكبر خطر يهدد هذا الاختصاص، رغم السمعة العالمية التي يتمتع بها طب التجميل في تونس.
وقالت: «ما أؤكد عليه أن خبراء التجميل المؤهلين هم وحدهم القادرون على إجراء التدخلات الجراحية وغير الجراحية، لكن ما يقوم به الدخلاء، بدافع الربح واستغلال رغبة البعض في التجميل بتكلفة أقل، خطير جدا. فمثلا، يقوم هؤلاء بحقن «البوتوكس» بهدف النفخ، بينما المادة المخصصة لذلك هي «الفيلر». هذا الجهل والخلط في المواد يؤدي إلى مشاكل صحية وتشوهات، غالبا ما يلجأ ضحاياها لاحقًا إلى أطباء الجلد لعلاجها.»
وأضافت أن هؤلاء الدخلاء يستعملون مواد مغشوشة، لا تخضع لأي رقابة صحية، وهو ما يفاقم من حجم المخاطر.
كما أشارت إلى إشكال آخر يتمثل في أشخاص غير مؤهلين يفتتحون عيادات ليزر، رغم أنهم ليسوا أطباء، وقد تسببت تدخلاتهم في حروق خطيرة وأمراض جلدية مزمنة، تصل أحيانًا إلى الإصابة بالسرطان، حسب تأكيدها.
وأوضحت أن بعض المواطنين يلجأون إلى مراكز تجميل غير مرخّصة بحثًا عن الأسعار المنخفضة، في حين أن مثل هذه العمليات يجب أن تُجرى حصريا لدى أطباء اختصاص.
وتابعت الطبيبة المختصة أن أطباء التجميل يشترون الأدوية والمعدات الطبية من شركات مرخّصة وتحت رقابة الدولة، في حين أن غياب رقم ضريبي خاص بهذا الاختصاص يدفع البعض، للأسف، إلى استعمال مواد مهرّبة وغير مراقبة، مما يضع سلامة المريض على المحك.
الليبيون والأفارقة أكثر المقبلين.. والأوروبيون يفضلون الليزر
وفيما يتعلق بالجنسيات التي تستقبلها تونس لإجراء تدخلات تجميلية، أفادت الطبيبة ليلى بن رجب بأن جنسيات متعددة تقصد العيادات التونسية، ويختلف الإقبال حسب موقع العيادة.
وأشارت إلى أنها شخصيا تستقبل عددا كبيرا من الليبيين، يليهم أفارقة من بلدان جنوب الصحراء، لإجراء تدخلات تجميلية. بينما يُقبل الأوروبيون، خصوصا الفرنسيون والألمان والإنجليز، على الليزر والتدخلات الجراحية مثل شفط الدهون، وتقويم الأنف والمؤخرة، وهي من بين العمليات الأكثر طلبا في تونس.
وأكدت أن السبب وراء هذا الإقبال يعود إلى السمعة الطيبة التي تحظى بها تونس عالميا في مجال طب التجميل، إضافة إلى وجود كفاءات عالية في هذا التخصص، ومراكز طبية مجهزة بأحدث الآلات والتقنيات، ما جعل أطباء التجميل التونسيين مطلوبين في دول الخليج وخارجها.
وختمت حديثها بالقول: «تونس تملك من خيرة الأطباء في التجميل والليزر، وجميع التقنيات الحديثة متوفرة، ما يؤهل بلادنا لأن تكون رائدة إقليميا وعالميا في هذا المجال».
أميرة الدريدي
- التجميل في تونس يحظى بصيت عالمي ويُعدّ دعامة هامة لـ«السياحة الطبية»
- الليبيون الأكثر إقبالا على التجميل.. والأوروبيون على الليزر
يشهد قطاع طب التجميل في تونس تطورا لافتا خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبح يجمع بين البُعدين الطبي والعلاجي من جهة، والسياحي والاقتصادي من جهة أخرى. ويُقدّر عدد الأطباء في تونس بحوالي 15 ألف طبيب، منهم أكثر من 9 آلاف ينشطون في القطاع الخاص، ما يوفّر قاعدة بشرية مهمة لدعم انتشار التخصصات الدقيقة مثل جراحة التجميل وطب التجميل غير الجراحي.
أما من حيث البنية التحتية، فقد شهدت البلاد توسّعا كبيرا في عدد العيادات والمراكز المتخصصة في التجميل، والتي تُقدّر بالمئات، موزّعة أساسا بين العاصمة والمدن الساحلية الكبرى، وهي المناطق التي تستقطب أكثر المرضى المحليين والأجانب.
هذا التوسّع يعكس الدور المحوري الذي أصبح يضطلع به القطاع في دعم «السياحة الطبية»، حيث تشير التقديرات إلى أن تونس تُعرف عالميا بكفاءاتها الطبية، ما جعلها وجهة متميزة في مجال العلاج والتجميل. وفي هذا السياق، صرّح مؤخرا وزير الصحة مصطفى الفرجاني بأن تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في هذا المجال، حيث تستقبل سنويا أكثر من 500 ألف مريض أجنبي، بالإضافة إلى حوالي 2.5 مليون زائر للعلاج، وفق آخر إحصائيات سنة 2021.
وعلى مستوى العمليات، تسجّل سنويا آلاف عمليات التجميل في تونس، من أبرزها عمليات شفط الدهون وتقويم الأنف، إلى جانب عمليات أخرى شهدت انتشارا خلال السنوات الأخيرة، مثل شدّ الصدر والبطن والرقبة والوجنتين والجفون، وفق بيانات رسمية صادرة عن الجمعية التونسية لطب التجميل ومقاومة الشيخوخة.
هذه الأرقام تعكس المكانة المتقدمة التي اكتسبتها تونس كوجهة منافسة على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة في ظل الفارق الكبير في كلفة العمليات مقارنة بالدول الأوروبية، مع الحفاظ على مستوى مقبول من الجودة والخدمات الطبية.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، لا يخلو قطاع طب التجميل في تونس من تحديات، إذ يرافق التزايد السريع في حجم السوق انتشار بعض الممارسات غير القانونية، مثل قيام غير الأطباء بتقديم خدمات تجميلية، أو استخدام مواد غير مطابقة للمواصفات. وقد دفع هذا الوضع أهل القطاع إلى المطالبة بتشريعات أوضح ورقابة أشدّ. كما أن ارتفاع أسعار المواد المستوردة، المستعملة في الحقن أو الأجهزة الحديثة، يفرض ضغوطا متزايدة على كلفة العلاج، ما قد يدفع بعض المرضى إلى البحث عن خدمات أرخص، رغم ما تحمله من مخاطر صحية.
وفي هذا السياق، أوضحت الطبيبة المختصة في الأمراض الجلدية والتجميل والليزر، ليلى بن رجب، في تصريح لـ«الصباح»، أن تونس تضم ثلاث فئات من الأطباء المختصين في التجميل:
1. أطباء الجراحة التجميلية: وهم المختصون في العمليات الجراحية مثل تقويم الأنف والثدي وشفط الدهون.
2. أطباء الأمراض الجلدية والتجميل والليزر: وهم يقومون بتدخلات غير جراحية مثل الحقن واستعمال الأجهزة الطبية الخاصة.
3. أطباء التجميل: وهم أطباء عامون تابعوا تكوينا متخصصا وتحصلوا على شهادة اختصاص في طب التجميل.
وأكدت بن رجب أن هذه الفئات الثلاث فقط هي المخوّلة قانونيا للقيام بتدخلات تجميلية، وتشمل كذلك عمليات زراعة الشعر والليزر والحقن التجميلية.
الدخلاء وتهريب المواد
وعن أبرز الإشكاليات التي يعاني منها القطاع، أشارت الطبيبة إلى أن «الدخلاء على المهنة» يُعدّون أكبر خطر يهدد هذا الاختصاص، رغم السمعة العالمية التي يتمتع بها طب التجميل في تونس.
وقالت: «ما أؤكد عليه أن خبراء التجميل المؤهلين هم وحدهم القادرون على إجراء التدخلات الجراحية وغير الجراحية، لكن ما يقوم به الدخلاء، بدافع الربح واستغلال رغبة البعض في التجميل بتكلفة أقل، خطير جدا. فمثلا، يقوم هؤلاء بحقن «البوتوكس» بهدف النفخ، بينما المادة المخصصة لذلك هي «الفيلر». هذا الجهل والخلط في المواد يؤدي إلى مشاكل صحية وتشوهات، غالبا ما يلجأ ضحاياها لاحقًا إلى أطباء الجلد لعلاجها.»
وأضافت أن هؤلاء الدخلاء يستعملون مواد مغشوشة، لا تخضع لأي رقابة صحية، وهو ما يفاقم من حجم المخاطر.
كما أشارت إلى إشكال آخر يتمثل في أشخاص غير مؤهلين يفتتحون عيادات ليزر، رغم أنهم ليسوا أطباء، وقد تسببت تدخلاتهم في حروق خطيرة وأمراض جلدية مزمنة، تصل أحيانًا إلى الإصابة بالسرطان، حسب تأكيدها.
وأوضحت أن بعض المواطنين يلجأون إلى مراكز تجميل غير مرخّصة بحثًا عن الأسعار المنخفضة، في حين أن مثل هذه العمليات يجب أن تُجرى حصريا لدى أطباء اختصاص.
وتابعت الطبيبة المختصة أن أطباء التجميل يشترون الأدوية والمعدات الطبية من شركات مرخّصة وتحت رقابة الدولة، في حين أن غياب رقم ضريبي خاص بهذا الاختصاص يدفع البعض، للأسف، إلى استعمال مواد مهرّبة وغير مراقبة، مما يضع سلامة المريض على المحك.
الليبيون والأفارقة أكثر المقبلين.. والأوروبيون يفضلون الليزر
وفيما يتعلق بالجنسيات التي تستقبلها تونس لإجراء تدخلات تجميلية، أفادت الطبيبة ليلى بن رجب بأن جنسيات متعددة تقصد العيادات التونسية، ويختلف الإقبال حسب موقع العيادة.
وأشارت إلى أنها شخصيا تستقبل عددا كبيرا من الليبيين، يليهم أفارقة من بلدان جنوب الصحراء، لإجراء تدخلات تجميلية. بينما يُقبل الأوروبيون، خصوصا الفرنسيون والألمان والإنجليز، على الليزر والتدخلات الجراحية مثل شفط الدهون، وتقويم الأنف والمؤخرة، وهي من بين العمليات الأكثر طلبا في تونس.
وأكدت أن السبب وراء هذا الإقبال يعود إلى السمعة الطيبة التي تحظى بها تونس عالميا في مجال طب التجميل، إضافة إلى وجود كفاءات عالية في هذا التخصص، ومراكز طبية مجهزة بأحدث الآلات والتقنيات، ما جعل أطباء التجميل التونسيين مطلوبين في دول الخليج وخارجها.
وختمت حديثها بالقول: «تونس تملك من خيرة الأطباء في التجميل والليزر، وجميع التقنيات الحديثة متوفرة، ما يؤهل بلادنا لأن تكون رائدة إقليميا وعالميا في هذا المجال».