إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

انطلاق الاستعدادات وطنيا وجهويا.. كميات قياسية من البذور الممتازة.. ومؤشرات موسم زراعي واعد

- عضو المكتب التنفيذي الموسع لاتحاد الفلاحين ورئيس الاتحاد الجهوي بباجة لـ«الصباح»: وفرة كميات البذور ساهمت في الجاهزية المبكرة

تمثّل الزراعات الكبرى في تونس، وفي مقدّمتها زراعة الحبوب، إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني ولضمان الأمن الغذائي. كما تُعدّ المصدر الأول للغذاء بالنسبة للمواطن التونسي، إذ يعتمد الاستهلاك اليومي بصفة كبيرة على مشتقات القمح بنوعيه الصلب واللين، إلى جانب الشعير الذي يُخصّص جزء هام منه لتغذية الماشية. وتشغل هذه الزراعات مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية، خاصة في مناطق الشمال والوسط، حيث تتركّز التربة الخصبة والظروف المناخية المناسبة.

ورغم الأهمية البالغة لهذه الزراعات، تواجه تونس عدّة تحديات على مستوى الإنتاج والتزوّد بالحبوب، من أبرزها التقلبات المناخية المتكرّرة، من جفاف وأمطار غير منتظمة، فضلاً عن محدودية الموارد المائية وتذبذب أسعار البذور والأسمدة ومستلزمات الإنتاج، مما يجعل تحقيق الاكتفاء الذاتي في مادة الحبوب مسألة معقّدة.

وإزاء هذا الوضع، اضطرت الدولة خلال السنوات الأخيرة إلى التوريد المستمر لكميات كبيرة من الحبوب لتلبية حاجيات السوق المحلية، والحفاظ على استقرار الأسعار، وحماية القدرة الشرائية للمستهلك.

وفي هذا السياق، يُعدّ موضوع الاستعداد لموسم البذر والتزود بالحبوب مسألة استراتيجية تتجاوز الجانب الفلاحي، لتشمل الأبعاد الاقتصادية والمالية والاجتماعية، بما يتطلبه الأمر من سياسات طويلة المدى لترشيد الموارد الطبيعية، وتحسين المردودية، وتوظيف التقنيات الحديثة في الإنتاج، إلى جانب تشجيع الفلاحين على توسيع المساحات المزروعة بالحــبوب، وتعزيز المخزون الوطني الاستراتيجي لتجنّب أي اضطرابات في التزويد.

وفي إطار متابعة سير موسم بذر الحبوب 2025/2026 والوقوف على مدى تقدّم عملية تزويد الجهات بالبذور، عقد ديوان الحبوب، أول أمس، جلسة عمل بمقرّه تحت إشراف الرئيسة المديرة العامة للديوان، وبحضور ممثلين عن شركات تجميع الحبوب، وشركات إنتاج البذور، إلى جانب ممثلين عن الإدارة العامة للصحة النباتية ومراقبة المدخلات الفلاحية، وعدد من إطارات ديوان الحبوب.

وقد تم خلال هذه الجلسة التأكيد على أن كميات البذور الممتازة الخام المجمعة من قبل شركات الإنتاج تجاوزت لأول مرة 711 ألف قنطار، إلى جانب أهمية الكميات المبرمجة من البذور المثبتة للموسم الحالي والتي تبلغ حوالي 517 ألف قنطار لدى شركات إنتاج البذور.

ودعا المشاركون إلى ضرورة تضافر جهود جميع المتدخلين لوضع هذه الكميات على ذمة الفلاحين في أقرب الآجال الممكنة، كما تمّ التطرّق إلى نسق عمليات تكييف البذور لدى الشركات المعنية، ومدى تقدّم التحاليل المخبرية وفق الشروط الفنية المطلوبة للمصادقة على هذه الكميات.

كما نُوقشت عملية توزيع البذور على مراكز التوزيع بمختلف الجهات، وفق حاجيات مجمّعي الحبوب، بالإضافة إلى الإشكاليات المطروحة وسبل معالجتها في أقرب وقت.

وقد تم التشديد، في هذا السياق، على الدور المحوري الذي يضطلع به المعهد الوطني للزراعات الكبرى ووكالة الإرشاد الفلاحي في مرافقة الفلاحين وتوعيتهم بأهمية اختيار الأصناف المناسبة حسب الخصوصيات المناخية والجهوية، وأهمية آلية المقايضة لما توفّره من إمكانية الحصول على بذور مثبتة ذات مردودية وجودة عالية ومقاومة للأمراض، فضلاً عن تقليص كلفة الإنتاج.

كما تم التطرّق إلى عملية تزويد الجهات بالشعير المراقب المُعدّ للبذر، حيث دُعِي المجمّعون إلى تقديم طلباتهم المؤكدة لتأمين الحاجيات في أقرب الآجال.

من جهته، تحدّث عضو المكتب التنفيذي الموسّع لاتحاد الفلاحين ورئيس الاتحاد الجهوي بباجة، شكري دجبي، في تصريح لـ»الصباح»، عن الاستعدادات على المستويين الوطني والجهوي لموسم البذور، قائلا إن الاستعدادات لموسم الزراعات الكبرى، وخاصة الموسم القادم، تُبشّر بموسم جيد، مشيرا إلى أنّ اتحاد الفلاحة والصيد البحري، ووزارة الفلاحة، شرعا باعتبارهما شريكين في العملية، في التحضيرات المبكرة للموسم الفلاحي، اعتمادا على مؤشرات قوية تؤكد أن صابة البذور كانت قياسية.

وأضاف دجبي أنّ الحديث يدور حاليا حول 770 ألف قنطار من البذور الخام، أي ما يعادل 550 ألف قنطار من البذور النظيفة والجاهزة للاستعمال، وهو رقم قياسي لم تحققه تونس في تاريخها، ويعكس الجهود الكبيرة لجميع المتدخلين في هذا القطاع.

وأوضح أن وفرة كميات البذور المتوفرة ساهمت في انطلاق عمليات الغربلة والتحاليل المخبرية لتحديد جودة البذور منذ شهر جويلية الماضي، مما مكّن من تحقيق جاهزية مبكرة منذ سبتمبر.

وأشار إلى أن ولاية باجة قدّمت طلبا بـ120 ألف قنطار من البذور، تمت الموافقة على 110 آلاف منها، مع إمكانية الترفيع في الكمية، مؤكدا أن عمليات الشراء تجاوزت نسبة 50 بالمائة إلى حد الآن.

كما أكّد دجبي إقبال الفلاحين على اقتناء البذور، سواء عبر الشراء المباشر أو آلية المقايضة.

وفي ختام تصريحه، أعلن دجبي أن الموسم الزراعي الحالي يُعتبر ممتازا من حيث توفر البذور، في انتظار توفير الأسمدة، مؤكّدا أن احتياجات الفلاحين تم تحديدها منذ بداية السنة وتوجيهها إلى وزارة الصناعة والمجمّع الكيميائي، غير أنه لم يتم إلى حد الآن توفير الكميات اللازمة.

أميرة الدريدي

انطلاق الاستعدادات وطنيا وجهويا..     كميات قياسية من البذور الممتازة.. ومؤشرات موسم زراعي واعد

- عضو المكتب التنفيذي الموسع لاتحاد الفلاحين ورئيس الاتحاد الجهوي بباجة لـ«الصباح»: وفرة كميات البذور ساهمت في الجاهزية المبكرة

تمثّل الزراعات الكبرى في تونس، وفي مقدّمتها زراعة الحبوب، إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني ولضمان الأمن الغذائي. كما تُعدّ المصدر الأول للغذاء بالنسبة للمواطن التونسي، إذ يعتمد الاستهلاك اليومي بصفة كبيرة على مشتقات القمح بنوعيه الصلب واللين، إلى جانب الشعير الذي يُخصّص جزء هام منه لتغذية الماشية. وتشغل هذه الزراعات مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية، خاصة في مناطق الشمال والوسط، حيث تتركّز التربة الخصبة والظروف المناخية المناسبة.

ورغم الأهمية البالغة لهذه الزراعات، تواجه تونس عدّة تحديات على مستوى الإنتاج والتزوّد بالحبوب، من أبرزها التقلبات المناخية المتكرّرة، من جفاف وأمطار غير منتظمة، فضلاً عن محدودية الموارد المائية وتذبذب أسعار البذور والأسمدة ومستلزمات الإنتاج، مما يجعل تحقيق الاكتفاء الذاتي في مادة الحبوب مسألة معقّدة.

وإزاء هذا الوضع، اضطرت الدولة خلال السنوات الأخيرة إلى التوريد المستمر لكميات كبيرة من الحبوب لتلبية حاجيات السوق المحلية، والحفاظ على استقرار الأسعار، وحماية القدرة الشرائية للمستهلك.

وفي هذا السياق، يُعدّ موضوع الاستعداد لموسم البذر والتزود بالحبوب مسألة استراتيجية تتجاوز الجانب الفلاحي، لتشمل الأبعاد الاقتصادية والمالية والاجتماعية، بما يتطلبه الأمر من سياسات طويلة المدى لترشيد الموارد الطبيعية، وتحسين المردودية، وتوظيف التقنيات الحديثة في الإنتاج، إلى جانب تشجيع الفلاحين على توسيع المساحات المزروعة بالحــبوب، وتعزيز المخزون الوطني الاستراتيجي لتجنّب أي اضطرابات في التزويد.

وفي إطار متابعة سير موسم بذر الحبوب 2025/2026 والوقوف على مدى تقدّم عملية تزويد الجهات بالبذور، عقد ديوان الحبوب، أول أمس، جلسة عمل بمقرّه تحت إشراف الرئيسة المديرة العامة للديوان، وبحضور ممثلين عن شركات تجميع الحبوب، وشركات إنتاج البذور، إلى جانب ممثلين عن الإدارة العامة للصحة النباتية ومراقبة المدخلات الفلاحية، وعدد من إطارات ديوان الحبوب.

وقد تم خلال هذه الجلسة التأكيد على أن كميات البذور الممتازة الخام المجمعة من قبل شركات الإنتاج تجاوزت لأول مرة 711 ألف قنطار، إلى جانب أهمية الكميات المبرمجة من البذور المثبتة للموسم الحالي والتي تبلغ حوالي 517 ألف قنطار لدى شركات إنتاج البذور.

ودعا المشاركون إلى ضرورة تضافر جهود جميع المتدخلين لوضع هذه الكميات على ذمة الفلاحين في أقرب الآجال الممكنة، كما تمّ التطرّق إلى نسق عمليات تكييف البذور لدى الشركات المعنية، ومدى تقدّم التحاليل المخبرية وفق الشروط الفنية المطلوبة للمصادقة على هذه الكميات.

كما نُوقشت عملية توزيع البذور على مراكز التوزيع بمختلف الجهات، وفق حاجيات مجمّعي الحبوب، بالإضافة إلى الإشكاليات المطروحة وسبل معالجتها في أقرب وقت.

وقد تم التشديد، في هذا السياق، على الدور المحوري الذي يضطلع به المعهد الوطني للزراعات الكبرى ووكالة الإرشاد الفلاحي في مرافقة الفلاحين وتوعيتهم بأهمية اختيار الأصناف المناسبة حسب الخصوصيات المناخية والجهوية، وأهمية آلية المقايضة لما توفّره من إمكانية الحصول على بذور مثبتة ذات مردودية وجودة عالية ومقاومة للأمراض، فضلاً عن تقليص كلفة الإنتاج.

كما تم التطرّق إلى عملية تزويد الجهات بالشعير المراقب المُعدّ للبذر، حيث دُعِي المجمّعون إلى تقديم طلباتهم المؤكدة لتأمين الحاجيات في أقرب الآجال.

من جهته، تحدّث عضو المكتب التنفيذي الموسّع لاتحاد الفلاحين ورئيس الاتحاد الجهوي بباجة، شكري دجبي، في تصريح لـ»الصباح»، عن الاستعدادات على المستويين الوطني والجهوي لموسم البذور، قائلا إن الاستعدادات لموسم الزراعات الكبرى، وخاصة الموسم القادم، تُبشّر بموسم جيد، مشيرا إلى أنّ اتحاد الفلاحة والصيد البحري، ووزارة الفلاحة، شرعا باعتبارهما شريكين في العملية، في التحضيرات المبكرة للموسم الفلاحي، اعتمادا على مؤشرات قوية تؤكد أن صابة البذور كانت قياسية.

وأضاف دجبي أنّ الحديث يدور حاليا حول 770 ألف قنطار من البذور الخام، أي ما يعادل 550 ألف قنطار من البذور النظيفة والجاهزة للاستعمال، وهو رقم قياسي لم تحققه تونس في تاريخها، ويعكس الجهود الكبيرة لجميع المتدخلين في هذا القطاع.

وأوضح أن وفرة كميات البذور المتوفرة ساهمت في انطلاق عمليات الغربلة والتحاليل المخبرية لتحديد جودة البذور منذ شهر جويلية الماضي، مما مكّن من تحقيق جاهزية مبكرة منذ سبتمبر.

وأشار إلى أن ولاية باجة قدّمت طلبا بـ120 ألف قنطار من البذور، تمت الموافقة على 110 آلاف منها، مع إمكانية الترفيع في الكمية، مؤكدا أن عمليات الشراء تجاوزت نسبة 50 بالمائة إلى حد الآن.

كما أكّد دجبي إقبال الفلاحين على اقتناء البذور، سواء عبر الشراء المباشر أو آلية المقايضة.

وفي ختام تصريحه، أعلن دجبي أن الموسم الزراعي الحالي يُعتبر ممتازا من حيث توفر البذور، في انتظار توفير الأسمدة، مؤكّدا أن احتياجات الفلاحين تم تحديدها منذ بداية السنة وتوجيهها إلى وزارة الصناعة والمجمّع الكيميائي، غير أنه لم يتم إلى حد الآن توفير الكميات اللازمة.

أميرة الدريدي