إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مؤتمر «تحالف الحضارات وتعزيز السلم والأمن الدوليين» في نوفمبر المقبل.. تونس تجدّد رسالتها كجسر للتسامح والأمن الدولي

في زمن تتصاعد فيه خطابات الكراهية وتتعمق فيه الانقسامات بين الشعوب والثقافات، تستعد تونس لرفع راية التسامح مجددا، وهي تحتضن في شهر نوفمبر المقبل مؤتمرًا دوليًا حول تحالف الحضارات وتعزيز السلم والأمن الدوليين، بالشراكة مع منظمة التعاون الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.

موعد لا يُعد مجرد حدث بروتوكولي عابر، بل محطة فارقة تضع تونس في قلب النقاش العالمي حول مستقبل الإنسانية، وتؤكّد ثوابتها كأرض للحوار ومركز إشعاع حضاري يؤمن بأنّ التنوّع مصدر غنى لا تهديد، وأنّ التعايش هو الملاذ الوحيد للحفاظ على السلم المشترك.

الحدث المرتقب، إلى جانب كونه يحمل دلالات رمزية وسياسية عميقة، فإنه يعكس الدور الريادي الذي تلعبه بلادنا في الدفاع عن قيم التعايش والتفاهم المتبادل، ويضعها في صدارة الجهود العالمية لمواجهة التحديات التي تهدد وحدة الإنسانية.

قيمة مضاعفة في سياق متوتر

في هذا الإطار، يتفق كثيرون على أن أهمية هذا المؤتمر تكمن في توقيته، حيث يلتئم في وقت يشهد فيه العالم تصاعدًا لخطابات التطرف، وتناميا لظواهر الكراهية والتصادم. ومن هذا المنطلق، فإن استضافة تونس لهذا الحدث تمثل تجسيدًا لثوابتها الدبلوماسية القائمة على نشر ثقافة السلم، وتعزيز مكانة الحوار كخيار استراتيجي لمواجهة التوترات والانقسامات.

ويُشدّد متابعون على أن أهمية هذا المؤتمر تتجاوز إطاره التنظيمي لتأخذ بعدًا سياسيًا وحضاريًا عميقًا؛ فهو يرسخ صورة تونس كبلد ينطلق من إرث تاريخي متجذر في قيم الاعتدال والانفتاح والتسامح، ويترجم إرادة قيادتها في أن تكون طرفًا فاعلًا في صياغة الحلول العالمية لمعضلات التوتر والتطرف. كما يعكس قدرة الدبلوماسية التونسية على استثمار المنابر الدولية لتعزيز صوتها وصورة شعبها كأمّة ترفض العنف وتؤمن بالتنوع والاختلاف كقاطرة نحو السلم والتعايش في كنف الاحترام المتبادل.

وما التحركات التي يقودها وزير الشؤون الخارجية في أروقة الأمم المتحدة، من خلال لقاءاته الثنائية مع عدد من كبار المسؤولين الدوليين والإقليميين، إلا انعكاس واضح لثوابت الدبلوماسية التونسية: الدفاع عن القضايا العادلة، وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية، ودعم العمل العربي والإفريقي المشترك، وتعزيز التنسيق مع الشركاء من أجل استقرار منطقة المتوسط.

من جهة أخرى، يرى كثيرون أن العالم اليوم يواجه صراعات دينية وثقافية مفتعلة، وخطابات تمييزية تتخذ من «الآخر المختلف» شماعة لتبرير الانغلاق والعنف. ومن هذا المنطلق، يمثل مؤتمر تونس محطة هامة لإعادة طرح مختلف الأسئلة الجوهرية، من قبيل: كيف نحوّل التنوع والاختلاف إلى مصدر ثراء لا تهديد؟ وكيف نحصّن الأجيال الصاعدة ضد خطابات الكراهية والإقصاء؟

هذه الأسئلة ستكون في صلب النقاشات، لتجعل من تونس مختبرًا عالميًا للأفكار والحلول.

مكسب للدبلوماسية التونسية

وبالتوازي مع النقاشات الهامة التي سيطرحها المؤتمر، فإنه لا شك يُعد مكسبا دبلوماسيا لتونس، إذ يُتيح لها أن تُظهر للعالم قدرتها على جمع مختلف الفاعلين الدوليين والإقليميين حول طاولة واحدة، وأن تطرح نفسها كفاعل قادر على ربط الضفتين: ضفة الجنوب المتعطشة للتنمية والاستقرار، وضفة الشمال الباحثة عن الأمن ومكافحة التطرف.

وفي هذا السياق، فإن تونس تؤكّد من جديد ثوابتها القائمة على الوسطية والاعتدال، وعلى إيمانها العميق بأن الحوار هو الطريق الوحيد لبناء مستقبل أكثر أمنا واستقرارا. على أن الرسالة الأهم التي تحملها تونس من خلال هذا المؤتمر، هي أن مواجهة التطرف والإرهاب لا تتم فقط عبر الآليات والقنوات التقليدية، وإنما عبر الاستثمار في الإنسان.

فالتعليم والتوعية، وإشراك الشباب والنساء، هي محاور أساسية تراهن عليها تونس كأدوات فاعلة للوقاية من النزاعات، وصناعة ثقافة جديدة قائمة على التعايش وقبول الآخر.

ليضع هذا المؤتمر تونس في موقعها الطبيعي كـ»جسر بين العوالم»: بين إفريقيا والعالم العربي من جهة، والفضاء المتوسطي والأوروبي من جهة أخرى. فهي أرض تعاقبت عليها الحضارات، ونجحت عبر التاريخ في تحويل تنوعها إلى مصدر قوة وتماسك وانسجام.

واليوم – وعبر هذا المؤتمر – تقدم تونس نموذجًا لما يمكن أن يكون عليه العالم إذا اختارت الشعوب الحوار بدلًا من الصدام والمواجهة، نحو مستقبل منفتح على السلم.

في هذا الخضم، يتجاوز المؤتمر المرتقب في تونس كونه مجرد حدث دبلوماسي عابر، ليُمثّل خطوة استراتيجية لترسيخ دور تونس كفاعل مؤثر في الساحة الدولية، ولتعزيز ثوابتها القائمة على دعم القضايا العادلة، وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية، والعمل من أجل أمن واستقرار المنطقة والعالم.

ليكون موعدًا تتجدّد فيه رسالة تونس إلى العالم: لا مستقبل دون تسامح، ولا سلم دون حوار، ولا أمن دون حضارات متعايشة.

وفي هذا السياق، جدير بالذكر أنه لم يفت وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمد علي النفطي، أن يُشدّد في كلمته أمام الاجتماع رفيع المستوى لمجموعة أصدقاء تحالف الحضارات، على أن التعليم والتوعية يمثلان خط الدفاع الأول ضد التطرف، وأن الشباب والنساء هما الفاعلان الأساسيان في بناء مستقبل يسوده السلام والاستقرار.

وهي رؤية تنسجم مع مسار تونس، التي جعلت من الاستثمار في الإنسان ركيزة في سياساتها الداخلية والخارجية.

كما جدّد الوزير الدعوة إلى ضرورة احترام الأديان والمعتقدات، والتصدي لكل أشكال ازدراء القيم المقدسة، مؤكدًا أن حرية التعبير يجب أن تُمارس في إطار من المسؤولية، بعيدًا عن كل ما يُغذّي الكراهية أو يمس من روح العيش المشترك.

رسالة تونس إلى العالم

وبهذا، يكون المؤتمر المرتقب بمثابة رسالة تونسية للعالم، مفادها أن الحوار بين الثقافات والأديان ليس ترفا، بل ضرورة. رسالة تنبع من تاريخ تونس كأرض تلاقح حضاري، وتترجم إرادتها السياسية في تحويل خطابها الدبلوماسي إلى مبادرات عملية تعزز السلم والأمن الدوليين.

فباحتضانها لهذا المنتدى، تؤكد تونس تمسكها بدورها كجسر يربط بين ضفتي المتوسط والعالم العربي والإسلامي من جهة، والمجتمع الدولي من جهة أخرى. كما تجدد التزامها بمساندة القضايا العادلة، والعمل على تعزيز التنسيق مع شركائها العرب والأفارقة والمتوسطيين.

منال حرزي

مؤتمر «تحالف الحضارات وتعزيز السلم والأمن الدوليين» في نوفمبر المقبل..   تونس تجدّد رسالتها كجسر للتسامح والأمن الدولي

في زمن تتصاعد فيه خطابات الكراهية وتتعمق فيه الانقسامات بين الشعوب والثقافات، تستعد تونس لرفع راية التسامح مجددا، وهي تحتضن في شهر نوفمبر المقبل مؤتمرًا دوليًا حول تحالف الحضارات وتعزيز السلم والأمن الدوليين، بالشراكة مع منظمة التعاون الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.

موعد لا يُعد مجرد حدث بروتوكولي عابر، بل محطة فارقة تضع تونس في قلب النقاش العالمي حول مستقبل الإنسانية، وتؤكّد ثوابتها كأرض للحوار ومركز إشعاع حضاري يؤمن بأنّ التنوّع مصدر غنى لا تهديد، وأنّ التعايش هو الملاذ الوحيد للحفاظ على السلم المشترك.

الحدث المرتقب، إلى جانب كونه يحمل دلالات رمزية وسياسية عميقة، فإنه يعكس الدور الريادي الذي تلعبه بلادنا في الدفاع عن قيم التعايش والتفاهم المتبادل، ويضعها في صدارة الجهود العالمية لمواجهة التحديات التي تهدد وحدة الإنسانية.

قيمة مضاعفة في سياق متوتر

في هذا الإطار، يتفق كثيرون على أن أهمية هذا المؤتمر تكمن في توقيته، حيث يلتئم في وقت يشهد فيه العالم تصاعدًا لخطابات التطرف، وتناميا لظواهر الكراهية والتصادم. ومن هذا المنطلق، فإن استضافة تونس لهذا الحدث تمثل تجسيدًا لثوابتها الدبلوماسية القائمة على نشر ثقافة السلم، وتعزيز مكانة الحوار كخيار استراتيجي لمواجهة التوترات والانقسامات.

ويُشدّد متابعون على أن أهمية هذا المؤتمر تتجاوز إطاره التنظيمي لتأخذ بعدًا سياسيًا وحضاريًا عميقًا؛ فهو يرسخ صورة تونس كبلد ينطلق من إرث تاريخي متجذر في قيم الاعتدال والانفتاح والتسامح، ويترجم إرادة قيادتها في أن تكون طرفًا فاعلًا في صياغة الحلول العالمية لمعضلات التوتر والتطرف. كما يعكس قدرة الدبلوماسية التونسية على استثمار المنابر الدولية لتعزيز صوتها وصورة شعبها كأمّة ترفض العنف وتؤمن بالتنوع والاختلاف كقاطرة نحو السلم والتعايش في كنف الاحترام المتبادل.

وما التحركات التي يقودها وزير الشؤون الخارجية في أروقة الأمم المتحدة، من خلال لقاءاته الثنائية مع عدد من كبار المسؤولين الدوليين والإقليميين، إلا انعكاس واضح لثوابت الدبلوماسية التونسية: الدفاع عن القضايا العادلة، وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية، ودعم العمل العربي والإفريقي المشترك، وتعزيز التنسيق مع الشركاء من أجل استقرار منطقة المتوسط.

من جهة أخرى، يرى كثيرون أن العالم اليوم يواجه صراعات دينية وثقافية مفتعلة، وخطابات تمييزية تتخذ من «الآخر المختلف» شماعة لتبرير الانغلاق والعنف. ومن هذا المنطلق، يمثل مؤتمر تونس محطة هامة لإعادة طرح مختلف الأسئلة الجوهرية، من قبيل: كيف نحوّل التنوع والاختلاف إلى مصدر ثراء لا تهديد؟ وكيف نحصّن الأجيال الصاعدة ضد خطابات الكراهية والإقصاء؟

هذه الأسئلة ستكون في صلب النقاشات، لتجعل من تونس مختبرًا عالميًا للأفكار والحلول.

مكسب للدبلوماسية التونسية

وبالتوازي مع النقاشات الهامة التي سيطرحها المؤتمر، فإنه لا شك يُعد مكسبا دبلوماسيا لتونس، إذ يُتيح لها أن تُظهر للعالم قدرتها على جمع مختلف الفاعلين الدوليين والإقليميين حول طاولة واحدة، وأن تطرح نفسها كفاعل قادر على ربط الضفتين: ضفة الجنوب المتعطشة للتنمية والاستقرار، وضفة الشمال الباحثة عن الأمن ومكافحة التطرف.

وفي هذا السياق، فإن تونس تؤكّد من جديد ثوابتها القائمة على الوسطية والاعتدال، وعلى إيمانها العميق بأن الحوار هو الطريق الوحيد لبناء مستقبل أكثر أمنا واستقرارا. على أن الرسالة الأهم التي تحملها تونس من خلال هذا المؤتمر، هي أن مواجهة التطرف والإرهاب لا تتم فقط عبر الآليات والقنوات التقليدية، وإنما عبر الاستثمار في الإنسان.

فالتعليم والتوعية، وإشراك الشباب والنساء، هي محاور أساسية تراهن عليها تونس كأدوات فاعلة للوقاية من النزاعات، وصناعة ثقافة جديدة قائمة على التعايش وقبول الآخر.

ليضع هذا المؤتمر تونس في موقعها الطبيعي كـ»جسر بين العوالم»: بين إفريقيا والعالم العربي من جهة، والفضاء المتوسطي والأوروبي من جهة أخرى. فهي أرض تعاقبت عليها الحضارات، ونجحت عبر التاريخ في تحويل تنوعها إلى مصدر قوة وتماسك وانسجام.

واليوم – وعبر هذا المؤتمر – تقدم تونس نموذجًا لما يمكن أن يكون عليه العالم إذا اختارت الشعوب الحوار بدلًا من الصدام والمواجهة، نحو مستقبل منفتح على السلم.

في هذا الخضم، يتجاوز المؤتمر المرتقب في تونس كونه مجرد حدث دبلوماسي عابر، ليُمثّل خطوة استراتيجية لترسيخ دور تونس كفاعل مؤثر في الساحة الدولية، ولتعزيز ثوابتها القائمة على دعم القضايا العادلة، وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية، والعمل من أجل أمن واستقرار المنطقة والعالم.

ليكون موعدًا تتجدّد فيه رسالة تونس إلى العالم: لا مستقبل دون تسامح، ولا سلم دون حوار، ولا أمن دون حضارات متعايشة.

وفي هذا السياق، جدير بالذكر أنه لم يفت وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمد علي النفطي، أن يُشدّد في كلمته أمام الاجتماع رفيع المستوى لمجموعة أصدقاء تحالف الحضارات، على أن التعليم والتوعية يمثلان خط الدفاع الأول ضد التطرف، وأن الشباب والنساء هما الفاعلان الأساسيان في بناء مستقبل يسوده السلام والاستقرار.

وهي رؤية تنسجم مع مسار تونس، التي جعلت من الاستثمار في الإنسان ركيزة في سياساتها الداخلية والخارجية.

كما جدّد الوزير الدعوة إلى ضرورة احترام الأديان والمعتقدات، والتصدي لكل أشكال ازدراء القيم المقدسة، مؤكدًا أن حرية التعبير يجب أن تُمارس في إطار من المسؤولية، بعيدًا عن كل ما يُغذّي الكراهية أو يمس من روح العيش المشترك.

رسالة تونس إلى العالم

وبهذا، يكون المؤتمر المرتقب بمثابة رسالة تونسية للعالم، مفادها أن الحوار بين الثقافات والأديان ليس ترفا، بل ضرورة. رسالة تنبع من تاريخ تونس كأرض تلاقح حضاري، وتترجم إرادتها السياسية في تحويل خطابها الدبلوماسي إلى مبادرات عملية تعزز السلم والأمن الدوليين.

فباحتضانها لهذا المنتدى، تؤكد تونس تمسكها بدورها كجسر يربط بين ضفتي المتوسط والعالم العربي والإسلامي من جهة، والمجتمع الدولي من جهة أخرى. كما تجدد التزامها بمساندة القضايا العادلة، والعمل على تعزيز التنسيق مع شركائها العرب والأفارقة والمتوسطيين.

منال حرزي